الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
وأما (كأين) فزعموا: أنها مركبة من كاف التشبيه، ومن (أي) قيل الاستفهامية، وحكيت فصارت كيزيد مسمى به، يحكى، ويحكم على موضعه بالإعراب، وقال ابن عصفور: الكاف فيها زائدة لا تتعلق بشيء وأجاز ابن خروف: أن تكون مركبة من كاف التي هي اسم، ومن (أين) اسم على وزن فيعل، ولم يستعمل هذا الاسم مفردًا بل مركبًا مع كاف التشبيه، وهو مبني على السكون من حيث استعمل في معنى (كم) وقال بعض أصحابنا: ويحتمل أن تكون بسيطة، انتهى. وهذا الذي كنت أذهب إليه قبل أن أقف على قول هذا القائل.
(وكأين) الذي يظهر من استعمال كلام العرب أنها خبرية، تدل على التكثير، وتمييزها يكثر جره بمن قال الله تعالى:[وكأين من نبي]، [وكأين من قرية]، وأخطأ ابن عصفور في قوله: أنه يلزم تمييزها (من)، وقال سيبويه: وكأين رجلا قد رأيت، زعم ذلك يونس، وكأين قد أتاني رجلاً، إلا أن أكثر العرب إنما يتكلمون بها مع (من)، انتهى.
ومن زائدة وقيل: لا تزاد إلا في غير الواجب، وقال في النصب:
وكأين لنا فضلا عليكم ونعمة
…
..........
وقال:
......... فكائن
…
آلمًا حم .........
ولا تضاف (كأين) إلى تمييزها، ولا يحفظ جره، فإن جاء كان بإضمار (من) وهو مذهب الخليل، والكسائي، لا على إضافتها إليه خلافًا لابن كيسان، وقال سيبويه: وقال: يعني الخليل إن جر أحد من العرب، فعسى أن يجر بإضمار (من) وقال ابن خروف: يكون في مميزها النصب ويجوز الجر بمن، وبغير من بفصل وبغير فصل، ومعناها التكثير، ولها حكم الخبرية في جميع أحوالها انتهى.
ويقتضي الاستقراء أن مميزها لا يكون جمعًا، فليست مثل (كم) الخبرية في التمييز إذ الصحيح المسموع في (كم) أن يكون جمعًا، وإن كان الأكثر أن يكون مفردًا.
وأما حذف تمييزها، فإن المبرد جوز في كأين رجلاً ضربت، أن يكون رجلاً مفعولاً بضربت، ويكون التمييز محذوفًا، ويقدره (كأين) مرة رجلا ضربت، ليكون رجلاً واحدًا لفظًا ومعنى، قال: ويحتمل أن يكون تمييزًا، فيكون واحدًا في معنى جمع، وقال صاحب البسيط حذفه ضعيف، انتهى.
وقد تتبعت كثيرًا مما ورد في الأشعار من (كأين) فلم أره محذوفًا ولا في موضع واحد، و (كأين) لازمه التصدير، ولا يحفظ من كلامهم الإضافة إليها نحو: غلام كأين من صديق أكرمت، ولا دخول حرف الجر، وقد أجاز ابن قتيبة، وتبعه ابن عصفور دخول حرف الجر عليها، قال ابن عصفور في تمثيله (بكأين) من رجل مررت، وقال ابن قتيبة في كتابه: الجامع في النحو (كأين) بمعنى (كم) تقول: بكأين تبيع هذا الثوب (أي) بكم تبيعه، وفي هذا التمثيل ثلاثة أشياء تحتاج إلى سماع من العرب: إدخال حرف الجر عليها، وحذف تمييزها، واستعمالها استفهامية، ونصوص من وقفنا على كلامه من النحويين، أن كأين لا تكون إلا خبرية، وزعم ابن مالك أنها قد يستفهم بها، واستدل بأثر جاء عن أبي علي عادته في إثبات القواعد النحوية بما روى في الحديث وفي الآثار مما نقله الأعاجم الذين يلحنون، ومما لم يتعين أنه من لفظ الرسول (، ولا من لفظ الصحابي، فيكون حجة إذ أجازوا النقل بالمعنى.
وكأين تكون مبتدأة، ولم تجيء في القرآن، إلا مبتدأة، أو سائغًا فيها النصب على الاشتغال وقد استقريت جملة مما وردت فيه مبتدأة، فوجدت خبرها لا يكون إلا جملة فعلية مصدرة بماض، أو بمضارع، أو جارًا ومجرورًا ولم أقف على كون خبرها يكون اسمًا مفردًا، ولا جملة اسمية، ولا فعلية مصدرة بمستقبل، فينبغي أن
لا يقدم على شيء من ذلك إلا بسماع من العرب، وتكون مفعولة نحو قوله:
وكائن رددنا عنكم من مدجج
…
................
والقياس يقتضي أن تكون في موضع نصب على المصدر، وعلى الظرف، وعلى خبر كان. وفي البسيط أنها تكون مبتدأة وخبرًا ومفعولاً انتهى.
ويجوز الفصل بينها وبين تمييزها بالظرف والمجرور، والجملة الأفصح اتصال تمييزها بها كما جاء في القرآن، وقد تلاعبت العرب بهذه الكلمة، وأفصح لغاتها (كأين) وتليها (كائن) وهي قراءة ابن كثير وكيئ حكاها المبرد، و (كأين) وبه قرأ ابن محيصن، والأشهب العقيلي، وحكاها ابن كيسان والأعلم، وزعم ابن خروف أن الأعلم غلط في ذلك وأنها (كاى) بألف وياء وهو
الغالط لم يحك هذا أحد غيره، وهو جائز في القياس أن تبدل من الهمزة الساكنة ألفًا تقول: في رأس: راس، (وكين) فاختلفوا في الوقف عليها في اللغة المشهورة وهي: كأين، فذهب الفارسي، والسيرافي وجماعة من البصريين إلى أنه تحذف النون، وذهب ابن كيسان، وابن خروف إلى أنه بإقرار النون، والوجهان منقولان عن أبي عمرو، والكسائي، واختلفوا أيضًا في الوقف على (كائن)، وهي اللغة التي تلي الأولى في الشهرة، فوقف المبرد، وابن كيسان بالنون، وجماعة بحذفها، ومن غريب المنقول أن يونس ذهب في هذه اللغة إلى أن (كائن) اسم فاعل من كان، فعلى هذا لا يوقف إلا بالنون، وتثبت خطا ووقفًا، وقال ابن يسعون: يجوز أن يكون اسم فاعل من كاء يكئ وكيئة إذا رجع وارتدع فكاء من هذا اللفظ كجاء ثم الزم الاستعمال بمعنى كم.