المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب التثنية قال أبو سعد علي بن مسعود، صاحب المستوفى: قد - ارتشاف الضرب من لسان العرب - جـ ٢

[أبو حيان الأندلسي]

الفصل: ‌ ‌باب التثنية قال أبو سعد علي بن مسعود، صاحب المستوفى: قد

‌باب التثنية

قال أبو سعد علي بن مسعود، صاحب المستوفى: قد يمكن أن يتفق معنيان في اسم واحد، يدل على كل واحد منهما دلالة على حيالها، كما قالوا: رجل ورجل، وزيد وزيد، كـ (ارتجالهم) الصيغة التي يدل بها عليهما معًا من حيث هما اثنان كقولهم: رجلان، والزيدان هو التثنية، ولا يكاد يوجد إلا في اللغة العربية انتهى.

وعلامتها في الرفع ألف ونون، وفي الجر والنصب ياء ونون يلحقان آخر الاسم المفرد القابل لذلك المتفق مع ما ضم إليه في اللفظ والمعنى فإن كان غير مفرد، كأن يكون جمع تكسير فلا يجوز تثنيته إلا نادرًا قالوا: لقاحان سوداوان، أو ضرورة نحو قوله:

..............

عند التفرق في الهيجا جمالين

ص: 549

أو اسم جمع فلا يثنى إلا ضرورة نحو:

..............

............ قوماهما أخوان

أو اسم جنس مما دام على جنسيته لا يثنى، فإن تجوز فيه، أو أطلق على بعض الجنس فقد يثنى نحو: لبنين، وظاهر كلام ابن مالك اقتياس تثنية جمع التكسير، واسم الجنس، واسمع الجمع، ولا تثنى أسماء العدد إلا مائة وألفًا أو ضرورة نحو قوله:

ص: 550

..............

......... فوق سبعين دائم

وأجاز أبو الحسن تثنية أسماء العدد.

ولا يثنى كل، وبعض (وأفعل من) وأسماء الأفعال، وثواني الكنى نحو: أبي بكر، وأم بكر والأسماء المحكية التي هي جمل في الأصل نحو: تأبط شرًا، والمختص بالنفي نحو عريب، واسم الشرط، وإن كان معربًا، والمبني نحو: من، وكم، وحذام وبابه في لغة من بني، ومالا ثاني له في الوجود نحو: شمس، وقمر للكوكبين النيرين، والكنى عن العلم نحو: فلان وفلانة، وأجمع، وجمعاء وأخواتها.

ص: 551

والمركب تركيب مزج إذا أعرب خلافًا للكوفيين في إجازتهم تثنيتهما، ولا ما ختم (بوبه) خلافًا لبعضهم.

وفي الترشيح: إن ثنيت على من جعل الإعراب في الآخر قلت: هذان معدى كربان، وحضرموتان، وفي النصب والجر بالياء، وكذا بلال أباذان وفي الجمع بالواو والنون والياء والنون، وإن ثنيت على من أعرب إعراب المتضايفين قلت رفعًا: حضراموت ونصبًا وجرًا حضرى موت، وكذا ما أشبه هذا.

واسم الإشارة والموصول خلافًا لمن ادعى أن هذان واللذان تثنية حقيقية، ولا الاسم الجاري مجرى الفعل إذا رفع الظاهر نحو: مررت برجل قائم أبواه، ومضروب غلمانه، إلا في لغة (أكلوني البراغيث) فتقول: قائمين أبواه ومضروبين غلمانه، ولا المصدر المزال عن المصدرية وأريد به الشخص نحو: زور، وخصم في الأفصح، والأفصح في (أي) في باب الحكاية أن تثنى، وفي غيره تضعف تثنيته، وإن بقى العلم على علميته، وأريدت تثنيته ضم إليه علم آخر، وعطف عليه فتقول: جاءني زيد وزيد، فإن تنكر جازت تثنيته فتقول: زيدان وقال الأكثرون: إذا ثنيت العلم بعد التنكير، وأردت التعريف أتيت (بأل) عوضًا عما سلب من تعريف العلمية فقلت: الزيدان، وكذا في الجمع تقول: الزيدون، وقول من قال لا تدخل (أل) ويبقى على حاله فنقول: زيدان وزيدون قول غير صحيح، وكلام العرب على خلافه.

ص: 552

وإذا ثنيت ما فيه (أل) كالرجل، فقيل تبقى فيه (أل) فتقول الرجلان، وقيل تحذف ويعوض منها مثلها وعلامة التثنية تدل على اثنين، وقد تأتي فيما لا يشفع الواحد إذا قصد التكثير نحو حنانيك، أو أريد بها الواحد نحو: الجلمان، أو الواحد على القلب كما قال:

كما دحست الثوب في الوعاءين

يريد الثوب في الوعاء، والذي يراد به التكثير من المثنى يجوز أن يجرد منها ويعطف عليه مثله، والمعنى على التكثير نحو قوله:

ص: 553

لو عد قبر وقبر كنت أكرمهم

ميتًا .........

وقد يغني في هذا النوع التكرير عن العطف نحو قوله تعالى: [دكا دكا] و [صفا صفا] أي دكا بعد دك، وصفا بعد صف.

وقد يأتي في المثنى ما لا يصلح للتجريد، وهو ضربان: اسم جنس: كلبتي الحداد، وعلم كالبحرين. والدونكين، وكتابين.

ومما اعتيد فيه التجريد والتثنية فيه مستعارة قولهم: حواليك، والأبهران، والأخرمان، وعاقلان، وتجريد ذلك: حوال، والأبهر لعرق، والأخرم موضع، وعاقل جبل.

ومما أعرب إعراب المثنى وليس مثنى لعدم صلاحية التجريد: اثنان واثنتان، وجاء فلان يضرب أصدريه، والجونان لعمرو ومعاوية ابنا شرحبيل بن عمرو، وقول أعرابي:(جنبك الله الأمرين)، (أي الفقر والعرى) وكفاك أمر الأجوفين

ص: 554

(أي البطن والفرج)، وأذاقك البردين (أي العافية والغنى)، ومنه قولهم، لما هو في وسط شيء هو وظهريه، وظهرانيه.

وإذا كان المثنى على أصل وضعه، جاز فيه العطف إذا فصل بين المتعاطفين بظاهر، أو مقدر إلا إن اضطر أو شذ، فقد يعطف بغير وصل، ولا بد من اتفاق المثنيين لفظًا ومعنى، فإن اختلفا لفظًا ومعنى، لم يجز إلا فيما سمع على سبيل التغليب كالقمرين للشمس والقمر، والعمرين لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، والأبوين للأب، والخال، والأمين للأم والجدة، والعجاجين للعجاج ورؤبة، والعمرين لعمرو بن حارثة وزيد بن عمرو، والأحوصين للأحوص بن جعفر وعمرو بن الأحوص، والمصعبين لمصعب بن الزبير وابنه، والبجيرين للبجير، وفراس ابني عبد الله بن مسلمة، والحرين للحر وأخيه، والزهدمين، لزهدم وكردم ابني قيس. وفي البسيط: لزهدم وقيس ابني حزن.

وإن اختلفا معنى المشتركين إما بتضاد: كالجونين للأسود والأبيض، أو بغير

ص: 555

تضاد كـ (العينين) للينبوع والباصرة، والعلمين كالزيدين اسم إنسان واسم كلب، فأكثر المتأخرين على أنه لا يجوز تثنيتهما، وهو مختار أصحابنا ولحنوا الحريري في قوله:

................. ز

....... فانثنى بلا عينين

وصحح ابن مالك الجواز، وإن اتفقا في اللفظ والجنس، فلا خلاف في جواز التثنية، وإن كان لكل واحد منهما خصوصيات ليست للآخر.

ومذهب البصريين أنه لا يجوز في النون إلا الكسر مطلقًا، وأجاز الكسائي والفراء فتحها مع الياء. وقال الكسائي: هي لغة لبني زياد بن فقعس. وقال الفراء: لغة لبني أسد، ونصا على أن الفتح لا يجوز مع الألف وأجاز ذلك بعضهم. وحكى الشيباني وغيره أن ضمها مع الألف لغة، وأما مع الياء فلا

ص: 556

يجوز. وقيل من العرب من يجعل الإعراب في النون، فعلى هذا يفتح مع الياء نصبًا، ويكسر معها جرًا، وحذفها للإضافة كثير، ولشبه الإضافة في اثنى عشر واثنتى عشرة، وفي لا غلامي لك على مذهب من يرى ذلك، ولتقدير الإضافة نحو: رأيت يدي ورجلي زيد ذكره ابن هشام اللخمي، وفي لبيك وأخواته على مذهب الأعلم، وتحذف لتقصير الصلة مطلقًا على مذهب سيبويه والفراء خلافًا للمبرد؛ إذ قصر ذلك على قولك: اللذا واللتا، ولا يجيز الضاربا.

وحذفها من تثنية (الذي) و (التي) لغة لبني الحارث وبعض ربيعة، والإثبات لغة الحجاز، وأسد، وحذفها من نحو: ضارباك للإضافة على مذهب سيبويه والجمهور خلافًا للأخفش، وهشام، فحذفها عندهما لإضافة الضمير، وما سوى ما ذكر، فحذفها فيه ضرورة على مذهب البصريين، خلافًا للكسائي؛ فإنه أجاز ذلك في الكلام نحو: قام الزيدا، وينبغي لمن أجاز حذفها في الضرورة أو في الكلام أن لا يؤدي حذفها إلى اللبس نحو: هذان، وهاتان فلا يجوز قام هذا وأنت تريد: هذان.

ص: 557

وجعل المثنى كالمقصور، فتلزم ألفه رفعًا ونصبًا وجرًا، لغة منقولة عن طوائف من العرب: بنو الحارث بن كعب، وزبيد، وخثعم، وهمدان، وكنانة، وبنو العنبر، وبنو الهجيم، وبكر بن وائل، وبطون من ربيعة، وإنكار المبرد ما نقله الأئمة عن هؤلاء القبائل مكابرة لا تليق بعالم.

وأما (كلا) و (كلتا) فذهب البصريون إلى أنهما مفردان لفظًا، مثنيان معنى، فإذا أضيفا إلى ظاهر كانا بالألف مطلقًا، أو إلى مضمر انقلبت ألفهما ياء نصبًا وجرًا وتثبت رفعًا، ولا يجيز البصريون غير هذا، وذهب الكوفيون إلى أنهما مثنيان حقيقة. وحكى الكسائي والفراء ودريود، وجماعة أن بعض العرب يجريهما مع الظاهر مجراهما مع المضمر، وحكى رأيت كلى أخويك، وعزاها الفراء إلى كنانة وأنهما قد تضافان إلى المضمر، ويكونان بالألف في كل حال، وقال أبو بكر بن طاهر، وتلميذه ابن خروف، وأبو ذر لغة قوم يجعلون (كلا) مثنى ولا يقولون كلاهما قام.

ص: 558