الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تلك الصورة ليشاهدها السامعون ولا يفعل ذلك إلا فى أمر يهتم بمشاهدته لغرابة، أو فظاعة، أو نحو ذلك (كما قال الله تعالى: فَتُثِيرُ سَحاباً (1) بلفظ المضارع بعد قوله تعالى: وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ استحضارا لتلك الصورة البديعة الدالة على القدرة الباهرة) يعنى: صورة إثارة السحاب مسخرا بين السماء والأرض على الكيفيات المخصوصة والانقلابات المتفاوتة.
[أغراض التنكير]:
(وأما تنكيره: ) أى:
تنكير المسند
(فلإرادة عدم الحصر والعهد)
…
===
(قوله: تلك الصورة) أى: صورة رؤية الكافرين موقوفين على النار، وقوله السامعون أى: للفظ المضارع
(قوله: لغرابة) أى: ندرة وقوله أو نحو ذلك أى: كلطافة
(قوله: فتثير سحابا)(2) إسناد الإثارة إلى الرياح مجاز عقلى من الإسناد إلى السبب، والشاهد فى قوله فتثير سحابا: حيث عبر بتثير فى موضع أثارت المناسب لقوله أولا أرسل ولقوله بعد فسقناه وأحيينا، قصدا لإحضار تلك الصورة البديعة، وهى إشارة إلى إحضار الأمر العجيب بما أمكن، ويحتمل أن يكون التعبير بالمضارع لكون إثارة الرياح للسحاب مستقبلة بالنسبة إلى زمان إرسال الرياح، وإن كان ماضيا بالنسبة إلى زمان التكلم
(قوله: الباهرة) أى: الغالبة لكل قدرة.
(قوله: والانقلابات) أى: التبدلات والاختلافات المتفاوتة من كونه متصل الأجزاء أو منقطعها متراكما أو غير متراكم بطيئا أو سريعا بلون السواد أو البياض أو الحمرة.
[تنكير المسند]:
(قوله: فلإرادة إلخ) أى: فلإرادة إفادة عدم الحصر أى: فلإرادة المتكلم إفادة السامع عدم حصر المسند فى المسند إليه وعدم العهد والتعيين فى المسند حيث يقتضى
(1) فاطر: 9.
(2)
فاطر: 9.
الدال عليهما التعريف (كقولك: زيد كاتب وعمرو شاعر، أو للتفخيم
…
===
المقام ذلك، وإنما لم يقل فلعدم إرادة الحصر إلخ؛ لأن عدم الإرادة ليس مقتضيا لشىء، فإن غير البليغ يورد التنكير لأداء أصل المعنى مع عدم إرادته لشىء منهما، ثم إن المراد إرادة عدمهما فقط فلا يرد أن تلك الإرادة متحققة إذا ورد المسند مضمرا أو اسم إشارة أو علما أو موصولا لأن المراد عند إيراد المسند واحد مما ذكر شىء زائد على إرادة عدمهما وهو الاتحاد والاشتهار فإن قلت إن إرادة إفادة عدم الحصر وعدم العهد فقط ممكن مع تعريف المسند باللام كما فى قوله:
رأيت بكاءك الحسن الجميلا (1)
وحينئذ فهذه النكتة لا تختص بالتنكير، بل كما تستفاد من التنكير تستفاد بالتعريف باللام قلت: هذا لا يضر؛ لأن النكتة لا يجب انعكاسها بحيث إذا عدم ما كان مسببا لها تنعدم لجواز أن يجعل ما ذكر من إرادة عدم الأمرين مسببا عن التنكير وإن أمكن حصوله بغيره على أن التعريف وإن أفاد ما ذكر من إرادة عدم الحصر والعهد إلا أنه خلاف الأصل
(قوله: الدال عليهما التعريف) أى: لأنه إذا أريد العهد عرف بأل العهدية أو الإضافة، وإن أريد الحصر عرف بأل الجنسية لما سيأتى من أن تعريف المسند بأل الجنسية يفيد حصره فى المسند إليه.
(قوله: زيد كاتب إلخ) أى: حيث يراد مجرد الإخبار بالكتابة والشعر لا حصر الكتابة فى زيد والشعر فى عمرو، ولا أن أحدهما معهود بحيث يراد الكتابة المعهودة أو الشعر المعهود ومقابلة الكتابة بالشعر تشعر بأن المراد بالكاتب من يلقى الكلام نثرا؛ لأن المراد بالشاعر من يلقى الكلام نظما.
(قوله: أو للتفخيم) أى: التعظيم على وجه الخصوص وهو الإشارة إلى أن المسند بلغ من العظمة إلى حيث يجهل ولا يدرك كنهه وإلا فالتفخيم يمكن حصوله بالتعريف
(1) عجز البيت من الوافر للخنساء فى رثاء أخيها صخر، وهو فى ديوانها 226، ولسان العرب (بكى) وشرح عقود الجمان 121، والإيضاح 105 بتحقيق د/ عبد الحميد هنداوي، وصدره: إذا قبح البكاء على قتيل.