الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو السبب فى صعوبة باب الفصل والوصل حتى حصر بعضهم البلاغة فى معرفة الفصل والوصل.
[الفصل لعدم الاشتراك فى القيد]:
(وإلا) أى: وإن لم يقصد ربط الثانية بالأولى
…
===
الجامع يتوقف على معرفة: هل بين الجملتين كمال الانقطاع أو كمال الاتصال أو شبه كل منهما أو التوسط بينهما؟ فإذا عرف أن بين الجملتين التوسط بين الكمالين أو كمال الانقطاع مع الإيهام، وصل لوجود الجامع بينهما وإلا فلا لعدم وجوده، ولا شك أن معرفة أن بين الجملتين شيئا من هذه الأمور خفية جدا، لا يدركها إلا ذوق سليم، وفهم مستقيم كعلماء المعانى، والحاصل أن المقصود من العطف بالواو فى هذه الحالة- أعنى كون الأولى لا محل لها- النص على اجتماع الجملتين فى الواقع ولا يحسن ذلك إلا إذا كان بين الجملتين جامع وهو التوسط بين الكمالين، أو كمال الانقطاع مع الإيهام، وإلا فلا يحسن لعدم وجود الجامع بينهما حينئذ.
(قوله: وهو) أى ما ذكر من الخفاء والإشكال
(قوله: السبب فى صعوبة باب الفصل والوصل) أى صعوبة معرفة مسائل باب الفصل والوصل.
(قوله: حتى حصر إلخ) غاية للصعوبة، ومراد هذا القائل التنبيه على دقة هذا الباب وصعوبته، وليس مراده الحصر حقيقة، وقال اليعقوبى: معنى الحصر: أن فى قوة مدركه الصلاحية لإدراك ما سواه، والمراد بذلك البعض الحاصر أبو على الفارسى.
[الفصل لعدم الاشتراك فى القيد]:
(قوله: أى وإن لم يقصد ربط الثانية بالأولى على معنى عاطف سوى الواو) هذا صادق بصورتين.
إحداهما ألّا يقصد ربط أصلا؛ وذلك بألّا يراد اجتماعهما فى الحصول الخارجى كما إذا أخبر بجملة ثم تركت فى زوايا الإهمال فأخبر بأخرى، كقولك" زيد قائم" ثم أضربت عنها فقلت" بل عمرو قاعد" وهذه الصورة تعين الفصل فيها ظاهر فى الأحوال الستة الآتية، ولذا لم يتعرض لها فى الجواب.
على معنى عاطف سوى الواو (فإن كان للأولى حكم لم يقصد إعطاؤه للثانية- فالفصل) واجب لئلا يلزم من الوصل التشريك فى ذلك الحكم (نحو: إِذا خَلَوْا)
…
الآية (لم يعطف اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ على: قالُوا؛ لئلا يشاركه فى الاختصاص بالظرف؛ لما مر) من أن تقديم المفعول، ونحوه من الظرف وغيره يفيد الاختصاص، فيلزم أن يكون استهزاء الله بهم مختصا بحال خلوهم إلى شياطينهم؛
===
والأخرى أن يقصد اجتماع حصول مضمونهما خارجا لكن على معنى عاطف هو الواو، وهذه هى التى فيها التفصيل المبين بقوله" فإن كان إلخ" فقوله وإلا شرط وجوابه الشرط الثانى وجوابه، وقد علمت أن هذا الجواب قاصر على الصورة الثانية من الصورتين الداخلتين تحت الشرط الأول ولو قال المصنف" وإلا" بأن لم يقصد ربط أصلا، فالفصل جزما وإن قصد ربط الثانية بالأولى على معنى الواو. فإن كان إلخ لو فى بجواب الصورتين
(قوله: على معنى عاطف) متعلق بمحذوف أى ربطا آتيا على معنى إلخ من إتيان الكلى على الجزئى، أى تحققه فيه؛ لأن معنى غير الواو من حروف العطف رابط.
(قوله: فإن كان للأولى حكم) أى قيد زائد على مفهوم الجملة كالاختصاص بالظرف فى الآية التى مثل بها، والتقييد بحال أو ظرف أو شرط، وليس المراد الحكم الإعرابى؛ لأن الموضوع أن الأولى لا محل لها من الإعراب
(قوله: التشريك فى ذلك الحكم) أى تشريك الثانية للأولى فى ذلك القيد، أى والتشريك فيه نقيض المقصود
(قوله: إِذا خَلَوْا إلخ) هذه الآية قد تقدم ذكرها؛ لبيان وجه امتناع عطف جملة اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ على جملة إِنَّا مَعَكُمْ وذكرت هنا لبيان وجه امتناع عطفه على جملة قالوا لمناسبة المحلين إذ المنع هنا بالنسبة لما لا محل له وهو" قالوا" وهناك لما له محل وهو إنا معكم إذ هو معمول لقالوا كما تقدم.
(قوله: لئلا يشاركه إلخ) علة للنفى أى انتفى العطف لئلا يشاركه، أى لتنتفى مشاركة الثانية للأولى فى الاختصاص بالظرف، وهو" إذا" وتوضيح ذلك أن جملة قالوا مقيدة بظرف وهو" إذا" وتقديم الظرف يفيد الاختصاص وحينئذ فالمعنى أنهم، إنما يقولون إِنَّا مَعَكُمْ فى حال خلوهم بشياطينهم لا فى حال وجود أصحاب محمد ولو
وليس كذلك، فإن قيل: إِذا شرطية لا ظرفية؛ قلنا: إذا الشرطية هى الظرفية استعملت استعمال الشرط؛ ولو سلم
…
===
عطف اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ على جملة" قالوا" للزم أن استهزاء الله بهم مختص بذلك الظرف؛ لإفادة العطف تشريك الجملتين فى الاختصاص به فيكون المعنى لا يستهزئ الله بهم إلا إذا خلوا، كما أنهم لا يقولون إلا إذا خلوا فانتفى العطف لأجل أن تنتفى المشاركة فى الاختصاص بذلك الظرف.
(قوله: وليس كذلك) أى لأن المراد باستهزاء الله بهم مجازاته لهم بالخذلان، واستدراجهم من حيث لا يشعرون، ولا شك أن هذا متصل لا انقطاع له بحال خلوا مع شياطينهم، أم لا؟ ! ثم إن اسم ليس ضمير عائد على مضمون ما قبلها، واسم الإشارة راجع لما فى نفس الأمر وحينئذ فالمعنى، وليس كون الاستهزاء مختصا بحال الخلو مثل ما فى نفس الأمر، إذ الذى فى نفس الأمر دوام استهزاء الله بهم
(قوله: فإن قيل) هذا اعتراض على قول المصنف؛ لئلا يشاركه فى الاختصاص بالظرف
(قوله: إذا شرطية لا ظرفية) أى وحيث كانت شرطية فتقديمها لكونها مستحقة للصدارة لا للتخصيص، وحاصل هذا السؤال أن يقال إنما يكون الاختصاص المذكور فى الكلام إذا كانت" إذا" ظرفا فيلزم من تقديمها على العامل وجود الاختصاص، كتقديم سائر المعمولات.
وأما إذا كانت شرطية فتقديمها لاقتضائها الصدرية فلا يتحقق الاختصاص، وحينئذ فالعطف لا يوجب خلاف المراد لصحة الدوام فى الأول أيضا
(قوله: قلنا إلخ) حاصله أنها وإن كانت شرطية تقديمها مفيد للاختصاص نظرا لأصلها؛ لأن إذا الشرطية هى الظرفية فى الأصل، وإنما توسع فيها باستعمالها شرطية، وحيث كانت فى الأصل ظرفية أفاد تقديمها الاختصاص، ولو كانت شرطية نظرا لأصلها
(قوله: ولو سلم إلخ) أى ولو سلمنا شرطيتها وعدم كون الظرفية أصلا لهما نقول إنها ولو كانت شرطية هى اسم فضلة يحتاج إلى عامل وهو هنا" قالوا" لا الشرط الذى هو" خلوا" إذ ليس المراد قطعا أن لهم وقتا يخلون فيه، وإذا وقعت خلوتهم فى ذلك الوقت نشأ عن ذلك قولهم فى غير الخلوة أيضا؛ لأنهم منافقون وإنما يقولون ما ذكر فى الخلوة على ما هو معلوم من
فلا ينافى ما ذكرنا؛ لأنه اسم معناه الوقت؛ لا بد له من عامل، وهو: قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ بدلالة المعنى، وإذا قدم متعلق الفعل وعطف فعلا آخر عليه يفهم اختصاص الفعلين به؛ كقولنا: يوم الجمعة سرت وضربت زيدا؛
…
===
الخارج، وإذا كان معمولا لقالوا، وقد تقدم عليه لشرطيته أفاد بمفهومه أن القول ليس إلا فى وقت الخلوة فيلزم من العطف على" قالوا" كون المعطوف مقيدا بحكم المعطوف عليه بشهادة الذوق.
والفحوى أى الاستعمال فإنك إذا قلت" يوم الجمعة سرت وضربت زيدا" على أن ضربت معطوف على سرت أفادا اختصاص الفعلين بالظرف؛ بخلاف ما إذا أخر المعمول وقيل" سرت يوم الجمعة وضربت زيدا" يدل على اشتراك الفعلين فى الظرف فضلا عن اختصاصهما به، هذا محصل كلام الشارح، وأنت خبير بأن هذا الجواب الثانى محقق لكون تقديم الشرط يفيد الاختصاص؛ نظرا لكونه معمولا كالظرف وهذا الجواب قريب من الجواب الأول، وإنما يفترقان من جهة رعاية أصالة الظرفية له ثم نقل واستعمل شرطا، أو وضع شرطا من أول الأمر، ولكن وقع فيه العمل كالظرف، وهذا التفريق لا تظهر له ثمرة
(قوله: فلا ينافى ما ذكرنا) أى من أن التقديم يفيد الاختصاص
(قوله: لأنه اسم معناه الوقت) أى مع كونه شرطا
(قوله: وهو: قالوا إنا معكم) أى لا الشرط الذى هو خلوا وهذا التعليل لا يظهر إلا على قول الجمهور من أن العامل فى إذا الشرطية جوابها وأما على ما ذهب إليه الرضى وأبو حيان من أن العامل فيها الشرط فلا يتم ما ذكره من الجواب؛ لأن قالوا لم يتقدم عليه معموله حينئذ؛ فلا يتأتى أن يقال" قالوا إنا معكم" تقدم معموله فيؤذن تقدمه بالاختصاص، ولو قال الشارح بدل التعليل الذى ذكره فلا ينافى ما ذكرنا؛ لأن المتعارف فى الخطابيات تقييد الجواب بمضمون إذا مع الشرط كان جاريا على القولين
(قوله: بدلالة المعنى) لأنه ليس المراد أن لهم وقتا يخلون فيه، وإذا وقعت خلوتهم فيه نشأ من ذلك قولهم فى غير الخلوة أيضا؛ لأنهم منافقون وإنما يقولون ما ذكر فى الخلوة على ما هو معلوم من الخارج
(قوله: متعلق الفعل) هو إذا هنا.
بدلالة الفحوى والذوق (وإلا) عطف على قوله: [فإن كان للأولى حكم]؛ أى:
وإن لم يكن للأولى حكم لم يقصد إعطاؤه للثانية؛ وذلك بأن لا يكون لها حكم زائد على مفهوم الجملة، أو يكون، ولكن قصد إعطاؤه للثانية أيضا (فإن كان بينهما) أى: بين الجملتين (كمال الانقطاع بلا إيهام) أى: بدون أن يكون فى الفصل إيهام خلاف المقصود
…
===
(قوله: بدلالة الفحوى والذوق) متعلق بقوله" يفهم اختصاص الفعلين به" وذلك لأنه ليس طلب أحدهما له بالأولى من الآخر، بخلاف ما إذا أخر المتعلق عن أحدهما وقدم على الآخر فقد صار المتقدم عليه هو المستحق له، فلا دليل ولا قرينة على طلب المتأخر له.
والحاصل أنه قد استفيد من كلام الشارح أن القيد إذا تقدم على المعطوف عليه وجب بحسب الاستعمال اعتباره فى المعطوف أيضا، وإن تأخر عن المعطوف عليه وتقدم على المعطوف صار المتقدم عليه هو المستحق له، قال سم وانظر هل هذا أمر واجب بحسب الاستعمال حتى لا يجوز خلافه؟ وفى حاشية الشارح على الكشاف فى عطف المفردات: أن القيد إذا تقدم على المعطوف عليه واجب بحسب الاستعمال اعتباره فى المعطوف، نحو" جاءنى يوم الجمعة" أو راكبا زيد وعمرو، ولا يجوز فى الاستعمال خلافه، بخلاف ما إذا تأخر عن المعطوف عليه، فإنه لا يجب أن يكون معتبرا فى المعطوف، فهل عطف الجمل الذى الكلام هنا فيه كذلك محل تردد؟ انتهى كلامه.
(قوله: وذلك) أى النفى المذكور بصوره
(قوله: بأن لا يكون لها) أى للجملة الأولى، وقوله حكم أى قيد زائد على مفهومها أى كما فى قولك:" قام زيد وأكل عمرو" ثم إن المراد لم يكن للجملة الأولى حكم زائد على مفهومها يمكن إعطاؤه للثانية فلا يرد أن كل جملة تقع فى كلام البلغاء لها حكم زائد على أصل المراد، أفاده المولى عبد الحكيم
(قوله: أو يكون) أى للجملة الأولى حكم وقوله قصد إعطاؤه للثانية أيضا، أى كما أعطى للأولى وذلك كقولك" بالأمس خرج زيد ودخل صديقه"
(قوله: أى بدون أن يكون إلخ) بمعنى أن الجملتين إذا فصلتا لم يحصل فيهما إيهام خلاف المراد، بل
(أو كمال الاتصال، أو شبه أحدهما) أى: أحد الكمالين (فكذلك) أى: يتعين الفصل؛
…
===
يظهر المراد مع الفصل ولا يظهر مع الوصل
(قوله: أو كمال الاتصال) فيه أنه يمكن اعتبار الإيهام مع كمال الاتصال، كما يمكن اعتباره مع كمال الانقطاع، والوجه فيه حينئذ العطف مثل كمال الانقطاع مع الإيهام فلم لم يعتبر؟ ولم يتعرض له؟ ولم تجعل الأقسام سبعة مثل إذا سئلت" هل تشرب خمرا؟ " فقلت لا تركت شربه، يكون قولك تركت شربه تأكيدا للنفى السابق، ولو لم يؤت بالواو لتوهم تعلق النفى بالترك كما فى قولك:" لا وأيدك الله" كذا فى الفنرى، ومثل ذلك أيضا قولك لمن قال ما مدحت" لا مدحت" فإن" لا" لنفى نفى المدح فتفيد إثباته، فتكون جملة مدحت تأكيدا للنفى السابق فلو لم يؤت بالواو لتوهم تعلق النفى بالمدح، وأن المراد الدعاء بنفى المدح، بمعنى لا جعلت ممدوحا مع أن الغرض إثباته وأجاب بعضهم: بأنه يمكن أن المصنف حذف قوله بلا إيهام من كمال الاتصال؛ لدلالة ذكره مع ما قبله عليه، وعلى هذا فقول المصنف بعد" وإلا وصلت" دخل تحته ثلاثة أشياء: كمال الانقطاع مع الإيهام، وكمال الاتصال كذلك، والتوسط بين الكمالين. لكن هذا الجواب يبعده عدم تعرض المصنف فيما يأتى لتفسيره كمال الاتصال مع الإيهام كما تعرض لكمال الانقطاع بقسميه.
تأمل. والذى ذكره العلامة عبد الحكيم: تعين الفصل فى كمال الاتصال وإن كان فيه إيهام، خلاف المقصود؛ وذلك لانتفاء مصحح العطف وهو المغايرة، ويدفع الإيهام بطريق آخر فيقال فى" لا تركت شربه" مثلا" لا قد تركت شربه" بخلاف كمال الانقطاع، فإن المصحح للعطف وهو المغايرة متحقق فيه، والتباين بينهما المنافى لكون العطف مقبولا بالواو مقبول لدفع الإيهام ا. هـ
(قوله: فكذلك) هذا جواب الشرط قبله، والشرط وجوابه جواب الشرط الأول
(قوله: أى يتعين الفصل) يعنى فى هذه الأحوال الأربعة، أما فى الحالة الأولى، وهى أن يكون بين الجملتين كمال الانقطاع؛ فلأن العطف بالواو يقتضى كمال المناسبة بينهما والمناسبة تنافى كمال الانقطاع، وأما فى الحالة الثانية وهى ما إذا كان بينهما
لأن الوصل يقتضى مغايرة ومناسبة (وإلا) أى: وإن لم يكن بينهما كمال الانقطاع بلا إيهام، ولا كمال الاتصال،
…
===
كمال الاتصال؛ فلأن العطف فيها لشدة المناسبة بين الجملتين بمنزلة عطف الشىء على نفسه ولا معنى له ضرورة، ولا يقال: إن هذا يقتضى أنه لا يصح، أو لا يحسن العطف التفسيرى بالواو فى المفرد مع أنه شائع حسن؛ لأنا نقول حسنه ممنوع عند البلغاء وشيوعه إنما هو فى عبارات المصنفين لا فى كلامهم، أو يقال إن الواو فى العطف التفسيرى غير مستعملة فى العطف، بل هى مستعارة لمعنى حرف التفسير، وأما فى الحالة الثالثة والرابعة وهما شبه كمال الانقطاع وشبه كمال الاتصال فظاهر مما ذكرنا فى الأولى والثانية؛ لأن شبيه الشىء حكمه حكم ذلك الشىء
(قوله: لأن الوصل يقتضى مغايرة ومناسبة) أى مغايرة من جهة ومناسبة من جهة فباقتضائه المغايرة لا يناسب كمال الاتصال ولا شبهه، وباقتضائه المناسبة لا يناسب كمال الانقطاع ولا شبهه فهى علة موزعة، والحاصل أنه باقتضائه المغايرة تعين الفصل عند وجود كمال الاتصال وشبهه لعدم المناسبة فيهما، فلو عطف بالواو لحصل التنافى بين ما تقتضيه الواو من المناسبة وما بين الجملتين من كمال الاتصال أو شبهه، ولكان بمنزلة عطف الشىء على نفسه وباقتضائه المناسبة تعين الفصل عند وجود كمال الانقطاع وشبهه؛ لعدم المناسبة فيهما فلو عطف بالواو لحصل التنافى بين ما تقتضيه الواو من المناسبة وما بين الجملتين من كمال الانقطاع أو شبهه بقى شىء آخر، وهو أن قول المصنف فكذلك يتعين الفصل فيه إشكال بالنسبة إلى كمال الانقطاع باعتبار إحدى الصورتين الداخلتين تحت قوله" وإلا" وهى ما إذا كان للأولى حكم قصد إعطاؤه للثانية؛ وذلك؛ لأنه يلزم دون فوات المقصود فى هذه الصورة؛ لأنه إذا وجب الفصل مراعاة لكمال الانقطاع فات الحكم الذى قصد إعطاؤه، ولم روعى كمال الانقطاع دون قصد إعطاء الحكم لكن ذكر العلامة عبد الحكيم: أنه فى هذه الحالة يجب مراعاة الأمرين، فيتعين الفصل مراعاة لكمال الانقطاع، ويراعى قصد إعطاء الحكم فيصرح بذلك الحكم مع ترك العاطف، ففى نحو" يأتيك زيد يوم الجمعة أكرمه" يقال أكرمه فيه وحينئذ فلا إشكال.
ولا شبه أحدهما (فالوصل) متعين لوجود الداعى وعدم المانع.
والحاصل: أن للجملتين اللتين لا محل لهما من الإعراب- ولم يكن للأولى حكم لم يقصد إعطاؤه للثانية (ستة أحوال:
الأول: كمال الانقطاع بلا إيهام.
الثانى: كمال الاتصال.
الثالث: شبه كمال الانقطاع.
الرابع: شبه كمال الاتصال.
الخامس: كمال الانقطاع مع الإيهام.
السادس: التوسط بين الكمالين.
فحكم الأخيرين الوصل، وحكم الأربعة السابقة الفصل.
فأخذ المصنف فى تحقيق الأحوال الستة فقال:
…
===
(قوله: ولا شبه أحدهما) وذلك بأن يكون بينهما كمال الانقطاع مع الإيهام أو التوسط بين الكمالين.
(قوله: فالوصل) أى فالعطف بالواو متعين
(قوله: لوجود الداعى) أى إلى الوصل وهو رفع الإيهام فى كمال الانقطاع، أو وجود شبه أحدهما
(قوله: وعدم المانع) المراد بالمانع أحد الأربعة السابقة، وهى وجود أحد الكمالين مع عدم الإيهام فى كمال الانقطاع، أو وجود شبه أحدهما.
(وقوله: ولم يكن للأولى حكم لم يقصد إعطاؤه للثانية) أى بأن لم يكن للأولى حكم أصلا، أو كان لها حكم وقصد إعطاؤه للثانية
(قوله: فحكم الأخيرين) أى كمال الانقطاع مع الإيهام والتوسط بين الكمالين
(قوله: وحكم الأربعة السابقة) يعنى كمال الانقطاع بلا إيهام، وكمال الاتصال، وشبه كمال الانقطاع شبه كمال الاتصال.
(قوله: فأخذ المصنف إلخ) الفاء واقعة فى جواب شرط مقدر، أى: وإذا أردت تحقيقها فقد أخذ أى: فنقول لك قد أخذ المصنف فى تحقيقها، أى ذكرها على الوجه الحق.