الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأن وجود الجامع شرط فى الصورتين.
[الفصل لعدم الاشتراك فى الحكم]:
وقوله: [لا] نفى لما ادعته الحبيبة عليه من اندراس هواه؛ بدلالة البيت السابق
…
===
تأويل عطف الجملة على أخرى باعتبار الأصل
(قوله: لأن وجود إلخ) هذا تعليل للتعميم أى وإنما عيب عليه سواء كان العطف من قبيل عطف المفرد أو الجملة؛ لأن وجود الجامع شرط فى الصورتين أى شرط فى قبول العطف فى الصورتين، وهما عطف المفرد وعطف الجملة، يعنى ولا جامع هنا بين المتعاطفين، وقد انتصر بعض الناس لأبى تمام فقال الجامع: خيالى لتفاوتهما فى خيالى أبى تمام، أو وهمى وهو ما بينهما من شبه التضاد؛ لأن مرارة النوى كالضد لحلاوة الكرم؛ لأن كرم أبى الحسين حلو، ويدفع بسببه ألم احتياج السائل والصبر مر، ويدفع به بعض الآلام أو التناسب؛ لأن كلّا دواء فالصبر: دواء العليل، والكرم دواء الفقير. وكل هذه تكلفات باردة إذ المعتبر المناسبة الظاهرة القريبة فإن قلت حيث كان بين المتعاطفين هنا مناسبة؛ وإن كانت بعيدة كيف يصح نفى الشارح للمناسبة من أصلها بقوله: إذ لا مناسبة بين كرم أبى الحسين ومرارة النوى؟ قلت مراده نفى المناسبة الظاهرة لا مطلقا ففى كلامة حذف الصفة أى إذ لا مناسبة ظاهرة بين كرم إلخ فلا ينافى أن هناك مناسبة خفية بعيدة، كذا قرر شيخنا العلامة العدوى.
[الفصل لعدم الاشتراك فى الحكم]:
(قوله: وقوله لا) أى وقول أبى تمام فى أول البيت لا فلا مقول القول فى محل نصب، وقوله نفى خبر المبتدأ الذى هو قوله
(قوله: من اندراس هواه) أى وده ومحبته، وهذا بيان لما ادعته
(قوله: بدلالة إلخ) متعلق بنفى أى إنما كان نفيا لما ادعته، بسبب دلالة البيت السابق وهو قوله:
زعمت هواك عفا الغداة كما عفا
…
عنها طلال باللوى ورسوم
فاعل زعمت الحبيبة، وهواك: مفعول أول، والخطاب للذات التى جردها من نفسه، أو أنه التفت من التكلم للخطاب، وجملة عفا: مفعول ثان بمعنى اندرس، والغداة
(وإلا) أى: وإن لم يقصد تشريك الثانية للأولى فى حكم إعرابها (فصلت) الثانية (عنها) لئلا يلزم من العطف التشريك الذى ليس بمقصود (نحو: وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ
…
===
ظرف لعفا، وعنها بمعنى منها أى من الديار حال من طلال مقدمة عليه، والطلال بكسر الطاء: جمع طلل كجبل وجبال ما شخص من آثار الديار وهو فاعل عفا الثانى، واللوى بالقصر: اسم موضع والباء فيه بمعنى فى، والرسوم بضم الراء جمع رسم كفلوس جمع فلس ما التصق بالأرض من آثار الديار، وهو عطف على طلال وجواب القسم فى البيت الذى ذكره المصنف قوله بعد:
ما حلت عن سنن الوداد ولا غدت
…
نفسى على إلف سواك تحوم
السنن الطريقة، والألف: المألوف وهو متعلق بتحوم وغدت بمعنى صارت وتحوم أى تدور وتطوف خبر غدت.
ومعنى هذه الأبيات الثلاثة: زعمت الحبيبة أن هواك يا أبا تمام قد اندرس كما اندرس آثار ديارها التى بهذا الموضوع، فقلت لها: ليس الأمر كذلك وأقسم بالله الذى هو عالم بأن الفراق مر المذاق، وأن أبا الحسين الممدوح كريم ما بعدت عن طريق المحبة، ولا صارت نفسى تلتفت إلى غيرك
(قوله: وإلا فصلت) أى: وجوبا وظاهره كان بينهما جهة جامعة أم لا، والمراد بوجوب الفصل ترك العطف لا ترك الحرف الذى قد يكون عاطفا إذ لا مانع من الإتيان بالواو على أنها للاستئناف فإنها تكون له، وكان ينبغى للمصنف أن يقول" وإلا لم تعطف" لمناسبة قوله سابقا" عطفت عليها" أو يبدل قوله سابقا" عطفت" بوصلت لمناسبة قوله هنا" فصلت"
(قوله: فى حكم إعرابها) أى فى موجبه
(قوله: لئلا يلزم إلخ) أى لأن عطف الشىء على الشىء بالواو وشبهها يوجب التشريك فى الحكم فإذا لم يقصد وجب تركه، لاقتضائه خلاف المراد
(قوله: الذى ليس بمقصود) أى لأن القصد الاستئناف
(قوله: وَإِذا خَلَوْا إلخ) ضمن خلوا معنى أفضوا فعدى بإلى، وإلا فكان حقه التعدية بالباء، أى وإذا أفضى المنافقون إلى شياطينهم من الكافرين فى خلوة عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، أو أن قوله: إلى شياطينهم
قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ. اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ (1) لم يعطف اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ على إِنَّا مَعَكُمْ؛ لأنه ليس من مقولهم فلو عطف عليه لزم تشريكه له فى كونه مفعول قالُوا فيلزم أن يكون مقول قول المنافقين؛ وليس كذلك، وإنما قال: على إِنَّا مَعَكُمْ دون إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ؛ لأن قوله:
إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ بيان لقوله: إِنَّا مَعَكُمْ
…
===
متعلق بمحذوف أى وإذا خلا المنافقون من المؤمنين ورجعوا إلى شياطينهم أى رءوسائهم من الكافرين كذا قرر شيخنا العدوى
(قوله: قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ) أى بقلوبنا من حيث الثبات على الكفر وعداوة المسلمين
(قوله: إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) أى بالمسلمين فيما نظهر لهم من المداراة
(قوله: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) أى يجازيهم بالطرد من رحمته فى مقابلة استهزائهم بالمؤمنين، ودين الإسلام، ففى الكلام مشاكلة، وإلا فالاستهزاء مستحيل على الله (قوله على: إِنَّا مَعَكُمْ) أى الذى هو محكى بالقول وقضيته أن إنا معكم وحده له محل من الإعراب؛ لأن الكلام فى العطف على ما له محل مع أنه جزء المقول، فقضية كلامه أن جزء المقول له محل وسيأتى للشارح كلام يتعلق بذلك عند قوله:(وقال رائدهم أرسوا نزاولها) وكلام السيد فيما يأتى يشعر بأن له محلا ويحتمل أن مراد المصنف على إِنَّا مَعَكُمْ إلخ هذا وجعل إِنَّا مَعَكُمْ له محل، أو ليس له محل إنما هو بالنظر للحكاية، لا بالنظر للمحكى؛ لأن جملة إِنَّا مَعَكُمْ مستأنفة لا محل لها من الإعراب، وجملة إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ تابعة لها فلا محل لها أيضا
(قوله: لأنه) أى لأن قوله الله يستهزئ بهم
(قوله: ليس من مقولهم) أى: حتى يعطف على مقولهم، بل من مقول الله سبحانه وتعالى،
(قوله: فيلزم أن يكون) أى: الله يستهزئ بهم
(قوله: وليس كذلك) أى ليس الواقع ذلك أى كونه مقولا لهم، ويصح أن يكون الضمير فى ليس للكون، والإشارة للواقع ونفس الأمر، والكاف زائدة على كلا الاحتمالين
(قوله: وإنما قال إلخ) أى وإنما قال المصنف لم يعطف اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ على إِنَّا مَعَكُمْ ولم يقل لم يعطفه على إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ.
(قوله: بيان لقوله إنا معكم إلخ)
(1) البقرة: 14، 15.
.
===
فيه نظر؛ لأن عطف البيان فى الجمل لا بد فيه من وجود الإبهام الواضح فى الجملة الأولى كما سيأتى فى قول المصنف أو بيانا لها لخفائها، ولم يوجد هنا فى الجملة الأولى إبهام واضح، ومن ثم ذهب بعضهم إلى أن جملة إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ تأكيد للجملة الأولى، أو بدل اشتمال منها، أو مستأنفة استئنافا بيانيا، ووجه الأولى أن الاستهزاء بالإسلام يستلزم نفيه، ونفيه يستلزم الثبات على الضلال الذى هو الكفر، وهو معنى قوله إِنَّا مَعَكُمْ ووجه الثانى: - وهو كون الثانية بدل اشتمال- أن الثبات على الكفر يستلزم تحقير الإسلام والاستهزاء به فبينهما تعلق وارتباط. ووجه الثالث: أن الجملة الثانية واقعة فى جواب سؤال مقدر تقديره إذا كنتم معنا فما بالكم تقرون لأصحاب محمد بتعظيم دينهم وباتباعه فقالوا إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ وليس ما ترونه منا باطنيا.
فعلى هذا الاحتمال لو عطف عليها أيضا قوله اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ كانت الجملة مقولا لهم؛ لأن الجملة الاستئنافية لا تكون إلا مقولة لقائل المستأنف عنها.
وأجيب بأن مراد الشارح بالبيان البيان اللغوى وهو الإيضاح لا الاصطلاحى ولا شك أن كلا من التأكيد، وبدل الاشتمال، والاستئناف يحصل به البيان المذكور، وأما التأكيد: فلأن فيه رفع توهم التجوز أو السهو والبدل فيه بيان المشتمل عليه بالصراحة. والاستئناف: فيه بيان المسئول عنه المقدر كذا ذكر أرباب الحواشى لكن كلام الشارح فى شرح المفتاح يقتضى أن المراد بالبيان هنا الاصطلاحى؛ وذلك لأنه قال الفرق بين الجمل الثلاث: أن فى الجملة البدلية استئناف القصة، ومزيد الاعتناء بالشأن، وفى الجملة البيانية مجرد إزالة الخفاء، وفى الجملة المؤكدة إزالة توهم التجوز أو السهو أو الغفلة، فنقول إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ إن اعتبر أنه باعتبار لازمه يقرر الثبات على اليهودية تكون مؤكدة، وإن اعتبر اشتماله على أمر زائد على الثبات على اليهودية، وهو تحقير الإسلام وتعظيم الكفر فيكون الاعتناء بشأنه أزيد تكون بدلا؛ لكونها وافية بتمام المراد دون الأولى، وإن اعتبر مجرد إزالة الخفاء عن المعية، وأن المراد منها المعية فى القلب لا فى الظاهر تكون عطف بيان، وإن اعتبر السؤال مقدرا كانت