الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ووجه التفصى عن ذلك مذكور فى الشرح.
[حذف صدر الاستئناف]:
(وقد يحذف صدر الاستئناف) فعلا كان أو اسما (نحو: يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ (1)) فيمن قرأها مفتوحة الباء. كأنه قيل: من يسبحه؟ فقيل:
رجال؛ أى: يسبحه رجال
…
===
إلخ تنظير فى كون السؤال ليس عن السبب، إلا أن الاستئناف فيه ليس مبنيا على الاسم ولا على الصفة- تأمل- كذا قرره شيخنا العدوى.
(قوله: ووجه التفصى) بالفاء أى: التخلص من ذلك البحث مذكور إلخ، وحاصل الجواب أنا نختار الشق الأول وهو أن السؤال عن السبب فى المبنى على الاسم والمبنى على الصفة غير أن الجواب الذى هو الاستئناف تارة يذكر فيه ذلك السبب فقط، وتارة يذكر فيه السبب وسبب السبب، فإن ذكر فيه السبب فقط فهو القسم الأول أعنى: ما بنى على الاسم مثل كون زيد حقيقا بالإحسان فإنه سبب للحكم الذى هو ثبوت استحقاقه للإحسان، وإن ذكر فيه السبب وسبب السبب فهو القسم الثانى أعنى ما بنى على الصفة كالصداقة القديمة، فإنها سبب لاستحقاق الإحسان، ولا شك أن الثانى أبلغ من الأول لأنه كالتدقيق والأول من باب التحقيق ومن الأول ما إذا قيل ما بال زيد يركب الخيل؟ فقلت: هو حقيق بركوبها، والثانى ما لو قلت فى الجواب هو حقيق بركوبها؛ لأنه من أبناء الملوك
(قوله: وقد يحذف صدر الاستئناف) أى: الجملة الاستئنافية ولا مفهوم للصدر، بل العجز كذلك كما فى نعم الرجل زيد على قول من يجعل المخصوص مبتدأ والخبر محذوفا فلو قال: وقد يحذف بعض الاستئناف لكان أحسن ولعله إنما ترك المصنف الكلام على ذلك لقلته فى كلامهم أو لضعف القول المذكور فى المثال
(قوله: فعلا كان) أى: ذلك الصدر كما فى الآية أو اسما كما فى المثال الآتى ومنه ما تقدم من قوله: سهر دائم وحزن طويل
(قوله: أى يسبحه رجال) أى:
(1) النور: 37، 36.
(وعليه قوله: نعم الرجل) أو: نعم رجلا (زيد؛ على قول) أى: على قول من يجعل المخصوص خبر مبتدأ؛ أى: هو زيد، ويجعل الجملة استئنافا جوابا للسؤال عن تفسير الفاعل المبهم.
(وقد يحذف) الاستئناف (كله؛ إما مع قيام شىء مقامه؛ نحو: ) قول الحماسى (1):
(زعمتم أنّ إخوتكم
…
===
وحذف الفعل اعتمادا على يسبح الأول لا على المذكور فى السؤال المقدر؛ لأنه لا يجوز كما فى دلائل الإعجاز فلا مخالفة بينه وبين الشارح، فاندفع قول بعضهم: إن فى كلام الشارح مخالفة لما صرح به الشيخ عبد القاهر فى دلائل الإعجاز من أن السؤال المشتمل على الفعل إذا كان مقدرا لا يجوز حذف الفعل فى الجواب، وعلى هذا فيكون تقدير السؤال فى الآية من المسبحون؟ .
(قوله: وعليه) أى: ويجرى عليه أى: على حذف صدر الاستئناف
(قوله: أى على قول إلخ) أى: على قول من يقول: إن المخصوص مبتدأ محذوف الخبر، وإلا فيكون المحذوف العجز ولا على قول من يقول: إن المخصوص مبتدأ خبره الجملة قبله، وأنه بدل أو عطف بيان، وإلا فلا حذف أصلا ولا يكون فى الكلام استئناف
(قوله: ويجعل الجملة إلخ) عطف لازم على ملزوم
(قوله: وقد يحذف الاستئناف كله) أى: قد تحذف الجملة المستأنفة بتمامها فلا يبقى منها صدر ولا عجز، وحينئذ فيكون الفصل الذى هو ترك العطف بين المحذوفة وما قبلها تقريريا؛ لأن الفصل الحقيقى إنما يكون بين الملفوظين
(قوله: إما مع قيام شىء مقامه) أى: مقام ذاك الاستئناف المحذوف لكونه يدل على ذلك المحذوف
(قوله: نحو قول الحماسى) أى: قول الشاعر الذى ذكر أبو تمام شعره فى ديوان الحماسة وهو ساور بن هند بن قيس بن زهير، وبعد البيت المذكور:
أولئك أومنوا جوعا وخوفا
…
وقد جاعت بنو أسد وخافوا
(1) البيت لمساور بن هند بن قيس بن زهير، فى لسان العرب (ألف)، وتاج العروس (ألف)، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص 1449، وبلا نسبة فى تهذيب اللغة 15/ 379، وتاج العروس 4/ 422 (ألت).
قريش
…
لهم إلف) أى: إيلاف فى الرحلتين المعروفتين لهم فى التجارة؛ رحلة فى الشتاء إلى اليمن، ورحلة فى الصيف إلى الشام (وليس لكم إلاف) أى: مؤالفة فى الرحلتين المعروفتين، كأنه قيل: أصدقنا فى هذا الزعم أم كذبنا؟ فقيل: كذبتم.
===
ومراده هجو بنى أسد وتكذيبهم فى انتسابهم لقريش وادعائهم أنهم إخوتهم ونظائرهم بأن لهم إيلافا فى الرحلتين وليس لهم شىء منهما، وأيضا قد آمنهم الله من الجوع والخوف كما هو نص القرآن وأنتم جائعون خائفون
(قوله: قريش) هم أولاد النضر بن كنانة وهو خبر أن، وأما قوله: لهم إلف فهو منقطع عما قبله قائم مقام الاستئناف والألف مصدر الثلائى وهو ألف يقال ألف فلان المكان يألفه إلفا، والإيلاف مصدر الرباعى وهو آلف وكلاهما بمعنى واحد وهو المؤالفة والرغبة
(قوله: رحلة الشتاء لليمن) أى: لأنه حار ورحلة فى الصيف إلى الشام؛ لأنه بارد
(قوله: وليس لكم إلاف) أى: رغبة فى الرحلتين المعروفتين أى: فقد افتريتم فى دعوى الأخوة لعدم التساوى فى المزايا والرتب، إذ لو صدقتم فى ادعاء الأخوة والنظارة لهم لاستويتم مع قريش فى مؤالفة الرحلتين
(قوله: كأنه قيل إلخ) وذلك لأن قوله: زعمتم يشعر بأن القائل لم يسلم له ما ادعاه، إذ الزعم كما ورد مطية الكذب، لكن قد يستعمل لمجرد النسبة لا لقصد التكذيب فليس فيه تصديق ولا تكذيب صريح كما هنا، فكان المقام مقام أن يقال: أصدقنا إلخ، ولو حمل الزعم هنا على القول الباطل لاستغنى عن تقدير كذبتم ولا يكون من هذا القبيل.
واعلم أن ما ذكره الشارح من أن قوله: لهم إلف إلخ: قائم مقام الاستئناف لدلالته عليه غير متعين لجواز أن يكون جوابا لسؤال اقتضاه الجواب المحذوف، فكأنه لما قال المتكلم: كذبتم قالوا: لم كذبنا؟ فقال لهم المتكلم: لهم إلف، فيكون فى البيت استئنافان أحدهما محذوف والآخر مذكور وكل منهما جواب لسؤال مقدر، ولا يقال:
إن هذا الاحتمال عين ما قاله الشارح؛ لأن قوله لهم إلف بالنسبة إلى كذبتم المحذوف لا يحتمل سوى أن يكون استئنافا جوابا للسؤال عن سببه فأقيم المسبب مقام السبب، وحينئذ فلا يصح جعله مقابلا لما قاله الشارح؛ لأنا نقول لا نسلم أن هذا الاحتمال عين