الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فظاهر مما سبق) فى ترك تقييد المسند لمانع من تربية الفائدة.
[غرض التعريف]:
(وأما تعريفه
فلإفادة السامع حكما على أمر معلوم بإحدى طرق التعريف) يعنى أنه يجب عند تعريف المسند تعريف المسند إليه إذ ليس فى كلامهم مسند إليه نكرة ومسند معرفة فى الجملة الخبرية
…
===
العموم الشمولى بخلاف الفعل فإنه لا يوجد فيه باعتبار ذاته عموم، وإنما يدل على معنى مطلق ناسب فيه التقييد.
[ترك تقييد المسند بالحال أو المفعول أو نحو ذلك]:
(قوله: فظاهر مما سبق) أى: فظاهر تعليله مما سبق فى بيان السبب فى ترك تقييد المسند بالحال أو المفعول أو نحو ذلك، وهو وجود مانع من تربية الفائدة وعدم العلم بما يتخصص به من وصف أو إضافة وكقصد الإخفاء على السامعين ونحو ذلك فتقول مثلا: هذا غلام عند ظهور أمارة كون المشار إليه غلاما من غير أن تقول: غلام فلان أو غلام بنى فلان لعدم العلم بمن ينسب إليه أو للإخفاء على السامعين لئلا يهان بتلك النسبة أو يكرم مثلا.
[وأما تعريفه]:
(قوله: معلوم له) أى: للسامع وقوله بإحدى طرق التعريض أى: من علمية وإضمار وموصولية وغير ذلك مما تقدم متعلق بمعلوم له
(قوله: يعنى إلخ) وجه أخذ هذا من المتن أنه جعل علة تعريف المسند الإفادة المذكورة، وتعريف المسند إليه مأخوذ منها، فدل ذلك على أنه لا يوجد المسند معرفا إلا إذا عرف المسند إليه وإلا وضح أن يعلل الشارح بذلك، ثم إن الوجوب مأخوذ من اقتصار المصنف على هذه النكتة أعنى الإفادة المذكورة، ومن المعلوم أن الاقتصار فى مقام البيان يقتضى الحصر
(قوله: إذ ليس فى كلامهم) أى: العرب وأورد عليه قول القطامى:
قفى قبل التّفرّق يا ضباعا
…
ولا يك موقف منك الوداعا (1)
(1) البيت من الوافر للقطامى فى ديوانه ص 31، وخزانة الأدب 2/ 367، والدرر 3/ 75 ولسان العرب (ضبع)، (وع)، وبلا نسبة فى خزانة الأدب 9/ 285، 286، 288، 293، والدرر 2/ 73.
(بآخر مثله) أى: حكما على أمر معلوم بأمر آخر مثله فى كونه معلوما للسامع بإحدى طرق التعريف سواء اتحد الطريقان نحو: الراكب هو المنطلق، أو اختلفا نحو: زيد هو المنطلق (أو لازم حكم) عطف على حكما (كذلك) أى: على أمر معلوم بآخر مثله؛
…
===
وأجيب بأن هذا من باب القلب وكلام الشارح فيما لا قلب فيه، واحترز بالجملة الخبرية عن الإنشائية نحو: من أبوك؟ وكم درهم مالك؟ فإن الاستفهام وهو من وكم مبتدأ عند سيبويه مع كونه نكرة وخبره معرفة ولا بد من تقييد الجملة الخبرية أيضا بالمستقلة بالإفادة ليخرج نحو: مررت برجل أفضل منه أبوه فإن أفضل منه أبوه وإن كان جملة خبرية إلا أنها ليست مستقلة بالإفادة إذ ليست مقصودة لذاتها، بل للوصف بها فلا يضر جعل المبتدأ وهو أفضل نكرة وخبره وهو أبوه معرفة- هذا مذهب سيبويه، وجعل بعضهم أبوه مبتدأ خبره أفضل، وحينئذ فلا إشكال
(قوله: بآخر مثله) أشعر قوله بآخر أنه يجب مغايرة المسند والمسند إليه بحسب المفهوم وإن اتحدا فى الماصدق الخارجى ليكون الكلام مفيدا، وأما نحو قوله:
أنا أبو النّجم وشعرى شعرى (1)
فأوّل بحذف المضاف إليه باعتبار الحالين أى: شعرى الآن مثل شعرى القديم أى: أنه لم يتبدل عن الصفة التى اشتهر بها من الفصاحة والبلاغة
(قوله: أى حكما على أمر معلوم إلخ) أعاد ذلك لأجل ربط العبارة بعضها مع بعض لما فيها من الصعوبة
(قوله: سواء اتحد إلخ) أشار بذلك إلى أن مراد المصنف المماثلة فى مطلق التعريف.
(قوله: أو لازم حكم) المراد به لازم فائدة الخبر، وذلك إذا كان المخاطب عالما بالحكم كأن تقول لمن مدحك أمس فى غيبتك أنت المادح لى أمس، فالقصد بهذا إخباره
(1) الرجز لأبى النجم فى أمالى المرتضى 1/ 350، وخزانة الأدب 1/ 439، والدرر 1/ 185 وبلا نسبة فى خزانة الأدب 8/ 307، 412، والدرر 5/ 79.
وفى هذا تنبيه على أن كون المبتدأ والخبر معلومين لا ينفى إفادة الكلام للسامع فائدة مجهولة؛ لأن العلم بنفس المبتدأ والخبر لا يستلزم العلم بإسناد أحدهما إلى الآخر (نحو: زيد أخوك وعمرو المنطلق) حال كون المنطلق معرفا (باعتبار تعريف العهد
…
===
بأنك عالم بمدحه لك أمس
(قوله: وفى هذا) أى: كلام المصنف أعنى قوله: وأما تعريفه إلخ، ودفع الشارح بهذا شبهة أنه لا فائدة فى الحكم على الشىء بالمعرفة؛ لأنه من قبيل إفادة المعلوم.
(قوله: فائدة مجهولة) أى: وهى الحكم أو لازمه
(قوله: لا يستلزم العلم بإسناد أحدهما إلى الآخر) أى: لأنك قد تعلم أن الشخص الفلانى يسمى زيدا وأن ثمّ رجلا موصوفا بالانطلاق فقد تحققت مدلول زيد ومدلول المنطلق فى الخارج، ولا تعلم أن الموصوف بذلك الانطلاق هو ذلك الشخص المسمى بزيد إلا بالكلام المعرف الجزأين المفيد لذلك.
(قوله: نحو زيد أخوك وعمرو المنطلق) كل منهما صالح لأن يكون مفيدا للحكم وللازمه، فإذا كان المخاطب يعلم أن هذه الذات تسمى بزيد، وأن ثمّ رجلا موصوفا بالانطلاق، ولا يعلم أن الموصوف بالانطلاق هو ذلك الشخص المسمى بزيد، وقلت له زيد المنطلق فقد أفدته الحكم وإن كان يعلم أن الموصوف بالانطلاق هو ذلك الشخص المسمى بزيد، وقلت له هذا اللفظ فقد أفدته أنك عالم بذلك، وهذا هو نفس لازم الفائدة ولازم الحكم، وكذا يقال فى: زيد أخوك
(قوله: حال كونه المنطلق، معرفا إلخ) أشار بهذا إلى أن قوله باعتبار متعلق بمحذوف حال من المنطلق وإنما خص الكلام بالمثال الأخير ولم يجعله حالا من أخوك أيضا لما سيذكره من أن تعريف الإضافة إنما يكون باعتبار العهد الخارجى ولا يقال: إن الإضافة تأتى لما تأتى له اللام، من كل من العهد والجنس، وحينئذ فلا وجه للتخصيص؛ لأن الإضافة وإن أتت لما تأتى له اللام لكن الأصل فيها اعتبار العهد الخارجى بخلاف اللام فإن إتيانها لكل من الأمرين أصل فيها، وجوز فى الأطول تعلقه بكل من المثالين وهو أحسن
(قوله: باعتبار تعريف العهد) ليس المراد بالعهد هنا العهد الذهنى وهو الإشارة إلى حصة معلومة للمتخاطبين؛ لأنه
أو الجنس) وظاهر لفظ الكتاب أن نحو: زيد أخوك- إنما يقال لمن يعرف أن له أخا، والمذكور فى الإيضاح أنه يقال لمن يعرف زيدا بعينه
…
===
لا يوافقه التقرير الآتى، بل المراد به العهد الخارجى وهو الإشارة إلى شخص معين فى الخارج، وإن لم يكن معينا عند المخاطب، فالمنطلق من قولك: عمرو المنطلق، إذا أخذ باعتبار العهد الخارجى كانت أل إشارة إلى شخص معين فى الخارج ثابت له الانطلاق وإن لم يكن معلوما عند المخاطب بأن كان يعرف عمرا باسمه وشخصه ويعرف أن شخصا ثابت له الانطلاق ولا يعلم أنه هو عمرو، وكذلك نحو: عمرو أخوك إن أخذ أخوك باعتبار تعريف العهد فيكون إشارة إلى شخص معين فى الخارج متصف بأنه أخوه وإن لم يكن معينا عند المخاطب بأن كان المخاطب يعرف زيدا باسمه وشخصه ويعلم أن له أخا ولا يعلم أن ذلك الأخ هو عمرو
(قوله: أو الجنس) المراد به الحقيقة التى يعرفها المخاطب من غير إشارة إلى معين فى الخارج، فإذا قيل عمرو المنطلق لمن يعرف عمرا باسمه وشخصه ويعرف حقيقة المنطلق، ولكن لا يعلم هل تلك الحقيقة ثابتة لعمرو أو لا، كانت أل مشارا بها للحقيقة التى يعرفها السامع، وأن المعنى الشخص المعلوم بتسميته عمرا ثبتت له حقيقة المنطلق المعلومة فى الأذهان، والحاصل أنك تقول:
عمرو المنطلق باعتبار تعريف العهد لمن يعلم أن إنسانا يسمى بعمرو ويعلم أن شخصا معينا ثبت له الانطلاق، ولكن لا يعلم أنه عمرو وباعتبار تعريف الجنس لمن يعلم ماهية المنطلق من حيث هى، ولا يعلم هل هى متحققة فى الذات المسماة بزيد أم لا ويقال:
زيد أخوك إذا أخذ باعتبار تعريف العهد لمن يعرف زيدا باسمه ويعلم أن شخصا ثبتت له الأخوة ولا يعلم أنه هو زيد.
(قوله: وظاهر لفظ الكتاب) أى: المتن أى قوله بآخر مثله ووجهه أنه مثل بالمثالين المذكورين لتعريف المسند لأجل إفادة الحكم بمعلوم على معلوم، لكن الأول باعتبار تعريف العهد فقط، والثانى باعتبار التعريفين فيلزم أن المثال الأول إنما يقال لمن يعرف أن له أخا، وهو مخالف لما ذكره المصنف فى الإيضاح الذى هو كالشرح لهذا المتن
(قوله: لمن يعرف أن له أخا) أى: على الإجمال أى: ويعرف زيدا بعينه ولا يعرف
سواء كان يعرف أن له أخا أم لم يعرف؛ ووجه التوفيق ما ذكره بعض المحققين من النحاة أن أصل وضع تعريف الإضافة على اعتبار العهد وإلا لم يبق فرق بين:
غلام زيد، وغلام لزيد فلم يكن أحدهما معرفة والآخر نكرة لكن كثيرا ما يقال:
جاءنى غلام زيد؛ من غير إشارة إلى معين كالمعرف باللام؛ وهو خلاف وضع الإضافة،
…
===
أن تلك الذات المسماة بزيد هى المتصفة بالأخوة
(قوله: سواء كان يعرف أن له أخا) أى: كما فى المتن وقوله أم لم يعرف هذه الصورة هى محل الخلاف، وعلى هذا فمعنى زيد أخوك: زيد ثبت له جنس الأخوة المنسوبة إليك
(قوله: ووجه التوفيق) أى: بين كلام المتن والإيضاح
(قوله: ما ذكره بعض المحققين من النحاة) هو العلامة رضى الدين شيخ الشارح
(قوله: على اعتبار العهد) أى: الخارجى فأصل وضع أخوك للذات المشخصة المعينة خارجا التى ثبت لها الأخوة
(قوله: وإلا لم يبق فرق) أى: وإلا نقل إن أصل وضعها مبنى على اعتبار تعريف العهد، بل على اعتبار الجنس، وأن المعنى زيد ثبت له جنس الأخوة المنسوبة إليك فلا يصح؛ لأنه لم يبق فرق بين غلام زيد وغلام لزيد أى: لم يبق فرق من جهة المعنى؛ وذلك لأن المراد حينئذ من كل منهما غلام ما من غلمان زيد وإلا فالفرق من جهة اللفظ حاصل.
(قوله: فلم يكن إلخ) تفريع على النفى أى وإذا انتفى الفرق بينهما ما لم يكن أحدهما معرفة والآخر نكرة مع أن الأول معرفة والثانى نكرة؛ لأن المراد من الأول غلام معين فى الخارج ثبتت له الغلامية لزيد، والمراد من الثانى غلام ما من غلمان زيد
(قوله: لكن كثيرا إلخ) هذا استدراك على قوله: إن أصل وضع تعريف الإضافة إلخ دفع به توهم أنها لم تخرج عن أصل وضعها
(قوله: من غير إشارة إلى معين) أى: من غلمانه بأن يراد الحقيقة من حيث تحققها فى ضمن فرد مهم بحيث يكون مرادفا لغلام لزيد
(قوله: كالمعرف باللام) تشبيه فى الطرفين الأصل وخلافه أى: كما أن المعرف باللام أصل وضعه لواحد معين، وقد يستعمل الواحد غير المعين على خلاف الأصل كما فى: ولقد أمر على اللئيم يسبنى ا. هـ يس.
فما فى الكتاب ناظر إلى أصل الوضع
…
===
وهو مخالف لما تقدم من أن إتيان أل لكل من الأمرين أصل فيها لكن ما تقدم مبنى على الطريقة التى مشى عليها المصنف عند الكلام على تعريف المسند إليه باللام، وما هنا مبنى على طريقة أخرى ذكرناها هناك.
واعلم أن الأقسام الأربعة الجارية فى المعرف باللام تجرى فى المعرف بالإضافة فتارة يكون تعريفه باعتبار العهد الخارجى، كما فى غلام زيد إذا لم يكن له إلا غلام واحد أو له غلمان، لكن كان إذا أطلق غلام زيد ينصرف لواحد منهم معين بسبب أن له مزيد خصوصية بزيد لكونه أعظم غلمانه وأشدهم نسبة إليه، وتارة يكون تعريفه باعتبار الحقيقة من حيث هى نحو: ماء الهندباء أنفع من ماء الورد، وتارة يكون تعريفه باعتبار الحقيقة من حيث وجودها فى ضمن جميع الأفراد سواء كان ذلك المعرف بالإضافة لفظه مفردا أو جمعا نحو: ضربى زيدا قائما وعبيدى أحرار فالإضافة حينئذ للاستغراق، وتارة يكون تعريفه باعتبار الحقيقة من حيث وجودها فى ضمن فرد غير معين كغلام زيد مشيرا إلى واحد غير معين وكقولك: خذ ماء الورد واخلطه بالدواء الفلانى، فإن المراد شخص غير معين وتكون الإضافة حينئذ للعهد الذهنى، وإنما كان المعرف بالإضافة كالمعرف باللام فى صحة اعتبار الأحوال المذكورة فيه؛ لأن الإضافة إلى المعرفة إشارة إلى حضور المضاف فى ذهن السامع، كما أن اللام إشارة إلى حضور ما دخلت عليه فى ذهنه، وهذا المضاف الحاضر فى ذهن السامع تارة يراد به فرد معين فى الخارج وتارة يراد منه الحقيقة من حيث هى أو من حيث تحققها فى ضمن جميع الأفراد، أو فى ضمن فرد غير معين، كما أن مدخول أل الحاضر فى ذهن السامع كذلك، ثم إن المضاف للمعرفة إذا قصد به الجنس فى ضمن فرد غير معين معرفة من حيث إن جنسه معلوم للسامع أشير بإضافته إلى حضوره فى ذهنه ونكرة من حيث إن جنسه تحقق فى ضمن فرد غير معين، كما تحققت الجهتان فى المعرف بلام العهد الذهنى، فإذا قلت: غلام زيد تريد الحقيقة فى ضمن فرد غير معين كان كقولنا: غلام لزيد بلا إضافة فى المعنى وإن اختلفا فى اللفظ
(قوله: فما فى الكتاب) وهو أن زيد أخوك إنما يقال لمن سبقت له معرفة بأن له أخا فيشار إليه بعهد الإضافة، وقوله ناظر لأصل الوضع
وما فى الإيضاح إلى خلافه (وعكسهما) أى: نحو عكس المثالين المذكورين؛ وهو:
أخوك زيد والمنطلق عمرو، والضابط فى التقديم أنه إذا كان للشىء صفتان من صفات التعريف وعرف السامع اتصافه بأحداهما دون الأخرى فأيهما كان بحيث يعرف السامع اتصاف الذات به وهو كالطالب بحسب
…
===
أى: من كونه معرفة باعتبار العهد
(قوله: وما فى الإيضاح) من أن نحو: زيد أخوك يقال لمن يعرف زيدا ولا يعرف أن له أخا أصلا، وقوله إلى خلافه أى: ناظر إلى خلاف الأصل من التنكير العارض، ثم اعلم أن الكلام مفروض فى المعرف بالإضافة إذا كان مسندا، أما إذا كان مسندا إليه فلا بد أن يكون معلوما، فلا تقول: أخوك زيد لمن لا يعرف أن له أخا لامتناع الحكم بالتعيين على من لا يعرفه المخاطب أصلا
(قوله: وما فى الإيضاح إلى خلافه) أى: ما فى الإيضاح من صورة الخلاف ناظر فيها لخلاف الأصل، فاندفع ما يقال كيف يقال ناظر لخلافه مع أن من جملة ما فى الإيضاح صورة المتن وهى مبنية على الأصل لا على خلافه
(قوله: والضابط فى التقديم) أى: فى جعل أحدهما مبتدأ والآخر خبرا عند تعريف الجزأين وهذا جواب عما يقال: إذا كان كل من الجزأين معرفة هل يجوز جعل أيهما مبتدأ والآخر خبرا، ومن هذا الضابط يعلم سر قول النحويين إذا كانا معا معرفتين وجب تقديم المبتدأ منهما
(قوله: إنه) أى: الحال والشأن وقوله إذا كان أى: إذا كان للشىء فى الواقع، وقوله صفتان من صفات التعريف أى:
صفتان تعلم كل منهما بطريق من طريق التعريف لأدنى ملابسة ككون الذات مسماة بزيد وكونها أخا لعمرو وكونها مشارا إليها وأمثال ذلك
(قوله: دون الأخرى) أى:
دون اتصافه بالأخرى، كأن عرف المخاطب هذه الذات بكونها مسماة بزيد ولا يعرفها بكونها أخا له
(قوله: فأيهما) أى: الوصفين ولو راعى لفظ صفتان لقال فأيتهما وأى شرطية وجوابها قوله: يجب أن يقدم إلخ، لكن يصح قراءته بالجزم والرفع كما قال فى الخلاصة:
وبعد ماض رفعك الجزا حسن (1)
(1) الألفية فى عوامل الجزم ص 143 طبعة مكتبة الآداب والبيت كما ورد فى الألفية:
وبعد ماض رفعك الجزا حسن
…
ورفعه بعد مضارع وهن.
زعمك أن تحكم عليه بالآخر يجب أن تقدم اللفظ الدال عليه وتجعله مبتدأ، وأيهما كان بحيث يجهل اتصاف الذات به وهو كالطالب أن تحكم بثبوته للذات أو انتفائه عنها يجب أن تؤخر اللفظ الدال عليه وتجعله خبرا؛ فإذا عرف السامع زيدا بعينه واسمه ولا يعرف اتصافه بأنه أخوه وأردت أن تعرفه ذلك- قلت: زيد أخوك، وإذا عرف أخا له ولا يعرفه على التعيين وأردت أن تعينه عنده- قلت:
أخوك زيد، ولا يصح: زيد أخوك؛
…
===
(وقوله: كان) أى: وجد (وقوله: بحيث) أى: ملتبسا بحالة هى أن يعرف السامع اتصاف الذات به أى: بذلك الوصف أى: أن يعرف ذلك بالفعل أو من شأنه أن يعرف ذلك.
واعلم أن حيث فى هذا التركيب وأمثاله خارجة عن أصلها من وجهين الأول استعمالها بمعنى حالة تشبيها لها بالمكان بجامع الإحاطة، والثانى جرها بالباء مع أنها ملازمة للنصب على الظرفية محلا ولا تخرج عنها إلا للجر بمن إلا أن يكون روعى قول من يقول بتصرفها
(قوله: زعمك) أى: ظنك أو فهمك
(قوله: الدال عليه) أى: على الوصف الذى يعرف السامع اتصاف الذات به
(قوله: وأيهما كان بحيث يجهل اتصاف الذات به) أى: بالفعل أو كان من شأنه أن يجهل ذلك الاتصاف وإن كان عارفا بذلك الوصف
(قوله: ولا يعرف اتصافه بأنه أخوه) أى: سواء عرف أن له أخا أم لم يعرفه فالضابط جار على ما فى المتن والإيضاح.
(قوله: ولا يعرفه على التعيين) أى: من حيث العلم- بفتح العين واللام- المعين لذاته
(قوله: وأردت أن تعينه عنده) أى: بالعلم ثم إن مراد الشارح بيان نكتة التأخير على وجه الاستقلال اهتماما به، وإلا فبيان سبب تقديم أحدهما المفاد بقوله فأيهما كان بحيث يعرف إلخ يتضمن بيان سبب تأخير الآخر.
(قوله: ولا يصح زيد أخوك) أى: لا يصح بالنظر للبلاغة؛ لأن المستحسن فى نظر البلغاء لا يجوز مخالفته إلا لنكتة فهو واجب بلاغة وإن لم يكن واجبا عقلا، فلا يرد ما يقال ينبغى أن يصح لحصول المقصود عليه من إفادة أن الأخ متصف بأنه مسمى
وظهر ذلك فى نحو قولنا: رأيت أسودا غابها الرماح، ولا يصح رماحها الغاب.
(والثانى: ) يعنى: اعتبار تعريف الجنس (قد يفيد قصر الجنس على شىء تحقيقا نحو زيد الأمير)
…
===
بزيد غاية الأمر أن غيره أولى، وتحصل من كلام الشارح أن السامع على كل تقدير يعلم أن له أخا ويعرف الاسم ويعرف الذات بعينها، لكن تارة يعلم اتصاف تلك الذات بذلك الاسم ويجهل اتصافها بالأخوة وتارة بالعكس، ففى الأول يجب أن يقال:
له زيد أخوك، ويجب أن يقال له فى الثانى: أخوك زيد؛ لأنه إنما يقدم ويحكم على ما يتصور أن المخاطب طالب للحكم عليه، وهذا هو المعبر عنه عندهم بدفع الالتباس؛ لأنه لو تقدم الخبر على المبتدأ فيهما لأوهم قلب المعنى المقصود.
(قوله: ويظهر ذلك) أى: الضابط فى قولنا: رأيت أسودا غابها الرماح، وذلك لأن المعلوم للأسود هو الغاب؛ لأنه مبيتها دون الرماح فالجزء الذى من شأنه أن يعلم عند ذكر الأسود إنما هو الغاب فيقدم ويجعل مبتدأ، والمراد بالأسود هنا المعنى المجازى وهو الشجعان ففيه استعارة تصريحية، وغابها الرماح قرينة وقوله ولا يصح إلخ أى: لعدم العلم الرماح للأسود
(قوله: يعنى اعتبار تعريف الجنس) أى: المحلى بأل سواء كان فى المسند أو المسند إليه، وقوله قد يفيد قصر الجنس أى: جنس معنى الخبر كالانطلاق فى المثال المذكور أو جنس معنى المسند إليه فى عكسه (وقوله: على شىء) أى مسند إليه أو مسند، وبهذا تعلم أن كلام المصنف هنا أعم مما قبله ولا يرد ما ذكره من المثال؛ لأن المثال لا يخصص، ثم إن كلام المصنف يفيد أن الأول وهو اعتبار تعريف العهد لا يفيد الحصر وهو كذلك؛ وذلك لأن الحصر إنما يتصور فيما يكون فيه عموم كالجنس فيحصر فى بعض الأفراد والمعهود الخارجى لا عموم فيه، بل هو مساو للجزء الآخر فلا يصدق أحدهما بدون الآخر، وحينئذ فلا حصر كذا قيل وهو ظاهر فى قصر الأفراد، وأما قصر القلب فيتأتى فى المعهود أيضا، فيقال لمن اعتقد أن ذلك المنطلق المعهود هو عمرو المنطلق زيد أى لا عمرو كما تعتقده
(قوله: تحقيقا) بمعنى حقيقة صفة لقصر أى:
يفيد التعريف المذكور قصر الجنس قصرا حقيقة أى: حقيقيا أى: على سبيل الحقيقة
إذا لم يكن أمير سواه (أو مبالغة لكماله فيه) أى: لكمال ذلك الشىء فى ذلك الجنس، أو بالعكس (نحو: عمرو الشجاع) أى: الكامل فى الشجاعة؛ كأنه لا اعتداد بشجاعة غيره لقصورها عن رتبة الكمال، وكذا إذا جعل المعرف بلام الجنس مبتدأ نحو: الأمير زيد، والشجاع عمرو؛ ولا تفاوت بينهما وبين ما تقدم فى إفادة قصر الإمارة على زيد والشجاعة على عمرو؛ والحاصل: أن المعرف بلام الجنس إن جعل مبتدأ فهو مقصور على الخبر؛ سواء كان الخبر معرفة أو نكرة،
===
لعدم وجود معنى الجنس فى غير ذلك المقصور عليه أو مبالغة أى: على سبيل المبالغة لوجود المعنى فى غير المقصور عليه، والمراد بالحقيقة خلاف المبالغة، وهذا أحسن من قول بعضهم أى: قصرا محققا أى: مطابقا للواقع أو مبالغا فيه؛ لأن المبالغة ليست فى القصر بل فى النسبة بواسطة القصر؛ ولأنه لا يلزم فى القصر الحقيقى أن يكون مطابقا للواقع، بل يكفى أن يكون عن اعتقاد ظنا أو جهلا أو يقينا.
(قوله: إذا لم يكن إلخ) بيان لكون القصر حقيقة
(قوله: لكماله فيه) جواب عما يقال كيف صح قصر الجنس على فرد من أفراده مع وجود معنى الجنس فى غير المقصور عليه
(قوله: أو بالعكس) أى: لكمال ذلك الجنس فى المقصور عليه؛ لأن الكمال أمر نسبى فلك أن تعتبره فى كل أى: وإذا كان الجنس كاملا فى ذلك المقصور عليه فيعد وجوده فى غيره كالعدم، لقصور الجنس فى ذلك الغير عن رتبة الكمال، فصح القصر حينئذ
(قوله: وكذا إذا جعل المعرف إلخ) أى: فيفيد قصر جنس معنى المبتدأ على الخبر تحقيقا أو مبالغة، وهذا داخل فى كلام المصنف لا زائد عليه لما علمت أن كلام المصنف هنا أعم مما سبق
(قوله: ولا تفاوت بينهما) أى: بين المثالين اللذين زدناهما على ما تقدم فى المصنف وما ذكره من عدم التفاوت إنما يصح على مذهبه من أن الجزئى الحقيقى يكون محمولا من غير تأويل، وأما على ما ذهب إليه السيد من أنه لا يكون محمولا، وأن قولنا: المنطلق زيد مؤول بقولنا المنطلق المسمى بزيد فلا بد من التفاوت؛ لأن مفهوم زيد الأمير غير مفهوم الأمير زيد أى: الأمير المسمى بزيد؛ لأن موضوع الأول جزئى حقيقى ولا تأويل فيه؛ لأنه يكون موضوعا
وإن جعل خبرا فهو مقصور على المبتدأ،
…
===
ومحموله كلى وموضوع الثانى ومحموله كلاهما كلى، ولا شك أن ذلك يوجب التغاير فيلزم التفاوت فالمقصور عليه الإمارة على الأول الذات المشخصة المعبر عنها بزيد، وعلى الثانى هو المفهوم الكلى المسمى بزيد واعلم أن إفادة الحصر بما دل على الجنس إذا أريد به جميع أفراد الجنس ظاهر؛ لأن المعنى حينئذ أن جميع الأفراد محصورة فى ذلك الفرد فلا يوجد منها شىء فى غيره، فإذا قيل الأمير زيد فكأنه قيل جميع أفراد الأمير محصورة فى زيد فقد ظهر الحصر بهذا الاعتبار، وأما إذا أريد الجنس الحقيقة فكأنه قيل حقيقة الجنس متحدة بذلك الفرد فهو كالتعريف مع المعرف، فلا توجد تلك الحقيقة فى غير ذلك الفرد لعدم صحة وجود ذلك المتحد بها فى فرد آخر، فإذا قيل زيد الأمير فكأنه قيل الإمارة وزيد شىء واحد فلا توجد فى غيره كما لا يوجد فى غيرها وهذا المعنى أبلغ وأدق من الأول ولم يعتبره أى: اتحاد الجنس بالواحد الواضع عند الاستعمال إلا فى المعرف دون المنكر ولو كان دالا على الحقيقة على الصحيح، وإنما المعتبر فى المنكر كونه صادقا على ذلك الفرد لا متحدا به، ولذلك لم يفد الحصر.
مبتدأ بلام جنس عرفا
…
منحصر فى مخبر به وفا
وإن خلا عنها وعرّف الخبر
…
باللام مطلقا فبالعكس استقر
وقوله: مطلقا حال من الضمير فى خلا العائد على المبتدأ أى: سواء كان معرفا بالعلمية أو الإشارة أو الموصولية أو الإضافة نحو: زيد أو هذا أو الذى قام أبوه أو غلام زيد الكريم
(قوله: وإن جعل خبرا فهو مقصور على المبتدأ) ظاهره كان المبتدأ معرفا بلام الجنس نحو: الكرم التقوى والقائم هو المتكلم أو بغيرها نحو: زيد أو هذا أو غلام زيد الكريم، وبه صرح الشارح فى المطول، والذى قاله العلامة السيد أنه إذا كان كل منهما معرفا بلام الجنس احتمل أن يكون المبتدأ مقصورا على الخبر وأن يكون الخبر مقصورا على المبتدأ، ولكن الأظهر قصر المبتدأ على الخبر؛ لأن القصر مبنى على قصد الاستغراق وشمول جميع الأفراد وذلك أنسب بالمبتدأ؛ لأن القصد فيه إلى الذات وفى الخبر إلى الصفة، وذكر عبد الحكيم: أنه يقصر الأعم على الأخص سواء قدم الأعم
والجنس قد يبقى على إطلاقه كما مر، وقد يقيد بوصف، أو حال، أو ظرف، أو نحو ذلك نحو: الرجل الكريم، وهو السائر راكبا، وهو الأمير فى البلد، وهو الواهب ألف قنطار؛ وجميع ذلك معلوم بالاستقراء وتصفح تراكيب البلغاء.
وقوله: قد يفيد- بلفظ قد- إشارة إلى أنه قد لا يفيد القصر كما فى قول الخنساء
===
وجعل مبتدأ أو أخر وجعل خبرا نحو: العلماء الناس أو الناس العلماء وإن كان بينهما عموم وخصوص من وجه فيحال إلى القرائن كقولك العلماء الخاشعون، إذ قد يقصد تارة قصر العلماء على الخاشعين، وتارة يقصد عكسه، فإن لم تكن قرينة فالأظهر قصر المبتدأ على الخبر، إن قلت إنه لا يتصور عموم فى القصر تحقيقا، قلت: يجوز أن يكون أحدهما أعم مفهوما وإن تساويا ما صدقا
(قوله: والجنس) أى: المقصور سواء وقع مبتدأ أو خبرا، وقوله كما مر أى فى الأمثلة المذكورة نحو: الأمير زيد وعكسه وعمرو الشجاع وعكسه
(قوله: وقد يقيد إلخ) أى: فيكون المقصور حينئذ الجنس باعتبار قيده فقولك: زيد الرجل الكريم المحصور فى زيد الرجولية الموصوفة بالكرم فلا توجد فى غيره بخلاف مطلق الرجولية
(قوله: ونحو ذلك) أى: كالمفعول به ولأجله ومعه.
(قوله: وهو السائر راكبا) أى: انحصر فيه السير حال الركوب دون مطلق السير
(قوله: وهو الأمير فى البلد) أى: انحصرت فيه إمارة البلد دون مطلق الإمارة فهى لغيره أيضا
(قوله: وهو الواهب ألف قنطار) أى: هو مختص الهبة للألف بخلاف مطلق الهبة فهى لغيره أيضا، وفى تفسير القنطار خلاف، قيل ملء جلد ثور ذهبا، وقيل القنطار المال الكثير، وقيل مائة ألف دينار، وهل هو فعلال أو فنعال خلاف
(قوله: وجميع ذلك) أى: ما ذكر فى هذا الحاصل
(قوله: إشارة إلخ) أى: لأن قد سور القضية الجزئية، وقوله إلى أنه قد لا يفيد أى: على خلاف الأصل
(قوله: كما فى قول الخنساء) أى: فى مرثية أخيها صخر
(قوله: إذا قبح البكاء على قتيل)(1) أى: على أى قتيل كان بقرينة المقام وإن كانت النكرة فى سياق الإثبات لا تعم وقبل هذا البيت:
(1) الأبيات من الوافر وهى للخنساء فى ديوانها ص 82 (طبعة دار الكتب العلمية) وهذه الأبيات فى بكاء أخيها صخر، والبيت الأخير فى لسان العرب (بكا)، وتاج العروس (بكا).
إذا قبح البكاء على قتيل
…
رأيت بكاءك الحسن الجميلا (1)
فإنه يعرف بحسب الذوق السليم، والطبع المستقيم، والتدرب فى معانى كلام العرب- أن ليس المعنى هاهنا على القصر وإن أمكن ذلك بحسب النظر الظاهر والتأمل القاصر.
(وقيل: ) فى نحو: زيد المنطلق والمنطلق زيد (الاسم متعين
…
===
ألا يا صخر إن أبكيت عينى
…
فقد أضحكتنى دهرا طويلا
بكيتك فى نساء معولات
…
وكنت أحقّ من أبدى العويلا
دفعت بك الجليل وأنت حىّ
…
فمن ذا يدفع الخطب الجليلا
إذا قبح البكاء البيت
(قوله: رأيت بكاءك) أى: بكائى عليك
(قوله: أن ليس المعنى هنا على القصر) أى: قصر الجنس على البكاء؛ وذلك لأن هذا الكلام للرد على من يتوهم أن البكاء على هذا المرئى قبيح كغيره، فالرد على ذلك المتوهم بمجرد إخراج بكائه عن القبح إلى كونه حسنا، وليس هذا الكلام واردا فى مقام من يسلم حسن البكاء عليه إلا أنه يدعى أن بكاء غيره حسن أيضا حتى يكون المعنى على الحصر أى:
إن بكاءك هو الحسن الجميل فقط دون بكاء غيرك كما توهم، إذ لا يلائمه قوله إذا قبح البكاء إلخ، وإنما الملائم له إذا ادعى حسن البكاء عليك وعلى غيرك، فيقال حينئذ:
فإن بكاءك فقط هو الحسن الجميل
(قوله: وإن أمكن ذلك) أى: بتكلف
(قوله: بحسب النظر الظاهر) وهو أن التعريف فى قول الحسن الجميلا لا يؤتى به بدلا عن التنكير إلا لفائدة وهى هنا القصر، وأنت خبير بأنه غير مناسب للمقام كما تقدم، فالعدول عن التنكير للتعريف إنما هو للإشارة لمعلومية الحسن لذلك البكاء فلا ينكر؛ لأن أل الجنسية يشار بها إلى معهود معلوم وهنا أشير بها إلى معهود ادعاء كما يقال: والدى الحر ووالدك العبد أى: إن حرية أبى وعبودية أبيك معلومتان فليفهم- ا. هـ يعقوبى.
(قوله: وقيل إلخ) الجملة معطوفة على ما فهم من قوله فلإفادة السامع حكما على أمر معلوم إلخ، فإنه يفهم منه أن الأمر المعلوم بأحد طرق التعريف سواء كان اسما
(1) البيت من الوافر وهو للخنساء فى بكاء أخيها صخر وهو فى ديوانها ص: 226 (طبعة المطبعة الكاثوليكية: بيروت) ولسان العرب (بكا)، وتاج العروس (بكا)، وفى شرح ديوانها ص 82.
للابتداء) تقدم أو تأخر (لدلالته على الذات والصفة) متعينة (للخبرية) تقدمت أو تأخرت (لدلالتها على أمر نسبى) لأن معنى المبتدأ: المنسوب إليه، ومعنى الخبر:
المنسوب، والذات هى المنسوب إليها، والصفة هى المنسوب، فسواء قلنا: زيد المنطلق، أو المنطلق زيد- يكون زيد مبتدأ، والمنطلق خبر؛ وهذا رأى الإمام الرازى- رحمه الله (ورد بأن المعنى:
…
===
أو صفة يكون محكوما عليه بآخر مثله اسما كان أو صفة فكأنه قيل هذا أى: صحة كون الاسم والصفة المعرفين محكوما عليه وبه عند الجمهور وقيل الاسم متعين للابتداء إلخ، والمراد بالصفة هنا ما دل على ذات مبهمة باعتبار معنى قائم بها ومقابلها الاسم وهو ما دل على الذات فقط، أو الذات المعينة باعتبار المعنى كاسم الزمان والمكان والآلة قاله عبد الحكيم.
(قوله: للابتداء) الأولى للإسناد ليشمل معمولات النواسخ
(قوله: لدلالته على الذات) أى: ومن شأنها أن يحكم عليها لابها
(قوله: على أمر نسبى) أى: وهو المعنى القائم بالذات.
(قوله: لأن معنى إلخ) علة للمعلل مع علته أو علة للعلية
(قوله: ورد إلخ) حاصله أن المنطلق إذا قدم وجعل مبتدأ لم يرد مفهومه المشتمل على أمر نسبى أى:
ثبوت الانطلاق لشىء، بل يراد منه ذاته أى: ما صدق عليه وزيد إذا أخر وجعل خبرا لم يرد به الذات، بل يراد به مفهوم مسمى بزيد وهو مشتمل على معنى نسبى وهو التسمية به، فيكون الوصف مسندا للذات دون العكس، وهذا الرد جواب بالمنع، فمحصله لا نسلم أن الوصف يلاحظ منه الأمر النسبى دائما، ولا نسلم أن الاسم يلاحظ منه الذات دائما، بل تارة يراعى منه الذات إذا تقدم وتارة يراعى منه المفهوم إذا تأخر، وكذا يقال فى الصفة، ثم إن هذا التأويل ظاهر على مذهب الكوفيين، فإنهم ذهبوا إلى أن الخبر لا يكون إلا مشتقا، فإن وقع جامدا وجب تأويله بمشتق، وذهب البصريون إلى جواز وقوع الخبر جامدا من غير تأويل، فيصح عندهم حمل الجزئى الحقيقى على شىء ولا يحتاج إلى تأويل زيد مثلا إذا أخر بالمفهوم المسمى بزيد، ويكفى تأويله بالذات المشخصة المسماة بزيد، فمعنى قولك: المنطلق زيد الذات التى ثبت لها الانطلاق