المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[ومن أنواع الطلب: التمني]: - حاشية الدسوقي على مختصر المعاني - جـ ٢

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌[أغراض الحذف]:

- ‌ ذكر المسند

- ‌[أغراض الإفراد]:

- ‌[أغراض كون المسند فعلا أو اسما]:

- ‌أغراض تقييد الفعل بمفعول ونحوه، وترك تقييد الفعل:

- ‌[ترك تقييد الفعل]:

- ‌[أغراض‌‌ تقييد الفعل بالشرط:إن وإذا ولو]:

- ‌ تقييد الفعل بالشرط:

- ‌[استطراد إلى التغليب]:

- ‌[أغراض التنكير]:

- ‌ تنكير المسند

- ‌[أغراض التخصيص بالإضافة والوصف وتركه]:

- ‌[تخصيص المسند بالإضافة أو الوصف]:

- ‌[غرض التعريف]:

- ‌(وأما تعريفه

- ‌[ترك تقييد المسند بالحال أو المفعول أو نحو ذلك]:

- ‌[أغراض كون المسند جملة]:

- ‌[كون المسند جملة للتقوّى]:

- ‌‌‌[أغراض التأخيروالتقديم]:

- ‌[أغراض التأخير

- ‌[تأخير المسند]:

- ‌[أغراض التقديم]:

- ‌[تقديم المسند]:

- ‌[[الباب الرابع: ] أحوال متعلقات الفعل]

- ‌[حال الفعل مع المفعول والفاعل]:

- ‌[أغراض تقديم المتعلقات على الفعل]:

- ‌[[الباب الخامس: ] القصر]:

- ‌[طرق القصر]:

- ‌[طريقة العطف]:

- ‌(ومنها النفى والاستثناء

- ‌[التقديم]:

- ‌[[الباب السادس: ] القول فى‌‌ الإنشاء]:

- ‌ الإنشاء]:

- ‌[أنواع الإنشاء]:

- ‌[الطلب]:

- ‌[ومن أنواع الطلب: التمني]:

- ‌[ومن أنواع الطلب: الاستفهام]:

- ‌[ومن أنواع الطلب: الأمر]:

- ‌[ومن أنواع الطلب: النهي]:

- ‌ومن أنواع الطلب: النداء

- ‌[[الباب السابع: ] الفصل والوصل]

- ‌[تعريف الفصل والوصل]:

- ‌[أحوال الوصل والفصل للاشتراك فى الحكم]:

- ‌[الفصل لعدم الاشتراك فى الحكم]:

- ‌[الوصل بغير الواو من حروف العطف]:

- ‌[الفصل لعدم الاشتراك فى القيد]:

- ‌[الفصل لكمال الانقطاع]:

- ‌[الفصل لكمال الانقطاع]:

- ‌[الفصل لشبه كمال الانقطاع]:

- ‌[الفصل لشبه كمال الاتصال]:

- ‌[الفصل لشبه كمال الانقطاع]:

- ‌[أنواع الاستئناف]:

- ‌[حذف صدر الاستئناف]:

- ‌[الوصل لدفع الايهام]:

- ‌[محسنات الوصل]:

- ‌[تذنيب]:

- ‌[الباب الثامن: الإيجاز والإطناب والمساواة]:

- ‌[إيجاز القصر]:

- ‌[إيجاز الحذف]:

- ‌[الإطناب]:

- ‌[ذكر الخاص بعد العام]:

- ‌[الإيجاز والإطناب النسبيان]:

الفصل: ‌[ومن أنواع الطلب: التمني]:

ويتولد منها بحسب القرائن ما يناسب المقام.

[أنواع الإنشاء]:

[الطلب]:

(وأنواعه) أى: الطلب (كثيرة؛ منها: التمنى) وهو طلب حصول شىء على سبيل المحبة

===

أى: إجراء تلك الصيغ

(قوله: ويتولد منها) أى: من تلك الصيغ ما يناسب المقام كطلب دوام الإيمان والتقوى فى قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ (1) ويا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ (2)، ثم إن الغرض من ذكر هذه المقدمة التى ذكرها المصنف التمهيد لبيان المعانى المتولدة من صيغ الطلب المستعملة فى مطلوب حاصل.

(قوله: وأنواعه كثيرة) هى على ما ذكره المصنف خمسة: التمنى والاستفهام والأمر والنهى والنداء، ومنهم من يجعل الترجى قسما سادسا، ومنهم من أخرج التمنى والنداء من أقسام الطلب بناء على أن العاقل لا يطلب ما يعلم استحالته، فالتمنى ليس طلبا ولا يستلزمه وأن طلب الإقبال خارج عن مفهوم النداء الذى هو صوت يهتف به الرجل وإن كان يلزمه- أ. هـ فنرى.

[ومن أنواع الطلب: التمني]:

(قوله: منها التمنى) قدمه لعمومه؛ لجريانه فى الممكن والممتنع، وعقبه الاستفهام بكثرة مباحثه، ثم بالأمر لاقتضائه الوجود، ثم بالنهى لمناسبته له فى الأحكام.

(قوله: وهو طلب إلخ) هذا يخالف مقتضاه سياق الشارح السابق وموافق لما قلناه سابقا من أن المراد الطلب القلبى- اللهم إلا أن يحمل الطلب فى التعريف على الطلب اللفظى وهو إلقاء الكلام، فكأنه قال: وهو إلقاء كلام يدل على حصول شىء إلخ، وقوله: وهو طلب حصول شىء أى: ولو على جهة النفى على سبيل المحبة إن قيل هذا التعريف غير مانع؛ لأن طلب حصول الشىء على سبيل المحبة موجود فى بعض أقسام الأمر والنهى وغيره

(1) النساء: 136.

(2)

الأحزاب: 1.

ص: 309

(واللفظ الموضوع له: ليت ولا يشترط إمكان المتمنى)

===

مما معه المحبة، وبيان ذلك أن طلب حصول الشىء على سبيل المحبة إن كان مع طمع فى حصوله من المخاطب فأمر، وإن كان مع طمع فى الترك معه فنهى، إن كان مع الطمع فى إقباله فنداء، وإن لم يكن طمع أصلا فهو التمنى فهذا تعريف بالأعم، وهو وإن أجازه بعض المتقدمين، لكن الأكثر من الناس على منعه قلت المحبة هنا الواقعة فى التعريف مقيدة بالتجرد عن الطمع، وحينئذ فتخرج الأوامر والنواهى والنداآت التى وجدت المحبة فيها، فإنها مصحوبة بالطمع، أو أن المراد بقوله على سبيل المحبة أى: على طريق يفهم منه المحبة أو أن قيد الحيثية المعتبر فى التعريف يكفى فى دفع النقض، إذ المعنى طلب حصول الشىء من حيث إنه محبوب، ولذا يطلب المحال وهذا يخرج الأوامر والنواهى والنداء؛ لأنها ليست طلبا لحصول الشىء من حيث إنه محبوب، بل من حيث قصد وجوده أو عدم وجوده أو إقباله- تأمل.

(قوله: واللفظ الموضوع له) أى: للتمنى بالمعنى المصدرى أعنى: إلقاء كلامه كما فى سياق كلام الشارح، والمعنى واللفظ الموضوع لأجل إلقائه وإيجاد كلام التمنى ليت، فاللام فى قوله له للتعليل لا صلة للموضوع؛ لأن ليت لم توضع لفعل المتكلم الذى هو إلقاء كلام التمنى، وإنما وضعت لنفس التمنى الذى هو الحالة القلبية أعنى:

الطلب القلبى المتعلق بالنسبة، فإذا قيل: ليت لى مالا استفيد منه أن المتكلم تمنى وجود المال وليس إخبارا عن وجود التمنى مثل قولك: أتمنى ونحوه وإلا كانت ليت جملة، بل هى حرف تصير به نسبة الكلام إنشاء بحيث لا يحتمل الصدق والكذب، وتفيد أن المتكلم طالب لتلك النسبة، وحينئذ فلا يقال للمتكلم بقولنا: ليت لى مالا أحج به إنه صادق أو كاذب فى نسبة الثبوت للمال؛ لأنه متمن لتلك النسبة لا حاك لتحققها فى الخارج، وإن كانت باعتبار ما وضعت له مستلزمة لخبر وهو أن هذا المتكلم يتمنى تلك النسبة، ولهذا يقال: الإنشاء يستلزم الإخبار.

(قوله: ولا يشترط) أى: فى صحة التمنى

(قوله: إمكان المتمنى) أى: إمكانه لذاته بأن يكون جائز الوجود والعدم، بل يصح مع استحالته لذاته، وأما وجوبه فقد

ص: 310

بخلاف المترجى (تقول: ليت الشباب يعود) ولا تقول: لعله يعود، لكن إذا كان المتمنى ممكنا يجب أن لا يكون لك توقع وطماعية فى وقوعه، وإلا لصار ترجيا

===

تقدم أن الحاصل يستحيل طلبه والواجب حاصل

(قوله: بخلاف المترجى) أى: فإنه يشترط إمكانه كما أن الأمر والنهى والاستفهام والنداء يشترط فيها أن يكون المطلوب ممكنا فلا تستعمل صيغها إلا فيما كان كذلك- كما قال بعضهم، ولعل مراده أن الأصل ذلك وإلا فالأمر بالمحال، بل التكليف به واقع، ثم إن قوله بخلاف المترجى يقتضى أن بين التمنى والترجى مشاركة فى مطلق الطلب، وأنه لا فارق بينهما إلا اشتراط إمكان المترجى دون اشتراط إمكان المتمنى- وليس كذلك، إذ الترجى ليس من أقسام الطلب على التحقيق، بل هو ترقب الحصول.

قال الشيخ يس: إن كان المراد بالإمكان المنفى اشتراطه فى المتمنى الإمكان الخاص الذى هو سلب الضرورة عن الجانبين فهذا باطل؛ لأنه حين نفى اشتراطه صدق بالواجب، مع أنه لا يقع فيه التمنى- فلا يقال: ليت الله عالم، ولا ليت الإنسان ناطق ويصدق بالممتنع ويقع فيه التمنى، وإن كان المراد به الإمكان العام وهو سلب الضرورة عن الجانب المخالف للنسبة، فكذلك يصدق بالواجب؛ لأن نفى اشتراط العام يستلزم نفى اشتراط الخاص؛ لأن نفى الأعم يستلزم نفى الأخص، والحاصل أنه يرد على كل من الاحتمالين أنه يصدق بالواجب مع أنه لا يتمنى، وقد يقال: المراد الإمكان الخاص ولا يرد على الاحتمالين أنه يصدق بالواجب لخروجه بقوله قبل غير حاصل وقت الطلب- تأمل.

(قوله: تقول) أى: فى التمنى ليت الشباب يعود أى: مع أن عوده محال عادة- كذا فى ابن يعقوب، وهو مبنى على أن المراد بالشباب قوة الشبوبية، فإن عودها بالنوع محال عادة ممكن عقلا، وفى عبد الحكيم: أن الشباب عبارة عن زمان ازدياد القوى النامية- كما مر فى المجاز العقلى، وإعادة الزمان محال عقلا لاستلزامه أن يكون للزمان زمان

(قوله: يجب أن لا يكون إلخ) لما تقدم أن المتمنى يجب أن لا يكون فيه طماعية

(قوله: وإلا لصار ترجيا) أى وإلا بأن كان هناك طماعية فى الوقوع صار ترجيا، وحينئذ

ص: 311

(وقد يتمنى بهل؛ نحو: هل لى من شفيع؛ حيث يعلم أن لا شفيع) لأنه حينئذ يمتنع حمله على حقيقة الاستفهام لحصول الجزم بانتفائه. والنكتة فى التمنى بهل، والعدول عن ليت- هو إبراز المتمنى

===

لا يستعمل فيه إلا الألفاظ الدالة على الترجى: كلعل وعسى مثلا إذا كنت تطلب حصول مال فى العام متوقعا وطامعا فى حصوله، قلت: لعل لى مالا فى هذا العام أحج به، وإن كان غير متوقع ولا طماعية لك فيه- قلت: ليت لى مالا- كذا قرر شيخنا العدوى، وفى الفنرى: أنه إذا كان الأمر الممكن متوقعا يستعمل فيه: لعل، وإن كان مطموعا فيه تستعمل فيه: عسى، والفرق بين التوقع، والطمع- أن الأول أبلغ من الثانى، ولذا أخر الطماعية عن التوقع. اهـ كلامه.

ويؤخذ من قول الشارح لكن إن كان إلخ: التباين بين التمنى والترجى؛ لأنهما وإن اشتركا فى طلب الممكن، لكنهما متمايزان بما ذكره وعلى ما فى المطول وهو التحقيق من أن الترجى ليس بطلب، بل هو ترقب الحصول يكون التباين بينهما أظهر والطماعية بتخفيف الياء ككراهية مصدر يقال: طمع فيه طمعا وطماعية.

(قوله: وقد يتمنى بهل) أى: على سبيل الاستعارة التبعية بأن شبه التمنى المطلق بمطلق استفهام بجامع مطلق الطلب فى كل شىء، فسرى التشبيه للجزئيات، فاستعيرت هل الموضوعة للاستفهام الجزئى للتمنى الجزئى أو على سبيل المجاز المرسل من استعمال المقيد فى المطلق، ثم استعماله فى المقيد بيان ذلك أن هل لطلب الفهم، فاستعملت فى مطلق الطلب، ثم استعملت فى طلب حصول الشىء المحبوب من حيث اندراجه تحت المطلق فيكون مجازا بمرتبة أو من حيث خصوصه فيكون مجازا بمرتبتين لخروجه بقوله قبل غير حاصل وقت الطلب- تأمل.

(قوله: حيث يعلم إلخ) حيث ظرف لمحذوف أى: وإنما يقال هذا لقصد التمنى حيث يعلم إلخ، وهذا إشارة لقرينة المجاز

(قوله: لأنه حينئذ) أى: حين يعلم أنه لا شفيع وقوله لحصول الجزم بانتفائه أى: والاستفهام يقتضى عدم الجزم بالانتفاء، بل الجهل بالشىء فلو حمل على الاستفهام الحقيقى لحصل التناقض، والحاصل أنه حيث كان يعلم

ص: 312

لكمال العناية به فى صورة الممكن الذى لا جزم بانتفائه (و) قد يتمنى (بلو؛ نحو:

لو تأتينى فتحدثنى؛ بالنصب) على تقدير: فأن تحدثنى؛

===

أنه لا شفيع يطمع فيه لا يصح حمل الكلام على الاستفهام المقتضى لعدم العلم بالمستفهم عنه ثبوتا أو نفيا، فحمل الكلام على الاستفهام يؤدى إلى التناقض فتعين الحمل على التمنى، وقد يقال: هذا إنما يفيد عدم صحة حمل الكلام على الاستفهام، وأما حمله على خصوص التمنى فيفتقر إلى قرينة أخرى معينة له، ولا تكفى الصارفة، بدليل أن مثل هذا الكلام يقال: عند العلم بنفى الشفيع لمجرد التحسر والتحزن، فإنه يقال: ما أعظم الحزن لنفى الشفيع، ولك أن تقول: لما كان التحسر والتحزن على نفى الشىء الذى لا يطمع فيه الآن ولا فى المستقبل يستلزم كون الموصوف بذلك يتمنى ما فات والألم يتحزن عليه كان ذلك الكلام تمنيا فى المعنى، ولو أمكن أن يقصد معه التحزن، فصح التمثيل لمجرد ما ذكر

(قوله: لكمال العناية به) أى: لإظهار الرغبة فيه

(قوله: فى صورة الممكن إلخ) أى: والممكن الذى لا جزم بانتفائه حاصل مع الاستفهام؛ لأن المستفهم عنه لا بد أن يكون ممكنا لا جزم بانتفائه بخلاف المتمنى؛ فإنه قد يكون مجزوما بانتفائه وإن كان ممكنا.

(قوله: وقد يتمنى بلو) أى: على طريق التجوز؛ لأن أصل وضعها الشرطية والتجوز فيها مثل ما تقدم فى هل، ولم يذكر الشارح نكتة العدول عن التمنى بليت إلى التمنى بلو كما ذكر فى هل، وقد يقال: إن نكتته الإشعار بعزة متمناه حيث أبرزه فى صورة ما لم يوجد؛ لأن لو بحسب أصلها حرف امتناع لامتناع- كذا قرر شيخنا العدوى.

(قوله: نحو لو تأتينى فتحدثنى) أى: ليتك تأتينى فتحدثنى

(قوله: بالنصب) أى:

بنصب تحدثنى بأن مضمرة بعد الفاء فى جواب التمنى، وأما تأتينى فهو مرفوع بضمة مقدرة على الياء للثقل والفعل المنصوب فى تأويل مصدر معطوف على مصدر متوهم والمعنى أتمنى إتيانا منك فتحديثا لى، وسمى ما بعد الفاء جوابا، والحال أنه فى تأويل مفرد نظرا لمعنى الكلام؛ لأن المعنى إن وقع منك إتيان فإنه يقع تحديث فقد تضمن الكلام جواب

ص: 313

فإن النصب قرينة على أن لو ليست على أصلها؛ إذ لا ينصب المضارع بعدها بإضمار أن، وإنما يضمر بعد الأشياء الستة، والمناسب هاهنا هو التمنى، قال (السكاكى: كأن حروف التنديم والتحضيض؛ وهى: هلا، وألا؛ بقلب الهاء همزة، ولولا، ولوما؛

===

شرط اقتضاه المعنى

(قوله: فإن النصب قرينة إلخ) أى: قرينة لفظية والظاهر أنه لو رفع الفعل بعدها إن كان هناك قرينة تدل على التمنى عمل بها وإلا فلا

(قوله: ليست على أصلها) أى: وهو الشرطية والتعليق

(قوله: بعد الأشياء الستة) وهى الاستفهام والتمنى والعرض ودخل فيه التحضيض لقربه منه والأمر والنهى والنفى، وأما الترجى فساقط؛ لأنه لا ينتصب فى جوابه عند البصريين، بل عند الكوفيين والدعاء داخل فى الأمر والنهى، فاندفع ما يقال: إن الأشياء التى ينصب المضارع بعد الفاء بأن فى جوابها تسعة لا ستة

(قوله: والمناسب هاهنا هو التمنى) أى: والأولى بالحمل عليه هنا فى المثال هو التمنى دون غيره من هذه الأشياء، وذلك لشيوع استعمال لو لذلك؛ لأنها فى الأصل تدخل على المحال والممنوع والمحال يتمنى كثيرا، وإن احتملت الاستفهام والنفى، لكن الأكثر شيوعا التمنى والحمل على الشائع أولى وما استفيد من كلام المصنف من أن المضارع ينصب فى جواب التمنى بلو- نقل السيوطى فى النكت عن ابن هشام عن السفاقسى خلافه، ثم إن المستفاد من كلام الشارح أن لو التمنية هى لو الشرطية إلا أنها أشربت معنى التمنى، وحينئذ فلا بد لها من جواب، لكنه التزم حذفه، وعليه فإذا قيل لو تأتينى فتحدثنى فالمعنى لو حصل ما يتمنى وهو الإتيان، فالتحديث لسرنا ذلك وقيل: إنها نقلت من الشرط للتمنى مستقلة من غير أن يبقى فيها معنى الشرطية، وقيل: إنها هى التى تستعمل مصدرية، وعلى هذين القولين فلا جواب لها لخروجها عن معنى الشرطية والتعليق، والخلاف مبسوط فى كتب النحو.

(قوله: كأن حروف إلخ) الأولى أحرف بصيغة جمع القلة إلا أن يقال: إنه مبنى على أن مبدأ جمع الكثرة من ثلاثة، وأورد لفظ كأن لعدم الجزم بما ذكره من التركيب لجواز أن يكون كل كلمة برأسها؛ لأن التصرف فى الحروف بعيد وسميت حروف التنديم؛

ص: 314

مأخوذة منهما) خبر كأن؛ أى: كأنها مأخوذة من هل ولو اللتين للتمنى حال كونهما: (مركبتين مع لا وما المزيدتين لتضمينهما)

===

لأنها إذا دخلت على الفعل الماضى أفادت جعل المخاطب نادما على ترك الفعل وسميت حروف التحضيض؛ لأنها إذا دخلت على المضارع أفادت حض المخاطب وحثه على الفعل

(قوله: مأخوذ منهما مركبتين) الضمير فى منهما لهل ولو ومركبتين حال من الضمير المجرور بمن كما أشار له الشارح، وقوله: مع لا وما ظرف لقوله مركبتين، وذلك بأن ضمت لا مع هل فصارت هلا، ثم أبدلت الهاء همزة فصارت ألا وضمت مع لو فصارت لولا فحصل من التركيب مع لا ثلاثة أحرف وضمت ما مع لو فصارت لوما فلا تكون مع هل ومع لو وما تكون مع لو خاصة، لكن قد اشتهر أن مقابلة الجمع بالجمع تقتضى انقسام الآحاد على الآحاد كما فى ركب القوم دوابهم، والأمر هنا ليس كذلك، ووزان هذا التركيب الواقع فى المتن أن تقول أكل الزيدان مع عمرو وبكر على معنى أن عمرا صاحب كلا من الزيدين فى الأكل، وإن بكرا صاحب أحدهما فقط، وقد يقال: إن ما اشتهر هذا أمر أغلبى لا كلى فلا منع فى مخالفته- كما صرح بذلك حواشى الأشمونى، واعترض على المصنف بأن هذه الحروف إنما أخذت من هل ولو قبل التركيب لا فى حالة التركيب؛ لأنه يلزم عليه اتحاد المأخوذ والمأخوذ منه؛ لأنه قيد المأخوذ منه بالتركيب المذكور فالمأخوذ هلا وألا ولولا ولوما والمأخوذ منه هل ولو فى حال تركيبهما مع لا وما المزيدتين وذلك بعينه: هلا وألا ولولا ولو ما فيتحد المأخوذ والمأخوذ منه، ولا يخفى فساده؛ لأن فيه أخذ الشىء من نفسه، وأجيب بأن قوله مركبتين حال مقدرة والمعنى أنها مأخوذة من لو وهل حال كونهما مقدرتى التركيب مع ذكر لا حال محققة بحيث يكون المعنى أنها مأخوذة منهما حال كونهما مركبتين عند الأخذ- كذا فى الفنرى ورد بأنه لا حصول لهذه الكلمات فى حال التقدير، فالأولى ما أجاب به سم: بأن معنى كلام المصنف أن هذه الأربعة حال كون كل منها مجعولا كلمة واحدة لمعنى واحد مأخوذة من نفسها حال كونها غير مجعولة كذلك، بل حال كونها كلمتين فتغايرا بهذا الاعتبار وهو معنى قول عبد الحكيم: إن المأخوذ الكلمات

ص: 315

علة لقوله: مركبتين، والتضمين: جعل الشىء فى ضمن الشىء، تقول ضمنت الكتاب

===

الأربعة والمأخوذ منه هل ولو حال التركيب مع لا وما لا بعده فلم يتحد المأخوذ والمأخوذ منه على ما وهم، والعجب الجواب بجعل الحال مقدرة مع أنه لا حصول لهذه الكلمات فى حال التقدير. اهـ.

والحاصل أنه على الجواب الأول المأخوذ محقق التركيب بالفعل والمأخوذ منه مقدر التركيب، وعلى الجواب الثانى المأخوذ مركب تركيبا جعل فيه الكلمات كلمة واحدة بمعنى واحد والمأخوذ منه مركب تركيبا ليس بهذه المثابة، بل هو ضم إحدى الكلمتين إلى أخرى- فتأمل.

(قوله: علة لقوله مركبتين) أى: فالمعنى أن تركب هل ولو مع ما ذكر إنما هو لأجل تضمينهما أى: جعلهما متضمنتين أى: مشتملتين دالتين على معنى التمنى، فالمراد بالتضمين هنا جعل الشىء مدلولا للفظ لا جعله جزء من المدلول الذى هو التضمن اصطلاحا، ونظير ذلك قولك: ضمنت هذا الكتاب كذا كذا بابا، فليس المراد أنى جعلت الأبواب جزءا من أجزاء الكتاب، بل جعلت الأبواب نفس أجزاء الكتاب لا مع زائد عليها، فإن قلت أن معنى التمنى حاصل قبل التركيب فكيف يكون علة غائية وغرضا من التركيب مع أن الغرض والعلة الغائية لا يسبقان ما ترتبا عليه أجيب بأن المراد بتضمينهما معنى التمنى على جهة النص واللزوم، فالتمنى مدلول لهما قبل التركيب على جهة الجواز وبعده على جهة الوجوب بمعنى أنهما قبل التركيب يجوز أن يراد بهما التمنى بخلافهما بعده فإنه معناهما نصا فكان التركيب قرينة على ذلك، وربما كان تعبير المصنف بالمصدر المضاف للمفعول مشيرا لقصد هذا المعنى؛ لأن تضمينهما التمنى إلزامهما إياه أى جعلهما ملزومين بإفادته ولم يعبر بالتضمن بحيث يكون المصدر مضافا للفاعل لئلا يوهم أن تضمنهما معنى التمنى بعد التركيب ليس بلازم كما كان فى الأصل؛ لأن التضمن عبارة عن الاشتمال كان هناك إلزام أو لا بخلاف التضمين فإنه الإلزام كما عرفت

(قوله: جعل الشىء فى ضمن الشىء) أى: محتويا عليه ومفيدا له

ص: 316

كذا كذا بابا إذا جعلته متضمنا لتلك الأبواب؛ يعنى: أن الغرض المطلوب من هذا التركيب والتزامه هو جعل هل ولو متضمنتين (معنى التمنى ليتولد) علة لتضمينهما؛ يعنى: أن الغرض من تضمينهما معنى التمنى ليس إفادة التمنى، بل أن يتولد (منه) أى: من معنى التمنى المتضمنين هما إياه (فى الماضى التنديم؛

===

(قوله: كذا كذا بابا) أى: أحد عشر بابا مثلا أو إثنى عشر وكذا الثانية توكيد للأولى

(قوله: إذا جعلته متضمنا لتلك الأبواب) أى: مشتملا عليها من اشتمال الكل على أجزائه

(قوله: والتزامه) هو بالجر عطف على التركيب أى: الاعتراف به والقول به مع أن الأصل فى كل كلمة أن تكون بسيطة، ويحتمل أن المراد بالتزامه جعله لازما وأخذ الشارح هذا من القيد أعنى: الحال، فإنها قيد وشأن القيد اللزوم- كذا قرره شيخنا العدوى.

(قوله: متضمنتين) أى: مستلزمتين

(قوله: معنى التمنى) الإضافة بيانية

(قوله: ليس إفادة التمنى) فالتمنى ليس مقصودا بالذات، بل ليتوصل به إلى التنديم والتحضيض

(قوله: بل أن يتولد إلخ) فإن قلت ما المانع من جعل تركيبهما للتحضيض والتنديم من أول الأمر من غير توسط التمنى قلت: لو لم يضمنا معنى التمنى بعد التركيب للزم بناء مجاز على مجاز وهو ممنوع عند بعضهم وهذا منفى عند التضمين المذكور؛ لأن التمنى بالوضع التركيبى معنى حقيقى لهما بالوضع الثانى، وأجيب أيضا: بأن التنديم متعلق بالمضى والتحضيض بالمستقبل وهما مختلفان، فارتكب معنى التمنى واسطة؛ لأنه طلب فى المضى والاستقبال ليكون كالجنس لهما فيكون استعمال هذين الحرفين فى هذين المعنيين كاستعمال الكلى فى إفراده فيكون فى الحروف شبه تواطؤ، ولو جعل الحرفان المذكوران من أول الأمر للتنديم والتحضيض لاقتضى أنهما موضوعان لكل منهما بالاشتراك والتواطؤ أقرب من الاشتراك؛ لأن الأصل عدم تعدد الوضع، وإنما قلنا شبه إلخ؛ لأن التواطؤ الحقيقى إنما يتصور فى غير الحروف

(قوله: المتضمنين) بصيغة اسم الفاعل صفة للتمنى جرت على غير من هى له فلذا أبرز الضمير ولو قال أى: من معنى التمنى الذى تضمنتاه لكان أوضح

(قوله: فى الماضى) أى: مع الفعل الماضى

(قوله: التنديم)

ص: 317

نحو: هلا أكرمت زيدا) ولو ما أكرمته؛ على معنى: ليتك أكرمته؛ قصدا إلى جعله نادما على ترك الإكرام (وفى المضارع التحضيض؛ نحو: هلا تقوم) ولو ما تقوم على معنى: ليتك تقوم؛ قصدا إلى حثه على القيام. والمذكور فى الكتاب ليس عبارة السكاكى؛ لكنه حاصل كلامه. وقوله: لتضمينهما مصدر مضاف إلى المفعول الأول، ومعنى التمنى مفعوله الثانى، ووقع فى بعض النسخ: لتضمنهما على لفظ التفعل؛ وهو

===

أى: جعل المخاطب نادما ووجه التولد أن التمنى إنما يكون فى الأمور المحبوبة، فإذا فات الأمر المحبوب له ندم المخاطب عليه وإن كان مستقبلا حضه عليه، فإن قلت: إن محبة المتكلم للشىء لا تقتضى تنديم المخاطب عليه فكيف يتولد من طلب المحبوب التنديم- قلت: إن المتكلم إنما يحث المخاطب على الشىء لأجل شفقته عليه، فإذا ترك المخاطب ما هو محبوب للمتكلم ندمه عليه شفقة عليه- وكذا يقال فى التحضيض.

(قوله: نحو هلا أكرمت زيدا) أى: نحو قولك لمخاطبك بعد فوات إكرامه زيدا

(قوله: على معنى) أى: بمعنى ليتك أكرمته؛ وذلك لأن الفعل بعد فوات وقته لا يمكن طلب فعله فى وقته حقيقة نعم يمكن تمنيه لصيرورته محال، ولما فات وقت إمكانه مع ما فيه من الحكمة المقتضية للفعل المعلومة للمخاطب صار فى الكلام إشارة إلى أنه كان مطلوبا من المخاطب فعله فيصير المخاطب بسماع هذا الكلام المفيد لهذا المعنى نادما فقوله على معنى إلخ: إشارة إلى أصل التمنى، وقوله قصدا إلخ إشارة إلى تولد التنديم

(قوله: وفى المضارع) أى: ويتولد منه مع الفعل المضارع وكان المناسب أن يقول وفى المستقبل؛ لأن صيغة المضارع مع هذه حروف تحتمل الحال والاستقبال والتحضيض إنما يكون فى المستقبل، وأيضا صيغة المضارع إذا كانت بمعنى الماضى كانت تلك الحروف معها للتنديم

(قوله: التحضيض) أى: الحث على الفعل لإمكان وجوده

(قوله: نحو هلا تقوم إلخ) أى: نحو قولك فى حض المخاطب على القيام هلا تقوم

(قوله: على معنى) أى: بمعنى ليتك تقوم، وهذا إشارة إلى أصل التمنى، وقوله قصدا إلخ: إشارة إلى تولد التحضيض

(قوله: فى الكتاب) أى: المتن

(قوله: مصدر مضاف إلخ) أى: وتقدير الكلام

ص: 318

لا يوافق معنى كلام المفتاح وإنما ذكر هذا بلفظ كأن لعدم القطع بذلك (وقد يتمنى بلعل فتعطى حكم ليت) وينصب فى جوابه المضارع على إضمار أن (نحو:

لعلى أحج فأزورك بالنصب؛ لبعد المرجو عن الحصول)

===

لتضمين المتكلم هل ولو معنى التمنى أن لإلزامهما إفادة، ذلك لأن التضمين هو الإلزام

(قوله: لا يوافق معنى كلام المفتاح) أى: لأن التضمن عبارة عن الاشتمال، سواء كان على وجه الإلزام، أو لا وصاحب المفتاح عبر بالإلزام حيث قال مطلوبا بإلزام التركيب التنبيه على إلزام هل ولو معنى التمنى- كذا قرر بعضهم، وعبارة يس: عدم الموافقة من جهة أن صيغة التفعل تقتضى أن هلا ولولا يدلان على أمر زائد على التمنى بطريق الوضع- وليس كذلك، بل هما لا يدلان بطريق الوضع إلا على التمنى كما يدل عليه كلام المفتاح، ويحتمل أن عدم الموافقة من جهة أن كلام المفتاح يدل على أن دلالة هل ولو على التمنى بفعل فاعل وجعل جاعل، فيوافق النسخة التى فيها التضمين على لفظ التفعيل؛ لأن الإلزام فى كلامه فعل الملزم وهو المتكلم بخلاف التضمن على وزن التفعل، فإنه يقتضى أن دلالتهما على التمنى أمر ذاتى لا بفعل فاعل، فلا تكون هذه النسخة موافقة لكلام المفتاح

(قوله: لعدم القطع بذلك) أى: بالأخذ المذكور المقتضى لتركيبها لجواز أن يكون كل كلمة برأسها؛ لأن التصرف فى الحروف بعيد

(قوله: وقد يتمنى بلعل) التى هى موضوعة للترجى وهو ترقب حصول الشىء سواء كان محبوبا، ويقال له طمع نحو: لعلك تعطينا، أو مكروها ويقال له إشفاق نحو: لعلى أموت الساعة، فليس الترجى من أنواع الطلب فى الحقيقية؛ لأن المكروه لا يطلب

(قوله: وينصب فى جوابه المضارع إلخ) بيان لإعطائه حكم ليت، فلو استعملت لعل فى موضعها الأصلى وهو الترجى لم ينصب المضارع بعدها، ثم إن نصب المضارع بعد لعل لا يدل على أنها مستعملة فى التمنى إلا على مذهب البصريين الذين لا ينصبون المضارع فى جواب الترجى، إذ لا جواب له عندهم لا على مذهب الكوفيين الذين يثبتون له جوابا ويجوزون نصب المضارع فى جوابه

(قوله: لبعد المرجو) أى: وإنما يتمنى بلعل إذا كان المرجو كالحج فى المثال المذكور بعيد الحصول فاللام فى قوله لبعد المرجو متعلقة بقوله

ص: 319