المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الفصل لشبه كمال الانقطاع]: - حاشية الدسوقي على مختصر المعاني - جـ ٢

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌[أغراض الحذف]:

- ‌ ذكر المسند

- ‌[أغراض الإفراد]:

- ‌[أغراض كون المسند فعلا أو اسما]:

- ‌أغراض تقييد الفعل بمفعول ونحوه، وترك تقييد الفعل:

- ‌[ترك تقييد الفعل]:

- ‌[أغراض‌‌ تقييد الفعل بالشرط:إن وإذا ولو]:

- ‌ تقييد الفعل بالشرط:

- ‌[استطراد إلى التغليب]:

- ‌[أغراض التنكير]:

- ‌ تنكير المسند

- ‌[أغراض التخصيص بالإضافة والوصف وتركه]:

- ‌[تخصيص المسند بالإضافة أو الوصف]:

- ‌[غرض التعريف]:

- ‌(وأما تعريفه

- ‌[ترك تقييد المسند بالحال أو المفعول أو نحو ذلك]:

- ‌[أغراض كون المسند جملة]:

- ‌[كون المسند جملة للتقوّى]:

- ‌‌‌[أغراض التأخيروالتقديم]:

- ‌[أغراض التأخير

- ‌[تأخير المسند]:

- ‌[أغراض التقديم]:

- ‌[تقديم المسند]:

- ‌[[الباب الرابع: ] أحوال متعلقات الفعل]

- ‌[حال الفعل مع المفعول والفاعل]:

- ‌[أغراض تقديم المتعلقات على الفعل]:

- ‌[[الباب الخامس: ] القصر]:

- ‌[طرق القصر]:

- ‌[طريقة العطف]:

- ‌(ومنها النفى والاستثناء

- ‌[التقديم]:

- ‌[[الباب السادس: ] القول فى‌‌ الإنشاء]:

- ‌ الإنشاء]:

- ‌[أنواع الإنشاء]:

- ‌[الطلب]:

- ‌[ومن أنواع الطلب: التمني]:

- ‌[ومن أنواع الطلب: الاستفهام]:

- ‌[ومن أنواع الطلب: الأمر]:

- ‌[ومن أنواع الطلب: النهي]:

- ‌ومن أنواع الطلب: النداء

- ‌[[الباب السابع: ] الفصل والوصل]

- ‌[تعريف الفصل والوصل]:

- ‌[أحوال الوصل والفصل للاشتراك فى الحكم]:

- ‌[الفصل لعدم الاشتراك فى الحكم]:

- ‌[الوصل بغير الواو من حروف العطف]:

- ‌[الفصل لعدم الاشتراك فى القيد]:

- ‌[الفصل لكمال الانقطاع]:

- ‌[الفصل لكمال الانقطاع]:

- ‌[الفصل لشبه كمال الانقطاع]:

- ‌[الفصل لشبه كمال الاتصال]:

- ‌[الفصل لشبه كمال الانقطاع]:

- ‌[أنواع الاستئناف]:

- ‌[حذف صدر الاستئناف]:

- ‌[الوصل لدفع الايهام]:

- ‌[محسنات الوصل]:

- ‌[تذنيب]:

- ‌[الباب الثامن: الإيجاز والإطناب والمساواة]:

- ‌[إيجاز القصر]:

- ‌[إيجاز الحذف]:

- ‌[الإطناب]:

- ‌[ذكر الخاص بعد العام]:

- ‌[الإيجاز والإطناب النسبيان]:

الفصل: ‌[الفصل لشبه كمال الانقطاع]:

لأن الأولى وافية مع ضرب من القصور؛ باعتبار الإجمال وعدم مطابقة الدلالة فصارت كغير الوافية.

[الفصل لشبه كمال الانقطاع]:

(أو) لكون الثانية (بيانا لها) أى: للأولى (لخفائها) أى: الأولى

===

بالقول فمحلهما نصب، وحاصل الجواب أن ما ذكره المصنف من البيت مثال لكمال الاتصال بين الجملتين بسبب كون الثانية بدل اشتمال من الأولى بقطع النظر عن كون الجملتين لهما محل من الإعراب أو لا، وأجاب السيد بجواب آخر وحاصله: أن قوله ارحل لا تقيمن حكاية عما يقوله الشاعر فى زمان الاستقبال، وعلى هذا فهو مثال باعتبار المحكى ولا محل له من الإعراب

(قوله: لأن الأولى) أى: الجملة الأولى من القسمين بدل البعض وبدل الاشتمال

(قوله: باعتبار الإجمال) أى: العموم وهذا باعتبار ما مثل به للقسم الأول من الآية؛ لأن الجملة الأولى فيها دالة على النعم المذكورة بالعموم بخلاف الجملة الثانية فإنها تفوقها بدلالتها عليها بالخصوص

(قوله: وعدم مطابقة الدلالة) هذا بالنظر لما مثل به للقسم الثانى من البيت؛ وذلك لأن المقصود من قوله: ارحل لا تقيمن عندنا كمال إظهار الكراهة لإقامته ودلالة الجملة الأولى على ذلك المعنى باللزوم كما تقدم بيانه بخلاف الجملة الثانية فإنها تفوقها بدلالتها على ذلك بالمطابقة باعتبار الوضع العرفى.

(قوله: فصارت) أى: الأولى بالنسبة للثانية كغير الوافية هذا يقتضى أن المصنف لم يمثل لغير الوافية بل لما هو كغير الوافية، والأولى حمل الكلام على ما قلناه سابقا من أن غير الوافية هى التى أتبعت ببدل البعض والاشتمال، وأن التى هى كغير الوافية هى التى أتبعت ببدل الكل بناء على اعتباره فى الجمل، وإنما كان حمل الكلام على هذا أولى لما مر من أن غير الوافية هى التى صدر بها فيصرف التمثيل لها، وتكون التى هى كغير الوافية كالمستطردة باعتبار ما لم يذكره هو وذكره الغير.

[الفصل لشبه كمال الانقطاع]:

(قوله: لخفائها) أى: فالمقصود بالجملة الثانية بيان الأولى لما فيها من الخفاء مع اقتضاء المقام إزالته من غير أن يقصد بها استئناف الأخبار بنسبتها كما فى البدل والفرق بين البدل والبيان مع وجود الخفاء فى كل من المبدل منه والمبين أن المقصود فى البدل هو الثانى لا الأول، والمقصود فى البيان هو الأول والثانى توضيح له، فالإيضاح فى الأول حاصل غير

ص: 498

(نحو: فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى (1) فإن وزانه) أى: وزان: قالَ يا آدَمُ (وزان [عمر] فى قوله:

أقسم بالله أبو حفص عمر)

ما مسّها من نقب ولا دبر (2)

===

مقصود منه بالذات وحاصل مقصود من الثانى

(قوله: فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ إلخ) ضمن وسوس معنى ألقى فعدى بإلى، فكأنه قيل فألقى إليه الشيطان وسوسته، وهذه الجملة فيها خفاء، إذ لم تتبين تلك الوسوسة فبينت بقوله: قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى وأضاف الشجرة للخلد بادعاء أن الأكل منها سبب لخلود الآكل وعدم موته، ومعنى وملك لا يبلى: لا يتطرق إليه نقصان فضلا عن الزوال، واعترض على المصنف فى تمثيله بالآية بأن الظاهر أن جملة وسوس إلخ فى محل جر لعطفها على جملة قلنا المضافة لإذ من قوله تعالى: وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ (3) الآية، إلا أن يقال: إنه مثال لكمال الاتصال بين الجملتين بسبب كون الثانية بيانا بقطع النظر عن كون الأولى لها محل أو لا- تأمل.

(قوله: فإن وزانه إلخ) الملائم لما سبق فوزانه- اه أطول.

(قوله: ما مسها من نقب ولا دبر) النقب ضعف أسفل الخف فى الإبل، وضعف أسفل الحافر فى غيرها من خشونة الأرض والنقبة بالضم أول ما يبدو من الجرب قطعا متفرقة، والدبر جراحة الظهر.

وهذا البيت لأعرابى أتى عمر بن الخطاب فقال: إن أهلى بعيد وإنى على ناقة دبراء عجفاء نقباء استحمله فظنه كاذبا، فقال والله ما نقبت ولم يحمله، فانطلق الأعرابى فحل بعيره ثم استقبل البطحاء وجعل يقول وهو يمشى خلف بعيره:

أقسم بالله أبو حفص عمر

ما مسّها من نقب ولا دبر

اغفر له اللهمّ إن كان فجر

(1) طه: 120.

(2)

البيت لأعرابى كما فى عقود الجمان ص 179.

(3)

البقرة: 34.

ص: 499

حيث جعل الثانى بيانا وتوضيحا للأول فظهر أن ليس لفظ: قالَ بيانا وتفسيرا للفظ: (وسوس) حتى يكون هذا من باب بيان الفعل لا من بيان الجملة، بل المبين هو مجموع الجملة

===

أى: حنث فى يمينه وعمر مقبل من قبل الوادى فجعل يقول: إذا قال الأعرابى اغفر له اللهم إن كان فجر اللهم صدق حتى التقيا، فأخذ بيده فقال ضع عن راحلتك فوضع فإذا هى نقباء عجفاء فحمله على بعير وزوده وكساه- كذا فى الفائق.

(قوله: حيث جعل الثانى بيانا للأول) أى: فيهما فكما جعل عمر بيانا وتوضيحا لأبى حفص؛ لأنه كنية يقع فيها الاشتراك كثيرا كذلك وسوسة الشيطان بينت بالجملة بعدها مع متعلقاتها لخفاء تلك الوسوسة، واعترض على الشارح بأن ظاهره أن الجملة الثانية فى نحو:" فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم" إلخ عطف بيان فى الاصطلاح، وقد صرح فى المغنى بأن ما لا ينعت لا يعطف عليه عطف بيان؛ لأن عطف البيان فى الجوامد بمنزلة النعت فى المشتقات وأيده بالنقل عن ابن مالك وغيره، وقد تقدم أن الجملة لا تنعت بمثلها، اللهم إلا أن يقال: قول المغنى ما لا ينعت يعنى من المفردات لا يعطف عليه عطف بيان، وحينئذ فلا يعارض ما هنا- تأمل.

(قوله: فظهر أن ليس لفظ قال) أى: فقط وقوله للفظ وسوس أى: فقط، وقوله من باب بيان الفعل أى: بالفعل، (وقوله: بل المبين) هو بفتح الياء بصيغة اسم المفعول مجموع الجملة أى: وكذلك المبين بصيغة اسم الفاعل هو مجموع الجملة، وهذا جواب عما يقال اعتراضا على المصنف لم لا يجوز أن يكون البيان فى الآية المذكورة من باب بيان الفعل بالفعل فيكون البيان فى المفردات لا فى الجمل، وحينئذ فلا يصح التمثيل بالآية المذكورة ووجه ما ذكره الشارح من الظهور أنه إذا اعتبر مطلق القول بدون اعتبار الفاعل لم يكن بيانا لمطلق الوسوسة، إذ لا إبهام فى مفهوم الوسوسة فإنه القول الخفى بقصد الإضلال ولا فى مفهوم القول أيضا، بخلاف ما إذا اعتبر الفاعل، فإنه حينئذ يكون المراد منها فردا صادرا من الشيطان ففيه إبهام يزيله قول مخصوص صادر منه، وقال بعضهم: وجه الظهور أن القول أعم من الوسوسة؛ لأنها خصوص القول سرا والعام لا يبين الخاص، وفيه أن كون الثانى أعم من الأول لا يضر فى كونه

ص: 500

(وأما كونها) أى: الجملة الثانية (كالمنقطعة عنها) أى: عن الأولى (فلكون عطفها عليها) - أى: عطف الثانية على الأولى- (موهما عطفها على غيرها) مما ليس بمقصود، وشبه هذا بكمال الانقطاع باعتبار اشتماله على مانع من العطف، إلا أنه لما كان خارجا يمكن دفعه بنصب قرينة لم يجعل هذا من كمال الانقطاع

===

عطف بيان، إذ اللازم فيه حصول البيان باجتماعهما لا كون الثانى أخص من الأول- قاله عبد الحكيم، فإن قيل لم لا يجوز أن يكون القول المقيد بالمفعول بيانا للوسوسة المقيدة بكونها إلى آدم من غير اعتبار الفاعل فى كليهما فلا تكون الجملة عطف بيان للجملة؟ قلت: هذا ليس بشىء، إذ لا معنى لاعتبار الفعل المعلوم بدون الفاعل واعتباره مع المفعول

(قوله: وأما كونها كالمنقطعة عنها) فيجب فصلها عنها كما يجب الفصل بين كاملتى الانقطاع وهذا شروع فى شبه كمال الانقطاع، وحينئذ فكان المناسب لما تقدم أن يقول، وأما شبه كمال الانقطاع فلكون عطفها عليها إلخ

(قوله: موهما لعطفها على غيرها) أى: يوقع فى وهم السامع وفى ذهنه عطفها على غيرها ولو على سبيل الرجحان

(قوله: مما ليس بمقصود) أى: مما ليس بمقصود العطف عليه لأداء العطف عليه لخلل فى المعنى كما يتضح ذلك فى المثال الآتى، (وقوله: مما ليس إلخ) بيان لغيرها

(قوله: وشبه) هو بصيغة الفعل الماضى المبنى للفاعل أى: وشبه المصنف هذا أى: كون عطفها على السابقة موهما

(قوله: على مانع من العطف) أى: وهو إيهام خلاف المقصود، فإن قلت: إن كمال الاتصال فيه مانع من العطف فمقتضاه أن يسمى شبه كمال الانقطاع.

قلت: المراد أن العطف مع الإيهام مشتمل على مانع من العطف مع وجود المصحح له وهو التغاير الكلى بخلاف كمال الاتصال، فإن المصحح فيه منتف لعدم التغاير الكلى بين الجملتين فمن قال: إن المانع فى كمال الاتصال أيضا موجود فلا بد هنا من اعتبار قيد مع التغاير فى المعنى حتى تكون صورة الإيهام شبيهة بكمال الانقطاع فقد وهم

(قوله: إلا أنه) أى: ذلك المانع

(قوله: لما كان خارجا) أى: عن ذات الجملتين بخلاف المانع فى كمال الانقطاع فهو أمر ذاتى لا يمكن دفعه أصلا وهو كون إحداهما خبرية والأخرى إنشائية أو لا جامع بينهما.

ص: 501

(ويسمى الفصل لذلك قطعا، مثاله:

وتظنّ سلمى أنّنى أبغى بها

بدلا أراها فى الضّلال تهيم) (1)

فبين الجملتين مناسبة ظاهرة لاتحاد المسندين؛ لأن معنى: [أراها]: أظنها، وكون المسند إليه فى الأولى محبوبا، وفى الثانية محبا

===

(قوله: ويسمى الفصل) أى: ترك العطف، وقوله أى لأجل كون العطف موهما، أو لأجل دفع الإيهام، وقوله قطعا: مفعول يسمى الثانى، والأول نائب الفاعل الذى هو الفصل، ووجه تسميته بالقطع إما لقطعه لتوهم خلاف المراد، وإما لأن كل فصل قطع فيكون من تسمية المقيد باسم المطلق

(قوله: مثاله) أى: مثال الفصل لدفع الإيهام المسمى بالقطع وعبر بالمثال دون الشاهد لأجل قوله: ويحتمل الاستئناف؛ لأن الاحتمال لا يضر فى المثال ويضر فى الشاهد

(قوله: أبغى بها بدلا) الباء للمقابلة فما قيل: إنها بمعنى عنها متعلق بمحذوف حال من بدلا، والمعنى: اطلب بدلا عنها تكلف مستغنى عنه

(قوله: أراها) بصيغة المجهول شاع استعماله بمعنى الظن، وأصله أرانى الله إياها تهيم فى الضلال ثم بنى للمجهول، وحينئذ فالضمير المستتر فى أراها الذى هو نائب الفاعل مفعول أول، والهاء مفعول ثان، وجملة تهيم مفعوله الثالث، وإنما جعل الشاعر ضلالها مظنونا مع أن المناسب دعوى اليقين؛ لأنه إذا علم فساد ظنها به هذا الأمر كان متحققا لفساد ظنها رعاية لمقابلة الظن بالظن أو للتأدب عن نسبة الضلال إليها على طريق اليقين

(قوله: تهيم) يقال: هام على وجهه يهيم هيما وهيمانا ذهب فى الأرض من العشق وغيره

(قوله: فبين الجملتين) أى: الخبريتين أعنى قوله: وتظن سلمى، وقوله أراها فى الضلال تهيم، وحاصل كلامه أن هاتين الجملتين بينهما مناسبة لوجود الجهة الجامعة وهى الاتحاد بين مسنديهما وهو تظن وأرى؛ لأن معنى أرى أظن وشبه التضايف بين المسند إليه فيهما وهو ضمير تظن وأراها المستتر فيهما، فإن الأول عائد على سلمى وهى محبوبة، والثانى عائد على الشاعر وهو محب، وكل من المحب والمحبوب يشبه أن يتوقف تعقله على تعقل الآخر، إلا أنه ترك العطف لمانع، واعترض على الشارح فى قوله:

(1) البيت لأبى تمام، أورده محمد بن على الجرجانى فى الإشارات ص 29/ 2 غير منسوب، والمفتاح ص 261، ومعاهد التنصيص 1/ 279، والمصباح ص 58، وعقود الجمان ص 181.

ص: 502

لكن ترك العاطف لئلا يتوهم أنه عطف [أبغى] فيكون من مظنونات [سلمى](ويحتمل الاسئناف) كأنه قيل:

===

فبين الجملتين مناسبة ظاهرة بأن هذا ينافى ما تقدم له من أن الوصل يقتضى مغايرة ومناسبة، والمناسبة لا تناسب كمال الانقطاع ولا شبهه، وأجيب بأن المناسبة التى لا تناسبه هى المصححة للعطف بخلاف التى معها الإيهام المنافى للعطف فيصح وجودها فيه

(قوله: لكن ترك العاطف لئلا يتوهم أنه) أى: الجملة الثانية وذكر الضمير باعتبار أنها كلام، وحاصله أنه لو عطف جملة أراها على جملة تظن سلمى لكان صحيحا، إذ لا مانع من العطف عليه، إذ المعنى حينئذ أن سلمى تظن كذا وأظنها كذا، وهذا المعنى صحيح ومراد للشاعر، إلا أنه قطعها ولم يقل: وأراها لئلا يتوهم السامع أنها عطف على أبغى، وحينئذ يفسد المعنى المراد، إذ المعنى حينئذ أن سلمى تظن أننى أبغى بها بدلا وتظن أيضا أننى أظنها أيضا تهيم فى الضلال وليس هذا مراد الشاعر؛ لأن مراده أننى أحكم على سلمى بأنها أخطأت فى ظنها أنى أبغى بها بدلا ويدل على أن مراده ما ذكر قوله قبل ذلك:

زعمت هواك عفا الغداة كما عفا

عنها طلال باللوى ورسوم (1)

فإن قلت هذا التوهم باق بعد القطع؛ لأنه يجوز أن يكون أراها خبرا؛ لأن بعد خبر أو حالا أو بدلا من أبغى ففى كل من الفصل والوصل إيهام خلاف المراد، وحينئذ فلا يتجه تعليل الفصل بإيهام الوصل- خلافه- قلت: هذا مدفوع؛ لأن الأصل فى الجمل الاستقلال، وإنما يصار إلى كونها فى حكم المفرد إذا دل عليه الدليل على أن الشيخ عبد القاهر نص على أن ترك العطف بين الجمل الواقعة أخبارا لا يجوز- أفاده المولى عبد الحكيم.

(قوله: ويحتمل) أى: قوله أراها فى البيت المذكور الاستئناف أى: كما يحتمل أن يكون غير استئناف وعلى هذا الاحتمال فتكون من شبه كمال الاتصال، والحاصل أن جملة أراها فى الضلال يحتمل أن تكون غير استئناف بأن يقصد الإخبار بها كالتى قبلها من غير تقدير سؤال تكون جوابا عنه فيكون المانع من العطف هو الإيهام السابق،

(1) البيت لأبى تمام أورده محمد بن على الجرجانى فى الإشارات ص 129، غير منسوب والمفتاح ص 261، ومعاهد التنصيص 1/ 279، والمصباح ص 58، وعقود الجمان ص 181.

ص: 503