الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والاتفاق، والباء للملابسة.
[الإطناب]:
(والإطناب: إما بالإيضاح بعد الإبهام ليرى المعنى فى صورتين مختلفتين) إحداهما مبهمة والأخرى موضحة، وعلمان خير من علم واحد.
(أو ليتمكن فى النفس فضل تمكن)
…
===
على ما مر وفى بعض النسخ، إذ مقارنة إلخ وهى لا تناسب
(قوله: والاتفاق) عطف تفسير
(قوله: والإطناب إما بالإيضاح إلخ) أى يحصل إما بالإيضاح إلخ، وسيأتى مقابله فى قوله: وإما بذكر الخاص إلخ، فذكر أمور تسعة يتحقق بها الإطناب آخرها قوله: وإما بغير ذلك، فذكر ثمانية أمور تصريحا، والتاسع إجمالا فيما أحال عليه، وتقدم أن من جملة أسراره بسط الكلام حيث الإصغاء مطلوب، وأن حقيقته أن يزاد فى الكلام على أصل المراد لفائدة، والمراد بالإيضاح بيان شىء من الأشياء بعد إبهامه
(قوله: ليرى المعنى) أى: ليرى السامع المعنى أى: ليدركه، فالمراد بالرؤية هنا الإدراك- كذا فى ابن يعقوب، وهو يقتضى أن يرى مبنى للفاعل وهو غير متعين لجواز كونه مبنيا للمفعول أى: لأجل أن يرى المتكلم المخاطب المعنى فى صورتين مختلفتين وهذا أمر مستحسن؛ لأنه كعرض الحسناء فى لباسين
(قوله: والأخرى موضحة) أى: ظاهرة وجعل الإيضاح بعد الإبهام لهذه النكتة بقطع النظر عما يلزمها من التمكن فى النفس وكمال اللذة وإلا رجعت تلك النكتة للنكتتين بعدها
(قوله: وعلمان إلخ) هذا مرتبط بمحذوف، والأصل: وإدراك الشىء من جهة الإبهام ثم من جهة التفصيل علمان، وعلمان خير من علم واحد، وهذا إشارة إلى ضرب مثل سائر، وأصل هذا الكلام أن رجلا وابنه سلكا طريقا- فقال الرجل لابنه: يا بنى ابحث لنا عن الطريق فقال له: إنى عالم، فقال: يا بنى علمان خير من علم واحد أى إضافة علم إلى علمك خير من استقلالك بعلمك، ثم صار يضرب فى مدح المشاورة والبحث عن الأمور
(قوله: أو ليتمكن) عطف على قوله ليرى أى: أن الإيضاح بعد الإبهام يكون ليرى السامع المعنى فى صورتين، أو ليتمكن ذلك المعنى الموضح بعد إبهامه فى نفس السامع زيادة تمكن، وذلك عند اقتضاء المقام
لما جبل الله النفوس عليه من أن الشىء إذا ذكر مبهما ثم بين كان أوقع عندها.
(أو لتكمل لذة العلم به) أى: بالمعنى لما لا يخفى من أن نيل الشىء بعد الشوق والطلب ألذ (نحو: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (1)
…
===
ذلك التمكن لكون المعنى ينبغى أن يملأ به القلب لرغبة أو لرهبة أو أن يحفظ لتعظيم وعدم استهزاء أو عمل به، وقوله: أو ليتمكن إلخ أى: مع قطع النظر عن كمال اللذة وإن كان حاصلا
(قوله: لما جبل الله إلخ) أى: وإنما كان فى الإيضاح بعد الإبهام زيادة التمكن لما جبل الله النفوس أى: طبعها عليه، وقوله: من أن الشىء إلخ: بيان لما قال الشيخ يس، وهل الشىء واقع على اللفظ أو المعنى، والظاهر صحة كل منهما- ا. هـ.
والأولى وقوعه على المعنى؛ لأنه المقصود بالذات ويكون ذكره بذكر داله، وقوله: كان أوقع عندها أى: من أن يبين أولا، فالمفضل عليه محذوف وضمير عندها راجع للنفس، وإنما كان أوقع عندها؛ لأن الإشعار بالشىء إجمالا يقتضى التشوق له، والشىء إذا جاء بعد التشوق يقع فى النفس فضل وقوع، ويتمكن فضل تمكن لما مر من أن الحاصل بعد الطلب أعز من المنساق بلا تعب.
(قوله: أو لتكمل لذة العلم به) يعنى للسامع بسبب إزالة ألم الحرمان الحاصل بسبب عدم علمه بتفصيله؛ وذلك لأن الإدراك لذة والحرمان منه مع الشعور بالمجهول بوجه ما ألم فإذا حصل له العلم بتفصيله ثانيا حصل له لذة كاملة؛ لأن اللذة عقب الألم أتم من اللذة التى لم يتقدمها ألم إذ كأنها لذتان لذة الوجدان ولذة الخلاص عن الألم
(قوله: من أن نيل الشىء) أى: حصول الشىء للشخص، وقوله بعد الشوق أى: بعد التشوق الحاصل من الإشعار بالشىء إجمالا وعطف الطلب عليه من عطف اللازم
(قوله: ألذ) أى: من نيله بدون ذلك؛ لأن فيه لذتين لذة الحصول، ولذة الراحة بعد التعب
(قوله: نحو: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي) هذا المثال صالح لكل من النكات الثلاثة، فالإيضاح فيه بعد الإبهام على ما بينه المصنف إما ليرى المعنى فى صورتين مختلفتين أو ليتمكن المعنى فى قلب السامع، أو لتكمل له لذة العلم به، وفيه أن المخاطب
(1) طه: 25.
فإن اشْرَحْ لِي يفيد طلب شرح لشىء ما له)
…
===
بهذا الكلام هو الرب تعالى وتقدس، ولا يصح أن يقال: إن موسى خاطبه بما يفيده علمين هما بالنسبة إليه خير من علم واحد، ولا يصح أن يقال: إنه خاطبه بما فيه تمكن المعنى فى ذهن السامع ولا أنه خاطبه بما يفيد كمال لذة العلم للمخاطب، وأجاب الفنرى بأن جعل المثال المذكور صالحا للنكات الثلاثة باعتبار الشأن يعنى أن هذا التركيب فى ذاته من شأنه أن يفيد الأغراض الثلاثة فهو بحيث لو خوطب به غير الرب أمكن فيه ما ذكر وإن امتنع اعتبارها فى بعض المواضع كما فى الآية، وتحقيقه أن القرآن نزل على أسلوب العرب فلا بد أن يكون فى نفسه بحيث يفيد ما لو خوطب به بليغ ما لأفاده مع قطع النظر عن خصوصية المخاطب- اه كلامه، ورده العلامة اليعقوبى قائلا هذا الجواب لا يصح؛ لأن أصل الكلام أن يؤتى به لما أراده المتكلم به وإلا لم يوثق بمفاد الكلام لإمكان تحويله إلى مقصود آخر، بل الجواب أن المراد لازم ما تقدم لعدم إمكان ظاهره وسوق الكلام لعلمين من لازمه الاهتمام به المستلزم للتأكيد فى السؤال وكمال الرغبة فى الإجابة، وكذا سوقه للتمكين واللذة من لازمه الاهتمام المستلزم لكمال الرغبة فى الإجابة وكمال الرغبة والتأكيد فى السؤال مناسبان فى المقام؛ لأن بالإجابة يتمكن السائل من الامتثال على أكمل وجه كما لا يخفى
(قوله: فإن اشرح إلخ) هذا الكلام يشعر بأن قوله لى ظرف مستقر وقع صفة لمحذوف أى: اشرح شيئا كائنا لى، ثم فسر الشىء بالبدل منه بقوله صدرى، وعلى هذا فجعل الآية من قبيل الإجمال والتفصيل واضح؛ لأنه طلب أولا شرح شىء على وجه الإجمال، ثم بينه بعد ذلك، ويحتمل وهو الظاهر؛ لأن الأول يستدعى تقديرا والأصل عدمه أن المجرور متعلق باشرح أى: اشرح لأجلى صدرى، وعلى هذا فيحتمل أن يجعل المقصود زيادة الربط أى: إن أصل الكلام اشرح صدرى، ثم زيدت اللام لزيادة ربط اشرح بنفسه والتأكيد، وعلى هذا الاحتمال فلا إجمال، ويحتمل أن يجعل من قبيل الإجمال والتفصيل؛ وذلك لأن قوله: اشرح لأجلى يفيد طلب شىء يشرح؛ لأن الشرح يستدعى مشروحا لكنه مبهم، ثم فسر ذلك المشروح بقوله: صدرى، ويرد على هذا الاحتمال أن الإجمال
أى: للطالب (وصَدْرِي يفيد تفسيره) أى: تفسير ذلك الشىء.
(ومنه) أى: من الإيضاح بعد الإبهام (باب: نعم؛ على أحد القولين) أى:
قول من يجعل المخصوص خبر مبتدأ محذوف
…
===
والتفصيل حاصلان بمجرد اشرح صدرى بدون زيادة لى؛ لأن الشرح يستدعى مشروحا مبهما كما علمت، والجواب أن قولك: اشرح ليس فيه تعرض لذكر المفعول أصلا، ولا بد فى الإجمال والتفصيل من التعرض فى العبارة للمبهم الذى يراد تفسيره وتفصيله، وإلا لم يكن من الإجمال والتفصيل وإن ذكر ما يستلزمه، ولذا لم يكن فى قام زيد إجمال وتفصيل وإن استلزم الفعل الفاعل، وكذا ضربت زيدا وإن كان الفعل المتعدى يستلزم مفعولا به، بخلاف قولك: اشرح لى أى لأجلى، إذ يفهم منه أن المشروح أمر متعلق به فى الجملة فيقع صدرى تفسيرا له وسر ذلك أنه إذا وقع فى الكلام تعرض للمبهم تشوقت النفس إلى بيانه، بخلاف ما إذا لم يقع له تعرض للعلم بأنه سيجىء فلا يحصل فى النفس زيادة طلب له- اه يس.
(قوله: أى للطالب) هو موسى- عليه الصلاة والسلام.
(قوله: أى من الإيضاح بعد الإبهام) لم يقل أى: من الإطناب للإيضاح بعد الإبهام، مع أنه الأنسب للسياق اختصارا- اه فنرى.
(قوله: باب نعم) أى: أفعال المدح والذم نحو: نعم الرجل زيد، وبئست المرأة حمالة الحطب، ولا يخفى أن عد باب نعم منه على ما هو الأغلب، وإلا فقد يقدم المخصوص
(قوله: أى قول من يجعل إلخ) أى: والجملة مستأنفة للبيان، وكذا على قول من يجعل المخصوص مبتدأ محذوف الخبر، وكلام المصنف صادق بهذا القول كما أنه صادق بما قاله الشارح، لكن الشارح ترك التنبيه على هذا القول لضعفه عندهم بما هو معلوم فى محله، والحاصل أن الكلام يكون على كل من القولين جملتين إحداهما مبهمة والأخرى موضحة، وأما على قول من يجعل المخصوص مبتدأ قدم عليه خبره فلا يكون من الإيضاح بعد الإبهام؛ لأن الكلام عليه جملة واحدة، والمخصوص فيها مقدم فى التقدير، وأل فى الفاعل حينئذ للعهد، ثم اعلم أن الإيضاح بعد الإبهام على القول الذى ذكره الشارح إنما يأتى إذا كان المقصود مدح
(إذ لو أريد الاختصار) أى: ترك الإطناب (كفى: نعم زيد) وفى هذا إشعار بأن الاختصار قد يطلق على ما يشمل المساواة أيضا.
(ووجه حسنه) أى: حسن باب: نعم (سوى ما ذكر)
…
===
زيد ومدح الجنس من أجله، أما إذا قلنا: إن المقصود مدح الجنس وزيد منه فلا يأتى ذلك
(قوله: إذ لو أريد الاختصار) أى: فى قولهم مثلا: نعم الرجل زيد، وهذا علة لكون باب نعم من الإطناب الذى فيه إيضاح بعد إبهام
(قوله: أى ترك الإطناب) هذا جواب عما يقال: الأولى أن يقول إذ لو أريد المساواة؛ لأن نعم زيد مساواة لا أنه اختصار وإيجاز، وحاصل الجواب أن مراد المصنف بالاختصار ترك الإطناب الصادق بالمساواة المرادة هنا بشهادة قوله: نعم زيد، إذ لا إيجاز فيه بل هو مساواة
(قوله: كفى نعم زيد) أى: كفى أن يقال ذلك بالنسبة إلى متعارف الأوساط وإن كان هذا التركيب فى نفسه ممتنعا؛ لأنه يجب فى فاعل نعم أن يكون بأل أو مضافا لما فيه أل أو ضميرا مفسرا بتمييز- كذا قال الشيخ يس، وفيه أن الإطناب إنما يكون بعد إفادة المعنى بالنسبة للأوساط، وتقدم أن المراد بهم الذين يفيدون المعنى بتراكيب موافقة للعربية من غير ملاحظة النكات التى تراعيها البلغاء، وفى ابن يعقوب أن المراد بقولهم: كفى نعم زيد أى: كفى أن يقال ذلك فى تأدية أصل المساواة لو أريدت وإن كان هذا الكلام لا يجوز أن يقال فى العربية وتأمله، واعلم أن الإيضاح بعد الإبهام الكائن فى باب نعم يصح اعتبار النكات الثلاثة المتقدمة فيه فيصح أن يقصد به إرادة المعنى فى صورتين مختلفتين، وأن يقصد به زيادة تمكين الممدوح فى القلب وذلك من زيادة مدحه وأن يقصد به كمال لذة العلم به حيث يراد إمالة السامع لهذا الكلام فتتم محبته للممدوح
(قوله: وفى هذا) أى: قول المصنف إذ لو أريد الاختصار
(قوله: بأن الاختصار) أى:
بأن لفظ الاختصار
(قوله: وقد يطلق) أى: كما هنا؛ لأن نعم زيد لا إيجاز فيه بل هو مساواة، وقوله على ما يشمل المساواة أى: على ترك الإطناب الشامل للمساواة أى:
وللإيجاز، وقوله أيضا أى: كما يطلق على الإيجاز المقابل للإطناب والمساواة.
(قوله: ووجه حسنه) أى: حسن الإطناب فيه
(قوله: سوى ما ذكر) حال من وجه أى: حالة كون ذلك الوجه غير ما مر من الإيضاح بعد الإبهام الذى له العلل الثلاثة
من الإيضاح بعد الإبهام (إبراز الكلام فى معرض الاعتدال) من جهة الإطناب بالإيضاح بعد الإبهام، والإيجاز بحذف المبتدأ (وإيهام الجمع بين المتنافيين) الإيجاز والإطناب، وقيل: الإجمال والتفصيل، ولا شك أن إيهام الجمع بين المتنافيين من الأمور
…
===
المتقدمة
(قوله: من الإيضاح إلخ) بيان لما ذكر
(قوله: إبراز الكلام إلخ) هذا مع ما بعده سوى ما ذكر فيكون باب نعم مشتملا على ثلاثة أمور كلها موجبة لحسنه، وقوله إبراز الكلام أى: إظهار الكلام الكائن من باب نعم
(قوله: فى معرض الاعتدال) أى:
فى صورة الكلام المعتدل أى: المتوسط بين الإيجاز المحض، والإطناب المحض، فالمصدر بمعنى اسم الفاعل ويصح إبقاء المصدر وهو الاعتدال على حاله ويقدر مضاف أى: ذى الاعتدال أى: الكلام صاحب الاعتدال
(قوله: من جهة الإطناب) أى: فليس فيه إيجاز محض وهو متعلق بمعرض
(قوله: بالإيضاح بعد الإبهام) أى: حيث قيل: نعم رجلا زيد ولم يقل نعم زيد، والباء فى قوله بالإيضاح: للتصوير
(قوله: بحذف المبتدأ) أى: الذى هو صدر الاستئناف، وحينئذ فليس فيه إطناب محض، وحاصله أن نعم الرجل زيد ليس من الإيجاز المحض لوجود الإطناب بالإيضاح بعد الإبهام ولا من الإطناب المحض لما فيه من الإيجاز بحذف جزء الجملة، وحينئذ فهو كلام متوسط بين الإيجاز المحض والإطناب المحض، هذا ويصح أن يكون مراد المصنف أن فى باب نعم إبراز الكلام فى صورة الكلام المعتدل أى: المستقيم الذى ليس فيه ميلان لمحض الإيضاح ولا لمحض الإبهام، أما كونه ليس من الإيضاح المحض فلما فيه من الإيجاز بحذف المبتدأ أو الخبر، وأما كونه ليس من الإبهام المحض فلما فيه من الإطناب بذكر المخصوص الذى وقع به الإيضاح.
(قوله: وإيهام الجمع إلخ) هذان الوجهان أعنى: بروز الكلام فى معرض الاعتدال وإيهامه الجمع بين متنافيين مفهومهما مختلف متلازمان صدقا وكل مما يستغرب وتستلذ به النفس
(قوله: وقيل الإجمال إلخ) أى: وقيل إن المراد بالمتنافيين الإجمال والتفصيل، وحكاه بقيل لما يرد عليه أن الإجمال والتفصيل يرجع للإيضاح بعد الإبهام فيكون عين ما تقدم فلا يصح قول المصنف سوى ما ذكر- اللهم إلا أن يقال إن مراد المصنف
المستغربة التى تستلذها النفس، وإنما قيل: إيهام الجمع؛ لأن حقيقة جمع المتنافيين أن يصدق على ذات واحدة وصفان يمتنع اجتماعهما على شىء واحد فى زمان واحد من جهة واحدة؛ وهو محال.
(ومنه) أى: من الإيضاح بعد الإبهام (التوشيع؛ وهو) فى اللغة: لف القطن المندوف، وفى الاصطلاح:
…
===
إجمال وتفصيل بغير الوجه السابق من الوجوه الثلاثة المتقدمة، والإيضاح بعد الإبهام باعتبار ما فيه من فوائد أخرى غيره باعتبار ما فيه من الأمور الثلاثة المتقدمة، ولك أن تقول: هو على هذا القيل أيضا غير ما تقدم؛ لأن إيهام الجمع بين الإجمال والتفصيل غير نفس الإجمال والتفصيل- كذا فى سم.
(قوله: المستغربة) أى: المستظرفة لغرابتها؛ وذلك لأن الجمع بين متنافيين كإيقاع المحال وهو مما يستغرب، والأمر الغريب تستلذ به النفس، فإن قلت: هل الجمع المذكور من البديع أو المعاني؟ قلت: يمكن الأمران لمناسبة المقام وعدمه، فإن كان الإتيان به مناسبا للمقام بأن اقتضى المقام مزيد التأكيد فى إمالة قلب السامع كان من المعانى، وإن قصد المتكلم بالجمع المذكور مجرد الظرافة والحسن كان من البديع
(قوله: أن يصدق) أى: أن يتحقق
(قوله: من جهة واحدة) أى: والجهة هنا ليست كذلك؛ وذلك لأن الإيجاز من جهة حذف المبتدأ والإطناب من جهة ذكر الخبر بعد ذكر ما يعمه فقد انفكت الجهة
(قوله: وهو محال) أى: والصدق المذكور محال أى: لا يصدق العقل بوقوعه لما فيه من اجتماع الضدين المؤدى إلى اجتماع النقيضين وهو باطل بالبداهة
(قوله: لف القطن) أى: وما فى معناه على الظاهر، والمراد بلفه جمعه فى لحاف أو نحوه ووجه مناسبة المعنى الاصطلاحى الآتى لهذا المعنى اللغوى ما بينهما من المشابهة؛ وذلك لأن الإتيان بالمثنى أو الجمع شبيه بالندف فى شيوعه وعدم الانتفاع به انتفاعا كاملا؛ لأن التثنية والجمع فيهما من الإبهام ما يمنع النفع بالفهم أو يقلله، والتفسير بالاسمين شبيه باللف فى عموم الشيوع والانتفاع، فكما أن القطن ينتفع به كمال الانتفاع بلفه فى لحاف أو غيره، فكذلك بيان التثنية والجمع يحصل به كمال الانتفاع، والحاصل أن
(أن يؤتى فى عجز الكلام بمثنى مفسر باسمين ثانيهما معطوف على الأول؛ نحو:
" يشيب ابن آدم
…
===
اللف بمنزلة التفسير بجامع كمال الانتفاع والندف بمنزلة الإتيان بالمثنى بجامع عدم كمال الانتفاع، فاندفع بهذا ما قيل: إن المعنى الاصطلاحى على عكس المعنى اللغوى؛ لأن الإتيان بالمثنى بمنزلة لف القطن بجامع الضم والجمع، وتفسيره بالاسمين بمنزلة الندف بجامع التفريق والندف فى المعنى اللغوى مقدم على اللف، والإتيان بالشىء الذى هو بمنزلة اللف فى المعنى الاصطلاحى مقدم على التفسير الذى هو بمنزلة الندف فيكون فى المعنى الاصطلاحى قلب بالنظر للمعنى اللغوى، وحاصل الجواب منع اعتبار القلب بما ذكرناه من الاعتبار وكتب بعضهم ما نصه: وجه المناسبة بين المعنى اللغوى والاصطلاحى أن فى الاصطلاحى لفا وندفا أى: تفرقة وتفصيلا وإن كان فيه اللف سابقا على الندف عكس اللغوى
(قوله: أن يؤتى إلخ) ظاهره أن التوشيع نفس الإتيان، وعليه فقوله نحو يشيب إلخ: فيه حذف، والأصل نحو الإتيان فى قوله: يشيب إلخ، قال يس: والأقرب أن التوشيع يطلق على المعنى المصدرى وعلى الكلام، وإنما حمله الشيخ على المعنى المصدرى؛ لأن المصنف جعله من الإيضاح بعد الإبهام، والإيضاح مصدر كما لا يخفى
(قوله: فى عجز الكلام).
قال اليعقوبى ينبغى أن يزاد أو فى أوله أو فى وسطه؛ لأن تخصيص التوشيع بالعجز لم يظهر له وجه؛ لأن الإيضاح بعد الإبهام حاصل بما ذكر أولا ووسطا وآخرا، وكأن المصنف راعى أن أكثر ما يقع فى تراكيب البلغاء الإتيان بما ذكر فى عجز الكلام، ولا يخفى جريان الأسرار السابقة فى هذا التوشيع من تقرر علمين فأكثر والتمكن فى النفس وكمال لذة العلم
(قوله: بمثنى) أى: أو جمع كقولك: إن فى فلان ثلاث خصال حميدة الكرم والشجاعة والحلم
(قوله: مفسر) أى: ذلك المثنى باسمين أو مفسر ذلك الجمع بأسماء
(قوله: نحو يشيب إلخ) لم يقل نحو قوله عليه الصلاة والسلام:
يشيب إلخ؛ لأنه رواية للحديث بالمعنى، ولفظ الحديث كما قال فى جامع الأصول:
" يهرم ابن آدم ويشب معه اثنتان الحرص على المال والحرص على العمر" وعبارة السيوطى