الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول: جواز غيبة أهل البدع
369 -
حدثنا أحمد بن نصر قال: حدثنا عبد الله بن غالب وعمر بن هارون، عن الربيع بن صبيح، عن الحسن قال: ليس لأهل البدع غيبة
(1)
.
370 -
حدثنا محمد بن عبد الرحمن قال: حدثنا أبو أسامة، عن زائدة، قال: قلت لمنصور
(2)
: يا أبا عتاب يصوم أحدنا ينتقص الذين
(1)
مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 318).
الإسناد فيه: عبد الله بن غالب: مستور. التقريب (ص 259). وعمر بن هارون: متروك التقريب (ص 355)، والربيع بن صَبيح: صدوق سيء الحفظ تقدم في الأثر (349).
وأخرجه اللالكائي في شرح الاعتقاد (280) من طريق روح عن الربيع بن صبيح به، والبيهقي في شعب الإيمان (5/ 319) من طريق الحجاج بن محمد عن الربيع بن صبيح به، وابن أبي الدنيا في كتاب الغيبة والنميمة (ص 79) من طريق علي بن الجعد عن الربيع بن صبيح به، و أبو إسماعيل الهروي في ذم الكلام وأهله (رقم 699) من طريق يزيد بن هارون عن محمد بن صبيح عن الحسن به. فيكون الأثر بهذه المتابعات حسنًا.
(2)
منصور بن المعتمر: تقدمت ترجمته في الأثر (259).
يبغضون أبا بكر وعمر؟ قال: نعم
(1)
(2)
.
371 -
حدثنا الأخضر قال حدثنا عارم
(3)
قال: حدثنا خالد
(4)
سمعت عبيد الله
(5)
يقول في غيبة الخوارج والسلطان الذي قد أعلن
(6)
: لم نر لهم غيبة، فأما من يعلم أنه مذنب وهو يحب لأن يستتر، فرأى ذلك منهم غيبة
(7)
.
372 -
حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب قال: حدثنا زياد بن الربيع،
(1)
أي: أن الطعن في المبتدعة لا يعتبر من الغيبة المحرمة التي تنقص من أجر الصوم، بل هو من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
(2)
مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 438).
وأخرجه الخلال في السنة (789) بإسناد حرب الكرماني، وقال محققه إسناده حسن.
(3)
محمد بن الفضل السدوسي، لقبه عارم، ثقة، ثبت، تغير في آخر عمره. التقريب (ص 436).
(4)
خالد بن الحارث بن عبيد بن سليم الهجيمي تقدم في الأثر (333).
(5)
عبيد الله بن الحسن العنبري البصري تقدمت ترجمته في الأثر (196).
(6)
وهذا في معرض السؤال، فلو سُئل عن السلطان، فله أن يبين حاله بحسب المصلحة دون التشهير به، والله أعلم.
(7)
مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 319).
الإسناد فيه: الأخضر، لم يتبين لي من هو. ولم أجد من أخرجه.
عن عبد الرحمن بن أذينة
(1)
قال: حدثنا أشياخنا قال: ثلاثة لا حرمة لهم ولا غيبة، الوالي الظالم الجائر، والفاسق المعلن بفسقه، وصاحب البدعة
(2)
.
373 -
حدثنا محمد بن عبد الرحمن الجعفي قال: حدثنا حسين بن علي، عن هانئ بن أيوب قال: سألت محارب بن دثار
(3)
عن غيبة الرافضة؟ فقال: إنهم إذًا لقومٌ صُدُق. قال: حسبي، أي لم ير بغيبتهم بأسًا
(4)
.
(1)
عبد الرحمن بن أُذَينة العبدي الكوفي، قاضي البصرة، ثقة. التقريب (ص 278).
(2)
مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 318).
رجال إسناده ثقات.
وقد جاءت آثار عن بعض السلف في ذلك، فمنها ما أخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الصمت (ص 145) عن الحسن أنه قال:"ثلاثة ليس لهم غيبة: صاحب هوى، والفاسق المعلن بالفسق، والإمام الجائر". ومثله عن ابن عيينة في الشعب للبيهقي (5/ 318)، وعن يحيى بن أبي كثير في كتاب "ذم الكلام وأهله" لأبي إسماعيل الهروي (رقم 700) وغيرهم.
(3)
محُارِب بن دِثَار السدوسي الكوفي القاضي، ثقة، إمام، زاهد، مات سنة (116). التقريب (ص 454).
(4)
مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 438). =
374 -
وسألت محمد بن بشار قلت: الرجل يغتاب أهل البدع؟ قال ليست لهم غيبة ولا يعجبني، وأما قولك إن فلانا صاحب بدعة فليس هذا غيبة، وكذلك قولك في الحديث كان فلان يغلط وفلان كان أثبت من فلان ونحو هذا فليس هذا غيبة، ولكنه شيء تبينه للناس. قلت: فإن قال رجل: كان عمرو بن عبيد رجل سوء، وكان عباد بن صهيب رجل سوء؟ فكأنه رخص فيه
(1)
.
= الإسناد فيه: هانئ بن أيوب الحنفي، مقبول. التقريب (ص 501).
وأخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت (ص 142)، وفي الغيبة والنميمة (ص 90) من طريق حسين بن علي به.
(1)
مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 318).
وأخرج الجملة الأولى منه أبو إسماعيل الهروي في ذم الكلام (رقم 696).
التعليق: الغيبة: هي -كما عرفها النبي صلى الله عليه وسلم: "ذكرك أخاك بما يكره". رواه مسلم (2589). ولا شك أن غيبة المسلم لأخيه محرمة، كما في هذا الحديث وغيره. إلا أن هناك حالات قد أباح الشرع فيها الغيبة، من أجل المصلحة المترتبة على ذلك، وقد ذكر بعض العلماء أنها ستة حالات، جمعها الناظم في قوله: القدح ليس بغيبة في ستة: متظلم ومعرف ومحذر ومجاهر فسقا ومستفتٍ ومن طلب الإعانة في إزالة منكر. انظر كتاب: "الفروق" لشهاب الدين القرافي (4/ 205 - =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 208)، وكتاب إحياء علوم الدين للغزالي (3/ 136 - 1137)، وكتاب الأذكار للنووي (ص 540 - 543).
ومن هذه الحالات الستة التي ذكرها العلماء: جواز غيبة أهل البدع والطعن فيهم، وكشف عوارهم، وبيان بدعهم وضلالهم، وتحذير الناس منهم. فلم يعد العلماء هذا الطعن من الغيبة؛ بل جعلوا ذلك من النصح لهذا الدين.
قال النووي في كتابه رياض الصالحين (ص 526 - 527): "الخامس: -أي من الحالات التي تجوز فيها الغيبة- أن يكون مجاهرا بفسقه أو بدعته، كالمجاهر بشرب الخمر، ومصادرة الناس، وأخذ المكس، وجباية الأموال ظلما، وتولي الأمور الباطلة فيجوز ذكره بما يجاهر به، ويحرم ذكره بغيره من العيوب إلا أن يكون لجوازه سبب آخر مما ذكرناه".
وسأعرض بعض الأدلة الدالة على جواز غيبة أهل الأهواء والبدع.
قال تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا} [النساء: 148]. جاء عن مجاهد في تفسير هذه الآية أنه قال: "ضاف رجل رجلا، فلم يؤد إليه حق ضيافته، فلما خرج أخبر الناس فقال: ضفت فلانا فلم يؤد إلي حق ضيافتي، فذلك الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم حين لم يؤد الآخر إليه حق ضيافته". تفسير ابن كثير (2/ 444).
وأما من السنة فقد روى البخاري (6054)، ومسلم (2591) عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:"استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ائذنوا له بئس =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أخو العشيرة أو ابن العشيرة"، فلما دخل ألان له الكلام. قلت: يا رسول الله قلت الذي قلت، ثم ألنت له الكلام؟ قال: أي عائشة، إن شر الناس من تركه الناس أو ودعه الناس اتقاء فحشه".
قال النووي في شرح صحيح مسلم (16/ 361): "وفي هذا الحديث مداراة من يتقى فحشه، وجواز غيبة الفاسق المعلن فسقه، ومن يحتاج الناس إلى التحذير منه".
وجاء أيضا في قصة فاطمة بنت قيس رضي الله عنها عندما جاءت تشاور النبي صلى الله عليه وسلم فيمن تنكح؟ لما خطبها معاوية بن أبي سفيان وأبو جهم رضي الله عنهم، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:"أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له". رواه مسلم (1480).
ووجه الدلالة من هذه النصوص على جواز غيبة أهل البدع والطعن فيهم: أنه إذا جاز لذلك الرجل -الذي استضيف- أن ينتصر لنفسه بالجهر بالسوء لمن ظلمه، ويذكر ظلمه للناس. وكذلك إذا جاز تحذير الناس ممن عم فحشه من أجل أن يتقوه. وكذلك إذا جاز ذكر هذين الصحابيين من أجل مصلحة دنيوية خاصة، وهي النصح لتلك المرأة، فجواز ذكر عيب أهل البدع، والطعن عليهم بما هم عليه من فساد في الاعتقاد وتلبس بالبدع من باب أولى لتعلقه بمصالح عامة المسلمين الدينية. انظر موقف أهل السنة من أهل الأهواء والبدع للدكتور إبراهيم الرحيلي (2/ 485 - 488). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقد أخرج اللالكائي في شرح الاعتقاد (1372) عن عاصم الأحول قال: جلست إلى قتادة فذكر عمرو بن عبيد فوقع فيه فقلت: يا أبا الخطاب ألا أرى العلماء يقع بعضهم في بعض؟ قال: يا أحول ولا تدري أن الرجل إذا ابتدع بدعة فينبغي لها أن تذكر حتى تعلم".
قال ابن الصلاح في فتاويه (2/ 497): "تجوز غيبة المبتدع، بل ذكره بما هو عليه مطلقا غائبا وحاضرا إذا كان المقصود التنبيه على حاله ليحذروا. على هذا مضى السلف الصالحون أو من فعل ذلك منهم. ثم يجوز ذلك ابتداء يبتدئ به وإن لم يسأل، ويجوز عند جريان سبب من سؤال وغيره".
وقال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (28/ 231): "ومثل أئمة البدع، من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة، أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة، فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين، حتى قيل لأحمد بن حنبل: الرجل يصوم ويصلى ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع؟ فقال: إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين هذا أفضل، فبين أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله، إذ تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب، فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعا، وأما أولئك فهم يفسدون =