الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الخامس: السلامة من الفتن
359 -
حدثنا بشر بن هلال قال: ثنا جعفر بن سليمان، عن هشام
(1)
، عن ابن سيرين قال: قال شريح
(2)
: كانت الفتنة
(3)
سبع
(4)
سنين ما خبرت فيها ولا استخبرت، وما سلِمْت
(5)
. قيل: وكيف ذاك
=
وفي رواية أخرى أنه قال: "إذا أتاك المُصَدّق فقل: خذ الحق ودع الباطل، فإن أبى فلا تمنعه إذا أقبَل، ولا تلعنه إذا أدبر، فتكون عاصيًا خفّف عن ظالم".
قال محمد بن أبي زمنين في أصول السنة (ص 285): "ومن قول أهل السنة أن دفع الصدقات إلى الولاة جائز، وأن الله قد جعل ذلك إليهم في قوله {أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58]. وفي قوله لنبيه صلى الله عليه وسلم {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103].
(1)
هشام بن حسان الأزدي تقدم مرارا.
(2)
شريح بن الحارث بن قيس الكوفي النخعي القاضي، أبو أمية الفقيه، مخضرم، ثقة، وقيل له صحبة، مات قبل الثمانين أو بعدها، وله مائة وثمان سنين أو أكثر، يقال حكم سبعين سنة. تذكرة الحفاظ (1/ 59)، والتقريب (ص 207).
(3)
يعني فتنة ابن الزبير.
(4)
عند أبي نعيم في الحلية "تسع".
(5)
جاء عند أبي نعيم في الحلية: "وما سألت".
يا أبا أمية؟ قال: ما التقت فئتان إلا وهواي مع أحدهما
(1)
.
360 -
قال حرب الكرماني فيما ينقله عن مذهب أئمة العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المعروفين بها: والإمساك في الفتنة سنة ماضية واجب لزومها، فإن ابتليت فقدم نفسك ومالك دون دينك، ولا تعين على الفتنة بيد أو لسان، ولكن اكفف يدك ولسانك وهواك والله المُعين
(2)
.
(1)
مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 395).
الإسناد حسن: رجاله ثقات إلا جعفر بن سليمان الضُّبعي، صدوق زاهد لكنه كان يتشيع. التقريب (ص 79 - 80).
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (38587)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 133)، وأبو عمرو الداني في كتابه "السنن الواردة في الفتن"(2/ 444) من طرق عن الأعمش عن شقيق عن شريح به.
(2)
مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 357).
التعليق: السلامة من الفتن وعدم الوقوع فيها من الأمور المهمة العظيمة التي دعا إليها الشرع الحكيم، فلا تقع فتنة إلا ويختلط الحق فيها مع الباطل، ويصبح المرء فيها حيرانا، ويلتبس عليه الأمر لظلمة الفتن. لذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم من السعي في الفتن، وأرشدنا في حال وقوعها أن نكون أحلاس بيوتنا.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل =
....................
= المظلم، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا، يبيع دينه بعرض من الدنيا". رواه مسلم في صحيحه (118).
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن بين يدي الساعة فتنًا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا، القاعد فيها خير من القائم، والماشي فيها خير من الساعي، فكسروا قِسِيَّكم، وقطعوا أوتاركم، واضربوا سيوفكم بالحجارة، فإن دُخل -يعني على أحد منكم- فليكن كخير ابنيْ آدم". رواه أبو داود في سننه (5/ 18 رقم 4258، 4261)، وفي رواية له: قالوا: فما تأمرنا؟ قال: "كونوا أحلاس بيوتكم". انظر تصحيح الروايتين في صحيح الترغيب والترهيب (2742)، وفي صحيح ابن ماجة (3200).
قال الإمام الآجري في الشريعة (1/ 392 - 393): "فإن الفتن على وجوه كثيرة، قد مضى منها فتن عظيمة، نجا منها أقوام، وهلك فيها أقوام؛ باتباعهم الهوى وإيثارهم للدنيا، فمن أراد الله تعالى به خيرا، فتح له باب الدعاء، والتجأ إلى مولاه الكريم، وخاف على دينه، وحَفِظ لسانه، وعرف زمانه، ولزم الحجة الواضحة -السواد الأعظم- ولم يتلوَّن في دينه، وعبد ربه تعالى، فترك الخوض في الفتنة فإن الفتنة يفتضح عندها خلق كثير". وانظر عون المعبود شرح سنن أبي داود (11/ 226 - 227).
المبحث الثالث:
وجوب الصلاة خلف الأئمة وإن جاروا