المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الرابع: النهي عن مخالطة أهل البدع - الآثار الواردة عن السلف في العقيدة من خلال كتب المسائل المروية عن الإمام أحمد - جـ ٢

[أسعد بن فتحي الزعتري]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الثالث: ما جاء في التفضيل بين الصحابة

- ‌الفصل الثاني:الآثار الواردة عن السلف في الخلافة والإمامة

- ‌المبحث الأول: ذكر الخلفاء الراشدين الأربعة

- ‌المبحث الثاني:ما جاء في لزوم طاعة الإماموعدم الخروج عليه

- ‌المطلب الأول: النصيحة للأمراء

- ‌المطلب الثاني: النهي عن عيب الأمراء والخروج عليهم

- ‌المطلب الثالث: الغزو مع الأمراء وإن جاروا

- ‌المطلب الرابع: دفع الزكاة لهم

- ‌المطلب الخامس: السلامة من الفتن

- ‌المبحث الثالث: وجوب الصلاة خلف الأئمة وإن جاروا

- ‌الفصل الثالث:الآثار الواردة عن السلف في الاتباع وذم الابتداع

- ‌المبحث الأول: ما جاء في الحث على الاتباع

- ‌المبحث الثاني:الآثار الواردة في التحذيرمن البدع وأهلها

- ‌المطلب الأول: جواز غيبة أهل البدع

- ‌المطلب الثاني: جواز الدعاء على أهل الأهواء

- ‌المطلب الثالث: ما جاء في الصلاة خلف أهل البدع

- ‌المطلب الرابع: النهي عن مخالطة أهل البدع

- ‌المبحث الثالث:الآثار الواردة في ذم السلف للرأي وأهله

- ‌المطلب الأول: ما جاء في الشيعة

- ‌ومن فرق الشيعة:

- ‌1 - الرافضة

- ‌2).2 -المنصورية:

- ‌3 - السبئية:

- ‌4 - الزيدية:

- ‌5 - الخشبية:

- ‌المطلب الثاني: ما جاء في الخوارج

- ‌المطلب الثالث: ما جاء في المعتزلة

- ‌المطلب الرابع: ما جاء في الشعوبية

- ‌المطلب الخامس ما جاء في نبز أهل البدع لأهل السنة بأسماء شنيعة

- ‌الفصل الرابع:الآثار الواردة عن السلف في الأمور المتعلقة باليوم الآخر

- ‌المبحث الأول: ما جاء في أسماء هذا اليوم

- ‌المبحث الثاني:ما جاء في الدجال، وفتنة القبر

- ‌المطلب الأول: ما جاء في الدجال

- ‌المطلب الثاني: ما جاء في فتنة القبر

- ‌المبحث الثالث:ما جاء في النفخ في الصور والحشر والميزان

- ‌المطلب الأول: ما جاء في النفخ في الصور

- ‌المطلب الثاني: ما جاء في الحشر

- ‌المطلب الثالث: ما جاء في الميزان

- ‌المبحث الرابع:ما جاء في الحوض والصراط والشفاعة

- ‌المطلب الأول: ما جاء في الحوض

- ‌المطلب الثاني: ما جاء في الصراط

- ‌المطلب الثالث: ما جاء في الشفاعة

- ‌المحث الخامس:ما جاء في الجنة والنار والحور العين

- ‌المطلب الأول: ما جاء فيما أعده الله لأهل الجنة

- ‌المطلب الثاني: ما جاء في وصف الحور العين

- ‌المطلب الثالث: ما جاء في الجنة والنار وأنهما لا تفنيان

- ‌المبحث السادس: ما جاء في قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ}

- ‌المبحث السابع: ما جاء في الموت يوم القيامة

- ‌الفصل الخامس:الآثار الواردة عن السلف في مسائل أخرى متنوعة

- ‌المبحث الأول:ما جاء في معاملة السلف لأهل المعاصي

- ‌المطلب الأول: ترك السلام عليهم

- ‌المطلب الثاني: جواز غيبتهم للمصلحة

- ‌المطلب الثالث: عدم تزويجهم

- ‌المبحث الثاني:ما جاء في التعامل مع أهل الكتاب

- ‌المطلب الأول: ما جاء في السلام عليهم وتكنيتهم وعيادتهم

- ‌المطلب الثاني: هل تجبر سباياهم على الإسلام

- ‌المطلب الثالث: كيف يشمت العاطس من أَهل الكتاب

- ‌المطلب الرابع: ما جاء في غيبتهم

- ‌المبحث الثالث: ما جاء في ذراري المشركين

- ‌المبحث الرابع: ما جاء في وسوسة القلوب

- ‌المبحث الخامس: ما جاء فى حكم تارك الصلاة

- ‌المبحث السادس: ما جاء في الرؤيا

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌المطلب الرابع: النهي عن مخالطة أهل البدع

‌المطلب الرابع: النهي عن مخالطة أهل البدع

392 -

حدثنا سعيد بن منصور قال: حدثنا عبد الحميد بن سليمان، عن أبي حازم قال: ذكر عند ابن عمر قوم يكذبون بالقدر، فقال: لا تجالسوهم، ولا تسلموا عليهم، ولا تعودوا مرضاهم، ولا تشهدوا جنائزهم، وأخبرهم أني بريء منهم، وأنهم مني براء، هم مجوس هذه الأمة

(1)

.

393 -

حدثنا أحمد بن سليمان الباهلي قال: ثنا مرحوم العطار، قال: سمعت أبي وعمي، سمعا الحسن ينهى عن مجالسة معبد الجهني، ويقول: لا تجالسوه، فإنه ضالٌ مضل

(2)

.

(1)

مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 388).

هذا الأثر مكرر، انظر الأثر رقم (183).

(2)

مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 379).

الإسناد ضعيف؛ لأجل والد مرحوم، وهو عبد العزيز بن مِهران البصري، قال عنه ابن حجر: مقبول. التقريب (ص 33)، وعمه: اسمه عبد الحميد، لم أقف له على ترجمة.

وأخرجه عبد الله بن أحمد في السنة (2/ 391)، واللالكائي في شرح الاعتقاد (1142)، والآجري في الشريعة (551)، وابن بطة في الإبانة -القسم الثاني- (2/ 319) من طرق عن مرحوم بن عبد العزيز به.

ص: 597

394 -

ثنا حمزة بن سعيد المروزي قال: سألت أبا بكر بن عياش فقلت: يا أبا بكر قد بلغك ما كان من أمر ابن علية في القرآن فما تقول فيه؟ فقال: اسمع إلي -ويلك- من زعم لك أن القرآن مخلوق فهو عندنا كافر زنديق عدو لله، لا تجالسه، ولا تكلمه

(1)

.

395 -

قلت لعلي

(2)

: ويكره أن يذكر رجل كلام أهل البدع؟ قال: نعم، لأني أخاف أن يذكره عند رجل ضعيف القلب فيقع في قلبه

(3)

.

(1)

مسائل الإمام أحمد برواية أبي داود السجستاني (ص 358 - رقم 1721).

هذا الأثر مكرر، انظر الأثر رقم (104).

(2)

ابن عبد الله المديني.

(3)

مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 427).

لم أجد من أخرج قول علي بن المديني.

التعليق: هذه الآثار الواردة عن السلف فيها التحذير الشديد من مخالطة أهل الأهواء والبدع ومجالستهم، وما ذلك إلا من أجل الحفاظ على سلامة العقيدة، لأن مجالستهم تمرض القلوب، وتضعف الإيمان، وتشكك المسلم بدينه، وينقدح في قلبه شبه تؤدي إلى الهلاك والانغماس في البدع والضلال.

وقد حذر الله تعالى من مجالسة أهل الزيغ والضلال، الذين يخوضون في آيات الله بالباطل، فقال في كتابه العزيز: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ =

ص: 598

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} [النساء: 140].

قال البغوي في التفسير (2/ 301): "قال الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما: دخل في هذه الآية كل محدث في الدين، وكل مبتدع إلى يوم القيامة".

وقال ابن جرير الطبري في التفسير (7/ 603): "وفي هذه الآية الدلالة الواضحة على النهي عن مجالسة أهل الباطل من كل نوع من المبتدعة والفسقة عند خوضهم في باطلهم".

وقال تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: 68].

قال الإمام الشوكاني في فتح القدير (2/ 186): "وفي هذه الآية موعظة عظيمة لمن يتسمح بمجالسة المبتدعة الذين يحرفون كلام الله، ويتلاعبون بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويرد ذلك إلى أهوائهم المضلة وبدعهم الفاسدة، فإنه إذا لم ينكر عليهم ويغير ما هم فيه فأقل الأحوال أن يترك مجالستهم، وذلك يسير عليه غير عسير، وقد يجعلون حضوره معهم مع تنزهه عما يتلبسون به شبهة يشبهون بها على العامة، فيكون في حضوره مفسدة زائدة على مجرد سماع المنكر

ومن عرف هذه الشريعة المطهرة حق معرفتها، علم أن مجالسة أهل البدع المضلة فيها من المفسدة أضعاف أضعاف ما في مجالسة من يعصي الله بفعل شيء من المحرمات، ولا سيما =

ص: 599

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= لمن كان غير راسخ القدم في علم الكتاب والسنة".

وكذا جاء النهي عن مخالطة أهل الأهواء في السنة المطهرة، ومن ذلك ما جاء في قصة هجر النبي صلى الله عليه وسلم كعب بن مالك وصاحبيه رضي الله عنهم، لما تخلفوا عن غزوة تبوك، فقد روى البخاري (4418)، ومسلم (2769) القصة كاملة، وكان مما جاء فيها قول كعب: "

ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه، قال: فاجتنبنا الناسُ، وتغيروا لنا حتى تنكرَت في نفسي الأرضُ فما هي بالأرض التي أعرف. فلبثنا على ذلك خمسين ليلة، فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان، وأما أنا فكنت أشبَّ القوم وأجلدهم، فكنت أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين، وأطوف في الأسواق، ولا يكلمني أحد، وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة فأقول في نفسي: هل حرك شفتيه برد السلام أم لا؟ ثم أصلي قريبا منه، وأسارقه النظر، فإذا أقبلت على صلاتي أقبل إلي، وإذا التفت نحوه أعرض عني، حتى إذا طال ذلك عليّ من جفوة الناس مشيت حتى تسوّرت جدار حائط أبي قتادة، وهو ابن عمي وأحبُّ الناس إليّ، فسلمت عليه، فوالله ما رد علي السلام. فقلت له: يا أبا قتادة، أنشدك بالله هل تعلمن أني أحب الله رسوله؟ قال: فسكت. فعدت له فنشدته فسكت. فعدت له فنشدته فقال: الله ورسوله أعلم. ففاضت عيناي

". الحديث.

قال الإمام البغوي في شرح السنة (1/ 226 - 227) معلقا على قصة كعب: "وفيه دليل على أن هجران أهل البدع على التأبيد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم خاف على =

ص: 600

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=

كعب وأصحابه النفاق حين تخلفوا عن الخروج معه، فأمر بهجرانهم إلى أن أنزل الله توبتهم، وعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم براءتهم، وقد مضت الصحابة والتابعون وأتباعهم وعلماء السنة على هذا مجمعين متفقين على معاداة أهل البدع ومهاجرتهم".

وقد أجمع السلف الصالح من الصحابة ومن بعدهم على وجوب هجر المبتدعة وترك مجالستهم، والتحذير منهم.

قال عبد الرحمن بن أبي الزناد: "أدركنا أهل الفضل والفقه من خيار أولية الناس يعيبون أهل الجدل والتنقيب والأخذ بالرأي أشد العيب، وينهوننا عن لقائهم، ومجالستهم، وحذرونا مقاربتهم أشد التحذير". أخرجه ابن بطة في الإبانة -القسم الأول- (2/ 532).

وقال الإمام أحمد بن حنبل: "الذي كنا نسمع، وأدركنا عليه من أدركنا من أهل العلم، أنهم يكرهون الكلام والجلوس مع أهل الزيغ، وإنما الأمور بالتسليم والانتهاء إلى ما كان في كتاب الله أو سنة رسول الله لا في الجلوس مع أهل البدع والزيغ لترد عليهم، فإنهم يلبسون عليك وهم لا يرجعون". أخرجه ابن بطة في الإبانة -القسم الأول- (2/ 472).

وقال الإمام أبو عثمان الصابوني في عقيدة السلف (ص 298): "ويبغضون أهل البدع، الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه، ولا يحبونهم، ولا يصحبونهم، ولا يسمعون كلامهم، ولا يجالسونهم، ولا يجادلونهم في الدين ولا يناظرونهم، ويرون =

ص: 601

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=

صون آذانهم عن سماع أباطيلهم، التي إذا مرت بالآذان وقرّت في القلوب ضرّت، وجرّت إليها من الوساوس والخطرات الفاسدة ما جرت".

والقصد من هذا كله اتباع أمر الله تعالى بترك مجالستهم، وخوفا من الانغماس في ضلالهم وبدعهم، وكذلك منع تماديهم في بدعهم من أجل أن ينزجروا ويؤدبوا ولا تنخدع بهم العامة، فهذا هو الغاية من الهجر. أما إذا لم يترتب على الهجر مصلحة راجحة، فإنه حينئذ لا يشرع الهجر، ويعدل عنه إلى وسيلة أخرى. انظر مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية (28/ 206 - 208).

ص: 602