الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث: ما جاء في الشفاعة
438 -
قال حرب الكرماني فيما ينقله عن مذهب أئمة العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المعروفين بها: والشفاعة يوم القيامة حق يشفعُ قوم في قوم فلا يصيرون إلى النار، ويخرج قوم من النار بعدما دخلوها بشفاعة الشافعين، ويخرج قوم من النار برحمة الله بعد ما يُلبِثهم فيها ما شاء الله، وقوم يخلدون في النار أبدا وهم أهل الشرك والتكذيب والجحود والكفر بالله
(1)
.
=
شوكة عقيفاء تكون بنجد يقال لها السعدان، المؤمن عليها كالطرف وكالبرق وكالريح وكأجاويد الخيل والركاب، فناج مُسَلم وناج مخدوش، ومكدوس في نار جهنم حتى يمر آخرهم يسحب سحبا". رواه البخاري (7439).
(1)
مسائل الإمام أحمد برواية حرب الكرماني (ص 358).
التعليق: الشفاعة لغة: هي الوسيلة والطلب.
وشرعاً: هي طلب الخير للغير في دفع ضر أو جلب نفع. انظر لوامع الأنوار (2/ 204). والشفاعة -التي تكون يوم القيامة- لها شرطان لا بد من تحققهما:
الشرط الأول: إذن الله عز وجل للشافع أن يشفع.
الشرط الثاني: رضا الله عز وجل عن المشفوع له.
وهذان الشرطان مجتمعان في قوله تعالى: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
=
شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى (26)} [النجم: 26].
والشفاعة تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم لا يشاركه فيها أحد.
وهذا القسم على ثلاثة أنواع:
الأول: الشفاعة العظمى، وهي المقام المحمود، الذي يحمده عليه جميع الخلائق ولا يشترط فيها الرضا عن المشفوع له، ودليلها قوله تعالى:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79)} [الإسراء: 79].
الثاني: شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة.
ودليله: قوله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73)} [الزمر: 73].
قال الشيخ السعدي في تفسيره (ص 731): "وأما الجنة، فإنها الدار العالية الغالية، التي لا يوصل إليها ولا ينالها كل أحد، إلا من أتى بالوسائل الموصلة إليها، ومع ذلك، فيحتاجون لدخولها لشفاعة أكرم الشفعاء عليه، فلم تفتح لهم بمجرد ما وصلوا إليها، بل يستشفعون إلى الله بمحمد صلى الله عليه وسلم حتى يشفع، فيشفعه الله تعالى".
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا أول شفيع في الجنة". أخرجه مسلم (196).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح فيقول الخازن من =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
=
أنت؟ فأقول محمد فيقول بك أمرت لا أفتح لأحد قبلك". أخرجه مسلم (197).
الثالث: شفاعته صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب في أن يخفف العذاب عنه.
لأنه قد بذل جهدا في حماية النبي صلى الله عليه وسلم.
ودليله: ما ورد في الصحيحين: أن العباس رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم ما أغنيت عن عمك، فإنه كان يحُوطك ويغضب لك؟ قال: هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار. أخرجه البخاري (3883)، ومسلم (209).
وهذه الشفاعات الثلاثة قد نص على اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بها غير واحد من أهل العلم، أما الشفاعات الأخرى ففي اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بها خلاف، والله أعلم.
القسم الثاني: الشفاعة العامة: وهي خمسة أنواع:
النوع الأول: الشفاعة لأقوام من المؤمنين استحقوا دخول النار ألا يدخلوها.
النوع الثاني: الشفاعة لأقوام من المؤمنين دخلوا النار أن يخرجوا منها قبل أن يقف ما عليهم.
النوع الثالث: الشفاعة لأقوام من المؤمنين أن يدخلوا الجنة بدون حساب.
النوع الرابع: الشفاعة لأقوام من المؤمنين تساوت حسناتهم وسيئاتهم أن يدخلوا الجنة.
النوع الخامس: الشفاعة لأقوام من المؤمنين أن ترفع درجاتهم في الجنة فوق ما =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
=
تستحقها أعمالهم.
انظر العقيدة الواسطية لابن تيمية (ص 34 - 35)، وشرح العقيدة السفارينية للشيخ محمد بن عثيمين (ص 487 - 491)، وشرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي (ص 202 - 209)، ورسالة:"الشفاعة عند أهل السنة والرد على المخالفين فيها" للدكتور ناصر بن عبد الرحمن الجديع (ص 38 - 68).