الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو يستفيد منه (1).
******
النوع الثاني عشر: عدم العجب بالعلم
قال سيدنا عُمَرُ بن الخطَّابِ رضي الله عنه: «تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ، وَتَعَلَّمُوا لِلْعِلْمِ السَّكِينَةَ وَالْحِلْمَ، وَتَوَاضَعُوا لِمَنْ تُعَلِّمُونَ، وَلْيَتَوَاضَعْ لَكُمْ مَنْ تُعَلِّمُونَهُ، وَلاتَكُونُوا مِنْ جَبَابِرَةِ الْعُلَمَاءِ؛ فَلايَقُومُ عِلْمُكُمْ بِجَهْلِكُمْ» (2).
وقال بعضُ السَّلف: «مَنْ تَكَبَّرَ بِعِلْمِهِ وَتَرَفَّعَ وَضَعَهُ الله بِهِ، وَمَنْ تَوَاضَعَ بِعِلْمِهِ رَفَعَهُ بِهِ» (3).
قال بعض الفضلاء:
مَنْ شَاءَ عَيْشًا هَنِيئًا يَسْتَفِيدُ بِهِ
…
فِي دِينِهِ ثُمَّ فِي دُنْيَاهُ إقْبَالا
فَلْيَنْظُرَنَّ إلَى مَنْ فَوْقَهُ أَدَبًا
…
وَلْيَنْظُرَنَّ إلَى مَنْ دُونَهُ مَالا
(1) انظر تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم، (ص 75، 77، 78، 83) بتصرفٍ.
(2)
انظر أدب الدنيا والدين للماوردىّ (ص 80) طبعة مكتبة الرياض الحديثة
(3)
المصدر السابق.
قال الإمام الماورديّ -رحمه الله تعالى-: وقلَّمَا تَجِدُ بِالعلمِ مُعجبًا وَبِمَا أَدركَ مُفتَخِرًا، إلا مَن كان فيه مُقلاً ومُقصِّرًا، لأنَّهُ قد يجهلُ قدرهُ، ويحسبُ أَنَّهُ نال بِالدُّخُول فيه أَكثرهُ. فأَمَّا من كان فيه مُتَوَجِّهًا وَمِنهُ مُستَكثِرًا فَهُوَ يعلمُ مِنْ بُعد غايته، والعجز عن إدراك نهايته، ما يَصُدُّهُ عن العُجب بِه.
قال الشَّعبِيُّ: العلمُ ثلاثةُ أَشبار:
1 -
فمن نال مِنهُ شِبرًا شمخ بِأَنفه وظنَّ أَنَّهُ نالهُ.
2 -
ومن نال الشِّبر الثَّانِي صَغَرَت إليه نَفسُهُ وعَلِمَ أَنَّهُ لم ينلهُ.
3 -
وأَمَّا الشِّبرُ الثَّالثُ فهيهات لا ينالُهُ أَحدٌ أَبدًا (1).
قال الإمام الماورديّ -رحمه الله تعالى-: وممَّا أُنذرُك بِه من حالِي أَنَّني صنَّفت فِي الْبُيُوعِ كِتَابًا جمعت
(1) المصدر السابق (ص 81)(بتصرف يسير).
فيه ما استطعت من كُتُبِ النَّاسِ، وأَجهدت فيه نفسي وكددت فيه خاطرِي، حَتَّى إذَا تهذَّب واستكمل وكدت أَعجبُ بِهِ وتصوَّرت أَنَّني أَشدُّ النَّاسِ اضطلاعًا بعلمه، حضرنِي وأَنَا فِي مَجلسي أَعرابِيَّانِ، فَسأَلآنِي عن بيعٍ عقداهُ فِي البَادِيةِ على شُرُوطٍ تَضمَّنت أَربَعَ مَسائِلِ لم أَعرف لواحدةٍ منهُنَّ جوابًا.
فأَطرَقت مُفَكِّرًا، وَبِحَالِي وَحَالِهِمَا مُعتبرًا.
فَقَالا: مَا عِندَك فِيمَا سَأَلنَاك جَوابٌ، وأَنتَ زَعِيمُ هَذِهِ الجماعةِ؟
فَقُلت: لا.
فَقَالا: وَاهًا لَك، وانصرفَا.
ثُمَّ أَتَيَا مَنْ يَتقدَّمُهُ فِي العِلمِ كَثِيرٌ مِن أَصحَابِي فَسأَلاهُ فَأَجَابَهُما مُسرِعًا بِمَا أَقنعهُما، وانصرفَا عنهُ، راضيينِ بِجوابِهِ، حَامِدَينِ لِعلمهِ.
فَبَقِيت مُرتَبِكًا، وَبِحَالِهِمَا وحَالِي مُعتَبِرًا، وإِنِّي