المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الإخلاص لله تعالى - الأخلاق الزكية في آداب الطالب المرضية

[أحمد بن يوسف الأهدل]

فهرس الكتاب

- ‌[كلمة الغلاف]

- ‌تقريظ فضيلة الدكتور هاشم محمد علي مهدي

- ‌تقريظفضيلة العلامة الشيخ طه عبد الواسع البركاتي

- ‌تقريظفضيلة العلامة الشيخ أحمد جابر جبران

- ‌تقريظفضيلة العلامة الدكتور حسن محمد الأهدل

- ‌تقريظ فضيلة العلامةالشيخ ماجد سعيد مسعود رحمت الله

- ‌تقريظ فضيلة العلامة الشيخ أيوب أبكر الأهدل

- ‌المقدمة

- ‌باب الإخلاص لله تعالى

- ‌فضل العلم والعلماء

- ‌فضل طالب العلم

- ‌الحث على طلب العلم

- ‌آداب الطالب

- ‌القسم الأول: آداب الطالب مع نفسه: وفيه أربعة عشر نوعًا:

- ‌النوع الأول: تقديم طهارة النفس عن رذائل الأخلاق ومذموم الأوصاف

- ‌تنزيه النفس عن المعاصي الظاهرة والباطنة

- ‌1. الرياء:

- ‌علاج الرياء:

- ‌2 - الحسد:

- ‌بيان حقيقة الحسد

- ‌أسباب الحسد:

- ‌علاج مرض الحسد عن القلب:

- ‌3 - العجب:

- ‌بيان ذم العجب

- ‌وعلاج العجب:

- ‌4 - الكبر:

- ‌الفرق بين الكبر والعجب:

- ‌بيان ذم الكبر:

- ‌بيان الطرق في معالجة الكبر واكتساب التواضع:

- ‌بيان غاية الرياضة في خلق التواضع:

- ‌5 - الغضب:

- ‌بيان حقيقة الغضب

- ‌بيان الأسباب المهيجة للغضب:

- ‌بيان علاج الغضب بعد هيجانه:

- ‌الأساليب التربوية للحفاظ على الهدوء عندما يسيطر على الإنسان شعور الغضب

- ‌تنبيه:

- ‌(فضيلة الحلم وكظم الغيظ)

- ‌فضيلة كظم الغيظ:

- ‌ومن المشهورين بالحلم:

- ‌النوع الثاني: إخلاص النية في طلب العلم:

- ‌وتصحيح النية يحتاج إلى أربعة أشياء:

- ‌النوع الثالث: التوبة

- ‌بيان وجوب التوبة وفضلها:

- ‌مقدمات التوبة:

- ‌قصة عن أحد الصالحين:

- ‌النوع الرابع: التحليِّ بمحاسن الأخلاق:

- ‌النوع الخامس: المبادرة إلى تحصيل العلم في أوقات الشباب:

- ‌النوع السادس: نظام الأوقات للتعليم والتعلم:

- ‌النوع السابع: أكل القدر اليسر من الحلال:

- ‌النوع الثامن: الأخذ بالورع:

- ‌النوع التاسع: تقليل النوم:

- ‌النوع العاشر: يستحب أن يكون عازباً:

- ‌النوع الحادي عشر: ترك المعاشرة لغيره الجنس:

- ‌النوع الثاني عشر: عدم العجب بالعلم

- ‌النوع الثالث عشر: تجنب اللعب وكثرة المزاح

- ‌النوع الرابع عشر: العمل بالعلم:

- ‌القسم الثاني: آداب الطالب مع شيخه، وفيه عشرة أنواع:

- ‌النوع الأول: اختيار الشيخ:

- ‌النوع الثاني: التواضع والإجلال للشيخ:

- ‌النوع الثالث: معرفة حق الشيخ:

- ‌التحذير من انتقاص العلماء، والحث على إكرامهم، وتعظيم حُرُماتهم

- ‌النوع الرابع: الصبر على جفوة الشيخ:

- ‌النوع الخامس: الشكر للشيخ:

- ‌النوع السادس: آداب الدخول على الشيخ:

- ‌ أدب الاستئذان على العلماء:

- ‌ كيفية الوقوف على باب العالم للاستئذان:

- ‌ جواز طرق الباب وصفته:

- ‌وإذا حضر جماعة من الطلبة قدموا أسنهم

- ‌ وإن قَدَّمَ الأكبرُ على نفسه مَنْ كان أعلم منه جاز ذلك

- ‌النوع السابع: آداب جلسة الدرس:

- ‌النوع الثامن: التلطف في السؤال والجواب:

- ‌النوع التاسع: الإصغاء والالتفات إلى الشيخ:

- ‌النوع العاشر: آداب المشي مع الشيخ:

- ‌القسم الثالث: آداب الطالب مع دروسه: وفيه ثمانية أنواع:

- ‌النوع الأول: الابتداء بكتاب الله العزيز:

- ‌النوع الثاني: التصحيح قبل الحفظ:

- ‌النوع الثالث: الاشتغال بعلم الحديث:

- ‌النوع الرابع: الانتقال إلى المبسوطات:

- ‌النوع الخامس: لزوم حلقة الشيخ والاعتناء بالدروس كلها:

- ‌النوع السادس: آداب المجلس:

- ‌النوع السابع: كراهية الاستحياء من التعلم:

- ‌النوع الثامن: آداب فواتح الدرس:

- ‌القسم الرابع: آداب الطالب مع الكتاب: وفيه سبعة أنواع:

- ‌النوع الأول: اعتناء الطالب بتحصيل الكتب:

- ‌النوع الثاني: إعارة الكتب عند الحاجة:

- ‌النوع الثالث: صفة وضع الكتاب عند المطالعة:

- ‌النوع الرابع: صفة نسخ الكتب:

- ‌النوع الخامس: من آداب الكتابة:

- ‌النوع السادس: تصحيح الكتاب:

- ‌النوع السابع: كتابة الفوائد:

- ‌القسم الخامس: آداب المعاشرة مع الخلق:

- ‌الصنف الأول: المجاهيل:

- ‌الصنف الثاني: وهم المعارف:

- ‌جواز المدارة والفرق بين المدارة والمداهنة

- ‌الصنف الثالث: وهم الأصدقاء:

- ‌شروط الصحبة

- ‌عند عدم اجتماع هذه الخصال فعليك بأحد أمرين:

- ‌حقوق الصحبة

- ‌1 - من حقوق الأخ على الأخ: أن يتعامى عن عيوبه:

- ‌2 - ومن حق الأخ على الأخ: أن يحمل ما يراه منه على وجه التأويل جميل ما أمكن

- ‌3 - ومن حق الأخ على الأخ: أن يرجو له من الخيرات

- ‌5 - ومن حق الأخ على الأخ: ألا يعيره بذنب

- ‌6 - ومن حق الأخ على الأخ: «ألا ينظر له بعين الاحتقار»

- ‌7 - ومن حق الأخ على الأخ: إذا أطلع على عيب فيه، أن يتهم نفسه في ذلك

- ‌8 - ومن حق الأخ على الأخ: أن يرى نفسه دون أخيه على الدوام

- ‌9 - ومن حق الأخ على الأخ: «أن يؤثره على نفسه

- ‌10 - ومن حق الأخ على الأخ: أن يخدمه إذا مرض

- ‌11 - ومن حق الأخ على الأخ: أن يحترمه ويوقره

- ‌12 - ومن حق الأخ على الأخ: أن يثني عليه في غيبته وفي حضوره بطريق الشرع

- ‌13 - ومن حق الأخ على الأخ: أن يكرمه إذا ورد عليه

- ‌14 - ومن حق الأخ على الأخ: أن يوسع له في المجلس إذا رآه

- ‌15 - ومن حق الأخ على الأخ: ألا يدعوه باسمه فقط

- ‌16 - ومن حق الأخ على الأخ: أن يعترف له بالفضل

- ‌17 - ومن حق الأخ على الأخ: أن يزوره كل قليل من الأيام

- ‌18 - ومن حق الأخ على الأخ: أن يصافحه كلما لقيه

- ‌19 - ومن حق الأخ على الأخ: إذا لاقاه وصافحه أن يصلي ويسلم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويذكره بذلك

- ‌20 - ومن حق الأخ على الأخ: أن يهادي كل قليل من الأيام

- ‌21 - ومن حق الأخ على الأخ: أن يرشده إلى ترك البغي على من بغى عليه

- ‌22 - ومن حق الأخ على الأخ: مساعدته له في التزويج

- ‌23 - ومن حق الأخ على الأخ: ألا يغفل عن عيادته إذا مرض

- ‌24 - ومن حق الأخ على الأخ: أن يرشده إلى الوصية إذا حضرته الوفاة

- ‌25 - ومن حق الأخ على الأخ: أن يسهر عنده إلى الصباح إذا كان في حالة تفضي إلى الموت

- ‌26 - ومن حق الأخ على الأخ: ألا يبغض ذاته إذا وقع فيما لا ينبغي

- ‌27 - ومن حق الأخ على الأخ: إذا حصل بينه وبين أخيه لومة أو عتب أن يزيد في بث محاسنه

- ‌28 - ومن حق الأخ على الأخ: أن يقبل اعتذاره، ولو كان مبطلاً

- ‌29 - ومن حق الأخ على الأخ: كثرة فرحه إذا كثرت طاعاته

- ‌30 - ومن حق الأخ على الأخ: إذا أراد سفراً ألا يخرج حتى يودعه

- ‌31 - ومن حق الأخ على الأخ: إذا رجع من سفر أن يذهب إليه في منزله، فيسلم عليه ويهنئه بالسلامة

- ‌32 - ومن حق الأخ على الأخ: إن يشاوره في كل أمر مهم

- ‌33 - ومن حق الأخ على الأخ: أن يتفقد عياله وأولاده إذا غاب عنهم

- ‌34 - ومن حق الأخ على الأخ: أن يكتم سره

- ‌35 - ومن حق الأخ على الأخ: ألا يصدق من نم له فيه

- ‌36 - ومن حق الأخ على الأخ: أن يذب عن عرضه لكن مع النية الصالحة والسياسة الحسنة

- ‌37 - ومن حق الأخ على الأخ: أن يرشده إلى تعظيم حرمات الله

- ‌38 - ومن حق الأخ على الأخ: أن يتظاهر بعدواة من عاداه بغير حق

- ‌39 - ومن حق الأخ على الأخ: ألا يحدثه بحديث كذب

- ‌40 - ومن حق الأخ على الأخ: ألا ينساه من الدعاء

- ‌42 - ومن حق الأخ على الأخ: أن يحفظ وده وإن خانه

- ‌43 - ومن حق الأخ على الأخ: ألا يمن عليه بما فعله من المعروف إذ هو خاصمه

- ‌44 - ومن حق الأخ على الأخ: ألا يخاصمه

- ‌45 - ومن حق الأخ على الأخ: ألا يُقِّره على بدعة

- ‌46 - ومن حق الأخ على الأخ: (ألا يؤخذه إذا قصر في حقه

- ‌47 - ومن حق الأخ على الأخ: دوام الشفقة على أولاد أخيه والقيام بهم بعد موته

- ‌خاتمة

الفصل: ‌باب الإخلاص لله تعالى

‌باب الإخلاص لله تعالى

قال الله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ)(البينة:5)

وقال رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّمَا الأعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» (1)

وعن أبي هُرَيْرَةَ-رضي الله عنه قال: سمعت رَسُولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إِنَّ أَوَّلَ الناس يُقْضَى يوم الْقِيَامَةِ عليه رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قال: فما عَمِلْتَ فيها، قال: قَاتَلْتُ فِيكَ حتى اسْتُشْهِدْتُ، قال: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لِأَنْ يُقَالَ جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ على وَجْهِهِ حتى أُلْقِيَ في النَّارِ، وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قال: فما عَمِلْتَ فيها، قال: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ، وَقَرَأْتُ

(1) رواه البخاري - كتاب بدء الوحي - باب كيف كان بدء الوحي (ج 1/ص 3) حديث سيدنا عمربن الخطاب رضي الله عنه، رقم (1)

ص: 21

فِيكَ الْقُرْآنَ، قال: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ هو قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ على وَجْهِهِ حتى أُلْقِيَ في النَّارِ، وَرَجُلٌ وَسَّعَ الله عليه وَأَعْطَاهُ من أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قال: فما عَمِلْتَ فيها، قال: ما تَرَكْتُ من سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فيها إلا أَنْفَقْتُ فيها لك، قال: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ هو جَوَادٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ على وَجْهِهِ ثُمَّ أُلْقِيَ في النَّارِ» (1).

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: َ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ الله لا يَتَعَلَّمُهُ إِلاّ لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (2) يَعْنِي رِيحَهَا.

(1) رواه مسلم - كتاب الأمارة - باب من قاتل للرياء والسمعة استحق النار (وهو جزء من حديث مطول)(6/ 47)

(2)

رواه ابن ماجه في المقدمة - باب الإنتفاع بالعلم والعمل به، حديث سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه، (1/ 93).

ص: 22

وعن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال: َ سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ: «مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُجَارِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ يَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ، أَدْخَلَهُ الله النَّارَ» (1)

وما أحسن قول الإمام الغزالي-رحمه الله تعالى- في كتابه بداية الهداية حيث قال: اعلم أن الناس في طلب العلم على ثلاثة أحوال:

1 -

رجل طلب العلم ليتخذهُ زادهُ إلى المعاد، ولم يقصد إلا وجه الله والدار الآخرة، فهذا من الفائزين.

2 -

ورجل طلبه ليستعين به على حياته العاجلة، وينال به العِز والجاه والمال، وهو عالم بذلك، مُستشعِرٌ في قلبه ركاكة حاله، وخِسّة مقصده، فهذا من المخاطرين، فإن عاجله أجله قبل التوبة خيف عليه من سوء

(1) رواه ابن ماجه في المقدمة - باب الانتفاع بالعلم والعمل به - حديث أبي هريرة رضي الله عنه، (1/ 93).

ص: 23

الخاتمة، وبقي أمره في خطر المشيئة، وإن وفق للتوبة قبل حلول الأجل وأضاف إلى العلم العمل، وتدارك ما فرّط فيه من الخلل، التحق بالفائزين، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له.

3 -

ورجل ثالث استحوذ عليه الشيطان، فا تخذ علمه ذريعة إلى التكاثر بالمال، والتفاخر بالجاه، التعزز بكثرة الأتباع، يدخل بعلمه كل مدخل، رجاء أن يقضي من الدنيا وطرهُ، وهو مع ذلك يضمر في نفسه أنه عند الله بمكانة لاتِّسامه بسمة العلماء، وترّسمه برسومهم في الزي والمنطق، مع تكالبه على الدنيا ظاهراً وباطناً، فهذا من الهالكين ومن الحمقى المغرورين، إذ الرجاء منقطع عن توبته (1) لظنه أنه من المحسنين، وهو غافل

(1) هذه العبارة جرت مجرى التنفير من الإمام الغزالي - رحمه الله تعالى- وإلّا فرجاء الله تعالى شامل له ولغيره ما زال ينطق بكلمة التوحيد. فلا ينبغي له أن يياس من رحمة الله.

ص: 24

عن قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ)[الصف: ? - ?].

وهو ممن قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أنا من غير الدجال أخوف عليكم من الدجال! فقيل: وماهو يارسول الله، فقال: علماء السوء» .

وهذا لأن الدجال غايته الإضلال، ومثل هذا العالم وإن صرف الناس عن الدنيا بلسانه ومقاله، فهو داع لهم اليها بأعماله وأحواله، ولسان الحال أفصح من لسان المقال، وطباع الناس إلى المساهمة في الأعمال أميل منها إلى المتابعة في الأقوال.

فما أفسده هذا المغرور بأعماله أكثر مما أصلحه بأقواله!

إذ لا يستجريء الجاهل على الرغبة في الدنيا إلا باستجراء العلماء، فقد صار علمه سبباً

ص: 25

لجراءة عباد الله على معاصيه، ونفسه الجاهلة مُدلّةُ مع ذلك تُمّنيه وتُرّجيه، وتدعوه إلى أن يمن على الله بعلمه، وتُخيّل إليه نفسه أنه خير من كثير من عباد الله.

فكن أيها الطالب من الفريق الأول، واحذر أن تكون من الفريق الثاني، فكم من مسوف عاجله الأجل قبل التوبة فخسر.

وإياك ثم إيك أن تكون من الفرق الثالث، فتهلك هلاكاً لا يرجى معه فلاحك ولاينتظر صلاحك (1).

نسأل الله السلامة كما نسأله تعالى الإخلاص في طلب العلم والعمل به بمنه وكرمه آمين.

* * *

(1) انظر: بداية الهداية للإمام الغزالي -رحمه الله تعالى - (ص 19 إلى 22) - ط دار البشائر، تحقيق الشيخ محمد الحجار عافاه الله تعالى.

ص: 26