الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فضل العلم والعلماء
قال الله تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)[فاطر: 28]. وقال تعالى: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ)[آل عمران: 18]
فانظر كيف بدأ سبحانه وتعالى بنفسه وثنى بالملائكة وثلث بأهل العلم، وناهيك بهذا شرفاً وفضلاً.
وقال تعالى: (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)[النساء: 83].
فقد رد حكمه في الوقائع إلى استنباطهم وألحق رتبتهم برتبة الأنبياء في كشف حكم الله تعالى.
وقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأنْبِيَاءِ» (1).
(1) رواه الترمذي - كتاب العلم - باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة (5/ 48) حديث أبي الدرداء رضي الله عنه.
ومعلوم أنه لا رتبة فوق النبوة ولا شرف فوق شرف الورثة لتلك الرتبة.
وقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ يُرِدْ الله بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» (1).
وقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا حَسَدَ إلاّ فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ الله مَالاً فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ الله الْحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا، وَيُعَلِّمُهَا» (2).
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «فَقِيهٌ وَاحِدٌ أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ» (3).
(1) رواه البخاري - كتاب العلم - باب من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين (1/ 30). من حديث سيدنا معاوية-رضي الله عنه. والترمذي من حديث ابن عباس- كتاب العلم - باب إذا أراد الله بعبد خير فقهه. وابن ماجه في المقدمة - باب فضل العلماء والحث على طلب العلم، حديث أبو هريرة رضي الله عنه، رقم (220).
(2)
رواه البخاري - كتاب العلم - باب الإغتباط في العلم والحكمة، حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما (1/ 31).
(3)
رواه ابن ماجه في المقدمة - باب فضل العلماء والحث على طلب العلم، حديث ابن عباس رضي الله عنهما رقم (222).
وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله، وَمَلائِكَتَهُ، وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ، وَالَارْضينَِ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا، وَحَتَّى الحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الخَيْرَ» (1).
ويقول أبو هريرة رضي الله عنه: «لَأَنْ أَعْلَمَ بَابًا مِنْ الْعِلْمِ فِي أَمْرٍ ، وَنَهْيٍ ، أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ سَبْعِينَ غَزْوَةٍ فِي سَبِيلِ الله» (2).
وفضائل العلم وأهله من العلماء والمتعلمين لا تحصى.
قال سيدنا علي رضي الله عنه: «يا طالب العلم، إن العلم ذو فضائل كثيرة، فرأْسُهُ التواضع، وعينه البراءة من الحسد، وأذنه الفهم، ولسانه
(1) رواه الترمذي - كتاب العلم - باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة (5/ 50) حديث أبي أمامة الباهلي-رضي الله عنه رقم (685).
(2)
انظر: (المجموع) جـ 1 صـ 21.
الصدق، وحفظه الفَحْص، وقلبه حسن النية، وعقله معرفة الأشياء والأمور الواجبة، ويده الرحمة، ورجله زيارة العلماء، وهمته السلامة، وحكمته الورع، ومستقره النجاة، وقائده العافية، ومركبه الوفاء، وسلاحه لين الكلمة، وسيفه الرضى، وقوسه المداراة، وجيشه مجاورة العلماء، وماله الأدب، وذخيرته اجتناب الذنوب، وزاده المعروف، وماؤه الموادعة، ودليله الهدى، ورفيقه صحبة الأَخْيَار» (1).
قال صاحب فتح الكريم المنان (2): ذكر الإمام النووي في المجموع هذه الآثار منها:
قول عَلِيٍّ رضي الله عنه: «كَفَى بِالْعِلْمِ شَرَفًا أَنْ يَدَّعِيَهُ مَنْ لا يُحْسِنُهُ، وَيَفْرَحَ إذَا انتُسِبَ إلَيْهِ، وَكَفَى بِالْجَهْلِ ذَمًّا أَنْ يَتَبَرَّأَ مِنْهُ مَنْ هُوَ مُتخبط فِيهِ» .
(1) انظر: الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع، للخطيب البغدادي، ص:(21) ط دار الكتب العلمية بيروت
(2)
انظر فتح الكريم المنان بشرح نفحة الرحمن نظم شعب الإيمان - لشيخي العلامة أحمد بن جابر جبران -رحمه الله تعالى- (65 - 66).
وقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ: «مَثَلُ الْعُلَمَاءِ فِي الَارْضِ مَثَلُ النُّجُومِ فِي السَّمَاءِ إذَا بَدَتْ لِلنَّاسِ اهْتَدَوْا بِهَا، وَاذَا خَفِيَت تَحَيَّرُوا» .
ومما أنشده العلماء في فضل العلم قول أَبِي الأسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ -رحمه الله تعالى-:
الْعِلْمُ زَيْنٌ (1) وَتَشْرِيفٌ لِصَاحِبِهِ
…
فَاطْلُبْ هُدِيتَ فُنُونَ الْعِلْمِ وَالأدَبَا
لا خَيْرَ فِيمَنْ لَهُ أَصْلٌ بلا أَدَبٍ
…
حَتَّى يَكُونَ عَلَى مَا زَانَهُ حَدَبَا
كَمْ مِنْ كَرِيمٍ أَخِي عَيٍّ (2) وَطَمْطَمَةٍ
…
فَدْمٌ لَدَى الْقَوْمِ مَعْرُوفٌ إذَا انْتَسَبَا
فِي بَيْتِ مَكْرُمَةٍ (3) آبَاؤُهُ نُجُبُ
…
كَانُوا الرُّءُوسَ فَأَمْسَى بَعْدَهُمْ ذَنَبَا
وَخَامِلٍ مُقْرِفِ الآبَاءِ ذِي أَدَبٍ
…
نَالَ الْمَعَالِيَ بِالآدَابِ وَالرُّتَبَا
(1) الزين: الحسن.
(2)
العي: العجز عن التعبير اللفظي بما يفيد المعنى المقصود.
(3)
المكرمة: مما يُحمد فعله.
أَمْسَى عَزِيزًا عَظِيمَ الشَّأْنِ مُشْتَهِرَا
…
فِي خَدِّهِ صَعَرٌ قَدْ ظَلَّ مُحْتَجِبَا
الْعِلْمُ كَنْزٌ وَذُخْرٌ (1) لا نَفَادَ لَهُ
…
نِعْمَ الْقَرِينُ إذَا مَا صَاحِبٌ صَحِبَا
قَدْ يَجْمَعُ الْمَرْءُ مَالاً ثُمَّ يُحْرَمُهُ
…
عَمَّا قَلِيلٍ فَيَلْقَى الذُّلَّ وَالْحَرْبَا
وَجَامِعُ الْعِلْمِ مَغْبُوطٌ بِهِ أَبَدَا
…
وَلا يُحَاذِرُ مِنْهُ الْفَوْتَ وَالسَّلَبَا
يَا جَامِعَ الْعِلْمِ نِعْمَ الذُّخْرُ تَجْمَعُهُ
…
لا تَعْدِلَنَّ بِهِ دُرًّا وَلا ذَهَبَا
* * *
(1) الذخر: ما يدخر لوقت الحاجة.