الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في سبل الخير حتى انتهت إليه الإمامة في العلم والعمل، والزهد والورع، والشجاعة والكرم، والتواضع والحلم والإنابة، والجلالة والمهابة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وسائر أنواع الجهاد مع الصدق والعفة والصيانة، وحسن القصد والإخلاص، والابتهال إلى الله وكثرة الخوف منه، وكثرة المراقبة له وشدة التمسك بالأثر، والدعاء إلى الله وحسن الأخلاق، ونفع الخلق، والإحسان إليهم والصبر على من آذاه، والصفح عنه والدعاء له، وسائر أنواع الخير) (1) .
3 - عصره:
أولاً: الناحية السياسية:
يستطيع الواصف للحالة السياسية لعصر ابن تيمية رحمه الله أن يحدد معالمها بثلاثة أمور رئيسة:
أ - غزو التتار للعالم الإسلامي.
ب - هجوم الفرنجة على العالم الإسلامي.
جـ - الفتن الداخلية، وخاصة بين المماليك والتتار والمسلمين.
وقد ذكر ابن الأثير (2) رحمه الله وصفاً دقيقاً لذلك العصر، وهو من أهله:
فقال: (لقد بلي الإسلام والمسلمون في هذه المدة بمصائب لم يبتل بها
(1) العقود الدرية ص6 - 7. وممن اعتنى بذكر صفات شيخ الإسلام على وجه التفصيل: الحافظ البزار في الأعلام العلية. ومحمد أبو زهرة في كتابه ابن تيمية ص82 - 94، وعمر فروخ في كتابه ابن تيمية المجتهد ص51 - 54.
(2)
ابن الأثير: علي بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري أبو الحسن، المؤرخ الإمام، من العلماء بالنسب والأدب، سكن الموصل، وتجول في البلدان، وعاد إليها وتوفي بها سنة 630هـ.
انظر في ترجمته: وفيات الأعيان لابن خلكان 3/33، طبقات الشافعية للسبكي 8/299، شذرات الذهب لابن العماد 5/137.
أحد من الأمم: منها هؤلاء التتر: فمنهم من أقبلوا من الشرق ففعلوا الأفعال التي يستعظمها كل من سمع بها.
ومنها: خروج الفرنج - لعنهم الله - من الغرب إلى الشام وقصدهم ديار مصر وامتلاكهم ثغرها - أي دمياط -، وأشرفت ديار مصر وغيرها على أن يملكوها لولا لطف الله تعالى ونصره عليهم.
ومنها: أن السيف بينهم مسلول، والفتنة قائمة) (1) .
فأما التتار: فقد كانوا فاجعة الإسلام والمسلمين في القرن السابع الهجري، في سقوط بغداد - وبها سقطت الخلافة العباسية - سنة (656هـ)(2) وما قبل سقوط بغداد بسنوات (3) ، وما بعد سقوط بغداد حيث كانت هذه الأحداث قريبة من ولادة شيخ الإسلام ابن تيمية (ولا بد أن يكون قد شاهد آثار هذا الخراب والدمار بأم عينيه، وسمع تفاصيله المؤلمة عمن رأوا مناظره وشهدوها وشاهدوها، فمن الطبيعي أن يتأثر قلبه الغيور المرهف بنكبة المسلمين هذه وذلتهم، وتمتلئ نفسه غيظاً وكراهية لأولئك الوحوش الضواري)(4) .
وأما ظهور الفرنجة أو (الحروب الصليبية) : فقد كانت ولادة ابن تيمية رحمه الله في بداية الدور الرابع لهذه الحروب الذي يمثل دور الضعف الفرنجي وتجدد قوة المسلمين، باسترداد كثير من المدن الشامية الكبرى، وإكمال مسيرة طرد الفرنج من بلاد المسلمين.
(1) الكامل في التاريخ 9/320.
(2)
انظر شيئاً من وصف هذه الفاجعة في البداية والنهاية لابن كثير 13/200 - 204 في حوادث سنة (656هـ) .
(3)
كان هجوم التتار على العالم الإسلامي قبل سقوط بغداد بسنوات عدة، وقد ذكر ابن الأثير وهو المتوفى عام (630هـ) في حوادث سنة (617هـ) أنه بقي عدة سنين معرضاً عن ذكر أعمال التتار في المسلمين استعظاماً لها، ويقدم رجلاً ويؤخر أخرى قال:(فمن الذي يسهل عليه أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين، ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك، فياليت أمي لم تلدني، وياليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً) .
(4)
شيخ الإسلام الحافظ أحمد بن تيمية لأبي الحسن الندوي ص17.