الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
قول أهل السنة في مسألة التجسيم والتشبيه
في بداية عرض مذهب أهل السنة وقولهم في المشبهة - الذي حرصت أن يكون مستخلصاً من كلام السلف قبل ابن تيمية رحمه الله يحسن البدء بتعريف عام عن المشبهة، وأشهر الفرق التي تعرف بالتشبيه في تاريخ المسلمين، وبه يكون البدء بهذا المبحث.
المطلب الأول: التعريف بالمشبهة
التشبيه: قسمان: تشبيه المخلوق بالخالق، وتشبيه الخالق بالمخلوق.
القسم الأول: من شبه المخلوق بالخالق، ومن ذلك تشبيه النصارى حيث جعلوا عيسى ابن مريم ابن الله، ومن هذا الصنف السبئية (1) الذين يزعمون أن علياً هو الله (2) .
القسم الآخر: من شبه الخالق بالمخلوق: وهم صنفان:
الصنف الأول: شبهوا ذات البارئ بذات غيره.
(1) السبئية: أتباع عبد الله بن سبأ اليهودي الذي أظهر الإسلام لإحداث الفتنة بين المسلمين، وهو أول من قال بالنص في إمامة علي رضي الله عنه، وأول من قال بالرجعة والغيبة في الإسلام.
انظر: التنبيه والرد للملطي ص29 - 31، مقالات الإسلاميين للأشعري 1/86 - 87، الفرق بين الفرق للبغدادي ص21، وانظر في كتب الشيعة: فرق الشيعة للنوبختي ص22 - 23، المقالات والفرق للقمي ص161 - 162.
(2)
انظر: مقالات الإسلاميين للأشعري 1/83، الفرق بين الفرق للبغدادي ص225 - 227، والملل والنحل للشهرستاني 1/177.
الصنف الآخر: شبهوا صفات البارئ بصفات غيره.
يقول البغدادي (1) رحمه الله عن هذين الصنفين: (وكل صنف من هذين الصنفين مفترقون على أصنافٍ شتى)(2) .
وسأذكر باختصار أبرز الفرق التي عرفت بالتشبيه، ويأتي في مقدمتها طوائف متعددة من الشيعة، وهم أول من أظهر التشبيه عند المسلمين كما يقول الرازي (3)
رحمه الله عنهم (4) .
وأبرز الفرق التي قالت بالتشبيه ما يلي:
الفرقة الأولى: الهشامية: وهم طائفتان:
الطائفة الأولى: أتباع هشام بن الحكم (5) ، ومما زعمه ابن الحكم في معبوده أنه عريض طويل عميق، طوله مثل عرضه، وعرضه مثل عمقه، كالسبيكة الصافية يتلألأ كاللؤلؤة المستديرة من جميع جوانبها، وأنه ذو لون وطعم ورائحة وأنه سبعة أشبار بشبر نفسه
…
) (6) .
(1) البغدادي: عبد القاهر بن ناصر بن محمد التميمي البغدادي، أبو منصور، درس على أبي إسحاق الإسفراييني، وتأثر به في المعتقد الأشعري، من مؤلفاته: الفرق بين الفرق، ت سنة 429هـ.
انظر في ترجمته: وفيات الأعيان لابن خلكان 2/372، فوات الوفيات للكتبي 2/370.
(2)
الفرق بين الفرق ص225.
(3)
الرازي: أحمد بن عمر بن الحسين البكري الطبري الرازي، أبو عبد الله، الملقب ابن خطيب الري، كثير الرحلة، اشتهر بالذكاء، كتبه عرية عن الآثار ومنها: المطالب العالية، أساس التقديس، المحصول وغيرها، ت سنة 606هـ.
انظر في ترجمته: وفيات الأعيان لابن خلكان 3/381، طبقات الشافعية للسبكي 8/81، عيون الأنباء لابن أبي أصيبعة ص466.
(4)
انظر: اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص81.
(5)
هشام بن الحكم البغدادي الكندي، مولى بني شيبان، أبو محمد، من متكلمي الشيعة الإمامية، وممن بدأ الكلام في الإمامة، اقترب من البرامكة، ت سنة 190هـ.
انظر في ترجمته: الفهرست لابن النديم ص249، الفرق بين الفرق للبغدادي ص65.
(6)
انظر: مقالات الإسلاميين للأشعري 1/106 - 108، 281، الفرق بين الفرق للبغدادي 65، 227، نشأة الفكر الفلسفي للنشار 2/198 - 208، التجسيم عند المسلمين لسهير مختار 126 - 128.
الطائفة الأخرى: أتباع هشام بن سالم الجواليقي (1) ، ومما زعمه أن معبوده على صورة الإنسان، وأن نصفه الأعلى مجوف، ونصفه الأسفل مصمت، وأن له شعرة سوداء، وقلباً ينبع منه الحكمة (2) .
ويطلق على الطائفة الأولى: الهشامية الحكمية، ويطلق على الطائفة الثانية: الهشامية الجواليقية (3) .
الفرقة الثانية: الجواربية:
أتباع داود الجواربي (4) ،
ومما زعمه في معبوده أنه جسم ولحم ودم، وله جوارح وأعضاء، ووصف معبوده بأن له جميع أعضاء الإنسان إلا الفرج واللحية (5) .
الفرقة الثالثة: الكرامية: أتباع محمد بن كرام السجستاني (6) ، وأثبتوا لله الجسمية، وأنه جوهر، وهم طوائف متعددة تختلف ببعض جزئيات التشبيه (7) .
(1) الجواليقي: هشام بن سالم الجواليقي الجعفي، أبو محمد، مولى بشر بن مروان، من شيوخ الرافضة، ومن غلاة المشبهة.
انظر في ترجمته: الفهرست لابن النديم ص252، الفرق بين الفرق للبغدادي ص68.
(2)
انظر: مقالات الإسلاميين للأشعري 1/109، الفرق بين الفرق للبغدادي 68 - 69، 227، المقالات والفرق للقمي 225 - 227.
(3)
انظر: التجسيم عند المسلمين لسهير مختار 126، 128.
(4)
الجواربي: داود الجواربي، رأس في الرفض والتجسيم، كان يزعم أن ربه لحم ودم على صورة إنسان.
انظر في ترجمته: ميزان الاعتدال للذهبي 2/23، لسان الميزان لابن حجر 2/427.
(5)
انظر: مقالات الإسلاميين للأشعري 1/283، الفرق بين الفرق للبغدادي 228، الملل والنحل للشهرستاني 1/93 - 94.
(6)
ابن كرام: محمد بن كرام بن عراق السجستاني، أبو عبد الله، إمام الكرامية، كان زاهداً عابداً، لكنه إمام في البدعة، من الغلاة في الإثبات للصفات يروي الواهيات، ت سنة 255هـ.
انظر في ترجمته: البرهان للسكسكي ص35، ميزان الاعتدال للذهبي 4/21، طبقات الشافعية للسبكي 5/305، التجسيم عند المسلمين لسهير مختار ص45.
(7)
يصل عددها إلى ثنتي عشرة فرقة، وأصولها ست كما يقول الشهرستاني وهي: العابدية، التونية، الزرينية، الإسحاقية، الواحدية، الهيصمية، انظر: الملل والنحل للشهرستاني 1/99، نشأة الفكر الفلسفي للنشار 1/298 - 312، التجسيم عند المسلمين لسهير مختار 70 - 103، منهج الشهرستاني في كتابه الملل والنحل للسحيباني ص285.