الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع
دعوى مخالفة ابن تيمية الصحابة في قولهم بجواز بناء المساجد على القبور ومناقشتها
المطلب الأول
دعوى مخالفة ابن تيمية الصحابة في قولهم بجواز بناء المساجد على القبور
يرى المناوئون لابن تيمية رحمه الله أن البناء على القبور، وتشييدها، وجعل الستور عليها، وبناء المساجد عليها كله من الدين، وأن بناء المساجد على القبور سنة رائجة في صدر الإسلام (1) ؛ وأن عبارات العلماء قد تضافرت على بيان جواز البناء على القبور فكأنه إجماع عملي منهم (2) .
ويرون - بعد ذلك - أن ابن تيمية رحمه الله هو مؤسس القول بحرمة بناء المساجد على القبور (3) ، زاعمين أن من شبهة ابن تيمية رحمه الله كما يذكر السبكي (ت - 756هـ) ، أن اتخاذ القبور مساجد - مطلقاً - من أصول الشرك، وقد رد السبكي (ت - 756هـ) على ابن تيمية رحمه الله هذا الإطلاق، مبيناً أن الشرك هو
(1) انظر: الوهابية في الميزان للسبحاني ص121 وقد نقل النجمي في أوضح الإشارة ص28 عن أحد الشيعة نصاً يدعي فيه أن ابن تيمية خرج على إجماع الصحابة في جواز بناء المساجد على القبور.
(2)
انظر: التوسل بالنبي لأبي حامد مرزوق ص167، فيض الوهاب للقيلوبي 5/150.
(3)
انظر: الوهابية في الميزان للسبحاني ص111.
العكوف على القبور وتصوير الصور فيها (1) ، إذ يرى المناوئون أن تكريم أصحاب القور من صميم التوحيد (2) .
وذكروا أن الذي أشكل على ابن تيمية رحمه الله هو حديث أبي الهيّاج الأسدي (3)، وهو قوله: قال لي علي بن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته) (4)، فيقولون: إن هذا لا يدل على وجوب هدم البناء على القبور، وأن استدلال ابن تيمية به على تحريم البناء على القبور ليس بصحيح (5) .
وحديث أبي الهياج رضي الله عنه قد أجابوا عنه بضعف في السند (6) .
وبحثوا عن علة النهي عن البناء على القبور، ثم أتوا بعلل واهية، وأجابوا عنها بأجوبة - رأوا أنهم - ردوا فيها على ابن تيمية رحمه الله:
فذكروا أن العلة قد تكون للنهي عن البناء بما مسته النار كالجبس، والطوب الآجر وغيره، فأجابوا بأن هذا خاص ببناء القبر نفسه، لا بما يبنى عليه أو حوله.
وذكروا أن العلة قد تكون لخوف تداعي القبر، وأجابوا بأن الإجراءات إذا اتخذت لتقوية القبر، فإن العلة تزول.
وذكروا أن العلة قد تكون من خوف المباهاة والتفاخر، وأجابوا بأن
(1) انظر: شفاء السقام ص130 - 131.
(2)
انظر الإفهام والإفحام لمحمد زكي إبراهيم ص123.
(3)
أبو الهياج الأسدي: حيان بن حصين الكوفي، تابعي ثقة، كان كاتب عمار رضي الله عنه انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر 3/67.
(4)
الحديث أخرجه مسلم في صحيحه 2/666 كتاب الجنائز، باب الأمر بتسوية القبر، والنسائي في سننه 1/653 كتاب الجنائز، باب تسوية القبور إذا رفعت، والترمذي في سننه 3/357 كتاب الجنائز، باب ما جاء في تسوية القبور، والطيالسي في مسنده ص60 من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
(5)
انظر البراهين الجلية للموسوي ص52، 55.
(6)
انظر المقالات للكوثري ص248، الوهابية في الميزان للسبحاني ص77 - 79.
المباهاة انفعال شخصي يحاسب المرء عليه، ولا علاقة له بتحقق المصلحة العامة.
وذكروا أن العلة قد تكون من أجل التشبه بغير المسلمين، وأجابوا بأن إيجاد أي فارق بالبناء، فإن العلة تنتفي (1) .
وذكروا أن النهي في الحديث إنما هو للتنزيه، وليس للتحريم، أو أن معنى التسوية: هو التعديل إن كان القبر مسنماً، أو هدم الشرف إن كان مشرفاً فقط (2) .
(1) انظر: الإفهام والإفحام لمحمد زكي إبراهيم ص113 - 114.
(2)
انظر المقالات للكوثري ص248، البراهين الجلية للموسوي ص55 - 56، الوهابية في الميزان للسبحاني ص79 - 87.