الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني
دعوى جواز التوسل بالأنبياء والصالحين،
وأن شيخ الإسلام يحرم ذلك، ومناقشتها
المطلب الأول
دعوى جواز التوسل بالأنبياء والصالحين،
وأن شيخ الإسلام يحرم ذلك
يرى المناوئون لابن تيمية رحمه الله جواز التوسل بذوات المخلوقين من الأنبياء والصالحين، وأن هذا من شريعة الإسلام، قد جاءت به نصوص الكتاب والسنة، وإجماع سلف الأمة.
فمن الكتاب يستدلون بقوله تعالى: {وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} [المائدة: 35] .
إذ الوسيلة عامة تشمل التوسل بالأشخاص، والتوسل بالأعمال، بل يرون أن المتبادر من التوسل في الشرع هو هذا وذاك رغم تقول كل مفتر (1) .
وأما من السنة فيستدلون بحديث توسل عمر (ت - 23هـ) رضي الله عنه بالعباس (ت - 32هـ) رضي الله عنه وبغيره (2) .
وأما الإجماع: فقد حكى الإجماع على جواز التوسل بذوات الأنبياء في حياتهم حضوراً أو غائبين، وبعد مماتهم: جمع منهم، ويرون أن هذا هو اتفاق
(1) انظر: محق التقول في مسألة التوسل للكوثري ضمن مقالات الكوثري ص450.
(2)
انظر: محق التقول للكوثري ضمن مقالاته ص451، مصباح الأنام للحداد ص63، حكم الإسلام في التوسل بالأنبياء والأولياء عليهما السلام لمخلوف ص37 - 38.
السلف عبر القرون المفضلة الأولى، حتى جاء ابن تيمية رحمه الله بعد القرن السابع، وخرق هذا الإجماع:
(وقد جرى عمل الأمة على التوسل والزيارة إلى أَنِ ابتدع إنكار ذلك الحراني)(1) .
(الخلاف هو على التوسل بالميت الصالح، ولم يكن يختلف على جوازه أحد من السلف إلى القرن السابع، حيث ابتدع ابن تيمية هذا الخلاف الفتان)(2) .
(وطوال أربعة عشر قرناً: لم ينكره أحد سوى ابن تيمية وتلاميذه في القرن الثامن الهجري!)(3) .
(التوسل بالأموات زعم ابن تيمية أنه ممنوع)(4) .
وقال السبكي (ت - 756هـ) : (لم ينكر أحد ذلك من أهل الأديان، ولا سمع به في زمن من الأزمان، حتى جاء ابن تيمية فتكلم في ذلك بكلام يلبس فيه على الضعفاء الأغمار، وابتدع ما لم يسبق إليه في سائر الأعصار)(5) .
ولا يكتفي المناوئون لابن تيمية رحمه الله بإباحة التوسل بالأنبياء والصالحين، واستحبابه، بل يرون أن التوسل مشروع بعامة المسلمين وخاصتهم (6) .
وينكرون على من منع سؤال أولياء الله الموتى، بأنه لا حجة لهم إذا استدلوا بحديث:«إذا سألت فاسأل الله» (7) ، لأن الأموات الصالحين أحياء في
(1) محق التقول للكوثري ضمن مقالاته ص468.
(2)
الإفهام والإفحام لمحد زكي إبراهيم ص7.
(3)
الوهابية في الميزان لمحمد السبحاني ص162.
(4)
مصباح الأنام للحداد ص54.
(5)
شفاء السقام ص153.
(6)
انظر: محق التقول للكوثري ضمن مقالاته ص466.
(7)
الحديث أخرجه أحمد في مسنده 1/293 من حديث ابن عباس رضي الله عنهما؛ وصححه الألباني كما في صحيح الجامع 2/1317 - 1318.
قبورهم يتصرفون، وأنه تواتر عن المصطفى صلى الله عليه وسلم على أن موتى المؤمنين في البرزخ يعلمون، ويسمعون، ويرون، ويقدرون على الدعاء، وأن الشكوى لهم من ظلم الظالم قد تفيد، فلهم ما شاء الله من التصرفات (1) .
ويرون تخطئة ابن تيمية رحمه الله حين فرق بين التوسل بالأحياء الحاضرين القادرين، وبين التوسل بالميت، بأنه لا دليل على التفريق بين الحي والميت، ومن فرق بين الحي والميت فهو دليل على أنه يرى فناء الأرواح، وهذا يؤدي إلى إنكار البعث (2) .
ويذكرون مثالاً على جواز التوسل بالصالحين الموتى: أن الشافعي (ت - 204هـ) رحمه الله كان يتوسل بأبي حنيفة (ت - 150هـ) رحمه الله ببغداد، يأتي إلى ضريحه ويركع ركعتين، ويتوسل به (3) .
(1) انظر: حقيقة التوسل والوسيلة لموسى علي ص261 - 262.
(2)
انظر: محق التقول للكوثري ضمن مقالاته ص450.
(3)
انظر: مصباح الأنام للحداد ص57.