الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث
دعوى أن شيخ الإسلام أخذ التشبيه ممن قبله، ومناقشتها
المطلب الأول
دعوى أن شيخ الإسلام أخذ التشبيه ممن قبله
بعدما وصف أعداء عقيدة السلف الاعتقاد الحق بأنه تشبيه وتجسيم، ووصفوا شارح اعتقاد السلف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، بأنه - أيضاً - مجسم ومشبه استمراراً للقاعدة التي أصلوها.
بعد ذلك بحثوا عن جذور هذا القول قبل ابن تيمية رحمه الله ليقولوا بتأثره بتلك الجذور.
وتنوعت عباراتهم في تحديد تلك الجذور بدقة:
فمن قائل: إن تجسيم ابن تيمية رحمه الله امتداد لتجسيم اليهود حين قالوا: {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} [آل عمران: 181]، وقالوا:{يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} [المائدة: 64] . وقالوا: {عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة: 30](1) .
وبعض أعداء ابن تيمية رحمه الله يرون أنه انخدع بكلام أبي البركات البغدادي (2) ، الذي كان يهودياً، ويزعمون أنه تظاهر بالإسلام ولم يسلم،
(1) انظر: في هذه الشبهة: دفع شبه من شبه وتمرد للحصني ص67، 121، براءة الأشعريين لأبي حامد بن مرزوق 1/10. ابن تيمية ليس سلفياً لمنصور عويس 238 - 239.
(2)
أبو البركات: هبة الله بن ملكا أبو البركات، الطبيب الفيلسوف، صاحب كتاب (المعتبر في الحكمة) ، كان يهودياً فأسلم، يعرف بأوحد الزمان، ت سنة 547هـ وقيل غير ذلك.
انظر في ترجمته: إخبار الحكماء للقفطي ص343، وفيات الأعيان لابن خلكان 5/119.
ولذلك يطلقون عليه (ابن ملكا الفيلسوف اليهودي المتمسلم)(1) .
ومنهم من يرى أن ابن تيمية رحمه الله حمل لواء المذهب الكرامي، نصيراً ومؤيداً حيث ذكر ذلك أحدهم بقوله: (لم تمت الكرامية.. لقد عاشت الكرامية بعد موت مؤسسها
…
ثم احتضنها عالم سلفي متأخر، ومفكر من أكبر مفكري الإسلام وهو (تقي الدين بن تيمية)، أو بمعنى أدق: سار الحشو في طريقه يدعم فكرة التشبيه والتجسيم، ويجتذب إليه مجموعة من أذكى رجال الفكر الإسلامي) (2) .
ويجنح أعداء ابن تيمية رحمه الله إلى أمر آخر: وهو أنه لما كان الاعتقاد الحق ينسب إلى الإمام أحمد بن حنبل (ت - 241هـ) رحمه الله أنشأوا مصطلح (مجسمة الحنابلة) أو (حشوية الحنابلة) ، وجعلوهم أصولاً لابن تيمية رحمه الله يستقي منهم اعتقاده في الأسماء والصفات.
ويضربون أمثلة لهذا: كإمام أهل السنة وشيخ الحنابلة في عصره أبي محمد البربهاري (3) ، والقاضي أبي يعلى الحنبلي (ت - 458هـ) - رحمهما الله - ويعتمد مناوئوا ابن تيمية على كتاب لابن الجوزي (4)
رحمه الله سماه (دفع شبه
(1) انظر: المقدمات الخمس والعشرون لموسى بن ميمون، حاشية الكوثري، ص9، 10، التبصير في الدين للإسفراييني، حاشية الكوثري ص67، مقالات الكوثري ص124، المقالات السنية للحبشي ص78.
(2)
نشأة الفكر الفلسفي للنشار 1/311، وانظر في هذه الدعوى: ابن تيمية ليس سلفياً لمنصور عويس ص241، 248، التوسل بالنبي لابن مرزوق 2، براءة الأشعريين لابن مرزوق 1/7، السيف الصقيل تحقيق الكوثري ص102، 114، 115، 129، 130.
(3)
البربهاري: الحسن بن علي بن خلف البربهاري، أبو محمد، الإمام القدوة، الحافظ الفقيه، شيخ الحنابلة في عصره، ت سنة 329هـ.
انظر في ترجمته: طبقات الحنابلة لأبي يعلى 2/18، سير أعلام النبلاء للذهبي 15/90.
(4)
ابن الجوزي: عبد الرحمن بن علي بن محمد القرشي البغدادي، أبو الفرج، الإمام العلامة الواعظ، حنبلي في الفقه، مضطرب في الاعتقاد، صنف في علوم كثيرة، ت سنة 597هـ.
انظر في ترجمته: تذكرة الحفاظ للذهبي 4/1342، شذرات الذهب لابن العماد 4/329.
التشبيه بأكف التنزيه) (1) - يزعمون أنه هو الذي يمثل المسلك الصحيح للحنابلة، وأنه قصد الرد على من اتجه إلى التشبيه من الحنابلة (2) .
ومن المناوئين من جعل تأثر ابن تيمية رحمه الله بكل ما ذكر وليس بمسلك واحد (3) .
(1) فرح أعداء عقيدة السلف بهذا الكتاب، فطبعوه مراراً بتحقيق الكوثري حيث ملأه بالتعليقات والحواشي السيئة، ثم حققه حسن السقاف وأخرجه في مجلد، مع أن أصله صفحات فقد توسع وأسفّ في الرد على الاعتقاد الحق.
(2)
انظر: التبصير في الدين للإسفراييني حاشية الكوثري ص67، السيف الصقيل 130، دفع شبه التشبيه لابن الجوزي حاشية السقاف ص98، 102، براءة الأشعريين لابن مرزوق 1/7، 10، 20، التوسل بالنبي لابن مرزوق ص2، ويلاحظ التشابه الكبير بين كتابي ابن مرزوق حتى إنه تتماثل بعض الصفحات بحروفها.
(3)
انظر: نشأة الفكر الفلسفي للنشار 1/312، التبصير في الدين للإسفراييني حاشية الكوثري ص67، براءة الأشعريين لابن مرزوق 1/7، التوسل بالنبي لابن مرزوق ص52.