المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌565 - باب الحائض تترك الصلاة والصوم - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ٢٦

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الحيض والنفاس

- ‌أَبْوَابُ الْحَيْضِ

- ‌557 - بَابُ بَدْءِ الْحَيْضِ

- ‌558 - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَحْدَاثِ نِسَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ التِي مِنْ أَجْلِهَا سُلِّطَتْ عَلَيْهِنَّ الْحَيْضَةُ

- ‌559 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الذَّنْبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أُعْقِبَ بَنَاتُ آدَمَ بِالْحَيْضِ

- ‌560 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ الحَيْضَ مِنَ الشَّيْطَانِ

- ‌561 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ الحَيْضَ كَفَّارَةٌ

- ‌562 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي حَيْضِ المَرْأَةِ مِنْ دُبُرِهَا

- ‌563 - بَابُ الْحَيْضِ عَلَامَةُ الْبُلُوغِ

- ‌564 - بَابُ مَنِ اتَّخَذَ ثِيَابَ الْحَيْضِ سِوَى ثِيَابِ الطُّهْرِ

- ‌565 - بَابُ الحَائِضِ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ

- ‌566 - بَابُ الحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ دُونَ الصَّلَاةِ

- ‌567 - بَابُ الحَائِضِ تَسْمَعُ آيَةَ السَّجْدَةِ

- ‌568 - بَابُ الحَائِضِ تَذْكُرُ اللهَ

- ‌569 - بَابُ شُهُودِ الحَائِضِ خُطْبَةَ العِيدِ وَاعْتِزَالِهَا الصَّلَاةَ

- ‌570 - بَابٌ فِي رُقْيَةِ الحَائِضِ

- ‌571 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي نَهْيِ الحَائِضِ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ

- ‌572 - بَابُ قِرَاءَةِ الرَّجُلِ فِي حِجْرِ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ

- ‌573 - بَابُ دُخُولِ الحَائِضِ المَسْجِدَ

- ‌574 - بَابُ مَنْ قَالَ: لَا تَدْخُلُ الحَائِضُ المَسْجِدَ

- ‌575 - بَابُ طَهَارَةِ جِسْمِ الحَائِضِ، وَجَوَازِ مُؤَاكَلَتِهَا وَمُشَارَبَتِهَا

- ‌576 - بَابُ طَهَارَةِ عَرَقِ الْحَائِضِ

- ‌577 - بَابُ غَسْلِ الْحَائِضِ رَأْسَ زَوْجِهَا وَتَرْجِيلِهِ

- ‌578 - بَابُ اسْتِخْدَامِ الْحَائِضِ

- ‌579 - بَابُ الْحَائِضُ تَخْتَضِبُ

- ‌580 - بَابُ تَحْرِيمِ إِتْيَانِ الْحَائِضِ

- ‌581 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ الوَلَدَ الذِي تَحْمِلُ بِهِ المَرْأَةُ مِنْ وَطْءٍ فِي الحَيْضِ- قَدْ يُصَابُ بِالجُذَامِ

- ‌582 - بَابٌ فِي كَفَّارَةِ مَنْ أَتَى حَائِضًا

- ‌583 - بَابُ الِاضْطِجَاعِ مَعَ الْحَائِضِ

- ‌584 - بَابُ مَا جَاءَ فِي مُبَاشَرَةِ الْحَائِضِ إِذَا اتَّزَرَتْ

- ‌585 - بَابُ مَا جَاءَ فِي بَيَانِ مَوْضِعِ الاتِّزَارِ

- ‌586 - بَابُ صِفَةِ الثَّوْبِ الذِي تُبَاشَرُ فِيهِ الحَائِضُ

- ‌587 - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَنَّ لِلَّرجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ الحَائِضِ كُلَّ مَا سِوَى الفَرْجِ

- ‌588 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الاسْتِدْفَاءِ بِالحَائِضِ

- ‌589 - بَابُ مَا رُوِي فِي أَنَّ لَيْسَ لِلرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ الْحَائِضِ إِلَّا مَا فَوْقَ الإِزَارِ

- ‌590 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ لَيْسَ لِلرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ الحَائِضِ إِلَّا مَا فَوْقَ السُّرَّةِ

- ‌591 - بَابُ مَا رُوِي فِي اعْتِزَالِ فِرَاشِ الحَائِضِ

- ‌592 - بَابُ مَا جَاءَ فِي مُبَاشَرَةِ الحَائِضِ بِغَيْرِ إِزَارٍ بَعْدَ ثَلَاثٍ

- ‌593 - بَابُ مُدَّةِ الْحَيْضِ

- ‌594 - بَابُ إِذَا حَاضَتِ فِي شَهْرٍ ثَلَاثَ حِيَض، وَمَا يُصَدَّقُ النِّسَاءُ فِي الحَيْضِ، فِيمَا يُمْكِنُ

- ‌595 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الأَمْرِ بِدَفْنِ دَمِ الحَيْضِ

- ‌596 - بَابُ وُجُوبِ الاغْتِسَالِ مِنَ الحَيْضِ إِذَا طَهُرَتِ المَرْأَةُ

- ‌597 - بَابُ الْحَائِضِ كَيْفَ تَتَطَهَّرُ

- ‌598 - بَابُ نَقْضِ الْمَرْأَةِ شَعْرَهَا عِنْدَ غُسْلِ الْمَحِيضِ

- ‌599 - بَابُ امْتِشَاطِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ غُسْلِهَا مِنَ الْمَحِيضِ

- ‌600 - بَابُ الطِّيبِ لِلمَرَأَةِ عِنْدَ غُسْلِهَا مِنَ المَحِيضِ

الفصل: ‌565 - باب الحائض تترك الصلاة والصوم

‌565 - بَابُ الحَائِضِ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ

3239 -

حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ:

◼ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَضْحَى أَوْ فِطْرٍ إِلَى المُصَلَّى، فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ:((يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ؛ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ)). فَقُلْنَ: وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: ((تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ))، قُلْنَ: وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: ((أَلَيْسَ شَهَادَةُ المَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟ )) قُلْنَ: بَلَى. قَالَ: ((فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟ )) قُلْنَ: بَلَى. قَالَ: ((فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا)).

[الحكم]:

متفق عليه (خ، م).

[الفوائد]:

قال ابن المنذر: "أجمع أهل العلم لا اختلاف بينهم على إسقاط فرض الصلاة عن الحائض في أيام حيضها،

". ثم أخرج هذا الحديث، وقال بإثره: "فأخبر أن لا صلاة عليها ولا يجوز لها الصوم في حال الحيض، ثم أجمع أهل العلم على أن عليها الصوم بعد الطهر، ونفى الجميع عنها وجوب الصلاة؛ فثبت قضاء الصوم عليها بإجماعهم، وسقط عنها فرض الصلاة

ص: 86

لاتفاقهم" (الأوسط 2/ 330 - 331).

وقال أيضًا: "فأخبر أن الحائض لا صلاة عليها ولا يجوز لها الصوم في حال الحيض، وأجمع أهل العلم على أن عليها قضاء الصوم لإجماعهم، وسقط عنها فرض الصلاة لثبوت السنة والإجماع"(الأوسط 4/ 446).

وقال ابن حزم: "وَاتَّفَقُوا على أنَّ الحائض لا تصلي ولا تَصُوم أَيَّام حَيْضِها"(مراتب الإجماع ص 23).

وقال الحافظ ابن رجب: "وقد أجمع العلماء على أن الحائض لا يجوز لها الصلاة في حال حيضها، فرضًا ولا نفلًا"(فتح الباري 2/ 130).

[التخريج]:

[خ 304 "واللفظ له"، 1462 مطولًا، 1951 مختصرا، 2658 مختصرًا جدًّا/ م 80/ خز 2124/ حب 5780/ بز (كشف 950) / منذ 777، 2313، 6747، 8836/ قناع 180/ هق 1489، 8191/ هقغ 1367/ هقع 2153/ هقد 417/ بغ 19/ يمند 674/ حداد 1922].

[السند]:

قال البخاري (304): حدثنا سعيد بن أبي مريم، قال: أخبرنا محمد بن جعفر، قال: أخبرني زيد -هو ابن أسلم- عن عياض بن عبد الله، عن أبي سعيد الخدري، به.

ورواه مسلم (80) قال: حدثني الحسن بن علي الحُلْواني، وأبو بكر بن إسحاق، قالا: حدثنا ابن أبي مريم، أخبرنا محمد بن جعفر، قال: أخبرني زيد بن أسلم، به، إلا أنه لم يَسُقْ متنه وإنما قال: ((بمثل معنى حَدِيث

ص: 87

ابنِ عُمَرَ)). وهو الحديث الآتي بعد هذا.

هذا، وحديث أبي سعيد له روايات أُخَر، أعرضنا عن ذكرها هنا لأنه ليس لها علاقة بمحل الشاهد، فانظرها عندنا في موسوعة الصلاة (كتاب صلاة العيدين)، وموسوعة الزكاة، وموسوعة الجنة والنار، وغيرها.

ص: 88

3240 -

حَدِيثُ ابنِ عُمَرَ:

◼ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:((يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ وَأَكْثِرْنَ الِاسْتِغْفَارَ؛ فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ)). فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ - جَزْلَةٌ -: وَمَا لَنَا يَا رَسُولَ اللهِ أَكْثَرُ أَهْلِ النَّارِ؟ ! قَالَ: ((تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، وَمَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ)). قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ وَالدِّينِ؟ قَالَ:((أَمَّا نُقْصَانُ الْعَقْلِ: فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهَادَةَ رَجُلٍ، فَهَذَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ؛ وَتَمْكُثُ اللَّيَالِيَ مَا تُصَلِّي وَتُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ، فَهَذَا نُقْصَانُ الدِّينِ)).

[الحكم]:

صحيح (م).

[اللغة]:

قوله: ((فقالت امرأة منهن - جزلة -)) قال ابن الأثير: "جزلة: أي: تامة الخلق. ويجوز أن تكون ذات كلام جزل، أي: قوي شديد"(النهاية 1/ 746).

[التخريج]:

[م (79/ 132) "واللفظ له" / د 4597 / جه 4032/ حم 5343/ سعا 955 / مشكل 2727/ يمند 670 - 673 / لك 1623 / مسن 239، 240، 241 / محلى (1/ 39) / هق 20559، 20560، 20570/ هقع 19871 / شعب 29، 4805].

[السند]:

قال مسلم: حدثنا محمد بن رُمْح بن المهاجر المصري، أخبرنا الليث،

ص: 89

عن ابن الهاد، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر، به.

ثم قال: ((وحدثنيه أبو الطاهر، أخبرنا ابن وهب، عن بكر بن مُضَر، عن ابن الهاد، بهذا الإسناد مثله)).

والليث هو ابن سعد. وابن الهاد هو: يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي.

[تنبيه]:

ذكر الدَّارَقُطْنِيّ أن هذا الحديث: ((رواه عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، عن عبد الله بن دينار، عن الحسن مرسلًا))، ثم قال:((والمرسل أشبه)) (العلل 3086).

قلنا: لم نعثر على رواية الماجشون هذه، وابن الهاد ليس بأقل منه، فقد احتج به الجماعة، وصحح مسلم حديثه هذا، وهو المعتمد. والله أعلم.

ص: 90

روايةُ: ((تَمْكُثُ شَطْرَ عُمْرِهَا لَا تُصَلِّي)):

• وفي روايةٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنْ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((

وَأَمَّا نُقْصَانُ دِينِهَا فَإِنَّهَا تَمْكُثُ شَطْرَ عُمْرِهَا (دَهْرِهَا)[لَا تَصُومُ، و] لَا تُصَلِّي)).

• وفي روايةٍ، بلفظ:((تَمْكُثُ نِصْفَ دَهْرِهَا لَا تُصَلِّي)).

[الحكم]:

باطل لا أصل له ولا يثبت بهذين اللفظين. وقد حكم بذلك: ابن منده، والبيهقي، وأبو إسحاق الشيرازي، وابن العربي، وابن الجوزي، والمنذري، والنووي، وابن دقيق العيد، وابن عبد الهادي، وابن رجب، ومغلطاي، والزركشي، وابن كثير، وابن الملقن، وابن حجر، والعيني، والسخاوي، والسيوطي، وعلي القاري، والعامري، والشوكاني، ومحمد الأمير المالكي، وأبو المحاسن القاوقجي، والمباركفوري.

[التحقيق]:

هذا الرواية باطلة سندًا ومتنًا:

فأما السند؛ فإنَّ رواية الحديث بهذين اللفظين ((شَطْرَ عُمْرِهَا أو نِصْفَ دَهْرِهَا)) لم نجد لها أصلًا في شيء من دواوين السنة النبوية، وإنما ذكره هكذا عدد من الفقهاء مستدلين به على أن أكثر مدة الحيض خمسة عشر يومًا.

ووهمَ بعضُهم: فعزاه للبخاري!، وقيل: لأبي داود!، وقيل: لابن أبي حاتم في (سننه)!. وكل هذا محض وهم، كما سيأتي بيانه بالتفصيل.

قال الروياني الشافعي - متعقبًا قول من قال أن أكثر الحيض سبعة عشر يومًا -: "وهذا غلط لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنَّهنَّ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ) فقيل: وما نقصان دينهن يا رسول الله؟ فقال: ((تَمْكُثُ إحْدَاهُنَّ شَطْرَ دَهْرِهَا لَا

ص: 91

تُصَلِّي))، فدل على أن أكثر الحيض خمسة عشر. وهذا الخبر بهذا اللفظ رواه شيوخنا رحمهم الله في التصانيف. ورُوي:((نِصْفَ دَهْرِهَا)) " (بحر المذهب 1/ 360).

واحتج به كذلك غير واحد من أهل الفقه والأصول؛ انظر: (الشرح الكبير للرافعي 1/ 292)، و (شرح التلقين للمازري 1/ 335)، و (البيان في مذهب الإمام الشافعي لابن أبي الخير 1/ 347)، و (المقدمات الممهدات لابن رشد المالكي 1/ 127)، و (الكافي في فقه الإمام أحمد لابن قدامة الحنبلي 1/ 139)، و (الإحكام في أصول الأحكام للآمدي 3/ 65)، و (الموافقات للشاطبي 2/ 152)، و (مختصر ابن الحاجب) كما في (تحفة الطالب بمعرفة أحاديث مختصر ابن الحاجب لابن كثير ص 310)، و (موافقة الخبر الخبر في تخريج أحاديث المختصر لابن حجر 2/ 212)، وغيرها كثير من كتب الفقه والأصول.

وأغرب شيخ الإسلام ابن تيمية، فقال: "رواه ابن أبي حاتم في (سننه)! عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"، فذكره باللفظ المذكور في المتن (شرح عمدة الفقه - كتاب الطهارة 1/ 477).

وتبعه ابن مفلح فعزاه كذلك لعبد الرحمن بن أبي حاتم في (سننه) عن ابن عمر مرفوعًا، وزاد قائلًا:"وذكر ابن المنجا أنه رواه البخاري! ! ، وهو خطأ"(المبدع في شرح المقنع 1/ 238).

وذكره كذلك الزركشي في (شرح مختصر الخرقي 1/ 410) إلا أنه جعل التخريج للقاضي أبي يعلى، فقال:"قال القاضي: رواه عبد الرحمن بن أبي حاتم في (سننه) ".

ص: 92

وقد ذكر ابن الملقن أن ابن تيمية نقل ذلك في (شرح الهداية لأبي الخطاب) عن القاضي أبي يعلى فقال: "ذكر عبد الرحمن بن أبي حاتم البُستي في (سننه)

". ثم تعقبه قائلًا: "وعبد الرحمن ليس له سنن، وسننه التي عزاه إليها لم نقف عليها بل ولا سمعنا بها، فالله أعلم. ولفظ الحديث في الصحيح:((أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟ ))، رواه البخاري من حديث أبي سعيد" (البدر المنير 3/ 56).

وقال الحافظ ابن حجر: "لا أصل له بهذا اللفظ"، ثم قال - متعقبًا ابن تيمية فيما ذكره عن أبي يعلى -:"كذا قال، وابن أبي حاتم ليس هو بُستيًا إنما هو رازي، وليس له كتاب يقال له: السنن! "(التلخيص الحبير 1/ 287).

وسيأتي نقولات كثيرة عن جم غفير من الأئمة والحفاظ أن الحديث لا أصل له بهذا اللفظ.

وأما المتن؛ فمعناه باطل؛ إذ الغالب على النساء أنهن يحضن سبعة أيام - أو أقل - كل شهر، ويشهد لذلك الأحاديث الصحيحة المتقدمة، وذلك ليس ((شَطْرَ دَهْرِهَا)) أو ((نِصْفَ عُمْرِهَا))!

فضلًا عن كون الحيض لا يأت المرأة غالبًا سوى في سن الخامسة عشر أو ما يقارب ذلك، وينقطع عنها عند كبرها، فكل هذا يدل على بطلان هاتين الروايتين (رواية ودراية).

وحاول بعضهم التفريق بين رواية ((شَطْرَ دَهْرِهَا)) ورواية ((نِصْفَ عُمْرِهَا)) لغةً؛

فقال أبو بكر الجصاص: "واحتج بعض من جعل أكثر الحيض خمسة عشر يومًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَا رَأيتُ ناقصاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِعُقُولِ ذَوِي الْأَلْبَابِ مِنْهُنَّ))، فَقِيلَ: وَمَا نُقْصَانُ دِينِهِنَّ؟ فَقَالَ: ((تَمْكُثُ إحْدَاهُنَّ نِصْفَ عُمْرِهَا لَا

ص: 93

تُصَلِّي))، قال: وهذا يدل على أن الحيض خمسة عشر يومًا ويكون الطهر خمسة عشر يومًا؛ لأنه أقل الطهر فيكون الحيض نصف عمرها ولو كان أكثر الحيض أقل من ذلك لم توجد امرأة لا تصلي نصف عمرها. فيقال له: لم يرو أحد ((نِصْفَ عُمْرِهَا)) وإنما رُوي على وجهين أحدهما: ((شطرَ عُمْرِهَا)) والآخر: ((تَمْكُثُ إحْدَاهُنَّ الأيام واللَّيَالِيَ لَا تُصَلِّي)).

فأما ذكر ((نِصْف عُمْرِهَا)) فلم يوجد في شيء من الأخبار.

وقوله ((شطرَ عُمْرِهَا)) لا دلالة فيه على أنه أراد النصف؛ لأن الشطر هو بمنزلة قوله (طائفة) و (بعض) ونحو ذلك

(1)

. قال الله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144]، وإنما أراد ناحيته وجهته ولم يرد نصفه، وقد بُيِّن مقدارُ ذلك الشطر في قوله صلى الله عليه وسلم:((تَمْكُثُ إحْدَاهُنَّ الأيام واللَّيَالِيَ لَا تُصَلِّي)) " (أحكام القرآن 2/ 29).

قلنا: كذا زعم أن رواية ((شطرَ عُمْرِهَا)) هي المروية، وكلا الروايتين لا أصل لهما ولا وجود لهما في شيء من المصادر والروايات، فيما وقفنا عليه.

- وقد قال بذلك عدد كبير من الأئمة والحفاظ على مختلف العصور:

فقال ابن منده - عقب إخراجه حديث أبي سعيد المتقدم -: "وذكر بعضهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((تَمْكُثُ نِصْفَ دَهْرِهَا لَا تُصَلِّي))، ولا يثبت هذا من وجه من الوجوه عن النبي صلى الله عليه وسلم"(الإمام لابن دقيق العيد 3/ 213).

(1)

كذا قال، والمشهور في اللغة أن الشطر: النصف، فلا يصرف عن ذلك إلا بقرينة. وأجاب عن ذلك أيضًا الفخر الرازي بأن الشطر هو النصف، يقال: شطرت الشيء أي جعلته نصفين، ويقال في المثل: أجلب جلبا لك شطره، أي نصفه. (التفسير 6/ 417).

ص: 94

وقال البيهقي: ((وأما الذي يذكره بعض فقهائنا في هذه الرواية من قعودها شطر عمرها وشطر دهرها لا تصلي، فقد طلبته كثيرًا فلم أجده في شيء من كتب أصحاب الحديث، ولم أجد له إسنادًا بحال، والله أعلم)) (معرفة السنن والآثار 2/ 145).

وأقرّهما ابن دقيق العيد في (الإمام 3/ 213)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 3/ 193).

وقال أبو إسحاق الشيرازي: "وأقل طهر فاصل بين الدَّمين خمسة عشر يومًا لا أعرف فيه خلافًا، فإن صح ما يُروَى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في النساء: ((نُقْصَانُ دِينِهِنَّ أنَّ إِحْدَاهُنَّ تَمْكُثُ شَطْرَ دَهْرِهَا لَا تُصَلِّي))، دلَّ ذلك على أن أقل الطهر خمسة عشر يومًا، لكني لم أجده بهذا اللفظ إلا في كتب الفقه"(المهذب 1/ 78).

وأما ابن العربي فقال: "رُوي في هذا الحديث: ((تَمْكُثُ إِحْدَاكُنَّ شَطْرَ دَهْرِهَا لَا تُصَلِّي)) رواه أبو داود، وليس بصحيح، فلا تعولوا عليه، فربما تعلق به بعض الأصحاب في أن أكثر الحيض خمسة عشر يومًا"(عارضة الأحوذي 10/ 94).

قلنا: كذا عزاه لأبي داود! ! ، وهذا محض وهم، فالحديث بهذا اللفظ لا يوجد عند أبي داود ولا عند غيره، كما سبق من كلام بعض الأئمة، وانظر بقية أقوالهم فيما يلي.

قال ابن الجوزي: "وأصحابنا قد ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((تَمْكُثُ إِحْدَاكُنَّ شَطْرَ عُمرِهَا لَا تُصَلِّي))، وهذا لفظ لا أعرفه"(التحقيق 1/ 263).

وقال المنذري في (تعليقه على المهذب): "هذا الحديث بهذا اللفظ لم

ص: 95

يوجد له إسناد بحال" (البدر المنير 3/ 56).

وقال النووي: "أمَّا حديث (تَمْكُثُ شَطْرَ دَهْرِهَا) فحديث باطل لا يعرف، وإنما ثبت في الصحيحين (تَمْكُثُ اللَّيَالِيَ لَا تُصَلِّي) "(المجموع 2/ 377).

وقال في (خلاصة الأحكام 597): "باطل لا أصل له"

(1)

.

ولهذا ذكره ابن عبد الهادي في جملةٍ ((منَ الأحاديث مما يذكره بعض الفقهاء أو الأصوليين أو المحدثين محتجًا به أو غير محتج به مما ليس له إسناد، أو له إسناد ولا يحتج بمثله النقاد من أهل العلم))، كذا قال في (رسالة لطيفة في أحاديث متفرقة ضعيفة ص 22) ثم سرد جملة منها هذا الحديث، (ص 23).

وقال الحافظ ابن رجب: "لا يصح، وقد طعن فيه ابن منده والبيهقي وغيرهما من الأئمة"(فتح الباري 2/ 151).

وقال ابن كثير: "لم أره في شيء من الكتب الستة ولا غيرها"(تحفة الطالب بمعرفة أحاديث مختصر ابن الحاجب ص 310).

وقال في (إرشاد الفقيه 1/ 77): "فأما حديث يلهجُ به كثير من الفقهاء في كتبهم للدلالة على أن أكثر الحيض وأقل الطهر خمسة عشر يومًا، أنه عليه السلام قال للنساء: ((تَمْكُثُ إِحْدَاكُنَّ شَطْرَ دَهرِهَا لَا تُصَلِّي))، فلا أصل له في كتب الحديث ولا غيرها، قاله غير واحد من الحفاظ".

وقال ابن الملقن: "هذا الحديث بهذا اللفظ غريب جدًّا، وقد نص غير

(1)

وتحرف الحديث في مطبوع (الخلاصة) إلى: ((تمكث تنتظر دهرها))، والذي في كل المصادر ((شطر)) بدل ((تنتظر)).

ص: 96

واحد من الحفاظ على أنه لا يعرف له أصل" (البدر المنير 3/ 55).

وقال في (الخلاصة 1/ 77): "لا أصل له، قاله ابن منده والبيهقي وابن الجوزي وغيرهم".

وقال ابن حجر: "لم أره بهذا السياق"(موافقة الخبر الخبر 2/ 212).

وقال في (التلخيص): "لا أصل له بهذا اللفظ"، ثم قال: "تنبيه: في قريب من المعنى ما اتفقا عليه من حديث أبي سعيد قال: ((أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟ ))، ورواه مسلم من حديث ابن عمر بلفظ: ((تَمْكُثُ اللَّيَالِيَ مَا تُصَلِّي وَتُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ

))،

وهذا وإن كان قريبًا من معنى الأول، لكنه لا يعطي المراد من الأول، وهو ظاهر من التفريع، والله أعلم. وإنما أورد الفقهاء هذا محتجين به على أن أكثر الحيض خمسة عشر يومًا، ولا دلالة في شيء من الأحاديث التي ذكرناها على ذلك، والله أعلم" (التلخيص الحبير 1/ 287).

وقال السخاوي: "لا أصل له بهذا اللفظ"(المقاصد الحسنة ص 268).

وقال الملا علي القاري: "والحاصل أنه لا أصل له بهذا اللفظ من حيث مبناه، وإلا فيقرب من معناه ما اتفق عليه الشيخان من حديث أبي سعيد مرفوعًا:(أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟ ))) (الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة ص 166).

وقال في (المصنوع في معرفة الحديث الموضوع 96): "قال الحفاظ: لا أصل له بهذا اللفظ. ومعناه في الصحيح".

قلنا: وقوله (ومعناه في الصحيح) فيه نظر شديد؛ كما تقدم بيانه، فليس في الصحيح ما يشهد لمعناه، بل ما في الصحيح يشهد ببطلانه.

ص: 97

وقد قال المباركفوري: "لم أجد حديثًا لا صحيحًا ولا ضعيفًا يدل على أن أقل الحيض يوم وليلة وأكثره خمسة عشر يومًا إلا هذا الحديث، وقد عرفت أنه لا أصل له، بل هو باطل"(تحفة الأحوذي 1/ 342).

وأقرَّ ببطلانه وكونه لا أصل له:

الزركشي في (التذكرة ص 70)، والعيني في (البناية 1/ 630)، والسيوطي في (الدرر المنتثرة 168)، والعامري في (الجد الحثيث في بيان ما ليس بحديث 113)، والشوكاني في (الفوائد المجموعة 17)، ومحمد الأمير المالكي في (النخبة البهية في الأحاديث المكذوبة على خير البرية 90)، وأبو المحاسن القاوقجي في (اللؤلؤ المرصوع فيما لا أصل له 153).

ص: 98

3241 -

حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ:

◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم انْصَرَفَ مِنَ الصُّبْحِ يَوْمًا، فَأَتَى النِّسَاءَ فِي الْمَسْجِدِ، فَوَقَفَ عَلَيْهِنَّ فَقَالَ:((يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَوَاقِصِ عُقُولٍ [قَطُّ] 1 وَدِينٍ أَذْهَبَ بِقُلُوبِ ذَوِي الْأَلْبَابِ مِنْكُنَّ، وَإِنِّي قَدْ أُرِيتُ أَنَّكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ فَتَقَّرَبْنَ إِلَى اللَّهِ مَا اسْتَطَعْتُنَّ)).

وَكَانَ فِي النِّسَاءِ امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَأَتَتْ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَأَخْبَرَتْهُ بِمَا سَمِعَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَخَذَتْ حُلِيًّا لَهَا، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أَيْنَ تَذْهَبِينَ بِهَذَا الْحُلِيِّ؟ فَقَالَتْ: أَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ عز وجل، وَ [إِلَى] 2 رَسُولِهِ، لَعَلَّ اللَّهَ أَلَّا يَجْعَلَنِي مِنْ أَهْلِ النَّارِ. فَقَالَ: وَيْلَكِ، هَلُمَّ تَصَدَّقِي بِهِ عَلَيَّ وَعَلَى وَلَدِي؛ فَإِنَّا لَهُ مَوْضِعٌ. فَقَالَتْ: لَا وَاللَّهِ حَتَّى أَذْهَبَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَذَهَبَتْ تَسْتَأْذِنُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: هَذِهِ زَيْنَبُ تَسْتَأْذِنُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ: ((أَيُّ الزَّيَانِبِ هِيَ؟ )). فَقَالُوا: امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. فَقَالَ: ((ائْذَنُوا لَهَا)). فَدَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي سَمِعْتُ مِنْكَ مَقَالَةً، فَرَجَعْتُ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ فَحَدَّثْتُهُ، وَأَخَذْتُ حُلِيًّا [لِي] 3 أَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ وَإِلَيْكَ

(1)

؛ رَجَاءَ أَلَّا يَجْعَلَنِي اللَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَقَالَ لِيَ

(1)

عَلَّق الشيخ الألباني على قول محقق (صحيح ابن خزيمة) عن هذا الحديث: ((إسناده صحيح .. وعمرو بن أبي عمرو ثقة له أوهام، ولم أجد له متابعًا))، فقال:((وإني لأخشى أن يكون قوله: ((وَإِلَيْكَ)) بعد قوله: ((إِلَى اللَّهِ)) من أوهامه إذ لا يجوز التقرب إلى غير الله تعالى بشيء من العبادات .. وموضع النكارة في ذلك هو ما أفاده السياق من سكوت النبي صلى الله عليه وسلم على هذا القول، فلو أنها قالت ذلك لأنكره عليها كما أنكر على الذي قال:(ما شاء الله وشئت) بقوله: ((أجعلتني لله ندًّا؟ قل: ما شاء الله =

ص: 99

ابْنُ مَسْعُودٍ: تَصَدَّقِي بِهِ عَلَيَّ وَعَلَى وَلَدِي فَإِنَّا لَهُ مَوْضِعٌ. فَقُلْتُ: حَتَّى أَسْتَأْذِنَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((تَصَدَّقِي بِهِ عَلَيْهِ وَعَلَى بَنِيهِ؛ فَإِنَّهُمْ لَهُ مَوْضِعٌ)).

ثُمَّ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ مَا سَمِعْتُ مِنْكَ حِينَ وَقَفْتَ عَلَيْنَا:((مَا رَأَيْتُ مِنْ نَوَاقِصِ عُقُولٍ قَطُّ وَلَا دِينٍ أَذْهَبَ بِقُلُوبِ ذَوِي الْأَلْبَابِ مِنْكُنَّ)) قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعُقُولِنَا؟ فَقَالَ:((أَمَّا مَا ذَكَرْتُ مِنْ نُقْصَانِ دِينِكُنَّ فَالحَيْضَةُ الَّتِي تُصِيبُكُنَّ، تَمْكُثُ إِحْدَاكُنَّ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَمْكُثَ لَا تُصَلِّي وَلَا تَصُومُ، فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ دِينِكُنَّ. وَأَمَّا مَا ذَكَرْتُ مِنْ نُقْصَانِ عُقُولِكُنَّ فَشَهَادَتُكُنَّ إِنَّمَا شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ نِصْفُ شَهَادَةٍ)).

[الحكم]:

صحيح، وصححه: ابن خزيمة، والألباني، وقد أسنده مسلم في (صحيحه)، غير أنه لم يَسُقْ متنه، وأحال به على معنى حَدِيث ابنِ عُمَرَ السابق.

[التخريج]:

[م 80 ولم يَسُقْ لفظه/ حم 8862 "واللفظ له" / كن 9423 مختصرًا/ خز 2518 دون الفقرة الأخيرة/ عل 6585/ جع 350

= وحده)) أخرجه أحمد، فتأمل)) (صحيح ابن خزيمة 4/ 106/ الحاشية).

وقد وَجَّه الألباني هذه الجملة في موضع آخر، فقال:((لعلها ضَمَّنت قولها معنى الطاعة، فكأنها قالت: أطيع الله ورسوله. أو أن قولها كان قبل النهي عن مثلها؛ كمثل: ((ما شاء الله وشئت))؛ فقد كانوا يقولون ذلك، ويسمع النبي صلى الله عليه وسلم ولا ينهاهم، حتى أمره الله تعالى بالنهي؛ فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال -في حديث الطفيل المتقدم برقم (138) -: ((

كنتم تقولون كلمة كان يمنعني الحياء منكم أن أنهاكم عنها؛ لا تقولوا: ما شاء الله وشاء محمد)) (الصحيحة 7/ 400/ 3142).

ص: 100

والزيادة الأولى والثالثة له ولغيره/ طح (2/ 24، 25/ 3035، 3036) دون الفقرة الأخيرة/ مسن 243/ يمند 675، 676/ أمع 1647 والزيادة الثانية له/ حل (2/ 69) دون الفقرة الأخيرة/ تمهيد (3/ 323، 324) / عتلال 229 مختصرًا جدًّا، 230/ بلا (11/ 225) دون الفقرة الأخيرة].

[السند]:

قال مسلم: وحدثنا يحيى بن أيوب، وقتيبة، وابن حجر قالوا: حدثنا إسماعيل- وهو ابن جعفر- عن عمرو بن أبي عمرو، عن الَمْقُبري، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمثل معنى حَدِيث ابنِ عُمَرَ.

وقد سبق حَدِيثُ ابنِ عُمَرَ قبله، وليس بمثل لفظ حديث أبي هريرة، ولا فيه قصة زينب؛ ولذا أحال مسلم على المعنى، ولم يحل على اللفظ.

والحديث قد أخرجه علي بن حُجْر في (حديث إسماعيل بن جعفر) - وعنه النسائي في (الكبرى)، وابن خزيمة -: عن إسماعيل

، به، بمثل اللفظ الذي أثبتناه، إلا أن النسائي اختصر القصة، ولم يذكر ابن خزيمة بيان معنى نقصان العقل والدين.

ورواه أحمد: عن سليمان بن داود العَتَكي. وأبو عبيد ابن سَلَّام في (الأموال). وأبو يعلى: عن يحيى بن أيوب. وابن منده في (الإيمان)، وأبو نعيم في (المستخرج): من طريق قتيبة وغيره.

كلهم عن إسماعيل بن جعفر، به.

ووقع في أكثر المراجع من حديث أبي سعيد المقبري، وفي بعضها من حديث سعيد المقبري، واختلفت نسخ المسند في ذلك.

ص: 101

قال النووي: ((اختُلف في المراد بالمقبري هنا، هل هو أبو سعيد المقبري؟ أو ابنه سعيد؟ فإن كل واحد منهما يقال له: المقبري، وإن كان المقبري في الأصل هو أبو سعيد.

فقال الحافظ أبو علي الغساني الجَيَّاني عن أبي مسعود الدمشقي: (هو أبو سعيد)، قال أبو علي:(وهذا إنما هو في رواية إسماعيل بن جعفر عن عمرو بن أبي عمرو). وقال الدَّارَقُطْنِيّ: (خالفه سليمان بن بلال، فرواه عن عمرو عن سعيد المقبري)، قال الدَّارَقُطْنِيّ:(وقول سليمان بن بلال أصح))) (شرح مسلم 2/ 69).

قلنا: وكلام الدَّارَقُطْنِيّ في (العلل 5/ 266).

ورواية سليمان بن بلال: أخرجها الخرائطي في (الاعتلال 229)، وابن منده في (الإيمان 676) من طريق عبد الحميد بن أبي أويس، عن سليمان بن بلال، عن عمرو، عن [سعيد (بن)

(1)

أبي سعيد] المقبري، به، والزيادة للخرائطي، وقد اختصر متنه جدًّا.

ثم نقل النووي عن ابن الصلاح قوله: ((رواه أبو نعيم في كتابه المخرج على صحيح مسلم، من وجوه مرضية عن إسماعيل بن جعفر، عن عمرو بن أبي عمرو، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، هكذا مبينًا، لكن رويناه في (مسند أبي عوانة) المخرج على صحيح مسلم من طريق إسماعيل بن جعفر، عن أبي سعيد، ومن طريق سليمان بن بلال (عن سعيد)، كما سبق عن الدَّارَقُطْنِيّ، فالاعتماد عليه إذًا)) (شرح مسلم 2/ 69).

والحاصل: أن المَراجع التي خَرَّجت رواية إسماعيل بن جعفر قد اختلفت

(1)

- تحرفت في مطبوع (الاعتلال) إلى: ((عَنْ))! !

ص: 102

في تعيين المقبري، وعَيَّنه ابن بلال بأنه سعيد، وهو ما رجحه الدَّارَقُطْنِيّ. وكيفما كان، فلن يضر؛ فكل منهما ثقة سمع من أبي هريرة، إلا أن رواية عمرو عن سعيد في (الصحيحين)، بينما روايته عن أبي سعيد ليست فيهما.

هذا، وقد رواه الطحاوي في (شرح المعاني 3035) عن فهد بن سليمان، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا إسماعيل بن أبي كثير الأنصاري، عن عمر بنُ نُبَيْه الكعبي، عن المقبري، عن أبي هريرة به، دون بيان معنى نقصان العقل والدين.

وعَدَّ الألباني هذا الطريق متابعة لعمرو بن أبي عمرو، فقال:((تابعه عمر بن نُبَيْه .. ، أخرجه الطحاوي، وإسناده صحيح)) (الصحيحة 7/ 397).

قلنا: ولكن هذا اختلاف على إسماعيل، فهو نفسه ابن جعفر الذي رواه الجماعة عنه عن عمرو، وخالفهم ابن معبد، فجعله عن ابن نبيه عن المقبري به!

فذكر (ابن نبيه) في الإسناد مخالفة، وليس متابعة، والأقرب أن هذا الطريق وهمٌ، وإن كان رواته كلهم ثقات، وقد جاء بهذا الإسناد غير ما حديث منكر، فالله أعلم.

ص: 103

رِوَايَةُ ((تَمْكُثُ إِحْدَاكُنَّ الثَّلَاثَ أَوِ الْأَرْبَعَ لَا تُصَلِّي)):

• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ النَّاسَ فَوَعَظَهُمْ، ثُمَّ قَالَ: ((يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ [تَصَدَّقْنَ؛ فـ]ـإِنَّكُنَّ أَكْثَرُ أَهْلِ النَّارِ))، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ [مِنْهُنَّ] جَزْلَةٌ: وَبِمَ ذَاكَ [يَا رَسُولَ اللَّهِ]؟ قَالَ: ((بِكَثْرَةِ اللَّعْنِ (لَعْنِكُنَّ)، وَكُفْرِكُنَّ الْعَشِيرَ، وَمَا رَأَيْتُ مِنَ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِذَوِي الْأَلْبَابِ وَذَوِي الرَّأْيِ مِنْكُنَّ)). قَالَتِ امْرَأَةٌ [مِنْهُنَّ: و] مَا نُقْصَانُ عُقُولِنَا وَدِينِنَا؟ قَالَ: ((شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ مِنْكُنَّ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ. وَنُقْصَانُ دِينِكُنَّ الْحَيْضَةُ، تَمْكُثُ إِحْدَاكُنَّ الثَّلَاثَ أَوِ الْأَرْبَعَ لَا تُصَلِّي)).

[الحكم]:

صحيح لغيره، وإسناده حسن. وقال الترمذي:((حسن صحيح))، وقال الألباني:((على شرط مسلم)).

[التخريج]:

[ت 2799 "والرواية والزيادات له ولغيره" / خز 1060 "واللفظ له" / مشكل 2728/ سعا 956 / يمند 677 / جر 219 / منذ 6748].

[السند]:

قال ابن خزيمة: نا أحمد بن عبدة، ثنا عبد العزيز -يعني ابن محمد الدراوردي-، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة به.

وتوبع عليه ابن عبدة، فمداره عند الجميع على عبد العزيز بن محمد عن سهيل به.

[التحقيق]:

هذا إسناد على شرط مسلم، فقد احتج بعبد العزيز بن محمد الدراوردي وبسهيل بن أبي صالح، وهما صدوقان، في حفظهما شيء، فالسند حسن

ص: 104

من أجلهما.

ولذا قال الترمذي -عقبه-: ((هذا حديث حسن صحيح)).

وقال الألباني: ((وهو على شرط مسلم)) (الصحيحة 7/ 397/ 3142).

والحديث صحيح؛ فقد سبق من حديث أبي سعيد وابن عمر رضي الله عنهما.

ص: 105

3242 -

حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ:

◼ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ؛ فَإِنَّكُنَّ أَكْثَرُ أَهْلِ جَهَنَّمَ))، فَقَالتِ امْرَأَةٌ لَيْسَتْ مِنْ عِلْيَةِ النِّسَاءِ: وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَحْنُ أَكْثَرُ أَهْلِ جَهَنَّمَ؟ قَالَ: ((إِنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، وَمَا وُجِدَ مِنْ نَاقِصِ الدِّينِ وَالرَّأْيِ (وَمَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ) 1 أَغْلَبَ لِلرِّجَالِ ذَوِي الْأَمْرِ عَلَى أُمُورِهِمْ مِنَ النِّسَاءِ))، قَالُوا: وَمَا نَقْصُ دِينِهِنَّ وَرَأْيِهِنَّ؟ قَالَ: ((أَمَّا نَقْصُ رَأْيِهِنَّ: فَجُعِلَتْ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ. وَأَمَّا نَقْصُ دِينِهِنَّ: فَإِنَّ إِحْدَاهُنَّ تَقْعُدُ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً (لَا تُصَلِّي) 2)).

[الحكم]:

صحيح المتن بلفظ: ((لَا تُصَلِّي)) كما تقدم في الصحيح، وإسناده لَيِّن، ونفي السجود هنا رواية بالمعنى لنفي الصلاة، وقوله في هذا الحديث: ((وَمَا وُجِدَ مِنْ نَاقِصِ الدِّينِ

إلخ)) مدرج، فالصواب أنه من كلام ابن مسعود، وقد صح مرفوعًا من حديث أبي سعيد وغيره.

[التخريج]:

[ك 2810 "واللفظ له"، 9008 "والرواية الأولى له" / عل 5284 "والرواية الثانية له" / زمنين (السنة 138) مختصرًا جدًّا].

[السند]:

أخرجه أبو يعلى الموصلي، قال: حدثنا أبو خيثمة، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا شعبة، عن الحكم، عن ذر، عن وائل بن مَهَانة، عن عبد الله، به.

وذر هو: ابن عبد الله بن زرارة الهمداني.

ص: 106

ورواه الحاكم (2810) من طريق الإمام أحمد، عن عبد الرزاق، عن سفيان، عن منصور والأعمش، عن ذر، به.

ومن طريق يحيى بن المغيرة السعدي، حدثنا جرير، عن منصور، عن ذر، به.

ورواه أيضًا (9008) من طريق قبيصة بن عقبة، حدثنا سفيان، عن منصور، به.

ورواه ابن أبي زمنين في (السنة) من طريق محمد بن وضاح، عن حامد بن يحيى البلخي قال: حدثنا سفيان، عن منصور، به مختصرًا، بلفظ:((نُقْصَانُ دِينِ النِّسَاءِ الحَيْضُ)).

وسفيان هنا هو ابن عيينة. وعند الحاكم هو الثوري.

فمدار الحديث عندهم: على ذر بن عبد الله بن زرارة، عن وائل بن مَهَانة، عن ابن مسعود، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ لينٌ؛ وائل بن مهانة وهو التيمي الكوفي، ترجم له البخاري في (التاريخ الكبير 8/ 176)، وابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 9/ 43)، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، سوى ما رواه البخاري عن شعبة قال:((كان وائل من أصحاب ابن مسعود)).

وقال ابن المديني: ((لا نعلم أحدًا روى عن وائل بن مهانة إلا ذر)) (العلل له 170).

ومع ذلك ذكره ابن حبان في (الثقات 5/ 495) على عادته في توثيق المجاهيل. ولذا قال الذهبي: ((وُثِّق)) (الكاشف 6039). وقال في (الميزان

ص: 107

4/ 331): ((لا يُعرف، له حديث واحد)). وقال ابن حجر: ((مقبول)) (التقريب 7395). يعني: إذا توبع، وإلا فلَين.

ورغم هذا، قال الحاكم عقبه:((هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه))! (المستدرك 2810).

وقال في الموضع الثاني: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه))! ! (المستدرك 9008).

قلنا: وقوله في هذا الحديث: ((وَمَا وُجِدَ مِنْ نَاقِصِ الدِّينِ وَالرَّأْيِ

)) إلى آخره- مدرج، الصواب أنه من كلام ابن مسعود.

فقد رواه الدارمي (1030) عن سعيد بن الربيع.

ورواه الحارث (297) عن يزيد بن هارون.

ورواه الشاشي (871) من طريق النضر.

ورواه ابن حبان (3326) من طريق غندر. أربعتهم عن شعبة.

ورواه أبو علي الرفاء في فوائده (164) من طريق أبي نعيم عن المسعودي.

ورواه الحارث (297) عن يزيد عن حجاج بن أرطاة.

ثلاثتهم (شعبة والمسعودي والحجاج) عن الحكم.

ورواه الحميدي (92) والعدني في (الإيمان 35) وغيرهما، عن سفيان بن عيينة.

ورواه أبو يعلى (5112) من طريق عبد العزيز بن عبد الصمد. كلاهما (ابن عيينة وعبد العزيز) عن منصور.

كلاهما (الحكم ومنصور) عن ذر، عن ابن مهانة، عن ابن مسعود به،

ص: 108

وجعلوا آخره - وهو قوله: ((وَمَا وُجِدَ مِنْ نَاقِصِ الدِّينِ وَالرَّأْيِ

إلخ)) - من قول ابن مسعود. ففَصَلوا المرفوع عن الموقوف.

وكذا رواه ابن أبي شيبة في (المصنف 31048) و (الإيمان 59) عن أبي معاوية عن الأعمش عن ذر به، مقتصرًا على الموقوف.

وكذا رواه الخلال (1172) عن أحمد عن ابن عيينة عن منصور به، مقتصرًا على الموقوف.

وهو عند أحمد في (المسند 3569) عن ابن عيينة به إلى قوله: ((وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ)).

وكذا عنده رواية الثوري عن منصور والأعمش (4019)، ورواية أبي معاوية عن الأعمش (4037)، ورواية شعبة (4151، 4152)، والمسعودي (4122) عن الحكم، كلهم إلى قوله:((وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ))، وكذا رواه أبو يعلى عن أبي خيثمة عن جرير عن منصور.

وخرج هذا القدر منه النسائي في (الكبرى 9409، 9410)، والطيالسي (384)، وابن أبي شيبة (9898) وغيرهم، وسيأتي تخريجه في موضعه اللائق به من الموسوعة.

هذا، وقد أنكر الألباني رواية:((لَا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً))، فقال:((قوله: (لَا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً)، منكر، مخالف للحديث الصحيح

(1)

من جهتين:

الأولى: أنه لم يذكر الصيام.

والأخرى: أنه ذكر السجدة مكان الصلاة؛ فقد يأخذ منه بعض من لا علم

(1)

- يعني: حديث ابن عمر السابق.

ص: 109

عنده بالسنة وفقهها أن المرأة الحائض أو النفساء ليس لها أن تسجد سجدةً ما - كسجدة الشكر والتلاوة -، وهذا مما لا دليل عليه، وإن كان يمكن تأويل السجدة بالصلاة - من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل -، لكن التأويل فرع التصحيح، وإذا لم يصح الحديث بهذا اللفظ؛ فلا مسوغ للتأويل. فتنبه! )). قال الألباني: ((ثم رأيت الحديث قد أخرجه ابن حبان .. من طريق الحكم

به، إلا أنه قال:((لَا تُصَلِّي فِيهِ صَلاةً وَاحِدَةً))، وهذا هو الصحيح الثابت في الأحاديث الصحيحة، ولكنه أوقفه على ابن مسعود أيضًا)) (الضعيفة 6106).

قلنا: ووقفه على ابن مسعود هو المحفوظ كما تقدم، ولفظ الحميدي والعدني والخلال:((تَمْكُثُ كَذَا يَوْمًا لَا تُصَلِّي لِلَّهِ سَجْدَةً))، ولفظ الدارمي والشاشي:((لَا تُصَلِّي لِلَّهِ صَلَاةً))، ولفظ الحارث:((لَا تُصَلِّي))، ولفظ ابن أبي شيبة:((تَرْكُهَا الصَّلَاةَ أَيَّامَ حَيْضِهَا))، ولفظ أبي يعلى:((لَا تَسْجُدُ لِلَّهِ فِيهِ سَجْدَةً))، فالظاهر أن نفي السجود رواية بالمعنى لنفي الصلاة. والله أعلم.

والحديث قد صح -كما تقدم- من حديث أبي سعيد الخدري وابن عمر وأبي هريرة، رضي الله عنهم، والله أعلم.

ص: 110

3243 -

حَدِيثُ عَائِشَةَ: فِي شَأْنِ المُسْتَحَاضَةِ:

◼ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((لَا، إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَيْسَ بِحَيْضٍ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي)).

قَالَ

(1)

: وَقَالَ أَبِي: ((ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ الوَقْتُ)).

[الحكم]:

متفق عليه (خ، م)، دون قول عروة فللبخاري دون مسلم.

[التخريج]:

[خ 228 "واللفظ له"، 331 مختصرًا / م 333 / د 282 / ت 126/ ..... ]

وسيأتي تخريج الحديث كاملًا برواياته وتحقيقه وشواهده في أول أبواب الاستحاضة، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ).

وفي هذا الباب أحاديث أُخر عن عائشة وغيرها، انظرها في الباب التالي:(باب الحائض تقضي الصوم دون الصلاة).

(1)

- أي: هشام بن عروة.

ص: 111