المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌563 - باب الحيض علامة البلوغ - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ٢٦

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الحيض والنفاس

- ‌أَبْوَابُ الْحَيْضِ

- ‌557 - بَابُ بَدْءِ الْحَيْضِ

- ‌558 - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَحْدَاثِ نِسَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ التِي مِنْ أَجْلِهَا سُلِّطَتْ عَلَيْهِنَّ الْحَيْضَةُ

- ‌559 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الذَّنْبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أُعْقِبَ بَنَاتُ آدَمَ بِالْحَيْضِ

- ‌560 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ الحَيْضَ مِنَ الشَّيْطَانِ

- ‌561 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ الحَيْضَ كَفَّارَةٌ

- ‌562 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي حَيْضِ المَرْأَةِ مِنْ دُبُرِهَا

- ‌563 - بَابُ الْحَيْضِ عَلَامَةُ الْبُلُوغِ

- ‌564 - بَابُ مَنِ اتَّخَذَ ثِيَابَ الْحَيْضِ سِوَى ثِيَابِ الطُّهْرِ

- ‌565 - بَابُ الحَائِضِ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ

- ‌566 - بَابُ الحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ دُونَ الصَّلَاةِ

- ‌567 - بَابُ الحَائِضِ تَسْمَعُ آيَةَ السَّجْدَةِ

- ‌568 - بَابُ الحَائِضِ تَذْكُرُ اللهَ

- ‌569 - بَابُ شُهُودِ الحَائِضِ خُطْبَةَ العِيدِ وَاعْتِزَالِهَا الصَّلَاةَ

- ‌570 - بَابٌ فِي رُقْيَةِ الحَائِضِ

- ‌571 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي نَهْيِ الحَائِضِ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ

- ‌572 - بَابُ قِرَاءَةِ الرَّجُلِ فِي حِجْرِ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ

- ‌573 - بَابُ دُخُولِ الحَائِضِ المَسْجِدَ

- ‌574 - بَابُ مَنْ قَالَ: لَا تَدْخُلُ الحَائِضُ المَسْجِدَ

- ‌575 - بَابُ طَهَارَةِ جِسْمِ الحَائِضِ، وَجَوَازِ مُؤَاكَلَتِهَا وَمُشَارَبَتِهَا

- ‌576 - بَابُ طَهَارَةِ عَرَقِ الْحَائِضِ

- ‌577 - بَابُ غَسْلِ الْحَائِضِ رَأْسَ زَوْجِهَا وَتَرْجِيلِهِ

- ‌578 - بَابُ اسْتِخْدَامِ الْحَائِضِ

- ‌579 - بَابُ الْحَائِضُ تَخْتَضِبُ

- ‌580 - بَابُ تَحْرِيمِ إِتْيَانِ الْحَائِضِ

- ‌581 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ الوَلَدَ الذِي تَحْمِلُ بِهِ المَرْأَةُ مِنْ وَطْءٍ فِي الحَيْضِ- قَدْ يُصَابُ بِالجُذَامِ

- ‌582 - بَابٌ فِي كَفَّارَةِ مَنْ أَتَى حَائِضًا

- ‌583 - بَابُ الِاضْطِجَاعِ مَعَ الْحَائِضِ

- ‌584 - بَابُ مَا جَاءَ فِي مُبَاشَرَةِ الْحَائِضِ إِذَا اتَّزَرَتْ

- ‌585 - بَابُ مَا جَاءَ فِي بَيَانِ مَوْضِعِ الاتِّزَارِ

- ‌586 - بَابُ صِفَةِ الثَّوْبِ الذِي تُبَاشَرُ فِيهِ الحَائِضُ

- ‌587 - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَنَّ لِلَّرجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ الحَائِضِ كُلَّ مَا سِوَى الفَرْجِ

- ‌588 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الاسْتِدْفَاءِ بِالحَائِضِ

- ‌589 - بَابُ مَا رُوِي فِي أَنَّ لَيْسَ لِلرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ الْحَائِضِ إِلَّا مَا فَوْقَ الإِزَارِ

- ‌590 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ لَيْسَ لِلرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ الحَائِضِ إِلَّا مَا فَوْقَ السُّرَّةِ

- ‌591 - بَابُ مَا رُوِي فِي اعْتِزَالِ فِرَاشِ الحَائِضِ

- ‌592 - بَابُ مَا جَاءَ فِي مُبَاشَرَةِ الحَائِضِ بِغَيْرِ إِزَارٍ بَعْدَ ثَلَاثٍ

- ‌593 - بَابُ مُدَّةِ الْحَيْضِ

- ‌594 - بَابُ إِذَا حَاضَتِ فِي شَهْرٍ ثَلَاثَ حِيَض، وَمَا يُصَدَّقُ النِّسَاءُ فِي الحَيْضِ، فِيمَا يُمْكِنُ

- ‌595 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الأَمْرِ بِدَفْنِ دَمِ الحَيْضِ

- ‌596 - بَابُ وُجُوبِ الاغْتِسَالِ مِنَ الحَيْضِ إِذَا طَهُرَتِ المَرْأَةُ

- ‌597 - بَابُ الْحَائِضِ كَيْفَ تَتَطَهَّرُ

- ‌598 - بَابُ نَقْضِ الْمَرْأَةِ شَعْرَهَا عِنْدَ غُسْلِ الْمَحِيضِ

- ‌599 - بَابُ امْتِشَاطِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ غُسْلِهَا مِنَ الْمَحِيضِ

- ‌600 - بَابُ الطِّيبِ لِلمَرَأَةِ عِنْدَ غُسْلِهَا مِنَ المَحِيضِ

الفصل: ‌563 - باب الحيض علامة البلوغ

‌563 - بَابُ الْحَيْضِ عَلَامَةُ الْبُلُوغِ

3235 -

حَدِيثُ عَائِشَةَ رضي الله عنها

◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:((لَا يَقْبَلُ اللَّهُ عز وجل صَلَاةَ حَائِضٍ (امْرَأَةٍ قَدْ حَاضَتْ) إِلَّا بِخِمَارٍ)).

[الحكم]:

مختلف فيه: فحَسَّنه: الترمذي- وأقره الطوسي- وابن العربي، والعراقي، والسيوطي. وهو ظاهر صنيع ابن القيم. وصححه: ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والنووي، وابن الملقن، والألباني، وأحمد شاكر.

بينما أعله: أبو داود، والدَّارَقُطْنِيّ، والبيهقي، وعبد الحق الإشبيلي، وابن حجر.

والراجح: إعلاله.

[الفوائد]:

1 -

قوله: ((لَا يَقْبَلُ اللَّهُ عز وجل صَلَاةَ حَائِضٍ)) أي: البالغة التي من شأنها أن تحيض، وإلا فلا صلاة للحائض حالة الحيض. قاله السندي في (حاشية مسند أحمد 14/ 326).

2 -

وقال ابن المنذر: ((أجمع أهل العلم أن على المرأة الحرة البالغة أن تخمر رأسها إذا صلت. وعلى أنها إن صلت وجميع رأسها مكشوف أن صلاتها فاسدة، وأن عليها إعادة الصلاة)). (الأوسط 5/ 69).

ص: 60

[التخريج]:

[د 637 "واللفظ له" / ت 378 / جه 603 / حم 25167، 25833، 25834، 26226 / خز 841 "والرواية له ولغيره" / حب 1707، 1708/ ك 836 / جا 175/ ش 6279/ حق 1284، 1285 / جعد 3308 / منذ 2393 / هق 3296، 5155، 11423 / هقع 4061 / تمهيد (6/ 368) / طوسي 349 / معر 1994، 1995، 1996 / مخلدي (ق 264/ ب) / محلى (1/ 90)، (3/ 219) / حزم (إحكام 5/ 119) / بغ 527 / كما (35/ 210)].

[السند]:

أخرجه أبو داود (637) -ومن طريقه ابن حزم في (الإحكام 5/ 119)، والبغوي في (شرح السنة 527) - قال: حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا حجاج بن منهال، حدثنا حماد، عن قتادة، عن محمد بن سيرين، عن صفية بنت الحارث، عن عائشة، به.

وحماد هو ابن سلمة كما صُرح به في كثير من المراجع الأخرى.

لكن وقع عند ابن حزم: ((حماد هو ابن زيد))! !

وهذا خطأ، وأشد منه صنيعه في (المحلى) فقد رواه في (المحلى 1/ 90)، و (3/ 219) من طريق عفان بن مسلم، ثنا حماد بن زيد، ثنا قتادة، به.

هكذا وقع في (المحلى)، فأوهم أن حماد بن زيد متابع لحماد بن سلمة في هذا الحديث عن قتادة.

واعتمده الألباني، فقال: ((وقد تابع حماد بن سلمة على وصله سَمِيُّه حماد

ص: 61

ابن زيد، كما أخرجه ابن حزم في المحلى)) الإرواء (1/ 215) و (صحيح أبي داود 3/ 208).

وليس كذلك؛ بل ذِكْر ((حماد بن زيد)) هنا خطأ محض، والصواب أنه حماد بن سلمة؛ وذلك لأمور:

الأول: أن حماد بن زيد لم يسمع من قتادة، ولم يلتقِ به أصلًا، فقد روى المُقدَّمي في (تاريخه، ص 587)، عن سليمان بن حرب، قال: سمعت حماد بن زيد يقول: ((كنت هيأت الصحف لقدوم قتادة من واسط، من عند خالد بن عبد الله القسري، لأكتب عنه، فمات بواسط)).

ولذا لم يذكره أصحاب التراجم في الرواة عن قتادة، ولا ذكروا قتادة في شيوخه، ولو كان يَروي عنه لما أغفلوا ذكره. وانظر كتاب (الإرشادات في تقوية الأحاديث بالشواهد والمتابعات، ص 166).

الثاني: أنه قد عُيِّن بابن سلمة عند ابن خزيمة (841)، والطوسي (349)، وهو عندهما من رواية ابن المنهال، التي خرجها ابن حزم في (الإحكام) من طريق أبي داود، وهو عنده مهمل كما سبق، فعَيَّنه ابن حزم قائلًا:((هو ابن زيد))!

كما أن رواية عفان بن مسلم عند ابن عبد البر في (التمهيد 6/ 368)، وفيها التصريح بأن شيخه هو حماد بن سلمة.

ورواه الإمام أحمد في (المسند)(25167، 25834) -ومن طريقه المزي في (التهذيب 35/ 210) - عن عفان بن مسلم، عن حماد

(1)

، ولم

(1)

- تحرف في (التهذيب) إلى: ((همام))! ! ! .

ص: 62

ينسبه، وكذا عند ابن المنذر (2393).

وقد ذكر المزي أن عفان لا يَروي عن حماد بن زيد إلا وينسبه، وقد يَروي عن حماد بن سلمة فلا ينسبه، وكذلك حجاج بن المنهال، (تهذيب الكمال 7/ 269).

وهذا يعني أن المهمل عند أبي داود وأحمد هو ابن سلمة.

ويدل عليه أيضًا صنيع الحاكم - وهو عنده من رواية حجاج -، حيث صححه على شرط مسلم، ولو كان هو ابن زيد لصححه على شرطهما كما ذكره الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على (المحلى 1/ 90).

الثالث: أن الدَّارَقُطْنِيّ ذكر في (العلل 3780) أن حماد بن سلمة هو المتفرد بوصله. وهو كذلك، فقد رواه الناس عنه، ولم تأتِ رواية ابن زيد إلا عند ابن حزم، مما يدل على أنه هو المخطئ في تعيينه. وبذلك جزم الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على (المحلى).

وعليه، فمدار الحديث عندهم على حماد بن سلمة عن قتادة، عن ابن سِيرِينَ به

(1)

.

[التحقيق]:

هذا إسناد ظاهره الصحة، رجاله ثقات رجال مسلم سوى صفية بنت الحارث، فمن رواة السنن، وهي أم طلحة الطلحات، مختلف في صحبتها: فجزم بصحبتها ابن حجر في (الإصابة 11537)، وقال في (التقريب):"صحابية". بينما ذكرها ابن حبان في التابعين من (الثقات 4/ 385 - 386).

(1)

- إلا أن ابن الأعرابي قد أسنده أيضًا عن حماد على وجهين آخرين سيأتي الكلام عنهما في التحقيق.

ص: 63

فمثلها لا ينزل حديثها عن درجة القبول.

ولذا قال الترمذي عقبه: ((حديث حسن)).

وتبعه الطوسي في (مختصر الأحكام 2/ 298)، والقاضي ابن العربي في (العارضة 2/ 137)، والعراقي في (طرح التثريب 2/ 226)، والسيوطي في (الجامع الصغير 9841)، حيث رمز لحسنه، وأقره المُناوي في (التيسير 2/ 497).

وهو ظاهر صنيع ابن القيم حيث قال: ((ورجال إسناده محتج بهم في الصحيحين! إلا صفية بنت الحارث، وقد ذكرها ابن حبان في الثقات)) (الحاشية 2/ 345).

وقال الحاكم عقبه: ((صحيح على شرط مسلم! ، ولم يخرجاه، وأظن أنه لخلاف فيه على قتادة)).

قال الألباني: ((ووافقه الذهبي

(1)

، وهو كما قالا))! (الثمر المستطاب ص 315)، و (أصل صفة الصلاة ص 171)، و (صحيح أبي داود 3/ 207).

وذكره النووي في فصل الصحيح من (خلاصته 954).

وذكر مغلطاي في (شرح ابن ماجه 3/ 201) أن ابن حزم صححه، ولم نجده في كتبه صراحة، إلا أنه احتج به في (المحلى) و (الإحكام)، وقد ذكر في (مقدمة المحلى، ص 2): ((أنه لا يحتج إلا بخبر صحيح)).

(1)

كذا قال الشيخ، والمعتمد - لدينا - أن الذهبي ملخص فقط لكلام الحاكم، دون إقرار أو موافقة، إلا إذا كان في كلامه ما يؤكد ذلك صراحة. وفي المسألة كلام طويل، هذا خلاصته. والله أعلم.

ص: 64

وقال ابن الملقن: ((صحيح)) (البدر المنير 4/ 155) و (6/ 676).

لكن أُعِلَّ هذا الحديث بعلتين:

الأولى: أن حماد بن سلمة انفرد به عن قتادة، وقد خولف فيه:

خالفه سعيد بن أبي عروبة، فرواه عن قتادة عن الحسن مرسلًا.

أخرجه الحاكم (837) -وعنه البيهقي (3297) - من طريق يحيى بن أبي طالب، ثنا عبد الوهاب بن عطاء، أنبأ سعيد عن قتادة عن الحسن، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:((لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ حَائِضٍ إِلَّا بِخِمَارٍ)).

ويحيى مختلف فيه، والراجح أنه صدوق. (السير 12/ 620)، و (اللسان 1475).

وعبد الوهاب معروف بصحبة سعيد ورواية كتبه.

وبهذا المرسل أشار أبو داود إلى إعلال رواية حماد، حيث قال بعد إخرجه:((رواه سعيد -يعني: ابن أبي عروبة- عن قتادة عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم).

وكذا فعل البيهقي في (الكبرى عقب رقم 3296).

ولا شك أن سعيد بن أبي عروبة من أثبت الناس في قتادة. وعلى العكس تمامًا فإن حماد بن سلمة يخطئ كثيرًا فيه، نقله الإمام مسلم عن بعض الأئمة، حيث قال:((أثبت الناس في ثابت البُناني حماد بن سلمة، كذلك قال يحيى القطان ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل وغيرهم من أهل المعرفة، وحماد يُعَد عندهم إذا حَدَّث عن غير ثابت كحديثه عن قتادة وأيوب ويونس وداود بن أبي هند والجُرَيْري ويحيى بن سعيد وعمرو بن دينار وأشباههم، فإنه يخطئ في حديثهم كثيرًا)) (التمييز ص 218).

ص: 65

وتخريج مسلم لحماد بن سلمة عن قتادة وبعض هؤلاء المذكورين- إنما هو فيما تابعه عليه غيره من الثقات ووافقوه عليه، ولم يخرج له عن أحد منهم شيئًا تفرد به عنه. (شرح العلل لابن رجب، ص 783).

وقد ردَّ الشيخ أحمد شاكر هذه العلة بقوله: ((وهو تعليلٌ ضعيفٌ؛ فإن الطريقين مختلفان، وحماد بن سلمة الذي رواه عن قتادة موصولًا ثقة إمام حجة)) (تعليقه على المحلى 1/ 90).

وبنحوه أجاب الشيخ الألباني في (الإرواء 1/ 215).

وهذا جواب من وجهين:

الوجه الأول: في قوله: ((فإن الطريقين مختلفان))، لاختلافهما في شيخ قتادة، إذ هو في الموصول ابن سيرين، وفي المرسل هو الحسن البصري، فكأنهما حديثان مستقلان، لا يعل أحدهما الآخر، بل يقويه. وهو ما صرح به الألباني فقال:((هذا إسناد آخر لقتادة، وهو غير إسناد المرسل عن الحسن، فهو شاهد جيد للموصول)) (الإرواء 1/ 215)، و (صحيح أبي داود 3/ 208).

ويقوي ذلك الجواب أمران:

الأول: أن شعبة قد رواه عن قتادة بمثل إسناد حماد إلا أنه وقفه، وهذه هي علته كما سيأتي، فدلت رواية شعبة على أن حمادًا لم يهم في ذكر شيخ قتادة ومن فوقه، مما يؤكد أن مرسل الحسن حديث آخر عن قتادة.

الثاني: عدم ذكر الدَّارَقُطْنِيّ للوجه المرسل في (العلل 3780)، في الوقت الذي ذكر فيه الموقوف الآتي. ولو كان المرسل من وجوه الاختلاف في الحديث، لكان أولى بالذكر.

ص: 66

ولعل هذا هو نفس السبب الذي جعل الحاكم يصحح الموصول، غير مكترث بهذا المرسل، رغم وقوفه عليه كما سبق.

وبهذا تعلم أن ابن حجر وهم في قوله: ((أعله الحاكم بالإرسال)) (التلخيص 1/ 505).

الوجه الثاني: أن من وصله ثقة إمام حجة، فلا يضره من خالفه.

قلنا: نعم، حماد إمام حجة، ولكن في غير الشيوخ الذين تكلم في روايته عنهم، ومنهم قتادة كما سبق، وإن كان الدارمي قد نقل في (التاريخ 37)، عن ابن معين أنه وثق حمادًا في قتادة! وهذا خلاف ما نقله مسلم، واعتمده ابن رجب في (شرح العلل، ص 783)، ويؤيده الواقع، فكم من حديث وهم حماد فيه على قتادة! والظاهر أن هذا منها، فهناك وجه ثالث عن قتادة، ذكره الدَّارَقُطْنِيّ، فقال:((وخالفه -يعني: حمادًا- شعبة وسعيد بن بشير، فروياه عن قتادة موقوفًا)) (العلل 8/ 432).

وقوله: ((عن قتادة موقوفًا)) أي: بالإسناد السابق إلى عائشة. وهو ما يدل عليه السياق قبله وبعده، وهذا له نظائر كثيرة عنده، انظر على سبيل المثال (العلل 2/ 117)، وليس مراده أنه موقوف على قتادة، وإلا لقال:((من قوله)).

ولم نجد من أخرج هذا الوجه، والله المستعان، فلو صح فهو علة لحديث حماد، وقد أعله بذلك عبد الحق في (الأحكام الوسطى 1/ 316).

العلة الثانية: أن قتادة قد خولف فيه عن ابن سيرين.

فقد رواه عن ابن سيرين عن عائشة دون ذكر صفية جماعة أثبات، وهم:

1 -

أيوب السختياني، عند أحمد (24646)، وأبي داود (637).

ص: 67

2 -

وهشام بن حسان، عند أحمد (26016) والطوسي (348).

3 -

والأشعث بن عبد الملك، عند إسحاق في (المسند 1344).

وبهذه العلة أعله الدَّارَقُطْنِيّ، فقال: ((يرويه محمد بن سيرين، واختُلف عنه:

فرواه قتادة عن ابن سيرين واختُلف عن قتادة: فأسنده حماد بن سلمة، عن قتادة، عن ابن سيرين، عن صفية بنت الحارث، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وخالفه شعبة وسعيد بن بشير، فروياه عن قتادة موقوفًا.

ورواه أيوب السختياني وهشام بن حسان، عن ابن سيرين مرسلًا عن عائشة، أنها نزلت على صفية بنت الحارث فحدثتها بذلك، ورفعا الحديث. وقول أيوب وهشام أشبه بالصواب)) (العلل 3780).

وقوله: ((مرسلًا))، يعني: منقطعًا، فابن سيرين لم يسمع من عائشة شيئًا، كما قال أبو حاتم الرازي في (المراسيل 687).

ولذلك حكم عليه بالانقطاع ابن القطان في (بيان الوهم والإيهام 203).

ونقل ابن حجر إعلال الدَّارَقُطْنِيّ في (الدراية 1/ 122) وأقره، وعَبَّر عنه في موضع آخر بقوله:((أعله الدَّارَقُطْنِيّ بالوقف، وقال: إن وقفه أشبه))! (التلخيص 1/ 505).

والدَّارَقُطْنِيّ كما ترى إنما رجح الوجه المنقطع، وقد صرح بكونه مرفوعًا، لكن لفظه كما رواه أحمد (24646) من طريق أيوب عن محمد، أَنَّ عَائِشَةَ نَزَلَتْ عَلَى صَفِيَّةَ أُمِّ طَلْحَةَ الطَّلَحَاتِ، فَرَأَتْ بَنَاتٍ لَهَا يُصَلِّينَ بِغَيْرِ خُمُرٍ قَدْ حِضْنَ. قَالَ: فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَا تُصَلِّيَنَّ جَارِيَةٌ مِنْهُنَّ إِلَّا فِي خِمَارٍ؛ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيَّ، وَكَانَتْ فِي حِجْرِي جَارِيَةٌ، فَأَلْقَى عَلَيَّ حَقْوَهُ، فَقَالَ: ((شُقِّيهِ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ الْفَتَاةِ الَّتِي فِي حِجْرِ أُمِّ سَلَمَةَ؛ فَإِنِّي لا أُرَاهَا إِلَّا قَدْ

ص: 68

حَاضَتْ- أَوْ: لَا أُرَاهُمَا إِلَّا قَدْ حَاضَتَا-)).

وبنحوه رواه هشام والأشعث كما سبق.

فالمرفوع منه إنما يدل على أن الحيض علامة للبلوغ، وليس فيه بطلان صلاة الجارية البالغة بغير خمار، أو عدم قَبولها، بل وليس فيه النهي عن ذلك، إنما جاء فيه ذلك النهي موقوفًا من قول عائشة رضي الله عنها، فترجيح هذا الوجه المنقطع يقتضي إعلال الحديث -باللفظ الذي خرجه أصحاب السنن- بالوقف كما ذكره ابن حجر، وكذا رواه شعبة وغيره عن قتادة كما مرَّ آنفًا.

وعلى هذا، فقد وافق قتادة هشامًا وأيوب على وقف هذا القدر من الحديث، وإن خالفهما في وصله بذكر صفية، وهو أمرٌ هين؛ لسببين:

الأول: أن انقطاعه بين ابن سيرين وعائشة لا يضر.

فقد قال ابن عبد البر: ((أجمع أهل العلم بالحديث أن ابن سيرين أصح التابعين مراسيل، وأنه كان لا يَروي ولا يأخذ إلا عن ثقة، وأن مراسيله صحاح كلها)) (التمهيد 8/ 301).

وقال أيضًا: ((وكل مَن عُرف أنه لا يأخذ إلا عن ثقة فتدليسه ومرسله مقبول، فمراسيل سعيد بن المسيب ومحمد بن سيرين وإبراهيم النخعي عندهم صحاح" (التمهيد 1/ 30).

وقال أيضًا في حديث آخر: ((ورواه محمد بن سيرين عن عائشة، وما أظنه سمعه منها، ومراسيل ابن سيرين عندهم صحاح كمراسيل سعيد بن المسيب)) (التمهيد 24/ 48).

الثاني: أن أيوب ومن تابعه قد ذكروا أن عائشة نزلت على صفية وحدثتها

ص: 69

بهذا الحديث. ونزولها رضي الله عنها في بيت صفية بالبصرة ثابت عند المؤرخين، وقد جزم به المقدمي في (التاريخ 351)، والمزي في (التهذيب)، وغيرهما، فالغالب أن ابن سيرين أخذ الحديث عن صفية كما ذكره قتادة، وهو إمام حافظ، ولعل ابن سيرين رواه على الوجهين، حَدَّث به قتادة موصولًا، ثم احتاط فأرسله للآخرين، وقد عُرِف ذلك عن ابن سيرين

(1)

، وكذا بعض أصحابه، كان من مذهبهم أن يقصروا بالحديث؛ كأيوب، وكان يأمر به هشامًا كما في (تهذيب الكمال 30/ 189).

وعلى كل فقد اتفق أيوب وهشام وأشعث وقتادة - من رواية شعبة عنه - على وقف المتن الذي رواه حماد عن قتادة مرفوعًا، وهذه علة الحديث.

ولم ينتبه لهذا الشيخ الألباني، فأجاب عن إعلال الدَّارَقُطْنِيّ بقوله:((وليس يخفى أن هذا ليس يقدح في رواية من رواه موصولًا؛ لأنه ثقة، وقد جاء بزيادة وهي مقبولة كما تقرر في المصطلح)) (الثمر المستطاب، ص 316)، وبنحوه في (الإرواء 1/ 217).

قلنا: زيادة الثقة مقبولة في الإسناد أو في المتن بشرط أن لا يخالف من هو أوثق منه. وهنا نرى أن حمادًا قد خولف في سنده ومتنه ممن هم أحفظ وأكثر.

وأجاب الألباني أيضًا بما أخرجه ابن الأعرابي في (المعجم 1995) من طريق حماد بن سلمة، عن هشام. وأيضًا (1996) من طريق حماد عن أيوب، كلاهما عن ابن سيرين، عن صفية

(2)

، عن عائشة به، نحو رواية

(1)

- انظر مقدمة تحقيق (الجرح والتعديل ص 76).

(2)

- تحرفت في الموضع الأول من المعجم إلى: ((حفصة))، وكذا نقله الألباني، ولم ينبه عليه!

ص: 70

حماد عن قتادة!

وصحح الألباني سنده، ثم قال: ((فقد ظهر مما سبق أنه اتفق ثلاثة من الثقات على رواية الحديث عن ابن سيرين عن صفية عن عائشة موصولًا، فلا يضره رواية أحدهم وهو قتادة من طريق أخرى مرسلًا

وكذلك لا يضره رواية الآخرين وهما هشام وأيوب منقطعًا بإسقاط صفية من الإسناد)) (الإرواء 1/ 215 - 217).

قلنا: لكن رواية حماد لهذا الحديث عن هشام وأيوب بهذا الإسناد والمتن- غريبة جدًّا، بل منكرة، وذلك لأمرين:

الأول: أن المحفوظ عن هشام وأيوب ما رواه الثقات الأثبات عنهما، عن ابن سيرين: أن عائشة نزلت على صفية، .. الحديث باللفظ المذكور آنفًا.

كذا رواه ابن المبارك، ويزيد بن هارون، وأبو أسامة عن هشام،

ورواه حماد بن زيد عن أيوب، كلاهما عن ابن سيرين، به.

وهؤلاء فرادى أثبت من حماد بن سلمة، فكيف وقد اجتمعوا؟ !

هذا لو كانت المخالفة ثابتة عن ابن سلمة، وليس كذلك كما تراه فيما يلي.

الثاني: أن المحفوظ عن حماد بن سلمة روايته للحديث عن قتادة، كذا رواه عنه عامة أصحابه، وعلى رأسهم عفان -وهو أثبتهم فيه- وبهز وعارم وحجاج وغيرهم.

فأما روايته عن هشام وأيوب، فلم ترد إلا عند ابن الأعرابي، من روايته

ص: 71

عن أبي رفاعة، عن حفص بن عمر الضرير، عن حماد.

وأبو رفاعة هو عبد الله بن محمد بن عمر بن حبيب، ذكره ابن حبان في (الثقات 8/ 369) وقال ((وكان يخطئ))، ووثقه الخطيب في (التاريخ 5150)، وابن الجوزي في (المنتظم 1769).

وحفص بن عمر الضرير، قال فيه ابن معين:((لا يُرْضَى)) (ضعفاء العقيلي 339)، وقال أبو حاتم:((صدوق صالح الحديث، عامة حديثه يحفظه)) (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 3/ 183)، وقال عنه الحافظ:((صدوق عالم)) (التقريب 1421).

فلعل أحدهما وهم فيه، أو حمل حديث هشام وأيوب على حديث قتادة.

ومما يدل على الوهم فيه أنه ذكر أن رواية أيوب بنحو رواية قتادة، ثم قال: قَالَتْ: ((فَأَلْقَتْ إِلَيَّ عَائِشَةُ ثَوْبًا، فَقَالَتْ: شُقِّيهِ بَيْنَ بَنَاتِكِ خُمُرًا)).

وهذا الإلقاء والكلام إنما هو من قِبَل النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة، كما في الرواية المحفوظة عن أيوب وهشام.

فسلم بذلك إعلال الحديث بالوقف، والله أعلم.

ص: 72

رِوَايَةٌ: ((أَنَّ عَائِشَةَ نَزَلَتْ عَلَى صَفِيَّةَ أُمِّ طَلْحَةَ)):

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ: أَنَّ عَائِشَةَ نَزَلَتْ عَلَى صَفِيَّةَ أُمِّ طَلْحَةَ الطَّلَحَاتِ، فَرَأَتْ بَنَاتٍ لَهَا [حَرَائِرَ] يُصَلِّينَ بِغَيْرِ خُمُرٍ قَدْ حِضْنَ، فَقَالَتْ: إِنِّي لَأَرَى بَنَاتِكِ قَدْ حِضْنَ- أَوْ: حَاضَ بَعْضُهُنَّ- قَالَتْ: أَجَلْ. قَالَ: فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَا تُصَلِّيَنَّ جَارِيَةٌ مِنْهُنَّ إِلَّا فِي خِمَارٍ؛ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيَّ، وَكَانَتْ فِي حِجْرِي جَارِيَةٌ، فَأَلْقَى عَلَيَّ حَقْوَهُ فَقَالَ:((شُقِّيهِ [بِشُقَّتَيْنِ] بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ الْفَتَاةِ الَّتِي فِي حِجْرِ أُمِّ سَلَمَةَ؛ فَإِنِّي لَا أُرَاهَا إِلَّا قَدْ حَاضَتْ- أَوْ: لَا أُرَاهُمَا إِلَّا قَدْ حَاضَتَا-)).

[الحكم]:

منقطع بين ابن سيرين وعائشة. وبهذا أعله: الدَّارَقُطْنِيّ، والمنذري، وابن القطان، ومغلطاي، والألباني.

[اللغة]:

حقوه، قال ابن الجوزي:((وهو الإزار. والأصل في الحقو معقد الإزار فقيل للإزار)) (غريب الحديث 1/ 230).

وقال العظيم آبادي: ((الحقو -بفتح الحاء المهملة-: موضع شد الإزار، وهو الخاصرة ثم توسعوا فيه حتى سَمُّوا الإزار الذي يُشَدُّ على العورة حَقْوًا)) (عون المعبود 642).

[فائدة]:

قال العيني: ((طلحة الطلحات هو طلحة بن عبد الله بن خلف. وإنما قالوا له: طلحة الطلحات لأنه كان في أجداده جماعة اسم كل واحد منهم طلحة، فأضيف طلحة إليهم. كما يقال لعبد الله بن قيس: ابن قيس الرُّقَيَّات؛ لأنه نكح ثلاث نسوة اسم كل واحدة: رقية، وقيل: كان له جدات اسم كل

ص: 73

واحدة منهن: رقية، فأضيف إليهن)).

[التخريج]:

[د 638 "والزيادة الثانية له" / حم 24646 "واللفظ له"، 26016 "والرواية له" / ش 6271 مختصرًا / حق 1344 "والزيادة الأولى له" / طوسي 348/ هق 11424/ حزم (إحكام 5/ 119)].

[السند]:

قال أبو داود: حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد: أن عائشة نزلت على صفية أم طلحة الطلحات

فذكره.

ورواه أحمد والبيهقي وابن حزم من طريق أيوب عن ابن سيرين

به.

ورواه أحمد وابن أبي شيبة والطوسي من طريق هشام عن ابن سيرين

به.

ورواه إسحاق من طريق الأشعث بن عبد الملك، عن ابن سيرين

به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن محمد بن سيرين لم يسمع من عائشة شيئًا. كما قال أبو حاتم الرازي (المراسيل لابنهِ 687).

وبهذا أعله: الدَّارَقُطْنِيّ في (العلل 8/ 432)، والمنذري في (المختصر 1/ 326) -وأقره صاحب (عون المعبود 2/ 244) -، وابن القطان في (بيان الوهم والإيهام 2/ 220، 383)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 3/ 201)، والألباني في (ضعيف أبي داود 1/ 224، 225).

لكن انقطاعه ليس بعلة شديدة؛ فابن سيرين لا يَروي إلا عن ثقة كما سبق،

ص: 74

وقد وصله قتادة - من رواية شعبة وغيره - بذكر صفية بنت الحارث، وقد فَصَّلنا القول في ذلك آنفًا. ولبعض هذه السياقة طريق آخر فيه ضعف، انظره عقب الرواية التالية.

رِوَايَةُ (فَأَبْصَرَ مَوْلاةً لَهَا حَاضَتْ):

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا، فَاخْتَبَأَتْ مَوْلَاةٌ لَهَا (فَأَبْصَرَ مَوْلاةً لَهَا حَاضَتْ، حَاسِرًا)، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(([أ] حَاضَتْ [هَذِهِ]؟)) فَقَالَتْ: نَعَمْ. فَشَقَّ لَهَا مِنْ عِمَامَتِهِ، فَقَالَ:((اخْتَمِرِي بِهَذَا)).

• وَفِي رِوَايَةٍ 2: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا: ((يَا عَائِشَةُ، مَا فَعَلَتِ الْجَارِيَةُ [اليَتِيمَةُ]؟))، وَكَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ مُقِيمَةً

(1)

. قَالَتْ: قَدْ حَاضَتْ. فَشَقَّ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ رِدَائِهِ، وَقَالَ:((مُرِيهَا فَلْتَخْتَمِرْ)).

[الحكم]:

إسناده ضعيف. وضَعَّفه: البوصيري -وأقره السندي-، والألباني.

[التخريج]:

تخريج السياق الأول: [جه 602 "واللفظ له" / ش 6272/ عدني (مصباح الزجاجة 1/ 83) "والزيادة له" / ضح (2/ 244) "والرواية والزيادتان له"].

تخريج السياق الثاني: [سط (1/ 71) واللفظ له/ نقاش (رواية

(1)

- في مجالس النقاش: ((يتيمة))، وهو أولى بالصواب، والله أعلم.

ص: 75

أبي مطيع ق 6/ أ) والزيادة له].

[التحقيق]:

رواه ابن ماجه (602) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد قالا: حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد الكريم عن عمرو بن سعيد عن عائشة به.

وهو في (مصنف ابن أبي شيبة 6272)، ومن طريقه رواه الخطيب في (الموضح).

ورواه العدني عن سفيان بالإسناد والمتن إلا أنه قال: ((من ثوبه)) بدل ((من عمامته)).

وسفيان هو الثوري، وقد خولف:

فرواه بحشل في تاريخه -ومن طريقه النقاش في (مجالسه ق 6/ أ) - قال: ثنا وهب، قال: أنا خالد، عن ابن

(1)

أبي ليلى، عن عبد

(2)

الكريم، عن سعيد بن عمرو، عن عائشة

به بلفظ السياقة الثانية.

وابن أبي ليلى وهو محمد بن عبد الرحمن، سيئ الحفظ، وقد سمَّى تابعي الحديث ((سعيد بن عمرو))، بينما سماه الثوري:((عمرو بن سعيد))، وهو ما رجحه أبو زرعة، فقال:((ما يرويه الثوري أصح)) (علل ابن أبي حاتم 2/ 480).

وعلى كل، فإسناده ضعيف، مداره على عبد الكريم بن أبي المخارق، وهو

(1)

- سقطت من نسخة النقاش.

(2)

- سقطت من نسخة النقاش.

ص: 76

ضعيف، بل قال النسائي والدَّارَقُطْنِيّ:"متروك"(ميزان الاعتدال 2/ 646).

وبه أعله البوصيري فقال: "هذا إسناد فيه عبد الكريم وهو ابن أبي المخارق، ضَعَّفه أحمد وغيره، بل قال ابن عبد البر: مُجْمَع على ضعفه"(مصباح الزجاجة 1/ 83).

وأقره السندي في (حاشيته على ابن ماجه 1/ 225).

وضَعَّفه الألباني في (ضعيف ابن ماجه)، و (الجلباب ص 94/ الحاشية).

بينما قال مغلطاي: ((هذا حديث إسناده جيد! ولولا ما في عبد الكريم أبي أمية من الكلام، لكان صحيحًا؛ لتوثيق أبي حاتم البُسْتي عَمْرًا)) (شرح ابن ماجه 3/ 200). يعني: عمرو بن سعيد.

وقد سئل عنه أَبو حاتم الرازي، فقال:((هو عمرو بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن المُعَلَّى)) (علل ابن أبي حاتم 2/ 480).

ورجح محقق العلل أنه مُصحَّف، وأن صوابه:((عمرو بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص))، المعروف بالأشدق، فهو الذي يَروي عن عائشة، ويَروي عنه عبد الكريم.

قلنا: وهو كذلك، فقد عُيَّن في رواية الخطيب بأنه (ابن العاص)، وفات ذلك مغلطاي، فقال عقب كلام أبي حاتم:((ولما ذكر ابن عساكر عَمْرًا هذا نسبه إلى العاص، وتبعه على ذلك الشيخ جمال الدين، وكأن ما قاله أبو حاتم أشبه، وإن كان كما قاله، فهو رجل مجهول، لا تُعرف حاله))! (شرح ابن ماجه 3/ 200).

ص: 77

3236 -

حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ:

◼ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنَ امْرَأَةٍ صَلَاةً حَتَّى تُوَارِيَ زِينَتَهَا، وَلَا مِنْ جَارِيَةٍ بَلَغَتِ الْمَحِيضَ حَتَّى تَخْتَمِرَ)).

[الحكم]:

إسناده ضعيف.

[التخريج]:

[طس 7606 / طص 920].

[السند]:

قال الطبراني: حدثنا محمد بن أبي

(1)

حرملة، نا إسحاق بن إسماعيل بن عبد الأعلى الأيلي، نا عمرو بن هاشم البيروتي، ثنا الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه به.

وقال الطبراني: "لم يَرْوِ هذا الحديث عن الأوزاعي إلا عمرو بن هاشم، تفرد به إسحاق بن إسماعيل

(2)

".

[التحقيق]:

أورده الهيثمي في (المجمع) وقال: "رواه الطبراني في الصغير والأوسط. وقال: تَفَرَّد به إسحاق بن إسماعيل بن عبد الأعلى الأيلي. قلت: ولم أجد من ترجمه، وبقية رجاله موثقون"(مجمع الزوائد 2230).

وقال الألباني: ((وفي إسناده من لا يُعرف)) (الثمر المستطاب، ص 316)،

(1)

- في الصغير: ((محمد بن حرملة)).

(2)

- في الصغير: ((إسماعيل بن إسحاق))! ! .

ص: 78

و (أصل صفة الصلاة، ص 172).

قلنا: فإن كان يعني به: إسحاق بن إسماعيل الأيلي تبعًا للهيثمي، فقد روى عنه النسائي وابن ماجه، وترجم له ابن أبي حاتم، وقال:((كتب إلينا)) (الجرح والتعديل 2/ 212).

وقال الذهبي: ((إسحاق بن إسماعيل الأيلي أحد الثقات)) (الميزان 2/ 183)

وقال ابن حجر: "صدوق"(التقريب 340).

وقد سأله ابن وارة - مع إمامته - عن حال سلامة بن روح، فأجابه إسحاق إجابة عارف. انظر:(تهذيب الكمال 12/ 305).

فأما قول ابن القطان: "هو شيخ لأبي داود، وأبو داود لا يَروي إلا عن ثقة عنده، فاعلمه"(بيان الوهم والإيهام 3/ 466).

فأبو داود إنما يَروي عن إسحاق بن إسماعيل الطالقاني، فأما عن الأيلي فلم نجد من ذكره سوى ابن القطان، والظاهر أنه وهم فيه، ويدل عليه أنه ذكر في شيوخه جريرًا، وجرير إنما ذكروه في شيوخ الطالقاني، والله أعلم.

وإن كان - أي: الألباني - يعني به غيره، فلعله يشير إلى شيخ الطبراني محمد بن أبي حرملة القلزمي، فإنا لم نجد من ترجمه، إلا إن كان هو أبو عمار المصري، فلم نجد من وثقه إلا ما أشار إليه الهيثمي بقوله السابق:((وبقية رجاله موثقون))، وهو غير كافٍ في معرفة حال الرجل، فالأظهر أنه مجهول، وانظر (إرشاد القاصي والداني 853).

وفي الإسناد علة أخرى، وهي الكلام في ضبط عمرو بن هاشم البيروتي عن الأوزاعي. قال ابن أبي حاتم: سألت محمد بن مسلم عنه فقال: ((كتبت عنه

ص: 79

كان قليل الحديث))، قلت: ما حاله؟ قال: ((ليس بذاك، كان صغيرًا حين كتب عن الاوزاعي)) (الجرح والتعديل 1479).

وقال فيه ابن حجر: ((صدوق يخطئ)) (التقريب 5127).

قلنا: فلا يوثق بتفرد مثله عن مثل الأوزاعي.

هذا، وقد قال الألباني في موضع آخر عن الحديث: ((أخرجه الطبراني

بسند ضعيف)) (صحيح أبي داود 3/ 208).

ص: 80

3237 -

حَدِيثُ الْحَسَنِ مُرسَلًا:

◼ عَنِ الْحَسَنِ البَصْرِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ حَائِضٍ إِلَّا بِخِمَارٍ)).

[الحكم]:

ضعيف لإرساله.

[التخريج]:

[ش 6269/ ك 837 واللفظ له/ هق 3297].

[السند]:

رواه الحاكم -وعنه البيهقي (3297) - قال: حدثنا الحسن بن يعقوب، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، أخبرنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف لإرساله، الحسن البصري تابعي مشهور، وروايته عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلة، والإسناد إليه حسن.

وقد أخرجه ابن أبي شيبة قال: حدثنا عيسى بن يونس، عن عمرو، عن الحسن، مرسلًا، ولفظه ((إِذَا حَاضَتِ الجَارِيَةُ، لَمْ تُقْبَلْ لَهَا صَلَاةُ إِلَّا بِخِمَارٍ)).

وهذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه عمرو، وهو ابن عُبيد المعتزلي أحد رؤوس البدع، وهو متروك، واتهمه جماعة. انظر (تهذيب التهذيب 8/ 70)، و (التقريب 5071).

وقد أخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (6276)، عن الحسن من قوله.

وفيه الربيع بن صَبيح السعدي، ضَعَّفه ابن معين وغيره، فالمحفوظ عنه

ص: 81

المرسل، وقد علقه أبو داود كما ذكرناه تحت حديث عائشة.

ومراسيل الحسن واهية عند فريق من العلماء، والله أعلم.

ص: 82