المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌583 - باب الاضطجاع مع الحائض - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ٢٦

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الحيض والنفاس

- ‌أَبْوَابُ الْحَيْضِ

- ‌557 - بَابُ بَدْءِ الْحَيْضِ

- ‌558 - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَحْدَاثِ نِسَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ التِي مِنْ أَجْلِهَا سُلِّطَتْ عَلَيْهِنَّ الْحَيْضَةُ

- ‌559 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الذَّنْبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أُعْقِبَ بَنَاتُ آدَمَ بِالْحَيْضِ

- ‌560 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ الحَيْضَ مِنَ الشَّيْطَانِ

- ‌561 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ الحَيْضَ كَفَّارَةٌ

- ‌562 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي حَيْضِ المَرْأَةِ مِنْ دُبُرِهَا

- ‌563 - بَابُ الْحَيْضِ عَلَامَةُ الْبُلُوغِ

- ‌564 - بَابُ مَنِ اتَّخَذَ ثِيَابَ الْحَيْضِ سِوَى ثِيَابِ الطُّهْرِ

- ‌565 - بَابُ الحَائِضِ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ

- ‌566 - بَابُ الحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ دُونَ الصَّلَاةِ

- ‌567 - بَابُ الحَائِضِ تَسْمَعُ آيَةَ السَّجْدَةِ

- ‌568 - بَابُ الحَائِضِ تَذْكُرُ اللهَ

- ‌569 - بَابُ شُهُودِ الحَائِضِ خُطْبَةَ العِيدِ وَاعْتِزَالِهَا الصَّلَاةَ

- ‌570 - بَابٌ فِي رُقْيَةِ الحَائِضِ

- ‌571 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي نَهْيِ الحَائِضِ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ

- ‌572 - بَابُ قِرَاءَةِ الرَّجُلِ فِي حِجْرِ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ

- ‌573 - بَابُ دُخُولِ الحَائِضِ المَسْجِدَ

- ‌574 - بَابُ مَنْ قَالَ: لَا تَدْخُلُ الحَائِضُ المَسْجِدَ

- ‌575 - بَابُ طَهَارَةِ جِسْمِ الحَائِضِ، وَجَوَازِ مُؤَاكَلَتِهَا وَمُشَارَبَتِهَا

- ‌576 - بَابُ طَهَارَةِ عَرَقِ الْحَائِضِ

- ‌577 - بَابُ غَسْلِ الْحَائِضِ رَأْسَ زَوْجِهَا وَتَرْجِيلِهِ

- ‌578 - بَابُ اسْتِخْدَامِ الْحَائِضِ

- ‌579 - بَابُ الْحَائِضُ تَخْتَضِبُ

- ‌580 - بَابُ تَحْرِيمِ إِتْيَانِ الْحَائِضِ

- ‌581 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ الوَلَدَ الذِي تَحْمِلُ بِهِ المَرْأَةُ مِنْ وَطْءٍ فِي الحَيْضِ- قَدْ يُصَابُ بِالجُذَامِ

- ‌582 - بَابٌ فِي كَفَّارَةِ مَنْ أَتَى حَائِضًا

- ‌583 - بَابُ الِاضْطِجَاعِ مَعَ الْحَائِضِ

- ‌584 - بَابُ مَا جَاءَ فِي مُبَاشَرَةِ الْحَائِضِ إِذَا اتَّزَرَتْ

- ‌585 - بَابُ مَا جَاءَ فِي بَيَانِ مَوْضِعِ الاتِّزَارِ

- ‌586 - بَابُ صِفَةِ الثَّوْبِ الذِي تُبَاشَرُ فِيهِ الحَائِضُ

- ‌587 - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَنَّ لِلَّرجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ الحَائِضِ كُلَّ مَا سِوَى الفَرْجِ

- ‌588 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الاسْتِدْفَاءِ بِالحَائِضِ

- ‌589 - بَابُ مَا رُوِي فِي أَنَّ لَيْسَ لِلرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ الْحَائِضِ إِلَّا مَا فَوْقَ الإِزَارِ

- ‌590 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ لَيْسَ لِلرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ الحَائِضِ إِلَّا مَا فَوْقَ السُّرَّةِ

- ‌591 - بَابُ مَا رُوِي فِي اعْتِزَالِ فِرَاشِ الحَائِضِ

- ‌592 - بَابُ مَا جَاءَ فِي مُبَاشَرَةِ الحَائِضِ بِغَيْرِ إِزَارٍ بَعْدَ ثَلَاثٍ

- ‌593 - بَابُ مُدَّةِ الْحَيْضِ

- ‌594 - بَابُ إِذَا حَاضَتِ فِي شَهْرٍ ثَلَاثَ حِيَض، وَمَا يُصَدَّقُ النِّسَاءُ فِي الحَيْضِ، فِيمَا يُمْكِنُ

- ‌595 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الأَمْرِ بِدَفْنِ دَمِ الحَيْضِ

- ‌596 - بَابُ وُجُوبِ الاغْتِسَالِ مِنَ الحَيْضِ إِذَا طَهُرَتِ المَرْأَةُ

- ‌597 - بَابُ الْحَائِضِ كَيْفَ تَتَطَهَّرُ

- ‌598 - بَابُ نَقْضِ الْمَرْأَةِ شَعْرَهَا عِنْدَ غُسْلِ الْمَحِيضِ

- ‌599 - بَابُ امْتِشَاطِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ غُسْلِهَا مِنَ الْمَحِيضِ

- ‌600 - بَابُ الطِّيبِ لِلمَرَأَةِ عِنْدَ غُسْلِهَا مِنَ المَحِيضِ

الفصل: ‌583 - باب الاضطجاع مع الحائض

‌583 - بَابُ الِاضْطِجَاعِ مَعَ الْحَائِضِ

3294 -

حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ:

◼ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: بَيْنَمَا أَنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم [مُضْطَجِعَةٌ] 1 فِي الخَمِيلَةِ، إِذْ حِضْتُ، فَانْسَلَلْتُ، [فَخَرَجْتُ مِنْهَا، ] 2 فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حِيْضَتِي، [فَلَبِسْتُهَا، ] 3 فَقَالَ [لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم] 4: ((مَا لَكِ؟ أَنَفِسْتِ؟ ))، قُلْتُ: نَعَمْ. [فَدَعَانِي، ] 5 فَدَخَلْتُ (فَاضْطَجَعْتُ) مَعَهُ فِي الخَمِيلَةِ. ((وَكَانَتْ هِيَ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَغْتَسِلَانِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ [مِنَ الجَنَابَةِ] 6، وَكَانَ يُقَبِّلُهَا وَهُوَ صَائِمٌ)).

[الحكم]:

متفق عليه (خ، م).

[اللغة]:

الْخَمِيلَةُ: ((القَطِيفَةُ، وَهِيَ كُلُّ ثَوْبٍ لَهُ خَمْلٌ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ. وَقِيلَ: الخَمِيلُ: الأَسْوَدُ مِنَ الثِّيَابِ)) (النهاية 2/ 81).

[التخريج]:

[خ 298، 322 "والزيادات من الثانية إلى السادسة له ولغيره"، 323 "والزيادة الأولى والرواية له ولغيره"، 1929 "واللفظ له" / م (296/ 5)"وعنده الرواية والزيادة الأولى والرابعة إلى السادسة" / ن 288، 375/

].

ص: 312

سبق تخريجه كاملًا في (بَابِ مَنِ اتَّخَذَ ثِيَابَ الْحَيْضِ سِوَى ثِيَابِ الطُّهْرِ)، حديث رقم (؟؟؟؟).

ومن الروايات التي لم تذكر هناك:

رِوَايَةُ ((فَشُدِّي عَلَيْكِ ثِيَابَكِ)):

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهَا بِلَفْظِ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي لِحَافِهِ، فَحِضْتُ، فَانْسَلَلْتُ مِنْهُ، فَقَالَ:((مَا لَكِ؟ أَنُفِسْتِ؟)) -يعني: الْحَيْضَةَ-، قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: ((فَشُدِّي عَلَيْكِ ثِيَابَكِ، [وَعُودِي حَيْثُ كُنْتِ]))، قَالَتْ: فَشَدَدْتُ عَلَيَّ ثِيَابَ حَيْضَتِي، ثُمَّ رَجَعْتُ، فَاضْطَجَعْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[الحكم]:

صحيح، تقدم بنحوه في الصحيحين.

[التخريج]:

[عب 1245 "واللفظ له" / حق 1837/ طب (23/ 257/ 533)، (23/ 291/ 644) "والزيادة له"].

[التحقيق]:

هذه الرواية لها طريقان:

الأول:

رواه عبد الرزاق - وعنه ابن راهويه (1837) -: عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أم سلمة

به.

ص: 313

ورواه الطبراني (23/ 257/ 533) عن الدبري عن عبد الرزاق به.

وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين، إلا أنَّ معمرًا أسقط منه زينب بنت أم سلمة، وقد خالفه أصحاب يحيى بن أبي كثير؛ كالدستوائي، وهمام، وشيبان، وأبان، وحسين المعلم وغيرهم، فرووه عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة، أن زينب بنت أم سلمة حدثته أن أم سلمة حدثتها به، خرجاه في الصحيحين كما سبق، وانظر:(باب من اتخذ ثياب الحيض سوى ثياب الطهر).

وقد ذكرنا عقب رواية ابن ماجه لهذا الحديث في باب (بدء الحيض) أنه يحتمل أن الحديث عند أبي سلمة على الوجهين؛ لوروده من وجوه متعددة عن أبي سلمة كما رواه معمر، والله أعلم.

وقوله في هذه الرواية: ((فَشُدِّي عَلَيْكِ ثِيَابَكِ))، يشهد له حديث ميمونة رضي الله عنها، قالت:((كَانَ رَسُولُ اللهِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُبَاشِرَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ، أَمَرَهَا فَاتَّزَرَتْ وَهِيَ حَائِضٌ))، وثبت نحوه عن عائشة أيضًا، وهما مخرجان في (باب مباشرة الحائض).

الطريق الثاني:

رواه الطبراني (23/ 291/ 644) قال: حدثنا أحمد بن زهير، ثنا محمد بن معمر، ثنا أبو عاصم

(1)

، عن موسى بن عبيدة، عن نافع، قال: سمعت أم سلمة قالت:

))، فذكره بنحوه إلى قوله:((وَعُودِي حَيْثُ كُنْتِ)).

(1)

- في المطبوع: ((موسى بن عاصم))، والمثبت من المخطوط (ج 11/ ق 107 نسخة كوبرلي).

ص: 314

وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: موسى بن عبيدة: ((ضعيف)) (التقريب 6989).

الثانية: الانقطاع، فنافع -وهو مولى ابن عمر- لا يصح له سماع من أم سلمة. قاله الدَّارَقُطْنِيّ في (السنن عقب رقم 1688)، وتبعه ابن الجوزي كما في (تحفة التحصيل 325).

والزيادة التي عنده بلفظ: ((وَعُودِي حَيْثُ كُنْتِ)) يشهد لها رواية مسلم كما سبق في السياقة الأولى بلفظ: ((فَدَعَانِي، فَاضْطَجَعْتُ مَعَهُ فِي الخَمِيلَةِ))، وانظر الرواية التالية.

ص: 315

رِوَايَةُ ((قُومِي، فَائْتَزِرِي، ثُمَّ عُودِي)):

• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّهَا كَانَتْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي لِحَافٍ، فَأَصَابَهَا الحَيْضُ، فَقَالَ:((قُومِي، فَائْتَزِرِي، ثُمَّ عُودِي)).

[الحكم]:

صحيح بما سبق، وهذه الرواية لها طريق أعله الدَّارَقُطْنِيّ بالإرسال، وآخر ضعيف.

[التخريج]:

[حم 26743 واللفظ له / طب (23/ 282/ 615)، (23/ 392/ 936) / هق 1508].

[التحقيق]:

لهذه الرواية طريقان:

الأول:

رواه أحمد، قال: حدثنا عفان، حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا خالد -يعني الحَذَّاء-، عن عكرمة، عن أم سلمة، به.

وأخرجه الطبراني في (الكبير 23/ 282/ 615)، والبيهقي في (الكبرى 1508) من طريق يزيد بن زُريع، به، إلا أن لفظ الطبراني: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي لِحَافٍ فَحِضْتُ، فَقَالَ:((ارْجِعِي فَشُدِّي عَلَيْكِ إِزَارَكِ، ثُمَّ ارْجِعِي)).

وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح، إلا أن ابن المديني قال في عكرمة:((لا أعلمه سمع من أحد من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا)) (جامع التحصيل ص 239).

قلنا: قد ثبت سماعه من عائشة، وأم سلمة تأخرت بعدها كثيرًا، فسماعه

ص: 316

منها أَولى، ولكن قد اختُلف فيه على عكرمة، فقال الدَّارَقُطْنِيّ: ((يرويه خالد الحذاء، عن عكرمة، عن أم سلمة. وقال معتمر: عن خالد، عن عكرمة: أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ كَانَتْ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي لِحَافٍ

الحديث))، ثم قال:((ورواه أيوب السختياني، عن عكرمة، عن أم سلمة، موقوفًا. وقول من قال: (عن خالد، عن عكرمة: أن أم سلمة) أشبه بالصواب)) (العلل 9/ 227، 228).

فكأنه يعله بالإرسال كما هي رواية معتمر، ولم نقف عليها.

وعن خالد فيه وجهان آخران:

أولهما: رواه سمويه -ومن طريقه الضياء (11/ 349) - عن مسلم بن إبراهيم عن وهيب عن خالد عن عكرمة عن ابن عباس، أن امرأة من أزواجه صلى الله عليه وسلم، بنحوه. وكذلك رواه الحكم بن أبان عن عكرمة به، في شأن أم سلمة، وسيأتي.

وقد رواه ابن جريج عن عكرمة: أن أم سلمة قالت: .. ، بنحوه كما سيأتي، وهذا يقوي صنيع الدَّارَقُطْنِيّ.

والوجه الثاني عن خالد:

رواه ابن أبي شيبة (17085) -ومن طريقه ابن المنذر في (الأوسط 788) - عن ابن عُلَيَّة، عن خالد، عن عكرمة، عن أم سلمة موقوفًا، في مضاجعة الحائض: إذا كان على فرجها خرقة))، يعني: لا بأس بذلك، وعلى هذا فقد تابع أيوب.

ولكن خرجه الطبري في (التفسير 3/ 726) من طريق ابن عُلَيَّة قال: أخبرنا أيوب، عن عكرمة، عن أم سلمة قالت في مضاجعة الحائض: ((لَا

ص: 317

بَأْسَ بِذَلِكَ إِذَا كَانَ عَلَى فَرْجِهَا خِرْقَةٌ)).

هذا، وقد عَدَّ الدَّارَقُطْنِيّ من الخلاف في هذا الحديث رواية الوليد عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:((أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُبَاشِرُ أُمَّ سَلَمَةَ وَعَلَى قُبُلِهَا ثَوْبٌ [وَهُوَ صائِمٌ]، وَهِيَ حَائِضٌ)).

وأعله أبو حاتم والدَّارَقُطْنِيّ بالإرسال كما سيأتي في مباشرة الحائض.

وقيل: عن الأوزاعي: عن يحيى عن عكرمة عن أم سلمة. خرجه الطوسي. وسيأتي في موضعه.

الطريق الثاني:

رواه الطبراني (23/ 392/ 936) قال: حدثنا أحمد بن إسحاق الخشاب الرقي، ثنا (عبد) الله بن جعفر، ثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أُنَيْسة، عن أبي سعد الأنصاري، عن رجل من أهل المدينة، عن أم سلمة، قالت: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَصَابَنِي حَيْضٌ فَخَرَجْتُ مِنَ الفِرَاشِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:((اتَّزِرِي وَعُودِي)).

وهذا إسناد ضعيف؛ لإبهام الرجل المدني. وأبو سعد هو شرحبيل بن سعد، صدوق اختلط بأخرة. وبقية رجاله رجال الصحيح سوى الخشاب، وهو صدوق.

ص: 318

رِوَايَةُ ((ذَلِكَ مَا كَتَبَ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ)):

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي لِحَافِهِ، فَوَجَدْتُ مَا تَجِدُ النِّسَاءُ مِنَ الْحَيْضَةِ، فَانْسَلَلْتُ مِنَ اللَّحَافِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:(([مَا لَكِ؟] 1 أَنَفِسْتِ؟)) قُلْتُ: وَجَدْتُ مَا تَجِدُ النِّسَاءُ مِنَ الحَيْضَةِ. قَالَ: ((ذَلِكِ مَا كَتَبَ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ)). قَالَتْ: فَانْسَلَلْتُ، فَأَصْلَحْتُ مِنْ شَأْنِي [فَاسْتَثْفَرْتُ بِثَوْبٍ] 2، ثُمَّ رَجَعْتُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((تَعَالَيْ، فَادْخُلِي مَعِي فِي اللِّحَافِ)) قَالَتْ: فَدَخَلْتُ مَعَهُ.

[الحكم]:

صحيح المتن مفرقًا، وأصله في الصحيحين دون قوله ((ذَلِكِ مَا كَتَبَ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ))، فإنما صح هذا في قصة عائشة من حديثها وحديث جابر. وهذا إسناده مختلف فيه: أعله ابن عبد البر وابن رجب. وصححه البوصيري وتبعه السندي. وحَسَّنه الألباني.

[التخريج]:

[جه (دار إحياء الكتب العربية 637)

(1)

"واللفظ له" / حم 26525 "والزيادة الثانية له" / مي 1067 "والزيادة الأولى له" / .... ].

سبق تخريج هذه الرواية والكلام عليها في (باب بدء الحيض)، حديث رقم (؟؟؟؟).

(1)

سقط الحديث من طبعة دار التأصيل، وهو مثبت في غيرها من الطبعات؛ كطبعة دار الرسالة العالمية، ودار الجيل، ودار الصِّديق

وغيرها، وكذا ذكره المزي في (التحفة 13/ 42 - 43).

ص: 319

رِوَايَةُ ((فَارْجِعِي فَاضْطَجِعِي)):

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: طَرَقَتْنِي حَيْضَتِي وَأَنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَانْسَلَلْتُ، فَقَالَ لِي:((يَا أُمَّ سَلَمَةَ، لَعَلَّكِ نُفِسْتِ))، قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: ((فَارْجِعِي فَاضْطَجِعِي))، قَالَتْ: فَرَجَعْتُ فَاضْطَجَعْتُ، وَمَا بَيْنِي وبَيْنَهُ مِنَ الإِزَارِ مَا يُجَاوِزُ الرُّكْبَتَيْنِ.

[الحكم]:

حسن بطرقه وشواهده، وأصله في الصحيح دون قولها:((وَمَا بَيْنِي وبَيْنَهُ مِنَ الإِزَارِ مَا يُجَاوِزُ الرُّكْبَتَيْنِ)).

[التخريج]:

[طب (23/ 309/ 700)].

[السند]:

قال الطبراني: حدثنا أحمد بن القاسم بن مساور، ثنا سعيد بن سليمان، ثنا عَبَّاد بن العوام، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن عبد الله بن زمعة، عن أم سلمة، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله كلهم ثقات؛ إلا أن فيه محمد بن إسحاق بن يسار، وهو صدوق يدلس كما في (التقريب 5725)، وقد عنعنه.

وسعيد بن سليمان هو سعدويه الحافظ.

وعبد الله بن زمعة إنما هو عبد الله بن وهب بن زمعة، سمع من أم سلمة، وقد نُسب هنا إلى جده، أو سقط من السند ذكر أبيه. وقد ساق الطبراني أحاديثه تحت ترجمة ((أبي عبيد الله بن عبد الله بن زمعة))، ثم ساق

ص: 320

عدة أحاديث كلها لعبد الله بن وهب بن زمعة! ! إلا أنه انقلب اسمه في بعضها -كالحديث المذكور قبل حديثنا مباشرة (699) - إلى: ((وهب بن عبد الله بن زمعة))

(1)

! ! . وهو ما عناه الطبراني بالترجمة، فاعتمد الاسم المقلوب!

نعم، وانقلب اسمه أيضًا عند ابن ماجه في الحديث المشار إليه؛ ولذا ترجم المزي في (التهذيب 6761) لـ (وهْب بن عبد بن زمعة)، وذكر رواية ابن ماجه لهذا الحديث، ثم قال:((ورواه أيضًا عن علي بن محمد الطنافسي، عن وكيع، عن زمعة، عن الزهري، عن عبد الله بن وهب بن زمعة، وهو المحفوظ)) (التهذيب 31/ 134).

وكذلك ورد ذاك الحديث في (مسند أحمد 26687) على الصواب.

هذا، وحديثنا قد سبق في الصحيح بمعناه دون قولها:((وَمَا بَيْنِي وبَيْنَهُ مِنَ الإِزَارِ مَا يُجَاوِزُ الرُّكْبَتَيْنِ)).

وقد جاء بنحو هذا اللفظ من طريق صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن نبهان مولى أم سلمة، عن أم سلمة، ((أَن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يُبَاشرُهَا وَهيَ طَامثٌ، وَعَلَيهَا إزَارٌ إلَى الركبَتَين))، وسنده ضعيف، وقد خرجناه في (باب صفة الثوب الذي تباشَر فيه الحائض).

وله في الباب المذكور شاهد من حديث ميمونة عند أحمد وأبي داود والنسائي وابن حبان وغيرهم، وآخر من حديث أم حبيبة عند ابن ماجه،

(1)

- بل وبعض الأحاديث التي ورد فيها على الصواب وهو برقم (696/ 23)، ورد في موضع آخر عند الطبراني مقلوبا (2663)، في حين جاء في (المشكل للطحاوي 763)، على الصواب! .

ص: 321

وبهما يُحَسَّن الحديث. والله أعلم.

رِوَايَةُ ((إِنَّما يَكْفِيكِ أَنْ تَجْعَلِي عَلَيْكِ ثَوْبًا)):

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهَا قَالَتْ: نفِسْتُ وَأَنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَعْنِي: حِضْتُ - فِي فِرَاشِي، فَذَهَبْتُ لِأَتَأَخَّرَ، فَقَالَ:((مَكَانَكِ، إِنَّما يَكْفِيكِ أَنْ تَجْعَلِي عَلَيْكِ ثَوْبًا)).

[الحكم]:

إسناده ضعيف بهذه السياقة؛ لانقطاعه. وبهذا أعله: ابن رجب. ومتنه له شواهد بمعناه.

[التخريج]:

[ش 17084 "واللفظ له" / شافي (رجب 2/ 32)].

[السند]:

قال ابن أبي شيبة: حدثنا وكيع، عن الأوزاعي، عن عبدة، أن أم سلمة قالت:

به.

وخرجه أبو بكر عبد العزيز بن جعفر - المعروف بغُلام الخَلال - في (الشافي) - كما في (الفتح لابن رجب) - من طريق الأوزاعي، عن عبدة، عن أم سلمة، قالت: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي لِحَافِهِ فَنَفِسْتُ، فَقَالَ:((مَالَكِ؟ أَنَفِسْتِ؟)) قُلْتُ: نَعَمْ. فَأَمَرَنِي أَنَ أَضَعَ عَلَى قُبُلِي ثَوْبًا.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه منقطع؛ عبدة بن أبي لبابة لم يسمع أم سلمة.

ص: 322

قاله أبو حاتم في (المراسيل لابن أبي حاتم 491).

وبهذا أعله ابن رجب في (الفتح 2/ 32).

وقد ثبت عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّهَا قَالَتْ:((كَانَتْ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا، أَمَرَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَأْتَزِرُ بِإِزَارٍ، ثُمَّ يُبَاشِرُهَا)).

وَعَنْ مَيْمُونَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ:((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يُبَاشِرَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ، أَمَرَهَا فَاتَّزَرَتْ وَهِيَ حَائِضٌ)).

وهما مخرجان في (بَابِ مُبَاشَرَةِ الْحَائِضِ إِذَا اتَّزَرَتْ).

ص: 323

3295 -

حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ:

◼ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: بَيْنَا أُمُّ سَلَمَةَ ذَاتَ لَيْلَةٍ مُضَاجِعَةٌ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم (بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُضَاجِعٌ أُمَّ سَلَمَةَ لَيْلَةً)، إِذْ قَامَتْ كَأَنَّهَا مُسْتَخْفِيَةٌ (مُسْتَحيَةٌ)

(1)

، فَقَالَ [لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم]:((مَا لَكِ؟ نَفِسْتِ؟ )) [يَعْنِي: حِضْتِ]، فَقَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: ((لَا بَأْسَ، خُذِي وُضُوءَكِ، وَارْجِعِي إِلَى مَكَانِكِ (إِلَى مَضْجَعِكِ))).

[الحكم]:

إسناده ضعيف بهذه السياقة، وقد سبق في الصحيح بنحوه دون قوله:((خُذي وُضُوءَكِ)).

[التخريج]:

[طب (11/ 237/ 11602) "واللفظ له" / سرج 2604/ مخلدي (ق 267/ب) / ضيا (11/ 332، 333/ 335 والروايات والزيادتان له ولغيره، 336)].

[السند]:

رواه الطبراني - ومن طريقه الضياء (336) - قال: حدثنا الحسين بن إسحاق التُّسْتَري، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا الحسين بن عيسى الحنفي، ثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس، به.

ورواه السراج في (حديثه) - وعنه المخلدي، ومن طريقه الضياء (335) - قال: حدثنا أبو كريب، حدثنا حسين بن عيسى الحنفي

(2)

، عن الحكم بن

(1)

- تحرفت في المطبوع من حديث السراج إلى: ((سبحة))، والمثبت من كتابي الضياء والمخلدي، وهو عندهما من طريق السراج.

(2)

- تحرف في عند السراج إلى: ((حسين بن علي! الجعفي! ))، والمثبت من كتابي الضياء والمخلدي، وهو عندهما من طريق السراج، وقد صوّبه الضياء في حاشية كتاب السراج.

ص: 324

أبان، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه الحسين بن عيسى بن مسلم الحنفي، وهو ضعيف، ضَعَّفه البخاري وأبو زرعة وغيرهما، وهذا ما اعتمده الحافظ في (التقريب 1341).

وقال الهيثمي: ((فيه الحسين بن عيسى الحنفي، ضَعَّفه البخاري وغيره، ووثقه ابن حبان)) (المجمع 1552).

قلنا: لا عبرة بتوثيق ابن حبان مع تضعيف أئمة النقد له.

وقال الضياء: ((له شاهد في الصحيحين من رواية زينب بنت أبي سلمة، عن أمها أم سلمة، وقد رواه خالد عن عكرمة)).

قلنا: شاهد الصحيحين ليس فيه قوله هنا: ((خُذي وُضُوءَكَ))، وكذا رواية خالد، كما تراه فيما يلي.

ص: 325

رِوَايَةُ ((اتَّزِرِي، ثُمَّ عُودي

)):

• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ مَعَهُ فِي لِحَافٍ، فَحَاضَتْ، فَانْسَلَّتْ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:((أَنَفِسْتِ؟)) قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ لَهَا:((اتَّزِرِي، ثُمَّ عُودِي إِلَى مَضْجَعِكِ)).

[الحكم]:

صح بنحوه من حديث أم سلمة، وسنده معلول.

[التخريج]:

[ضيا (11/ 349/ 356)].

[السند]:

رواه الضياء في (المختارة)، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر، بأصبهان، أن أبا علي الحسن بن أحمد الحداد أخبرهم قراءة عليه وهو حاضر، أبنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله، أبنا عبد الله بن جعفر، أبنا إسماعيل بن عبد الله سمويه، حدثنا مسلم - هو ابن إبراهيم -، حدثنا وهيب، عن خالد الحذاء، عن عكرمة، عن ابن عباس، به.

ولم نعثر عليه في كتب أبي نعيم المطبوعة.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات، ولكنه غريب، وهو معلول بالإرسال، فقد رواه معتمر عن خالد عن عكرمة أن أم سلمة، به، وصوّبه الدَّارَقُطْنِيّ كما سبق في تحقيقنا لرواية ابن زريع عن خالد الحذاء عند أحمد، وهي ضمن روايات حديث أم سلمة السابق.

ص: 326

3296 -

حَدِيثُ عِكْرِمَةَ مُرسَلًا:

◼ عَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ: ((حِضْتُ وَأَنَا رَاقِدَةٌ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُصْلِحَ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا، ثُمَّ أَمَرَهَا أَنْ تَرْقُدَ مَعَهُ عَلَى فِرَاشٍ وَاحِدٍ وَهِيَ حَائِضٌ، عَلَى فَرْجِهَا ثَوْبٌ شَقَائِقُ)).

[الحكم]:

ضعيف، لإرساله.

[التخريج]:

[عب 1246].

[السند]:

رواه عبد الرزاق: عن ابن جريج، عن عكرمة، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح، لكنه مرسل، فلم يذكر عكرمة عمن تَحَمَّله، وقد سبق عن ابن المديني أنه طعن في سماع عكرمة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وبينا ما فيه هناك.

ص: 327

3297 -

حَدِيثُ مَيْمُونَةَ:

◼ عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: ((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَضْطَجِعُ مَعِي وَأَنَا حَائِضٌ، وَبَيْنِي وَبَيْنَهُ ثَوْبٌ)).

[الحكم]:

صحيح (م).

[التخريج]:

[م (295/ 4) "واللفظ له" / عه 951/ طب (24/ 24/ 60) / مسن 679/ هق 1506/ موهب (مغلطاي 3/ 156) / حداد 348/ محلى (2/ 177) معلقًا].

[السند]:

قال مسلم: حدثني أبو الطاهر، أخبرنا ابن وهب، عن مخرمة (ح) وحدثنا هارون بن سعيد الأيلي وأحمد بن عيسى، قالا: حدثنا ابن وهب، أخبرني مخرمة، عن أبيه، عن كريب مولى ابن عباس قال: سمعت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت:

فذكرته.

[تنبيه]:

أعل ابن حزم هذا الحديث بقوله: ((سماع مخرمة بن بكير عن أبيه لا يصح كما حدثنا

))، وروى من طريق حماد بن خالد الخياط قال:((أخرج إليَّ مخرمة بن بكير كتابًا وقال لي: هذه كُتُب أبي لم أسمع منها شيئًا)) (المحلى 10/ 78).

وقال أيضًا: ((أما حديث ميمونة فعن مخرمة بن بكير عن أبيه، ولم يسمع من أبيه، وأيضًا فقد قال فيه ابن معين: مخرمة هو ضعيف ليس حديثه

ص: 328

بشيء)) (المحلى 2/ 179).

قلنا: فأما مخرمة فثقة، وثقه أحمد وابن المديني وغيرهما، وروى عنه مالك وأثنى عليه. قال الدَّارَقُطْنِيّ:((ولو كان مخرمة ضعيفًا لم يرضه مالك أن يأخذ منه شيئًا)) (سؤالات الحاكم 523)، و (تهذيب التهذيب 10/ 71).

وأما سماعه من أبيه فمختلف فيه، والجمهور على عدم السماع، وإنما يَروي وجادة من كتب أبيه، وقد احتج بها مسلم وجماعة؛ ولذا قال العلائي:((أخرج له مسلم عن أبيه عدة أحاديث. وكأنه رأى الوجادة سببًا للاتصال وقد انتقد ذلك عليه)) (الجامع 742).

يشير إلى صنيع الدَّارَقُطْنِيّ في (الإلزامات والتتبع، ص 167 و 283).

والدَّارَقُطْنِيّ إنما بَيَّن عدم السماع، ولم يقل بأن الوجادة ضعيفة؛ ولذا قال ابن حجر:((مخرمة بن بكير صدوق، وروايته عن أبيه وجادة من كتابه، قاله أحمد وابن معين وغيرهما. وقال ابن المديني: سمع من أبيه قليلًا)) (التقريب 6526).

وقال المعلمي اليماني: ((قال أبو داود: (لم يسمع من أبيه إلا حديثًا واحدًا، وهو حديث الوتر)، فقد سمع من أبيه في الجملة، فإن كان أبوه أَذِن له أن يَروي ما في كتابه ثبت الاتصال، وإلا فهي وجادة، فإن ثبت صحة ذاك الكتاب قوي الأمر. ويدل على صحة الكتاب أن مالكًا كان يَعتد به، قال أحمد:(أَخذ مالك كتاب مخرمة فكل شيء يقول: (بلغني عن سليمان بن يسار) فهو من كتاب مخرمة عن أبيه عن سليمان))) (التنكيل 2/ 122).

وقد تقدم الكلام على (رواية مخرمة بن بكير عن أبيه) بالتفصيل في: (باب الوضوء من المذي)، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ).

ص: 329

3298 -

حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ:

◼ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: ((تَضَيَّفْتُ مَيْمُونَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهِيَ خَالَتِي وَهِيَ لَيْلَةَ إِذْ لَا تُصَلِّي، فَأَخَذَتْ كِسَاءً فَثَنَتْهُ (ثُمَّ طَرَحَتْهُ)، [وَفَرَشَتْهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]، وَأَلْقَتْ عَلَيْهِ نُمْرُقَةً [فَطَرَحَتْهَا عِنْدَ رَأْسِ الْفِرَاشِ]، ثُمَّ رَمَتْ عَلَيْهِ بِكِسَاءٍ آخَرَ [فَطَرَحْتُهُ عِنْدَ رَأْسِ الْفِرَاشِ]، ثُمَّ دَخَلَتْ فِيهِ (اضْطَجَعَتْ وَمَدَّتِ الْكِسَاءَ عَلَيْهَا)، وَبَسَطَتْ لِي بِسَاطًا إِلَى جَنْبِهَا، وَتَوَسَّدْتُ مَعَهَا عَلَى وِسَادِهَا.

فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ، فَأَخَذَ خِرْقَةً [عِنْدَ رَأْسِ الْفِرَاشِ] فَتَوَزَّرَ (فَاتَّزِرَ) بِهَا، وَأَلْقَى ثَوْبَهُ (وَخَلَعَ ثَوْبَيْهِ فَعَلَّقَهُمَا)، وَدَخَلَ مَعَهَا لِحَافَهَا، وَبَاتَ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، قَامَ إِلَى سِقَاءٍ مُعَلَّقٍ فَحَرَّكَهُ، فَهَمَمْتُ أَنْ أَقُومَ فَأَصُبَّ عَلَيْهِ، فَكَرِهْتُ أَنْ يَرَى أَنِّي كُنْتُ مُسْتَيْقِظًا. قَالَ: فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ أَتَى الفِرَاشَ، فَأَخَذَ ثَوْبَيْهِ، وَأَلْقَى الْخِرْقَةَ، ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ، فَقَامَ فِيهِ يُصَلِّي، وَقُمْتُ إِلَى السِّقَاءِ فَتَوَضَّأْتُ، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَتَنَاوَلَنِي [بِيَدِهِ مِنْ وَرَائِهِ، ] فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّى وَصَلَّيْتُ مَعَهُ ثَلاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ قَعَدَ، وَقَعَدْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَوَضَعَ مِرْفَقَهُ إِلَى جَنْبِي، وَأَصْغَى بِخَدِّهِ إِلَى خَدِّي، حَتَّى سَمِعْتُ نَفَسَ النَّائِمِ. فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ بِلالٌ، فَقَالَ: الصَّلاةَ يَا رَسُولَ اللهِ. فَسَارَ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَاتَّبَعْتُهُ، فَقَامَ يُصَلِّي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، وَأَخَذَ بِلالٌ فِي الْإِقَامَةِ)).

• وَفِي رِوَايَةٍ 2: ((تَضَيَّفْتُ خَالَتِي مَيْمُونَةَ، وَهِيَ لَيْلَتَئِذٍ حَائِضٌ لَا تُصَلِّي، فَأَلْقَتْ لِي كِسَاءً، وَجَعَلَتْ لِي وِسَادَةً إِلَى جَنْبِهَا، وَفَرَشَتْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا

ص: 330

جَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمَسْجِدِ أَلْقَى ثَوْبَهُ، وَأَخَذَ خِرْقَةً فَلَبِسَهَا، ثُمَّ اضْطَجَعَ إِلَى جَنْبِهَا)).

[الحكم]:

إسناده ضعيف بهذه السياقة، وأصل الحديث في الصحيحين وغيرهما بغير هذا اللفظ، وليس فيه أنها كانت حائضًا. وقد استحسن القاضي عياض هذه الزيادة مع تسليمه بعدم ثبوتها.

[التخريج]:

تخريج السياقة الأولى: [عم 2572 "واللفظ له" / عل (إمتاع الأسماع 7/ 119) / خل 483 "والروايات والزيادات له ولغيره" / نبغ 840 / نبلا (19/ 165)].

تخريج السياقة الثانية: [طس 650].

[التحقيق]:

رواه الطبراني في (الأوسط): عن أحمد بن علي الأبار، قال: نا عبيد الله بن محمد بن عائشة التيمي، قال: نا محمد بن ثابت العبدي، عن جبلة بن عطية، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس، به، بلفظ السياقة الثانية.

قال الطبراني: ((لم يَرْوِ هذا الحديث عن عبد الله بن الحارث إلا جبلة بن عطية، تفرد به محمد بن ثابت)).

قلنا: كذا وقع للطبراني من حديث ((عبد الله بن الحارث))، وهو وهمٌ لا ندري ممن؟ ! فالأبار ثقة حافظ متقن، ولكن جبلة يرويه عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث، لا عن أبيه، كذا رواه الإمام أحمد عن ابن عائشة:

فقال عبد الله في (المسند 2572): وجدت في كتاب أبي بخطه قال: حدثنا عبيد الله بن محمد، حدثني محمد بن ثابت العبدي العصري، قال:

ص: 331

حدثنا جبلة بن عطية، عن إسحاق بن عبد الله، عن عبد الله بن عباس، به بلفظ السياقة الأولى.

وكذلك رواه أبو يعلى - وعنه أبو الشيخ، ومن طريقه البغوي - قال: حدثنا عبد الله بن بكار، نا محمد بن ثابت، نا جبلة بن عطية، عن إسحاق بن عبد الله، عن ابن عباس، به.

فهذا هو الصواب، لاسيما وجبلة إنما يَروي عن إسحاق لا عن أبيه، بل لم يدرك جبلةُ عبدَ الله بن الحارث، فإن له رؤية، وقد مات سنة (84 هـ)، وجبلة من الطبقة السادسة.

وبِناء عليه، فلهذا الإسناد علتان:

الأولى: محمد بن ثابت العبدي؛ فإنه لَين الحديث كما في (التقريب 5771).

الثانية: الانقطاع؛ إسحاق بن عبد الله بن الحارث بن نوفل لا يثبت سماعه من ابن عباس، وقال ابن حجر:((ذكره ابن حبان في ثقات أتباع التابعين، ومقتضاه عنده أن روايته عن الصحابة مرسلة)) (تهذيب التهذيب 1/ 239).

وقد وصله أبو نصر بن ودعان، فرواه عن عمه، عن نصر بن أحمد الموصلي، أخبرنا أبو يعلى بإسناده إلى جبلة، عن إسحاق بن عبد الله، عن كريب، عن ابن عباس به.

رواه السلفي في (العاشر من المشيخة البغدادية)، وعنه الذهبي في (السير).

وابن ودعان هذا كذاب، كما في (الميزان 3/ 657)، فلا يؤبه بروايته.

والحديث قد رواه البخاري (138، 183)، ومسلم (763) من طريق

ص: 332

كريب، والبخاري (117) من طريق سعيد بن جبير، ومسلم (763/ 192) من طريق عطاء، ومسلم (763/ 191) من طريق علي بن عبد الله بن عباس، ومسلم (256) من طريق أبي المتوكل الناجي، وأبو داود (1358) من طريق عكرمة بن خالد.

كلهم عن ابن عباس، بسياق آخر، طَوَّله بعضهم واختصره بعضهم، ولم يذكر واحد منهم أن ميمونة كانت حائضًا، وقد ذكرنا بعضها في الطهارة:(باب غسل اليدين عند الشروع في الوضوء)، و (باب الوضوء من البول والغائط)، و (باب لا وضوء على النبي صلى الله عليه وسلم في النوم بخاصة)، وهو مخرج برواياته في موسوعة الصلاة أيضًا.

نعم، جاء التصريح بأن ميمونة كانت حائضًا عند ابن خزيمة (1151)، والطبراني (11277) من طريق أيوب بن سويد، عن عتبة بن أبي حكيم، عن طلحة بن نافع، عن ابن عباس، به.

لكن هذا إسناد ضعيف؛ لضعف عتبة وأيوب، وقد تقدم في "باب الحَائِضِ تَذْكُرُ اللهَ"، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ).

فهذه الزيادة -في هذا الحديث- لا تثبت، والله أعلم.

ص: 333

3299 -

حَدِيثُ عَائِشَةَ:

◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: ((حِضْتُ [مِنَ اللَّيْلِ وَأَنَا] 1 مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى فِرَاشِهِ (فِي لِحَافٍ وَاحِدٍ) 1، فَانْسَلَلْتُ، فَقَالَ لِي:(([مَا شَأْنُكِ؟ ] 2 أَحِضْتِ (أَنَفِسْتِ) 2؟ )) فَقُلْتُ: نَعَمْ (حِضْتُ)3. قَالَ: ((فَشُدِّي عَلَيْكِ إِزَارَكِ ثُمَّ عُودِي (ثُمَّ ادْخُلِي) 4 (وَضَاجِعِينِي) 5)).

[الحكم]:

صحيح بمجموع طرقه وشواهده. وصححه: ابن حجر، وهو ظاهر صنيع البيهقي.

[التخريج]:

[حم 24364 "والزيادة الأولى له"، 25514 "واللفظ له" / هق 1509 "والزيادة الثانية "والرواية الأولى والثالثة والرابعة له ولغيره"، 14199/ سمع 216 "والرواية الثانية والخامسة له" / خلاد 4].

[التحقيق]:

الحديث بهذه السياقة له أربعة طرق:

الأول:

رواه أحمد (25514) قال: حدثنا إسحاق بن يوسف، قال: حدثنا شريك، عن يعلى بن عطاء، عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي، عن عائشة، به.

وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه؛ فالوليد الجرشي لم يدرك عائشة رضي الله عنها. قال ابن حبان: ((لا يصح له عن أبي أمامة ولا غيره من الصحابة سماع)) (المشاهير 1462).

ص: 334

ورجاله كلهم ثقات رجال الصحيح، سوى شريك -وهو النخعي-، فأخرجا له استشهادًا، وهو متكلم في حفظه؛ ولذا قال ابن حجر:((صدوق، يخطئ كثيرًا، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة)) (التقريب 2787).

الطريق الثاني:

رواه أحمد (24364) قال: حدثنا حسن بن موسى، قال: حدثنا ابن لهيعة، حدثنا يزيد بن أبي حبيب، عن موسى بن سعد

(1)

بن زيد بن ثابت، عن خبيب بن عبد الله بن الزبير، عن عائشة قالت:((طَرَقَتْنِي الحَيْضَةُ مِنَ اللَّيْلِ، وَأَنَا إِلَى جَنْبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَأَخَّرْتُ، فَقَالَ: ((مَا لَكِ؟ أَنَفِسْتِ)) قَالَتْ: لَا (! ! )، وَلَكِنِّي حِضْتُ، قَالَ:((فَشُدِّي عَلَيْكِ إِزَارَكِ ثُمَّ عُودِي)).

وهو ضعيف أيضًا؛ فيه ابن لهيعة، وهو مشهور بالضعف، لاسيما في رواية غير العبادلة عنه.

وبقية رجاله ثقات، إلا أن موسى بن سعد لم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، ذكره في (الثقات 5/ 401)، نعم روى له مسلم، وعنه جماعة من الثقات، ولا يُعلم فيه جرح، ومع ذلك قال ابن حجر:((مقبول)) (التقريب 6965).

وقال ابن رجب عن هذا الطريق: ((وهو غريب جدًّا)) (الفتح 2/ 26).

ولابن لهيعة فيه إسناد آخر عن يزيد كما سيأتي في (باب ما رُوي في اعتزال فراش الحائض)، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ).

(1)

- في الميمنية والرسالة: ((سعيد))، والمثبت من (طبعة المكنز 25002)، وهو الصواب كما في مصادر ترجمته.

ص: 335

الطريق الثالث:

رواه البيهقي في (السنن 1509) من طريق خالد بن مَخْلَد، حدثنا محمد بن جعفر، حدثني شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن عطاء بن يسار، عن عائشة، به.

ومحمد بن جعفر هو ابن أبي كثير. وخالد هو القَطَواني، وقد توبع:

فرواه أحمد ابن خلاد النصيبى في حديثه - ومن طريقه البيهقي (14199) - عن عبيد بن عبد الواحد بن شريك، حدثنا سعيد بن أبي مريم، أخبرنا محمد بن جعفر، حدثنا شريك -وهو ابن أبي نمر-، به.

فمداره على ابن جعفر، به.

وهذا إسناد حسن؛ رجاله ثقات رجال الشيخين، إلا أن شريك بن أبي نمر فيه كلام يسير لا يضر، ومع ذلك قال الحافظ:((صدوق يخطئ)) (التقريب 2788).

قلنا: وحاله -والله أعلم- أعلى من ذلك، ويدل عليه تصحيح ابن حجر نفسه لإسناده في (التلخيص الحبير 1/ 295).

وقد رواه إسماعيل بن جعفر عن شريك فأرسله، ولا يضر ذلك الموصول هنا؛ لأن في متن المرسل ما يدل على أنه موصول أيضًا كما سيأتي في مرسل عطاء.

وأشار البيهقي إلى ثبوته بقوله -عقبه-: ((ورواه مالك عن ربيعة عن عائشة مرسلًا، ويحتمل أن يكون وقع ذلك لعائشة وأم سلمة جميعًا)) (السنن، عقب رقم 1509)، وأقرّه ابن دقيق في (الإمام 3/ 278)، وسيأتي مرسل ربيعة عقب هذا.

ص: 336

الطريق الرابع:

رواه ابن سمعون في (الأمالي 216) قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن سليمان الكِندي، بدمشق، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا سُويد بن عبد العزيز، عن قُرة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: طَرَقَتْنِي حَيْضَتِي، وَأَنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:((مَا لَكَ أَنَفِسْتِ؟ )) قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: ((شُدِّي عَلَيْكِ إِزَارَكِ وَضَاجِعِينِي)).

وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: سُوَيد بن عبد العزيز: ((ضعيف)) (التقريب 2692).

الثانية: قُرَّة بن عبد الرحمن المُعَافري، قال عنه أحمد:"منكر الحديث جدًّا"، وقال يحيى:"ضعيف الحديث"، وقال مرة:"كان يتساهل في السماع، وفي الحديث، وليس بكذاب"، وقال أبو حاتم والنسائي وغيرهما:"ليس بقوي"، وقال أبو زرعة:"الأحاديث التي يرويها مناكير". وقال أبو داود: "في حديثه نكارة"، وقال العجلي:"يُكتب حديثه".

وفي المقابل: أخرج له مسلم في الشواهد والمتابعات، وأثنى عليه الأوزاعي - وتُعقب -، وقال ابن عدي:"لم أر له حديثًا منكرًا جدًّا، وأرجو أنه لا بأس به"! ، وذكره ابن حبان في (الثقات)! . انظر:(تهذيب التهذيب 8/ 373)، وقال الذهبي:((صويلح الحديث، روى له مسلم في الشواهد، وضُعِّف)) (من تُكلم فيه وهو موثق 286)، وقال ابن حجر:"صدوق له مناكير"! (التقريب 5541).

والأظهر - لدينا - أنه ضعيف، يُعتبر به في الشواهد والمتابعات، وأما ما ينفرد به فليس بحجة.

ص: 337

وبقية رجاله ثقات سوى شيخ ابن سمعون، فمتكلم فيه وفي سماعه من هشام، ولكنه قد جاء عن سويد من غير طريقه كما في الرواية التالية.

رِوَايَةُ ((فَأَمَرَنِي أَنْ أَشُدَّ عَلَيَّ إِزَارِي إِلَى أَنْصَافِ فَخِذِي)):

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهَا قَالَتْ: ((طَرَقَتْنِي الْحَيْضَةُ وَأَنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى فِرَاشِهِ، فَانْسَلَلْتُ حَتَّى وَقَعْتُ بِالْأَرْضِ، فَقَالَ: ((مَا شَأْنُكِ؟!)). فَأَخْبَرْتُهُ أَنِّي حِضْتُ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَشُدَّ عَلَيَّ إِزَارِي إِلَى أَنْصَافِ فَخِذِي، وَأَنْ أَرْجِعَ)).

[الحكم]:

إسناده ضعيف. وقد ورد عن أم سلمة وميمونة وأم حبيبة رضي الله عنهن، أنهن كن يفعلن ذلك.

[التخريج]:

[طس 545].

[السند]:

قال الطبراني في (الأوسط): حدثنا أحمد بن القاسم، قال: نا أبي، وعمي، قالا: نا سويد، عن قرة، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، به.

وأحمد بن القاسم هو ابن مساور. وعمه هو عيسى بن مساور، صدوق.

[التحقيق]:

هذا إسناده ضعيف؛ فيه علتان، وهما سويد وقرة، وقد سبق الكلام عنهما آنفًا.

ص: 338

ولم نُحَسِّن هذه الرواية بشاهد ميمونة وشاهد أم حبيبة المخرجين في (باب صفة الثوب الذي تباشَر فيه الحائض)، كما فعلنا مع حديث أم سلمة من رواية ابن زمعة عنها، وفيه قولها:((وَمَا بَيْنِي وبَيْنَهُ مِنَ الْإِزَارِ مَا يُجَاوِزُ الرُّكْبَتَيْنِ))؛ لأن ما ورد في حديث أم سلمة وشاهديه إنما هو من فعل أمهات المؤمنين رضي الله عنهن. وما ورد هنا إنما هو أمر. وبينهما فرق، والله أعلم.

ص: 339

3300 -

حَدِيثُ رَبِيعَةَ مُرْسَلًا:

◼ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ عَائِشَةَ -زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ مُضْطَجِعَةً مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَأَنَّهَا قَدْ وَثَبَتْ وَثْبَةً شَدِيدَةً، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((مَا لَكِ؟ لَعَلَّكِ نَفِسْتِ)). يَعْنِي: الْحَيْضَةَ. فَقَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: ((شُدَّي عَلَى نَفْسِكِ إِزَارَكِ، ثُمَّ عُودِي إِلَى مَضْجَعِكِ)).

[الحكم]:

صحيح بما سبق، وهذا مرسل. وبهذا أعله: ابن عبد البر والبيهقي.

[التخريج]:

[طا 147].

[السند]:

رواه مالك في (الموطأ): عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه مرسل، وربيعة لم يدرك عائشة رضي الله عنها.

ولذا قال البيهقي: ((رواه مالك عن ربيعة عن عائشة مرسلًا)) (السنن الكبرى، عقب رقم 1509).

وقال عنه ابن عبد البر: ((منقطع، ويتصل معناه من حديث أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أعلم أنه رُوي من حديث عائشة بهذا اللفظ البتة!

، ولم يختلف رواة الموطأ في إرسال هذا الحديث)) (التمهيد 3/ 162).

وقال ابن الحصار: ((هذا مقطوع، لا تعذر على إسناده من حديث عائشة فيما علمت)) (شرح ابن ماجه 3/ 152).

ص: 340

قلنا: بل رُوي عنها بنحوه من عدة طرق كما سبق.

[تنبيه]:

قال ابن عبد البر: ((وروى حبيب عن مالك عن الزهري عن عروة وسعيد بن المسيب عن عائشة، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كان يضاجع أم سلمة وهي حائض عليها بعض الإزار))، وما انفرد به حبيب لا يُحتج به)) (التمهيد 3/ 162).

قلنا: لم نجد حديث عائشة هذا مسندًا، وقد سبق حديث أم سلمة في الباب.

ص: 341

3301 -

حَدِيثُ عَطَاءٍ مُرْسَلًا:

◼ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ مَعَ عَائِشَةَ، إِذِ انْسَلَّتْ، فَقَالَ:((مَهٍ، لِمَ فَعَلْتِهَا؟ )) قَالَتْ: حِضْتُ. قَالَ: ((قُوْمِي فَاتَّزِرِي ثُمَّ ادْنِي مِنِّي)) قَالَتْ: فَاتَّزَرْتُ ثُمَّ دَخَلْتُ مَعَهُ فِي لِحَافِهِ. وَكَانَا يَغْتَسِلَانِ وَهُمَا جُنُبَانِ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ.

[الحكم]:

صحيح بما سبق، وهذا مرسل حسن، وفي متنه ما يشير إلى أن عطاء تَحَمَّله من عائشة.

[التخريج]:

[جع 390].

[السند]:

رواه إسماعيل بن جعفر - كما في (حديث علي بن حُجر عنه 390) - قال: حدثنا شريك بن عبد الله، عن عطاء بن يسار، به.

وشريك هو ابن أبي نمر، تقدم.

[التحقيق]:

هذا إسناد حسن، وإن كان ظاهره الإرسال، فقول عطاء في آخره:((قَالَت: فَاتزَرتُ)) يدل على أنه سمعه من عائشة، وكذا رواه محمد بن جعفر بن أبي كثير عن شريك موصولًا، كما سبق. وللحديث طرق أخرى تقدمت يصح بها. والله أعلم.

ص: 342

3302 -

حَدِيثٌ ثَانٍ لِعَائِشَةَ:

◼ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّهَا قَالَتْ:((كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُنَا إِذَا كَانَتْ إِحْدَانَا حَائِضًا (تَحْرُمُ عَلَيْهَا الصَّلَاةُ كَمَا تَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ)، أَنْ تَتَّزِرَ (تَشُدَّ عَلَيْهَا إِزَارَهَا)، ثُمَّ [تَرْجِعَ، فَـ] تَدْخُلَ مَعَهُ فِي لِحَافِهِ [فَتَبِيتَ مَعَهُ])).

• وَفِي رِوَايَةٍ 2، قَالَتْ:((إِنْ كُنْتُ لَأَتَّزِرُ، ثُمَّ أَدْخُلُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي لِحَافِهِ وَأَنَا حَائِضٌ)).

• وَفِي رِوَايَةٍ 3، قَالَتْ:((كُنْتُ إِذَا طَمِثْتُ شَدَدْتُ عَلَيَّ إِزَارًا، ثُمَّ أَدْخُلُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شِعَارَهُ، وَلَكِنَّهُ كَانَ أَمْلَكَكُمْ لإِرْبِهِ)).

• وَفِي رِوَايَةٍ 4، قَالَتْ:((كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُبَاشِرُنِي وَأَنَا حَائِضٌ، وَيَدْخُلُ مَعِي فِي لِحَافِي وَأَنَا حَائِضٌ، وَلَكِنَّهُ كَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ)).

[الحكم]:

صحيح، وصححه: مغلطاي، والحديث أصله في الصحيحين دون ذكر الدخول في اللحاف.

[التخريج]:

تخريج السياقة الأولى: [حم 25416 "واللفظ له" / طي 1624/ طش 846 "والروايتان والزيادتان له" / حق 1674 "وعنده الرواية الأولى ونحو الثانية" / سرج 2386 "وعنده الرواية الأولى والثانية"].

تخريج السياقة الثانية: [حم 25375، 25493 "واللفظ له" / مي 1071/ طس 5154، 7556 / ص 2145، 2146 / خل 478 / هق 1523].

ص: 343

تخريج السياقة الثالثة: [حم 25275].

تخريج السياقة الرابعة: [حم 24824 "واللفظ له"، 25684 مختصرًا / حق 1593، 1594 مختصرًا / خط (8/ 447، 448/ 3939)].

[التحقيق]:

الحديث بذكر الدخول في اللحاف له عدة طرق:

الطريق الأول:

رواه الطيالسي (1624). وأحمد (25416) عن غندر. كلاهما: عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل، عن أم المؤمنين عائشة، بلفظ السياقة الأولى، ولم يُسَمِّ غندر أم المؤمنين، وسماها الطيالسي.

ورواه أحمد (25493) عن يزيد بن هارون. والدارمي (1071) عن عبد الصمد. والبيهقي (1523) من طريق عمرو بن مرزوق. ثلاثتهم: عن شعبة به، بلفظ السياقة الثانية، ولم يُسَمِّ يزيد وعبد الصمد أم المؤمنين، وسماها عمرو.

وهذا إسناد صحيح؛ رجاله ثقات رجال الشيخين، وقد كفانا شعبة أمر عنعنة أبي إسحاق السَّبيعي، فقد صح عنه أنه قال:((كَفَيْتُكُمْ تَدْلِيسَ ثَلَاثَةٍ: الْأَعْمَشَ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، وَقَتَادَةَ))

(1)

.

ولذا صححه مغلطاي في (شرح ابن ماجه 3/ 156).

(1)

أخرجه محمد بن طاهر المقدسي في كتاب (مسألة التسمية ص 47) بسند صحيح عنه.

ص: 344

وقد توبع عليه شعبة:

فرواه أحمد (24824) عن أبي أحمد الزبيري، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة، عن عائشة، به بلفظ السياقة الرابعة.

ورجاله ثقات رجال الشيخين أيضًا، إسرائيل وهو ابن يونس، وفي روايته اختصار مخل بَيَّنَتْه رواية شعبة وغيره.

ورواه أحمد (25275) عن يحيى بن زكريا، قال: حدثني أبي، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة، عن عائشة أم المؤمنين، به بلفظ السياقة الثالثة.

وزكريا هو ابن أبي زائدة، سمع من أبي إسحاق بأخرة، لكن حديثه محفوظ بما تقدم.

ورواه الطبراني في (الأوسط 5154) من طريق عبد الرحمن بن حميد الرؤاسي، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن شرحبيل، عن عائشة، به بنحو السياقة الثانية.

وابن حميد ثقة من رجال مسلم.

هذا، وقد رواه أبو الأحوص عن أبي إسحاق بلفظ:((كَانَ يَأْمُرُ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا أَنْ تَشُدَّ إِزَارَهَا، ثُمَّ يُبَاشِرُهَا)). وبنحو هذا اللفظ خرجه الشيخان من طريق الأسود عن عائشة، وهو مخرج عندنا في (باب مباشرة الحائض)، وانظر هناك تعليق البيهقي على رواية إسرائيل المختصرة.

الطريق الثاني:

رواه ابن راهويه (1674) - وعنه السراج في (حديثه 2386) - عن بقية

ص: 345

ابن الوليد، حدثني محمد بن زياد الألهاني قال: سمعت عبد الله بن أبي قيس يقول: سمعت عائشة تقول: ((إِنْ كَانَتْ إِحْدَانَا لَتَحْرُمُ عَلَيْهَا الصَّلَاةُ، فَيَأْمُرُهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَشُدَّ

(1)

إِزَارَهَا، ثُمَّ تَدْخُلُ مَعَهُ فِي اللِّحَافِ)).

ورواه الطبراني في (مسند الشاميين 846) من طريقين عن بقية به، وعنده:(( .. تَشُدَّ عَلَيْهَا إِزَارَهَا، ثُمَّ تَرْجِعَ فَتَدْخُلُ مَعَهُ فِي اللِّحَافِ، فَتَبِيتَ مَعَهُ)).

وهذا سند جيد؛ رجاله كلهم ثقات، وقد صرح بقية بالتحديث في كل طبقات الإسناد.

الطريق الثالث:

رواه أحمد (25375)، وسعيد بن منصور في (السنن 2145) عن هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم، عن عائشة، به بنحو السياقة الثانية.

وهذا إسناد ضعيف؛ لأجل انقطاعه، فإبراهيم -وهو النخعي- لم يسمع من عائشة.

وفيه: عنعنة هشيم، وعنعنة مغيرة، وهو ابن مِقسم، وكانا يدلسان، لاسيما المغيرة عن إبراهيم. والمحفوظ عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة بلفظ المباشرة، أخرجه مسلم وغيره من طريق منصور عن إبراهيم، وقال منصور مرة:((يضاجعها)) بدل ((يباشرها))، وسيأتي تخريجه في (باب مباشرة الحائض إذا اتزرت).

(1)

- في المطبوع من مسند ابن راهويه: ((تُسْدِلَ))، والمثبت من حديث السراج، ولعله الصواب، لمتابعة الطبراني له.

ص: 346

الطريق الرابع:

رواه أبو الشيخ في (الأخلاق 478)، والطبراني في (الأوسط 7556) - والزيادة له - من طريق إبراهيم بن مالك، نا يحيى بن زكريا بن أبي الحواجب، ثنا إدريس بن يزيد الأودي، ثنا عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة، قالت:((كُنْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي لِحَافٍ [وَاحِدٍ، وَأَنَا طَامِثٌ])).

قال الطبراني: ((لم يَرْوِ هذا الحديث عن إدريس الأودي إلا يحيى بن زكريا بن أبي الحواجب)).

قلنا: وقد ضعفه الدَّارَقُطْنِيّ، كما في (اللسان 8456)، وذكره ابن حبان في (الثقات 6/ 336، 7/ 608) وقال في الموضع الأول: ((ربما أخطأ)).

ص: 347

رِوَايَةُ ((عَلَى فِرَاشٍ [وَاحِدٍ])):

• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَتْ:((كُنْتُ أَنَامُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى فِرَاشٍ (فِي لِحَافٍ) 1 [وَاحِدٍ]، وَأَنَا حَائِضٌ، وَعَلَيَّ ثَوْبٌ (وَبَيْنِي وَبَيْنَهُ ثَوْبٌ) 2)).

[الحكم]:

صحيح بما سبق، وهذه الرواية إسنادها حسن في المتابعات.

[التخريج]:

[حم 24488 "واللفظ له" / ص 2146 "والرواية له ولغيره" / مسد (خيرة 732) / مخلص 398، 411 "والرواية الثانية له"، 414 "والزيادة له ولغيره" / تمهيد (3/ 166) / محلى (2/ 178)، (10/ 78) / تذ (1/ 174)].

[السند]:

رواه أحمد: حدثنا يحيى بن إسحاق قال: أخبرنا أبو عوانة، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن عائشة

. الحديث كما أثبتناه في المتن دون الزيادتين والروايتين.

ورواه مسدد - ومن طريقه ابن عبد البر وابن حزم -، وسعيد بن منصور، قالا: حدثنا أبو عوانة، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن عائشة، ((أَنَّهَا كَانَتْ تَنَامُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم [فِي لِحَافٍ] وَهِيَ حَائِضٌ [وَبَيْنَهُمَا ثَوْبٌ]))، والزيادة الأولى لابن منصور والثانية لمسدد.

ورواه أبو طاهر المخلص (398) من طريق أبي الربيع -بنحو لفظ أحمد-، و (411) من طريق العباس بن الوليد -مع الرواية الثانية -، و (414) -ومن طريقه الذهبي- من طريق خلف بن هشام. كلهم عن أبي عوانة به.

فمداره عند الجميع على أبي عوانة، عن عمر بن أبي سلمة، به.

ص: 348

[التحقيق]:

هذا إسناد حسن في الشواهد والمتابعات؛ فيه عمر بن أبي سلمة، صدوق فيه لين، لَينه جماعة، ومَشَّاه آخرون، وقال الحافظ:((صدوق يخطئ)) (التقريب 4910).

وقد طعن فيه ابن حزم، فقال:((فيه عمر بن أبي سلمة، وهو ضعيف، لم يوثقه أحد)).

وفي موضع آخر قال: ((عمر بن أبي سلمة قد ضعفه شعبة ولم يوثقه أحد، فسقط))! (المحلى 2/ 178، 10/ 78).

وأقره مغلطاي في (شرح ابن ماجه 3/ 151).

قلنا: وهو مردود بقول أحمد فيه: ((هو صالح ثقة إن شاء الله))، وقول البخاري:((صدوق إلا أنه يخالف في بعض حديثه))، وذكره ابن حبان في (الثقات)، وذكره البرقي في (باب من احتُمل حديثه من المعروفين) قال:((وأكثر أهل العلم بالحديث يثبتونه))، وقال ابن عدي:((حسن الحديث، لا بأس به)) وكذا قال العجلي: ((لا بأس به))، وبنحوه قال ابن معين في رواية، وإن كان ضَعَّفه في أخرى، (تهذيب التهذيب 7/ 457).

وقال ابن عبد البر -عقبه-: ((وعمر بن أبي سلمة كان شعبة يضعفه وليس بالحافظ)). وتضعيفه إنما هو لأجل الإسناد وليس المتن.

وقال البوصيري: ((هذا إسناد رجاله ثقات)) (الإتحاف 732).

[تنبيه]:

وقع في المطبوع من (التمهيد): (أبو عوانة عمرو بن أبي سلمة)، والصواب:(أبو عوانة عن عمر بن أبي سلمة).

ص: 349

رِوَايَةُ ((كَانَ يُضَاجِعُنِي وَأَنَا حَائِضٌ)):

• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُضَاجِعُنِي وَأَنَا حَائِضٌ، وَنَغْتَسِلُ جَمِيعًا مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ)).

[الحكم]:

صحيح المتن، وإسناده ضعيف جدًّا.

[التخريج]:

[طس 7625].

[السند]:

قال الطبراني: حدثنا محمد بن المرزبان، نا محمد بن حكيم الرازي، نا الحارث بن مسلم، نا بحر بن السقاء، حدثني الزهري، عن عروة، عن عائشة، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه بحر السقاء، وهو ضعيف كما في (التقريب 937).

وابن المرزبان شيخ الطبراني مجهول، وكذلك شيخه ابن حكيم، وقد خولفا فيه كما سيأتي.

ولكن الشطر الثاني من الحديث محفوظ عن الزهري.

فروى البخاري (250)، ومسلم (319/ 41) من طريق الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت:((كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، مِنْ قَدَحٍ يُقَالُ لَهُ الفَرَقُ)).

وقد صح من طرق أخرى أيضًا، وكذلك مضاجعة النبي صلى الله عليه وسلم لها وهي

ص: 350

حائض:

فروى البخاري (299 - 301) من طريق منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت:((كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ كِلَانَا جُنُبٌ، وَكَانَ يَأْمُرُنِي فَأَتَّزِرُ فَيُبَاشِرُنِي وَأَنَا حَائِضٌ، وَكَانَ يُخْرِجُ رَأْسَهُ إِلَي وَهُوَ مُعَتْكِفٌ فَأَغْسِلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ)).

وروى أحمد (25493) عن يزيد بن هارون. والدارمي (1071) عن عبد الصمد. والبيهقي (1523) من طريق عمرو بن مرزوق. ثلاثتهم عن شعبة عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة: عمرو بن شرحبيل، عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ [عَائِشَةَ]، قَالَتْ:((إِنْ كُنْتُ لَأَتَّزِرُ، ثُمَّ أَدْخُلُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي لِحَافِهِ وَأَنَا حَائِضٌ)).

وانظر (باب الاضطجاع مع الحائض)، و (باب مباشرة الحائض) وما يليه.

ص: 351

رِوَايَةُ ((كَانَ يُضَاجِعُ بَعْضَ نِسَائِهِ وَهِيَ حَائِضٌ)):

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُضَاجِعُ بَعْضَ نِسَائِهِ وَهِيَ حَائِضٌ)).

[الحكم]:

صحيح المتن، وإسناده ضعيف.

[التخريج]:

[خلد 83].

[السند]:

رواه ابن مخلد العطار في (الثاني من المنتقى 83)، قال: نا حاتم، قال: نا عبيد الله، قال: أنبأ بحر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عائشة به.

وحاتم هو ابن الليث. وعبيد الله هو ابن موسى. وبحر هو السقاء.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ لضعف بحر، وبقية رجاله ثقات.

والحديث صح من طرق أخرى كما سبق، وكما في (باب مباشرة الحائض).

ص: 352

3303 -

حَدِيثُ ثَالِثُ عَنْ عَائِشَةَ:

◼ عَنْ خِلَاسِ بْنِ عَمْروٍ الهَجَرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها تَقُولُ: ((كُنْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبُو الْقَاسِمِ [نَبِيتُ] فِي الشِّعَارِ الْوَاحِدِ وَأَنَا حَائِضٌ طَامِثٌ، فَإِنْ أَصَابَهُ مِنِّي شَيْءٌ غَسَلَ مَا أَصَابَهُ (غَسَلَ مَكَانَهُ)، [وَ] لَمْ يَعْدُهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَصَلَّى فِيهِ، ثُمَّ يَعُودُ مَعِي، فَإِنْ أَصَابَهُ [- تَعْنِي ثَوْبَهُ -] مِنِّي شَيْءٌ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ (غَسَلَ مَكَانَهُ)، [وَ] لَمْ يَعْدُهُ إِلَى غَيْرِهِ، [ثُمَّ صَلَّى فِيهِ])).

[الحكم]:

إسناده صحيح. وحَسَّنه: المنذري. وصححه: الألباني.

[التخريج]:

[د 269 ((والروايتان والزيادات له ولغيره))، 2155/ ن 289، 376، 785 "واللفظ له" / كن 342، 937/

].

سبق تخريجه وتحقيقه في (باب دم الحيض يصيب الثوب)، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ).

ص: 353