الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
560 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ الحَيْضَ مِنَ الشَّيْطَانِ
3231 -
حَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ:
◼ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((الْبُزَاقُ وَالْمُخَاطُ وَالْحَيْضُ وَالنُّعَاسُ فِي الصَّلَاةِ- مِنَ الشَّيْطَانِ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: ((العُطَاسُ وَالنُّعَاسُ وَالتَّثَاؤُبُ فِي الصَّلَاةِ وَالحَيْضُ وَالقَيْءُ وَالرُّعَافُ- مِنَ الشَّيْطَانِ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظٍ: ((خَمْسٌ فِي الصَّلَاةِ مِنَ الشَّيْطَانِ: الْعُطَاسُ وَالنُّعَاسُ وَالتَّثَاؤُبُ وَالرُّعَافُ وَالْحَيْضُ)).
[الحكم]:
منكر، واستنكره الترمذي وابن عدي. وضَعَّفهُ: الدَّارَقُطْنِيّ، وابن عبد البر، وابن العربي، والهيثمي، ومغلطاي، والبوصيري، وابن حجر، والسيوطي، والمُناوي، والألباني.
[التخريج]:
تخريج السياقة الأولى: [جه 937 "واللفظ له" / مش 799/ مث 2178/ تخث (السفر الثاني 2874) / صحا 5727].
تخريج السياقة الثانية: [ت 2947 "واللفظ له" / مث 2177/ طب (22/ 387/ 963) / صمند (ص 552) / صبغ 642].
تخريج السياقة الثالثة: [عد (6/ 111)، (8/ 47) / صحا 5728].
[السند]:
رواه ابن أبي شيبة في (المسند) -وعنه ابن ماجه وابن أبي عاصم (2187) -، وابن أبي خيثمة في (التاريخ)، كلاهما: عن أبي نعيم الفضل بن دكين.
ورواه الترمذي: عن علي بن حُجْر.
والبغوي في (معجمه): عن منصور بن أبي مزاحم.
ورواه الطبراني وابن أبي عاصم (2177) وأبو نعيم في (المعرفة 5727): من طريق زكريا بن يحيى -قرنه الطبراني بأبي نعيم-.
ورواه ابن عدي وأبو نعيم في (المعرفة 5728) من طريق يحيى الحِمَّاني.
ورواه ابن منده من طريق الهيثم بن جميل -قرنه بأبي نعيم-.
كلهم: عن شريك، عن أبي اليقظان، عن عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده، به.
ورواه يحيى بن أبي بكير عن شريك، ولم يذكر في متنه ((الحيض))، وجعل قوله ((في الصلاة)) من قول شريك.
خرجه ابن سمعون في (الأمالي 290) عن أبي الحسن علي بن أحمد بن الهيثم، حدثنا عيسى بن موسى بن أبي حرب الصفار، حدثنا يحيى بن أبي بكير عن شريك، به، بلفظ:((الرعاف والنعاس والمخاط والبصاق -وأُراه ذكر التثاؤب- من الشيطان)). قال شريك: في الصلاة)).
ومداره عندهم على شريك، وهو القاضي النخعي.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه أربع علل بالتسلسل:
الأولى: جَدّ عدي بن ثابت، فقد اضطربوا في تعيينه، وذكر غير واحد أنه لا يُعرف من هو؟ !
فروى الترمذي عن البخاري أنه قال: ((لا أعرف اسم جدّ عدي بن ثابت. قلتُ له: ذكروا أن يحيى بن معين قال: هو عدي بن ثابت بن دينار. فلم يعرفه ولم يَعدّه شيئًا)) (علل الترمذي 1/ 57).
وقال أيضًا: ((سألت محمدًا
…
، فقلت: عدي بن ثابت
…
، جد عدي، ما اسمه؟ فلم يعرف محمد اسمه، وذكرت لمحمد قول يحيى بن معين أن اسمه دينار، فلم يعبأ به)) (الجامع 1/ 220 - 221).
وقال الحربي: ((ليس لجد عدي بن ثابت صحبة)) (الإكمال 3/ 91) و (شرح ابن ماجه 3/ 100).
وسأل البرقاني الدَّارَقُطْنِيّ عن عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده، فقال:((لا يثبت، ولا يُعرف أبوه ولا جده، وعدي ثقة)) (السؤالات 400).
وقال في موضع آخر: قلت له: عدي بن ثابت، ابن من؟ قال:((قد قيل: ابن دينار. وقيل: يعني جده، أبو أمه، وإنه عبد الله بن يزيد الْخَطْمِي، ولا يصح من هذا كله شيء))، قلت: فيصح أن جده أبا أمه هو عبد الله بن يزيد الْخَطْمِي؟ قال: ((كذا زعم يَحْيَى بن مَعِيْن)) (السؤالات 641).
وقال الطوسي: ((جده مجهول لا يُعرف، ويقال: اسمه دينار، ولا يصح)) (مختصر الأحكام 1/ 340).
وقال البرقي: ((لم نجد من يعرف جده معرفة صحيحة، ذكر بعضهم أنه
عدي بن ثابت بن قيس بن الخطمي، وقيس لا يُعرف له إسلام، وقيل: إنه جده لأمه
…
، ولا ينبغي أن ينسب إلى جده لأمه، فينبغي أن يوقف، وينسب، ويترك الحديث على ما روي)) (شرح ابن ماجه 3/ 100).
وقال المنذري: ((وقيل: لا يُعلم مَن جدّه، وكلام الأئمة يدل على ذلك)) (المختصر 1/ 191).
وقال الزيلعي: ((وكلام الأئمة يدل على أنه لا يُعرف ما اسمه)) (نصب الراية 1/ 202).
ورجح الذهبي في (الميزان 3/ 61) و (تاريخ الإسلام 3/ 276)، وابن حجر في (النكت الظراف 3/ 134) أنه عدي بن أبان بن ثابت بن قيس بن الخطيم.
وهو قول مردود، ردّه مغلطاي في (شرح ابن ماجه 3/ 99) و (الإكمال 3/ 91)، وابن حجر نفسه في (الإتحاف 4/ 454، 455)، و (التهذيب 2/ 21).
الثانية: ثابت الأنصاري والد عَدِيِّ بن ثابت، سبق قول الدَّارَقُطْنِيّ فيه:((لا يُعرف))، وقال الذهبي:((لا يعرف إلا بابنه)) (ديوان الضعفاء 695)، وقال ابن حجر:((مجهول الحال)) (التقريب 836).
وتعقبه الألباني، فقال:((وحقه أن يقول: (مجهول) فقط؛ لأنه لا يعرف إلا بابنه؛ كما قال الذهبي. ومجهول الحال في المصطلح: من روى عنه اثنان فأكثر، فتأمل)) (الضعيفة 7/ 392).
الثالثة: عثمان بن عُمَيْرٍ أبو اليقظان، ضعفوه، قال ابن معين:((ليس حديثه بشيء))، وقال أحمد وأبو حاتم والبخاري:((منكر الحديث)) (الجرح والتعديل
6/ 161).
وقال ابن حجر: ((ضعيف، واختلط، وكان يدلس، ويغلو في التشيع)) (التقريب 4507).
وبه أعله غير واحد.
فقد أورده ابن عدي في ترجمته، وذكر كلام النقاد فيه، ثم قال:((وعثمان بن عمير أبو اليقظان هذا رديء المذهب، غالٍ في التشيع، يؤمن بالرجعة، على أن الثقات قد رووا عنه، وله غير ما ذكرت من الحديث، ويُكتب حديثه على ضعفه)) (الكامل 8/ 50).
وكان قد ذكره قبلُ في ترجمة شريك، ثم قال:((وهذه الأحاديث لا أعلم يرويها عن أبي اليقظان غير شريك)) (الكامل 6/ 111)، وأقره ابن طاهر في (الذخيرة 2792)، إلا أنه زعم أن ابن عدي قال في عثمان:((وهو متروك الحديث))! .
وسأل البرقاني الدَّارَقُطْنِيّ عن هذا الإسناد، فقال:((ضعيف))، قال:((من جهة من))؟ قال: ((أبو اليقظان ضعيف))، قال:((فيُترك))؟ قال: ((لا، بل يخرج، رواه الناس قديمًا)) (السؤلات 640).
وقال الحافظ ضياء الدين المقدسي: ((قد ضَعَّف غير واحد هذا الإسناد لأجل أبي اليقظان)) (الأحكام 1/ 222/ 621).
وقال الهيثمي: ((رواه الطبراني في الكبير، وأبو اليقظان ضعيف جدًّا)) (المجمع 2471).
وقال البوصيري: ((هذا إسناد فيه أبو اليقظان، واسمه عثمان بن عمير البجلي، وقد أجمعوا على تضعيفه)) (مصباح الزجاجة 1/ 118).
وأقره السندي في (الحاشية 1/ 307).
الرابعة: شريك النخعي، ساء حفظه بعد توليه القضاء، وقال ابن حجر:((صدوق، يخطئ كثيرًا)) (التقريب 2787).
والحديث أشار الترمذي إلى نكارته، فقال:((هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث شريك عن أبي اليقظان)).
وقال ابن عدي: ((لا أعلم يرويه عن أبي اليقظان غير شريك)) (الكامل 6/ 111).
وقال الدَّارَقُطْنِيّ: ((تفرد به أبو اليقظان عثمان بن عمير عن عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده، وتفرد به عنه شريك)) (الأطراف 2052).
وقال ابن عبد البر: ((دينار الأنصاري انفرد بالرواية عنه ابنه ثابت بن دينار، وهو جَدّ عدي بن ثابت، حديثه
…
في المستحاضة يضعفونه، وله حديث آخر في القيء، والعُطاس، والنعاس، والتثاؤب من الشيطان، ولا يصح إسناده)) (الاستيعاب 2/ 463).
وأقره ابن الأثير في (الأسد 2/ 206).
وقال ابن العربي في حديثه هذا أيضًا: ((لم يصح، والذي صح من طريق أبي عيسى وغيره أن رجلًا عطس في الصلاة، وحمد الله وبالغ في الحمد، وكتب كلماته بضع وثلاثون مَلَكًا)) (العارضة 10/ 198، 199).
وفي هذا إشارة إلى نكارة متن حديث شريك هذا.
وقال مغلطاي: ((هذا حديث أسلفنا الكلام على من ضَعَّفه بثابت أبي عدي، وغيره)) (شرح ابن ماجه 5/ 454).
ولذا قال المناوي: ((قال مغلطاي: هو ضعيف؛ لضعف ثابت (أبي) عدي، وغيره)) (الفيض 3/ 220).
وإحالة مغلطاي إنما هي إلى كلامه عن حديثه في الاستحاضة، وسيأتي في بابه.
وقال ابن حجر: ((سنده ضعيف)) (فتح الباري 10/ 607). وأقره المباركفوري في (التحفة 8/ 20).
وقال السيوطي: ((إسناده ضعيف)) (الحاوي للفتاوي 1/ 411)، ورَمَز لضعفه أيضًا في (الجامع الصغير 5694).
وأقره المناوي في (التيسير 1/ 439).
وقال المناوي أيضًا: ((ومدار الحديث على شريك، وفيه مقال معروف)) (فيض القدير 4/ 381).
وقال الألباني: ((هذا إسناد ضعيف مسلسل بالعلل))، وذكر علله الأربع، (الضعيفة 7/ 392).
[تنبيهان]:
الأول: وقع الحديث في المطبوع من معجم الطبراني بلفظ: ((الْعُطَاسُ وَالنِّفَاسُ)) إلخ.
كذا بالفاء، وهو خطأ من بعض النساخ.
قال المناوي: ((وَ (النُّعَاس) بعين مهملة كما وقفت عليه بخط المؤلف، فما في نسخ من أنه بالفاء تحريف)) (التيسير 1/ 439)، ونحوه في (الفيض 3/ 220).
قلنا: وهي على الصواب بلفظ: ((النعاس)) في مخطوطتيه كما في (المجلد 12/ ق 115/ أ)، وفي نسخة كوبلي (ق 8925/ ب)، وكذا في (المجمع)، وفي بقية المراجع بالعين، فلفظة (النفاس)، خطأ بلا شك، والله أعلم.
الثاني: وقع خطأ عجيب في (الغرائب الملتقطة لابن حجر 2/ 129، 130)، فأوهم أن لحديث الباب شاهدًا! ! ، حيث جاء فيما نقله عن مسند الديلمي:
((قال
(1)
: أخبرنا الحداد، أخبرنا أبو نعيم، حدثنا محمد بن علي بن حُبيش، حدثنا الحسن بن علي بن سليمان، حدثنا محمد بن معمر، حدثنا حيان بن هلال، حدثنا سليمان بن كثير، حدثنا داود بن أبي هند، حدثنا عمارة بن (عبيد) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خَمْسٌ فِي الصَّلَاةِ مِنَ الشَّيْطَانِ: العُطَاسُ وَالنُّعَاسُ وَالتَّثَاؤُبُ وَالرُّعَافُ وَالحَيْضُ)) اهـ.
وعقبه مباشرة:
((قال
(2)
: أخبرنا أبو بكر الطلحي، حدثنا الحضرمي، حدثنا علي بن حكيم، حدثنا يحيى (الحِمَّاني)، حدثنا شريك عن عثمان أبي اليقظان، عن عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خَمْسُ فِتَنٍ، أَعْلَمُ أَنَّ أَرْبعًا قَدْ مَضَتْ، وَالخَامِسَةُ كَائِنَةٌ فِيكُمْ يَا أَهْلَ الشَّامِ
…
)) اهـ.
قلنا: وهذا خطأ فاحش، فإن المتن الأول إنما هو بالإسناد الثاني، والمتن الثاني إنما هو بالإسناد الأول! !
هكذا رواهما أبو نعيم في (المعرفة 5236، 5728)، فقال في (الأول
(1)
- يعني: الديلمي.
(2)
- القائل هنا: هو أبو نعيم المذكور في السند السابق، يبينه ما ذكرناه بعد أعلاه.
5236): ((حدثنا محمد بن علي بن حُبيش، ثنا الحسن بن علي بن سليمان، ثنا محمد بن معمر، ثنا حبان بن هلال، ثنا سليمان بن كثير، ثنا داود بن أبي هند، عن عمارة بن عبيد -شيخ من خثعم كبير- قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُذَاكِرُنَا: ((خَمْسُ فِتَنٍ أَعْلَمُ أَنَّ أَرْبَعًا قَدْ مَضَتْ،
…
)) الحديث.
ثم قال في (الثاني 5728): ((حدثنا أبو بكر الطلحي، ثنا الحضرمي، ثنا علي بن حكيم، ثنا منجاب ويحيى الحماني، قالا: ثنا شريك، عن عثمان أبي اليقظان، عن عدي بن ثابت، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: ((خَمْسٌ فِي الصَّلَاةِ مِنَ الشَّيْطَانِ:
…
)) الحديث.
وهكذا اشتهر حديث الفتنة عن داود عن عمارة، على اختلاف فيه.
واشتهر حديث العطاس عن شريك عن أبي اليقظان بسنده كما سبق. فانقلب الأمر في (الغرائب)، ورُكب كل متن على إسناد الآخر، ولا ندري هل الوهم في ذلك من الناسخ؟ أم من الحداد؟ أم من الديلمي نفسه؟ ! الله أعلم.
وبهذا يُعلم أن ما ذُكر في الغرائب منسوبًا لعمارة ليس شاهدًا لحديث الباب؛ لأنه نُسب إليه خطأ، ووهمًا.