الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
584 - بَابُ مَا جَاءَ فِي مُبَاشَرَةِ الْحَائِضِ إِذَا اتَّزَرَتْ
3304 -
حَدِيثُ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ:((كَانَتْ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا، فَأَرَادَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُبَاشِرَهَا، أَمَرَهَا أَنْ تَتَّزِرَ فِي فَوْرِ حَيْضَتِهَا، ثُمَّ يُبَاشِرَهَا)). قَالَتْ: ((وَأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إِرْبَهُ، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَمْلِكُ إِرْبَهُ؟ )).
[الحكم]:
متفق عليه (خ، م).
[اللغة]:
قَولُهُ: ((فَوْرِ حَيْضَتِهَا))، وعند أبي داود وغيره:((فوح))، وفَوْرُ الْحَيْضِ وفوحه: أَوَّلُهُ وَمُعْظَمُهُ (النهاية 3/ 477، 478).
[الفوائد]:
قال ابن رجب: ((في هذا الحديث دلالة على أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إنما كان يأمر الحائض بالاتزار في أول حيضتها، وهو فور الحيضة وفوحها، فإن الدم حينئذٍ يفور لكثرته، فكلما طالت مدته قل. وهذا مما يُستدل به على أن الأمر بشد الإزار لم يكن لتحريم الاستمتاع بما تحت الإزار، بل خشية من إصابة الدم والتلوث به، ومبالغة في التحرز من إصابته)).
ثم قال: ((فظهر بهذا أن الاستمتاع ببدن الحائض كله جائز، لا منع فيه
سوى الوطء في الفرج، وأنه يستحب أن يكون ذلك من فوق الإزار، خصوصًا في أول الحيض وفورته، وإن اكتفى بستر الفرج وحده جاز، وإن استمتع بها بغير ستر بالكلية جاز أيضًا، وقد تقدم قول النبي صلى الله عليه وسلم:(اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ غَيْرَ النِّكَاحِ). خرجه مسلم)) (الفتح 2/ 31، 32).
وقال أيضًا: ((وقد اختلف العلماء فيما يجوز الاستمتاع به من الحائض في حال حيضها:
فقالت طائفة: لا يحرم منها سوى الإيلاج في فرجها، ويجوز ما عدا ذلك.
وحُكي ذلك عن جمهور العلماء. ورُوي عن ابن عباس، وعائشة، وأم سلمة، وهو قول الثوري، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وهو أحد قولي الشافعي، ومحمد بن الحسن، وأبي ثور، وابن المنذر، وداود، وطائفة من أصحاب مالك والشافعي.
واحتج أحمد بأن عائشة أفتت بإباحة ما دون الفرج من الحائض، وهي أعلم الناس بهذه المسألة، فيتعين الرجوع فيها إلى قولها، كما رُجع إليها في الغسل من التقاء الختانين على ما سبق، وكذا في المباشرة للصائم. وقد حكى البخاري عنها في الصوم أنها قالت: يحرم عليه - تعني: الصائم - فرجها.
وقالت طائفة: يحرم الاستمتاع من الحائض بما بين السرة والركبة إلا من فوق الإزار.
وهو المشهور عن مالك، وأبي حنيفة، والشافعي.
وحُكي رواية عن أحمد، ولم يثبتها الخلال وأكثر الأصحاب، وقالوا:
إنما أراد أحمد أن الأفضل مباشرتها من فوق الإزار.
وقالت طائفة: إن وَثِق المباشر تحت الإزار بضبط نفسه عن الفرج لضعف شهوة أو شدة ورع جاز، وإلا فلا. وهو قول طائفة من الشافعية)) (الفتح 2/ 33).
[التخريج]:
[خ 302 "واللفظ له" / م (293/ 2) / د 273/ جه 613/ ك 624/ عه 946/ ش 17082/ مسن 677/ هق 1503/ حق 1492/ تمهيد (3/ 168) / حزم (6/ 206) / مخلدي (ق 286/ أ) / غلق (2/ 169)].
[السند]:
قال البخاري: حدثنا إسماعيل بن خليل، قال: أخبرنا علي بن مسهر، قال: أخبرنا أبو إسحاق - هو الشيباني - عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة، به.
وقال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا علي بن مسهر، عن الشيباني (ح) وحدثني علي بن حُجْر السعدي، -واللفظ له- أخبرنا علي بن مسهر، أخبرنا أبو إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة، به.
ورواه إسحاق وأبو داود والحاكم من طريق جرير، عن الشيباني، عن عبد الرحمن بن الأسود، به بلفظ: ((كَانَ رُسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُنَا فِي فَوْحِ حَيْضَتِنَا
…
إلخ))، وعند الحاكم:((فور))! .
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذا اللفظ))! ! وهذا من أوهامه.
وقد اختُلف فيه على الشيباني:
فرواه ابن حبان (1363) من طريق أبي معاوية، عن الشيباني، عن عبد الله بن شداد، عن عائشة، قالت:((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يُضَاجِعَ بَعْضَ نِسَائِهِ وَهِيَ حَائِضٌ، أَمَرَهَا فَاتَّزَرَتْ)).
وهذا وهمٌ، قال ابن رجب: ((من أصحاب الشيباني مَن رواه عنه، عن عبد الله بن شداد، عن عائشة. وليس بصحيح؛ فإن الشيباني عنده لهذا الحديث إسنادان عن عائشة وميمونة:
فحديث عائشة: رواه عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة. وحديث ميمونة: رواه عن عبد الله بن شداد، عن ميمونة. فمَن رواه: عن الشيباني، عن عبد الله بن شداد، عن عائشة، فقد وهِم)) (الفتح 2/ 28).
وحديث الشيباني عن ابن شداد عن ميمونة سيأتي بعد هذا، بلفظ ((يباشر)) بدل ((يضاجع))، ولفظ المضاجعة قد ورد في حديث عائشة من غير طريق الشيباني كما سيأتي قريبًا، وسنذكر في تخريجه هناك مرجع ابن حبان هذا لشبهه به، مع ملاحظة أنه معلول السند كما بيَّنَّا.
رِوَايَةُ ((وَكَانَ يَأْمُرُنِي فَأَتَّزِرُ فَيُبَاشِرُنِي وَأَنَا حَائِضٌ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَتْ:((كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ كِلَانَا جُنُبٌ، وَكَانَ يَأْمُرُنِي فَأَتَّزِرُ فَيُبَاشِرُنِي وَأَنَا حَائِضٌ، وَكَانَ يُخْرِجُ رَأْسَهُ إِلَيَّ وَهُوَ مُعتكِفٌ فَأَغْسِلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ)).
[الحكم]:
صحيح (خ)، وهو عند مسلم مفرقًا، فكل فقرة منه متفق عليها، ولكن انفرد البخاري عن مسلم بسياقته تامًّا هكذا.
[التخريج]:
[خ 299 - 301 واللفظ له، 2030، 2031/ حم 24280، 25563/ عه 945/ عب 1039، 1258/ ثوري 88/ هق 922/ هقع 465/ حق 1524/ بغ 317/ بغت (1/ 257)].
[السند]:
قال البخاري (299 - 301): حدثنا قَبيصة، قال: حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، به.
وسفيان هو الثوري. وقبيصة هو ابن عقبة، وقد توبع:
تابعه الفريابي عند البخاري (2030، 2031)، وعبد الرزاق في (مصنفه)، وابن مهدي عند أحمد (25563)، ويحيى القطان عند أحمد (24280)، ويحيى بن آدم عند إسحاق (1524)، ولم يذكر الفريابي والقطان اغتسالهما من الإناء الواحد.
وقد رواه عبد الرزاق في موضع آخر (1258) عن الثوري مقتصرًا على فقرة المباشرة. وكذا رواه وكيع عن الثوري. وكذا رواه غير واحد عن منصور، منهم شعبة وأبو عوانة وجرير. وإليك روايتهم المختصرة:
رِوَايَةُ ((كَانَتْ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا أَمَرَهَا
…
)):
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَتْ:((كَانَـ[ـتْ] 1 إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا، أَمَرَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَأْتَزِرُ بِإِزَارٍ (تَلْبَسُ ثَوْبًا)، ثُمَّ يُبَاشِرُهَا [- وَرُبَّمَا قَالَ: يُضَاجِعُهَا -] 2)).
[الحكم]:
صحيح (م)، وأصله متفق عليه، ولكن انفرد مسلم عن البخاري بهذه السياقة.
[التخريج]:
[م (293/ 1) "واللفظ له" / د 268 / ت 133 / ن 290، 291، 377، 378 / كن 344، 343، 9267 "والزيادة الثانية له ولغيره"، 9276 / جه 614 / حم 25021، 25104، 25410، 25750، 25980 / مي 1060، 1070 / حب 1359، 1362، 1363/ عه 944، 946، 947 / طي 1472 "والرواية له ولغيره" / عل 4810/ عب 1247/ ش 17082 "والزيادة الأولى له ولغيره" / حق 1493 / جا 106/ مسن 676، 677/ معقر 716 / منذ 784 / طبر (3/ 730) / هق 1502، 1503/ هقع 2146/ جعد 879 / عد 409، 1892 / بغت (1/ 256) / طح (3/ 36/ 4371) / محد 473 / تمهيد (3/ 166، 169) / لا 1897 / حزم (6/ 206) / أصبهان (1/ 238) / مخلدي (ق 286/ أ)].
[السند]:
قال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وزهير بن حرب، وإسحاق بن إبراهيم، قال إسحاق: أخبرنا، وقال الآخران: حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، به.
وهو عند ابن أبي شيبة في (المصنف)، وعنه رواه ابن ماجه، وعند إسحاق
في (المسند)، وعنه رواه النسائي وغيره.
وقد توبع عليه جرير:
تابعه الثوري عند عبد الرزاق وأحمد والترمذي، وتابعهما شعبة عند الطيالسي وأحمد وأبي داود وغيرهم، وتابعهم أبو عوانة عند الطيالسي وأحمد وابن حبان وغيرهم، إلا أن لفظ الثوري:((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُنِي أَنْ أَتَّزِرَ [بِإِزَارٍ]، وَأَنَا حَائِضٌ ثُمَّ يُبَاشِرُنِي))، وعند الترمذي: ((كَانَ إِذَا حِضْتُ يَأْمُرُنِي
…
إلخ))، وقال:((حديث عائشة حديث حسن صحيح)).
وقد رواه أحمد (25104، 25980) من طريق الحجاج بن أرطاة، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة بنحوه، وزاد فيه:((وَإذَا أَرَادَ أَن يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ، تَوَضأَ وُضُوءَهُ للصَّلَاةِ)).
ورجاله ثقات سوى الحجاج، فإنه كثير الخطأ والتدليس، وقد رواه أبو إسحاق الشيباني عن ابن الأسود كما سبق، ولم يذكر فيه هذه الزيادة، فهي في هذا الحديث من أوهام ابن أرطاة، وإن كانت ثابتة في حديث آخر، أخرجه الشيخان من حديث عائشة رضي الله عنها قالت:((كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهو جُنُبٌ، غَسَلَ فَرْجَهُ، وَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ)) [البخاري (288)، ومسلم (305)]، وهو مخرج عندنا في "باب وضوء الجنب للنوم"، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ).
وللحديث طريق آخر:
رواه النسائي (285، 373) والدارمي (1070) من طريق أبي الأحوص، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن شرحبيل، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا أَنْ تَشُدَّ [عَلَيْهَا] إِزَارَهَا، ثُمَّ يُبَاشِرُهَا)).
ورجاله كلهم ثقات، وانظر الرواية التالية.
رِوَايَةٌ بِزِيَادَةِ ((وَلَكِنْ كَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ)):
• وَفِي رِوِايَةٍ، قَالَتْ:((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُبَاشِرُنِي [وَأَنَا فِي شِعَارٍ وَاحِدٍ،] وَأَنَا حَائِضٌ، وَلَكِنْ كَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ [أَوْ أَمْلَكَ لِإِرْبِهِ])).
[الحكم]:
صحيح، ولكن فيه اختصار مخل، فالمباشرة كانت بعد الاتزار كما بيَّنه شعبة في روايته، ورجحه البيهقي.
[التخريج]:
[حم 25684، 25714/ حق 1593 واللفظ له، 1594/ طح (3/ 37) 4381 والزيادتان له ولغيره/ زهر 615/ هق 1522].
[التحقيق]:
رواه ابن راهويه (1593)، وأحمد (25684، 25714): عن وكيع، نا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة، عن عائشة به دون الزيادتين.
وأبو ميسرة هو عمرو بن شرحبيل، ثقة، وأبو إسحاق هو السبيعي.
ورواه ابن راهويه (1594) عن النضر بن شميل، نا إسرائيل، بهذا الإسناد مثله.
فلم يذكر فيه شد الإزار! وكذا رواه الزبيري عن إسرائيل، وزاد دخوله معها في لحافها كما خرجناه في (باب الاضطجاع مع الحائض).
وإسرائيل مختلف في سماعه من جده أبي إسحاق، هل هو قبل الاختلاط أم بعده؟ ، والراجح أنه قبله، وأنه ثَبْتٌ في جده كما بيَّنَّاه في غير هذا الموضع.
وقد توبع عليه:
فرواه الطحاوي وأبو الفضل الزهري والبيهقي من طريق زهير بن معاوية، قال: ثنا أبو إسحاق، عن أبي ميسرة، عن عائشة، به مع الزيادتين.
وزهير سماعه من أبي إسحاق بأخرة، ولكن إسقاطه شد الإزار تابعه عليه إسرائيل، وزيادته ((وأنا في شعار واحد))، الظاهر من تتبع الروايات أن معناها: وأنا معه في لحاف واحد. وهذا قد تابعه عليه شعبة وغيره كما سيأتي، ولكن هذا المعنى مع سقوط الأمر بشد الإزار- ظاهره أن المباشرة كانت بلا حائل؛ ولذا قال الطحاوي عقبه:((ففي ذلك إباحة ما تحت الإزار، فلما جاء هذا عنها، وقد جاء عنها أنه كان يأمرها أن تتزر ثم يباشرها، كان هذا -عندنا- على أنه كان يفعل هكذا مرة وهكذا مرة، وفي ذلك إباحة المعنيين جميعًا))، ثم استدل على جواز ذلك بحديث أنس:((اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ مَا خَلَا الْجِمَاعَ)) (معاني الآثار 3/ 37، 38).
قلنا: فأما حديث أنس -إن دل على جواز الأمرين- فليس فيه دليل أنه صلى الله عليه وسلم قد باشر من تحت الإزار. وأما حديثنا، فقد سبق أن أبا الأحوص رواه عن أبي إسحاق وبَيَّن أن المباشرة كانت بعد شدها الإزار بأمره صلى الله عليه وسلم.
وكذا رواه شعبة عن أبي إسحاق، ولفظه:((كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُنَا إِذَا كَانَتْ إِحْدَانَا حَائِضًا، أَنْ تَتَّزِرَ (تَشُدَّ عَلَيْهَا إِزَارَهَا)، ثُمَّ تَدْخُلَ مَعَهُ فِي لِحَافِهِ [فَتَبِيتَ مَعَهُ])).
وكذا رواه زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق بلفظ: ((كُنتُ إذَا طَمثتُ
شَدَدتُ عَلَي إزَارًا، ثُم أَدخُلُ مَعَ النبي صلى الله عليه وسلم شعَارَهُ، وَلَكنهُ كَانَ أَملَكَكُم لإربه)). وقد خرجناه مع رواية شعبة في باب (الاضطجاع مع الحائض).
فالظاهر أن رواية إسرائيل وزهير مختصرة، وهو اختصار مخل.
ولذا قال البيهقي: ((كذا رواه زهير بن معاوية، وتابعه إسرائيل، ورواه شعبة فبَيَّن أن ذلك كان بعد الاتزار)) (السنن الكبير، عقب رقم 1522).
قلنا: وشعبة من أثبت الناس في أبي إسحاق.
ثم قال البيهقي: ((والأحاديث التي مضت في الباب قبل هذا أصح وأبين. ويحتمل أن يكون المراد بما عسى أن يصح من هذه الأحاديث- ما هو مبين في تلك الأحاديث، والله أعلم)) (الكبرى، عقب رقم 1523).
ويَقصد بالأحاديث التي مضت أحاديث المباشرة بعد الاتزار، فهي أَولى بالصواب، والله أعلم.
رِوَايَةُ ((يُبَاشِرُ نِسَاءَهُ فَوْقَ الْإِزَارِ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: ((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُبَاشِرُ نِسَاءَهُ فَوْقَ الْإِزَارِ وَهُنَّ حُيَّضٌ)).
[الحكم]:
إسناده صحيح على شرط مسلم. والظاهر أنه رواية بالمعنى، وإلا فهذا اللفظ مشهور من حديث ميمونة لا من حديث عائشة.
[التخريج]:
[حم 24046 "واللفظ له" / عه 947].
[التحقيق]:
رواه أحمد قال: حدثنا محمد بن فُضيل، عن الشيباني، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة به.
هذا إسناد صحيح على شرط مسلم، ورجاله رجال الشيخين، وقد توبع ابن فضيل:
فرواه أبو عوانة في (المستخرج): من طريق منصور بن أبي الأسود، عن أبي إسحاق الشيباني، به مثله.
ومنصور هو الليثي، صدوق، ووثقه ابن معين.
ولكن قد رواه الشيخان وغيرهما من طريق علي بن مسهر. وأبو داود وغيره من طريق جرير. كلاهما عن أبي إسحاق الشيباني، عن عبد الرحمن بن الأسود، به بلفظ:((كَانَتْ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا، فَأَرَادَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُبَاشِرَهَا، أَمَرَهَا أَنْ تَتَّزِرَ فِي فَوْرِ حَيْضَتِهَا، ثُمَّ يُبَاشِرُهَا)). وليس فيه: ((فَوْقَ الإِزَارِ)).
وكذا رواه الحجاج بن أرطاة عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، به نحوه.
وكذا رواه مسلم وغيره من طريق إبراهيم النخعي، عن الأسود، عن عائشة، به نحوه.
فهذا هو المشهور من حديث عائشة، ويلاحظ أنه قد حدث نفس هذا الاختلاف على الشيباني أيضًا في حديثه الآتي عن ابن شداد عن ميمونة،
فرواه عبد الواحد وجرير وحفص وابن مسهر وغيرهم عنه بلفظ ((كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُبَاشِرَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ وَهِيَ حَائِضٌ، أَمَرَهَا أَنْ تَتَّزِرَ)).
بينما رواه الثوري وخالد الواسطي وأسباط بن محمد عنه، وذكروا أنه كان يباشر من فوق الإزار. ولفظ خالد وأسباط هو نفس لفظ ابن فضيل هنا! .
فكأن الشيباني كان يرويهما أحيانًا بالمعنى، وإلا فقد دخل عليه أحد الحديثين في الآخر، والله أعلم.
رِوَايَةُ ((رُبَّمَا بَاشَرَنِي
…
مِنْ فَوْق الإِزَارِ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: ((رُبَّمَا بَاشَرَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا حَائِضٌ [مِنْ] فَوْقِ الإِزَارِ)).
[الحكم]:
صحيح المتن بما سبق وبما سيأتي. وإسناده ضعيف معلول.
[التخريج]:
[طح (3/ 36) 4372 واللفظ له/ طحق 155/ محد (2/ 336) والزيادة له].
[السند]:
رواه الطحاوي في (شرح المعاني)، و (أحكام القرآن) قال: حدثنا علي بن مَعْبد قال: ثنا يعلى بن عُبيد قال: ثنا حريث
(1)
بن عمرو عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة، به.
ورواه أبو الشيخ من طريق إبراهيم بن عبد الله الجُمَحي، قال: ثنا يعلى بن عبيد، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ لضعف حريث بن عمرو، وهو المعروف بحريث بن أبي مطر.
والمحفوظ عن مسروق ما رواه عبد الرزاق (1270) من طريق أبي قلابة، عن مسروق قال: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ، فَقُلْتُ: يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ مَا يَحِلُّ لِلَّرجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ حَائِضًا؟ قَالَتْ: ((مَا دُونَ الفَرْجِ)). وهو عند الطبري (3/ 726)
(1)
- تحرف في مطبوعة (أحكام القرآن) إلى: ((جرير))!.
بلفظ: قَالَتْ لَهُ: ((كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا فَرْجَهَا)).
ورواه الطبري (3/ 726) وغيره من طريق سالم بن أبي الجعد، عن مسروق، قال: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: ((مَا يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ إِذَا كَانَتْ حَائِضًا؟ قَالَتْ: فَرْجُهَا)).
وقد روى ابن راهويه (1216) من طريق عَبَّاد بن منصور، عن عطاء، عن عائشة، قالت:((كُنْتُ أُبَاشِرُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَائِضًا! غَيْرَ أَنَّهَا كَانَتْ تَجْعَلُ عَلَى فَرْجِهَا خِرْقَةً)).
وعَبَّاد ضعيف. وستأتي هذه الرواية في باب آخر.
3305 -
حَدِيثُ مَيْمُونَةَ:
◼ عَنْ مَيْمُونَةَ رضي الله عنها: ((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يُبَاشِرَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ، أَمَرَهَا فَاتَّزَرَتْ، وَهِيَ حَائِضٌ، [ثُمَّ يُبَاشِرُهَا])).
[الحكم]:
صحيح (خ)، وهو عند مسلم بلفظ آخر.
[التخريج]:
[خ 303 / د 2156 واللفظ له / حم 26855/ عل 7082، 7092/ ش 17083/ حميد 1551/ حق 2011 / طب (24/ 7/ 3)، (24/ 8/ 8)، (24/ 22/ 49، 50) / طبر (3/ 729، 730) / مسن 678 / هق 1518، 14200/ غيل 366/ تمهيد (3/ 169)، (5/ 262) / مخلدي (ق 286/ أ) / حداد 349 / مغلطاي (3/ 153)].
[السند]:
قال البخاري: حدثنا أبو النعمان، قال: حدثنا عبد الواحد، قال: حدثنا الشيباني، قال: حدثنا عبد الله بن شداد، قال: سمعت ميمونة، به.
وقد رواه أحمد (26855)، وأبو يعلى (7092) وغيرهما من طرق عن عبد الواحد به، بتقديم:((وَهِيَ حَائِضٌ)) على ((أَمَرَهَا فَاتَّزَرَتْ)).
وكذا رواه أبو داود وغيره من طريق حفص عن الشيباني به.
ورواه ابن راهويه في (مسنده 2011)، وأبو يعلى (7082) وغيرهما: عن جرير، عن الشيباني، به بلفظ:((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُبَاشِرُ النِّسَاءَ وَهُنَّ حِيَضٌ، يَأْمُرُهُنَّ أَنْ يَتَّزِرْنَ)). واللفظ لإسحاق.
ورواه ابن أبي شيبة - ومن طريقه الطبراني (24/ 22) -: عن عباد بن
عوام، وعلي بن مسهر، عن الشيباني، بلفظ:((كَانَتْ إِحْدَانَا إِذَا حَاضَتْ فَقَامَتْ فَأَرَادَتْ الرُّجُوعَ، أَمَرَهَا فَاتَّزَرَتْ، ثُمَّ يُبَاشِرُهَا)).
وقد رواه ابن حبان (1363) من طريق أبي معاوية، عن الشيباني، فجعله من حديث عائشة، وهو وهم كما قاله ابن رجب، وقد سبق بيانه عقب حديث عائشة.
رِوَايَةُ ((يُبَاشِرُ نِسَاءَهُ فَوْقَ الإِزَارِ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: ((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُبَاشِرُ نِسَاءَهُ فَوْقَ الإِزَارِ وَهُنَّ حُيَّضٌ)).
[الحكم]:
صحيح (م)، وسبق عند البخاري بلفظ آخر.
[التخريج]:
[م (294/ 3) واللفظ له/ حم 26846، 26854/ مي 1069/ عه 948/ مسن 678/ طبر (3/ 730) / معقر 1029/ طح (3/ 36) 4373، 4374/ طحق 157/ أصبهان (2/ 46) / هق 1504/ هقع 14013/ هقغ 160/ إمام (3/ 248)].
[السند]:
قال مسلم: حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا خالد بن عبد الله، عن الشيباني، عن عبد الله بن شداد، عن ميمونة به.
وتوبع عليه خالد:
فرواه أحمد (26854) وغيره عن أسباط عن الشيباني به مثله.
ورواه أحمد (26846). والطبري (3/ 730) عن ابن المثنى. وغيرهما: عن عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن الشيباني، به بلفظ:((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُبَاشِرُهَا وَهِيَ حَائِضٌ فَوْقَ الإِزَارِ)).
ورواه مسلم عن ميمونة بلفظ آخر، ذكرناه في (باب الاضطجاع مع الحائض)، حديث رقم (؟؟؟؟).
3306 -
حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ جُمَيْعِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ مَعَ أُمِّي وَخَالَتِي فَسَأَلْناهَا
(1)
: كَيْفَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ إِذَا حَاضَتْ إِحْدَاكُنَّ؟ قَالَتْ: ((كَانَ يَأْمُرُنَا إِذَا حَاضَتْ إِحْدَانَا أَنْ نَتَّزِرَ بِإِزَارٍ وَاسِعٍ، ثُمَّ يَلْتَزِمُ صَدْرَهَا وَثَدْيَيْهَا)).
• وَفِي رِوَايَةٍ 2: انْطَلَقْتُ مَعَ عَمَّتِي وَخَالَتِي إِلَى عَائِشَةَ، فَسَأَلْتُهَا
(2)
: كَيْفَ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ تَصْنَعُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا عَرَكَتْ؟ فَقَالَتْ: ((كَانَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ إِحْدَانَا ائْتَزَرَتْ بِالإِزَارِ الْوَاسِعِ، ثُمَّ الْتَزَمَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِثَدْيَيْهَا وَنَحْرِهَا)).
• وَفِي رِوَايَةٍ 3: أَنَّ أُمَّهَ وَخَالَتَهُ دَخَلَتَا عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَتَا: يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ، كَيْفَ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ تَصْنَعُ إِذَا هِيَ حَاضَتْ؟ قَالَتْ:((تَشُدُّ عَلَيْهَا إِزَارًا، ثُمَّ يَلْتَزِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَطْنَهَا وَمَا فَوْقَ ذَلِكَ)). قَالَتَا: كَيْفَ يَغْتَسِلُ؟ قَالَتْ: ((يُفِيضُ عَلَى يَدَيْهِ ثُمَّ يَسْتَنْجِي، ثُمَّ يَضْرِبُ بِيَدِهِ الأَرْضَ، ثُمَّ يُفِيضُ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا. قَالَتْ: وَأَمَّا نَحْنُ فَنُفِيضُ خَمْسًا مِنْ أَجْلِ الضُّفُرِ)).
قَالَتَا: فَأَخْبِرِينَا عَنْ عَلِيٍّ. قَالَتْ: ((أَيَّ شَيْءٍ تَسْأَلْنَ عَنْ رَجُلٍ وَضَعَ يَدَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَوْضِعًا فَسَالَتْ نَفْسُهُ فِي يَدِهِ فَمَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ؟ ! وَاخْتَلَفُوا فِي دَفْنِهِ فَقَالَ: إِنَّ أَحَبَّ الْبِقَاعِ إِلَى اللَّهِ مَكَانٌ قُبِضَ فِيهِ نَبِيُّهُ)). قَالَتَا: فَلِمَ خَرَجْتِ عَلَيْهِ؟ قَالَتْ: ((أَمْرٌ قُضِيَ لَوَدِدْتُ أَنْ أَفْدِيَهُ مَا عَلَى الْأَرْضِ)).
(1)
كذا أثبته محققو التأصيل، وذكروا أنه في عدة نسخ:(فسألتاها).
(2)
كذا أثبته محققو الرسالة، وعلقوا عليها بقولهم:"ضبب فوقها في (ظ 8)، وجاء في هامشها: (فسألناها)، وعليها علامة الصحة".
[الحكم]:
منكر، وإسناده ضعيف جدًّا. وضَعَّفه وحَكَم بنكارته: الألباني. وتضعيفه هو مقتضى صنيع المنذري ومغلطاي.
[التخريج]:
تخريج السياقة الأولى: [ن 379].
تخريج السياقة الثانية: [حم 24923].
تخريج السياقة الثالثة: [عل 4865].
[السند]:
رواه أحمد: عن عفان، قال: ثنا عبد الواحد بن زياد، قال: ثنا صدقة بن سعيد الحنفي، قال: ثنا جُمَيْع بن عُمَيْر التيمي، به بلفظ السياقة الثانية.
ورواه النسائي: عن هَنَّاد بن السَّري، عن أبي بكر بن عياش، عن صدقة بن سعيد. ثم ذكر كلمة معناها: حدثنا جُمَيْع بن عُمَيْر .. به بلفظ السياقة الأولى.
ورواه أبو يعلى: عن عبد الرحمن بن صالح، حدثنا أبو بكر بن عياش، به بلفظ السياقة الثالثة.
فمداره عندهم على صدقة بن سعيد الحنفي، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه علتان:
الأولى: صدقة بن سعيد الحنفي، قال البخاري:((عنده عجائب))، وقال أبو حاتم:((شيخ)). وضَعَّفه ابن وضاح. وقال الساجي: ((ليس بشيء)) (إكمال تهذيب الكمال 6/ 362)، و (تهذيب التهذيب 4/ 415).
ومع ذلك ذكره ابن حبان في (الثقات 6/ 466) وقال الذهبي: ((صدوق))
(الكاشف).
وقال أبو الحسن بن القطان: ((لم تثبت عدالته، ولم يثبت فيه جرح مفسر)) (بيان الوهم 5/ 19).
ولذا قال الحافظ ابن حجر: ((مقبول)) (التقريب 2912).
قال الألباني: ((وهذا هو الأقرب، أن حديثه مقبول عند المتابعة وضعيف عند التفرد، بَلهَ المخالفة، وحديث الترجمة من هذا القبيل كما يأتي)) (الضعيفة 12/ 464/ 5705).
العلة الثانية: جُمَيْعُ بن عُمَيْرٍ التيمى، مختلف فيه، والراجح ضعفه، فقال البخاري:((فيه نظر)) (التاريخ الكبير 2/ 242)، قال ابن عدي:((وهذا الذي قاله البخاري كما قال، في أحاديثه نظر))، ثم قال:((عامة ما يرويه لا يتابعه غيره عليه)) (الكامل 3/ 144)، وقال ابن نمير:((كان من أكذب الناس))، وقال ابن حبان:((كان رافضيًا يضع الحديث)) (المجروحين 1/ 258)، وقال ابن الجارود:((فيه نظر))، وقال الساجي:((له أحاديث مناكير، وفيه نظر، وهو صدوق)) (الإكمال 3/ 238)، وذكره أبو القاسم البلخي في الضعفاء، وقال:((لا يُحتمل)) (شرح ابن ماجه 2/ 353)، وقال المنذري:((لا يُحتج بحديثه)) (مختصر سنن أبي داود 1/ 163).
ولذا قال الذهبي: ((واهٍ)) (الكاشف 810)، وقال أيضًا:((اتُّهم بالكذب)) (ديوان الضعفاء 780).
بينما قال أبو حاتم الرازي: ((محله الصدق، صالح الحديث)) (الجرح والتعديل 2/ 532)، وقال العجلي:((ثقة)) (معرفة الثقات وغيرهم 229)
(1)
،
(1)
وذكر مغلطاي في (شرح ابن ماجه 2/ 353) و (الإكمال 3/ 238)، أن العجلي قال في جميع هذا:((لا بأس به، يكتب حديثه وليس بالقوي))، وهذا وهمٌ، فإنما قال ذلك في جميع بن عمير العجلي، كذا في كتاب العجلي (228)، وصوابه:((جميع بن عمر))، وهو غير صاحبنا التيمى فإنه وثقه كما سبق.
وتعقبه أبو العرب القيرواني بأنه لا يتابع على ذلك، قال مغلطاي:((وفيه نظر؛ لما قاله عنه أبو حاتم الرازي وغيره)) (الإكمال 3/ 238).
وذكره ابن حبان في (الثقات 4/ 115)! ، وقد سبق أنه ذكره في (المجروحين)، ورماه بالوضع! . قال مغلطاي:((ذكره في الثقات سهوًا منه، أو لترجيح أحد الأمرين على الآخر، ويشبه أن يكون ذكره إياه في الضعفاء آخرًا؛ لاحتمال اطلاعه بعدُ على كلام القدماء، فنَظَره ثانيًا، وسَبَر أحاديثه، فترجح الضعف على غيره)) (شرح ابن ماجه 2/ 353).
ومع ذلك قال ابن حجر: ((صدوق، يخطئ ويتشيع))! (التقريب 968).
والأظهر - لدينا -: أنه ضعيف واهٍ، بل متروك متهم. والله أعلم.
وفي الحديث زيادة - عند أبي يعلى - في فضل علي رضي الله عنه يشتم منها رائحة التشيع، وأنها من وضع جُميع، وقد قال عنه ابن حبان:((كان رافضيًا يضع الحديث)).
هذا، وقد أعل الألباني هذا الحديث بالاضطراب في متنه؛ لاختلاف أبي بكر بن عياش وعبدالواحد بن زياد في نسبة الالتزام، حيث نسبه الأول للنبي صلى الله عليه وسلم، ونسبه الثاني للزوجة.
قال الألباني: ((ولعل هذا أصح - إن ثبت الحديث -؛ لأن عبد الواحد بن زياد أوثق من ابن عياش)) (الضعيفة 12/ 464).
قلنا: والحمل على شيخهما صدقة أَوْلى، وقد حَكَم الشيخ بعد بنكارة هذه
الجملة، فقال:((والحديث في الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة وأم ميمونة وأم حبيبة دون جملة الالتزام، فهي زيادة منكرة عندي سندًا ومتنًا، أما السند فظاهر مما سبق، وأما المتن فلمخالفته لأحاديث الثقات عن أمهات المؤمنين فإن أحدًا منهم لم يذكرها)) (الضعيفة 12/ 465).
واستنكرَ أيضًا مغلطاي في (شرح ابن ماجه 2/ 353) والألباني في (ضعيف أبي داود 9/ 93 - 94) قولها في رواية أبي يعلى: ((وَأَمَّا نَحْنُ فَنُفِيضُ خَمْسًا مِنْ أَجْلِ الضُّفُر))، وبيَّنَّا سبب ذلك في أبواب الغسل، حيث خرجه أبو داود وابن ماجه وغيرهما مقتصرين على هذه الفقرة، وقد خرجناها في فصل الغسل من الجنابة (باب غسل المرأة المتضفرة)، وذكرنا هناك إعلال المنذري وغيره له بجميع.
3307 -
حَدِيثٌ ثَالِثٌ عَنْ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ يَزِيدَ بْنِ بَابَنُوسَ [وَكَانَ مِنَ الشَّيعَةِ الَّذِينَ قَاتَلُوا عَلِيًّا] 1، قَالَ: ذَهَبْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي إِلَى عَائِشَةَ، فَاسْتَأذَنَّا عَلَيْهَا، فَأَلْقَتْ لَنَا وَسَادَةً، وَجَذَبَتْ إِلَيْهَا الْحِجَابَ، فَقَالَ صَاحِبِي: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، مَا تَقُولِينَ فِي الْعِرَاكِ؟ قَالَتْ: وَمَا الْعِرَاكُ؟ وَضَرَبْتُ مَنْكِبَ صَاحِبِي، فَقَالَتْ: مَهْ آذَيْتَ أَخَاكَ؟ ثُمَّ قَالَتْ: مَا الْعِرَاكُ؟ الْمَحِيضُ؟ (الحَيْضُ تَعْنُونَ؟ ) 1 [قُلْنَا: نَعَمْ] 2، [ثُمَّ قَالَتْ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ، ] 3 قُولُوا مَا قَالَ اللهُ [عز وجل] 4 (سَمُّوهُ كَمَا سَمَّاهُ اللهُ عز وجل 2:{الْمَحِيض} ، ثُمَّ قَالَتْ:((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَشَّحُنِي، وَيَنَالُ مِنْ رَأْسِي [الْقُبْلَةَ] 5، وَبَيْنِي وَبَيْنَهُ ثَوْبٌ (وَعَلَيَّ الْإِزَارُ) 3، وَأَنَا حَائِضٌ))
…
الحَدِيثَ.
[الحكم]:
مرفوعه صحيح المعنى بشواهده، وإسناده لَيّن بهذه السياقة، وليَّنه: العقيلي، وأعلَّ سياقتَه هو وابنُ دقيق العيد.
[اللغة]:
قال الخطابي: "قولها (يَتَوَشَّحُنِي) من المعانقة، وينال من رأسي تريد القبلة"(غريب الحديث 2/ 576). وقال ابن الأثير: "أي يعانقني ويقبلني"(النهاية 5/ 187).
[التخريج]:
[حم 25542 مختصرًا، 25841 "واللفظ له" / مي 1075 مختصرًا / طي 1620 "والزيادة الثالثة والرابعة والرواية الثالثة له" / حق 1333، 1718 / عل 4487 "مختصرًا" / عق (4/ 206 - 207)"والزيادة الأولى والخامسة له ولغيره" / هق 1488 "مختصرًا جدًّا،
والزيادة الثانية والرواية الأولى والثانية له"، 1513 مختصرًا / تجر (ص 238) مختصرًا / شيبة (ناصر- آثار 6/ 473)].
[السند]:
رواه الطيالسي -ومن طريقه البيهقي (1513) -.
ورواه أحمد (25841): عن بهز بن أسد. وأيضًا (25542) عن ابن مهدي.
ورواه الدارمي: عن سليمان بن حرب.
ورواه ابن راهويه (1718): عن النضر بن شميل.
ورواه أبو يعلى (4487): عن إبراهيم السامي.
ورواه يعقوب بن شيبة في (مسنده): عن يزيد بن هارون.
كلهم: عن حماد بن سلمة، قال: أخبرني أبو عمران الجوني، عن يزيد بن بابنوس، به، اختصره بعضهم، وفيه عند بهز والنضر ويزيد قصة.
وتوبع عليه حماد:
فرواه ابن راهويه (1333)، والعقيلي (4/ 206 - 207)) من طريق مرحوم العطار.
ورواه البيهقي (1488) من طريق جعفر بن سليمان الضبعي.
ورواه السهمي في (تاريخ جرجان ص 238) من طريق الحارث بن عبيد.
ثلاثتهم: عن أبي عمران به، ولكن اختصره جعفر والحارث.
فمداره على أبي عمران الجوني، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح، عدا يزيد بن بابنوس، ذكره ابن حبان في (الثقات 5/ 548)، وقال الدَّارَقُطْنِيّ:((لا بأس به)) (سؤالات البرقاني 563)، وقال ابن عدي:((أحاديثه مشاهير)) (الكامل 2177).
ولعل الألباني حسنه لذلك في (الجلباب، ص 39).
قلنا: لم يَرْوِ عنه سوى أبي عمران الجوني، وقال البخاري:((كان من الشيعة الذين قاتلوا عليًّا)) (التاريخ الكبير 8/ 323)، وبهذا ذكره العقيلي في (الضعفاء 1990)، ونَقَل ابن الجوزي في (الضعفاء 3771)، وابن حجر في (التهذيب 11/ 316) عن أبي حاتم الرازي أنه قال فيه:((مجهول))، وكذا قال ابن القطان:((لا تُعرف حاله في الحديث)) (بيان الوهم 4/ 458)، ولذا قال الذهبي:((مجهول)) (الديوان 4709)، وقال ابن حجر:((مقبول)) (التقريب 7694).
والحديث قال عقبه العقيلي: ((هذا يُروى من غير هذا الوجه، بغير هذا اللفظ، بإسناد أصلح من هذا)) (الضعفاء 4/ 207).
قلنا: وقد صح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ((وأنا عارك)) بمعنى حائض - كما عند النسائي في (284) -، وأنها قالت:((إذا عركتُ)) بمعنى حضتُ - كما عند النسائي في (الكبرى 11740) -، فكيف تنكر عليهم ذلك؟
ولهذا غمز ابن دقيق حديث ابن بابنوس بقوله: ((قد ورد عن عائشة رضي الله عنها استعمال لفظ (العراك)، و (أنا عارك))) (الإمام 3/ 184).
قلنا: وصح عن جابر رضي الله عنه أنه استعمله في حق عائشة رضي الله عنها (مسلم 1213). وعن ابن أبي مليكة: ((أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها كَانَتْ تَرْقِي أَسْمَاءَ رضي الله عنها، وَهِيَ عَارِكٌ)) (الدارمي 1019).
رِوَايَةُ ((فَكَانَ لَهُ مَا فَوْقَ الإِزَارِ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابْنِ بَابِنُوسَ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَرَجُلَانِ آخَرَانِ عَلَى عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ لَهَا رَجُلٌ مِنَّا: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، مَا تَقُولِينَ فِي الْعِرَاكِ؟ قَالَتْ: وَمَا الْعِرَاكُ؟ الْمَحِيضُ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَتْ: فَهُوَ الْمَحِيضُ كَمَا سَمَّاهُ اللهُ. قَالَتْ: ((كَأَنِّي إِذَا كَانَ ذَاكَ اتَّزَرْتُ بِإِزَارِي، فَكَانَ لَهُ مَا فَوْقَ الإِزَارِ
…
)) الحَدِيث مُطَوَّلًا.
[الحكم]:
إسناده ضعيف جدَّا بهذا اللفظ.
[التخريج]:
[عل 4962].
[السند]:
قال أبو يعلى: حدثنا أبو همام، حدثنا عوبد، عن أبيه، عن ابن بابنوس به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه علتان:
الأولى: يزيد بن بابنوس، وقد سبق بيان حاله.
الثانية: عوبد بن أبي عمران، قال البخاري:((منكر الحديث)) (التاريخ الكبير 7/ 92)، وقال ابن معين:((ليس بشيء))، وقال الجوزجاني:((آية من الآيات))، وقال النسائي:((متروك))، وقال أبو حاتم وأبو زرعة:((ضعيف الحديث))، زاد أبو حاتم:((منكر الحديث)) (الجرح والتعديل 7/ 45)، (الميزان 3/ 304).
وقد خالفه حماد بن سلمة ومرحوم بن عبد العزيز وغيرهما في متنه كما سبق.