المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌568 - باب الحائض تذكر الله - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ٢٦

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الحيض والنفاس

- ‌أَبْوَابُ الْحَيْضِ

- ‌557 - بَابُ بَدْءِ الْحَيْضِ

- ‌558 - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَحْدَاثِ نِسَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ التِي مِنْ أَجْلِهَا سُلِّطَتْ عَلَيْهِنَّ الْحَيْضَةُ

- ‌559 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الذَّنْبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أُعْقِبَ بَنَاتُ آدَمَ بِالْحَيْضِ

- ‌560 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ الحَيْضَ مِنَ الشَّيْطَانِ

- ‌561 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ الحَيْضَ كَفَّارَةٌ

- ‌562 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي حَيْضِ المَرْأَةِ مِنْ دُبُرِهَا

- ‌563 - بَابُ الْحَيْضِ عَلَامَةُ الْبُلُوغِ

- ‌564 - بَابُ مَنِ اتَّخَذَ ثِيَابَ الْحَيْضِ سِوَى ثِيَابِ الطُّهْرِ

- ‌565 - بَابُ الحَائِضِ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ

- ‌566 - بَابُ الحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ دُونَ الصَّلَاةِ

- ‌567 - بَابُ الحَائِضِ تَسْمَعُ آيَةَ السَّجْدَةِ

- ‌568 - بَابُ الحَائِضِ تَذْكُرُ اللهَ

- ‌569 - بَابُ شُهُودِ الحَائِضِ خُطْبَةَ العِيدِ وَاعْتِزَالِهَا الصَّلَاةَ

- ‌570 - بَابٌ فِي رُقْيَةِ الحَائِضِ

- ‌571 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي نَهْيِ الحَائِضِ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ

- ‌572 - بَابُ قِرَاءَةِ الرَّجُلِ فِي حِجْرِ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ

- ‌573 - بَابُ دُخُولِ الحَائِضِ المَسْجِدَ

- ‌574 - بَابُ مَنْ قَالَ: لَا تَدْخُلُ الحَائِضُ المَسْجِدَ

- ‌575 - بَابُ طَهَارَةِ جِسْمِ الحَائِضِ، وَجَوَازِ مُؤَاكَلَتِهَا وَمُشَارَبَتِهَا

- ‌576 - بَابُ طَهَارَةِ عَرَقِ الْحَائِضِ

- ‌577 - بَابُ غَسْلِ الْحَائِضِ رَأْسَ زَوْجِهَا وَتَرْجِيلِهِ

- ‌578 - بَابُ اسْتِخْدَامِ الْحَائِضِ

- ‌579 - بَابُ الْحَائِضُ تَخْتَضِبُ

- ‌580 - بَابُ تَحْرِيمِ إِتْيَانِ الْحَائِضِ

- ‌581 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ الوَلَدَ الذِي تَحْمِلُ بِهِ المَرْأَةُ مِنْ وَطْءٍ فِي الحَيْضِ- قَدْ يُصَابُ بِالجُذَامِ

- ‌582 - بَابٌ فِي كَفَّارَةِ مَنْ أَتَى حَائِضًا

- ‌583 - بَابُ الِاضْطِجَاعِ مَعَ الْحَائِضِ

- ‌584 - بَابُ مَا جَاءَ فِي مُبَاشَرَةِ الْحَائِضِ إِذَا اتَّزَرَتْ

- ‌585 - بَابُ مَا جَاءَ فِي بَيَانِ مَوْضِعِ الاتِّزَارِ

- ‌586 - بَابُ صِفَةِ الثَّوْبِ الذِي تُبَاشَرُ فِيهِ الحَائِضُ

- ‌587 - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَنَّ لِلَّرجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ الحَائِضِ كُلَّ مَا سِوَى الفَرْجِ

- ‌588 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الاسْتِدْفَاءِ بِالحَائِضِ

- ‌589 - بَابُ مَا رُوِي فِي أَنَّ لَيْسَ لِلرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ الْحَائِضِ إِلَّا مَا فَوْقَ الإِزَارِ

- ‌590 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ لَيْسَ لِلرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ الحَائِضِ إِلَّا مَا فَوْقَ السُّرَّةِ

- ‌591 - بَابُ مَا رُوِي فِي اعْتِزَالِ فِرَاشِ الحَائِضِ

- ‌592 - بَابُ مَا جَاءَ فِي مُبَاشَرَةِ الحَائِضِ بِغَيْرِ إِزَارٍ بَعْدَ ثَلَاثٍ

- ‌593 - بَابُ مُدَّةِ الْحَيْضِ

- ‌594 - بَابُ إِذَا حَاضَتِ فِي شَهْرٍ ثَلَاثَ حِيَض، وَمَا يُصَدَّقُ النِّسَاءُ فِي الحَيْضِ، فِيمَا يُمْكِنُ

- ‌595 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الأَمْرِ بِدَفْنِ دَمِ الحَيْضِ

- ‌596 - بَابُ وُجُوبِ الاغْتِسَالِ مِنَ الحَيْضِ إِذَا طَهُرَتِ المَرْأَةُ

- ‌597 - بَابُ الْحَائِضِ كَيْفَ تَتَطَهَّرُ

- ‌598 - بَابُ نَقْضِ الْمَرْأَةِ شَعْرَهَا عِنْدَ غُسْلِ الْمَحِيضِ

- ‌599 - بَابُ امْتِشَاطِ الْمَرْأَةِ عِنْدَ غُسْلِهَا مِنَ الْمَحِيضِ

- ‌600 - بَابُ الطِّيبِ لِلمَرَأَةِ عِنْدَ غُسْلِهَا مِنَ المَحِيضِ

الفصل: ‌568 - باب الحائض تذكر الله

‌568 - بَابُ الحَائِضِ تَذْكُرُ اللهَ

3248 -

حَدِيثُ عَائِشَةَ:

◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا نَذكُرُ (لَا نَنْوِي) 1 إِلَّا الحَجَّ، فَلَمَّا جِئْنَا سَرِفَ [أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا] 1 طَمِثْتُ (حِضْتُ) 2، فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ:((مَا يُبْكيكِ [يَا عَائِشَةُ] 2؟ ! )) قُلْتُ: لَوَدِدْتُ -وَاللهِ- أَنَّي لَمْ أَحُجَّ العَامَ! قَالَ: (([مَا لَكِ؟ ] 3 لَعَلَّكِ نَفِسْتِ؟ )) [يَعْنِي: الحَيْضَةَ. قَالَتْ: ] 4 قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:(([سُبْحَانَ اللهِ] 5؛ فَإنَّ ذَلِكَ شَيْءٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَافعَلِي مَا يَفْعَلُ الحَاجُّ (انْسُكِي المَنَاسِكَ كُلَّهَا) 3، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي (حَتَّى تَغْتَسِلِي) 4)).

[الحكم]:

متفق عليه (خ، م).

[الفوائد]:

قالَ ابن المنذر: "أجمع أهل العلم على أن لهما -أي: الحائض والجنب- أن يذكرا الله ويسبحاه"(الإشراف على مذاهب العلماء 3/ 434)، وانظر أيضًا (فتح الباري لابن رجب 2/ 45).

وقد بَوَّب البخاري على الحديث بقوله: "باب: تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت".

قال ابن رجب: "مقصود البخاري بهذا الباب أن الحيض لا يمنع شيئًا من

ص: 129

مناسك الحج غير الطواف بالبيت والصلاة عقيبه، وأن ما عدا ذلك من المواقف والذكر والدعاء لا يمنع الحيض شيئًا منه، فتفعله الحائض كله، فدخل في ذلك الوقوف بعرفة، والمزدلفة، ورمي الجمار، وذكر الله عز وجل، ودعاؤه في هذه المواطن. وكل هذا متفق على جوازه.

ولم يدخل في ذَلكَ السعي بين الصفا والمروة؛ لأنه تابع للطواف، لا يُفعل إلا بعده. ولم تكن عائشة طافت قبل حيضها، فلو كانت قَد طافت قبل حيضها لدخل فيه السعي أيضًا.

وهذا كله متفق عليه بين العلماء إلا خلافًا شاذًّا في الذكر، وقد ذكرناه فيما سبق في (أبواب الوضوء)، وإلا السعي بين الصفا والمروة؛ فإن للعلماء فيه اختلافًا: هل يُفعل معَ الحيض أم لا؟

والجمهور على جوازه مع الحيض، ومَنَع منه طائفة من السلف؛ لكن منهم من علل ذلك بمنع تقدم السعي للطواف، فلو كانت طافت ثم حاضت لزال المنع حينئذٍ على هذا التعليل" (فتح الباري له 2/ 42 - 43).

[التخريج]:

[خ 294 "والرواية الثانية له ولغيره"، 305 "واللفظ له"، 5548، 5559/ م (1211/ 119) "والرواية الرابعة والزيادة الأولى والرابعة له"، (1211/ 120) "والزيادة الثالثة له وهي رواية عند (خ) " / د 1776 "والزيادة الثانية والخامسة والرواية الثالثة له ولغيره" / ن 352، 2761 "والرواية الأولى له" / ........ ].

وسبق بتخريجه كاملًا في باب (بدء الحيض)، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ). وهو مخرج برواياته كلها في موسوعة الحج.

ص: 130

3249 -

حَدِيثُ أُمِّ عَطِيَّةَ:

◼ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها قَالَتْ: ((كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ نَخْرُجَ يَوْمَ الْعِيدِ، حَتَّى نُخْرِجَ البِكْرَ مِنْ خِدْرِهَا، حَتَّى نُخْرِجَ الحُيَّضَ، فَيَكُنَّ خَلْفَ النِّاسِ، فَيُكَبَّرْنَ [مَعَ النَّاسِ] بِتَكْبِيرِهِمْ، وَيَدْعُونَ بِدُعَائِهِمْ يَرْجُونَ بَرَكَةَ ذَلِكَ اليَوْمِ وَطُهْرَتَهُ)).

[الحكم]:

متفق عليه (خ، م).

[الفوائد]:

1 -

قال ابن رجب: ((وأما حديث أم عطية في إخراج الحُيَّض في العيدين، فقد خرجه البخاري في مواضع متعددة من كتابه مبسوطًا، وفيه دليل على جواز الذكر والدعاء للحائض)) (فتح الباري 2/ 44).

2 -

قال ابن حجر: ((قوله (فيكبرن بتكبيرهم) ذكر التكبير في حديث أم عطية من هذا الوجه من غرائب الصحيح، وقد أخرجه مسلم أيضًا)) (الفتح 2/ 463).

[التخريج]:

[خ 971 "واللفظ له" / م (890/ 11)"مختصرًا والزيادة له" /

].

والحديث مذكور بتخريجه كاملًا مع بقية رواياته وشواهده في (موسوعة الصلاة)، يسَّر الله مراجعتها وإخراجها.

ص: 131

3250 -

حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ:

◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَرْبَعٌ لَا يُمْسِكُ عَنْهُنَّ جُنُبٌ وَلَا حَائِضٌ، سُبْحَانَ اللهِ، وَالحَمْدُ للهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ)).

[الحكم]:

أسانيده واهية، ومعناه صحيح إلا إن أريد به الحصر فمنكر.

[التخريج]:

[أبو الشيخ (كبير 2901) / ك (تاريخ - كبير 2901) / فر (ملتقطة 1/ ق 169، 170)].

[التحقيق]:

هذا الحديث له ثلاثة طرق واهية:

الأول:

رواه أبو منصور الديلمي في (مسند الفردوس) - كما في (الغرائب الملتقطة) - قال: أخبرنا عبدوس، أخبرنا الحسين بن فَنْجَوَيْهِ، أخبرنا ابن السني، حدثنا [ابن]

(1)

زهير، حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي بُكير، حدثنا يحيى بن أبي بُكير، حدثنا الربيع بن بدر، عن الجُرَيْري، عن أبي عطاء، عن أبي هريرة، به.

وهذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه: الربيع بن بدر يُعرف بعُلَيلة، وهو "متروك"(التقريب 1883).

(1)

- ما بين المعقوفين سقط من مخطوطة (الغرائب)، ولعل إثباتها هو الصواب، فابن السني يَروي عن ابن زهير التستري، وهو يَروي عن عبد الله بن محمد.

ص: 132

وقد أخطأ الربيع في رفع هذا الحديث، وفي تسمية شيخ الجريري!

فقد رواه الدارمي (1023) من طريق أبي أسامة، عن الجُريْري، عن أبي عَطَّاف، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: ((أَرْبَعٌ لَا يحْرُمْنَ عَلَى جُنُبٍ وَلَا حَائِضٍ

)) الحديث.

فأوقفه أبو أسامة حماد بن أسامة، وهو ثقة ثبت، وسمى شيخ الجُرَيْري ((أبا عَطَّاف))، وليس ((أبا عطاء))!

(1)

.

فهذا أَولى بالصواب، وإن كان الموقوف ضعيفًا أيضًا، فأبو عَطَّاف هذا لا يُعلم روى عنه سوى الجُرَيري، ولا يُؤْثَر توثيقه عن أحد سوى ابن حبان، ذكره في (الثقات 5/ 588).

والجُرَيري هو سعيد بن إياس، كان قد اختلط، وهذا الحديث لم يروه عنه أحد ممن سمع منه قبل الاختلاط، لا مرفوعًا ولا موقوفًا؛ فإن أبا أسامة لم يذكروه في قدماء أصحابه، وإن أخرج مسلم له عن الجريري حديثين، فأحدهما بمتابعة سفيان وعبد الأعلى، والثاني توبع فيه الجريري نفسه. وقد أفاد ابن حجر في (نتائج الأفكار 1/ 125، 126) أن رواية أبي أسامة عن الجريري بعد الاختلاط.

نعم، رواه الحسن بن دينار كما في (أمالي ابن سمعون 150) عن الجريري عن أبي عطاف الأسدي عن أبي هريرة موقوفًا أيضًا.

ولكن الحسن هذا متروك، وكذَّبه غير واحد من الأئمة، انظر:(تهذيب التهذيب 2/ 275 - 276).

(1)

ولعل (عطاء) هذه محرفة من (عطاف)، والله أعلم.

ص: 133

الطريق الثاني:

رواه الحاكم في (تاريخه) كما في (الجامع الكبير 2901) - ومن طريقه رواه الديلمي كما في (الغرائب 1/ ق 170) -، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن سعيد، حدثنا العباس بن حمزة، حدثنا مَخْلَد بن عمرو البلخي، حدثنا المحاربي، حدثنا عطاء بن السائب، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال، مثله.

وهذا أيضًا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه علتان:

الأولى: شيخ الحاكم، محمد بن أحمد بن سعيد، أبو جعفر الرازي، ضَعَّفه الدَّارَقُطْنِيّ، ولكن قال الحاكم: ((لم ينكر عليه إلا حديثًا واحدًا جَمَع فيه بين العباس

(1)

بن حمزة، ومحمد بن نعيم)) (اللسان 6380).

قلنا: بل له غيره مما ينكر، فقد قال فيه الذهبي:((لا أعرفه، لكن أتى بخبر باطل، هو آفته))، ثم ساق له حديثًا آخر منكرًا عن ابن وارة، (الميزان 3/ 457).

ولأجل ذلك ذكره الحلبي في (الكشف الحثيث عمن رُمي بوضع الحديث 612).

الثانية: عطاء بن السائب كان قد اختلط. وعبد الرحمن المحاربي ليس ممن سمع منه قبل الاختلاط.

وبقية رجاله ثقات، إلا أن مَخْلَد بن عمرو البلخي لم نجد من وثقه سوى

(1)

- وقع في اللسان: ((أبي العباس))، والمثبت يؤيده ما في سند حديثنا، وما في (تاريخ دمشق/ ت 3091).

ص: 134

ابن حبان، ذكره في (الثقات 9/ 186، 187)، وقال:((لم أرَ في حديثه ما يوجب أن يُعْدَل به عن الثقات إلى المجروحين)).

هذا وقد توبع المحاربي بما لا يُفرح به كما تراه فيما يلي.

الطريق الثالث: رواه أبو محمد بن حيان المعروف بأبي الشيخ - كما في (الجامع الكبير للسيوطي 2901) -، وعلقه عنه الديلمي كما في (الغرائب 1/ ق 170)، فقال: ورواه أبو محمد بن حيان، عن يحيى بن محمد بن صاعد، عن عمرو بن أيوب الطائي، عن الربيع بن روح، عن محمد بن خالد الوهبي

(1)

، حدثنا زياد الجصاص، عن عطاء بن السائب، به.

وهذا أيضًا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: زيَادٌ الجَصاص، ضَعَّفه ابن المديني جدًّا، وقال ابن معين:((ليس بشيء))، وقال أبو زرعة:((واهي الحديث))، وقال أبو حاتم:((منكر الحديث))، وقال النسائي والدَّارَقُطْنِيّ وغيرهما:((متروك))، ومشاه العجلي والبزار وابن حبان. انظر:(تهذيب التهذيب 3/ 368).

ولم يبالِ الذهبي بصنيع العجلي ومن معه، فقال:((تركوه)) (الديوان 1497).

بينما قال ابن حجر: ((ضعيف)) (التقريب 2077).

الثانية: عمرو بن أيوب الطائي، وهو ابن بنت أبي المغيرة عبد القدوس الخولاني، لم نجد من ترجم له، ولكن له ذكر في (الكامل 689)، و (تاريخ دمشق 5/ 60)، وذكره المزي ضمن تلاميذ الربيع، ولكن وقع

(1)

- تحرف في (الغرائب) إلى ((الذهبي))! وانظر (التهذيب 9/ 77 و 25/ 145).

ص: 135

فيه: ((عمر بن أيوب))! (التهذيب 9/ 78).

الثالثة: اختلاط عطاء بن السائب كما سبق ذكره، وأن الجصاص ليس من قدماء أصحابه، ثم إن عدم مجيء هذا الحديث من رواية أحد من أصحابه القدامى لدليل على نكارته، وأنه لم يُحَدِّث به أصلًا، أو حَدَّث به بعد الاختلاط على فرض ثبوت الرواية عنه، وهو ما لم يثبت بعد.

هذا، والحديث معناه صحيح، يشهد له حديث عائشة رضي الله عنها، قالت:((كَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَذكُرُ اللهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ)).

رواه مسلم (373)، وعلقه البخاري (1/ 129).

فأما إن كان المراد به قصر الذكر من الجنب والحائض على هذه الأربع المذكورة في الحديث، فهو حينئذٍ منكر، والله أعلم.

ص: 136

3251 -

حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ:

◼ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعَدَ العَبَّاسَ ذَوْدًا مِنَ الإِبِلِ، فَبَعَثَنِي إلَيْهِ بَعْدَ العِشَاءِ، [فَبِتُّ عِنْدَهُ، ] وَكَانَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الحَارِثِ، فَنَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَتَوَسَّدْتُ الوِسَادَةَ الَّتِيْ تَوَسَّدَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَنَامَ غَيْرَ كَبِيرٍ - أَو: غَيْرَ كَثِيرٍ -، ثُمَّ قَامَ عليه السلام فَتَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، وَأَقَلَّ هِرَاقَةَ الْمَاءِ، ثُمَّ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ، فَقُمْتُ فَتَوَضَّأْتُ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، وَأَخْلَفَ بِيَدِهِ فَأَخَذَ بِأُذُنِي فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَجَعَلَ يُسَلَّمُ مِنْ كُلَّ رَكْعَتَيْنِ.

وَكَانَتْ مَيْمُونَةُ حَائِضًا، فَقَامَتْ فَتَوَضَّأَتْ، ثُمَّ قَعَدَتْ خَلْفَهُ تَذْكُرُ اللهَ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:((أَشَيْطَانُكِ أَقَامَكِ؟ )) قَالَتْ: بِأَبِي وَأُمَّي يَا رَسُولَ اللهِ، وَلِيَ شَيْطَانٌ؟ ! قَالَ:((إِي وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِ، وَلِي، غَيْرَ أَنَّ اللهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ، فَأَسْلَمَ)).

فَلَمَّا انْفَجَرَ الفَجْرُ قَامَ فَأَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ، ثُمَّ رَكَعَ رَكْعَتَي الفَجْرِ، ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَى شِقَّهِ الأَيْمَنِ حَتَّى أَتَاهُ بِلَالٌ فَآذَنَهُ بِالصَّلَاةِ.

[الحكم]:

منكر بهذه السياقة، وضَعَّفه: ابن رجب والألباني.

وأصل الحديث في الصحيحين وغيرهما بغير هذا اللفظ، وليس فيه أنها كانت حائضًا، ولا أنها قامت فتوضأت، ثم قعدت تذكر الله تعالى، وأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال لها:((أَشَيْطَانُكِ أَقَامَكِ؟ )). وهذه جملة منكرة.

[فائدة]:

في هذه الرواية دليل لقول من قال من السلف أن الحائض تتوضأ عند وقت الصلاة، وتجلس تذكر الله، مستقبلة القبلة.

ص: 137

وقد روي عن مكحول أنه قال: "كان ذلك من هدي نساء المسلمين في أيام حيضهن"

(1)

. وروى عبد الرزاق في (المصنف 1232): عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: "أَكَانَتِ الْحَائِضُ تُؤْمَرُ أَنْ تَتَوَضَّأَ عِنْدَ وَقْتِ كُلِّ صَلاةٍ، ثُمَّ تَجْلِسُ فَتُكْثِرُ وَتَذْكُرُ اللهَ سَاعَةً؟ قَالَ: لَمْ يَبْلُغْنِي فِي ذَلِكَ شَيْءٌ وَإِنَّ ذَلِكَ لَحَسَنٌ".

قال عبد الرزاق بإثره: قَالَ مَعْمَرٌ: "وَبَلَغَنِي أَنَّ الْحَائِضَ كَانَتْ تُؤْمَرُ بِذَلِكَ عِنْدَ وَقْتِ كُلِّ صَلاةٍ".

قلنا: ولكن هذه الرواية منكرة لا تثبت، وعليه فلا دليل على مشروعية ذلك، ولم يثبت ذلك عن أحد من الصحابة

(2)

، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:((مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ)) [متفق عليه: البخاري (2697)، ومسلم (1718)]. وفي رواية عند مسلم: ((مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ)).

ولذا قال ابن عبد البر: "وأما علماء السلف والخلف وأهل الفتوى بالأمصار، فكلهم على أن الحائض لا تصلي ولا تقضي الصلاة أيام حيضها، إلا أن من السلف من كان يرى للحائض، ويأمرها أن تتوضأ عند وقت الصلاة، وتذكر الله، وتستقبل القبلة، ذاكرة لله، جالسة". ثم قال: "وهو أمر متروك عند جماعة الفقهاء بل يكرهونه". ثم ذكر عن سليمان التيمي،

(1)

الاستذكار لابن عبد البر (3/ 218).

(2)

وأما ما رُوي عن عقبة بن عامر: ((أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ الْمَرْأَةَ الْحَائِضَ عِنْدَ أَوَانِ الصَّلاةِ (فِي وَقْتِ الصَّلاة) أَنْ تَوَضَّأَ وَتَجْلِسَ بِفِنَاءِ مَسْجِدِهَا فَتَذْكُرَ اللهَ [وَتُهَلِّلَ] وَتُسَبِّحَ))، ففي السند إليه رجلان مجهولان. رواه ابن أبي شيبة في (المصنف 7347)، والدارمي في (مسنده 996) واللفظ له، والزيادة والرواية لابن أبي شيبة.

ص: 138

قال: سئل أبو قلابة عن الحائض إذا حضرت الصلاة: أتتوضأ وتذكر الله؟ فقال أبو قلابة: "قد سألنا عنه فلم نجد له أصلًا"

(1)

. وذكر كراهيته كذلك عن طاوس وغيره، ثم قال:"وعلى هذا القول جماعة الفقهاء وعامة العلماء اليوم في الأمصار"(الاستذكار 3/ 218 - 219).

[التخريج]:

[خز 1151 "واللفظ له" / طب (11/ 135/ 11277) "والزيادة له ولغيره" / طس 7229 / طش 734، 737 / منذ 2664/ مخلص 1313].

[السند]:

رواه ابن خزيمة وابن المنذر، قالا -والسياق لابن خزيمة-: حدثنا إبراهيم بن منقذ بن عبد الله الخولاني، نا أيوب بن سويد، عن عتبة بن أبي حكيم، عن أبي سفيان طلحة بن نافع، عن عبد الله بن عباس به.

ومداره عندهم على أيوب بن سويد، به.

قال الطبراني: ((لم يَرْوِ هذا الحديث عن عتبة بن أبي حكيم إلا أيوب بن سويد)) (الأوسط).

[التحقيق]:

هذا إسناده ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: أيوب بن سويد الرملي، وقد ضَعَّفه جمهور النقاد، منهم: أحمد،

(1)

رواه ابن أبي شيبة في (المصنف 7344، 7345)، والدارمي في (مسنده 995) بإسناد صحيح.

ص: 139

وابن معين، والنسائي، وأبو داود، والساجي، وغيرهم. وليَّنه أبو حاتم. وقال البخاري:((يتكلمون فيه))، ورماه ابن حبان وغيره بسوء الحفظ. (تهذيب التهذيب 1/ 406). وقال فيه الحافظ ابن حجر:((صدوق يخطئ)) (التقريب 615).

وبه أعلَّه ابن رجب، فقال:((هذا غريب جدًّا، وأيوب بن سويد الرملي ضعيف)) (فتح الباري 2/ 132).

الثانية: عتبة بن أبي حكيم، وهو مختلف فيه كذلك، وقال فيه الحافظ:((صدوق يخطئ كثيرًا)) (التقريب 4427).

وبهما أعلَّه الألباني، فقال:((إسناده ضعيف؛ عتبة بن أبي حكيم صدوق يخطئ كثيرًا، وقريب منه أيوب بن سويد)) (تعليقه على صحيح ابن خزيمة 1093).

والحديث قد رواه البخاري (138، 183)، ومسلم (763) من طريق كريب، والبخاري (117) من طريق سعيد بن جبير، ومسلم (763/ 192) من طريق عطاء، ومسلم (763/ 191) من طريق علي بن عبد الله بن عباس، ومسلم (256) من طريق أبي المتوكل الناجي، وأبو داود (1358) من طريق عكرمة بن خالد. كلهم عن ابن عباس، بسياق آخر، طَوَّله بعضهم واختصره بعضهم. ولم يذكر واحد منهم أن ميمونة كانت حائضًا، ولا أنها قَامَت فَتَوَضأَت، ثُم قَعَدَت تَذكُرُ اللهَ تعالى

، إلى آخره.

وقد خَرَّجنا بعض رواياتهم في الطهارة: (بَابُ غَسْلِ اليَدَيْنِ عِنْدَ الشُّرُوعِ في الْوُضُوءِ)، و (بَابُ الْوُضُوءِ مِنَ البَوْلِ وَالْغَائِطِ)، و (بَابُ لَا وُضُوءَ عَلَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي النَّوْمِ بخَاصَّةٍ)، وهو مُخرَّج برواياته في موسوعة الصلاة أيضًا.

ص: 140

نعم، جاء التصريح بأن ميمونة كانت حائضًا عند الطبراني في (الأوسط 650)، وبمعناه عند أحمد (2572) وغيره، من طريق محمد بن ثابت العبدي، عن جبلة، عن إسحاق النوفلي، عن ابن عباس به. وسنده فيه لِين وانقطاع كما بيَّنَّاه في باب الاضطجاع مع الحائض.

ومع ذلك فليس فيه أنها قامت فتوضأت، ثم قعدت تذكر الله تعالى، وأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال لها:((أَشَيطَانُكِ أَقَامَكِ؟ )).

فهذه الزيادات -في هذا الحديث- منكرة. والله أعلم.

إلا أن القاضي عياض استحسن زيادة أنها كانت حائضًا، فقال:((وقد جاء في بعض روايات هذا الحديث: (بِتُّ عِنْدَ خَالَتِيْ مَيْمُوَنَةَ فِي لَيْلَةٍ كَانَتْ فِيْهَا حَائِضًا)، وهذه الكلمة -وإن لم يصح طريقها - فهي صحيحة المعنى، حسنة جدًّا، إذ

(1)

لم يكن ابن عباس يطلب المبيت عند النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة خالية، ولا يرسله أبوه على ما جاء في الحديث إلا في وقت يعلم أنه لا حاجة للنبي صلى الله عليه وسلم فيها؛ إذ كان لا يمكن ذلك مع مبيته معها في وساد واحد، ولا يتعرض هو لأذاه بمنعه مما يحتاج إليه من ذلك)) (إكمال المعلم بفوائد مسلم 3/ 118).

(1)

في المطبوع: "إذا".

ص: 141