الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
593 - بَابُ مُدَّةِ الْحَيْضِ
3334 -
حَدِيثُ أَنَسٍ:
◼ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(([أَقَلُّ] الْحَيْضِ: ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَأَرْبَعَةٌ، وَخَمْسَةٌ، وَسِتَّةٌ، وَسَبْعَةٌ، وَثَمَانِيَةٌ، وَتِسْعَةٌ، وَعَشَرَةٌ. فَإِذَا جَازَتِ (زَادَتْ عَلَى) الْعَشَرَة، [فَهِيَ] مُسْتَحَاضَةٌ)).
[الحكم]:
ضعيف جدًّا. وضَعَّفه: ابن عدي - وأقره ابن طاهر - والبيهقي، وعبدالحق الإشبيلي، وابن الجوزي، والذهبي، وابن عبد الهادي، وابن دقيق، والزيلعي، ومغلطاي، وابن حجر، والعيني، والألباني.
[فائدة]:
لا حد لأقل الحيض ولا لأكثره، ولم يَثبت فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء، ولا عن الصحابة رضوان الله عليهم.
قال ابن المنذر: ((ذكر الميموني أنه قال: قلت لأحمد بن حنبل: أيصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء في أقل الحيض وأكثره؟ قال: لا. قلت: أفيصح عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا. قلت: فحديث أنس؟ قال: ليس بشيء. أو قال: ليس يصح)) (الأوسط 2/ 356).
وقال ابن أبي العز الحنفي: "ولم يثبت في تقدير أقل الحيض ولا أكثره ولا أقل الطهر حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم"(التنبيه على مشكلات الهداية 1/ 403).
وقال ابن تيمية: ((الحيض عَلَّق الله به أحكامًا متعددة في الكتاب والسنة، ولم يقدر لا أقله ولا أكثره، ولا الطهر بين الحيضتين، مع عموم بلوى الأمة بذلك واحتياجهم إليه، واللغة لا تفرق بين قدر وقدر، فمَن قَدَّر في ذلك حدَّا فقد خالف الكتاب والسنة.
والعلماء منهم مَن يَحُد أكثره وأقله، ثم يختلفون في التحديد. ومنهم من يَحُد أكثره دون أقله. والقول الثالث أصح أنه لا حد لا لأقله ولا لأكثره، بل ما رأته المرأة عادة مستمرة فهو حيض، وإن قُدِّر أنه أقل من يوم استمر بها على ذلك فهو حيض، وإن قُدِّر أن أكثره سبعة عشر استمر بها على ذلك فهو حيض. وأما إذا استمر الدم بها دائمًا فهذا قد عُلِم أنه ليس بحيض؛ لأنه قد عُلِم من الشرع واللغة أن المرأة تارة تكون طاهرًا وتارة تكون حائضًا، ولطهرها أحكام، ولحيضها أحكام، والعادة الغالبة أنها تحيض ربع الزمان ستة أو سبعة، وإلى ذلك ردَّ النبي المستحاضة التي ليس لها عادة ولا تمييز.
والطهر بين الحيضتين لا حد لأكثره باتفاقهم؛ إذ من النسوة من لا تحيض بحال، وهذه إذا تباعد ما بين أقرائها فهل يعتد (بثلاث) حِيض أم تكون كالمرتابة تحيض سنة؟ فيه قولان للفقهاء. وكذلك أقله على الصحيح لا حد له)) (مجموع الفتاوى 19/ 237).
[التخريج]:
[عد (3/ 464) "واللفظ له" / هقخ 1039 "والرواية له" / علج 641 "والزيادتان له" / تحقيق 305].
[السند]:
رواه ابن عدي - ومن طريقه البيهقي وابن الجوزي - قال: حدثنا أحمد
ابن الحسن
(1)
الكرخي، حدثنا الحسن بن شبيب الْمَقْرِئ الْمُكْتِبِ، حدثنا أبو يوسف، عن الحسن بن دينار، عن معاوية بن قُرة، عن أنس، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه ثلاث علل:
الأولى: الحسن بن دينار، قال فيه البخاري:((تركه يحيى، وابن مهدي، ووكيع، وابن المبارك)) (التاريخ الكبير 2/ 292)، وقال ابن معين:((لا شيء))، وقال أبو حاتم:((هو متروك الحديث كذاب))، قال ابن أبي حاتم:((وتَرَك أبو زرعة حديث الحسن بن دينار ولم يقرأه علينا، فقيل له: عندنا مكتوب. قال: اضربوا عليه)) (الجرح والتعديل 3/ 11).
الثانية: الحسن بن شبيب المكتب، قال ابن عدي:((حَدَّث عن الثقات بالبواطيل، وأوصل أحاديث هي مرسلة))، ثم قال:((وللحسن بن شبيب أحاديث غير هذا، وأرى أحاديثه قلما يتابَع عليها)) (الكامل 3/ 531 - 533).
الثالثة: وفيه أيضًا أبو يوسف، وهو القاضي الحنفي المشهور، فيه كلام مشهور ذكرناه مرارًا.
والحديث ضَعَّفه عدد كبير من النقاد:
فذكره ابن عدي في ترجمة الحسن بن دينار، ثم قال:((هذا الحديث معروف بالجلد بن أيوب، عن معاوية بن قرة، عن أنس)) (الكامل 3/ 465)، وأقره ابن طاهر في (الذخيرة 2720).
وحديث الجلد هذا موقوف، وقد أنكره الأئمة: أحمد والشافعي وغيرهما.
(1)
- تحرف في مطبوع (الخلافيات) إلى: "الحسين".
وابن عدي يشير بذلك إلى أن حديث الحسن هذا غير محفوظ. يعني: منكر، والظاهر أن أحد الحسنين سرقه!
وإلى هذا أشار البيهقي، فقال: ((هذا إنما يُعرف من حديث الجلد بن أيوب، عن معاوية بن قرة عن أنس موقوفًا عليه
…
فأما هذه الرواية فإنها باطلة، الحسن بن دينار ضعيف، والحسن بن شبيب يحدث عن الثقات بالبواطيل، قاله ابن عدي وغيره)) (الخلافيات 3/ 373)، وأقره ابن دقيق في (الإمام 3/ 197).
وصرح به في موضع آخر فقال: ((وليس له عن أنس بن مالك أصل، إلا من جهة الجلد بن أيوب، ومنه سرقه هؤلاء الضعفاء، والله المستعان)) (المعرفة 2264).
وقال عبد الحق الإشبيلي: ((في إسناده الجلد بن أيوب والحسن بن دينار، ولا يصح من أجلهما)) (الأحكام الوسطى 1/ 215).
قلنا: المرفوع ليس فيه الجلد، وإنما حديث الجلد موقوف كما سبق.
وقال ابن الجوزي: ((هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحسن بن دينار قد كذبه العلماء، منهم شعبة)) (العلل المتناهية 1/ 383).
وأقره ابن عبد الهادي في (التنقيح 1/ 412).
وقال الذهبي: ((فيه الحسن بن دينار: متروك)) (تنقيح التحقيق 1/ 90).
وقال في موضع آخر: ((تالف)) يعني: الحسن، (تلخيص العلل المتناهية ص 131).
وقال الزيلعي: ((أخرجه ابن عدي
…
وأعله بالحسن بن دينار، وقال: إن
جميع من تكلم في الرجال أجمع على ضعفه. قال: ((وهو معروف بالجلد بن أيوب عن معاوية بن قرة عن أنس موقوفًا)) (نصب الراية 1/ 192).
وقال مغلطاي: ((ذكره ابن عدي .. ، ورَدَّه بالحسن بن شبيب
…
وقال البيهقي: ((هذا حديث باطل))، ورواه الدَّارَقُطْنِيّ موقوفًا))، ثم نقل كلام أحمد وغيره في استنكار ذاك الموقوف، (شرح ابن ماجه 3/ 194، 195).
وقال ابن حجر: ((فيه الحسن بن دينار، وهو واهٍ)) (الدراية 1/ 85).
وقال العيني: ((رواه ابن عدي، وفيه الحسن بن دينار ضعيف)) (العمدة 3/ 307).
وأعله الألباني بالحسن بن دينار، وذكر أنه كذاب، (الضعيفة 3/ 605).
قلنا: ولا يبعد أن يكون ابن شبيب هو الذي سرقه، فقد رماه الذهبي بالسرقة في (الميزان 1/ 495).
رِوَايَةُ ((وَمَا بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ خَمْسَةَ عَشَرَ)):
•وَفِي رِوَايَةٍ: ((أَقَلُّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَأَكْثَرُهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ، وَمَا بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ خَمْسَةَ عَشَرَ)).
[الحكم]:
باطل موضوع، راويه كذاب.
[التخريج]:
[هقخ 1038].
[السند]:
قال البيهقي: أخبرنا أبو سعيد زيد بن محمد بن الظفر العلوِي، أنبأ أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا، ثنا أبو العباس الدَّغولي، ثنا عبد الله بن جعفر بن خلفان؛ قال: سمعت علي بن النضر يقول: سمعت علي بن الحسن بن شقيق يقول: كنت مع سفيان بن عيينة في المسجد الحرام قاعدًا، فقلت له: يا أبا محمد، حديث حميد، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحيض؟ قال: وما هو؟ فقلت: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أَقَلُّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ
…
)) قال: مَن يَروي لكم هذا عن حميد؟ فقلت: أبو عصمة نوح بن أبي مريم، عن حميد، عن أنس، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ساقط؛ آفته نوح بن أبي مريم أبو عصمة المروزي، قال الحافظ:"كذبوه في الحديث، وقال ابن المبارك: كان يضع"(التقريب 7210).
وقد تفرد به عن سائر أصحاب حميد الثقات؛ مثل: الثوري، وابن عيينة، وشعبة وغيرهم. فتفرده به يدل على أنه من وضعه!.
ولهذا قال ابن عيينة عقب القصة التي ذُكرت في السند: ((يا معشر من حضر، مَن يعذرني من هذا الخراساني؟ يَروي عن حميد شيئًا لم يخلقه الله، حميد تُعَدُّ حروف حديثه في المثل، وسفيان الثوري كان من أطلب الناس لهذه الأصول، وحماد بن سلمة حميد خاله، ونحن أيضًا قد لقينا حميدًا، يا علي، من ها هنا أُتيتم)) (الخلافيات 3/ 372).
وقد سبق قول البيهقي: ((ليس له عن أنس بن مالك أصل، إلا من جهة الجلد بن أيوب، ومنه سرقه هؤلاء الضعفاء)).
وحديث الجلد موقوفًا عند ابن أبي شيبة والدَّارَقُطْنِيّ. وانظر كلام الشافعي وأحمد وغيرهما عنه في (المعرفة للبيهقي 2254 - 2263).
3335 -
حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ:
◼ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((أَقَلُّ الْحَيْضِ ثَلَاثٌ، وَأَكْثَرُهُ عَشْرٌ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ 2: ((أَقَلُّ مَا يَكُونُ مِنَ الْحَيْضِ
(1)
لِلْجَارِيَةِ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ [الَّتِي قَدْ أَيِسَتْ مِنَ المَحِيضِ] 1 ثَلَاثٌ. وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ مِنَ الْمَحِيضِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ.
فَإِذَا رَأَتِ الدَّمَ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ تَقْضِي مَا زَادَ عَلَى أَيَّامِ أَقْرَائِهَا.
وَدَمُ الْحَيْضِ لَا يَكُونُ إِلَّا دَمًا أَسْوَدَ عَبِيطًا (أَسْوَدُ خَاثِرٌ) تَعْلُوهُ حُمْرَةٌ، وَدَمُ الْمُسْتَحَاضَةِ رَقِيقٌ تَعْلُوهُ صُفْرَةٌ، فَإِنْ كَثُرَ عَلَيْهَا فِي الصَّلَاةِ فَلْتَحْتَشِ
(2)
كُرْسُفًا، فَإِنْ ظَهَرَ الدَّمُ عَلَتْهَا بِأُخْرَى، فَإِنْ هُوَ غَلَبَهَا فِي الصَّلَاةِ فَلَا تَقْطَعِ الصَّلَاةَ وَإِنْ قَطَرَ، وَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا، وَتَصُومُ [وَتُصَلِّي] 2)).
[الحكم]:
منكر، وإسناده ضعيف جدًّا. وضَعَّفه: الدَّارَقُطْنِيّ، وابن حبان، والبيهقي، وابن طاهر، وعبد الحق، وابن الجوزي، والغساني، والنووي، وابن دقيق، وابن عبد الهادي، والذهبي، والزيلعي، ومغلطاي، والهيثمي، والسيوطي، والمُناوي، والألباني، وقال:((منكر)). وهو مقتضى صنيع ابن عدي، وابن كثير.
وقال ابن القيم: ((تقدير أقل الحيض بثلاثة أيام وأكثره بعشرة ليس فيها شيء
(1)
- في طبعة المعرفة: ((المحيض)) والمثبت من ط. الرسالة، وبقية المراجع.
(2)
- في المطبوع: ((فَلْتَحْتَشِي)) والمثبت من كامل ابن عدي والمجروحين وخلافيات البيهقي.
صحيح، بل كله باطل)).
[التخريج]:
تخريج السياقة الأولى: [طب (8/ 129/ 7586) "واللفظ له" / طس 599 / طش 1515، 3420].
تخريج السياقة الثانية: [قط 845 "والرواية له"، 846 "واللفظ له" / مجر (2/ 173 - 174) / عد (4/ 44) "والزيادة الأولى له ولغيره" / هق 1574 / هقع 2265، 2266/ هقخ 1040 "والزيادة الثانية له"، 1041 / تحقيق 303 / علج 642].
[السند]:
رواه الطبراني في (الكبير) و (مسند الشاميين) قال: حدثنا أحمد بن بشير الطيالسي، ثنا الفضل بن غانم، ثنا حسان بن إبراهيم، عن عبد الملك، عن العلاء بن الحارث، عن مكحول، عن أبي أمامة. بلفظ السياقة الأولى.
كذا وقع فيهما: (العلاء بن الحارث)، وهو خطأ، لعله من ابن بشير، فقد لينه الدَّارَقُطْنِيّ كما في (اللسان 1/ 410)، وخولف فيه أيضًا:
فقد رواه في (الأوسط 599) عن أحمد بن القاسم بن مساور الجوهري، عن محرز بن عون والفضل بن غانم، قالا: نا حسان بن إبراهيم، عن عبد الملك، عن العلاء بن كثير، عن مكحول، عن أبي أمامة، به.
فجعله من حديث العلاء بن كثير، وهو الصواب.
وكذا عَيَّنه ابن حبان، وقال: ((ومن أصحابنا من زعم أنه العلاء بن الحارث، وليس كذلك؛ لأن العلاء بن الحارث حضرمي من اليمن، وهذا من موالي بني أمية، وذاك صدوق وهذا ليس بشيء في الحديث، وهو الذي روى عن
مكحول
…
))، فذكره (المجروحين 2/ 173).
ورواه ابن عدي والدَّارَقُطْنِيّ والبيهقي من طرق عن حسان بن إبراهيم به، بلفظ السياقة الثانية، إلا أنه في الموضع الأول عند الدَّارَقُطْنِيّ وعند ابن حبان والبيهقي بلفظ: ((وَدَمُ الحَيْضِ أَسْوَدُ خَاثَرٌ
(1)
تَعْلُوهُ حُمْرَةٌ، وَدَمُ المُسْتَحَاضَةِ أَصْفَرُ رَقِيقٌ)).
وعندهم جميعًا: ((عن العلاء))، غير منسوب.
قال الدَّارَقُطْنِيّ: ((والعلاء هو ابن كثير)).
وهو ما اعتمده الهيثمي في (المجمع)، فلم يذكر غيره، وصوّبه الألباني في (الضعيفة 1414).
فالحديث مداره عندهم على حسان، عن عبد الملك، عن العلاء بن كثير، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه ثلاث علل:
الأولى: جهالة حال وعين عبد الملك راويه عن العلاء، قال الدَّارَقُطْنِيّ عقب الحديث:((عبد الملك هذا رجل مجهول)) (السنن، عقب رقم 846).
وأقره: البيهقي في (الكبرى، عقب رقم 1574) و (المعرفة 2267) و (الخلافيات 3/ 379)، وابن الجوزي في (العلل 1/ 383)، و (التحقيق 1/ 261)، وابن دقيق في (الإمام 3/ 204)، والغساني في (تخريج الأحاديث الضعاف، ص 67)، وابن عبد الهادي في (التنقيح 1/ 410)،
(1)
- تحرفت في مطبوعة المجروحين إلى: ((فاتر))! .
والذهبي في (تلخيص العلل المتناهية، ص 131)، و (التنقيح 1/ 89)، والزيلعي في (نصب الراية 1/ 191)، والعراقي في (ذيل الميزان 548)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 3/ 194)، والعيني في (العمدة 3/ 307).
وقال الهيثمي: ((فيه عبد الملك الكوفي عن العلاء بن كثير، لا ندري من هو)) (المجمع 1535).
ووقع عند ابن حبان: من رواية إسحاق بن شاهين، عن حسان بن إبراهيم، قال: حدثنا عبد الملك بن عمير، قال: سمعت العلاء، به.
قال الدَّارَقُطْنِيّ: ((قوله في هذا الإسناد: (عبد الملك بن عمير)، وهمٌ؛ حسان بن إبراهيم لم يسمع من عبد الملك بن عمير. وعبد الملك بن عمير لا يُحَدِّث عن العلاء بن كثير، وإنما هو عبد الملك، رجل مجهول غير منسوب ولا معروف، وهو بلية الحديث)) (التعليقات على المجروحين 263).
وكذا وقع عند ابن عدي من رواية سويد بن سعيد: ((حدثنا حسان بن إبراهيم، حدثني عبد الملك- رجل من أهل الكوفة-)).
ووقع في (مسند الشاميين) نعته بالحِنَّائي، ولم نجده أيضًا.
ويبدو أن في قول الدَّارَقُطْنِيّ: ((وهو بلية الحديث)) إشارة إلى أنه من وضعه.
الثانية: العلاء بن كثير، قال الحافظ:((متروك، رماه ابن حبان بالوضع)) (التقريب 5254).
وبه أعل ابن حبان هذا الحديث، فقال: ((كان ممن يَروي الموضوعات عن الأثبات، لا يحل الاحتجاج بما روى وإن وافق فيها الثقات
…
وهو الذي
روى عن مكحول عن أبي أمامة
…
))، وذكر الحديث (المجروحين 2/ 173)، وأقره الزيلعي في (نصب الراية 1/ 191).
وقال الدَّارَقُطْنِيّ: ((لا يثبت؛ عبد الملك والعلاء ضعيفان)).
وقال أيضًا: ((والعلاء هو ابن كثير، وهو ضعيف الحديث)) (السنن، عقب رقم 846).
وأقرّه البيهقي في (الكبرى، عقب رقم 1574)، والزيلعي في (نصب الراية 1/ 191)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 3/ 194).
وزاد البيهقي في (المعرفة 2268) و (الخلافيات 3/ 380)، فروى عن البخاري أنه قال:((العلاء بن كثير عن مكحول منكر الحديث)).
وزاد ابن الجوزي، فقال:((قال أحمد: العلاء بن كثير ليس بشيء. وقال أبو زرعة: واهي الحديث. وقال ابن حبان: يَروي الموضوعات عن الأثبات)) (التحقيق 1/ 261)، و (العلل 1/ 383).
وأقرّه ابن عبد الهادي في (التنقيح 1/ 410).
ولخصه الذهبي بقوله: ((العلاء واهٍ)) (تلخيص العلل المتناهية، ص 131).
وقال ابن طاهر: ((رواه العلاء بن كثير
…
والعلاء يَروي الموضوعات)) (التذكرة 1016).
وقد اعترض ابن دقيق وابن التركماني على هذه العلة، بأن الحديث لم يُنسب فيه العلاء عند الدَّارَقُطْنِيّ، بينما وقع عند الطبراني منسوبًا:((العلاء بن الحارث))، وقد قال فيه أبو حاتم:((ثقة، لا أعلم أحدًا من أصحاب مكحول أوثق منه)) (الإمام 3/ 205)، و (الجوهر 1/ 326).
وهذا اعتراض مطروح لما بيَّنَّاه آنفًا، وقد استنكره الألباني لكونه لا فائدة منه، فـ ((الراوي عنه عبد الملك مجهول، وابن التركماني مقر به، وإلا لعلق عليه، فحرصه على ترجيح أنه ابن الحارث حرص ضائع)) (الضعيفة 3/ 603).
الثالثة: الانقطاع بين مكحول وبين أبي أمامة؛ فإنه لم يسمع منه، قال أبو حاتم:((لا يصح لمكحول سماع من أبي أمامة)) (المراسيل 791)، وقال مرة:((لم يَرَ أبا أمامة)) (المراسيل 796).
وبهذا أعله الدَّارَقُطْنِيّ أيضًا، فقال: ((لا يثبت
…
ومكحول لا يثبت سماعه)).
وقال أيضًا: ((مكحول لم يسمع من أبي أمامة شيئًا)) (السنن، عقب رقم 846).
وأقره البيهقي في (الكبرى، عقب رقم 1574) و (المعرفة 2267) و (الخلافيات 3/ 379)، وابن الجوزي في (العلل 1/ 383)، و (التحقيق 1/ 261)، وابن دقيق في (الإمام 3/ 204)، والغساني في (تخريج أحاديث السنن، ص 67)، وابن عبد الهادي في (التنقيح 1/ 410)، والزيلعي في (نصب الراية 1/ 191)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 3/ 194)، والعيني في (العمدة 3/ 307).
واعترض العيني في موضع آخر على انقطاعه قائلًا: ((و (قول) الدَّارَقُطْنِيّ: (مكحول لم يسمع أبا أمامة) غير مُسَلَّم؛ لأنه أدرك أبا أمامة وسمع في عصره، وإذا روى عنه فالظاهر السماع؛ فإن الشرط عند مسلم إمكان اللقي. ولو ثبت إرساله فالمرسل حجة عندنا)) (البناية 1/ 617).
قلنا: قد أدرك مكحول عددًا من الصحابة وروى عنهم، ومع ذلك لم يُثبت
النقاد له السماع من أكثرهم، واعتبروا روايته عنهم مرسلة -يعني: منقطعة-، حتى إن ابن حبان والذهبي رمياه بالتدليس.
وعلى كل، فلا قيمة لهذا الاعتراض مع جزم أبي حاتم والدَّارَقُطْنِيّ بعدم السماع، بل جزم أبو حاتم بأنه لم يره! نعم، خالفه ابن يونس فقال:((رأى أبا أمامة وسمع من واثلة))، فلم يَثبت له السماع أيضًا، (تهذيب التهذيب 10/ 291، 292).
فأما احتجاجهم بالمرسل، فليس هذا بمرسل بل منقطع، ومع ذلك فهو لم يثبت عن مكحول أصلًا! !
وحسب صنيع ابن عدي يكون هناك علة رابعة، فإنه عده من مناكير حسان الكرماني، فأورده في ترجمته فيما أنكر عليه ثم قال:((لم أجد له أنكر مما ذكرته من هذه الأحاديث. وحسان عندي من أهل الصدق إلا أنه يغلط في الشيء، وليس ممن يُظن به أنه يتعمد في باب الرواية إسنادًا أو متنًا، وإنما هو وهم منه، وهو عندي لا بأس به)) (الكامل 4/ 50).
وتعقبه الألباني بأن العلة ممن فوقه، إما عبد الملك شيخه، وإما العلاء بن كثير المتهم، قال:((وهو ليس عليه بكثير)) (الضعيفة 3/ 602).
هذا، والحديث قال عنه عبد الحق:((إسناد ضعيف منقطع)) (الأحكام الوسطى 1/ 214).
وضَعَّفه النووي، قائلًا:((وأما حديث واثلة وأبي أمامة وأنس فكلها ضعيفة متفق على ضعفها عند المحدثين، وقد أوضح ضعفها الدَّارَقُطْنِيّ ثم البيهقي)) (المجموع 2/ 383)، ونحوه في (الخلاصة 1/ 234/ 618).
وقال ابن كثير: ((فيه غرابة ونكارة)) (جامع المسانيد 8/ 614/ 11206).
ورَمَز السيوطي لضعفه في (الجامع الصغير 1357)، وأقرّه المناوي في (التيسير 1/ 196)، والألباني في (ضعيف الجامع 1077)، وقال في (الضعيفة 1414):((منكر)).
وهو كذلك، بل قال ابن القيم:((تقدير أقل الحيض بثلاثة أيام وأكثره بعشرة ليس فيها شيء صحيح، بل كله باطل)) (المنار 275، ص 122).
وتعقبه علي القاري قائلًا: ((قلت: وله طرق متعددة
…
وتعدد الطرق ولو ضعفت يُرَقِّي الحديث إلى الحسن، فالحكم بالوضع عليه لا يُستحسن)) (الأسرار المرفوعة ص 481).
قال الألباني: ((وقد سبقه إلى هذه الدعوى ابن الهمام في (فتح القدير 1/ 143)، ثم العيني في (البناية شرح الهداية 1/ 618)، وزاد ضغثًا على إبالة قوله:(على أن بعض طرقه صحيحة)! ثم قلدهم في ذلك الكوثري
…
))، ثم وصفهم الشيخ بأنهم:((لا يلتزمون القواعد الحديثية)) لأن تقوية الحديث بتعدد الطرق الضعيفة ليس على إطلاقه، بل ذلك مقيد بأن لا يشتد ضعفها كما هو مقرر في المصطلح.
قال الشيخ: ((وهذا الشرط غير متوفر في هذا الحديث؛ لأن مدار طرقه كلها على كذابين ومتروكين ومجهولين لا تقوم بهم حجة)) (الضعيفة 1414).
ثم سرد الشيخ هذه الطرق - والمراد بها هنا الشواهد -، وبَيَّن شدة وهائها، وسنذكرها جميعًا في هذا الباب إن شاء الله تعالى.
[تنبيهان]:
الأول: قال المناوي عن هذا الحديث: ((وفيه أحمد بن بشير الطيالسي، قال في الميزان: ((لَينه الدَّارَقُطْنِيّ))، والفضل بن غانم، قال الذهبي: قال
يحيى: ((ليس بشيء))، ومشاه غيره. والعلاء بن الحارث، قال البخاري:((منكر الحديث)) (الفيض 2/ 72).
قلنا: وهذا فيه نظر من وجوه:
منها: أن الذي قال فيه البخاري هذا الكلام إنما هو العلاء بن كثير، وهو صاحب الحديث، كما سبق في التحقيق. فأما العلاء بن الحارث فصدوق موثق إلا أنه اختلط، وذِكره في السند وهم كما بيَّنَّاه.
ومنها: أن إعلاله بالفضل خاص بسند الكبير، فإنه متابع في الأوسط من محرز بن عون وهو ثقة، وتابعه جماعة آخرون عند ابن عدي وابن حبان والدَّارَقُطْنِيّ والبيهقي. وانظر (الضعيفة 3/ 601).
التنبيه الثاني:
قال الطبراني: ((لم يَرْوِ هذا الحديث عن مكحول إلا العلاء)).
قلنا: قد رُوي عن غيره عن مكحول، ولكن من طريق تالف لا يُفرح به كما سنبينه عقب الرواية التالية.
رِوَايَةُ ((الْحَيْضُ عَشْرٌ، فَمَا زَادَ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ: ((الْحَيْضُ عَشْرٌ، فَمَا زَادَ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ، وَالنِّفَاسُ
(1)
أَرْبَعِينَ
(2)
، فَمَا زَادَ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ)).
[الحكم]:
باطل، وإسناده تالف، وصَرَّح ابن عدي بأنه من وضع أبي داود النخعي الكذاب. وهذا هو مقتضى صنيع: ابن حبان والبيهقي وابن طاهر وابن الجوزي وابن عبد الهادي والذهبي وابن دقيق والزيلعي ومغلطاي والألباني.
[التخريج]:
[عد (5/ 190 - 191) "واللفظ له" / هقخ 1043 / مجر (1/ 419)].
[السند]:
رواه ابن حبان في (المجروحين)، وابن عدي في (الكامل) - ومن طريقه البيهقي في (الخلافيات) -، كلاهما عن محمد بن الحسن بن قتيبة، ثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف، حدثني إبراهيم بن زكريا الواسطي، حدثنا سليمان بن عمرو، عن يزيد بن يزيد بن جابر
(3)
، عن مكحول، عن أبي أمامة، به.
(1)
- في (الكامل) و (الخلافيات): ((وَالنُّفَسَاءُ))، والمثبت من (المجروحين)، وهو أولى.
(2)
- في (المجروحين): ((عَشْرٌ))!!، والمثبت من (الكامل) و (الخلافيات)، وهو الصواب، والأول سبق قلم أو وهم من النساخ، فالسند واحد.
(3)
- في مطبوعة (المجروحين): ((يزيد بن جابر))!، وذكر محققه أنه بالأصل:((يزيد بن يزيد عن جابر))، فكان عليه أن يعدل ((عن)) إلى ((بن)) فقط كما في (الكامل) و (الخلافيات).
[التحقيق]:
هذا إسناد تالف؛ فيه ثلاث علل:
الأولى: سليمان بن عمرو، هو أبو داود النخعي، قال عنه البخاري:((معروف بالكذب)) (التاريخ الكبير 4/ 28). وكذبه أيضًا أحمد وغيره كما سيأتي.
ومما يدل على كذبه لهذا الحديث ما قاله إسحاق بن راهويه: ((أتيت أبا داود سليمان بن عمرو، فقلت في نفسي: لأسألنه عن شيء لا أعرف فيه من قول المتقدمين شيئًا، فقلت له: يا أبا داود، ما عندك في التوقيت بين دَمي المرأة في أقله، وأكثره؟ فقال: أنا أبو طوالة عن أنس ويحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب وفلان، عن فلان، عن معاذ بن جبل قالوا: ((أقل الحيض ثلاث، وأكثره عشر، وما بين دمي المرأة خمسة عشر)) فقلت في نفسي: اذهب! فليس في الدنيا أكذب منك)) (الضعفاء لأبي زرعة الرازي 424).
الثانية: إبراهيم بن زكريا، قال العقيلي:((مجهول))، وقال ابن حبان:((يأتي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات إن لم يكن بالمتعمد لها فهو المدلس عن الكذابين؛ لأني رأيته قد روى أشياء عن مالك موضوعة، ثم رواها أيضًا عن موسى بن محمد بن البلقاوي عن مالك))، وذكر الذهبي أنه هو العجلي الذي قال فيه أبو حاتم:((حديثه منكر))، وقال فيه ابن عدي:((حَدَّث بالبواطيل))، (الميزان 1/ 31)، وفَرَّق بينهما غير واحد، وصوبه ابن حجر في (اللسان 134، 135).
الثالثة: الانقطاع بين مكحول وبين أبي أمامة؛ فإنه لم يسمع منه، كما في (المراسيل 791)، وقد سبق.
والنخعي هو آفة الحديث عند ابن عدي وابن حبان وغيرهما:
قال ابن عدي -بعد ذكر هذا الحديث وحديث آخر قبله-: ((وهذان
الحديثان عن يزيد بن يزيد بن جابر وَضَعهما سليمان بن عمرو. وإن كان إبراهيم بن زكريا راوي الحديث الثاني فيه ضعف، فإنه خير من سليمان بن عمرو بكثير)) (الكامل 5/ 191).
وأقره ابن دقيق في (الإمام 3/ 205، 206)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 3/ 193).
وقال ابن حبان في ترجمة النخعي: ((كان رجلًا صالحًا في الظاهر، إلا أنه كان يضع الحديث وضعًا))، ثم ذكر له هذا الحديث، (المجروحين 1/ 419).
وأقره ابن الجوزي في (العلل 1/ 384)، وزاد في (التحقيق 1/ 261، 262)، فنقل عن أحمد وابن معين والبخاري والفسوي وغيرهم أنهم كذبوه. وأقره ابن عبد الهادي في (التنقيح 1/ 410، 411).
وقال البيهقي: ((إبراهيم بن زكريا فيه ضعف، وسليمان بن عمرو النخعي رُمي بالكذب))، ثم نقل تكذيب الفسوي للنخعي (الخلافيات 3/ 381 - 384).
وقال ابن طاهر: ((رواه أبو داود سليمان بن عمرو النخعي
…
وسليمان هذا هو أبو داود، كذاب)) (ذخيرة الحفاظ 2721).
وقال الزيلعي: ((رواه ابن حبان .. ، وأعله بأبي داود النخعي، وقال: إنه يضع الحديث)) (نصب الراية 1/ 191).
وبه أعله الذهبي أيضًا، فقال:((سليمان كذبه أحمد وغيره)) (التنقيح 1/ 89).
وأعله الألباني بالنخعي والواسطي معًا، (الضعيفة 3/ 608).
3336 -
حَدِيثُ مُعَاذٍ:
◼ عَنْ مُعَاذ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَا حَيْضَ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثٍ، وَلَا فَوْقَ عَشْرةِ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ مطولة 2: ((لَا حَيْضَ دُونَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَلَا حَيْضَ فَوْقَ عَشْرةِ أَيَّامٍ، فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ، فَمَا زَادَ تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ إِلَى أَيَّامِ أَقْرَائِهَا، وَلَا نِفَاسَ دُونَ أُسْبُوعَيْنِ، وَلَا نِفَاسَ فَوْقَ أَرْبَعِينَ، فَإِنْ رَأَتِ النُّفَسَاءُ الطُّهْرَ دُونَ الْأَرْبَعِينَ صَامَتْ وَصَلَّتْ، وَلَا يَأْتِيهَا زَوْجُهَا إِلَّا بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ)).
[الحكم]:
باطل، وإسناده ساقط. وأنكره: العقيلي، وابن عدي، والبيهقي، وابن طاهر المقدسي، وعبد الحق الإشبيلي، وابن الجوزي، وابن دقيق، وابن عبد الهادي، والذهبي، والزيلعي. وقال ابن حزم:((موضوع))، وأقره الألباني. وقال ابن حجر:((إسناده واهٍ)).
[التخريج]:
تخريج السياق الأول: [عق (3/ 453) "واللفظ له" / تحقيق 306 / علج 639 / محلى (2/ 195، 196) معلقًا].
تخريج السياق الثاني: [عد (9/ 107 - 108) "واللفظ له" / هقخ 1061].
[التحقيق]:
له طريقان:
الطريق الأول:
رواه ابن عدي - ومن طريقه البيهقي في (الخلافيات) - قال: حدثنا أحمد
ابن محمد بن زنجويه، حدثنا محمد بن إبراهيم أبو أمية، حدثنا حفص بن عمر بن ميمون، حدثنا محمد بن سعيد الشامي، [أظنه عن عُبَادة بن نُسَي]
(1)
، حدثني عبد الرحمن بن غَنْم، قال: سمعت معاذ بن جبل يقول:
…
))، فذكره بالزيادات.
وهذا إسناد ساقط؛ فيه: محمد بن سعيد الشامي، قال البيهقي:((هو الذي قُتِل وصُلِب في الزندقة، وهو متروك الحديث)) (الخلافيات 3/ 421)، وأقرّه ابن دقيق في (الإمام 3/ 349).
وبنحوه قال ابن طاهر المقدسي في (الذخيرة 6187).
قلنا: وقولهما فيه: ((متروك الحديث)) فيه قصور، إذ هو كذاب وضاع؛ ولذا قال ابن حجر:((كذبوه، وقال أحمد بن صالح: وَضَع أربعة آلاف حديث. وقال أحمد: قتله المنصور على الزندقة وصَلَبه)) (التقريب 5907).
وفي ترجمته من (الكامل 1647) ذكر ابن عدي هذا الحديث وغيره، ونقل عن الثوري أنه قال فيه:((كذاب))، وعن الفلاس وأحمد أن أحاديثه موضوعة، ثم قال:((وعامة ما يرويه، لا يتابَع عليه)) (9/ 104، 109).
ولذا أعله الإشبيلي بقوله: ((ومحمد بن سعيد كذاب عندهم)) (الأحكام الوسطى 1/ 218)، وقال قبله:((وكان كذابًا)) (1/ 214).
وقال ابن الجوزي: ((رواه محمد بن سعيد المصلوب عن معاذ، وليس ذاك شيء أصلًا)) (العلل 1/ 383).
وقال الزيلعي: ((وأما حديث معاذ، فأخرجه ابن عدي في الكامل عن محمد
(1)
- سقطت من الكامل، واستدركناها من الخلافيات.
ابن سعيد الشامي
…
وضعف محمد بن سعيد هذا عن البخاري، وابن معين، وسفيان الثوري، وقالوا: إنه يضع الحديث)) (نصب الراية 1/ 192).
وبنحوه في (العمدة للعيني 3/ 307).
وأشار مغلطاي إلى إعلاله بالمصلوب هذا، (شرح ابن ماجه 3/ 189، 192).
وقال ابن حجر: ((إسناده واهٍ)) (الدراية 1/ 84).
وفيه أيضًا: حفص بن عمر، قال الحافظ:((ضعيف)) (التقريب 1420).
وقد توبع هو وشيخه بما لا يُفرح به كما تراه فيما يلي.
الطريق الثاني:
رواه العقيلي -ومن طريقه ابن الجوزي في (العلل) و (التحقيق) - قال: حدثناه جعفر بن محمد بن بُرَيقِ، حدثنا عبد الرحمن بن
(1)
نافع، دِرَخْتَ، حدثنا أسد بن سعيد البَجَلي، عن محمد بن الحسن الصدفي، عن عبادة بن نسي، عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ بن جبل به، دون الزيادات.
وعلقه ابن حزم عن ابن بريق به.
وهذا إسناد مظلم؛ فيه علتان:
الأولى: محمد بن الحسن الصدفي.
قال العقيلي: ((مجهول بالنقل، وحديثه غير محفوظ حدثناه
…
))، وذكر هذا الحديث، (الضعفاء 1610).
(1)
- تحرفت في (التحقيق) إلى: ((عن))، وهو على الصواب في (العلل) و (التنقيح 1/ 409).
وقال ابن حزم: ((وأما خبر معاذ، ففي غاية السقوط؛ لأنه من طريق محمد بن الحسن الصدفي، وهو مجهول، فهو موضوع بلا شك)) (المحلى 2/ 197).
ونقل عبد الحق حكمه على الصدفي بالجهالة وأقره (الأحكام الوسطى 1/ 214).
وقال ابن الجوزي: ((هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال العقيلي: .. ))، فذكر كلامه السابق، (العلل 1/ 383) و (التحقيق 1/ 262).
وأقره ابن عبد الهادي في (التنقيح 1/ 413)، والذهبي في (التلخيص، ص 131).
وقد نقل كلام العقيلي كل من ابن دقيق في (الإمام 3/ 202)، والزيلعي في (نصب الراية 1/ 192)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 3/ 192)، وابن حجر في (اللسان 6643)، وأقروه.
وقال الذهبي في (الميزان 3/ 513): ((محمد بن الحسن الصدفي، عن عبادة بن نسي: في الحيض- لا يصح حديثه، ذكره العقيلي)).
وقال عنه في (التنقيح 1/ 90): ((واهٍ)).
وذكر الألباني كلام ابن حزم في الصدفي وحديثه، ثم قال:((لا أستبعد أن يكون محمد بن سعيد الشامي المصلوب في الزندقة، فقد أخرجه ابن عدي في (الكامل) من طريق أخرى عن محمد بن سعيد الشامي قال: حدثني عبد الرحمن بن غنم به. فأسقط من الإسناد عبادة بن نسي
(1)
، ولعل هذا من أكاذيبه، فإنه كذاب وضاع معروف بذلك
…
ولا يقال: إن محمد بن
(1)
- بل سقوطه من النساخ، فقد رواه البيهقي من طريق ابن عدي بإثباته كما مر آنفا.
الحسن الصدفي غير محمد بن سعيد الشامي؛ فإنه قد قيل فيه: بأنهم قد قلبوا اسمه على مائة وجه ليخفى. والراوي عنه أسد بن سعيد البجلي غير معروف
…
، فيمكن أن يكون هو الذي قلب اسم هذا الكذاب)) (الضعيفة 3/ 604، 605).
قلنا: ولو صح هذا الاحتمال، عاد هذا الطريق إلى الأول، وثبت بلا شك أنه من وضع المصلوب، والله أعلم.
الثانية: أسد بن سعيد البجلي. قال الألباني: ((غير معروف، ومن المحتمل أنه الذي في (اللسان): أسد بن سعيد أبو إسماعيل الكوفي، قال ابن القطان:((لا يُعرف)) (الضعيفة 3/ 605)، وترجمة الكوفي في (اللسان 1100).
فلا يُستبعد أن يكون أحد هذين المجهولين سرقه من المصلوب، أو العكس، هذا إذا لم يكن الاحتمال المذكور آنفًا صحيحًا، والله أعلم.
وقد رُوي من طريق الأسود، عن عبادة بن نسي، عن ابن غنم، عن معاذ مرفوعًا:((إِذَا مَضَى لِلنُّفَسَاءِ سَبْعٌ ثُمَّ رَأَتِ الطُّهْرَ، فَلْتَغْتَسِلْ وَلْتُصَلِّ)).
خرجه الدَّارَقُطْنِيّ والحاكم بسند أحسن حالًا مما سبق، وليس فيه ما يشهد للباب، بل متنه يخالف لفظ المصلوب، وسيأتي تخريجه في أبواب النفاس.
[تنبيهان]:
الأول: لما ذكر مغلطاي هذا الحديث من عند ابن عدي، علق عليه قائلًا:((وقال الدَّارَقُطْنِيّ: ((لم يروه غير ابن سعيد، وهو متروك الحديث)) (شرح ابن ماجه 3/ 189).
قلنا: هو عند الدَّارَقُطْنِيّ (868) بلفظ آخر غير لفظ ابن عدي، وسَيُخَرَّج
في بابه.
الثاني: قال البيهقي: ((في هذا الحديث ما قد أجمعوا على تركه)) (الخلافيات 3/ 422).
3337 -
حَدِيثُ وَاثِلَةَ:
◼ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَقَلُّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَأَكْثَرُهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ)).
[الحكم]:
إسناده ضعيف جدًّا. وضَعَّفه: الدَّارَقُطْنِيّ، والبيهقي، والنووي، وابن الجوزي، والغساني، وابن قدامة، وابن دقيق، وابن عبد الهادي، والذهبي، والزيلعي، ومغلطاي، وابن حجر، والمباركفوري، والألباني.
[التخريج]:
[قط 847 "واللفظ له" / هقخ 1046 / تحقيق 304 / علج 643].
[السند]:
رواه الدَّارَقُطْنِيّ -ومن طريقه البيهقي وابن الجوزي- قال: حدثنا أبو حامد محمد بن هارون بن عبد الله الحضرمي، حدثنا محمد بن أحمد بن أنس الشامي
(1)
، حدثنا حماد بن المنهال البصري، عن محمد بن راشد، عن مكحول، عن واثلة بن الأسقع، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيفٌ جدًّا؛ وقد أعل بأربع علل:
الأولى: ضعف محمد بن أحمد بن أنس.
والثانية: جهالة حماد بن المنهال.
(1)
- ذكر ابن حجر أنه: ((السامي)) بالسين المهملة (اللسان 6/ 493/6360)، وتحرف فيه:((أنس)) إلى: ((إدريس"! ! .
وبهاتين العلتين أعله الدَّارَقُطْنِيّ، فقال:((حماد بن منهال مجهول، ومحمد بن أحمد بن أنس ضعيف)) (السنن، عقب رقم 847).
وأقرّه: البيهقي في (الخلافيات 3/ 386)، وابن الجوزي في (العلل 1/ 384)، و (التحقيق 1/ 262) -وتبعه ابن عبد الهادي في (التنقيح 1/ 412) -، وابن قدامة في (المغني 1/ 390) -وتبعه المباركفوري في (التحفة 1/ 341) -، والغساني في (تخريج الأحاديث الضعاف 150)، وابن دقيق في (الإمام 3/ 206)، والزيلعي في (نصب الراية 1/ 192)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 3/ 194)، والألباني في (الضعيفة 3/ 607).
وأعله الذهبي في (التنقيح 1/ 90) و (التلخيص، ص 131)، والعيني في (العمدة 3/ 307)، بجهالة ابن المنهال فقط.
وقد أعله بعضهم بعلة ثالثة، وهي: محمد بن راشد المكحولي، قال ابن حبان:((كان من أهل الورع والنسك، ولم يكن الحديث من صنعته، فكان يأتي بالشيء على الحسبان، ويحدث على التوهم، فكثرت المناكير في روايته، فاستحق ترك الاحتجاج به)) (المجروحين 2/ 262)، و (التهذيب 25/ 190).
وتمسك ابن الجوزي بكلام ابن حبان، فذكره في (التحقيق 1/ 262) عقب كلام الدَّارَقُطْنِيّ السابق، وكذلك فعل الزيلعي في (نصب الراية 1/ 192)، والألباني في (الضعيفة 3/ 607)، وأطلق عليه الضعف!
قلنا: لكن المكحولي مختلف فيه، فقد وثقه جماعة، وليَّنه بعضهم، وقال فيه ابن حجر:((صدوق يهم)) (التقريب 5875).
وأعله الألباني بعلة رابعة، وهي: الانقطاع بين مكحول وواثلة، وقال: ((فإن
مكحولًا لم يسمع من واثلة كما قال البخاري)) (الضعيفة 3/ 607).
قلنا: وهذا أخذه من (تهذيب التهذيب 10/ 292)، وهو خطأ، والذي في (التاريخ الكبير 8/ 21) و (التاريخ الأوسط 254)، أنه أثبت له السماع من واثلة!
وكذا نقله الولي أبو زرعة في (تحفة التحصيل 1/ 315) عن البخاري.
وكذا أثبت له السماع منه ابن معين والترمذي وابن يونس (تهذيب التهذيب 10/ 290، 291)، و (التحفة 1/ 314، 315).
نعم، قال أبو حاتم:((مكحول لم يسمع من واثلة، دخل عليه))، وقال أيضًا:((سألتُ أبا مسهر: هل سمع مكحول من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما صح عندنا إلا أنس بن مالك. قلت: واثلة؟ فأنكره)) (المراسيل 789، 800).
واعترض عليه ابن دقيق قائلًا: ((إذا ثبت دخوله عليه، فإنما يتحقق عدم سماعه منه بإقراره بذلك))، ثم نَقل من بعض أسانيد الطبراني أنه سمع منه (الإمام 3/ 206).
قلنا: وقد ذكر ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 8/ 408) أن أباه سأل أبا مسهر عن ذلك، وساق له سندًا فيه دخوله عليه، فأقره أبو مسهر.
فالجزم بانقطاعه فيه نظر، والسند واهٍ على أية حال.
وقد ضعف الحديث النووي في (الخلاصة 1/ 233)، و (المجموع 2/ 383).
وقال ابن حجر: ((إسناده ضعيف)) (الدراية 1/ 84).
3338 -
حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ وَغَيْرِهِ:
◼ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((أَقَلُّ الْحَيْضِ ثَلَاثٌ
(1)
، وَأَكْثَرُهُ عَشْرٌ، وَأَقَلُّ مَا بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ مِنَ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا)).
[الحكم]:
باطل موضوع. وحكم بوضعه: إسحاق بن راهويه، ويعقوب الفسوي- وأقرّه: البيهقي-، وابن الجوزي، وابن دقيق، وابن عبد الهادي، والذهبي، والزيلعي، ومغلطاي، والألباني.
[التخريج]:
[فة (3/ 57) "معلقًا واللفظ له" / هقخ 1044 / خط (10/ 27) / علج 640 / تحقيق (1/ 262)]
[السند]:
علقه يعقوب الفسوي في (التاريخ) - ومن طريقه البيهقي والخطيب وابن الجوزي -: عن ابن راهويه، عن أبي داود النخعي، قال: حدثني يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وحدثنا أبو طوالة، عن أبي سعيد الخدري. وجعفر بن محمد عن أبيه عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم به.
وأبو طُوَالة هو عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري. وجعفر هو الصادق.
(1)
- في مطبوعة المعرفة: ((ثَلَاثَة))، وكذا في (الخلافيات)، والمثبت من بقية المراجع، وهو أصح، لاسيما وقد حذفت التاء من ((عشر)) بالمعرفة خلافًا لما في مطبوعة (الخلافيات).
وأبوه هو الباقر. وجَدّهُ هو علي بن الحسين بن علي، تابعي. فيكون مرسلًا من هذا الوجه أيضًا، إلا إن كان المراد جد أبيه الباقر، وهو إما عليٌّ رضي الله عنه -وهو ما جزم به مغلطاي-، وإما أحد ابنيه الحسن والحسين، ولم يسمع الباقر منهم. وعلى كل فهو مكذوب عليهم كما تراه في التحقيق.
[التحقيق]:
هذا حديث موضوع؛ آفته أبو داود النخعي سليمان بن عمرو، فهو معروف بالكذب كما تقدم عن البخاري، وكذبه عامة النقاد، كما في ترجمته من (تاريخ بغداد 4566)، وفيها ذَكَر الخطيب هذا الحديث.
وبهذا الحديث وهذه القصة استدل ابن راهويه ثم الفسوي على شدة كذبه ووضعه للأحاديث، قال الفسوي: ((أبو داود النخعي اسمه سليمان بن عمرو، قدري، رجل سوء، كذاب، كان يكذب مجاوبه! قال إسحاق: أتيناه فقلنا له: أيش تعرف في أقل الحيض وأكثره وما بين الحيضتين من الطهر؟ فقال: الله أكبر! حدثني يحيى بن سعيد
…
وساقه بسنده ومتنه كما سبق، ثم قال الفسوي:((وكان هو وأبو البختري يضعون الحديث)) (المعرفة 3/ 57).
وأقره البيهقي في (الخلافيات 3/ 381 - 384)، وابن الجوزي في (العلل 1/ 383)، و (التحقيق 1/ 262)، وابن عبد الهادي في (التنقيح 1/ 411)، والذهبي في (تلخيص العلل المتناهية، ص 131)، وابن دقيق في (الإمام 3/ 214)، والزيلعي في (نصب الراية 1/ 192)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 3/ 196)، والألباني في (الضعيفة 3/ 607).
وعبارة الذهبي: ((وضعه أبو داود النخعي بطرق إلى النبي صلى الله عليه وسلم).
وعبارة مغلطاي: ((وحديث أبي سعيد وعلي
…
(ذكرهما) الخطيب من
حديث أبي داود النخعي، وكان وضاعًا)).
وقال ابن حجر: ((فيه أبو داود النخعي، وهو واهٍ)) (الدراية 1/ 84).
[تنبيه]:
هذه القصة التي علقها الفسوي عن ابن راهويه بها مخالفة للمحفوظ عن ابن راهويه مسندًا.
فقد رواها أبو زرعة الرازي عن الإمام مسلم بن الحجاج، قال: سمعت إسحاق بن راهويه، قال: أتيت أبا داود سليمان بن عمرو، فقلت في نفسي: لأسألنه عن شيء لا أعرف فيه من قول المتقدمين شيئًا! فقلت له: يا أبا داود، ما عندك في التوقيت بين دمي المرأة في أقله وأكثره؟ فقال: أخبرنا أبو طوالة، عن أنس ويحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب وفلان، عن فلان، عن معاذ بن جبل، قالوا:((أقل الحيض ثلاث، وأكثره عشر، وما بين دمي المرأة خمسة عشر))، فقلت في نفسي:((اذهب، فليس في الدنيا أكذب منك)) (الضعفاء للرازي 424).
فهنا المتن موقوف، وهناك مرفوع، وهنا من رواية أبي طوالة عن أنس، وهناك عن أبي سعيد، فالله أعلم.
3339 -
حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ:
◼ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَا يَكُونُ الْحَيْضُ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَلَا أَكثَرَ مِنْ عَشَرَةٍ)).
[الحكم]:
إسناده ضعيف جدًّا؛ ولذا قال البيهقي: ((لا يصح))، وأقره: ابن دقيق ومغلطاي.
[التخريج]:
[هقخ 1045]
[السند]:
قال البيهقي في (الخلافيات): أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أنا أبو محمد بن حيان، ثنا أحمد بن جعفر بن نصر الجمال، ثنا نصر بن مقاتل القيسي، ثنا عبد الله بن مالك السعدي، عن أبيه مالك، عن مكحول، عن زيد بن ثابت، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه أربع علل:
الأولى: الانقطاع بين مكحول وزيد، قال أحمد بن حنبل:((لم يسمع من زيد - يعني: ابن ثابت - شيئًا، إنما هو شيء بلغه)) (المراسيل 788).
الثانية والثالثة: عبد الله بن مالك، وأبوه: مالك بن سليمان السعدي، قال الدَّارَقُطْنِيّ:((هو وأبوه من خبثاء المرجئة)) (اللسان 4388).
وقال فيهما الجورقاني: ((مجهولان)) (الأباطيل 1/ 167).
الرابعة: نصر بن مقاتل القيسي، لم نجد من ترجم له، ووقع في (طبقات
المحدثين 1/ 241) و (أخبار أصبهان 1/ 85، 369)، و (مسند الشهاب 1119) روايات لابن نصر الجمال عن محمد بن مقاتل الرازي. فإن كان صاحبنا محرفًا عن هذا من قِبل النساخ، فالرازي هذا ضعيف كما في (التقريب 6319)، وإلا فهو في عداد المجهولين.
فأما أحمد بن جعفر بن نصر، فقد وثقه الخليلي (تاريخ الإسلام للذهبي 7/ 278).
والحديث قال عنه البيهقي: ((لا يصح)) (الخلافيات 3/ 384).
وأقره ابن دقيق في (الإمام 3/ 208)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 3/ 192، 193).
[تنبيه]:
الحديث عزاه مغلطاي في الموضع الأول (3/ 192) إلى (السنن الكبير للبيهقي)، وليس هو فيها، وإنما هو في الخلافيات كما نص عليه في الموضع الثاني (3/ 193).
3340 -
حَدِيثُ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:((أَكْثَرُ الْحَيْضِ عَشَرةٌ، وَأَقَلُّهُ ثَلَاثةٌ)).
[الحكم]:
موضوع، وحَكَم بوضعه: ابن حبان، وأقره: ابن القيسراني وابن الجوزي والذهبي وابن دقيق، والزيلعي ومغلطاي، والعيني. ووهاه ابن حجر.
[التخريج]:
[مجر (1/ 297) "تعليقًا واللفظ له" / تحقيق 306 "تعليقًا"].
[السند]:
علقه ابن حبان في (المجروحين)، وابن الجوزي في (التحقيق) عن حسين بن علوان، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ساقط؛ آفته حسين بن علوان، قال ابن معين:((الحسين بن علوان كذاب)) (الجرح والتعديل 3/ 61)، وقال ابن حبان:((كان يضع الحديث على هشام بن عروة وغيره من الثقات وضعًا، لا تحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب، كذبه أحمد بن حنبل))، ثم ذكر له هذا الحديث وغيره، ثم قال:((وليس لهذا الأحاديث كلها أصول؛ لأنها كلها موضوعة)) (المجروحين 1/ 297 - 298).
وأقره: ابن القيسراني في (الذخيرة 143)، وابن دقيق في (الإمام 3/ 208)، والزيلعي في (نصب الراية 1/ 193)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 3/ 192).
وبكلام ابن حبان في الحسين أعله ابن الجوزي في (التحقيق 1/ 262)، وأقره ابن عبد الهادي في (التنقيح 1/ 413)، والذهبي في (التنقيح 1/ 90)، والزيلعي في (نصب الراية 1/ 192)، والبدر العيني في (العمدة 3/ 307).
وقال ابن حجر: ((فيه حسين بن علوان، وهو متروك)) (الدراية 1/ 85).
3341 -
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرٍو:
◼ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((الْحَائِضُ تَنْظُرُ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ عَشْرٍ، فَإِنْ رَأَتِ الطُّهْرَ فَهِيَ طَاهِرٌ. وَإِنْ جَاوَزَتِ الْعَشَرَةَ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي، فَإِنْ غَلَبَهَا الدَّمُ احْتَشَتْ وَاسْتَثْفَرَتْ، وَتَوَضَّأَتْ لِكُلِّ صَلَاةٍ.
وَتَنْتَظِرُ النُّفَسَاءُ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَإِنْ رَأَتِ الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ فَهِيَ طَاهِرٌ، وَإِنْ جَاوَزَتِ الْأَرْبَعِينَ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ، تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي، فَإِنْ غَلَبَهَا الدَّمُ احْتَشَتْ وَاسْتَثْفَرَتْ وَتَوَضَّأَتْ لِكُلِّ صَلَاةٍ)).
[الحكم]:
إسناده ساقط، وأنكره الحاكم، ووهاه: الدَّارَقُطْنِيّ، والبيهقي، وعبد الحق الإشبيلي، والغساني، وابن الجوزي، وابن دقيق، وابن عبد الهادي، والذهبي، والزيلعي، ومغلطاي، والهيثمي، وابن حجر، والألباني.
[التخريج]:
[طس 8311 "واللفظ له" / ك 636 مختصرًا/ قط 858 مختصرًا/ هقخ 1059 مختصرًا/ علج 649 مختصرًا / تحقيق (1/ 269) مختصرًا].
[السند]:
قال الطبراني: حدثنا موسى بن زكريا، نا عمرو بن الحصين، نا محمد بن عبد الله بن عُلَاثَة، نا عبدة بن أبي لبابة، عن عبد الله بن باباه، عن عبد الله بن عمرو به.
ورواه الدَّارَقُطْنِيّ - ومن طريقه ابن الجوزي - من طريق ابن قانع.
ورواه الحاكم - ومن طريقه البيهقي - من طريق أبي بكر ابن الجنيد.
كلاهما عن موسى بن زكريا به مقتصرًا على شطره الثاني في النفساء فقط.
قال الطبراني: ((تفرد به عمرو بن الحصين)).
قلنا: وتفرد به عنه موسى بن زكريا التُّسْتَري به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ساقط؛ فيه ثلاث علل:
الأولى: موسى بن زكريا التستري، قال الدَّارَقُطْنِيّ:((متروك)) (سؤالات الحاكم 227)، وقال الخليلي:((حافظ ضعيف متكلم فيه)) (الإرشاد 2/ 529).
الثانية: عمرو بن الحصين العقيلي، كذبه الخطيب كما سيأتي، ورماه الذهبي بالوضع (الميزان 3/ 595)، وقال في (الديوان 3168):((تركوه))، وقال ابن حجر:((متروك)) (التقريب 5012).
الثالثة: محمد بن علاثة مختلف فيه، فوثقه ابن معين، وقال أبو زرعة:((صالح))، وقال ابن عدي:((أرجو أنه لا بأس به)) (الكامل 9/ 285)(التهذيب 25/ 526).
بينما قال البخاري ((في حديثه نظر))، وقال ابن حبان:((كان ممن يَروي الموضوعات عن الثقات، ويأتي بالمعضلات عن الأثبات)) (المجروحين 2/ 291). وقال أبو حاتم: ((يُكتب حديثه ولا يحتج به)) (جرح 7/ 302)، وسيأتي عن الدَّارَقُطْنِيّ أنه متروك.
وكذبه الأزدي، فتعقبه الخطيب قائلًا:((قد أفرط الأزدي في الميل على ابن علاثة، وأحسبه وقعت له روايات لعمرو بن الحصين عن ابن علاثة، فنسبه إلى الكذب لأجلها، والعلة في تلك من جهة عمرو بن الحصين؛ فإنه كان كذابًا، وأما ابن علاثة فقد وصفه يحيى بن معين بالثقة، ولم أحفظ لأحد من الأئمة فيه خلاف ما وصفه به يحيى)) (تاريخ بغداد 3/ 381/ 936).
قلنا: قد حفظ عن غير واحد خلاف ذلك كما سبق.
وقد أعل الدَّارَقُطْنِيّ الحديث بابن علاثة وابن الحصين جميعًا، فقال عقبه:((عمرو بن الحصين ومحمد بن عبد الله بن عُلَاثَةَ ضعيفان متروكان)) (السنن عقب رقم 858).
وأقره ابن دقيق في (الإمام 3/ 248)، والزيلعي في (نصب الراية 1/ 205)، والألباني في (الثمر المستطاب، ص 48).
وقال الحاكم: ((عمرو بن الحصين ومحمد بن علاثة ليسا من شرط الشيخين، وإنما ذكرت هذا الحديث شاهدًا متعجبًا)) (المستدرك، عقب رقم 636).
وقال البيهقي: ((عمرو بن الحصين ضعيف، ومحمد بن علاثة متروك)) (الخلافيات 3/ 417). ولو عكس لكان أحسن.
وقال عبد الحق الإشبيلي: ((حديث معتل بسند متروك)) (الأحكام الوسطى 1/ 218).
وقال الغساني: ((لا يثبت؛ عمرو بن الحصين وابن علاثة ضعيفان متروكان)) (تخريج الأحاديث الضعاف 156).
وقال ابن الجوزي - في ثنايا كلامه عنه وعن بقية شواهده-: ((هذه الأحاديث
ليس فيها ما يصح
…
وعمرو بن الحصين وابن علاثة متروكان)) (التحقيق 1/ 270)، و (العلل 1/ 386).
وأقره ابن عبد الهادي في (التنقيح 1/ 419).
وقال الذهبي: ((سند واهٍ؛ فيه عمرو بن الحصين، تركوه)) (التنقيح 1/ 92).
وقال مغلطاي: ((ذكره ابن عدي، ورده بابن علاثة وغيره))، ثم ذكر كلام الحاكم وعبد الحق، وأقرهما (شرح ابن ماجه 3/ 190).
ولم نجده عند ابن عدي، ولعله أراد الدَّارَقُطْنِيّ، فسبقه القلم أو وهِم.
وقصر الهيثمي فقال: ((فيه عمرو بن الحصين، وهو ضعيف)) (المجمع 1536).
وقال ابن حجر: ((إسناده واهٍ)) (الدراية 1/ 90).