المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

مُبْتَدَأُ خَلْقٍ. وَقِيلَ: لَا تَثْبُتُ قَطْعًا، وَحُمِلَ نَصُّ الْعِدَّةِ عَلَى - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ٨

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الرَّجْعَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الظِّهَارِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْكَفَّارَاتِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ اللَّعَانِ وَالْقَذْفِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْعِدَدِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

الفصل: مُبْتَدَأُ خَلْقٍ. وَقِيلَ: لَا تَثْبُتُ قَطْعًا، وَحُمِلَ نَصُّ الْعِدَّةِ عَلَى

مُبْتَدَأُ خَلْقٍ. وَقِيلَ: لَا تَثْبُتُ قَطْعًا، وَحُمِلَ نَصُّ الْعِدَّةِ عَلَى مَا إِذَا كَانَتْ صُورَةً خَفِيَّةً، وَالْمَذْهَبُ عَلَى الْجُمْلَةِ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ وَمَنْعُ الْآخَرِينَ.

وَلَوْ شَكَّ الْقَوَابِلُ فِي أَنَّهُ لَحْمُ آدَمِيٍّ، أَمْ لَا، لَمْ يَثْبُتْ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَحْكَامِ، بِلَا خِلَافٍ. وَلَوِ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ، فَقَالَتْ: كَانَ السَّقْطُ الَّذِي وَضَعْتُهُ مِمَّا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ، وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ، وَضَاعَ السَّقْطُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا، لِأَنَّهَا مَأْمُونَةٌ فِي الْعِدَّةِ.

‌فَصْلٌ

إِذَا كَانَتْ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ أَوْ بِالْأَشْهُرِ، فَظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ مِنَ الزَّوْجِ، اعْتَدَّتْ بِوَضْعِهِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا مَضَى مِنَ الْأَقْرَاءِ وَالْأَشْهُرِ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرِ الْحَمْلُ بِأَمَارَةٍ، وَلَكِنَّهَا ارْتَابَتْ لِثِقْلٍ وَحَرَكَةٍ تَجِدُهَا، نُظِرَ، إِنِ ارْتَابَتْ قَبْلَ تَمَامِ الْأَشْهُرِ، أَوِ الْأَقْرَاءِ، فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بَعْدَ تَمَامِهَا حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ. فَإِنْ تَزَوَّجَتْ، فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ. وَإِنِ ارْتَابَتْ بَعْدَ أَنِ انْقَضَتِ الْأَقْرَاءُ أَوِ الْأَشْهُرُ وَتَزَوَّجَتْ، لَمْ يُحْكَمْ بِبُطْلَانِ النِّكَاحِ، لَكِنَّ لَوْ تَحَقَّقْنَا كَوْنَهَا حَامِلًا وَقْتَ النِّكَاحِ، بِأَنْ وَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ، تَبَيَّنَّا بُطْلَانَ النِّكَاحِ، وَإِنْ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا، فَالْوَلَدُ لِلثَّانِي، وَنِكَاحُهُ مُسْتَمِرٌّ عَلَى صِحَّتِهِ. وَإِنِ ارْتَابَتْ بَعْدَ الْأَقْرَاءِ وَالْأَشْهُرِ، وَقَبْلَ أَنْ تَتَزَوَّجَ، فَالْأَوْلَى أَنْ تَصْبِرَ إِلَى زَوَالِ الرِّيبَةِ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ وَتَزَوَّجَتْ، فَالْمَذْهَبُ الْقَطْعُ بِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَبْطُلُ فِي الْحَالِ، بَلْ هُوَ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَتْ، وَهُوَ نَصُّهُ فِي الْمُخْتَصَرِ وَالْأُمِّ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ خَيْرَانَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَالْإِصْطَخْرِيُّ، لِأَنَّا حَكَمْنَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَلَا نُبْطِلُهُ بِالشَّكِّ، وَقِيلَ: يُحْكَمُ بِبُطْلَانِهِ، حُكِيَ عَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ.

فَصْلٌ

أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ، فَلَوْ أَبَانَهَا بِخُلْعٍ أَوْ بِالثَّلَاثِ، أَوْ بِفَسْخٍ،

ص: 377

أَوْ لِعَانٍ وَلَمْ يَنْفِ الْحَمْلَ، فَوَلَدَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ مِنْ وَقْتِ الْفِرَاقِ، لَحِقَ الْوَلَدُ بِالزَّوْجِ، هَكَذَا أَطْلَقُوهُ. وَقَالَ أَبُو مَنْصُورٍ التَّمِيمِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: لِأَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَقْتِ إِمْكَانِ الْعُلُوقِ، وَقُبَيْلَ الطَّلَاقِ، وَهَذَا قَوِيمٌ، وَفِي إِطْلَاقِهِمْ تَسَاهُلٌ، وَسَوَاءٌ أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ثُمَّ وَلَدَتْ، أَمْ لَمْ تُقِرَّ، لِأَنَّ النَّسَبَ حَقُّ الْوَلَدِ، فَلَا يَنْقَطِعُ بِإِقْرَارِهَا.

وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: إِذَا أَقَرَّتْ بِانْقِضَائِهَا ثُمَّ وَلَدَتْ، لَمْ يَلْحَقْهُ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنَ الْأَقْرَاءِ، كَمَا إِذَا صَارَتِ الْأَمَةُ فِرَاشًا لِسَيِّدِهَا بِالْوَطْءِ ثُمَّ اسْتَبْرَأَهَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا، لَا يَلْحَقُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ.

فَمِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ جَعَلَ الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَقَطَعَ الْجُمْهُورُ بِتَقْرِيرِ النَّصَّيْنِ، وَفَرَّقُوا بِأَنَّ فِرَاشَ النِّكَاحِ أَقْوَى وَأَسْرَعُ ثُبُوتًا، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الْإِمْكَانِ. أَمَّا إِذَا وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ، فَالْوَلَدُ مَنْفِيٌّ عَنْهُ بِلَا لِعَانٍ. وَلَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا ثُمَّ وَلَدَتْ، فَالْحُكْمُ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ، إِلَّا أَنَّ السِّنِينَ الْأَرْبَعَ، هَلْ تُحْسَبُ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ، أَمْ مِنْ وَقْتِ انْصِرَامِ الْعِدَّةِ؟ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: الْأَوَّلُ، لِأَنَّهَا كَالْبَائِنِ فِي تَحْرِيمِ الْوَطْءِ، فَلَا يُؤَثِّرُ كَوْنُهَا زَوْجَةً فِي مُعْظَمِ الْأَحْكَامِ. فَإِنْ قُلْنَا: مِنْ وَقْتِ الِانْصِرَامِ، فَقَدْ أَطْلَقَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمَا حِكَايَةَ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَلْحَقُهُ مَتَى أَتَتْ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ، لِأَنَّ الْفِرَاشَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، إِنَّمَا يَزُولُ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ إِذَا مَضَتِ الْعِدَّةُ بِالْأَقْرَاءِ أَوِ الْأَشْهُرِ، ثُمَّ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنِ انْقِضَائِهَا، لَمْ يَلْحَقْهُ، لِأَنَّا تَحَقَّقْنَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فِي الْأَقْرَاءِ وَالْأَشْهُرِ، فَتَبِينُ بِانْقِضَائِهَا، وَتَصِيرُ كَمَا لَوْ بَانَتْ بِالطَّلَاقِ، ثُمَّ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ. وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، وَحَكَوْهُ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ رحمه الله. وَلَكَ أَنَّ تَقُولَ هَذَا، وَإِنِ اسْتَمَرَّ فِي الْأَقْرَاءِ، لَا يَسْتَمِرُّ فِي الْأَشْهَرِ، فَإِنَّ الَّتِي لَا تَحْمِلُ، لَا تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ، فَإِذَا حَبِلَتْ، بَانَ أَنَّ عِدَّتَهَا لَمْ تَنْقَضِ بِالْأَشْهُرِ، وَسَيَأْتِي نَظِيرُ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، ثُمَّ هَذَا الْخِلَافُ، عَلَى مَا ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ، فِيمَا إِذَا أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَإِنْ لَمْ تُقِرَّ، فَالْوَلَدُ الَّذِي تَأْتِي بِهِ، يَلْحَقُهُ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ، لِأَنَّ الْعِدَّةَ قَدْ تَمْتَدُّ لِطُولِ الطُّهْرِ.

ص: 378

وَحَكَى الْقَفَّالُ فِيمَا إِذَا لَمْ تُقِرَّ - وَجْهًا ضَعِيفًا، أَنَّهُ إِذَا مَضَتْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ ثُمَّ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ، لَمْ يَلْحَقْهُ، لِأَنَّ الْغَالِبَ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ فِي ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَمَتَى حَكَمْنَا بِثُبُوتِ النَّسَبِ، كَانَتِ الْمَرْأَةُ مُعْتَدَّةً إِلَى الْوَضْعِ، فَيَثْبُتُ لِلزَّوْجِ الرَّجْعَةُ إِنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً، وَلَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ.

فَرْعٌ

وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ، وَادَّعَتْ فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ أَنَّ الزَّوْجَ رَاجَعَهَا، أَوْ أَنَّهُ جَدَّدَ نِكَاحَهَا، أَوْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ، وَأَنَّهَا وَلَدَتْهُ عَلَى الْفِرَاشِ الْمُجَدَّدِ، نُظِرَ، إِنْ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ، لَزِمَهُ مُقْتَضَى إِقْرَارِهِ، فَعَلَيْهِ الْمَهْرُ فِي صُورَةِ التَّجْدِيدِ، وَالنَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى فِي الرَّجْعَةِ وَالتَّجْدِيدِ جَمِيعًا، وَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَإِنْ أَنْكَرَ إِحْدَاثَ فِرَاشٍ، فَهُوَ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ، وَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ، فَإِنْ نَكَلَ، حَلَفَتْ، وَثَبَتَ النَّسَبُ، إِلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِاللِّعَانِ.

وَحَكَى أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ قَوْلًا، أَنَّهُ إِذَا نَكَلَ، لَا تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَيْهَا، لِأَنَّهَا إِذَا حَلَفَتْ، ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ، وَيَبْعُدُ أَنْ يَحْلِفَ الشَّخْصُ لِفَائِدَةِ غَيْرِهِ، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ، فَإِنْ لَمْ يُحَلِّفْهَا، أَوْ نَكَلَتْ، فَفِي حَلِفِ الْوَلَدِ إِذَا بَلَغَ خِلَافٌ سَبَقَ فِي نَظَائِرِهِ. وَإِنِ اعْتَرَفَ بِفِرَاشٍ جَدِيدٍ، وَأَنْكَرَ وِلَادَتَهَا، وَادَّعَى أَنَّهَا الْتَقَطَتْهُ وَاسْتَعَارَتْهُ، صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ عَلَى الْوِلَادَةِ. فَإِنْ نَكَلَ، حَلَفَتْ وَثَبَتَتِ الْوِلَادَةُ وَالنَّسَبُ بِالْفِرَاشِ، إِلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِاللِّعَانِ، وَيَعُودُ فِي تَحْلِيفِهَا الْخِلَافُ السَّابِقُ. ثُمَّ قَالَ الْأَئِمَّةُ: الْعِدَّةُ تَنْقَضِي بِوَضْعِهِ وَإِنْ حَلَفَ الرَّجُلُ عَلَى النَّفْيِ وَلَمْ يَثْبُتْ مَا ادَّعَتْهُ، لِأَنَّهَا تَزْعُمُ أَنَّهُ مِنْهُ، فَكَانَ كَمَا لَوْ نُفِيَ حَمْلُهَا بِاللِّعَانِ، فَإِنَّهُ وَإِنِ انْتَفَى الْوَلَدُ تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِوَضْعِهِ لِزَعْمِهَا أَنَّهُ مِنْهُ.

وَلَوِ ادَّعَتْ عَلَى الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ أَنَّ الزَّوْجَ كَانَ رَاجَعَهَا، أَوْ جَدَّدَ نِكَاحَهَا، فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ مِمَّنْ لَا يُحْجَبُ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ ابْنًا وَاحِدًا، فَالْحُكْمُ كَمَا لَوِ ادَّعَتْ عَلَى الزَّوْجِ، إِلَّا أَنَّ الْوَارِثَ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَإِلَّا أَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ النَّسَبُ، لَا يُمْكِنُهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ. وَإِنْ كَانَ لَهُ ابْنَانِ، وَادَّعَتْ عَلَيْهِمَا،

ص: 379

فَكَذَّبَاهَا وَحَلَفَا، أَوْ نَكَلَا أَوْ صَدَّقَهَا أَحَدُهُمَا وَكَذَّبَ الْآخَرُ وَحَلَفَتْ، ثَبَتَ الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ بِحِصَّةِ الْمُصَدِّقِ، وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ، لِأَنَّ جَمِيعَ الْوَرَثَةِ لَمْ يَتَّفِقُوا. وَفِي ثُبُوتِ مِيرَاثِ الزَّوْجَةِ فِي حِصَّةِ الْمُصَدِّقِ خِلَافٌ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ.

وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ مِمَّنْ يُحْجَبُ كَالْأَخِ، فَإِنْ صَدَّقَهَا فَذَاكَ، وَلَا يَرِثُ الْوَلَدُ وَإِنْ ثَبَتَ نَسَبُهُ، وَإِنْ كَذَّبَهَا، فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا.

فَرْعٌ

عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِالْوِلَادَةِ، فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، لَحِقَاهُ، وَطُلِّقَتْ بِالْأَوَّلِ، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالثَّانِي، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ، طُلِّقَتْ بِوِلَادَةِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ إِنَّ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، لَمْ يَلْحَقْهُ الثَّانِي، لِأَنَّ الْعُلُوقَ بِهِ لَمْ يَكُنْ فِي نِكَاحٍ، وَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا، بُنِيَ عَلَى أَنَّ السِّنِينَ الْأَرْبَعَ تُعْتَبَرُ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ، أَمْ مِنِ انْصِرَامِ الْعِدَّةِ؟ إِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ، لَمْ يَلْحَقْهُ. وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي، لَحِقَهُ إِذَا أَتَتْ بِهِ لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وِلَادَةِ الْأَوَّلِ، وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِوَضْعِهِ، سَوَاءٌ لَحِقَهُ أَمْ لَا، لِاحْتِمَالِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ، كَذَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ.

وَلَوْ وَلَدَتْ ثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ، فَإِنْ كَانُوا حَمْلًا وَاحِدًا، بِأَنْ كَانَ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، طُلِّقَتْ بِالْأَوَّلِ، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالثَّالِثِ، وَلَحِقَهُ الْجَمِيعُ. وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْأَوَّلَيْنِ أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَبَيْنَ الثَّانِي وَالثَّالِثِ أَكْثَرُ مِنْهَا، لَحِقَهُ الْأَوَّلَانِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالثَّانِي، وَلَا يَلْحَقُهُ الثَّالِثُ. وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي أَكْثَرُ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَبَيْنَ الثَّانِي وَالثَّالِثِ، دُونَ السِّتَّةِ، طُلِّقَتْ بِالْأَوَّلِ وَلَمْ يَلْحَقْهُ الْآخَرَانِ إِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، وَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا، فَفِيهِ الْخِلَافُ.

وَإِنْ زَادَ مَا بَيْنَ الْأَوَّلَيْنِ عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَكَذَا مَا بَيْنَ الثَّانِي وَالثَّالِثِ، فَالثَّالِثُ غَيْرُ لَاحِقٍ بِهِ، وَكَذَا الثَّانِي إِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا. وَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا، فَعَلَى الْخِلَافِ، وَلَوْ كَانَ مَا بَيْنَ الْأَوَّلَيْنِ دُونَ السِّتَّةِ، وَكَذَا مَا بَيْنَ الثَّانِي وَالثَّالِثِ، وَكَانَ بَيْنَ الثَّالِثِ وَالْأَوَّلِ أَكْثَرُ مِنَ السِّتَّةِ، فَالْأَوَّلَانِ لَاحِقَانِ دُونَ الثَّالِثِ.

ص: 380

فَرْعٌ

هَذَا الْكَلَامُ السَّابِقُ، إِذَا لَمْ تَصِرْ بَعْدَ الطَّلَاقِ فِرَاشًا لِغَيْرِهِ حَتَّى وَلَدَتْ، فَلَوْ صَارَتْ بِأَنْ نُكِحَتْ بَعْدَ الْعِدَّةِ، ثُمَّ وَلَدَتْ، نُظِرَ، إِنْ وَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنَ النِّكَاحِ الثَّانِي، فَكَأَنَّهَا لَمْ تُنْكَحْ، وَالْحُكْمُ عَلَى مَا سَبَقَ، وَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثُرَ، فَالْوَلَدُ لِلثَّانِي وَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنَ الْأَوَّلِ، لِأَنَّ الْفِرَاشَ لِلثَّانِي نَاجِزٌ، فَهُوَ أَقْوَى، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ الثَّانِيَ قَدْ صَحَّ ظَاهِرًا. فَلَوْ أَلْحَقْنَا الْوَلَدَ بِالْأَوَّلِ، لَبَطَلَ النِّكَاحُ لِوُقُوعِهِ فِي الْعِدَّةِ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى إِبْطَالِ مَا صَحَّ بِالِاحْتِمَالِ، وَلَوْ نُكِحَتْ نِكَاحًا فَاسِدًا، بِأَنْ نُكِحَتْ فِي الْعِدَّةِ، لَمْ يَقْطَعِ الْعَقْدُ الْعِدَّةَ، لَكِنْ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا وَسُكْنَاهَا لِنُشُوزِهَا.

ثُمَّ إِنْ وَطِئَهَا الزَّوْجُ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ، فَهُوَ زَانٍ لَا يُؤَثِّرُ وَطْؤُهُ فِي الْعِدَّةِ، وَإِنْ جَهِلَ التَّحْرِيمَ لِظَنِّهِ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ، أَوْ أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ لَا يَحْرُمُ نِكَاحُهَا، انْقَطَعَتْ بِهِ الْعِدَّةُ لِمَصِيرِهَا فِرَاشًا لِلثَّانِي.

قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَدَعْوَى الْجَهْلِ بِتَحْرِيمِ الْمُعْتَدَّةِ، لَا يُقْبَلُ إِلَّا مِنْ قَرِيبِ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ، وَدَعْوَى الْجَهْلِ بِكَوْنِهَا مُعْتَدَّةً يُقْبَلُ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ، ثُمَّ إِذَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، تُكْمِلُ عِدَّةَ الْأَوَّلِ، ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلثَّانِي، فَلَوْ وَلَدَتْ لِزَمَانِ الْإِمْكَانِ مِنَ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، لَحِقَ بِالْأَوَّلِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُ بِوَضْعِهِ، ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلثَّانِي، وَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِزَمَانِ الْإِمْكَانِ مِنَ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ، بِأَنْ أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ طَلَاقِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، فَهُوَ مُلْحَقٌ بِالثَّانِي، وَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا، فَهَلْ يُلْحَقُ بِالثَّانِي، أَمْ يُقَالُ: فِرَاشُ الْأَوَّلِ بَاقٍ فَيُعْرَضُ الْوَلَدُ عَلَى الْقَائِفِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ، وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِزَمَنِ الْإِمْكَانِ مِنْهُمَا، عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ، فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا، أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا، أَوْ أُشْكِلَ عَلَيْهِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ، انْتُظِرَ بُلُوغُهُ وَانْتِسَابُهُ بِنَفْسِهِ، وَإِذَا وَضَعَتْهُ وَمَضَتْ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ، حَلَّتْ لِلزَّوَاجِ، وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِزَمَانٍ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، بِأَنْ كَانَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ نِكَاحِ الثَّانِي، وَلِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ

ص: 381

مِنْ طَلَاقِ الْأَوَّلِ، لَمْ يَلْحَقْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، فَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا عَادَ الْخِلَافُ فِي أَنَّهَا هَلْ هِيَ فِرَاشٌ. وَإِذَا نَفَيْنَاهُ عَنْهُمَا، فَعَنِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ: أَنَّهُ لَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِوَضْعِهِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، بَلْ بَعْدَ الْوَضْعِ تُكْمِلُ الْعِدَّةَ عَنِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ تَعْتَدُّ عَنِ الثَّانِي. قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: وَقِيَاسُ مَا ذَكَرْنَا، فِيمَا إِذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِالْوِلَادَةِ فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ بَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ، أَنَّ الثَّانِيَ لَا يَلْحَقُهُ، وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِوَضْعِهِ أَنْ نَقُولَ هُنَا: تَنْقَضِي الْعِدَّةُ عَنْ أَحَدِهِمَا.

ثُمَّ مُدَّةُ الْإِمْكَانِ مِنَ الزَّوْجِ الثَّانِي، هَلْ تُحْسَبُ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، أَمْ مِنْ وَقْتِ الْوَطْءِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي، وَبِالْأَوَّلِ قَالَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ. وَيَقْرُبُ مِنْ هَذَا الْخِلَافِ الْخِلَافُ فِي أَنَّ الْعِدَّةَ فِي نِكَاحِ الْفَاسِدِ، هَلْ تُحْسَبُ مِنْ آخِرِ وَطْءٍ فِيهِ، أَمْ مِنْ وَقْتِ التَّفْرِيقِ؟ وَالْأَصَحُّ مِنَ التَّفْرِيقِ، لِأَنَّ الْفِرَاشَ حِينَئِذٍ يَزُولُ، وَالتَّفْرِيقُ بِأَنْ يُفَرِّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا.

وَفِي مَعْنَاهُ: مَا إِذَا اتَّفَقَ الزَّوْجَانِ عَلَى الْمُفَارَقَةِ، وَمَا إِذَا مَاتَ الزَّوْجُ عَنْهَا أَوْ طَلَّقَهَا وَهُوَ يَظُنُّ الصِّحَّةَ، وَلَوْ غَابَ عَنْهَا عَلَى عَزْمٍ أَنْ يَعُودَ إِلَيْهَا، لَمْ تُحْسَبْ مُدَّةُ الْغَيْبَةِ مِنَ الْعِدَّةِ، وَلَوْ عَزَمَ أَنْ لَا يَعُودَ، حُسِبَتْ.

وَخَرَجَ عَلَى الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ، أَنَّ لُحُوقَ الْوَلَدِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، هَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى إِقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ كَمَا فِي مِلْكِ الْيَمِينِ، أَمْ يَكْفِي فِيهِ مُجَرَّدُ الْعَقْدِ كَالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ؟ وَأَمَّا إِذَا أَحْوَجْنَاهُ إِلَى الْإِقْرَارِ بِالْوَطْءِ، فَهَلْ يَنْتَفِي الْوَلَدُ بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ كَمِلْكِ الْيَمِينِ، أَمْ لَا يَنْتَفِي بِاللِّعَانِ؟ وَالْأَصَحُّ الثَّانِي. وَلَوْ وُطِئَتْ بِالشُّبْهَةِ فِي الْعِدَّةِ فَوَلَدَتْ لِلْإِمْكَانِ مِنَ الزَّوَاجِ وَالْوَاطِئِ، عُرِضَ الْوَلَدُ عَلَى الْقَائِفِ، كَمَا ذَكَرْنَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ. وَلَوْ وُطِئَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَهَلْ هُوَ كَالنِّكَاحِ الثَّانِي فِي قَطْعِ فِرَاشِ الْأَوَّلِ؟ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا، بَلْ يُعْرَضُ الْوَلَدُ عَلَى الْقَائِفِ، وَأَصَحُّهُمَا:

ص: 382

(نَعَمْ) لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَالْعِدَّةِ عَنْهُ فِي الظَّاهِرِ، فَعَلَى هَذَا، لَوْ وَلَدَتْ لِلْإِمْكَانِ مِنْهُمَا، لَحِقَ بِالْوَاطِئِ كَمَا يَلْحَقُ بِالزَّوْجِ الثَّانِي.

فَرْعٌ

وَلَدَتْ وَطَلَّقَهَا، ثُمَّ اخْتَلَفَا، فَقَالَ: طَلَّقْتُكِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَلِي الرَّجْعَةُ، وَقَالَتْ: بَلْ قَبْلَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتِي بِالْوَضْعِ، فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الْوِلَادَةِ، كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ وَقَالَ: طَلَّقْتُكِ يَوْمَ السَّبْتِ، وَقَالَتْ: يَوْمَ الْخَمِيسِ، فَهُوَ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ، لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ، فَصُدِّقَ فِيهِ كَأَصْلِهِ. وَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى (وَقْتِ) الطَّلَاقِ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَقَالَ: وَلَدْتِ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَقَالَتْ: يَوْمَ السَّبْتِ، صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا. وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وَقْتٍ، وَادَّعَى تَقَدُّمَ الْوِلَادَةِ، وَهِيَ تَقَدُّمَ الطَّلَاقِ، فَهُوَ الْمُصَدَّقُ. وَلَوِ ادَّعَتْ تَقَدُّمَ الطَّلَاقِ، فَقَالَ: لَا أَدْرِي، لَمْ يُقْنَعْ مِنْهُ، بَلْ إِمَّا أَنْ يَحْلِفَ يَمِينًا جَازِمَةً أَنَّ الطَّلَاقَ لَمْ يَتَقَدَّمْ، وَإِمَّا أَنْ يَنْكِلَ فَتَحْلِفَ هِيَ، وَيُجْعَلُ بِقَوْلِهِ: لَا أَدْرِي - مُنْكِرًا، فَتُعْرَضُ الْيَمِينُ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَعَادَ كَلَامَهُ الْأَوَّلَ، جُعِلَ نَاكِلًا فَتَحْلِفُ هِيَ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَلَا رَجْعَةَ لَهُ، وَإِنْ نَكَلَتْ، فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ. قَالَ الْأَصْحَابُ: وَلَيْسَ هَذَا قَضَاءً بِالنُّكُولِ، بَلِ الْأَصْلُ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَآثَارِهِ، فَيُعْمَلُ بِهَذَا الْأَصْلِ مَا لَمْ يَظْهَرْ دَافِعٌ.

وَلَوْ جَزَمَ الزَّوْجُ بِتَقَدُّمِ الْوِلَادَةِ، وَقَالَتْ هِيَ: لَا أَدْرِي، فَلَهُ الرَّجْعَةُ، وَالْوَرَعُ أَنْ لَا يُرَاجِعَ، وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ قَالَ: لَا نَدْرِي السَّابِقَ مِنْهُمَا، وَلَيْسَ لَهَا النِّكَاحُ حَتَّى تَمْضِيَ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ.

ص: 383

الْبَابُ الثانِي فِي اجْتِمَاعِ عِدَّتَيْنِ

قَدْ يَجْتَمِعَانِ عَلَيْهَا لِشَخْصٍ، وَقَدْ يَكُونَانِ لِشَخْصَيْنِ.

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: إِذَا كَانَتَا لِشَخْصٍ، فَيُنْظَرُ، إِنْ كَانَتَا مَنْ جِنْسٍ، بِأَنْ طَلَّقَهَا وَشَرَعَتْ فِي الْعِدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ أَوِ الْأَشْهُرِ، ثُمَّ وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ جَاهِلًا إِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَجَاهِلًا، أَوْ عَالِمًا إِنْ كَانَ رَجْعِيًّا، تَدَاخَلَتِ الْعِدَّتَانِ، وَمَعْنَى التَّدَاخُلِ، أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ، أَوْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْوَطْءِ، وَيَنْدَرِجُ فِيهَا بَقِيَّةُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ. وَقَدْرُ تِلْكَ الْبَقِيَّةِ، يَكُونُ مُشْتَرِكًا وَاقِعًا عَنِ الْجِهَتَيْنِ، وَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي قَدْرِ الْبَقِيَّةِ إِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، وَلَا رَجْعَةَ بَعْدَهَا، وَيَجُوزُ تَجْدِيدُ النِّكَاحِ فِي تِلْكَ الْبَقِيَّةِ وَبَعْدَهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ عَدَدُ الطَّلَاقِ مُسْتَوْفًى، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ.

وَحَكَى أَبُو الْحَسَنِ الْعَبَّادِيُّ عَنِ الْحَلِيمِيِّ، أَنَّ عِدَّةَ الطَّلَاقِ تَنْقَطِعُ بِالْوَطْءِ، وَيَسْقُطُ بَاقِيهَا، وَتَتَمَحَّضُ الْعِدَّةُ الْوَاجِبَةُ عَنِ الْوَطْءِ. قَالَ: وَقِيَاسُهُ أَنْ لَا تَثْبُتَ الرَّجْعَةُ فِي الْبَقِيَّةِ، وَلَكِنْ مَنَعْنَا مِنْهُ بِالْإِجْمَاعِ. وَقَدْ يَنْقَطِعُ أَثَرُ النِّكَاحِ فِي حُكْمٍ دُونَ حُكْمٍ. وَفِي وَجْهٍ ثَالِثٍ: أَنَّ مَا بَقِيَ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ يَقَعُ مُتَمَحِّضًا عَنِ الطَّلَاقِ، وَلَا يُوجِبُ الْوَطْءَ إِلَّا مَا وَرَاءَ ذَلِكَ إِلَى تَمَامِ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ، وَهَذَا ضَعِيفٌ.

وَإِنْ كَانَتِ الْعِدَّتَانِ مِنْ جِنْسَيْنِ، بِأَنْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا بِالْحَمْلِ، وَالْأُخْرَى بِالْأَقْرَاءِ سَوَاءٌ طَلَّقَهَا حَامِلًا، ثُمَّ وَطِئَهَا، أَوْ حَائِلًا ثُمَّ أَحْبَلَهَا، فَفِي دُخُولِ الْأُخْرَى فِي الْحَمْلِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: الدُّخُولُ كَالْجِنْسِ. فَعَلَى هَذَا، تَنْقَضِيَانِ بِالْوَضْعِ، وَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ إِلَى أَنْ تَضَعَ إِنْ كَانَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ بِالْحَمْلِ، وَكَذَا إِنْ كَانَتْ بِالْأَقْرَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: لَا رَجْعَةَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِدَّةَ الطَّلَاقِ سَقَطَتْ، وَهِيَ الْآنُ مُعْتَدَّةٌ لِلْوَطْءِ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَتَدَاخَلَانِ، فَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ لِعِدَّةِ الطَّلَاقِ، اعْتَدَّتْ بَعْدَ وَضْعِهِ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ، وَلَا رَجْعَةَ إِلَّا فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ، وَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ

ص: 384

لِعِدَّةِ الْوَطْءِ، أَتَمَّتْ بَعْدَ وَضْعِهِ بَقِيَّةَ عِدَّةِ الطَّلَاقِ، وَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي تِلْكَ الْبَقِيَّةِ، وَلَهُ الرَّجْعَةُ قَبْلَ الْوَضْعِ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَهُ تَجْدِيدُ نِكَاحِهَا قَبْلَ الْوَضْعِ وَبَعْدَهُ إِذَا لَمْ يَكُنِ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا. فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ هَذَا الْحَمْلُ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ، أَمْ حَدَثَ بِالْوَطْءِ، قَالَ الْمُتَوَلِّي: يَلْزَمُهَا الِاعْتِدَادُ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ كَامِلَةٍ بَعْدَ الْوَضْعِ، لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ عِدَّةُ الطَّلَاقِ بِالْوَضْعِ. وَحَيْثُ أَثْبَتْنَا الرَّجْعَةَ، فَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا، وَرِثَهُ الْآخَرُ، وَلَوْ طَلَّقَهَا، لَحِقَهَا الطَّلَاقُ، وَيَصِحُّ الظِّهَارُ وَالْإِيلَاءُ مِنْهَا. وَلَوْ مَاتَ الزَّوْجُ، انْتَقَلَتْ إِلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ. وَحَيْثُ قُلْنَا: لَا تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ، لَا يَثْبُتُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَحْكَامِ.

فَرْعٌ

جَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ، فِيمَا إِذَا كَانَتْ لَا تَرَى الدَّمَ عَلَى الْحَمْلِ، أَوْ تَرَاهُ وَقُلْنَا: لَيْسَ هُوَ بِحَيْضٍ. فَأَمَّا إِنْ جَعَلْنَاهُ حَيْضًا، فَهَلْ تَنْقَضِي مَعَ الْحَمْلِ الْعِدَّةُ الْأُخْرَى بِالْأَقْرَاءِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، وَبِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ. فَعَلَى هَذَا، لَوْ كَانَ الْحَمْلُ حَادِثًا مِنَ الْوَطْءِ، فَمَضَتِ الْأَقْرَاءُ قَبْلَ الْوَضْعِ، فَقَدِ انْقَضَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ الرَّجْعَةُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ وَضَعَتِ الْحَمْلَ قَبْلَ تَمَامِ الْأَقْرَاءِ، فَقَدِ انْقَضَتْ عِدَّةُ الْوَطْءِ، وَعَلَيْهَا بَقِيَّةُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ، وَلِلزَّوْجِ الرَّجْعَةُ قَبْلَ الْوَضْعِ وَبَعْدَهُ إِلَى تَمَامِ الْأَقْرَاءِ بِلَا خِلَافٍ. وَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ لِعِدَّةِ الطَّلَاقِ، فَلَهُ الرَّجْعَةُ إِلَى الْوَضْعِ. فَإِذَا وَضَعَتْ، أَكْمَلَتْ لِعِدَّةِ الْوَطْءِ مَا بَقِيَ مِنَ الْأَقْرَاءِ.

الْقِسْمُ الثَّانِي: إِذَا كَانَتِ الْعِدَّتَانِ لِشَخْصَيْنِ، بِأَنْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً لِزَيْدٍ عَنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ أَوْ شُبْهَةٍ، أَوْ نَكَحَهَا جَاهِلًا وَوَطِئَهَا، أَوْ كَانَتِ الْمَنْكُوحَةُ مُعْتَدَّةً عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا، فَلَا تَدَاخُلَ، بَلْ تَعْتَدُّ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ عِدَّةً كَامِلَةً، ثُمَّ قَدْ لَا يَكُونُ هُنَاكَ حَمْلٌ، وَقَدْ يَكُونُ.

الْحَالُ الْأَوَّلُ: أَنْ لَا يَكُونَ، فَإِنْ سَبَقَ الطَّلَاقَ وَطْءُ الشُّبْهَةِ، أَتَمَّتْ عِدَّةَ

ص: 385

الطَّلَاقِ، لِتَقَدُّمِهَا وَقُوَّتِهَا. فَإِذَا أَتَمَّتْهَا، اسْتَأْنَفَتْ عِدَّةَ الشُّبْهَةِ، ثُمَّ إِنْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الثَّانِي إِلَّا وَطْءُ شُبْهَةٍ، ابْتَدَأَتْ عِدَّتَهُ عَقِبَ عِدَّةِ الطَّلَاقِ، فَإِنْ نَكَحَ الثَّانِي وَوَطِئَ، فَزَمَنُ كَوْنِهَا فِرَاشًا لَهُ لَا يُحْسَبُ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنَ الْعِدَّتَيْنِ. وَبِمَاذَا تَنْقَطِعُ عِدَّةُ الطَّلَاقِ؟ فِيهِ خِلَافٌ يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَمَتَى تَعُودُ إِلَيْهَا؟ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: مِنْ آخِرِ وَطْءٍ وَقَعَ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي، حُكِيَ عَنِ الْقَفَّالِ الشَّاشِيِّ. وَالثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيحُ: مِنْ حِينِ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا، وَلِلزَّوْجِ الرَّجْعَةُ فِي عِدَّتِهِ، فَإِذَا رَاجَعَهَا، شَرَعَتْ فِي عِدَّةِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا إِلَى أَنْ تَنْقَضِيَ. وَهَلْ لَهُ تَجْدِيدُ نِكَاحِهَا إِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ: نَعَمْ. وَلَوْ وُطِئَتْ مَنْكُوحَةٌ بِشُبْهَةٍ، ثُمَّ طُلِّقَتْ وَهِيَ فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: تُتِمُّ عِدَّةَ الشُّبْهَةِ، ثُمَّ تَبْتَدِئُ عِدَّةَ الطَّلَاقِ مُرَاعَاةً لِلسَّابِقِ، وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ: تُقَدِّمُ عِدَّةَ الطَّلَاقِ، لِقُوَّتِهَا. فَإِنْ قَدَّمْنَا عِدَّةَ الشُّبْهَةِ، فَلَهُ الرَّجْعَةُ إِذَا اشْتَغَلَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ. وَهَلْ لَهُ الرَّجْعَةُ قَبْلَ ذَلِكَ؟ وَجْهَانِ، وَلَا يَجُوزُ تَجْدِيدُ نِكَاحِهَا فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ إِذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، لِأَنَّهَا فِي عِدَّةِ الْغَيْرِ.

وَإِذَا قُلْنَا: تُقَدِّمُ عِدَّةَ الطَّلَاقِ، شَرَعَتْ فِيهَا بِنَفْسِ الطَّلَاقِ، فَإِذَا تَمَّتْ، عَادَتْ إِلَى بَقِيَّةِ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ، وَلِلزَّوْجِ الرَّجْعَةُ إِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا. وَهَلْ لَهُ تَجْدِيدُ النِّكَاحِ إِنْ كَانَ بَائِنًا؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ. وَلَوْ طَرَأَ وَطْءُ شُبْهَةٍ فِي عِدَّةِ وَطْءِ شُبْهَةٍ، أَتَمَّتْ عِدَّةَ الْوَاطِئِ الْأَوَّلِ بِلَا خِلَافٍ. وَلَوْ نَكَحَ امْرَأَةً نِكَاحًا فَاسِدًا، وَوَطِئَهَا غَيْرُهُ بِشُبْهَةٍ، ثُمَّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا لِظُهُورِ فَسَادِ النِّكَاحِ، قَالَ الْبَغَوِيُّ: تُقَدَّمُ عِدَّةُ الْوَاطِئِ بِشُبْهَةٍ بِلَا خِلَافٍ، لِأَنَّ عِدَّتَهُ مِنْ وَقْتِ الْوَطْءِ، وَعِدَّةَ النَّاكِحِ مِنَ التَّفْرِيقِ، وَمَعْنَاهُ: أَنَّ عِدَّةَ الْوَاطِئِ سَبَقَ وَجُوبُهَا، وَلَيْسَ لِلْفَاسِدِ قُوَّةُ الصَّحِيحِ لِيَتَرَجَّحَ بِهَا، وَقَدْ تَكُونُ إِحْدَى الْعِدَّتَيْنِ بِالْأَقْرَاءِ، وَالْأُخْرَى بِالْأَشْهُرِ، بِأَنْ طَلَّقَهَا فَمَضَى قَرْءَانِ، ثُمَّ نُكِحَتْ فَاسِدًا وَدَامَ فِرَاشُهُ حَتَّى أَيِسَتْ، ثُمَّ فُرِّقَ

ص: 386

بَيْنَهُمَا، فَتُكْمِلُ عِدَّةَ الْأَوَّلِ بِشَهْرٍ، بَدَلًا عَنِ الْقَرْءِ الْبَاقِي، ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلْفَاسِدِ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ.

الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ حَمْلٌ، فَيُقَدَّمُ عِدَّةُ مَنِ الْحَمْلُ مِنْهُ سَابِقًا كَانَ أَوْ مُتَأَخِّرًا، فَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ لِلْمُطْلِّقِ، ثُمَّ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ، فَإِذَا وَضَعَتِ انْقَضَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ، ثُمَّ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ لِلشُّبْهَةِ بَعْدَ طُهْرِهَا مِنَ النِّفَاسِ، وَلِلزَّوْجِ رَجْعَتُهَا قَبْلَ الْوَضْعِ. قَالَ الرُّويَانِيُّ: لَكِنْ لَا يُرَاجِعُهَا فِي مُدَّةِ اجْتِمَاعِ الْوَاطِئِ بِهَا، لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ خَارِجَةٌ عَنْ عِدَّةِ الْأَوَّلِ، وَفِرَاشٌ لِغَيْرِهِ، فَلَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ. وَهَلْ لَهُ تَجْدِيدُ نِكَاحِهَا قَبْلَ الْوَضْعِ إِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ، وَيَجْرِيَانِ فِيمَا لَوْ وَطِئَ امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ وَأَحْبَلَهَا، ثُمَّ وَطِئَهَا آخَرُ، هَلْ لِلْأَوَّلِ أَنْ يَنْكِحَهَا قَبْلَ الْوَضْعِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْكِحَهَا فِي عِدَّةِ الثَّانِي بِحَالٍ، وَلِلثَّانِي أَنْ يَنْكِحَهَا فِي عِدَّةِ نَفْسِهِ؟ .

وَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ، فَإِذَا وَضَعَتْ، انْقَضَتْ عِدَّةُ الْوَطْءِ وَعَادَتْ إِلَى بَقِيَّةِ عِدَّةِ الطَّلَاقِ، وَلِلزَّوْجِ الرَّجْعَةُ فِي تِلْكَ الْبَقِيَّةِ، إِنْ كَانَ طَلَاقُهُ رَجْعِيًّا، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مُدَّةُ النِّفَاسِ وَغَيْرُهَا، لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْعِدَّةِ، كَالْحَيْضِ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الطَّلَاقُ. وَقِيلَ: لَا رَجْعَةَ فِي مُدَّةِ النِّفَاسِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. وَإِذَا ثَبَتَتِ الرَّجْعَةُ، فَلَوْ طَلَّقَ، لَحِقَهَا الطَّلَاقُ، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا، وَرِثَهُ الْآخَرُ وَانْتَقَلَتْ إِلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ بِوَفَاةِ الزَّوْجِ، وَهَلْ لَهُ الرَّجْعَةُ قَبْلَ الْوَضْعِ إِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، أَوْ تَجْدِيدُ النِّكَاحِ إِنْ كَانَ بَائِنًا؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ: نَعَمْ، لِأَنَّهُ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهُ، وَكَمَا فِي الْعِدَّتَيْنِ الْمُخْتَلِفَتَيْنِ مِنْ شَخْصٍ. وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْبَغَوِيِّ: لَا، لِأَنَّهَا فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ. ثُمَّ قَالَ الْبَغَوِيُّ: لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْوَضْعِ، لَحِقَهَا الطَّلَاقُ وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا، وَرِثَهُ الْآخَرُ، فَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ، انْتَقَلَتْ إِلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ، حَتَّى إِذَا وَضَعَتْ، تَعْتَدُّ عَنِ الزَّوْجِ عِدَّةَ الْوَفَاةِ وَإِنْ كَانَ لَا تَصِحُّ رَجْعَتُهُ، لِأَنَّا نَجْعَلُ زَمَانَ الرَّجْعَةِ كَزَمَانِ صُلْبِ النِّكَاحِ،

ص: 387

هَذَا لَفْظُهُ، وَإِذَا رَاجَعَهَا وَهِيَ حَامِلٌ مِنَ الْأَجْنَبِيِّ، وَجَوَّزْنَاهُ، فَلَيْسَ لَهُ الْوَطْءُ حَتَّى تَضَعَ، كَمَا إِذَا وُطِئَتْ مَنْكُوحَةٌ بِشُبْهَةٍ، فَاشْتَغَلَتْ بِالْعِدَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْهُ، وَفِي ذِمَّتِهَا عِدَّةُ الشُّبْهَةِ، فَرَاجَعَهَا، انْقَضَتْ عِدَّتُهُ فِي الْحَالِ، وَبَقِيَتْ عِدَّةُ الشُّبْهَةِ مُؤَخَّرَةً حَتَّى تَضَعَ وَتَعُودَ إِلَى أَقْرَائِهَا. وَهَلْ لَهُ وَطْؤُهَا فِي الْحَالِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ لَيْسَتْ فِي عِدَّةٍ. وَالثَّانِي: لَا، لِأَنَّهَا مُتَعَرِّضَةٌ لِلْعِدَّةِ، وَمَالَ الْمُتَوَلِّي إِلَى تَرْجِيحِ هَذَا، وَرَجَّحَ بَعْضُهُمُ الْأَوَّلَ.

قُلْتُ: الرَّاجِحُ الْجَوَازُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِيمَا لَوْ وُطِئَتِ الْمَنْكُوحَةُ فِي صُلْبِ النِّكَاحِ بِشُبْهَةٍ وَهِيَ حَامِلٌ مِنَ الزَّوْجِ. وَلَوْ كَانَتْ تَرَى الدَّمَ عَلَى الْحَمْلِ، وَجَعَلْنَاهُ حَيْضًا، فَعَنِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ: أَنَّ الْعِدَّةَ الْأُخْرَى تَنْقَضِي بِالْأَقْرَاءِ، كَالْعِدَّتَيْنِ مِنْ شَخْصٍ، وَهَذَا ضَعِيفٌ، وَضَعَّفَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ، لِأَنَّ فِيهِ مَصِيرًا إِلَى تَدَاخُلِ عِدَّتَيْ شَخْصَيْنِ.

وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَا، فِيمَا إِذَا عُلِمَ أَنَّ الْوَلَدَ مِنْ هَذَا أَوْ ذَاكَ، لِانْحِصَارِ الْإِمْكَانِ فِيهِ، فَلَوْ لَمْ يُمْكِنْ كَوْنُهُ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ طَلَاقِ الْأَوَّلِ وَهُوَ بَائِنٌ أَوْ رَجْعِيٌّ عَلَى قَوْلٍ، وَلِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي، فَالْوَلَدُ مَنْفِيٌّ عَنْهُمَا، وَلَا تَنْقَضِي بِوَضْعِهِ عِدَّةُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ، بَلْ إِذَا وَضَعَتْهُ تَمَّمَتْ عِدَّةَ الْأَوَّلِ، ثُمَّ اسْتَأْنَفَتْ عِدَّةَ الثَّانِي. وَقِيلَ: تَعْتَدُّ بِوَضْعِهِ مِنْ أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ، لِإِمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْ أَحَدِهِمَا بِوَطْءِ شُبْهَةٍ، ثُمَّ تَعْتَدُّ عَنِ الْآخَرِ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ.

فَرْعٌ

وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فَرْعَانِ. أَحَدُهُمَا: لَوْ كَانَتْ تَرَى الدَّمَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَجَعَلْنَاهُ حَيْضًا، قَالَ الرُّويَانِيُّ: إِنْ قُلْنَا: تَنْقَضِي عِدَّةُ أَحَدِهِمَا بِالْوَضْعِ، لَمْ تَعْتَدَّ بِأَقْرَائِهَا، لِئَلَّا تَتَدَاخَلَ عِدَّةُ شَخْصَيْنِ، وَإِلَّا فَفِي الِاحْتِسَابِ بِأَقْرَائِهَا وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: الِاحْتِسَابُ، لِأَنَّهَا إِذَا لَمْ تَعْتَدَّ بِالْحَمْلِ، كَانَتْ كَالْحَائِلِ، وَبِهَذَا قَطَعَ صَاحِبُ «الشَّامِلِ» .

ص: 388

الثَّانِي: إِنْ قُلْنَا تَنْقَضِي بِالْوَضْعِ عِدَّةُ أَحَدِهِمَا، لَمْ تَصِحَّ رَجْعَةُ الزَّوْجِ فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ وَلَا فِي الْأَقْرَاءِ بَعْدَ الْوَضْعِ، لِلشَّكِّ فِي أَنَّ عِدَّتَهُ هَذِهِ أَمْ هَذِهِ؟ فَلَوْ رَاجَعَ مَرَّةً فِي الْحَمْلِ، وَمَرَّةً فِي الْأَقْرَاءِ، فَفِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ وَجْهَانِ سَيَأْتِي نَظِيرُهُمَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَإِنْ قُلْنَا: لَا تَنْقَضِي، أَتَمَّتْ بَعْدَ الْوَضْعِ عِدَّةَ الْأَوَّلِ وَهُوَ الزَّوْجُ، وَلَهُ الرَّجْعَةُ فِيهِ. وَهَلْ لَهُ الرَّجْعَةُ قَبْلَهُ فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ.

فَرْعٌ

إِذَا احْتَمَلَ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنَ الزَّوْجِ، وَمِنَ الْوَاطِئِ بِالشُّبْهَةِ، عُرِضَ بَعْدَ الْوَضْعِ عَلَى الْقَائِفِ، فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِالزَّوْجِ أَوْ بِالْوَاطِئِ، فَحُكْمُهُ مَا ذَكَرْنَا فِيمَا إِذَا اخْتَصَّ الِاحْتِمَالُ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ أَوْ أُشْكِلَ عَلَيْهِ، أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا، أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا، أَوْ مَاتَ الْوَلَدُ وَتَعَذَّرَ عَرْضُهُ، انْقَضَتْ عِدَّةُ أَحَدِهِمَا بِوَضْعِهِ، لِأَنَّهُ مِنْ أَحَدِهِمَا، ثُمَّ تَعْتَدُّ بَعْدَ الْوَضْعِ لِلْآخَرِ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ. قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ، لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَنْ لَا يُوجَدُ فِي الدُّنْيَا، بَلِ الْمُرَادُ أَنْ لَا يُوجَدُ فِي مَوْضِعِ الْوَلَدِ وَمَا يَقْرُبُ مِنْهُ، وَهُوَ الْمَسَافَةُ الَّتِي تُقْطَعُ فِي أَقَلِّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. وَسَوَاءٌ فِي وُجُوبِ الْعَرْضِ عَلَى الْقَائِفِ، ادَّعَيَاهُ جَمِيعًا، أَوِ ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا فَقَطْ.

وَقِيلَ: إِذَا ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا فَقَطْ، اخْتَصَّ بِهِ، كَالْأَمْوَالِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، لِحَقِّ الْوَلَدِ وَحَقِّ الشَّرْعِ فِي النَّسَبِ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: إِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ كَمَا ذَكَرْنَا. وَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا، بُنِيَ عَلَى أَنَّ الرَّجْعَةَ هَلْ هِيَ فِرَاشٌ، أَمْ لَا؟ إِنْ قُلْنَا: لَا، عُرِضَ أَيْضًا، وَإِنْ قُلْنَا: فِرَاشٌ، وَأَنَّ السِّنِينَ الْأَرْبَعَ فِي حَقِّهَا تُعْتَبَرُ مِنِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَالْوَلَدُ مُلْحَقٌ (بِالزَّوْجِ) وَلَا يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ.

ثُمَّ فِي هَذَا الْفَرْعِ مَسْأَلَتَانِ.

إِحْدَاهُمَا: إِذَا رَجَعَ الزَّوْجُ فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ، بُنِيَ عَلَى مَا إِذَا تَأَخَّرَتْ عِدَّةُ الزَّوْجِ

ص: 389

لِإِحْبَالِ الْوَاطِئِ، هَلْ لَهُ الرَّجْعَةُ فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ؟ إِنْ قُلْنَا: نَعَمْ، صَحَّتْ رَجْعَتُهُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَإِلَّا فَلَا. فَلَوْ بَانَ بَعْدَ الْوَضْعِ أَنَّ الْحَمْلَ مِنْهُ بِإِلْحَاقِ الْقَائِفِ، فَهَلْ يُحْكَمُ الْآنَ بِأَنَّ الرَّجْعَةَ وَقَعَتْ صَحِيحَةً؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ. وَلَوْ رَاجَعَ بَعْدَ الْوَضْعِ، لَمْ يُحْكَمْ بِصِحَّةِ الرَّجْعَةِ أَيْضًا، لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْحَمْلِ مِنْهُ، وَأَنَّ عِدَّتَهُ انْقَضَتْ بِوَضْعِهِ. فَلَوْ بَانَ بِإِلْحَاقِ الْقَائِفِ أَنَّ الْحَمْلَ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ، فَفِي الْحُكْمِ الْآنَ بِصِحَّةِ الرَّجْعَةِ الْوَجْهَانِ، هَذَا إِذَا رَاجَعَ فِي الْقَدْرِ الْمُتَيَقَّنِ بَعْدَ الْوَضْعِ أَنَّهُ مِنَ الْأَقْرَاءِ دُونَ مَا أَوْجَبْنَاهُ احْتِيَاطًا.

بَيَانُهُ: وَطِئَهَا الْأَجْنَبِيُّ بَعْدَ مُضِيِّ قَرْءٍ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ، فَالْقَدْرُ الَّذِي يُتَيَقَّنُ لُزُومُهُ بَعْدَ الْوَضْعِ قَرْءَانِ، وَإِنَّمَا نُوجِبُ الْقَرْءَ الثَّالِثَ احْتِيَاطًا، لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْحَمْلِ مِنَ الزَّوْجِ. وَلَوْ رَاجَعَ مَرَّتَيْنِ، مَرَّةً قَبْلَ الْوَضْعِ، وَمَرَّةً بَعْدَهُ فِي الْقَرْءَيْنِ، فَفِي صِحَّةِ رَجْعَتِهِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الصِّحَّةُ، وَبِهِ قَالَ الْقَفَّالُ، لِوُجُودِ رَجْعَةٍ فِي عِدَّتِهِ يَقِينًا، وَالثَّانِي: الْمَنْعُ، لِلتَّرَدُّدِ. وَلَوْ جُدِّدَ النِّكَاحُ، إِذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، نُظِرَ، إِنْ نَكَحَهَا مَرَّةً وَاحِدَةً قَبْلَ الْوَضْعِ أَوْ بَعْدَهُ، لَمْ يُحْكَمْ بِصِحَّتِهِ، لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ. فَإِنْ بَانَ بَعْدَ ذَلِكَ كَوْنُ الْعِدَّةِ كَانَتْ مِنْهُ بِإِلْحَاقِ الْقَائِفِ، قَالَ الْمُتَوَلِّي: فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِي الرَّجْعَةِ. قَالَ: وَلَيْسَ هُوَ مِنْ وَقْفِ الْعُقُودِ، وَإِنَّمَا هُوَ وَقْفٌ عَلَى ظُهُورِ أَمْرٍ كَانَ عِنْدَ الْعَقْدِ.

وَإِنْ نَكَحَهَا مَرَّتَيْنِ قَبْلَ الْوَضْعِ وَبَعْدَهُ، فَفِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ، كَالرَّجْعَةِ. قَالَ الْإِمَامُ: الْأَصَحُّ هُنَا الْمَنْعُ، لِأَنَّ الرَّجْعَةَ تَحْتَمِلُ مَا لَا يَحْتَمِلُهُ النِّكَاحُ، وَلِهَذَا تَصِحُّ فِي الْإِحْرَامِ، وَالْوَجْهَانِ مُفْرَّعَانِ عَلَى صِحَّةِ تَجْدِيدِ الزَّوْجِ فِي عِدَّتِهِ، مَعَ أَنَّ فِي ذِمَّتِهَا عِدَّةَ شُبْهَةٍ، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ قَطْعًا، لِاحْتِمَالِ تَأَخُّرِ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ، فَلَا تَصِحُّ الْمَرَّةُ الْأُولَى لِلْعِدَّةِ الَّتِي فِي ذِمَّتِهَا، وَلَا الثَّانِيَةُ، لِكَوْنِهَا فِي عِدَّةِ شُبْهَةٍ. فَلَوْ نَكَحَهَا الْوَاطِئُ بِشُبْهَةٍ قَبْلَ الْوَضْعِ أَوْ بَعْدَهُ فِي الْقَرْءَيْنِ، لَمْ يَصِحَّ، لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا فِي عِدَّةِ الزَّوْجِ. وَلَوْ نَكَحَهَا بَعْدَ الْوَضْعِ فِي الْقَرْءَيْنِ، ثُمَّ بَانَ بِالْقَائِفِ أَنَّ الْحَمْلَ مِنَ الزَّوْجِ، فَفِي

ص: 390

تَبَيُّنِ الصِّحَّةِ الْخِلَافُ السَّابِقُ. وَلَوْ نَكَحَهَا فِي الْقَرْءِ الثَّالِثِ، صَحَّ قَطْعًا، لِأَنَّهَا فِي عِدَّتِهِ إِنْ كَانَ الْحَمْلُ مِنَ الزَّوْجِ، وَإِلَّا فَغَيْرُ مُعْتَدَّةٍ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: سَنَذْكُرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ فِي الْعِدَّةِ، وَأَنَّ الْبَائِنَ لَا تَسْتَحِقُّهَا إِلَّا إِذَا كَانَتْ حَامِلًا، وَنَذْكُرُ قَوْلَيْنِ فِي أَنَّ تِلْكَ النَّفَقَةَ لِلْحَمْلِ، أَمْ لِلْحَامِلِ؟ وَقَوْلَيْنِ فِي أَنَّ تِلْكَ النَّفَقَةَ تُصْرَفُ إِلَيْهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ، أَمْ يُصْرَفُ الْجَمِيعُ إِلَيْهَا عِنْدَ الْوَضْعِ؟ وَأَنَّ الْمُعْتَدَّةَ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ لَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى الْوَاطِئِ إِذَا قُلْنَا: النَّفَقَةُ لِلْحَامِلِ.

إِذَا عُرِفَتْ هَذِهِ الْجُمَلُ، فَإِنْ قُلْنَا: النَّفَقَةُ لِلْحَامِلِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، لَمْ تُطَالِبِ الْمَرْأَةُ الزَّوْجَ وَلَا الْوَاطِئَ بِالنَّفَقَةِ مُدَّةَ الْحَمْلِ الْمُحْتَمِلِ. فَإِذَا وَضَعَتْ، نُظِرَ، إِنْ أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِالزَّوْجِ، طَالِبَتْهُ بِنَفَقَةِ مُدَّةِ الْحَمْلِ الْمَاضِيَةِ، وَهَذَا إِذَا لَمْ تَصِرْ فِرَاشًا لِلثَّانِي، بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ إِلَّا وَطْءُ شُبْهَةٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى زَمَنُ اجْتِمَاعِهَا بِالثَّانِي، فَإِنْ صَارَتْ فِرَاشًا لَهُ، بِأَنْ نَكَحَهَا جَاهِلًا وَبَقِيَتْ فِي فِرَاشِهِ حَتَّى وَضَعَتْ، فَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ، لِكَوْنِهَا نَاشِزَةً بِالنِّكَاحِ، فَإِنْ فَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْوَضْعِ، طَالَبَتْهُ بِالنَّفَقَةِ مِنْ يَوْمِ التَّفْرِيقِ إِلَى الْوَضْعِ، ثُمَّ لَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى الْوَاطِئِ فِي عِدَّتِهَا عَنْهُ بِالْأَقْرَاءِ.

وَإِنْ أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِالْوَاطِئِ، لَمْ يَلْزَمْ وَاحِدًا مِنْهُمَا نَفَقَةُ مُدَّةِ الْحَمْلِ، وَيَلْزَمُ الزَّوْجَ نَفَقَةُ مُدَّةِ الْقَرْءَيْنِ بَعْدَ الْوَضْعِ إِذَا كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا نَفَقَةُ مُدَّةِ النِّفَاسِ عَلَى الْأَصَحِّ، كَمَا أَنَّ لَهُ الرَّجْعَةَ فِيهَا، وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ كَوْنَهُ لَا يُحْسَبُ مِنَ الْعِدَّةِ كَمُدَّةِ الْحَيْضِ، وَإِنْ لَمْ نُلْحِقْهُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، أَوْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ، فَلَا نَفَقَةَ عَلَى الْوَاطِئِ، وَلَا عَلَى الزَّوْجِ وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ حَالَ الْحَمْلِ، وَلَا نَفَقَةَ إِذَا لَمْ يَكُنْ حَمْلٌ. وَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا، فَلَا نَفَقَةَ لِمُدَّةِ كَوْنِهَا فِرَاشًا، وَلَهَا عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ نَفَقَتِهَا مِنْ يَوْمِ التَّفْرِيقِ إِلَى الْوَضْعِ، وَنَفَقَتُهَا فِي الْقَدْرِ الَّذِي تُكْمِلُ بِهِ عِدَّةَ الطَّلَاقِ بَعْدَ الْوَضْعِ وَهُوَ قَرْءَانِ فِي الْمِثَالِ السَّابِقِ.

هَذَا إِذَا قُلْنَا: النَّفَقَةُ لِلْحَامِلِ، فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهَا لِلْحَمْلِ، فَعَلَى أَحَدِهِمَا نَفَقَةُ مُدَّةِ الْحَمْلِ بِيَقِينٍ،

ص: 391

فَإِذَا أَشْكَلَ الْحَالُ، أَنْفَقَا عَلَيْهِ بِالسَّوِيَّةِ، فَإِنْ قُلْنَا: نَصْرِفُ الْجَمِيعَ إِلَيْهَا بَعْدَ الْوَضْعِ، أُخِذَتْ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ نَفَقَتِهِمَا، هَكَذَا رَتَّبَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالرُّويَانِيُّ فِي «جَمْعِ الْجَوَامِعِ» ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَمِنْهُمْ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّهَا لَا تُطَالِبُ وَاحِدًا مِنْهُمَا فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ، وَلَمْ يُفَرِّقْ هَؤُلَاءِ بَيْنَ قَوْلِنَا: النَّفَقَةُ لِلْحَمْلِ أَوْ لِلْحَامِلِ، فَعَلَى هَذَا، إِذَا وَضَعَتْ فَأَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِالْوَاطِئِ، قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: لَا تُطَالِبُ بِالنَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ، وَالَّذِي ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ وَجَمَاعَةٌ، أَنَّهُ يُطَالَبُ بِتِلْكَ النَّفَقَةِ، وَقَالُوا: هَذِهِ النَّفَقَةُ تَصِيرُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَلَيْسَتْ كَنَفَقَةِ الْأَقَارِبِ.

قَالَ الْإِمَامُ: وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ الْأَصْحَابِ، أَنَّهُ إِذَا أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِالزَّوْجِ، لَا يُطَالَبُ بِالنَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ، تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّهَا لِلْحَمْلِ، وَأَنَّهَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ، قَالَ: وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي الْمَصِيرَ إِلَيْهِ. أَمَّا نَفَقَةُ الْوَلَدِ بَعْدَ الْوَضْعِ وَحَضَانَتُهُ، فَعَلَى مَا أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِهِ مِنْهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ، أَوْ أُشْكِلَ عَلَيْهِ، فَهِيَ عَلَيْهِمَا مُنَاصَفَةً إِلَى أَنْ يُوجَدَ الْقَائِفُ، أَوْ يَبْلُغَ الصَّبِيُّ، فَيَنْتَسِبَ إِلَى أَحَدِهِمَا. وَقِيلَ: لَا يُطَالَبَانِ بِالنَّفَقَةِ فِي مُدَّةِ الْإِشْكَالِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. ثُمَّ إِذَا أَنْفَقَا (عَلَيْهِ) ، ثُمَّ لَحِقَ الْوَلَدُ بِأَحَدِهِمَا بِإِلْحَاقِ الْقَائَفِ، أَوْ بِانْتِسَابِهِ، رَجَعَ الْآخَرُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ بِشَرْطَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْإِنْفَاقُ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ، وَإِلَّا فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ. وَالثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ مُدَّعِيًا لِلْوَلَدِ، فَإِنْ كَانَ يَدَّعِيهِ، فَلَا رُجُوعَ لِأَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَى وَلَدِهِ بِزَعْمِهِ.

وَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ فِي زَمَنِ الْإِشْكَالِ، فَكَفَّنَهُ عَلَيْهِمَا، وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ مَالِهِ، وَيُوقَفُ الْبَاقِي بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْوَاطِئِ حَتَّى يَصْطَلِحَا. فَإِنْ كَانَ لَهَا وَلَدَانِ آخَرَانِ، أَوْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجِ وَالْوَاطِئِ وَلَدَانِ، فَلَهَا السُّدُسُ. فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا وَلَدَانِ دُونَ الْآخَرِ، فَهَلْ لَهَا الثُّلُثُ لِلشَّكِّ فِي كَوْنِهِمَا أَخَوَيْنِ لِلْمَيِّتِ، أَمِ السُّدُسُ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ؟ وَجْهَانِ.

ص: 392

قُلْتُ: الْأَصَحُّ أَوِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ السُّدُسُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَوْ أَوْصَى إِنْسَانٌ لِهَذَا الْحَمْلِ بِشَيْءٍ، فَانْفَصَلَ حَيًّا، ثُمَّ مَاتَ، فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ قَبُولِ الزَّوْجِ وَالْوَاطِئِ الْوَصِيَّةَ، فَالْوَصِيَّةُ مُسْتَقِرَّةٌ، لِأَنَّ أَحَدَهُمَا أَبُوهُ، وَالْمَالُ لِوَرَثَتِهِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْبَلَا، فَحَقُّ الْقَبُولِ لِلْوَرَثَةِ.

وَلَوْ سَمَّى الْمُوصِي أَحَدَهُمَا، فَقَالَ: أَوْصَيْتُ لِحَمْلِ فُلَانٍ هَذَا، فَإِنْ أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِغَيْرِ الْمُسَمَّى، بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ، وَإِنْ أَلْحَقَهُ بِهِ، صَحَّتْ، وَإِنْ نَفَاهُ بِاللِّعَانِ، فَفِي بُطْلَانِهَا وَجْهَانِ.

فَرْعٌ

مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ كَوْنِ الْعِدَّتَيْنِ مِنْ شَخْصَيْنِ، لَا يَتَدَاخَلَانِ إِذَا كَانَ فِي شَخْصَيْنِ مُحْتَرَمَيْنِ. فَأَمَّا إِذَا طَلَّقَ حَرْبِيٌّ زَوْجَتَهُ، فَوَطِئَهَا فِي عِدَّتِهِ حَرْبِيٌّ آخَرُ بِشُبْهَةٍ، أَوْ نَكَحَهَا وَوَطِئَهَا، ثُمَّ أَسْلَمَتْ مَعَ الثَّانِي، أَوْ دَخَلَا بِأَمَانٍ، وَتَرَافَعَا إِلَيْنَا، فَحُكِيَ عَنِ النَّصِّ أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ عَلَيْهَا عِدَّتَانِ، بَلْ يَكْفِيهَا وَاحِدَةٌ مِنْ يَوْمِ وَطْئِهَا الثَّانِي) . وَلِلْأَصْحَابِ طُرُقٌ. أَحُدُهَا: الِاكْتِفَاءُ بِعِدَّةٍ عَمَلًا بِهَذَا النَّصِّ، لِأَنَّ حُقُوقَهُمْ ضَعِيفَةٌ، وَمَاؤُهُمْ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ، فَيُرَاعَى أَصْلُ الْعِدَّةِ، وَيُجْعَلُ جَمِيعُهُمْ كَشَخْصٍ. وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عِدَّتَيْنِ كَالْمُسْلِمِينَ، وَرَدَّ هَذَا النَّصُّ. وَالثَّالِثُ: عَلَى قَوْلَيْنِ.

وَنَقَلَ السَّرَخْسِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، أَنَّ بَعْضَهُمْ خَرَجَ مِنْ هَذَا النَّصِّ، فِيمَا إِذَا كَانَتِ الْعِدَّتَانِ لِمُسْلِمَيْنِ، وَجَعَلَ الصُّورَتَيْنِ عَلَى قَوْلَيْنِ نَقْلًا وَتَخْرِيجًا، وَهَذَا غَرِيبٌ ضَعِيفٌ جِدًّا. فَإِذَا قُلْنَا فِي الْكَافِرِينَ: يَكْفِي عِدَّةٌ، فَهَلْ نَقُولُ: هِيَ لِلْوَطْءِ الثَّانِي فَقَطْ وَتَسْقُطُ بَقِيَّةُ عِدَّةِ الْأَوَّلِ لِضَعْفِ حُقُوقِ الْحَرْبِيِّ وَبُطْلَانِهَا بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى زَوْجَتِهِ، أَمْ نَقُولُ: تَدْخُلُ بَقِيَّةُ الْعِدَّةِ الْأُولَى فِي الثَّانِيَةِ؟ وَجْهَانِ.

قُلْتُ: أَرْجَحُهُمَا الْأَوَّلُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 393