الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: الرَّجْمُ فَقَطْ، لِأَنَّ شَأْنَ الْحُدُودِ التَّدَاخُلُ. وَأَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: يَلْزَمُهَا الْجَلْدُ ثُمَّ الرَّجْمُ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، لِأَنَّ التَّدَاخُلَ إِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ الِاتِّفَاقِ، وَقَالَ: وَعَلَى هَذَا، لَوْ زَنَى الْعَبْدُ، ثُمَّ عَتَقَ، فَزَنَى قَبْلَ الْإِحْصَانِ، فَقِيلَ: عَلَيْهِ خَمْسُونَ جَلْدَةً لِزِنَاهُ فِي الرِّقِّ، وَمِائَةٌ لِزِنَاهُ فِي الْحُرِّيَّةِ، لِاخْتِلَافِ الْحَدَّيْنِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُجْلَدُ مِائَةً فَقَطْ، وَيَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ زَنَى وَهُوَ حُرٌّ بِكْرٌ، فَجُلِدَ خَمْسِينَ، وَتُرِكَ لَعُذْرٍ، فَزَنَى مَرَّةً أُخْرَى، جُلِدَ مِائَةً، وَتَدَخُلُ الْخَمْسُونَ الْبَاقِيَةُ فِيهَا.
وَلَوْ قَذَفَ شَخْصَيْنِ مُحْصَنًا وَغَيْرَهُ بِكَلِمَةٍ، وَقُلْنَا بِاتِّحَادِ الْحَدِّ، دَخَلَ التَّعْزِيرُ فِي الْحَدِّ. وَفِي هَذَا نَظَرٌ، لِاخْتِلَافِ جِنْسِ الْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ.
وَلَوْ كَانَتْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى بِكْرٌ فِي لِعَانِ الزَّوْجَيْنِ، فَالصَّحِيحُ أَنَّ عَلَيْهَا حَدًّا وَاحِدًا، كَمَا لَوْ ثَبَتَ زِنَيَانِ، أَحَدُهُمَا: بِبَيِّنَةٍ، وَالْآخَرُ بِإِقْرَارٍ أَوْ كِلَاهُمَا بِالْبَيِّنَةِ. قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: عَلَيْهَا حَدَّانِ، لِأَنَّ لِعَانَ كُلِّ وَاحِدٍ حُجَّةٌ فِي حَقِّهِ، فَصَارَا كَجِنْسَيْنِ.
فَصْلٌ
إِذَا لَحِقَهُ نَسَبٌ بِمِلْكِ يَمِينٍ فِي مُسْتَوْلَدَةٍ، أَوْ أَمَةٍ مَوْطُوءَةٍ، لَمْ يَنْتَفِ عَنْهُ بِاللِّعَانِ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَقِيلَ: لَا يَنْتَفِي قَطْعًا لِإِمْكَانِ نَفْيِهِ بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ، وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الِاسْتِبْرَاءِ بَيَانُهُ مَعَ بَيَانِ أَنَّ الْأَمَةَ مَتَى تَصِيرُ فِرَاشًا لِسَيِّدِهَا، حَتَّى يَلْحَقَهُ وَلَدُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَاجلَى.
وَلَوِ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ، فَانْفَسَخَ النِّكَاحُ، ثُمَّ وَلَدَتْ، فَإِنْ كَانَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ، فَهُوَ لَاحِقٌ بِهِ بِحُكْمِ النِّكَاحِ، وَلَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ وَيَكُونُ اللِّعَانُ
بَعْدَ الِانْفِسَاخِ كَهُوَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ بِالطَّلَاقِ، وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ، أَوْ وَطِئَهَا وَوَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْوَطْءِ، نَظَرَ، إِنْ كَانَ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ مَنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ، فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ، فَهُوَ مَنْفِيٌّ عَنْهُ بِغَيْرِ لِعَانٍ. فَإِنْ وَطِئَهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ وَأَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مِنْ وَقْتِ الْوَطْءِ، وَلِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الِاسْتِبْرَاءَ بَعْدَ الْوَطْءِ، لَحِقَهُ الْوَلَدُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَهَلْ لَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ، فِيهِ الطَّرِيقَانِ. وَإِنِ ادَّعَى الِاسْتِبْرَاءَ بَعْدَهُ، فَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الِاسْتِبْرَاءِ، فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ وَتَلْغُو دَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ، وَإِنْ كَانَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَقْتِ الِاسْتِبْرَاءِ، لَمْ يَلْحَقْهُ الْوَلَدُ بِحُكْمِ الْمِلْكِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَسَنُعِيدُهُ فِي آخِرِ بَابِ الِاسْتِبْرَاءِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَا يَلْحَقُهُ أَيْضًا بِمِلْكِ النِّكَاحِ لِانْقِطَاعِ فِرَاشِ النِّكَاحِ بِفِرَاشِ الْمِلْكِ.
وَقِيلَ: يَلْحَقُهُ بِمِلْكِ النِّكَاحِ، وَلَا يَنْتَفِي إِلَّا بِلِعَانٍ لِوُجُودِ الْإِمْكَانِ، وَامْتِنَاعِ الْإِلْحَاقِ بِالْمِلْكِ، وَهَذَا شَاذٌّ، وَقَدْ يُعَبَّرُ عَنْ هَذِهِ الْأَحْوَالِ، فَيُقَالُ: إِنِ احْتَمَلَ كَوْنُهُ مِنَ النِّكَاحِ فَقَطْ، لَحِقَ بِهِ النِّكَاحُ، وَإِنِ احْتَمَلَ بِالْمِلْكِ فَقَطْ، لَحِقَ بِهِ، وَكَذَا إِنِ احْتَمَلَهَا عَلَى الصَّحِيحِ. وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، فَلَا إِلْحَاقَ، وَمَتَى وَقَعَ اللِّعَانُ بَعْدَ الشِّرَاءِ، فَهَلْ يُؤَبِّدُ التَّحْرِيمَ؟ وَجْهَانِ كَمَا لَوْ وَقَعَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا يُؤَبِّدُهُ، فَهِيَ حَلَالٌ لَهُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَإِنْ قُلْنَا: يُؤَبِّدُهُ، فَفِي حِلِّهَا (لَهُ) بِمِلْكِ الْيَمِينِ خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ لَاعَنَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ، ثُمَّ اشْتَرَاهَا، هَلْ لَهُ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ؟ فِيهِ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا: عَلَى وَجْهَيْنِ كَالْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا إِذَا اشْتَرَاهَا. وَالثَّانِي: لَا تَحِلُّ قَطْعًا لِغِلَظِ تَحْرِيمِهِ.
الطَّرَفُ الثَّالِثُ، فِي سَبَبِ اللِّعَانِ: وَهُوَ الْقَذْفُ أَوْ نَفْيُ الْوَلَدِ، فَمَتَى نَسَبَهَا إِلَى وَطْءٍ حَرَامٍ مِنْ جَانِبِهَا، أَوْ جَانِبِ الزَّانِي، فَقَدْ قَذَفَهَا. وَإِنْ نَسَبَهَا إِلَى زِنًا هِيَ عَلَيْهِ مُكْرَهَةٌ، أَوْ جَاهِلَةٌ، أَوْ نَائِمَةٌ، فَلَا حَدَّ لَهَا، وَيَجِبُ لَهَا التَّعْزِيرُ عَلَى الْأَصَحِّ
لِأَنَّ فِيهِ عَارًا وَإِيذَاءً، فَإِنْ كَانَ وَلَدٌ لَاعَنَ لِنَفْيِهِ، وَإِلَّا فَيُلَاعِنُ أَيْضًا عَلَى الْمَذْهَبِ. وَلَوْ عَيَّنَ الزَّانِيَ فَقَالَ: زَنَى بِكِ فُلَانٌ وَأَنْتِ مُكْرَهَةٌ، أَوْ قَالَ: قَهَرَكِ فُلَانٌ فَزَنَى بِكِ، لَزِمَهُ الْحَدُّ لِقَذْفِهِ، وَلَهُ إِسْقَاطُهُ بِاللِّعَانِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ، وَأَجْنَبِيَّةً بِكَلِمَةٍ، فَإِنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إِسْقَاطِ حَدِّ الْأَجْنَبِيَّةِ بِاللِّعَانِ، لِأَنَّ فِعْلَهَا يَنْفَكُّ عَنْ فِعْلِ الْأَجْنَبِيَّةِ، وَلَا يَنْفَكُّ عَنْ فِعْلِ الزَّانِي بِهَا.
وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: وَطِئْتِ بِشُبْهَةٍ، فَفِي وُجُوبِ التَّعْزِيرِ عَلَيْهِ لَهَا الْوَجْهَانِ فِيمَا لَوْ نَسَبَهَا إِلَى الزِّنَا مُكْرَهَةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ، فَلَهُ اللِّعَانُ لَنَفْيِ التَّعْزِيرِ إِنْ أَوْجَبْنَاهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَ وَلَدٌ، فَطَرِيقَانِ:
أَحَدُهُمَا: فِي جَوَازِ اللِّعَانِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْجَوَازُ، إِلَّا أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُلَاعِنْ، لَحِقَهُ الْوَلَدُ وَلَمْ يُلَاعِنْ لِلْقَذْفِ.
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ: أَنَّهُ إِنْ لَمْ يُعَيِّنِ الْوَاطِئَ بِالشُّبْهَةِ، أَوْ عَيَّنَ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ، لَحِقَ الْوَلَدُ بِالنِّكَاحِ، وَلَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ، وَإِنْ صَدَّقَهُ وَادَّعَى الْوَلَدَ، عُرِضَ عَلَى الْقَافَةِ. فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِذَلِكَ الْمُعَيَّنِ، لَحِقَهُ وَلَا لِعَانَ، وَإِلَّا فَيَلْحَقُ الزَّوْجَ، وَلَيْسَ لَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ، لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ يَنْتَفِي بِهِ، وَهُوَ أَنْ يُلْحِقَهُ الْقَافَةُ بِذَلِكَ الْمُعَيَّنِ، وَإِنَّمَا يُنْفَى بِاللِّعَانِ مَنْ لَا يُمْكِنُ نَفْيُهُ بِطَرِيقٍ آخَرَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ، تُرِكَ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّبِيُّ فَيَنْتَسِبُ إِلَى أَحَدِهِمَا، فَإِنِ انْتَسَبَ إِلَى ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ، انْقَطَعَ نَسَبُهُ عَنِ الزَّوْجِ بِلَا لِعَانٍ، وَإِنِ انْتَسَبَ إِلَى الزَّوْجِ، فَلَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ نَفْيُهُ بِغَيْرِ اللِّعَانِ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَلَوْ قَالَ: زَنَيْتِ بِفُلَانٍ وَهُوَ غَيْرُ زَانٍ، بَلْ ظَنُّكَ زَوْجَتَهُ، فَهُوَ قَاذِفٌ لَهَا، فَلَهُ إِسْقَاطُ الْحَدِّ بِاللِّعَانِ، وَالْوَلَدُ الْمَنْسُوبُ إِلَى ذَلِكَ الْوَاطِئِ مَنْسُوبٌ إِلَى وَطْءِ شُبْهَةٍ، فَإِنْ صَدَّقَهُ فُلَانٌ، عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ، وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: لَيْسَ هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي، فَعَنْ صَاحِبِ «التَّقْرِيبِ» حِكَايَةً تَرَدُّدٌ فِي جَوَازِ اللِّعَانِ، وَقَطَعَ