المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَأَصَحُّهُمَا: عَنِ الْمُعْتِقِ، وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبَا «الْمُهَذَّبِ» وَ «التَّتِمَّةِ» ، - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ٨

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الرَّجْعَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الظِّهَارِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْكَفَّارَاتِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ اللَّعَانِ وَالْقَذْفِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْعِدَدِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

الفصل: وَأَصَحُّهُمَا: عَنِ الْمُعْتِقِ، وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبَا «الْمُهَذَّبِ» وَ «التَّتِمَّةِ» ،

وَأَصَحُّهُمَا: عَنِ الْمُعْتِقِ، وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبَا «الْمُهَذَّبِ» وَ «التَّتِمَّةِ» ، لِأَنَّهُ لَمْ يُعْتِقْهُ عَنِ الْبَاذِلِ، وَلَا هُوَ اسْتَدْعَاهُ لِنَفْسِهِ. وَلَوْ قَالَ الْمُعْتِقُ: أَرُدُّ الْعِوَضَ لِيَكُونَ الْعِتْقُ مُجْزِئًا عَنْ كَفَّارَتِي، لَمْ يَنْقَلِبْ مُجْزِئًا، فَلَوْ قَالَ فِي الِابْتِدَاءِ عَقِبَ الِالْتِمَاسِ: أَعْتَقْتُهُ عَنْ كَفَّارَتِي لَا عَلَى الْأَلْفِ، كَانَ رَدًّا لِكَلَامِهِ، وَأَجْزَأَهُ عَنِ الْكَفَّارَةِ.

‌فَصْلٌ

الْعِتْقُ عَلَى مَالٍ كَالطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ، فَهُوَ مِنْ جَانِبِ الْمَالِكِ مُعَاوَضَةٌ فِيهَا شِبْهُ التَّعْلِيقِ، وَمِنْ جَانِبِ الْمُسْتَدْعِي مُعَاوَضَةٌ فِيهَا شِبْهُ الْجَعَالَةِ، كَمَا سَبَقَ فِي الْخُلْعِ. فَإِذَا قَالَ: أَعْتِقْ مُسْتَوْلَدَتَكَ عَلَى أَلْفٍ، فَأَعْتَقَهَا، نَفَذَ الْعِتْقُ، وَثَبَتَ الْأَلْفُ، وَكَانَ ذَلِكَ افْتِدَاءً مِنَ الْمُسْتَدْعِي، كَاخْتِلَاعِ الْأَجْنَبِيِّ.

وَلَوْ قَالَ: أَعْتَقْتُهَا عَنِّي عَلَى أَلْفٍ، أَوْ وَعَلَيَّ أَلْفٌ، فَقَالَ: أَعْتَقْتُهَا عَنْكَ، نَفَذَ الْعِتْقُ، وَلَغَا قَوْلُهُ: عَنِّي، وَقَوْلُ الْمُعْتِقِ: عَنْكَ، لِأَنَّ الْمُسْتَوْلَدَةَ لَا تَنْتَقِلُ مِنْ شَخْصٍ إِلَى شَخْصٍ، ثُمَّ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عِوَضًا، لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْعِوَضَ عَلَى أَنْ يَحْصُلَ الْعِتْقُ عَنْهُ، وَلَمْ يَحْصُلْ. وَقِيلَ: يُسْتَحَقُّ وَيُلْغَى قَوْلُهُ: عَنِّي، وَيُجْعَلُ بَاقِي الْكَلَامِ افْتِدَاءً. وَلَوْ قَالَ: طَلِّقْ زَوْجَتَكَ عَنِّي عَلَى أَلْفٍ، فَطَلَّقَ، قَالَ الْإِمَامُ: الْوَجْهُ إِثْبَاتُ الْعِوَضِ. وَلَوْ قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنْ نَفْسِكَ وَلَكَ عَلَيَّ كَذَا، أَوْ وَعَلَيَّ كَذَا، فَفَعَلَ، فَهَلْ يُسْتَحَقُّ الْعِوَضُ عَلَيْهِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ كَالْمُسْتَوْلَدَةِ وَمَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ.

وَالثَّانِي وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخُضَرِيِّ، لَا لِإِمْكَانِ تَمَلُّكِهِ بِالشِّرَاءِ، بِخِلَافِهِمَا، وَلَوْ قَالَ: أَعْتِقْهُ عَنِّي، فَفَعَلَ، نُظِرَ، إِنْ قَالَ: مَجَّانًا، فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُسْتَدْعِي، وَإِنْ ذَكَرَ عِوَضًا

ص: 292

، لَزِمَهُ الْعِوَضُ، وَإِنْ أَطْلَقَ، فَهَلْ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَبْدِ؟ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ فِي قَوْلِهِ: اقْضِ دَيْنِي وَلَمْ يُشْتَرَطِ الرُّجُوعُ، وَخَصَّ الْإِمَامُ وَالسَّرْخَسِيُّ هَذَا الْبِنَاءَ بِمَا إِذَا قَالَ: أَعْتِقُهُ عَنْ كَفَّارَتِي، فَإِنَّ الْعِتْقَ حَقٌّ ثَابِتٌ عَلَيْهِ كَالدَّيْنِ، فَأَمَّا إِذَا [قَالَ] : أَعْتِقُهُ عَنِّي وَلَا عِتْقَ عَلَيْهِ، أَوْ لَمْ يَقْصِدْ وُقُوعَهُ عَنْهُ، فَقَدْ أَطْلَقَ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَرَأَى الْإِمَامُ تَخْرِيجَهُ عَلَى أَنَّ الْهِبَةَ هَلْ تَقْتَضِي الثَّوَابَ؟ ثُمَّ سَوَاءٌ نَفَى الْعِوَضَ أَمْ أَثْبَتَهُ، يَقَعُ الْعِتْقُ عَلَى الْمُسْتَدْعِي. وَقَالَ الْمُزَنِيُّ: إِذَا قَالَ: أَعْتِقْهُ عَنِّي مَجَّانًا، فَفَعَلَ، لَا يَقَعُ عَلَى الْمُسْتَدْعِي، وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ بِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ عَنْهُ، فَصَارَ كَذِكْرِ الْعِوَضِ. وَقَالُوا: الْعِتْقُ بِعِوَضٍ صَارَ كَالْمَبِيعِ الْمَقْبُوضِ حَتَّى [اسْتَقَرَّ] عِوَضُهُ، فَكَذَلِكَ يُجْعَلُ عِنْدَ عَدَمِ الْعِوَضِ، كَالْمَوْهُوبِ الْمَقْبُوضِ، وَيُجْعَلُ الْقَبْضُ مُنْدَرِجًا تَحْتَ الْعِتْقِ لِقُوَّتِهِ، وَذَكَرُوا بِنَاءً عَلَى هَذَا، أَنَّ إِعْتَاقَ الْمَوْهُوبِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ جَائِزٌ.

وَلَوْ قَالَ: أَعْتِقْهُ عَنْ كَفَّارَتِي، أَوْ عَنِّي، وَنَوَى الْكَفَّارَةَ، فَأَجَابَهُ، أَجْزَأَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ، وَلَوْ قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدَكَ وَلَكَ عَلَيَّ كَذَا، وَلَمْ يَقُلْ: عَنْ نَفْسِكَ، وَلَا عَنِّي، فَهَلْ هُوَ كَقَوْلِهِ: عَنِّي لِقَرِينَتِهِ الْعِوَضَ، أَمْ كَقَوْلِهِ: عَنْكَ؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي «التَّهْذِيبِ» . وَلَوْ قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي وَلَكَ أَلْفٌ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لَكَ، فَفَعَلَ، قَالَ الْمُتَوَلِّي فِي بَابِ «الْخُلْعِ» : الْمَشْهُورُ مِنَ الْمَذْهَبِ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ يَفْسُدُ، وَيَقَعُ الْعِتْقُ عَنِ الْمُسْتَدْعِي، وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ.

وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ يُعْتَقُ عَنِ الْمَالِكِ، وَلَهُ الْوَلَاءُ. وَعَنِ الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي عَلَى أَلْفٍ، وَالْعَبْدُ مُسْتَأْجَرٌ أَوْ مَغْصُوبٌ، فَأَعْتَقَهُ، جَازَ، وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ مَغْصُوبًا. وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَقُ عَنْهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى انْتِزَاعِهِ، وَلَا يَخْرُجُ فِي الْمُسْتَأْجِرِ وَلَيْسَ عَلَى الْخِلَافِ فِي بَيْعِهِ، لِأَنَّ الْبَيْعَ يَحْصُلُ فِي ضِمْنِ الْإِعْتَاقِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الضِّمْنِيَّاتِ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْمَقَاصِدِ، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِ ابْنِي الصَّغِيرِ، فَفَعَلَ،

ص: 293

جَازَ، وَكَانَ اكْتِسَابُ وَلَاءٍ لَهُ بِغَيْرِ ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ، وَلَيْسَ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ رَقِيقٌ فَأَرَادَ الْأَبُ إِعْتَاقَهُ.

وَأَنَّهُ لَوْ وَهَبَ عَبْدًا لَهُ لِإِنْسَانٍ، فَقَبِلَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ، ثُمَّ قَالَ لِلْوَاهِبِ: أَعْتِقْهُ عَنِ ابْنِي وَهُوَ صَغِيرٌ، فَأَعْتَقَهُ عَنْهُ، جَازَ وَكَأَنَّهُ أَمَرَهُ بِتَسْلِيمِهِ إِلَى ابْنِهِ، وَنَابَ عَنْهُ فِي الْإِعْتَاقِ لِلِابْنِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِعْتَاقَ فِي صُوَرِ الِاسْتِدْعَاءِ، إِنَّمَا يَقَعُ عَلَى الْمُسْتَدْعِي، وَالْعِوَضُ إِنَّمَا يَجِبُ إِذَا اتَّصَلَ الْجَوَابُ بِالْخِطَابِ، فَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ وَقَعَ الْعِتْقُ عَنِ الْمَالِكِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُسْتَدْعِي.

فَرْعٌ

قَالَ: إِذَا جَاءَ الْغَدُ، فَأَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي بِأَلْفٍ، فَصَبَرَ حَتَّى جَاءَ الْغَدُ، فَأَعْتَقَهُ عَنْهُ، حَكَى صَاحِبُ «التَّقْرِيبِ» عَنِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَنْفُذُ الْعِتْقُ عَنْهُ، وَيَثْبُتُ الْمُسَمَّى عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ الْمَالِكُ لِغَيْرِهِ: عَبْدِي عَنْكَ حُرٌّ بِأَلْفٍ إِذَا جَاءَ الْغَدُ، فَقَالَ الْمُخَاطَبُ: قَبِلْتُ، فَهُوَ كَتَعْلِيقِ الْخُلْعِ فِي قَوْلِهِ: طَلَّقْتُكِ عَلَى أَلْفٍ إِذَا جَاءَ الْغَدُ، فَقَالَتْ: قَبِلْتُ، وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ وَجْهَيْنِ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ عِنْدَ مَجِيءِ الْغَدِ، أَصَحُّهُمَا: الْوُقُوعُ، وَوَجْهَيْنِ إِذَا وَقَعَ، أَنَّ الْوَاجِبَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَمِ الْمُسَمَّى؟ أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي، فَكَذَا يَجِيءُ هُنَا الْخِلَافُ فِي وُقُوعِ الْعِتْقِ عَنِ الْمُخَاطَبِ، وَإِذَا وَقَعَ، فَفِي صِحَّةِ الْمُسَمَّى وَفَسَادِهِ، وَفَرَّقُوا بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ بِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِي الْأُولَى تَعْلِيقُ الْعِتْقِ، وَيُحْتَمَلُ مَجِيءُ وَجْهٍ فِي الْأُولَى أَنَّهُ يُسْتَحَقُّ قِيمَةُ الْمِثْلِ لَا الْمُسَمَّى، وَأَشَارَ إِلَيْهِ صَاحِبُ «التَّقْرِيبِ» ، وَاسْتَصْوَبَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ.

فَرْعٌ

قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي عَلَى خَمْرٍ، أَوْ مَغْصُوبٍ، فَفَعَلَ، نَفَذَ الْعِتْقُ عَنِ الْمُسْتَدْعِي، وَلَزِمَهُ قِيمَةُ الْعَبْدِ، كَمَا فِي الْخُلْعِ.

ص: 294

فَرْعٌ

لَا خِلَافَ أَنَّ الْعَبْدَ الْمُعْتَقَ عَنِ الْمُسْتَدْعِي يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ إِذْ لَا عِتْقَ فِي غَيْرِ مِلْكٍ، وَمَتَى يَدْخُلُ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ. أَحَدُهَا يَمْلِكُهُ بِالِاسْتِدْعَاءِ، وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ إِذَا تَلَفَّظَ الْمَالِكُ بِالْإِعْتَاقِ، وَالثَّانِي: يُمْلَكُ بِالشُّرُوعِ فِي لَفْظِ الْإِعْتَاقِ، وَيُعْتَقُ إِذَا تَمَّ اللَّفْظُ. وَالثَّالِثُ: يَحْصُلُ الْمِلْكُ وَالْعِتْقُ مَعًا عِنْدَ تَمَامِ اللَّفْظِ. وَأَصَحُّهَا: أَنَّ الْعِتْقَ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمِلْكِ فِي لَحْظَةٍ لَطِيفَةٍ، وَأَنَّ حُصُولَ الْمِلْكِ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى آخِرِ لَفْظِ الْإِعْتَاقِ. ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: وَأَكْثَرُ الَّذِينَ اخْتَارُوا هَذَا الْوَجْهَ: إِنَّ الْمِلْكَ يَحْصُلُ عَقِبَ الْفَرَاغِ مِنْ لَفْظِ الْإِعْتَاقِ عَلَى الِاتِّصَالِ، وَعَنِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّ الْمِلْكَ يَحْصُلُ مَعَ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ اللَّفْظِ.

وَجَعَلَ الْإِمَامُ اخْتِلَافَ عِبَارَةِ الشَّيْخَيْنِ رَاجِعًا إِلَى اخْتِلَافِ الْأَصْحَابِ، فِي أَنَّ حُكْمَ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَسَائِرِ الْأَلْفَاظِ، يَثْبُتُ مَعَ آخِرِ جُزْءٍ مِنَ اللَّفْظِ، أَمْ بَعْدَ تَمَامِ أَجْزَائِهِ عَلَى الِاتِّصَالِ؟ فَعِبَارَةُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَأَبِي حَامِدٍ، عَلَى الثَّانِي، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْوَجْهِ الرَّابِعِ إِشْكَالٌ سِوَى تَأَخُّرِ الْعِتْقِ عَنِ الْإِعْتَاقِ بِقَدْرِ تَوَسُّطِ الْمِلْكِ.

قَالَ الْإِمَامُ: وَسَبَبُ تَأَخُّرِهِ، أَنَّهُ إِعْتَاقٌ عَنِ الْغَيْرِ، وَمَعْنَى الْإِعْتَاقِ عَنِ الْغَيْرِ، انْتِقَالُ الْمِلْكِ إِلَيْهِ، وَإِيقَاعُ الْعِتْقِ بَعْدَهُ، وَقَدْ يَتَأَخَّرُ الْعِتْقُ عَنِ الْإِعْتَاقِ بِأَسْبَابٍ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَعْتَقْتُ عَبْدِي عَنْكَ بِكَذَا، لَا يُعْتَقُ حَتَّى يُوجَدَ الْقَبُولُ.

فَرْعٌ

قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي عَلَى كَذَا، فَفَعَلَ، ثُمَّ ظَهَرَ بِالْعَبْدِ عَيْبٌ، لَمْ يَبْطُلِ الْعِتْقُ، بَلْ يَرْجِعُ الْمُسْتَدْعِي بِأَرْشِ الْعَيْبِ، ثُمَّ إِنْ كَانَ عَيْبًا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ عَنِ الْكَفَّارَةِ، لَمْ تَسْقُطْ بِهِ الْكَفَّارَةُ.

فَرْعٌ

فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي عَلَى أَلْفٍ، فَقَالَ: أَعْتَقْتُهُ عَنْكَ مَجَّانًا، عَتَقَ عَنِ الْمُعْتِقِ دُونَ الْمُسْتَدْعِي.

ص: 295

الْخَصْلَةُ الثَّانِيَةُ: الصِّيَامُ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ مُرَتَّبَةٌ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:(فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ) الْآيَةَ. فَإِنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ عَبْدٌ فَاضِلٌ عَنْ حَاجَتِهِ، فَوَاجِبُهُ الْإِعْتَاقُ، فَإِنِ احْتَاجَ إِلَى خِدْمَتِهِ، لِزَمَانَتِهِ، أَوْ مَرَضِهِ، أَوْ كِبَرِهِ، أَوْ ضَخَامَتِهِ الْمَانِعَةِ مَنْ خِدْمَتِهِ نَفْسَهُ، فَهُوَ كَالْمَعْدُومِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمُرُوءَاتِ وَمَنْصِبُهُ يَأْبَى أَنْ يَخْدِمَ نَفْسَهُ وَأَنْ يُبَاشِرَ الْأَعْمَالَ الَّتِي يُسْتَخْدَمُ فِيهَا الْمَمَالِيكُ، لَمْ يُكَلَّفْ صَرْفَهُ إِلَى الْكَفَّارَةِ. وَإِنْ كَانَ مِنْ أَوْسَاطِ النَّاسِ، لَزِمَهُ الْإِعْتَاقُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ عَبْدٌ وَوَجَدَ ثَمَنَهُ، لَزِمَهُ تَحْصِيلُهُ وَالْإِعْتَاقُ، بِشَرْطِ كَوْنِهِ فَاضِلًا عَنْ حَاجَتِهِ، لِنَفَقَتِهِ وَكُسْوَتِهِ، وَنَفَقَةِ عِيَالِهِ وَكُسْوَتِهِمْ، وَعَنِ الْمَسْكَنِ وَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنَ الْأَثَاثِ، وَلَمْ يُقَدِّرِ الْأَصْحَابُ لِلنَّفَقَةِ وَالْكُسْوَةِ مُدَّةً، وَيَجُوزُ أَنْ تُعْتَبَرَ كِفَايَةَ الْعُمُرِ، وَيَجُوزُ أَنْ تُعْتَبَرَ سَنَةً، لِأَنَّ الْمُؤْنَاتِ تَتَكَرَّرُ فِيهَا، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْبَغَوِيَّ قَالَ: يَتْرُكُ لَهُ ثَوْبَ الشِّتَاءِ، وَثَوْبَ الصَّيْفِ.

قُلْتُ: هَذَا الثَّانِي، هُوَ الصَّوَابُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَوْ مَلَكَ دَارًا وَاسِعَةً يَفْضُلُ بَعْضُهَا عَنْ حَاجَتِهِ، وَأَمْكَنَ بَيْعُ الْفَاضِلِ، لَزِمَهُ بَيْعُهُ وَتَحْصِيلُ رَقَبَةٍ. وَلَوْ كَانَتْ دَارًا نَفِيسَةً يَجِدُ بِثَمَنِهَا مَسْكَنًا يَكْفِيهِ وَيَفْضُلُ ثَمَنُ رَقَبَةٍ، أَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ نَفِيسٌ يَجِدُ بِثَمَنِهِ عَبْدًا يَخْدِمُهُ، وَآخَرَ يُعْتِقُهُ، لَزِمَهُ الْبَيْعُ وَالْإِعْتَاقُ إِنْ لَمْ يَكُونَا مَأْلُوفَيْنِ، وَإِلَّا أَجْزَأَهُ الصَّوْمُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ كَانَ لَهُ ثَوْبٌ نَفِيسٌ يَجِدُ بِثَمَنِهِ ثَوْبًا يَلِيقُ بِهِ، وَعَبْدًا يُعْتِقُهُ، لَزِمَهُ الْإِعْتَاقُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ بِطَرْدِ الْخِلَافِ.

قُلْتُ: قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ أَوْ جُمْهُورُهُمْ، بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِعْتَاقُ فِي الْعَبْدِ النَّفِيسِ، وَنَقَلَهُ صَاحِبُ «الشَّامِلِ» عَنِ الْأَصْحَابِ، وَصَحَّحَهُ الْمُتَوَلِّي. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 296

فَرْعٌ

لَوْ كَانَ لَهُ ضَيْعَةٌ أَوْ رَأْسُ مَالٍ يَتَّجِرُ فِيهِ، وَكَانَ يَحْصُلُ مِنْهُمَا كِفَايَتُهُ بِلَا مَزِيدٍ، وَلَوْ بَالتاعَهُمَا لِتَحْصِيلِ رَقَبَةٍ لَصَارَ فِي حَدِّ الْمَسَاكِينِ، لَمْ يُكَلَّفْ بَيْعَهُمَا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ.

قُلْتُ: وَلَوْ كَانَ لَهُ مَاشِيَةٌ تَحْلِبُ، فَهِيَ كَالضَّيْعَةِ إِنْ كَانَ لَا تَزِيدُ غَلَّتُهَا عَلَى كِفَايَتِهِ، لَمْ يُكَلَّفْ بَيْعَهَا، وَإِنْ زَادَتْ، لَزِمَهُ بَيْعُ الزَّائِدِ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ «الْحَاوِي» قَالَ: فَلَوْ كَانَ لَهُ كَسْبٌ بِصِنَاعَةٍ، فَإِنْ كَانَ قَدْرَ الْكِفَايَةِ، فَلَهُ الصَّوْمُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ، نُظِرَ، فَإِنْ قُلْتُ: الزِّيَادَةُ بِحَيْثُ لَا تَجْتَمِعُ فَتَبْلُغُ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ إِلَّا فِي زَمَانٍ طَوِيلٍ يُنْسَبُ فِيهِ إِلَى تَأْخِيرِ التَّكْفِيرِ، لَمْ يَلْزَمْهُ جَمْعُهَا لِلْعِتْقِ، فَجَازَ لَهُ الصَّوْمُ. وَإِنْ كَانَتْ إِذَا جُمِعَتْ فِي زَمَنٍ قَلِيلٍ، لَا يُنْسَبُ فِيهِ إِلَى تَأْخِيرِ التَّكْفِيرِ، بَلَغَتْ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ كَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَمَا قَارَبَهَا، فَفِي وُجُوبِ جَمْعِهَا لِلتَّكْفِيرِ بِالْعِتْقِ، وَجْهَانِ. أَشْبَهُهُمَا: لَا يَلْزَمُهُ، بَلْ لَهُ التَّكْفِيرُ بِالصَّوْمِ، فَعَلَى هَذَا، لَوْ لَمْ يَدْخُلْ فِي الصَّوْمِ حَتَّى اجْتَمَعَ مِنْهَا قِيمَةُ الرَّقَبَةِ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْأَدَاءِ، أَمْ لَهُ الصَّوْمُ اعْتِبَارًا بِالْوُجُوبِ؟ فِيهِ الْقَوْلَانِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَرْعٌ

كَانَ مَالُهُ غَائِبًا أَوْ حَاضِرًا، لَكِنْ لَمْ يَجِدِ الرَّقَبَةَ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْعُدُولُ إِلَى الصَّوْمِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَالْيَمِينِ وَالْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، بَلْ يَصْبِرُ حَتَّى يَجِدَ الرَّقَبَةَ، أَوْ يَصِلَ الْمَالُ، لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ عَلَى التَّرَاخِي، وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَمُوتَ، لَا يَفُوتُ، بَلْ تُؤَدَّى مِنْ تَرِكَتِهِ، بِخِلَافِ الْعَاجِزِ عَنْ ثَمَنِ الْمَاءِ، فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ قَضَاءُ الصَّلَاةِ لَوْ مَاتَ. وَفِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَجْهَانِ لِتَضَرُّرِهِ بِفَوَاتِ الِاسْتِمْتَاعِ، وَأَشَارَ الْغَزَالِيُّ وَالْمُتَوَلِّي إِلَى تَرْجِيحِ وُجُوبِ الصَّبْرِ.

ص: 297