الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَلَوْ أَسْلَمَتِ الْمَرْأَةُ، وَلَمْ يُسْلِمِ الثَّانِي، وَجَبَ أَنْ تُكْمِلَ الْعِدَّةَ الْأُولَى، ثُمَّ تَعْتَدَّ عَنِ الثَّانِي قَطْعًا، لِأَنَّ الْعِدَّةَ الثَّانِيَةَ لَيْسَتْ هُنَا أَقْوَى حَتَّى تَسْقُطَ بَقِيَّةُ الْأُولَى أَوْ تَدْخُلَ فِيهَا. قَالَ: وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ طَلَّقَهَا رَجْعِيَّةً، وَأَسْلَمَتْ مَعَ الثَّانِي، ثُمَّ أَسْلَمَ الْأَوَّلُ، فَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي بَقِيَّةِ عِدَّتِهِ، إِنْ قُلْنَا بِدُخُولِهَا فِي الْعِدَّةِ الثَّانِيَةِ. وَإِنْ قُلْنَا بِسُقُوطِهَا، فَلَا. قَالَ: وَلَوْ أَرَادَ الثَّانِي أَنْ يَنْكِحَهَا، فَلَهُ ذَلِكَ إِنْ قُلْنَا: بِسُقُوطِ بَقِيَّةِ الْعِدَّةِ الْأُولَى، لِأَنَّهَا فِي عِدَّتِهِ فَقَطْ، وَإِنْ قُلْنَا بِدُخُولِهَا فِي الثَّانِيَةِ، فَلَا، حَتَّى تَنْقَضِيَ تِلْكَ الْبَقِيَّةُ، قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا مِنَ الْأَوَّلِ، لَمْ تَكْفِهَا عِدَّةٌ وَاحِدَةٌ، بَلْ تَسْتَأْنِفُ بَعْدَ الْوَضْعِ عِدَّةَ الثَّانِي. وَإِنَّ أَحْبَلَهَا الثَّانِي، فَإِنْ قُلْنَا: تَسْقُطُ بَقِيَّةُ الْأُولَى، فَكَذَا هُنَا، وَيَكْفِيهَا وَضْعُ الْحَمْلِ. وَإِنْ قُلْنَا بِالتَّدَاخُلِ، عَادَتْ بَعْدَ الْوَضْعِ إِلَى بَقِيَّةِ الْعِدَّةِ الْأُولَى، لِأَنَّ الْحَمْلَ لَيْسَ مِنَ الْأَوَّلِ، فَلَا تَنْقَضِي بِهِ عِدَّتُهُ. وَلَوْ طَلَّقَ حَرْبِيٌّ زَوْجَتَهُ، فَوَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ حَرْبِيٌّ بِنِكَاحٍ وَطَلَّقَهَا حَرْبِيٌّ، فِيهَا الْخِلَافُ، وَفِيهِ صَوَّرَ الْإِمَامُ الْمَسْأَلَةَ.
فَصْلٌ
طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَهَجَرَهَا، أَوْ غَابَ عَنْهَا، انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِمُضِيِّ الْأَقْرَاءِ أَوِ الْأَشْهُرِ. فَلَوْ لَمْ يَهْجُرْهَا، بَلْ كَانَ يَطَؤُهَا، فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ، لِأَنَّهُ وَطْءُ زِنًا لَا حُرْمَةَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا، قَالَ الْمُتَوَلِّي: لَا تَشْرَعُ فِي الْعِدَّةِ مَا دَامَ يَطَؤُهَا، لِأَنَّ الْعِدَّةَ لِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَهِيَ مَشْغُولَةٌ.
وَإِنْ كَانَ لَا يَطَؤُهَا، وَلَكِنْ يُخَالِطُهَا وَيُعَاشِرُهَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. أَحُدُهَا: لَا تُحْسَبُ تِلْكَ الْمَدَّةُ مِنَ الْعِدَّةِ، لِأَنَّهَا شَبِيهَةٌ بِالزَّوْجَاتِ دُونَ الْمُطَلَّقَاتِ الْمَهْجُورَاتِ. وَالثَّانِي: تُحْسَبُ، لِأَنَّ هَذِهِ الْمُخَالَطَةَ لَا تُوجِبُ عِدَّةً، فَلَا تَمْنَعُهَا، حَكَاهُ الْغَزَالِيُّ عَنِ الْمُحَقِّقِينَ. وَالثَّالِثُ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَبِهِ أَخَذَ الْأَئِمَّةُ، مِنْهُمُ الْقَفَّالُ
وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ، وَالْبَغَوِيُّ فِي «التَّهْذِيبِ» وَ «الْفَتَاوَى» ، وَالرُّويَانِيُّ فِي الْحِلْيَةِ: إِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، حُسِبَتْ مُدَّةُ الْمُعَاشَرَةِ مِنَ الْعِدَّةِ. وَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا، فَلَا، لِأَنَّ مُخَالَطَةَ الْبَائِنِ مُحَرَّمَةٌ بِلَا شُبْهَةٍ، فَأَشْبَهَتِ الزِّنَا بِهَا. وَفِي الرَّجْعِيَّةِ الشُّبْهَةُ قَائِمَةٌ، وَهُوَ بِالْمُخَالَطَةِ مُسْتَفْرِشٌ لَهَا، فَلَا يُحْسَبُ زَمَنُ الِاسْتِفْرَاشِ مِنَ الْعِدَّةِ، كَمَا لَوْ نَكَحَتْ فِي الْعِدَّةِ زَوْجًا جَاهِلًا بِالْحَالِ، لَا يُحْسَبُ زَمَنُ اسْتِفْرَاشِهِ.
ثُمَّ يَتَعَلَّقُ بِالْمَسْأَلَةِ فَرْعَانِ. أَحَدُهُمَا: قَالَ الْبَغَوِيُّ فِي «الْفَتَاوَى» : الَّذِي عِنْدِي، أَنَّهُ لَا رَجْعَةَ لِلزَّوْجِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَقْرَاءِ، وَإِنْ لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ عَمَلًا بِالِاحْتِيَاطِ فِي الْجَانِبَيْنِ. وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ مَا يُوَافِقُ هَذَا، وَأَمَّا لُحُوقُ الطَّلْقَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، فَيَسْتَمِرُّ إِلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ عَمَلًا بِالِاحْتِيَاطِ أَيْضًا، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ فِي الْحِلْيَةِ. الثَّانِي: قَالَ فِي الْبَسِيطِ: يَكْفِي فِي الْحُكْمِ بِالْمُعَاشَرَةِ الْخَلْوَةُ، وَلَا يَكْفِي دُخُولُ دَارٍ هِيَ فِيهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ تَوَاصُلُ الْخَلْوَةِ، بَلْ يَكْفِي أَنْ يَخْلُوَ بِهَا اللَّيَالِيَ، وَيُفَارِقَهَا الْأَيَّامَ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ. فَلَوْ طَالَبَتِ الْمُفَارَقَةَ، ثُمَّ جَرَتْ خَلْوَةٌ، فَفِي الْبِنَاءِ عَلَى مَا مَضَى احْتِمَالَانِ. أَشْبَهُهُمَا: الْبِنَاءُ، وَأَجْرَى الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ فِي الْأَصْلِ فِيمَا لَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ فَعَاشَرَهَا السَّيِّدُ، هَلْ تُمْنَعُ مِنَ الِاحْتِسَابِ بِالْعِدَّةِ؟ قَالَ الْبَغَوِيُّ فِي «الْفَتَاوَى» : وَلَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا وَنَكَحَهَا فِي الْعِدَّةِ عَلَى ظَنِّ أَنَّ عِدَّتَهَا انْقَضَتْ وَحَلَّتْ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: زَمَنُ اسْتِفْرَاشِهَا لَا يُحْسَبُ مِنَ الْعِدَّةِ كَالرَّجْعِيَّةِ، وَأَمَّا إِذَا خَالَطَ الْمُعْتَدَّةَ أَجْنَبِيٌّ عَالِمًا، فَلَا يُؤَثِّرُ، كَمَا لَا يُؤَثِّرُ وَطْؤُهُ. وَإِنْ خَالَطَ بِشُبْهَةٍ، فَيَجُوزُ أَنْ يُمْنَعَ مِنَ الِاحْتِسَابِ، كَمَا سَبَقَ أَنَّهَا فِي زَمَنِ الْوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ خَارِجَةٌ عَنِ الْعِدَّةِ.
وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ، فِيمَا إِذَا كَانَتْ حَائِلًا، فَأَمَّا الْمُعْتَدَّةُ بِالْحَمْلِ، فَلَا شَكَّ أَنَّ مُعَاشَرَتَهَا لَا تَمْنَعُ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ بِالْوَضْعِ.
فَرْعٌ
سَبَقَ أَنَّهُ إِذَا نَكَحَ مُعْتَدَّةً عَلَى ظَنِّ الصِّحَّةِ، وَوَطِئَهَا، لَمْ يُحْسَبْ زَمَنُ اسْتِفْرَاشِهِ إِيَّاهَا عَنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ. وَمِنْ أَيِّ وَقْتٍ يُحْكَمُ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ؟ فِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ.