الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَطَعَ الْبَغَوِيُّ، وَيُحْكَمُ بِمُوجِبِهِ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ أَصْلَ النِّكَاحِ، وَهُوَ يُفِيدُ الطَّلَقَاتِ الثَّلَاثَ بِشَرْطِ الْحُرِّيَّةِ، وَقَدْ وَجَدَ كَمَا أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ طَلَاقَ السُّنَّةِ، وَيَمْلِكُ تَعْلِيقَهُ. وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي قَوْلِهِ لِأَمَتِهِ: إِذَا وَلَدْتِ فَوَلَدُكِ حُرٌّ وَكَانَتْ حَائِلًا عِنْدَ التَّعْلِيقِ. فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا حِينَئِذٍ، عَتَقَ قَطْعًا.
فَصْلٌ
عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِصِفَةٍ كَدُخُولِ الدَّارِ، ثُمَّ أَبَانَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ بِعِوَضٍ أَوْ بِالثَّلَاثِ، وَوُجِدَتِ الصِّفَةُ فِي حَالِ الْبَيْنُونَةِ ثُمَّ نَكَحَهَا، ثُمَّ وُجِدَتِ الصِّفَةُ ثَانِيًا، أَوِ ارْتَدَّ قَبْلَ الدُّخُولِ، ثُمَّ وُجِدَتِ الصِّفَةُ، ثُمَّ أَسْلَمَ وَنَكَحَهَا، فَوُجِدَتِ الصِّفَةُ ثَانِيًا، لَمْ تُطَلَّقْ عَلَى الْمَذْهَبِ وَبِهِ قَطَعَ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ: فِيهِ قَوْلَانِ. كَمَا لَوْ لَمْ تُوجَدِ الصِّفَةُ حَالَ الْبَيْنُونَةِ، وَلَوْ عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِصِفَةٍ، ثُمَّ أَزَالَ مِلْكَهُ ثُمَّ وُجِدَتِ الصِّفَةُ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ، لَمْ يُؤَثِّرْ وُجُودُ الصِّفَةِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ، هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنِ التَّعْلِيقُ بِصِيغَةِ «كُلَّمَا» فَإِنْ كَانَ بِهَا كَقَوْلِهِ: كُلَّمَا دَخَلْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ: فَإِذَا وُجِدَتِ الصِّفَةُ فِي الْبَيْنُونَةِ، ثُمَّ جَدَّدَ نِكَاحَهَا، فَفِي عَوْدِ الصِّفَةِ الْقَوْلَانِ.
أَمَّا إِذَا لَمْ تُوجَدِ الصِّفَةُ حَالَ الْبَيْنُونَةِ، ثُمَّ وُجِدَتْ بَعْدَمَا جَدَّدَ نِكَاحَهَا، فَفِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. أَظْهَرُهَا: لَا يَقَعُ. وَالثَّانِي: يَقَعُ. وَالثَّالِثُ: إِنْ كَانَتِ الْبَيْنُونَةُ بِمَا دُونَ الثَّلَاثِ، وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا. وَتَجْرِي الْأَقْوَالُ فِي عَوْدِ الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ.
فَإِذَا قُلْنَا بِالْأَوَّلِ وَكَانَتِ الصِّفَةُ مِمَّا لَا يُمْكِنُ إِيقَاعُهُ فِي الْبَيْنُونَةِ كَقَوْلِهِ: إِنْ وَطِئْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، تَخَلَّصَ مِنْهَا إِذَا أَبَانَهَا ثُمَّ نَكَحَهَا، وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي، وَبِهِ أَجَابَ الْقَاضِي الرُّويَانِيُّ، وَيُوَضِّحُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: إِذَا بِنْتِ
مِنِّي وَنَكَحْتُكِ، وَدَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ قَالَ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ بَعْدَمَا بِنْتِ مِنِّي وَنَكَحْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَالْمَذْهَبُ، وَبِهِ قَالَ الْقَفَّالُ وَالْمُعْتَبَرُونَ: لَا تُطَلَّقُ بِالدُّخُولِ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ، وَغَلَّطُوا مَنْ خَرَّجَهُ عَلَى الْخِلَافِ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ. فَلَوْ قَالَ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ قَبْلَ أَنْ أَبِينَكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ دَخَلْتِهَا بَعْدَمَا أَبَنْتُكِ وَنَكَحْتُكِ، فَأَنْتِ طَالِقٌ، صَحَّ التَّعْلِيقُ الْأَوَّلُ، وَبَطَلَ الثَّانِي. وَلَوْ عَلَّقَ عَلَى صِفَةٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا رَجْعِيَّةً فَرَاجَعَهَا، ثُمَّ وُجِدَتِ الصِّفَةُ، طُلِّقَتْ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ نِكَاحًا مُجَدَّدًا وَلَمْ تَحْدُثْ حَالَةٌ تَمْنَعُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ. وَلَوْ عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدٍ بِصِفَةٍ، ثُمَّ أَزَالَ مِلْكَهُ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ، ثُمَّ مَلَكَهُ، ثُمَّ وُجِدَتِ الصِّفَةُ، فَفِي نُفُوذِ الْعِتْقِ الْخِلَافُ فِي عَوْدِ الْيَمِينِ. ثُمَّ قِيلَ: هُوَ كَالْإِبَانَةِ بِالثَّلَاثِ، لِأَنَّ الْعَائِدَ مِلْكٌ جَدِيدٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْأَوَّلِ، كَالنِّكَاحِ بَعْدَ الثَّلَاثِ. وَقِيلَ: هُوَ كَالْإِبَانَةِ بِمَا دُونَ الثَّلَاثِ وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيُّ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَالصِّفَةِ حَالَةٌ تَمْنَعُ مِلْكَهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَتَخَلَّلْ هُنَاكَ حَالَةٌ تَمْنَعُ نِكَاحَهُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ كَالْإِبَانَةِ بِالثَّلَاثِ إِذَا عَلَّقَ ذِمِّيٌّ عِتْقَ عَبْدِهِ الذِّمِّيِّ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَنَقَضَ الْعَهْدَ، وَالْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ سُبِيَ وَاسْتُرِقَّ، فَمَلَكَهُ سَيِّدُهُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّهُ تَخَلَّلَ حَالَةٌ يَمْتَنِعُ فِيهَا الْمِلْكُ وَهِيَ حَالَةُ الْحَرْبِ.
فَرْعٌ
الْخِلَافُ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي، يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْخِلَافِ فِي عَوْدِ الْحِنْثِ وَبِالْخِلَافِ فِي عَوْدِ الْيَمِينِ، لِأَنَّ عَلَى قَوْلٍ لَا يَتَنَاوَلُ الْيَمِينُ النِّكَاحَ الثَّانِي، وَلَا يَحْصُلُ الْحِنْثُ فِيهِ. وَعَلَى قَوْلٍ يَتَنَاوَلُهُ وَيَحْصُلُ الْحِنْثُ.
فَرْعٌ
لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ.