الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الرَّجْعَةِ
هِيَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا، وَالْفَتْحُ فِيهِ أَفْصَحُ، وَفِيهِ بَابَانِ.
الْأَوَّلُ: فِي أَرْكَانِهَا، وَهِيَ أَرْبَعَةٌ.
الْأَوَّلُ: سَبَبُهَا، وَالْمُطَلَّقَاتُ قِسْمَانِ.
الْأَوَّلُ: مَنْ لَمْ يَسْتَوْفِ زَوْجُهَا عَدَدَ طَلَاقِهَا، وَهِيَ نَوْعَانِ، بَائِنٌ وَرَجْعِيَّةٌ، فَالْبَائِنُ هِيَ الْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بِعِوَضٍ، فَلَا يَحِلُّ لَهُ إِلَّا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ، وَالرَّجْعِيَّةُ، هِيَ الْمُطَلَّقَةُ بَعْدَ الدُّخُولِ بِلَا عِوَضٍ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: مُطَلَّقَةٌ اسْتَوْفَى عَدَدَ طَلَاقِهَا، فَلَا تَحِلُّ لَهُ بِرَجْعَةٍ وَلَا بِنِكَاحٍ إِلَّا بَعْدَ مُحَلِّلٍ، وَإِنْ شِئْتَ اخْتَصَرْتَ، فَقُلْتَ: الرَّجْعِيَّةُ مُطَلَّقَةٌ بَعْدَ الدُّخُولِ [بِلَا عِوَضٍ] وَلَا اسْتِيفَاءِ عَدَدٍ.
فَرْعٌ
سَوَاءٌ فِي ثُبُوتِ الرَّجْعَةِ طَلَّقَ بِصَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ، وَلَوْ طَلَّقَ ثُمَّ قَالَ: أَسْقَطْتُ حَقَّ الرَّجْعَةِ، أَوْ طَلَّقَ بِشَرْطِ أَنْ لَا رَجْعَةَ، لَمْ يَسْقُطْ وَلَا مَدْخَلَ لِلرَّجْعَةِ فِي الْفُسُوخِ.
الرُّكْنُ الثَّانِي: الزَّوْجُ الْمُرْتَجِعُ، وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ، وَالِاسْتِحْلَالُ، وَالْبُلُوغُ، وَالْعَقْلُ، فَلَا رَجْعَةَ لِمُرْتَدٍّ، وَلَوْ طَلَّقَ رَجُلٌ فَجُنَّ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لِوَلِيِّهِ
الْمُرَاجَعَةُ حَيْثُ يَجُوزُ ابْتِدَاءُ النِّكَاحِ، هَذَا إِذَا جَوَّزْنَا التَّوْكِيلَ فِي الرَّجْعَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَلِلْعَبْدِ الْمُرَاجَعَةُ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ عَلَى الصَّحِيحِ.
الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الصِّيغَةُ، فَتَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِقَوْلِهِ: رَجَعْتُكِ أَوْ رَاجَعْتُكِ أَوِ ارْتَجَعْتُكِ، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ صَرِيحَةٌ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُضِيفَ إِلَى النِّكَاحِ أَوِ الزَّوْجِيَّةِ، أَوْ نَفْسِهِ، فَيَقُولُ: رَجَعْتُكِ إِلَى نِكَاحِي أَوْ زَوْجِيَّتِي أَوْ إِلَيَّ، وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ، وَلَا بُدَّ مِنْ إِضَافَةِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ إِلَى مُظْهَرٍ أَوْ مُضْمَرٍ، كَقَوْلِهِ: رَاجَعْتُ فُلَانَةً أَوْ رَاجَعْتُكِ، فَأَمَّا مُجَرَّدُ رَاجَعْتُ وَارْتَجَعْتُ، فَلَا يَنْفَعُ.
وَلَوْ قَالَ: رَاجَعْتُكِ لِلْمَحَبَّةِ أَوْ لِلْإِهَانَةِ أَوْ لِلْأَذَى، وَقَالَ: أَرَدْتُ لِمَحَبَّتِي إِيَّاكِ، أَوْ لِأُهِينَكِ، أَوْ أُوذِيَكِ، قُبِلَ وَحَصَلَتِ الرَّجْعَةُ، وَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ أَنِّي كُنْتُ أُحِبُّهَا أَوْ أُهِينُهَا قَبْلَ النِّكَاحِ، فَرَدَدْتُهَا إِلَى ذَلِكَ، قُبِلَ وَلَمْ تَحْصُلِ الرَّجْعَةُ، وَإِنْ تَعَذَّرَ سُؤَالُهُ بِمَوْتِهِ، أَوْ أَطْلَقَ، حَصَلَتِ الرَّجْعَةُ، لِأَنَّ اللَّفْظَ صَرِيحٌ وَظَاهِرُهُ إِرَادَةُ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ، وَأُشِيرَ فِيهِ إِلَى احْتِمَالٍ، وَلَوْ قَالَ: رَدَدْتُهَا، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ صَرِيحٌ، فَعَلَى هَذَا، فِي اشْتِرَاطِهِ قَوْلَهُ: إِلَيَّ أَوْ إِلَى نِكَاحِي، وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: يُشْتَرَطُ، وَلَوْ قَالَ: أَمْسَكْتُكِ، فَهَلْ هُوَ كِنَايَةٌ أَمْ صَرِيحٌ أَمْ لَغْوٌ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ، أَصَحُّهَا عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِمْ: كِنَايَةٌ، وَصَحَّحَ الْبَغَوِيُّ كَوْنَهُ صَرِيحًا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سَلَمَةَ وَالِاصْطَخْرِيِّ، وَابْنِ الْقَاصِّ.
قُلْتُ: صَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي «الْمُحَرَّرِ» أَنَّهُ صَرِيحٌ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَإِنْ قُلْنَا: صَرِيحٌ، فَيُشْبِهُ أَنْ يَجِيءَ فِي اشْتِرَاطِ الْإِضَافَةِ وَجْهَانِ، كَالرَّدِّ.
وَجَزَمَ الْبَغَوِيُّ بِعَدَمِ الِاشْتِرَاطِ، وَأَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ. وَلَوْ قَالَ: تَزَوَّجْتُكِ أَوْ نَكَحْتُكِ، فَهَلْ هُوَ كِنَايَةٌ أَمْ صَرِيحٌ، أَمْ لَغْوٌ؟ أَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا: الْأَوَّلُ، وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي
وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ جَرَى الْعَقْدُ عَلَى صُوَرِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، قَالَ الرُّويَانِيُّ: الْأَصَحُّ هُنَا الصِّحَّةُ، لِأَنَّهُ آكَدُ فِي الْإِبَاحَةِ.
قُلْتُ: وَلَوْ قَالَ: اخْتَرْتُ رَجْعَتَكِ وَنَوَى الرَّجْعَةَ، فَفِي حُصُولِهَا وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الشَّاشِيُّ، الْأَصَحُّ الْحُصُولُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
تَصِحُّ الرَّجْعَةُ بِالْعَجَمِيَّةِ، سَوَاءٌ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ أَمْ لَا، وَقِيلَ: لَا، وَقِيلَ: بِالْفَرْقِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ.
فَرْعٌ
هَلْ صَرَائِحُ الرَّجْعَةِ مُنْحَصِرَةٌ، أَمْ كُلُّ لَفْظٍ يُؤَدِّي مَعْنَى الصَّرِيحِ صَرِيحٌ، كَقَوْلِهِ: رَفَعْتُ تَحْرِيمَكِ وَأَعَدْتُ حِلَّكِ وَنَحْوِهِمَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: الِانْحِصَارُ، لِأَنَّ الطَّلَاقَ صَرَائِحُهُ مَحْصُورَةٌ، فَالرَّجْعَةُ الَّتِي هِيَ تَحْصِيلُ إِبَاحَةٍ أَوْلَى.
فَرْعٌ
لَا يُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ عَلَى الرَّجْعَةِ عَلَى الْأَظْهَرِ، فَعَلَى هَذَا، تَصِحُّ بِالْكِتَابَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى النُّطْقِ، وَإِلَّا فَلَا.
فَرْعٌ
لَا تَقْبَلُ الرَّجْعَةُ التَّعْلِيقَ، فَلَوْ قَالَ: رَاجَعْتُكِ إِنْ شِئْتِ، فَقَالَتْ: شِئْتُ، لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ قَالَ: إِذْ شِئْتِ، أَوْ أَنْ شِئْتِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، صَحَّ. وَلَوْ طَلَّقَ إِحْدَى زَوْجَتَيْهِ مُبْهَمًا، ثُمَّ قَالَ: رَاجَعْتُ الْمُطَلَّقَةَ، لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَوْ قَالَ لِرَجْعِيَّةٍ: مَتَى رَاجَعْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ قَالَ لِمَنْ فِي صُلْبِ النِّكَاحِ: مَتَّى طَلَّقْتُكِ