المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

لَا يَعُودُ الْحِنْثُ، لَمْ يُمْكِنْ إِيقَاعُ الطَّلَاقِ قُبَيْلَ الْمَوْتِ، فَيُحْكَمُ - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ٨

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الرَّجْعَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الظِّهَارِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْكَفَّارَاتِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ اللَّعَانِ وَالْقَذْفِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْعِدَدِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

الفصل: لَا يَعُودُ الْحِنْثُ، لَمْ يُمْكِنْ إِيقَاعُ الطَّلَاقِ قُبَيْلَ الْمَوْتِ، فَيُحْكَمُ

لَا يَعُودُ الْحِنْثُ، لَمْ يُمْكِنْ إِيقَاعُ الطَّلَاقِ قُبَيْلَ الْمَوْتِ، فَيُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ قُبَيْلَ الِانْفِسَاخِ كَمَا سَبَقَ. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الطُّرُقَ الثَّلَاثَةَ، هِيَ فِيمَا إِذَا كَانَ التَّعْلِيقُ بِنَفْيِ التَّطْلِيقِ، أَمَّا إِذَا عُلِّقَ بِنَفْيِ الضَّرْبِ وَسَائِرِ الْأَفْعَالِ، فَالْجُنُونُ لَا يُوجِبُ الْيَأْسَ، وَإِنِ اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ، قَالَ الْغَزَالِيُّ: لِأَنَّ ضَرْبَ الْمَجْنُونِ فِي تَحْقِيقِ الصِّفَةِ وَنَفْيِهَا، كَضَرْبِ الْعَاقِلِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَوْ أَبَانَهَا وَدَامَتِ الْبَيْنُونَةُ إِلَى الْمَوْتِ، وَلَمْ يَتَّفِقِ الضَّرْبُ، لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ وَلَا يُحْكَمْ بِوُقُوعِهِ قُبَيْلَ الْبَيْنُونَةِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ: إِنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ، لِأَنَّ الضَّرْبَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ مُمْكِنٌ، وَالطَّلَاقَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَإِذَا كَانَ التَّعْلِيقُ بِنَفْيِ الضَّرْبِ وَنَحْوِهِ مِنَ الْأَفْعَالِ، فَعُرُوضُ الطَّلَاقِ كَعُرُوضِ الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخِ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَبْقَى مِنَ الطَّلَاقِ عَدَدٌ يُمْكِنُ فَرْضُهُ، مُسْتَنِدًا إِلَى قُبَيْلِ الطَّلَاقِ، فَأَمَّا فِي التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ التَّطْلِيقِ، فَإِنَّمَا تُفْرَضُ الْبَيْنُونَةُ بِالِانْفِسَاخِ، لِأَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا بَطَلَتِ الصِّفَةُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا، وَيُمْكِنُ أَنْ تُفْرَضَ فِي طَلَاقِ الْوَكِيلِ، فَإِنَّهُ لَا تَفُوتُ الصِّفَةُ.

‌فَصْلٌ

«إِنِ» الشَّرْطِيَّةُ هِيَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، فَإِنْ فُتِحَتْ، صَارَتْ لِلتَّعْلِيلِ، فَإِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، طُلِّقَتْ فِي الْحَالِ، ثُمَّ الَّذِي قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَالْبَغَوِيُّ، إِنَّ هَذَا فِي حَقِّ مَنْ يَعْرِفُ اللُّغَةَ، وَيُفَرِّقُ بَيْنَ أَنْ وَإِنْ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ، فَهُوَ لِلتَّعْلِيقِ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: يُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي الْحَالِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ مِمَّنْ لَا يَعْرِفُ اللُّغَةَ وَلَا يُمَيِّزُ، وَقَالَ: قَصَدْتُ التَّعْلِيقَ، فَيُصَدَّقُ، وَهَذَا أَشْبَهُ، وَإِلَى تَرْجِيحِهِ ذَهَبَ ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَبِهِ قَطَعَ الْمُتَوَلِّي.

ص: 136

قُلْتُ: الْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ طُرُقُ الْإِثْبَاتِ، فَإِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ، وَإِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، طُلِّقَتْ فِي الْحَالِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ دَخَلَتِ الدَّارَ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ طَلَّقْتُكِ، حُكِمَ بِوُقُوعِ طَلْقَتَيْنِ، وَاحِدَةٌ بِإِقْرَارِهِ، وَأُخْرَى بِإِيقَاعِهِ فِي الْحَالِ، لِأَنَّ الْمَعْنَى: أَنْتِ طَالِقٌ لِأَنِّي طَلَّقْتُكِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِذْ دَخَلْتِ الدَّارَ، طُلِّقَتْ فِي الْحَالِ، لِأَنَّ «إِذْ» لِلتَّعْلِيلِ أَيْضًا. فَإِنْ كَانَ الْقَائِلُ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ «إِذْ» وَ «إِذَا» ، فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ لَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ إِنْ وَأَنْ.

فَرْعٌ

قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقًا، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَاصِمٍ: لَا يَقَعُ فِي الْحَالِ شَيْءٌ، لَكِنْ إِذَا طَلَّقَهَا وَقَعَ طَلْقَتَانِ، وَالتَّقْدِيرُ: إِذَا صِرْتِ مُطَلَّقَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَهَذَا فِي الْمَدْخُولِ بِهَا، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ طَالِقًا، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَدَخَلَتِ الدَّارَ طَالِقًا، وَقَعَتِ الْمُعَلَّقَةُ إِذَا لَمْ تَحْصُلِ الْبَيْنُونَةُ بِذَلِكَ الطَّلَاقِ، وَإِنْ دَخَلَتْ غَيْرَ طَالِقٍ، لَمْ تَقَعْ تِلْكَ الْمُعَلَّقَةُ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ طَالِقًا، فَهَذَا تَعْلِيقُ طَلْقَتَيْنِ بِدُخُولِهَا الدَّارَ طَالِقًا، فَإِنْ دَخَلَتْ طَالِقًا، وَقَعَ طَلْقَتَانِ بِالتَّعْلِيقِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ طَالِقًا، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، قَالَ الْبَغَوِيُّ: إِنْ قَالَ: نَصَبْتُ عَلَى الْحَالِ، وَلَمْ أُتِمَّ الْكَلَامَ، قُبِلَ مِنْهُ، وَلَمْ يَقَعْ شَيْءٌ، وَإِنْ أَرَادَ مَا يُرَادُ عِنْدَ الرَّفْعِ وَلَحَنَ، وَقَعَ الطَّلَاقُ إِذَا دَخَلَتِ الدَّارَ.

فَرْعٌ

قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْبُوشَنْجِيُّ: لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ حِينَ لَا أُطَلِّقُكِ، أَوْ حَيْثُ

ص: 137

لَا أُطَلِّقُكِ، وَلَمْ يُطَلِّقْهَا عَقِبَهُ، طُلِّقَتْ فِي الْحَالِ عَلَى قِيَاسِ مَذْهَبِنَا، وَكَذَا لَوْ قَالَ: حِينَ لَمْ أُطَلِّقْكِ، أَوْ حَيْثُ لَمْ أُطَلِّقْ، أَوْ مَا لَمْ أُطَلِّقْكِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ لَمْ أَضْرِبْكِ، أَوْ إِنْ لَمْ أَضْرِبْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَقَالَ: أَرَدْتُ وَقْتًا، دُيِّنَ، سَوَاءٌ عَيَّنَ السَّاعَةَ أَوْ وَقْتًا قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا، وَهَكَذَا يَكُونُ الْحُكْمُ فِي التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ الطَّلَاقِ وَسَائِرِ الْأَفْعَالِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

الطَّرَفُ الثَّالِثُ: فِي التَّعْلِيقِ بِالْحَمْلِ وَالْوِلَادَةِ، وَفِيهِ مَسَائِلُ:

الْأُولَى: إِذَا قَالَ: إِنْ كُنْتِ حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ بِهَا ظَاهِرًا، طُلِّقَتْ فِي الْحَالِ، وَإِلَّا فَلَا يُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ مَعَ الشَّكِّ، ثُمَّ يُنْظَرُ، إِنْ وَلَدَتْ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ التَّعْلِيقِ، تَبَيَّنَّا وُقُوعَ الطَّلَاقِ وَكَوْنَهَا كَانَتْ حَامِلًا حِينَئِذٍ، وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ، تَحَقَّقْنَا أَنَّهَا كَانَتْ حَائِلًا يَوْمَئِذٍ، فَلَا طَلَاقَ، وَإِنْ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ، وَلِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ الزَّوْجُ يَطَؤُهَا، وَكَانَ بَيْنَ الْوَضْعِ وَالْوَطْءِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ، لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ، وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ التَّعْلِيقِ أَوْ وَطْئِهَا وَكَانَ بَيْنَ الْوَطْءِ وَالْوَضْعِ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَقَوْلَانِ أَوْ وَجْهَانِ. أَظْهَرُهُمَا: وُقُوعُ الطَّلَاقِ لِتَبَيُّنِ الْحَمْلِ ظَاهِرًا، وَلِهَذَا حَكَمْنَا بِثُبُوتِ النَّسَبِ. وَالثَّانِي: لَا يَقَعُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ، وَالِاحْتِمَالُ قَائِمٌ، ثُمَّ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْحَمْلُ ظَاهِرًا عِنْدَ التَّعْلِيقِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ إِلَى أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا، وَلْيَمْتَنِعَ الزَّوْجُ مِنْ وَطْئِهَا، وَهَلِ التَّفْرِيقُ وَاجِبٌ وَالِاسْتِمْتَاعُ حَرَامٌ أَمْ لَا؟ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ فِي مَوْضِعِ التَّرَدُّدِ، وَبِهَذَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَجَمَاعَةٌ. وَأَصَحُّهُمَا: لَا، وَلَكِنَّهُمَا مُسْتَحَبَّانِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَمْلِ وَبَقَاءُ النِّكَاحِ، وَكَمَا لَوْ قَالَ: إِنْ كَانَ الطَّائِرُ غُرَابًا، وَهَذَا هُوَ نَصُّهُ فِي

ص: 138

«الْإِمْلَاءِ» وَبِهِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ، وَقَطَعَ بِهِ الْحَنَّاطِيُّ. وَبِمَاذَا يَسْتَبْرِئُهَا؟ فِيهِ أَوْجُهٌ، أَصَحُّهُمَا: بِحَيْضَةٍ، وَالثَّانِي: بِطُهْرٍ، وَالثَّالِثُ: بِثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ، وَتَفْصِيلُهُ يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي «كِتَابِ الِاسْتِبْرَاءِ» . وَلَوْ جَرَى هَذَا التَّعْلِيقُ فِي مُرَاهَقَةٍ لَمْ تَحِضْ بَعْدُ، وَأَمْكَنَ كَوْنُهَا حَامِلًا، فَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ: إِنْ قُلْنَا: الِاسْتِبْرَاءُ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ، فَفِي حَقِّهَا بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَإِنْ قُلْنَا: بِقُرْءٍ، فَهَلْ يَكْفِي فِي حَقِّهَا شَهْرٌ، أَمْ يَشْتَرِطُ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، فِيهِ خِلَافٌ كَاسْتِبْرَاءِ الْأَمَةِ، وَالْأَصَحُّ هُنَاكَ الِاكْتِفَاءُ بِشَهْرٍ، وَالَّذِي ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ هُنَا عَنِ الْقَفَّالِ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً، لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يَظْهَرُ فِي أَقَلَّ مِنْ هَذِهِ الْمُدَّةِ.

وَأَمَّا الْآيِسَةُ، فَهَلْ يُعْتَبَرُ فِيهَا مُضِيُّ مُدَّةٍ كَالْعِدَّةِ، أَمْ يُكْتَفَى بِدَلَالَةِ الْيَأْسِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ظُهُورُ الْحَالِ. وَلَوْ كَانَ قَدِ اسْتَبْرَأَ زَوْجَتَهُ قَبْلَ التَّعْلِيقِ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا يُكْتَفَى بِهِ كَمَا لَا يُكْتَفَى بِمُدَّةِ الْعِدَّةِ وَاسْتِبْرَاءِ الرَّقِيقَةِ قَبْلَ الطَّلَاقِ وَالْمِلْكِ، وَأَصَحُّهُمَا: يُكْتَفَى بِهِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَعْرِفَةُ حَالِهَا فِي الْحَمْلِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ، بِخِلَافِ الْعِدَّةِ وَاسْتِبْرَاءِ الْمَمْلُوكَةِ، ثُمَّ إِذَا جَرَى الِاسْتِبْرَاءُ، لَا يُمْنَعُ مِنَ الْوَطْءِ بَعْدَهُ، فَلَوْ وَلَدَتْ بَعْدَ الْوَطْءِ وَاقْتَضَى الْحَالُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ، أَوْقَعْنَاهُ، وَكَانَ ذَلِكَ الْوَطْءُ وَطْءَ شُبْهَةٍ، يَجِبُ بِهِ الْمَهْرُ دُونَ الْحَدِّ.

فَرْعٌ

قَالَ: إِنْ أَحْبَلْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَكَانَتْ حَامِلًا لَمْ تُطَلَّقْ، بَلْ يَقْتَضِي ذَلِكَ حَمْلًا حَادِثًا مِنْهُ، فَإِنْ وَضَعَتْ، أَوْ كَانَتْ حَائِلًا لَمْ يُمْنَعْ مِنَ الْوَطْءِ، فَإِذَا وَطِئَهَا مَرَّةً، مُنِعَ حَتَّى تَحِيضَ.

ص: 139

فَرْعٌ

نَصَّ فِي «الْإِمْلَاءِ» أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إِنْ كُنْتِ حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ وَهِيَ حَامِلٌ فِي غَالِبِ الظَّنِّ، طُلِّقَتْ إِذَا أَعْطَتْهُ مِائَةَ دِينَارٍ، وَلَهُ عَلَيْهَا مَهْرُ الْمِثْلِ لِفَسَادِ الْمُسَمَّى. وَوَجْهُ فَسَادِ الْمُسَمَّى، بِأَنَّ الْحَمْلَ مَجْهُولٌ لَا يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ إِلَيْهِ فِي الْحَالِ، فَأَشْبَهَ إِذَا جَعَلَهُ عِوَضًا.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ: إِنْ كُنْتِ حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا، فَيُنْظَرُ، إِنْ عَلِمَ أَنَّهَا حَامِلٌ بِأَنْ كَانَتْ فِي سِنٍّ لَا يَحْتَمِلُ الْحَمْلَ، طُلِّقَتْ فِي الْحَالِ، وَإِلَّا فَلَا يُحْكَمُ فِي الْحَالِ بِالطَّلَاقِ، بَلْ يُنْظَرُ، إِنْ وَلَدَتْ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنَ التَّعْلِيقِ، لَمْ تُطَلَّقْ، وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ، حَكَمْنَا بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عِنْدَ التَّعْلِيقِ وَإِنْ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ وَلِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ، فَإِنْ وَطِئَهَا الزَّوْجُ وَكَانَ بَيْنَ الْوَطْءِ وَالْوِلَادَةِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ طُلِّقَتْ عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا دُونَ سِتَّةٍ أَوْ لَمْ يَطَأْ لَمْ تُطَلَّقْ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ التَّعْلِيقِ، وَيَحْرُمُ وَطْؤُهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقَالَ الْقَفَّالُ: لَا يَحْرُمُ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَطَأَ. وَالْقَوْلُ فِيمَا يَجِبُ بِهِ الِاسْتِبْرَاءُ وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِالِاسْتِبْرَاءِ السَّابِقِ، عَلَى ذَكَرْنَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَقِيلَ الِاسْتِبْرَاءُ هُنَا بِثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ قَطْعًا وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ: وَإِذَا اسْتِبْرَأَ حَكَمْنَا بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ الظَّاهِرِ الْحَالِ، فَإِنْ كَانَ الِاسْتِبْرَاءُ بِثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ، فَقَدِ انْقَضَتِ الْعِدَّةُ، وَإِنْ كَانَ بِقُرْءٍ تَمَّمَتِ الْعِدَّةَ، فَإِنْ ظَهَرَ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ حَمْلٌ وَوَضْعٌ، فَحُكْمُهُ مَا سَبَقَ. وَأَبْدَى الْإِمَامُ وَشَيْخُهُ احْتِمَالًا، أَنَّهَا لَا تُطَلَّقُ بِالِاسْتِبْرَاءِ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ إِلَّا الظَّنَّ، وَالصِّفَاتُ الْمُعَلِّقُ بِهَا يُعْتَبَرُ فِيهَا الْيَقِينُ. وَلَوْ قَالَ: إِذَا اسْتَيْقَنْتِ بَرَاءَةَ رَحِمِكِ، فَأَنْتِ طَالِقٌ، لَمْ تُطَلَّقْ بِمُضِيِّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ، فَكَذَا هُنَا.

ص: 140

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ: إِنْ كُنْتِ حَامِلًا بِذَكَرٍ، أَوْ إِنْ كَانَ فِي بَطْنِكِ ذَكَرٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً، وَإِنْ كُنْتِ حَامِلًا بِأُنْثَى، أَوْ كَانَ فِي بَطْنِكِ أُنْثَى، فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ، فَإِنْ وَلَدَتْ أَحَدَهُمَا، وَقَعَ مَا عَلَّقَهُ، وَإِنْ وَلَدَتْ خُنْثَى، وَقَعَتْ طَلْقَةٌ، وَتُوقَفُ الْأُخْرَى، حَتَّى يُبَيَّنَ حَالُهُ، وَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى، طُلِّقَتْ ثَلَاثًا لِوُجُودِ الصِّفَتَيْنِ، وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ بِالْوِلَادَةِ، وَيَكُونُ الْوُقُوعُ عِنْدَ اللَّفْظِ. وَإِنْ قَالَ: إِنْ كَانَ حَمْلُكِ، أَوْ إِنْ كَانَ مَا فِي بَطْنِكِ ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ، فَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا فَقَطْ أَوْ أُنْثَى فَقَطْ، وَقَعَ مَا عَلَّقَ، وَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى، لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ، وَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: يَقَعُ، وَبِهِ قَالَ الْحَنَّاطِيُّ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ، لِأَنَّ مَعْنَاهُ: مَا فِي الْبَطْنِ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ. وَالثَّانِي: لَا يَقَعُ، وَبِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْإِمَامِ، لِأَنَّ مُقْتَضَى التَّنْكِيرِ التَّوْحِيدُ، هَذَا عِنْدَ إِطْلَاقِ اللَّفْظِ، فَلَوْ قَالَ: أَرَدْتُ الْحَصْرَ فِي الْجِنْسِ، قُبِلَ وَحُكِمَ بِالطَّلَاقِ قَطْعًا، وَلَوْ وَلَدَتْ ذَكَرًا وَخُنْثَى، أَوْ أُنْثَى وَخُنْثَى، فَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي: لَا طَلَاقَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ: إِنْ بَانَ الْخُنْثَى الْمَوْلُودُ مَعَ الذَّكَرِ ذَكَرًا، وَقَعَ طَلْقَةٌ، وَإِنْ بَانَ أُنْثَى، لَا يَقَعُ شَيْءٌ، وَإِنْ بَانَ الْخُنْثَى الْمَوْلُودُ مَعَ الْأُنْثَى ذَكَرًا، لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ، وَإِنْ بَانَ أُنْثَى، وَقَعَ طَلْقَتَانِ.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَ: إِذَا وَلَدْتِ أَوْ إِنْ وَلَدْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَوَلَدَتْ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا، ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، طُلِّقَتْ إِذَا انْفَصَلَ الْوَلَدُ بِكَمَالِهِ. قَالَ ابْنُ كَجٍّ: وَلَوْ أَسْقَطَتْ مَا بَانَ فِيهِ خَلْقُ آدَمِيٍّ، طُلِّقَتْ، وَإِنْ لَمْ يَبِنْ فِيهِ خَلْقُ الْآدَمِيِّ بِتَمَامِهِ لَمْ تُطَلَّقْ. وَلَوْ قَالَ: إِنْ وَلَدْتِ وَلَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ مُتَعَاقِبَيْنِ، طُلِّقَتْ بِالْأَوَّلِ. ثُمَّ إِنْ كَانَا فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ، بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالثَّانِي، وَلَا يَتَكَرَّرُ الطَّلَاقُ، وَإِنْ كَانَا مِنْ بَطْنَيْنِ، فَانْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِالثَّانِي يُبْنَى

ص: 141

عَلَى لُحُوقِهِ بِالزَّوْجِ، وَهُوَ لَاحِقٌ إِنْ وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ، وَهَلْ تَحْسُبُ هَذِهِ الْمُدَّةَ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ، أَمْ مِنْ وَقْتِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ؟ قَوْلَانِ مَذْكُورَانِ فِي الْعِدَّةِ فَإِنْ أَلْحَقَ انْقَضَتْ بِهِ الْعِدَّةُ، وَإِنْ قَالَ: كُلَّمَا وَلَدَتْ وَلَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَهَذَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ، فَإِنْ وَلَدَتْ أَوْلَادًا فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ، نُظِرَ، إِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً وَانْفَصَلُوا مُتَعَاقِبَيْنِ، طُلِّقَتْ ثَلَاثًا بِوِلَادَةِ ثَلَاثَةٍ، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوِلَادَةِ الرَّابِعِ، وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً، طُلِّقَتْ بِالْأُولَيَيْنِ طَلْقَتَيْنِ، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالثَّالِثِ، وَلَا تُطَلَّقُ بِوِلَادَتِهِ طَلْقَةً ثَالِثَةً، هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ فِي «الْأُمِّ» وَعَامَّةِ كُتُبِ الشَّافِعِيِّ رحمه الله، وَقَالَ فِي «الْإِمْلَاءِ» : يَقَعُ بِالثَّالِثِ طَلْقَةٌ ثَالِثَةٌ، وَتَعْتَدُّ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْأَقْرَاءِ، وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ هُوَ الْأَوَّلُ، لِأَنَّ الْمَرْأَةَ فِي عِدَّةِ الطَّلْقَتَيْنِ، وَوَقْتُ انْفِصَالِ الثَّالِثِ هُوَ وَقْتُ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَبَرَاءَةِ الرَّحِمِ. وَلَوْ وَقَعَ الطَّلَاقُ لَوَقَعَ فِي تِلْكَ الْحَالِ، لِمَا سَبَقَ أَنَّ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ بِالْوِلَادَةِ يَقَعُ عِنْدَ الِانْفِصَالِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ فِي حَالِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَالْبَيْنُونَةِ، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ مَوْتِي، لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ إِذَا مَاتَ، لِأَنَّهُ وَقْتَ انْتِهَاءِ النِّكَاحِ. وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا: إِذَا طَلَّقْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَطَلَّقَهَا، لَمْ يَقَعْ أُخْرَى لِمُصَادَفَتِهَا الْبَيْنُونَةَ، وَأَمَّا نَصُّهُ فِي «الْإِمْلَاءِ» ، فَفِيهِ طَرِيقَانِ، أَحَدُهُمَا: تَسْلِيمُهُ قَوْلًا وَاحِدًا، وَوَجَّهُوهُ بِشَيْئَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا الطَّلَاقَ لَا يَتَأَخَّرُ عَنِ الْعِدَّةِ، بَلْ يُقَارِنُ آخِرَهَا، وَإِذَا تَقَارَنَ الْوُقُوعُ وَانْقِضَاءُ الْعِدَّةِ كَفَى، وَحُكِمَ بِالْوُقُوعِ تَغْلِيبًا لِلطَّلَاقِ وَلِقُوَّتِهِ، وَهَؤُلَاءِ قَالُوا: لَوْ قَالَ لِلرَّجْعِيَّةِ: أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ انْقِضَاءِ عِدَّتِكِ، فَفِي الْوُقُوعِ الْقَوْلَانِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِكِ. وَعَنِ الْخِضْرِيِّ وَغَيْرِهِ تَخْرِيجُ قَوْلٍ فِيمَا إِذَا قَالَ: مَعَ مَوْتِي: أَنَّهَا تُطَلَّقُ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاتِهِ. الشَّيْءُ الثَّانِي عَنِ الْخِضْرِيِّ وَالْقَفَّالِ، بِنَاءُ الْقَوْلَيْنِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، فِي أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ إِذَا طُلِّقَتْ، هَلْ تَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ؟ إِنْ قُلْنَا: لَا، لَمْ تُطَلَّقْ هُنَا وَلَمْ تَلْزَمِ الْعِدَّةُ،

ص: 142

وَإِنْ قُلْنَا نَعَمْ، فَبِوُقُوعِ الطَّلَاقِ ارْتَفَعَتِ الْعِدَّةُ، وَلَزِمَتْ عِدَّةٌ أُخْرَى هُنَاكَ، فَكَذَا هُنَا. وَعَلَى هَذَا حَكَى الْإِمَامُ عَنِ الْقَفَّالِ، أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَهِيَ فِي بَقِيَّةٍ مِنَ الْعِدَّةِ الْمَاضِيَةِ، وَلَا بِوُقُوعِهِ فِي مُفْتَتَحِ الْعِدَّةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ، لَكِنْ يَقَعُ عَلَى مُنْفَصِلِ الِانْقِطَاعِ وَالِاسْتِقْبَالِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، يَقَعُ لَا فِي جُزْءٍ مِنَ اللَّيْلِ، وَلَا مِنَ النَّهَارِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا مَعْنَى لِلْمُنْفَصِلِ، وَلَيْسَ بَيْنَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ الْأُولَى وَافْتِتَاحِ الثَّانِيَةِ لَوْ قَدَّرْنَاهَا زَمَانٌ، وَالْحُكْمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي غَيْرِ زَمَانٍ مُحَالٌ. قَالَ: وَقَوْلُهُ: بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنَ النَّهَارِ، لِتَكُونَ مُتَّصِفَةً بِالطَّلَاقِ فِي مُنْقَطَعِ النَّهَارِ، وَمُبْتَدَأِ اللَّيْلِ.

وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْمُعْتَبَرِينَ: الْقَطْعُ بِمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي كُتُبِهِ الْمَشْهُورَةِ، وَالِامْتِنَاعُ مِنْ إِثْبَاتِ نَصِّ «الْإِمْلَاءِ» قَوْلًا، وَأَوَّلُوهُ مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: حَمْلُهُ عَلَى مَا إِذَا وَلَدَتْهُمْ دُفْعَةً فِي مَشِيمَةٍ، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَقَعُ بِكُلِّ وَاحِدٍ طَلْقَةٌ، وَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ حَامِلًا وَقْتَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَالثَّانِي: حَمْلُهُ عَلَى مَا إِذَا كَانَ الْحَمْلُ مِنْ زِنًا، وَوَطِئَهَا الزَّوْجُ، يَقَعُ بِكُلِّ وَاحِدٍ طَلْقَةٌ، وَلَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِوِلَادَتِهِمْ. أَمَّا إِذَا أَتَتْ بِوَلَدَيْنِ مُتَعَاقِبَيْنِ فِي بَطْنٍ، وَالتَّعْلِيقُ بِصِيغَةِ «كُلَّمَا» فَهَلْ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالثَّانِي وَلَا يَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ أُخْرَى، أَمْ تَقَعُ أُخْرَى؟ فِيهِ هَذَا الْخِلَافُ السَّابِقُ.

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَالَ: إِنْ وَلَدْتِ وَلَدًا، فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً، وَإِنْ وَلَدْتِ ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ، فَوَلَدَتْ ذَكَرًا، طُلِّقَتْ ثَلَاثًا لِوُجُودِ الصِّفَتَيْنِ، وَإِنْ قَالَ: إِنْ وَلَدْتِ ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً، وَإِنْ وَلَدْتِ أُنْثَى فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ، فَوَلَدَتْ ذَكَرًا، طُلِّقَتْ طَلْقَةً وَشَرَعَتْ فِي الْعِدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ، وَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى طُلِّقَتْ طَلْقَتَيْنِ وَاعْتَدَّتْ بِالْأَقْرَاءِ، وَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى، نُظِرَ، إِنْ وَلَدَتْهُمَا مَعًا، طُلِّقَتْ ثَلَاثًا لِوُجُودِ الصِّفَتَيْنِ مَعًا وَهِيَ زَوْجَةٌ، وَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ، وَإِنْ وَلَدَتِ الذَّكَرَ ثُمَّ الْأُنْثَى، طُلِّقَتْ طَلْقَةً بِالذَّكَرِ، وَلَا يَقَعُ بِالْأُنْثَى شَيْءٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَتَنْقَضِي بِهَا الْعِدَّةُ. وَعَلَى نَصِّهِ فِي «الْإِمْلَاءِ» ، تُطَلَّقُ بِالْأُنْثَى طَلْقَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ، وَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ، وَإِنْ وَلَدَتِ

ص: 143

الْأُنْثَى أَوَّلًا طُلِّقَتْ بِهَا طَلْقَتَيْنِ، وَهَلْ يَقَعُ بِالذَّكَرِ شَيْءٌ؟ فِيهِ الْخِلَافُ فَإِنْ أَشْكَلَ الْحَالُ، فَلَمْ يَدْرِ كَيْفَ وَلَدَتْهُمَا، أَوْ عَلِمَ التَّرْتِيبَ وَلَمْ يَعْلَمِ الْمُتَقَدِّمَ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يُؤْخَذُ بِالْيَقِينِ وَهُوَ وُقُوعُ طَلْقَةٍ، وَالْوَرَعُ تَرْكُهَا عِنْدَ احْتِمَالِ الْمَعِيَّةِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ. وَعَلَى نَصِّهِ فِي «الْإِمْلَاءِ» : تُطَلَّقُ ثَلَاثًا كَيْفَ كَانَ، وَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ. وَلَوْ وَلَدَتْ ذَكَرَيْنِ وَأُنْثَى، نُظِرَ، إِنْ وَلَدَتْهُمْ مَعًا، طُلِّقَتْ ثَلَاثًا، وَإِنْ وَلَدَتِ الذَّكَرَيْنِ مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ، ثُمَّ وَلَدَتِ الْأُنْثَى، طُلِّقَتْ بِالْوَلَدَيْنِ أَوْ بِأَوَّلِهِمَا طَلْقَةً، وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِوِلَادَةِ الْأُنْثَى عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلَا يَقَعُ بِهَا شَيْءٌ آخَرُ. وَإِنْ وَلَدَتِ الْأُنْثَى ثُمَّ الذَّكَرَيْنِ مُتَعَاقِبَيْنِ، طُلِّقَتْ بِالْأُنْثَى طَلْقَتَيْنِ، وَبِالذَّكَرِ الْأَوَّلِ طَلْقَةً أُخْرَى، وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِوِلَادَةِ الثَّانِي، وَإِنْ وَلَدَتْهَا ثُمَّ وَلَدَتْهُمَا مَعًا، طُلِّقَتْ بِهَا طَلْقَتَيْنِ، وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِالذَّكَرَيْنِ، وَلَا يَقَعُ شَيْءٌ آخَرُ عَلَى الْمَذْهَبِ.

وَلَوْ وَلَدَتْ ذَكَرًا، ثُمَّ أُنْثَى، ثُمَّ ذَكَرًا، طُلِّقَتْ طَلْقَةً ثُمَّ طَلْقَتَيْنِ، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالذَّكَرِ الْأَخِيرِ.

فَرْعٌ

قَالَ: إِنْ كُنْتِ حَامِلًا بِذَكَرٍ، فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً، وَإِنْ وَلَدْتِ أُنْثَى، فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ، فَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا، تَبَيَّنَ وُقُوعُ طَلْقَةٍ عِنْدَ اللَّفْظِ، وَانْقَضَتِ الْعِدَّةُ بِالْوِلَادَةِ، وَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى، وَقَعَ بِالْوِلَادَةِ طَلْقَتَانِ، وَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ، وَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى، نُظِرَ، إِنْ وَلَدَتِ الْأُنْثَى أَوَّلًا، وَقَعَ بِوِلَادَتِهَا طَلْقَتَانِ، وَبِوِلَادَتِهِ نَتَبَيَّنُ وُقُوعَ طَلْقَةٍ أَوَّلًا لِكَوْنِهَا كَانَتْ حَامِلًا بِذَكَرٍ، وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا عَنِ الثَّلَاثِ بِوِلَادَةِ الذَّكَرِ، وَإِنْ وَلَدَتِ الذَّكَرَ أَوَّلًا، تَبَيَّنَ وُقُوعُ طَلْقَةٍ، وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِوِلَادَةِ الْأُنْثَى، وَلَا يَقَعُ شَيْءٌ آخَرُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَإِنْ وَلَدَتْهُمَا مَعًا، فَكَذَلِكَ يَتَبَيَّنُ وُقُوعُ طَلْقَةٍ، وَلَا يَقَعُ بِالْوِلَادَةِ شَيْءٌ عَلَى الْمَذْهَبِ.

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: قَالَ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ حَوَامِلَ: كُلَّمَا وَلَدَتْ وَاحِدَةٌ مِنْكُنَّ، فَصَاحِبَاتُهَا طَوَالِقُ، فَوَلَدْنَ جَمِيعًا. فَلَهُنَّ أَحْوَالٌ، إِحْدَاهَا: أَنْ يَلِدْنَ مَعًا، فَتُطَلَّقُ كُلُّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثًا وَعِدَّةُ جَمِيعِهِنَّ بِالْأَقْرَاءِ.

ص: 144

الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَلِدْنَ مُرَتَّبًا، فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: أَنَّهُ إِذَا وَلَدَتِ الْأُولَى، طُلِّقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْبَاقِيَاتِ طَلْقَةً، فَإِذَا وَلَدَتِ الثَّانِيَةُ، انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَبَانَتْ، وَتَقَعُ عَلَى الْأُولَى بِوِلَادَةِ هَذِهِ طَلْقَةٌ، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْأُخْرَيَيْنِ طَلْقَةٌ أُخْرَى إِنْ بَقِيَتْ عِدَّتُهُمَا، فَإِذَا وَلَدَتِ الثَّالِثَةُ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا عَنْ طَلْقَتَيْنِ، وَوَقَعَ عَلَى الْأُولَى طَلْقَةٌ ثَانِيَةٌ إِنْ بَقِيَتْ فِي الْعِدَّةِ، وَعَلَى الرَّابِعَةِ طَلْقَةٌ ثَالِثَةٌ، فَإِذَا وَلَدَتِ الرَّابِعَةُ، انْقَضَتْ عِدَّتُهَا عَنْ ثَلَاثِ طَلَقَاتٍ، وَوَقَعَتْ ثَالِثَةٌ عَلَى الْأُولَى، وَعِدَّةُ الْأُولَى بِالْأَقْرَاءِ، وَفِي اسْتِئْنَافِهَا الْعِدَّةَ لِلطَّلْقَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، الْخِلَافُ فِي طَلَاقِ الرَّجْعِيَّةِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، أَنَّ الْأُولَى لَا تُطَلَّقُ أَصْلًا، وَتُطَلَّقُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْأُخْرَيَاتِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ، وَتَنْقَضِي عِدَدُهُنَّ بِوِلَادَتِهِنَّ، لِأَنَّ الثَّلَاثَ فِي وَقْتِ وِلَادَةِ الْأُولَى صَوَاحِبُهَا، لِأَنَّ الْجَمِيعَ زَوْجَاتُهُ، فَيُطَلَّقْنَ طَلْقَةً طَلْقَةً، فَإِذَا طُلِّقْنَ، خَرَجْنَ عَنْ كَوْنِهِنَّ صَوَاحِبَ لِلْأُولَى، وَكَوْنِ الْأُولَى صَاحِبَةً لَهُنَّ، فَلَا تُؤَثِّرُ بَعْدَ ذَلِكَ وِلَادَتُهُنَّ فِي حَقِّهَا، وَلَا فِي حَقِّ بِعْضِهِنَّ، وَمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ، قَالَ: مَا دُمْنَ فِي الْعِدَّةِ فَهُنَّ زَوْجَاتٌ وَصَوَاحِبُ، وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ بِطَلَاقِ زَوْجَاتِهِ، دَخَلَتِ الرَّجْعِيَّةُ فِيهِ.

الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ تَلِدَ ثِنْتَانِ مَعًا

[ثُمَّ ثِنْتَانِ مَعًا] . فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَدَّادِ: تُطَلَّقُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْأُولَيَيْنِ بِوِلَادَةِ الْأُخْرَى طَلْقَةً، وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْأُخْرَيَيْنِ بِوِلَادَةِ الْأُولَيَيْنِ طَلْقَتَيْنِ، فَإِذَا وَلَدَتِ الْأُخْرَيَانِ، طُلِّقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْأُولَيَيْنِ طَلْقَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ، وَلَا يَقَعُ عَلَى الْأُخْرَيَيْنِ شَيْءٌ آخَرُ، وَتَنْقَضِي عِدَّتُهُمَا بِوِلَادَتِهِمَا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَعَلَى نَصِّهِ فِي «الْإِمْلَاءِ» : يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا طَلْقَةٌ ثَالِثَةٌ وَتَعْتَدَّانِ بِالْأَقْرَاءِ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاصِّ: تُطَلَّقُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْأُولَيَيْنِ طَلْقَةً، وَكُلُّ

ص: 145

وَاحِدَةٍ مِنَ الْأُخْرَيَيْنِ طَلْقَتَيْنِ فَقَطْ، وَتَنْقَضِي عِدَّةُ الْأُخْرَيَيْنِ بِالْوِلَادَةِ، وَتَعْتَدُّ الْأُولَيَانِ بِالْإِقْرَارِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ.

الْحَالَةُ الرَّابِعَةُ: أَنْ تَلِدَ ثَلَاثٌ مِنْهُنَّ مَعًا، ثُمَّ الرَّابِعَةُ، فَيَقَعُ عَلَى الرَّابِعَةِ ثَلَاثُ طَلَقَاتٍ بِلَا خِلَافٍ، وَتُطَلَّقُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْأُولَيَاتِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَدَّادِ ثَلَاثًا، مِنْهَا طَلْقَتَانِ بِوِلَادَةِ اللَّتَيْنِ وَلَدَتَا مَعَهَا، وَثَالِثَةٌ بِوِلَادَةِ الرَّابِعَةِ إِنْ بَقِينَ فِي الْعِدَّةِ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاصِّ: لَا تُطَلَّقُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الثَّلَاثِ إِلَّا طَلْقَتَيْنِ، وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ، وَلَدَتْ وَاحِدَةٌ، ثُمَّ وَلَدَتِ الثَّلَاثُ مَعًا، فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَدَّادِ: تُطَلَّقُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الثَّلَاثِ طَلْقَةً بِوِلَادَةِ الْأُولَى، ثُمَّ تَنْقَضِي عِدَّتُهُنَّ بِوِلَادَتِهِنَّ، فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِنَّ شَيْءٌ آخَرُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَعَلَى نَصِّهِ فِي «الْإِمْلَاءِ» : يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ طَلْقَتَانِ أُخْرَيَانِ، وَيَعْتَدِدْنَ بِالْأَقْرَاءِ، وَالْأُولَى تُطَلَّقُ بِوِلَادَتِهِنَّ ثَلَاثًا. وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاصِّ: لَا يَقَعُ عَلَى الْأُولَى شَيْءٌ، وَيَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْبَاقِيَاتِ طَلْقَةٌ فَقَطْ.

الْحَالَةُ الْخَامِسَةُ: أَنْ تَلِدَ ثِنْتَانِ عَلَى التَّرْتِيبِ، ثُمَّ ثِنْتَانِ مَعًا فَيَقَعُ عَلَى الْأُولَى ثَلَاثٌ بِوِلَادَتِهِنَّ، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْبَاقِيَاتِ طَلْقَةٌ بِوِلَادَةِ الْأُولَى. فَإِذَا وَلَدَتِ الثَّانِيَةُ، انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَوَقَعَتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْأُخْرَيَيْنِ طَلْقَةٌ أُخْرَى، فَإِذَا وَلَدَتِ الْأُخْرَيَانِ، انْقَضَتْ عِدَّتُهُمَا بِوِلَادَتِهِمَا، وَلَا يَقَعُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا شَيْءٌ بِوِلَادَةِ صَاحِبَتِهَا عَلَى الْمَذْهَبِ، هَذَا قِيَاسُ ابْنِ الْحَدَّادِ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاصِّ: لَا يَقَعُ عَلَى الْأُولَى شَيْءٌ، وَلَا عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْبَاقِيَاتِ إِلَّا طَلْقَةٌ، وَلَوْ وَلَدَتْ ثَنَتَانِ مَعًا، ثُمَّ ثِنْتَانِ مُرَتَّبًا، فَعَلَى قِيَاسِ ابْنِ الْحَدَّادِ: تُطَلَّقُ كُلُّ وَاحِدَةٍ

ص: 146

مِنَ الْأُولَيَيْنِ بِوِلَادَتِهِمَا طَلْقَةً، وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْأُخْرَيَيْنِ طَلْقَتَيْنِ. فَإِذَا وَلَدَتِ الثَّالِثَةُ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَطُلِّقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْأُولَيَيْنِ طَلْقَةً أُخْرَى إِنْ بَقِيَتَا فِي الْعِدَّةِ، وَطُلِّقَتِ الرَّابِعَةُ طَلْقَةً ثَالِثَةً، فَإِذَا وَلَدَتْ، انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَطُلِّقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْأُولَيَيْنِ طَلْقَةً ثَالِثَةً إِنْ بَقِيَتَا فِي الْعِدَّةِ، وَعَلَى قِيَاسِ ابْنِ الْقَاصِّ: لَا تُطَلَّقُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْأُولَيَيْنِ إِلَّا طَلْقَةً، وَلَا كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْأُخْرَيَيْنِ إِلَّا طَلْقَتَيْنِ.

فَرْعٌ

قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: وَلَوْ قَالَ لِلْأَرْبَعِ: كُلَّمَا وَلَدَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ، ثُمَّ طَلَّقَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ طَلْقَةً مُنَجَّزَةً، ثُمَّ وَلَدْنَ عَلَى التَّرْتِيبِ، فَالْأُولَى مُطَلَّقَةٌ بِالتَّنْجِيزِ، وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوِلَادَتِهَا، وَيَقَعُ عَلَى الثَّانِيَةِ بِوِلَادَةِ الْأُولَى طَلْقَةٌ، وَهِيَ مُطَلَّقَةٌ بِالتَّنْجِيزِ، وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا عَنْ طَلْقَتَيْنِ بِوِلَادَتِهَا، وَتُطَلَّقُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ ثَلَاثًا، وَاحِدَةٌ بِالتَّنْجِيزِ، وَاثْنَتَانِ بِوِلَادَةِ الْأُولَيَيْنِ، وَعَلَى قِيَاسِ ابْنِ الْقَاضِي: لَا يَقَعُ عَلَى الْجَمِيعِ إِلَّا الْمُنَجَّزَةُ.

فَرْعٌ

قَالَ لِلْأَرْبَعِ: كُلَّمَا وَلَدَتْ وَاحِدَةٌ مِنْكُنَّ فَأَنْتُنَّ طَوَالِقُ، فَقَدْ عَلَّقَ بِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْهُنَّ طَلَاقَ الْوَالِدَةِ وَغَيْرِهَا، فَإِنْ وَلَدْنَ مَعًا طُلِّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَإِنْ وَلَدْنَ مُرَتَّبًا، طُلِّقَتِ الْأُولَى ثَلَاثًا، طَلْقَةً بِوِلَادَةِ نَفْسِهَا، وَثَانِيَةً بِوِلَادَةِ الثَّانِيَةِ، وَثَالِثَةً بِوِلَادَةِ الثَّالِثَةِ إِنْ بَقِيَتْ فِي الْعِدَّةِ، وَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ وَتُطَلَّقُ الثَّانِيَةُ بِوِلَادَةِ الْأُولَى، وَلَا تُطَلَّقُ بِوِلَادَةِ نَفْسِهَا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا، وَعَلَى نَصِّهِ فِي «الْإِمْلَاءِ» : تُطَلَّقُ أُخْرَى وَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ، وَتُطَلَّقُ الثَّالِثَةُ بِوِلَادَةِ الْأُولَيَيْنِ، وَهَلْ تُطَلَّقُ بِوِلَادَةِ نَفْسِهَا ثَالِثَةً؟ فِيهِ الْخِلَافُ، وَالرَّابِعَةُ تُطَلَّقُ بِوِلَادَةِ الْأُولَيَاتِ ثَلَاثًا، وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوِلَادَتِهَا، وَلَا يَقَعُ بِوِلَادَتِهَا شَيْءٌ عَلَى الْأُولَيَاتِ لِبَيْنُونَتِهِنَّ.

ص: 147

فَرْعٌ

قَالَ لِلْأَرْبَعِ: كُلَّمَا وَلَدَتْ ثِنْتَانِ مِنْكُنَّ، فَالْأُخْرَيَانِ طَالِقَانِ، فَوَلَدْنَ مُرَتَّبًا، لَمْ تُطَلَّقْ وَاحِدَةٌ بِوِلَادَةِ الْأُولَى، لِأَنَّهُ عَلَّقَ بِوِلَادَةِ ثِنْتَيْنِ، فَإِذَا وَلَدَتِ الثَّانِيَةُ، طُلِّقَتِ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ طَلْقَةً طَلْقَةً، وَلَا يَقَعُ عَلَى الْأُولَيَيْنِ شَيْءٌ، لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِهِ طَلَاقُ ثِنْتَيْنِ بِوِلَادَةِ أُخْرَيَيْنِ. وَإِذَا وَلَدَتِ الثَّالِثَةُ، فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا تُضَمُّ الثَّالِثَةُ إِلَى الثَّانِيَةِ، وَلَا يَقَعُ بِوِلَادَتِهَا طَلَاقٌ حَتَّى تَلِدَ الرَّابِعَةُ، فَإِذَا وَلَدَتْ، فَعَلَى قِيَاسِ ابْنِ الْحَدَّادِ: تُطَلَّقُ الْأُولَيَانِ طَلْقَةً طَلْقَةً، وَيَعْتَدَّانِ بِالْأَقْرَاءِ، وَتَنْقَضِي عِدَّةُ الْأُخْرَيَيْنِ بِوِلَادَتِهِمَا، وَعَلَى قِيَاسِ ابْنِ الْقَاصِّ: لَا تُطَلَّقُ الْأُولَيَانِ بِوِلَادَةِ الْأُخْرَيَيْنِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي، أَنَّ الثَّالِثَةَ تُضَمُّ إِلَى الثَّانِيَةِ، وَتُطَلَّقُ بِوِلَادَتِهِمَا الْأُولَى طَلْقَةً، وَالرَّابِعَةُ طَلْقَةً ثَانِيَةً، ثُمَّ إِذَا وَلَدَتِ الرَّابِعَةُ، طُلِّقَتِ الثَّانِيَةُ، وَطُلِّقَتِ الْأُولَى طَلْقَةً ثَانِيَةً.

فَرْعٌ

تَحْتَهُ امْرَأَتَانِ فَقَالَ: كُلَّمَا وَلَدَتْ وَاحِدَةٌ مِنْكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ، فَوَلَدَتَا مُرَتَّبًا، وَقَعَ بِوِلَادَةِ الْأُولَى عَلَيْهَا طَلْقَةٌ، وَعَلَى الْأُخْرَى طَلْقَةٌ، فَإِذَا وَلَدَتِ الثَّانِيَةُ، وَقَعَ عَلَى الْأُولَى طَلْقَةٌ أُخْرَى إِنْ بَقِيَتْ فِي الْعِدَّةِ، وَتَنْقَضِي عِدَّةُ الثَّانِيَةِ، وَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقٌ آخَرُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلَوْ وَلَدَتْ مِنْهُمَا زَيْنَبُ يَوْمَ الْخَمِيسَ، وَعَمْرَةُ يَوْمَ الْجُمْعَةِ، ثُمَّ زَيْنَبُ يَوْمَ السَّبْتِ، وَعَمْرَةُ يَوْمَ الْأَحَدِ، وَقَعَ بِوِلَادَةِ يَوْمَيِ الْخَمِيسِ وَالْجُمْعَةِ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ طَلْقَتَانِ، وَتَنْقَضِي عِدَّةُ زَيْنَبَ بِوِلَادَتِهَا يَوْمَ السَّبْتِ، وَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا شَيْءٌ آخَرُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَيَقَعُ عَلَى عَمْرَةَ طَلْقَةٌ ثَالِثَةٌ، وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوِلَادَتِهَا يَوْمَ الْأَحَدِ، وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا وَلَدْتُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ، فَوَلَدَتْ إِحْدَاهُمَا ثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ فِي بَطْنٍ، ثُمَّ الثَّانِيَةُ كَذَلِكَ، لَمْ تُطَلَّقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا بِوِلَادَةِ الْأُولَى، لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِوِلَادَتِهِمَا جَمِيعًا، فَإِذَا وَلَدَتِ الثَّانِيَةُ وَلَدًا، طُلِّقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةً، فَإِذَا وَلَدَتِ الثَّانِيَ، طُلِّقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةً ثَانِيَةً، فَإِذَا وَلَدَتِ الثَّالِثَ، طُلِّقَتِ الْأُولَى طَلْقَةً ثَالِثَةً، وَلَا تُطَلَّقُ

ص: 148

الثَّانِيَةُ، وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا عَنْ طَلْقَتَيْنِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَفِيهِ نَصُّهُ فِي «الْإِمْلَاءِ» . وَلَوْ وَلَدَتْ أَحَدُهُمَا وَلَدًا، ثُمَّ الْأُخْرَى وَلَدًا ثُمَّ الْأُولَى وَلَدًا، وَهَكَذَا إِلَى أَنْ وَلَدَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَةً فِي بَطْنٍ، فَبِوِلَادَةِ الثَّانِيَةِ وَلَدَهَا الْأَوَّلَ، يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةٌ، وَبِوِلَادَتِهَا الثَّانِيَ، يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةٌ ثَانِيَةٌ، ثُمَّ إِذَا وَلَدَتِ الْأُولَى الْوَلَدَ الثَّالِثَ، انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَإِذَا وَلَدَتِ الثَّانِيَةُ الْوَلَدَ الثَّالِثَ، هَلْ يَقَعُ عَلَيْهَا طَلْقَةٌ ثَالِثَةٌ، أَمْ لَا وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا؟ فِيهِ خِلَافُ الْمَذْهَبِ وَ «الْإِمْلَاءِ» ، وَلَوْ وَلَدَتْ إِحْدَاهُمَا وَلَدًا، ثُمَّ الثَّانِيَةُ ثَلَاثَةً عَلَى التَّرْتِيبِ، ثُمَّ الْأُولَى وَلَدَيْنِ، فَبِوِلَادَةِ الثَّانِيَةِ الْوَلَدَ الْأَوَّلَ، يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةٌ، وَلَا يَقَعُ بِوِلَادَتِهَا الْوَلَدَ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ شَيْءٌ، وَتَنْقَضِي بِالثَّالِثِ عِدَّتُهَا، فَإِذَا وَلَدَتِ الْأُولَى الْوَلَدَ الثَّانِيَ، انْضَمَّتْ وِلَادَتُهَا إِلَى وِلَادَةِ الثَّانِيَةِ الْوَلَدَ الثَّانِيَ، فَيَقَعُ عَلَى الْأُولَى طَلْقَةٌ ثَانِيَةٌ، فَإِذَا وَلَدَتِ الثَّالِثَ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَلَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا شَيْءٌ آخَرُ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَعَلَى نَصِّهِ فِي «الْإِمْلَاءِ» : يَقَعُ ثَالِثَةٌ بِضَمِّ هَذِهِ الْوِلَادَةِ إِلَى وِلَادَةِ الثَّانِيَةِ الْوَلَدَ الثَّالِثَ.

الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: قَدْ سَبَقَ أَنَّ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ بِالْوِلَادَةِ، إِنَّمَا يَقَعُ إِذَا انْفَصَلَ الْوَلَدُ بِتَمَامِهِ، فَلَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ وَمَاتَ الزَّوْجُ أَوِ الْمَرْأَةُ، لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ، وَوَرِثَ الْبَاقِيَ مِنْهُمَا الْمَيِّتُ، وَلَوْ قَالَ: إِنْ وَلَدْتِ، فَعَبْدِي حُرٌّ، فَخَرَجَ بَعْضُ الْوَلَدِ، وَبَاعَ الْعَبْدَ حِينَئِذٍ وَتَخَايَرَا، ثُمَّ وَلَدَتْ، لَمْ يَعْتِقِ الْعَبْدُ، وَلَوِ انْفَصَلَ الْوَلَدُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ، عَتَقَ الْعَبْدُ، لِأَنَّهُ لَهُ الْعِتْقُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ.

الثَّامِنَةُ: فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ: أَنَّهُ إِذَا قَالَ: إِنْ كُنْتِ حَامِلًا، فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَتْ: أَنَا حَامِلٌ، فَإِنْ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ، حُكِمَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي الْحَالِ، وَإِنْ كَذَّبَهَا، لَمْ تُطَلَّقْ حَتَّى تَلِدَ، فَإِنْ لَمَسَهَا النِّسَاءُ، فَقَالَ أَرْبَعٌ مِنْهُنَّ فَصَاعِدًا: إِنَّهَا حَامِلٌ، لَمْ تُطَلَّقْ، لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ بِقَوْلِ النِّسْوَةِ. وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِالْوِلَادَةِ، فَشَهِدَ بِهَا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ وَإِنْ ثَبَتَ النَّسَبُ وَالْمِيرَاثُ، لِأَنَّهُمَا مِنْ تَوَابِعِ الْوِلَادَةِ وَضَرُورَاتِهَا، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ.

ص: 149

التَّاسِعَةُ: قَالَ: إِنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ مِنْ هَذَا الْحَمْلِ ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَوَلَدَتْ ذَكَرًا وَلَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ كَوْنِهِ أَوَّلًا أَنْ تَلِدَ بَعْدَهُ آخَرَ، وَإِنَّمَا الشَّرْطُ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَفِي «التَّتِمَّةِ» : وَجْهٌ ضَعِيفٌ: أَنَّهُ لَا يَقَعُ شَيْءٌ، وَالْأَوَّلُ يَقْتَضِي آخَرَ، كَمَا يَقْتَضِي الْآخَرُ أَوَّلًا.

قُلْتُ: الصَّوَابُ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (إِنَّ هَؤُلَاءِ لَيَقُولُونَ إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى) . وَهَؤُلَاءِ الْمَذْكُورُونَ كَانُوا يَقُولُونَ: لَيْسَ لَهُمْ إِلَّا مَوْتَةٌ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو إِسْحَاقَ الزُّجَاجُ: مَعْنَى الْأُولَى فِي اللُّغَةِ: ابْتِدَاءُ الشَّيْءِ، قَالَ: ثُمَّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهُ ثَانٍ، وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَكُونَ، وَقَدْ بَسَطْتُ أَنَا الْكَلَامَ فِي إِيضَاحِ هَذَا بِدَلَائِلِهِ فِي «تَهْذِيبِ اللُّغَاتِ» . وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَوْ قَالَ: إِنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ ذَكَرًا، فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَطَالِقٌ ثَلَاثًا، فَوَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى، نُظِرَ، إِنْ وَلَدَتِ الذَّكَرَ أَوَّلًا، طُلِّقَتْ وَاحِدَةً وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوِلَادَةِ الْأُنْثَى، وَإِنْ وَلَدَتِ الْأُنْثَى أَوَّلًا، طُلِّقَتْ ثَلَاثًا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالذَّكَرِ، وَإِنْ وَلَدَتْهُمَا مَعًا، لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ، لِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِالْأَوَّلِيَّةِ، وَلِهَذَا لَوْ أَخْرَجَ رَجُلٌ دِينَارًا بَيْنَ الْمُتَسَابِقَيْنِ، وَقَالَ: مَنْ جَاءَ مِنْكُمَا أَوَّلًا، فَهُوَ لَهُ، فَجَاءَا مَعًا، لَمْ يَسْتَحِقَّا شَيْئًا. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُطَلَّقَ ثَلَاثًا، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُوصَفُ بِأَنَّهُ أَوَّلُ وَلَدٍ إِذَا لَمْ تَلِدْ قَبْلَهُ غَيْرَهُ، وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ رَدَّ آبِقِي، فَلَهُ دِينَارٌ،

[فَرَدَّهُ اثْنَانِ] اسْتَحَقَّا الدِّينَارَ. قَالَ: وَعَرَضْتُهُ عَلَى الشَّيْخِ يَعْنِي الْقَفَّالَ، فَلَمْ يَسْتَبْعِدْهُ، وَلَوْ لَمْ يُعْلَمْ، أَوَلَدَتْهُمَا مَعًا، أَوْ مُرَتَّبًا، لَمْ تُطَلَّقْ

ص: 150

لِاحْتِمَالِ الْمَعِيَّةِ، وَلَوْ عُلِمَ التَّرْتِيبُ وَلَمْ يُعْلَمِ السَّابِقُ، وَقَعَتْ طَلْقَةٌ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ، وَلَوْ قَالَ: إِنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ كَانَتْ أُنْثَى فَضَرَّتُكِ طَالِقٌ، فَوَلَدَتْهُمَا مُرَتَّبًا، وَلَمْ يُعْلَمِ السَّابِقُ، فَقَدْ طُلِّقَتْ إِحْدَاهُمَا، فَيُوقَفُ عَنْهُمَا، وَيُؤْخَذُ بِنَفَقَتِهِمَا حَتَّى تَبِينَ الْمُطَلَّقَةُ مِنْهُمَا. وَلَوْ قَالَ: إِنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى، فَعَبْدِي حُرٌّ، فَوَلَدَتْهُمَا مُرَتَّبًا، وَلَمْ يُعْلَمِ السَّابِقُ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: يُقْرَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ، فَإِذَا خَرَجَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى الْعَبْدِ، عَتَقَ، وَإِنْ خَرَجَتْ عَلَى الْمَرْأَةِ، لَمْ تُطَلَّقْ.

فَرْعٌ

قَالَ: إِنْ وَلَدْتِ ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً، وَإِنْ وَلَدْتِ أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ، فَوَلَدَتْ مَيِّتًا وَدُفِنَ وَلَمْ يُعْرَفْ حَالُهُ، فَهَلْ يُنْبَشُ لِيُعْرَفَ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، قَالَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيُّ.

قُلْتُ: الرَّاجِحُ النَّبْشُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الطَّرَفُ الرَّابِعُ: فِي التَّعْلِيقِ بِالْحَيْضِ. قَالَ: إِذَا حِضْتِ حَيْضَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ، لَمْ تُطَلَّقْ حَتَّى تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، وَحِينَئِذٍ يَقَعُ سُنِّيًّا. وَلَوْ قَالَ: إِنْ حِضْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَلَمْ يُبَيِّنْ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ، لَمْ يُعْتَبَرْ تَمَامُ الْحَيْضَةِ، وَمَتَى يُحْكَمُ بِالطَّلَاقِ؟ فِيهِ طَرِيقَانِ، الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ: يَقَعُ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ، فَإِنِ انْقَطَعَ قَبْلَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَمْ يَعُدْ إِلَى خَمْسَةَ عَشَرَ، تَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي، عَلَى وَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا: هَذَا، وَالثَّانِي، وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ: لَا يُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ حَتَّى يَمْضِيَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، فَحِينَئِذٍ تَبَيَّنَ وُقُوعُهُ مِنْ حِينِ رَأَتِ الدَّمَ. قَالَ الْإِمَامُ: وَعَلَى هَذَا هَلْ يُحَرَّمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا

ص: 151

نَاجِزًا؟ حُكْمُهُ كَمَا لَوْ قَالَ: إِنْ كُنْتِ حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَدْ سَبَقَ. وَلَوْ قَالَ: إِنْ طَهُرْتِ، أَوْ إِذَا طَهُرْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، طُلِّقَتْ فِي أَوَّلِ الطُّهْرِ. وَلَوْ قَالَ: إِذَا طَهُرْتِ طُهْرًا وَاحِدًا، فَأَنْتِ طَالِقٌ، قَالَ الْحَنَّاطِيُّ: تُطَلَّقُ إِذَا انْقَضَى الطُّهْرُ وَدَخَلَتْ فِي الدَّمِ، وَحَكَى وَجْهًا: أَنَّهَا تُطَلَّقُ إِذَا مَضَى جُزْءٌ مِنَ الطُّهْرِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، ثُمَّ قَوْلُهُ: إِنْ حِضْتِ، أَوْ إِذَا حِضْتِ، يَقْتَضِي حَيْضًا مُسْتَقْبَلًا، فَلَوْ كَانَتْ فِي الْحَالِ حَائِضًا، لَمْ تُطَلَّقْ حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ. وَلَوْ قَالَ وَالثِّمَارُ مُدْرَكَةٌ: إِذَا أَدْرَكْتِ الثِّمَارَ، فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِالْإِدْرَاكِ الْمُسْتَأْنَفِ فِي الْعَامِ الْمُسْتَقْبَلِ، وَعَلَى هَذَا قِيَاسُ سَائِرِ الْأَوْصَافِ، إِلَّا أَنَّهُ سَيَأْتِي فِي «كِتَابِ الْأَيْمَانِ» إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. أَنَّ اسْتِدَامَةَ الرُّكُوبِ وَاللُّبْسِ لُبْسٌ وَرُكُوَبٌ، فَلْيَكُنِ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ. وَفِي «الشَّامِلِ» وَ «التَّتِمَّةِ» وَجْهٌ: أَنَّهُ إِذَا اسْتَمَرَّ الْحَيْضُ بَعْدَ التَّعْلِيقِ بِسَاعَةٍ، طُلِّقَتْ، وَيَكُونُ دَوَامُ الْحَيْضِ حَيْضًا، وَالصَّحِيحُ مَا سَبَقَ.

فَرْعٌ

قَالَ: كُلَّمَا حِضْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، طُلِّقَتْ ثَلَاثًا فِي أَوَّلِ ثَلَاثِ حِيَضٍ مُسْتَقْبَلَةٍ، وَيَكُونُ الطَّلَاقُ بِدْعِيًّا. وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا حِضْتِ حَيْضَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ، طُلِّقَتْ ثَلَاثًا فِي انْتِهَاءِ ثَلَاثِ حِيَضٍ مُسْتَقْبَلَةٍ، وَيَكُونُ طَلَاقَ سُنَّةٍ.

فَرْعٌ

قَالَ: إِنْ حِضْتِ حَيْضَةً، فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ حِضْتِ حَيْضَتَانِ، فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِذَا حَاضَتْ حَيْضَةً، وَقَعَ طَلْقَةٌ، فَإِذَا حَاضَتْ أُخْرَى، طُلِّقَتْ ثَانِيَةً، وَلَوْ قَالَ: إِنْ حِضْتِ حَيْضَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ إِنْ حِضْتِ حَيْضَتَيْنِ، فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنَّمَا تَقَعُ الثَّانِيَةُ إِذَا حَاضَتْ بَعْدَ الْأُولَى حَيْضَتَيْنِ، وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا حِضْتِ حَيْضَةً، فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَكُلَّمَا حِضْتِ حَيْضَتَيْنِ، فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَحَاضَتْ مَرَّةً، طُلِّقَتْ طَلْقَةً، وَإِذَا حَاضَتْ أُخْرَى، طُلِّقَتْ ثَانِيَةً وَثَالِثَةً.

ص: 152