المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

دَهْشَةٌ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يَقَعُ طَلَاقُهُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَفَّالِ وَالْغَزَالِيِّ، لِإِشْعَارِهِ - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ٨

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الرَّجْعَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الظِّهَارِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْكَفَّارَاتِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ اللَّعَانِ وَالْقَذْفِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْعِدَدِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

الفصل: دَهْشَةٌ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يَقَعُ طَلَاقُهُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَفَّالِ وَالْغَزَالِيِّ، لِإِشْعَارِهِ

دَهْشَةٌ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يَقَعُ طَلَاقُهُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَفَّالِ وَالْغَزَالِيِّ، لِإِشْعَارِهِ بِالِاخْتِيَارِ، وَأَصَحُّهُمَا: لَا، لِأَنَّهُ مُجْبَرٌ عَلَى اللَّفْظِ. وَلَا نِيَّةَ تُشْعِرُ بِالِاخْتِيَارِ.

وَلَوْ قَصَدَ الْمُكْرَهُ إِيقَاعَ الطَّلَاقِ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا يَقَعُ، لِأَنَّ اللَّفْظَ سَاقِطٌ بِالْإِكْرَاهِ، وَالنِّيَّةُ لَا تَعْمَلُ وَحْدَهَا. وَأَصَحُّهُمَا: يَقَعُ لِقَصْدِهِ بِلَفْظِهِ. وَعَلَى هَذَا، فَصَرِيحُ لَفْظِ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْإِكْرَاهِ، كِنَايَةٌ، إِنْ نَوَى وَقَعَ، وَإِلَّا فَلَا.

فَرْعٌ

قَالَ: طَلِّقْ زَوْجَتِي وَإِلَّا قَتَلْتُكَ، فَطَلَّقَهَا وَقَعَ عَلَى الصَّحِيحِ، لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِذْنِ، وَقِيلَ: لَا يَقَعُ لِسُقُوطِ حُكْمِ اللَّفْظِ بِالْإِكْرَاهِ. كَمَا لَوْ قَالَ لِمَجْنُونٍ: طَلِّقْهَا فَطَلَّقَ.

فَرْعٌ

الْوَكِيلُ فِي الطَّلَاقِ إِذَا أُكْرِهَ عَلَى الطَّلَاقِ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: يَقَعُ لِحُصُولِ اخْتِيَارِ الْمَالِكِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَقَعَ، لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ. قَالَ: وَهَذَا أَصَحُّ.

‌فَصْلٌ

فِي بَيَانِ الْإِكْرَاهِ

يُشْتَرَطُ فِيهِ كَوْنُ الْمُكْرِهِ غَالِبًا قَادِرًا عَلَى تَحْقِيقِ مَا هَدَّدَهُ بِهِ، بِوِلَايَةٍ، أَوْ تَغَلُّبٍ، وَفَرْطِ هُجُومٍ، وَكَوْنُ الْمُكْرَهِ مَغْلُوبًا عَاجِزًا عَنِ الدَّفْعِ بِفِرَارٍ أَوْ مُقَاوَمَةٍ، أَوِ اسْتِعَانَةٍ بِغَيْرِهِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إِنِ امْتَنَعَ مِمَّا أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ، أَوْقَعَ بِهِ الْمَكْرُوهَ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ: لَا إِكْرَاهَ إِلَّا بِأَنْ يُنَالَ بِالضَّرْبِ.

ص: 58

وَالصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ، عَدَمُ اشْتِرَاطِ تَنْجِيزِ الضَّرْبِ وَغَيْرِهِ بَلْ يَكْفِي التَّوَعُّدُ. وَفِيمَا يَكُونُ التَّخْوِيفُ بِهِ إِكْرَاهًا، سَبْعَةُ أَوْجُهٍ.

أَحَدُهَا: الْقَتْلُ فَقَطْ. حَكَاهُ الْحَنَّاطِيُّ وَالْإِمَامُ.

وَالثَّانِي: الْقَتْلُ، أَوْ قَطْعُ طَرَفٍ، أَوْ ضَرْبٌ يُخَافُ مِنْهُ الْهَلَاكُ، قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ.

وَالثَّالِثُ: قَالَهُ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَثِيرُونَ: أَنَّهُ يُلْحَقُ بِمَا سَبَقَ أَيْضًا الضَّرْبُ الشَّدِيدُ، وَالْحَبْسُ، وَأَخْذُ الْمَالِ، وَإِتْلَافُهُ، وَبِهَذَا قَالَ أَبُو عَلِيٍّ فِي «الْإِفْصَاحِ» وَزَادَ عَلَيْهِ فَقَالَ: لَوْ تَوَعَّدَهُ بِنَوْعِ اسْتِخْفَافٍ، وَكَانَ الرَّجُلُ وَجِيهًا يَغُضُّ ذَلِكَ مِنْهُ، فَهُوَ إِكْرَاهٌ. قَالَ هَؤُلَاءِ: فَالضَّرْبُ وَالْحَبْسُ وَالِاسْتِخْفَافُ، يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ طَبَقَاتِ النَّاسِ وَأَحْوَالِهِمْ. وَالتَّخْوِيفُ بِالْقَتْلِ وَالْقَطْعِ وَأَخْذِ الْمَالِ، لَا يَخْتَلِفُ. وَقَالَ الْمَاسَرْجِسِيُّ: يَخْتَلِفُ بِأَخْذِ الْمَالِ، فَلَا يَكُونُ تَخْوِيفُ الْمُوسِرِ بِأَخْذِ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ مِنْهُ إِكْرَاهًا، قَالَ الرُّويَانِيُّ: هَذَا هُوَ الِاخْتِيَارُ، فَهَذِهِ الْأَوْجُهُ هِيَ الْمَوْجُودَةُ لِلْمُتَقَدِّمِينَ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ. وَأَصَحُّهَا: الثَّالِثُ، وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمَا.

وَالرَّابِعُ: أَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يَحْصُلُ إِلَّا إِذَا خَوَّفَهُ بِمَا يَسْلُبُ الِاخْتِيَارَ، وَيَجْعَلُهُ كَالْهَارِبِ مِنَ الْأَسَدِ الَّذِي يَتَخَطَّى النَّارَ وَالشَّوْكَ، وَلَا يُبَالِي، فَعَلَى هَذَا الْحَبْسُ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ. وَكَذَا التَّخْوِيفُ بِالْإِيلَامِ الشَّدِيدِ. قَالَ الْإِمَامُ: لَكِنْ لَوْ فُوتِحَ بِهِ، احْتُمِلَ جَعْلُهُ إِكْرَاهًا.

وَالْخَامِسُ: لَا يُشْتَرَطُ سُقُوطُ الِاخْتِيَارِ، بَلْ إِذَا أَكْرَهَهُ عَلَى فِعْلٍ يُؤْثِرُ الْعَاقِلُ الْإِقْدَامَ عَلَيْهِ حَذَرًا مِمَّا تَهَدَّدَهُ بِهِ، حَصَلَ الْإِكْرَاهُ. فَعَلَى هَذَا، يُنْظَرُ فِيمَا طَلَبَهُ مِنْهُ وَمَا هَدَّدَهُ بِهِ، فَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ إِكْرَاهًا فِي مَطْلُوبٍ دُونَ مَطْلُوبٍ، وَفِي شَخْصٍ دُونَ شَخْصٍ. فَإِنْ كَانَ الْإِكْرَاهُ عَلَى الطَّلَاقِ، حَصَلَ بِالْقَطْعِ وَبِالتَّخْوِيفِ

ص: 59

بِالْحَبْسِ الطَّوِيلِ، وَبِتَخْوِيفِ ذَوِي الْمُرُوءَةِ بِالصَّفْعِ فِي الْمَلَأِ، وَتَسْوِيدِ الْوَجْهِ وَالطَّوْفِ بِهِ فِي السُّوقِ. وَقِيلَ: لَا يَكُونُ التَّخْوِيفُ بِالْحَبْسِ وَمَا بَعْدَهُ إِكْرَاهًا، وَطُرِدَ هَذَا الْخِلَافُ فِي التَّخْوِيفِ بِقَتْلِ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ، وَالصَّحِيحُ فِي الْجَمِيعِ، أَنَّهُ إِكْرَاهٌ. وَالْأَصَحُّ أَنَّ التَّخْوِيفَ بِإِتْلَافِ الْمَالِ لَيْسَ إِكْرَاهًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَإِنْ كَانَ الْإِكْرَاهُ عَلَى قَتْلٍ فَالتَّخْوِيفُ بِالْحَبْسِ، وَقَتْلِ الْوَلَدِ، وَإِتْلَافِ الْمَالِ لَيْسَ إِكْرَاهًا. وَإِنْ كَانَ الْإِكْرَاهُ عَلَى إِتْلَافِ مَالٍ، فَالتَّخْوِيفُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ إِكْرَاهًا. وَقِيلَ: لَا يَكُونُ التَّخْوِيفُ بِإِتْلَافِ الْمَالِ إِكْرَاهًا فِي إِتْلَافِ الْمَالِ.

الْوَجْهُ السَّادِسُ: أَنَّ الْإِكْرَاهَ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِالتَّخْوِيفِ بِعُقُوبَةٍ تَتَعَلَّقُ بِبَدَنِ الْمُكْرَهِ، بِحَيْثُ لَوْ حَقَّقَهَا تَعَلَّقَ بِهِ قِصَاصٌ، فَيَخْرُجُ عَنْهُ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِبَدَنِهِ، كَأَخْذِ الْمَالِ وَقَتْلِ الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ، وَالزَّوْجَةِ، وَالضَّرْبِ الْخَفِيفِ، وَالْحَبْسِ الْمُؤَبَّدِ، إِلَّا أَنْ يُخَوِّفَهُ بِحَبْسٍ فِي قَعْرِ بِئْرٍ يَغْلِبُ مِنْهُ الْمَوْتُ. وَاخْتَارَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ هَذَا.

الْوَجْهُ السَّابِعُ: لَا يَحْصُلُ الْإِكْرَاهُ إِلَّا بِعُقُوبَةٍ شَدِيدَةٍ تَتَعَلَّقُ بِبَدَنِهِ، فَيَدْخُلُ فِيهِ الْقَتْلُ وَالْقَطْعُ، وَالضَّرْبُ الشَّدِيدُ، وَالتَّجْوِيعُ وَالتَّعْطِيشُ، وَالْحَبْسُ الطَّوِيلُ، وَيَخْرُجُ مَا خَرَجَ عَنِ الْوَجْهِ السَّادِسِ، وَيَخْرُجُ عَنْهُ التَّخْوِيفُ بِالِاسْتِخْفَافِ بِإِلْقَاءِ الْعِمَامَةِ وَالصَّفْعِ، وَمَا يُخِلُّ بِالْجَاهِ. وَاسْتَبْعَدَ الْإِمَامُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، دُخُولَ الْحَبْسِ وَخُرُوجَ قَتْلِ الْوَلَدِ، وَأَمَّا التَّخْوِيفُ بِالنَّفْيِ عَنِ الْبَلَدِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ تَفْرِيقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ، فَكَالْحَبْسِ الدَّائِمِ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: إِكْرَاهٌ، لِأَنَّ مُفَارَقَةَ الْوَطَنِ شَدِيدَةٌ، وَلِهَذَا جُعِلَتْ عُقُوبَةً لِلزَّانِي، وَجَعَلَ الْبَغْوَيُّ التَّخْوِيفَ بِاللِّوَاطِ، كَالتَّخْوِيفِ بِإِتْلَافِ الْمَالِ، وَتَسْوِيدِ الْوَجْهِ. وَقَالَ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ إِكْرَاهًا عَلَى الْقَتْلِ وَالْقَطْعِ. وَفِي كَوْنِهِ إِكْرَاهًا فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ وَإِتْلَافِ الْمَالِ، وَجْهَانِ.

قُلْتُ: الْأَصَحُّ مِنْ هَذَا الْخِلَافِ الْمُنْتَشِرِ، هُوَ الْوَجْهُ الْخَامِسُ، لَكِنْ فِي بَعْضِ

ص: 60

تَفْصِيلِهِ الْمَذْكُورِ نَظَرٌ. فَالِاخْتِيَارُ أَنْ يُقَالَ: الْإِكْرَاهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَرْعٌ

لَا يَحْصُلُ الْإِكْرَاهُ بِالتَّخْوِيفِ بِعُقُوبَةٍ آجِلَةٍ كَقَوْلِهِ: لَأَقْتُلَنَّكَ غَدًا، وَلَا بِأَنْ يَقُولَ: طَلِّقِ امْرَأَتَكَ وَإِلَّا قَتَلْتُ نَفْسِي، أَوْ كَفَرْتُ، أَوْ أَبْطَلْتُ صَوْمِي أَوْ صَلَاتِي.

وَلَا بِأَنْ يَقُولَ مُسْتَحِقُّ الْقِصَاصِ: طَلِّقِ امْرَأَتَكَ، وَإِلَّا اقْتَصَصْتُ مِنْكَ.

فَرْعٌ

لَوْ أَخَذَهُ السُّلْطَانُ الظَّالِمُ بِسَبَبِ غَيْرِهِ وَطَالَبَهُ بِهِ فَقَالَ: لَا أَعْرِفُ مَوْضِعَهُ، أَوْ طَالَبَهُ بِمَالِهِ فَقَالَ: لَا شَيْءَ لَهُ عِنْدِي، فَلَمْ يُخَلِّهِ حَتَّى يَحْلِفَ بِالطَّلَاقِ فَحَلَفَ بِهِ كَاذِبًا، وَقَعَ طَلَاقُهُ ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يُكْرِهْهُ عَلَى الطَّلَاقِ، وَإِنَّمَا تَوَصَّلَ بِالْحَلِفِ إِلَى تَرْكِ الْمُطَالَبَةِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا قَالَ لَهُ اللُّصُوصُ: لَا نُخَلِّيكَ حَتَّى تَحْلِفَ أَنْ لَا تَذْكُرَ مَا جَرَى، فَحَلَفَ، لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ إِذَا ذَكَرَهُ، لِأَنَّهُمْ أَكْرَهُوهُ عَلَى الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ هُنَا.

فَرْعٌ

تَلَفَّظَ بِطَلَاقٍ ثُمَّ قَالَ: كُنْتُ مُكْرَهَا وَأَنْكَرْتُ، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَحْبُوسًا، أَوْ كَانَ هُنَاكَ قَرِينَةً أُخْرَى.

وَلَوْ قَالَ: طَلَّقْتُ وَأَنَا صَبِيٌّ، أَوْ نَائِمٌ، فَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيُّ: يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ.

قَالَ: وَلَوْ طَلَّقَ فِي الْمَرَضِ، وَقَالَ: كُنْتُ مَغْشِيًّا عَلَيَّ، لَمْ يُقْبَلْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى أَنَّهُ كَانَ زَائِلَ الْعَقْلِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ.

قُلْتُ: هَذَا الَّذِي قَالَهُ فِي النَّائِمِ، فِيهِ نَظَرٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 61

السَّبَبُ الثَّالِثُ: اخْتِلَالُ الْعَقْلِ: فَمَنْ طَلَّقَ وَهُوَ زَائِلُ الْعَقْلِ بِسَبَبٍ غَيْرِ مُتَعَدٍّ فِيهِ، كَجُنُونٍ أَوْ إِغْمَاءٍ، أَوْ أُوجِرَ خَمْرًا، أَوْ أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِهَا، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْمَشْرُوبَ مِنْ جِنْسِ مَا يُسْكِرُ، أَوْ شَرِبَ دَوَاءً يُزِيلُ الْعَقْلَ بِقَصْدِ التَّدَاوِي وَنَحْوِ ذَلِكَ، لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ. وَلَوْ تَعَدَّى بِشُرْبِ الْخَمْرِ فَسَكِرَ، أَوْ بِشُرْبِ دَوَاءٍ يُجَنِّنُ لِغَيْرِ غَرَضٍ صَحِيحٍ فَزَالَ عَقْلُهُ فَطَلَّقَ، وَقَعَ طَلَاقُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيِّ رحمه الله. وَحُكِيَ قَوْلٌ قَدِيمٌ، فَأَثْبَتَهُ الْأَكْثَرُونَ، وَمَنَعَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ. وَمِمَّنْ قَالَ: لَا يَقَعُ: الْمُزَنِيُّ، وَابْنُ سُرَيْجٍ، وَأَبُو سَهْلٍ الصُّعْلُوكِيُّ، وَابْنُهُ سَهْلٌ، وَأَبُو طَاهِرٍ الزِّيَادَيُّ، وَقِيلَ: لَا يَقَعُ فِي شُرْبِ الدَّوَاءِ الْمَذْكُورِ. وَإِنْ وَقَعَ فِي السُّكْرِ. وَاخْتَلَفُوا فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ، فَالصَّحِيحُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ جَارِيَانِ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ كُلِّهَا، مَا لَهُ وَمَا عَلَيْهِ. وَقِيلَ: إِنَّهُمَا فِي أَقْوَالِهِ كُلِّهَا، كَالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ، وَالْإِسْلَامِ وَالرِّدَّةِ، وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَغَيْرِهَا.

وَأَمَّا أَفْعَالُهُ، كَالْقَتْلِ وَالْقَطْعِ وَغَيْرِهِمَا، فَكَأَفْعَالِ الصَّاحِي قَطْعًا لِقُوَّةِ الْأَفْعَالِ. وَقِيلَ: هُمَا فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ وَالْجِنَايَاتِ، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ قَطْعًا، لِأَنَّ الْعِلْمَ شَرْطٌ فِي الْمُعَامَلَاتِ. وَقِيلَ: هُمَا فِيمَا هُوَ لَهُ كَالنِّكَاحِ وَالْإِسْلَامِ، أَمَّا مَا عَلَيْهِ كَالطَّلَاقِ وَالْإِقْرَارِ وَالضَّمَانِ، أَوْ لَهُ وَعَلَيْهِ، كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، فَيَصِحُّ قَطْعًا تَغْلِيظًا عَلَيْهِ.

فَرْعٌ

اخْتَلَفَتِ الْعِبَارَاتُ فِي حَدِّ السَّكْرَانِ، فَعَنِ الشَّافِعِيِّ رحمه الله: أَنَّهُ الَّذِي اخْتَلَّ كَلَامُهُ الْمَنْظُومُ. وَانْكَشَفَ سِرُّهُ الْمَكْتُومُ. وَعَنِ الْمُزَنِيِّ: أَنَّهُ الَّذِي لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، وَبَيْنَ أُمِّهِ وَامْرَأَتِهِ. وَقِيلَ: الَّذِي يُفْصِحُ بِمَا كَانَ يَحْتَشِمُ مِنْهُ.

ص: 62

وَقِيلَ: الَّذِي يَتَمَايَلُ فِي مِشْيَتِهِ وَيَهْذِي فِي كَلَامِهِ. وَقِيلَ: الَّذِي لَا يَعْلَمُ مَا يَقُولُ. وَعَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ وَهُوَ الْأَقْرَبُ: أَنَّ الرُّجُوعَ فِيهِ إِلَى الْعَادَةِ. فَإِذَا انْتَهَى تَغَيُّرُهُ إِلَى حَالِهِ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ السُّكْرِ، فَهُوَ الْمُرَادُ بِالسَّكْرَانِ. وَلَمْ يَرْضَ الْإِمَامُ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ. قَالَ: وَلَكِنَّ شَارِبَ الْخَمْرِ تَعْتَرِيهِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ.

إِحْدَاهَا: هِزَّةٌ وَنَشَاطٌ يَأْخُذُهُ إِذَا دَبَّتِ الْخَمْرَةُ فِيهِ وَلَمْ تَسْتَوْلِ بَعْدُ عَلَيْهِ، وَلَا يَزُولُ الْعَقْلُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَرُبَّمَا احْتُدَّ.

وَالثَّانِيَةُ: نِهَايَةُ السُّكْرِ، وَهُوَ أَنْ يَصِيرَ طَافِحًا، وَيَسْقُطَ كَالْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ، لَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يَكَادُ يَتَحَرَّكُ.

وَالثَّالِثَةُ: حَالَةٌ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَهُمَا. وَهِيَ أَنْ تَخْتَلِطَ أَحْوَالُهُ، فَلَا تَنْتَظِمُ أَقْوَالُهُ وَأَفْعَالُهُ، وَيَبْقَى تَمْيِيزُ وَفَهْمُ كَلَامٍ، فَهَذِهِ الثَّالِثَةُ سُكْرٌ. وَفِيِ نُفُوذِ الطَّلَاقِ فِيهَا الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ. وَأَمَّا الْحَالَةُ الْأُولَى، فَيَنْفُذُ طَلَاقُهُ فِيهَا بِلَا خِلَافٍ، لِبَقَاءِ الْعَقْلِ وَانْتِظَامِ الْقَصْدِ وَالْكَلَامِ. وَأَمَّاِ الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ، فَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ، أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ طَلَاقُهُ إِذْ لَا قَصْدَ لَهُ، وَلَفْظُهُ كَلَفْظِ النَّائِمِ، وَمِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ جَعَلَهُ عَلَى الْخِلَافِ، لِتَعَدِّيهِ بِالتَّسَبُّبِ إِلَى هَذِهِ الْحَالَةِ، وَهَذَا أَوْفَقُ لِإِطْلَاقِ الْأَكْثَرِينَ.

الرُّكْنُ الرَّابِعُ: الْمَحَلُّ وَهُوَ الْمَرْأَةُ. فَإِنْ أَضَافَ إِلَى كُلِّهَا فَقَالَ: طَلَّقْتُكِ، فَذَاكَ. وَكَذَا لَوْ قَالَ: جِسْمُكِ، أَوْ جَسَدُكِ، أَوْ شَخْصُكِ، أَوْ نَفْسُكِ، أَوْ جُثَّتُكِ، أَوْ ذَاتُكِ طَالِقٌ، طُلِّقَتْ.

وَلَوْ أَضَافَ إِلَى بَعْضِهَا شَائِعًا، طُلِّقَتْ أَيْضًا، سَوَاءٌ أَبْهَمَ فَقَالَ: بَعْضُكِ أَوْ جُزْءُكِ طَالِقٌ، أَوْ نَصَّ عَلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ كَالنِّصْفِ وَالرُّبْعِ، وَاحْتَجُّوا لِذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْعِتْقِ، فَقَدْ وَرَدَ فِيهِ «مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا. . .» .

وَلَوْ أَضَافَ إِلَى عِوَضٍ مُعَيَّنٍ، طُلِّقَتْ سَوَاءٌ كَانَ عُضْوًا بَاطِنًا كَالْكَبِدِ وَالْقَلْبِ

ص: 63

وَالطِّحَالِ، أَوْ ظَاهِرًا كَالْيَدِ، سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُفْصَلُ فِي الْحَيَاةِ كَالشَّعْرِ وَالظُّفْرِ، أَمْ لَا كَالْأُصْبُعِ، وَالْأَصْبُعُ الزَّائِدَةُ كَالْأَصْلِيَّةِ. وَحَكَى الْحَنَّاطِيُّ قَوْلًا ضَعِيفًا فِي الشَّعْرِ، كَمَا لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، وَلَا شَكَّ فِي اطِّرَادِهِ فِي السِّنِّ وَالظُّفْرِ.

قُلْتُ: بَيْنَهُمَا فَرْقٌ ظَاهِرٌ، فَإِنَّ اتِّصَالَ السِّنِّ آكَدُ مِنَ الشَّعْرِ. وَأَمَّا اشْتِرَاكُهُمَا فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ وَعَدَمِهِ، فَلِعَدَمِ الْإِحْسَاسِ، وَلِأَنَّهُمَا جُزْءَانِ، فَأَشْبَهَا الْيَدَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَإِنْ أَضَافَ إِلَى فَضَلَاتِ الْبَدَنِ كَالرِّيقِ، وَالْعَرَقِ، وَالْمُخَاطِ، وَالْبَوْلِ، أَوْ إِلَى الْأَخْلَاطِ كَالْبَلْغَمِ، وَالْمِرَّتَيْنِ لَمْ تُطَلَّقْ عَلَى الصَّحِيحِ. وَحَكَى الْحَنَّاطِيُّ وَالْإِمَامُ وَجْهًا: وَإِنْ أَضَافَ إِلَى اللَّبَنِ وَالْمَنِيِّ، لَمْ تُطَلَّقْ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّهُمَا مُتَهَيِّئَانِ لِلْخُرُوجِ كَالْبَوْلِ.

وَلَوْ قَالَ: جَنِينُكِ طَالِقٌ، لَمْ تُطَلَّقْ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَنَقَلَ الْإِمَامُ فِيهِ الِاتِّفَاقَ، وَحَكَى أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ فِيهِ وَجْهَيْنِ، وَأَبْعَدُ مِنْهُ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْحَنَّاطِيُّ فِي قَوْلِهِ: الْمَاءُ أَوِ الطَّعَامُ الَّذِي فِي جَوْفِكِ طَالِقٌ.

وَلَوْ أَضَافَ إِلَى الشَّحْمِ، طُلِّقَتْ عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِلَى الدَّمِ، تُطَلَّقُ عَلَى الْمَذْهَبِ.

وَلَوْ أَضَافَ إِلَى مَعْنًى قَائِمٍ بِالذَّاتِ، كَالسِّمْنِ وَالْحُسْنِ، وَالْقُبْحِ وَالْمَلَاحَةِ، وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ، وَالْكَلَامِ وَالضَّحِكِ، وَالْبُكَاءِ وَالْغَمِّ، وَالْفَرَحِ، وَالْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ، لَمْ تُطَلَّقْ. وَحَكَى الْحَنَّاطِيُّ وَجْهًا فِي الْحُسْنِ وَالْحَرَكَةِ، وَالسُّكُونِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْكَلَامِ، وَهَذَا شَاذٌّ ضَعِيفٌ، ثُمَّ الْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ سَائِرِ الصِّفَاتِ. وَلَوْ قَالَ: ظِلُّكِ، أَوْ طَرِيقُكِ، أَوْ صُحْبَتُكِ، أَوْ نَفَسُكِ بِفَتْحِ الْفَاءِ،

ص: 64

أَوِ اسْمُكِ طَالِقٌ، لَمْ تُطَلَّقْ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: إِلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالِاسْمِ ذَاتَهَا وَوُجُودَهَا، فَتُطَلَّقُ. وَلَوْ قَالَ: رُوحُكِ طَالِقٌ، طُلِّقَتْ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَحَكَى أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ فِيهِ خِلَافًا مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ الرُّوحَ جِسْمٌ أَوْ عَرَضٌ. وَلَوْ قَالَ: حَيَاتُكِ طَالِقٌ، فَقَالَ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: تُطَلَّقُ. وَقَالَ الْبَغَوِيُّ: إِنْ أَرَادَ الرُّوحَ، طُلِّقَتْ، وَهَذَا فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ

[إِنْ] أَرَادَ الْمَعْنَى الْقَائِمَ بِالْحَيِّ، لَا تُطَلَّقُ كَسَائِرِ الْمَعَانِي، وَبِهَذَا قَطَعَ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ عَدَمَ الْوُقُوعِ.

فَرْعٌ

إِذَا أَضَافَ الطَّلَاقَ إِلَى جُزْءٍ أَوْ عُضْوٍ مُعَيَّنٍ، فَفِي كَيْفِيَّةِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يَقَعُ عَلَى الْمُضَافِ إِلَيْهِ، ثُمَّ يَسْرِي إِلَى بَاقِي الْبَدَنِ، كَمَا يَسْرِي الْعِتْقُ. وَالثَّانِي: يَجْعَلُ الْمُضَافَ إِلَيْهِ عِبَارَةً عَنِ الْجُمْلَةِ، لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ الطَّلَاقُ فِي الْمُضَافِ إِلَيْهِ وَحْدَهُ، بِخِلَافِ الْعِتْقِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ، جَعَلَ ذَلِكَ عِبَارَةً عَنْ طَلْقَةٍ. وَلَا يُقَالُ: يَقَعُ نِصْفُ طَلْقَةٍ ثُمَّ يَسْرِي، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ هُوَ الْأَصَحَّ.

وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي صُوَرٍ.

مِنْهَا: إِذَا قَالَ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَيَمِينُكِ طَالِقٌ، فَقَطَعَتْ يَمِينَهَا، ثُمَّ دَخَلَتْ، إِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي، طُلِّقَتْ، وَإِلَّا، فَلَا.

وَلَوْ قَالَ لِمَنْ لَا يَمِينَ لَهَا: يَمِينُكِ طَالِقٌ، فَطَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا: التَّخْرِيجُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ. وَأَصَحُّهُمَا: الْقَطْعُ بِعَدَمِ الطَّلَاقِ. وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ، وَالْإِمَامُ، لِأَنَّهُ وَإِنْ جَعَلَ الْبَعْضَ عِبَارَةً عَنِ الْكُلِّ، فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ لِتَنْتَظِمَ الْإِضَافَةُ. فَإِذَا لَمْ يَكُنْ، لَغَتِ الْإِضَافَةُ، كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا: لِحْيَتُكِ أَوْ ذَكَرُكِ طَالِقٌ. قَالَ الْإِمَامُ: وَهَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ.

ص: 65

وَمِنْهَا: قَالَ الْمُتَوَلِّي: الْقَوْلُ بِعَدَمِ الطَّلَاقِ فِي قَوْلِهِ: حُسْنُكِ أَوْ بَيَاضُكِ طَالِقٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِالسِّرَايَةِ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَى الصِّفَاتِ.

أَمَّا إِذَا جَعَلْنَا الْبَعْضَ عِبَارَةً عَنِ الْجُمْلَةِ، فَيَجْعَلُ الصِّفَةَ عِبَارَةً عَنِ الْمَوْصُوفِ. قُلْتُ: هَذَا الَّذِي قَالَهُ ضَعِيفٌ، مُخَالِفٌ لِلدَّلِيلِ وَلِإِطْلَاقِ الْأَصْحَابِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمِنْهَا: لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: يَدُكِ أُمُّ وَلَدِي، أَوْ قَالَ لِطِفْلٍ الْتَقَطَهُ: يَدُكِ ابْنِي، قَالَ الْمُتَوَلِّي: إِنْ جَعَلْنَا الْبَعْضَ عِبَارَةً عَنِ الْجُمْلَةِ، كَانَ إِقْرَارًا بِالِاسْتِيلَادِ أَوِ النَّسَبِ، وَإِلَّا فَلَا.

فَرْعٌ

لَوْ أَضَافَ الْعِتْقَ إِلَى يَدِ عَبْدِهِ أَوْ رَأْسِهِ، فَفِيهِ الْوَجْهَانِ. وَإِنْ أَضَافَهُ إِلَى جُزْءٍ شَائِعٍ، قَالَ الْإِمَامُ: الْمَذْهَبُ تَقَدُّمُ السِّرَايَةِ، لِأَنَّ الْعَبْدَ يُمْكِنُ تَبْعِيضُ الْعِتْقِ فِيهِ، وَوُقُوعُهُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ. وَقِيلَ: فِيهِ الْوَجْهَانِ، لِأَنَّ إِعْتَاقَهُ بَعْضَ عَبْدِهِ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ.

قُلْتُ: يُتَصَوَّرُ فِيمَا إِذَا أَعْتَقَ عَبَدَهُ الْمَرْهُونَ وَهُوَ مُوسِرٌ بِقِيمَةِ بَعْضِهِ وَقُلْنَا بِالْأَظْهَرِ: إِنَّهُ يَنْفُذُ، عِتْقُ الْمُوسِرِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَرْعٌ

لَوْ أَشَارَ إِلَى عُضْوٍ مُبَانٍ، وَوَصَفَهُ بِالطَّلَاقِ، لَمْ تُطَلَّقْ. وَلَوْ فُصِلَتْ أُذُنُهَا

ص: 66