الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الْكَفَّارَاتِ
هِيَ قِسْمَانِ.
أَحَدُهُمَا: لَا يَدْخُلُهُ الْإِعْتَاقُ، كَالْوَاجِبَاتِ فِي مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ، وَسَبَقَ بَيَانُهَا فِي الْحَجِّ.
وَالثَّانِي: يَدْخُلُهُ الْإِعْتَاقُ، وَهُوَ نَوْعَانِ. أَحَدُهُمَا: تَتَرَتَّبُ فِيهِ خِصَالُ الْكَفَّارَةِ، وَهُوَ الظِّهَارُ وَالْجِمَاعُ فِي نَهَارِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَالْقَتْلُ.
وَالثَّانِي: لِلتَّخْيِيرِ، وَهِيَ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ، وَمُعْظَمُ الْمَقْصُودِ هُنَا كَفَّارَةُ الظِّهَارِ، وَيَدْخُلُ فِيهَا أَشْيَاءُ مِنْ غَيْرِهَا، وَالْبَاقِي مُوَضَّحَةٌ فِي أَبْوَابِهَا.
فَصْلٌ
تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ فِي الْكَفَّارَاتِ، وَيَكْفِيهِ نِيَّةُ الْكَفَّارَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّقْيِيدُ بِالْوُجُوبِ، لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا وَاجِبَةً، كَذَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ «الشَّامِلِ» وَغَيْرُهُ، وَلَا تَكْفِيهِ نِيَّةُ الْعِتْقِ الْوَاجِبِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلْكَفَّارَةِ، لِأَنَّ الْعِتْقَ قَدْ يَجِبُ بِالنَّذْرِ فَإِنْ نَوَى الْعِتْقَ الْوَاجِبَ بِالظِّهَارِ، أَوِ الْقَتْلِ مَثَلًا، كَفَى، وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ مُقَارِنَةً لِلْإِعْتَاقِ وَالْإِطْعَامِ، وَأَمَّا الصَّوْمُ، فَيَنْوِي مِنَ اللَّيْلِ كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقِيلَ: يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الِإِعْتَاقِ وَالْإِطْعَامِ، كَمَا ذَكَرْنَا فِي الزَّكَاةِ،
وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. وَإِذَا عُلِّقَ الْعِتْقُ عَنِ الْكَفَّارَةِ عَلَى شَرْطٍ، لَمْ يَجُزْ تَأَخُّرُ النِّيَّةِ عَنِ التَّعْلِيقِ، بَلْ يُشْتَرَطُ الْمُقَارَنَةُ لِلتَّعْلِيقِ إِنْ شَرَطْنَاهَا فِي التَّنْجِيزِ، وَعَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ: يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ، ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ.
فَرْعٌ
لَا يَجِبُ فِي النِّيَّةِ تَعْيِينُ الْكَفَّارَةِ، فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَتَا ظِهَارٍ وَقَتْلٍ، فَأَعْتَقَ عَبْدَيْنِ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ، أَجْزَاهُ عَنْهُمَا. وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ كَفَّارَاتٌ، فَأَعْتَقَ رَقَبَةً بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ، وَقَعَتْ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهَا، سَوَاءٌ اتَّفَقَ جِنْسُهَا أَوِ اخْتَلَفَ، وَكَذَا الصَّوْمُ وَالْإِطْعَامُ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَنَسِيَ سَبَبَهَا فَأَعْتَقَ وَنَوَى عَلَيْهِ، أَجْزَأَهُ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ، فَأَعْتَقَ رَقَبَةً عَنْ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ أَعْسَرَ وَصَامَ شَهْرَيْنِ عَنْ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ عَجَزَ فَأَطْعَمَ عَنِ الثَّالِثَةِ، وَلَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا، أَجْزَأَهُ، وَلَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ، فَنَوَى كَفَّارَةَ الْقَتْلِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، لَمْ يُجْزِئْهُ عَنِ الظِّهَارِ. وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ، فَأَعْتَقَ عَبْدًا بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ الْمُطْلَقَةِ، ثُمَّ صَرَفَهُ إِلَى وَاحِدَةٍ مُعَيَّنَةٍ، تَعَيَّنَ الْعِتْقُ لَهَا، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ بَعْدَهُ مِنْ صَرْفِهِ إِلَى الْأُخْرَى، كَمَا لَوْ عَيَّنَ فِي الِابْتِدَاءِ.
فَرْعٌ
إِذَا ظَاهَرَ الذِّمِّيُّ وَعَادَ، يُكَفِّرُ بِالْإِعْتَاقِ أَوِ الْإِطْعَامِ دُونَ الصِّيَامِ، وَلَوِ ارْتَدَّ مَنْ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ، لَمْ يَصِحَّ تَكْفِيرُهُ بِالصَّوْمِ. وَهَلْ يَكَفِّرُ بِالْإِعْتَاقِ أَوْ بِالْإِطْعَامِ إِذَا عَجَزَ عَنِ الْإِعْتَاقِ وَالصَّوْمِ؟ فِيهِ طَرِيقَانِ. مِنْهُمْ مَنْ جَزَمَ بِالْإِجْزَاءِ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَرَّجَهُ عَلَى زَوَالِ مِلْكِهِ، وَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ يُكَفِّرُ، لِأَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ قَبْلَ الرِّدَّةِ، فَكَانَ كَالدُّيُونِ. وَعَنِ الِاصْطَخْرِيِّ: أَنَّ الدَّيْنَ لَا يُقْضَى أَيْضًا إِنْ قُلْنَا بِزَوَالِ الْمِلْكِ، وَلَكِنَّ الْمَذْهَبَ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ: الْقَطْعُ بِأَنَّهُ يُقْضَى، وَيُشْتَرَطُ أَنْ