الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثَلَاثًا، أَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَلَيْسَ لِلثَّانِيَةِ الْمُخَاصَمَةُ لِلْمِيرَاثِ لِأَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ، وَلِلْأُولَى وَالثَّالِثَةُ الْمُخَاصَمَةُ، لِأَنَّ احْتِمَالَ عَدَمِ الطَّلَاقِ قَائِمٌ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَيُوقَفُ الْأَمْرُ إِلَى الِاصْطِلَاحِ.
فَصْلٌ
لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَعَبِيدٌ، فَقَالَ: إِنْ طَلَّقْتُ وَاحِدَةً مِنْ نِسَائِي، فَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ، وَإِنْ طَلَّقْتُ ثِنْتَيْنِ، فَعَبْدَانِ حُرَّانِ، وَإِنْ طَلَّقْتُ ثَلَاثًا، فَثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ أَحْرَارٌ، وَإِنْ طَلَّقْتُ أَرْبَعًا، فَأَرْبَعَةُ أَعْبُدٍ أَحْرَارٌ، ثُمَّ طَلَّقَهُنَّ مَعًا، أَوْ عَلَى التَّرْتِيبِ، عَتَقَ عَشَرَةُ أَعْبُدٍ، وَهَكَذَا الْحُكْمُ إِذَا عَلَّقَ بِصِيغَةِ «إِذَا» أَوْ «مَتَى» أَوْ «مَهْمَا» ، وَمَا لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ، أَمَّا إِذَا عَلَّقَ هَذِهِ التَّعْلِيقَاتِ بِلَفْظِ «كُلَّمَا» ثُمَّ طَلَّقَهُنَّ مَعًا، أَوْ عَلَى التَّرْتِيبِ، فَيَعْتِقُ خَمْسَةَ عَشَرَ عَبْدًا، وَقِيلَ: عَشَرَةٌ، وَقِيلَ: سَبْعَةَ عَشَرَ، وَقِيلَ: عِشْرُونَ، وَقِيلَ: ثَلَاثَةَ عَشَرَ، حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي كِتَابِهِ «الْمُجَرَّدِ» ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى تَضْعِيفِ مَا سِوَاهُ، وَالرُّجُوعِ فِي تَعْيِينِ الْعَبِيدِ إِلَيْهِ.
فَصْلٌ
فِي التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ التَّطْلِيقِ
وَفِي مَعْنَاهُ التَّعْلِيقُ بِنَفْيِ دُخُولِ الدَّارِ وَالضَّرْبِ، وَسَائِرِ الْأَفْعَالِ، فَإِذَا قَالَ: إِنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ، فَأَنْتِ طَالِقٌ، لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ حَتَّى يَحْصُلَ الْيَأْسُ مِنَ التَّطْلِيقِ.
وَلَوْ قَالَ: إِذَا لَمْ أُطَلِّقْكِ، فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِذَا مَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُهُ أَنَّ يُطَلِّقَ فِيهِ، فَلَمْ يُطَلِّقْ، طُلِّقَتْ، هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَقِيلَ:
قَوْلَانِ فِيهِمَا بِالنَّقْلِ وَالتَّخْرِيجِ، وَلَوْ قَالَ: مَتَى لَمْ أُطَلِّقْكِ، أَوْ «مَهْمَا» ، أَوْ أَيَّ حِينٍ، أَوْ كُلَّمَا لَمْ أَفْعَلْ، أَوْ تَفْعَلِي كَذَا، فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَمَضَى زَمَنٌ يَسَعُ الْفِعْلَ وَلَمْ يَفْعَلْ، طُلِّقَتْ عَلَى الْمَذْهَبِ، كَلَفْظِ إِذَا، وَأَشَارَ الْحَنَّاطِيُّ إِلَى خِلَافٍ، وَضَبَطَ الْأَصْحَابُ هَذَا تَفْرِيعًا عَلَى الْمَذْهَبِ، بِأَنَّ أَدَوَاتِ التَّعْلِيقِ كُلَّهَا تَقْتَضِي الْفَوْرَ فِي طَرَفِ النَّفْيِ، إِلَّا لَفْظَةَ «إِنْ» ، فَإِنَّهَا لِلتَّرَاخِي، وَفِي تَسْمِيَةِ هَذَا فَوْرًا وَتَرَاخِيًا، نَوْعُ تَوَسُّعٍ، وَلَكِنَّ الْمَعْنَى مَفْهُومٌ، وَلَوْ عَلَّقَ النَّفْيَ بِلَفْظَةِ «إِنْ» ، وَقَيَّدَ بِزَمَانٍ، فَقَالَ: إِنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ الْيَوْمَ، فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَقُلْنَا بِالْمَذْهَبِ، فَإِذَا مَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ يُطَلِّقْ، حُكِمَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ قُبَيْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لِحُصُولِ الْيَأْسِ حِينَئِذٍ، وَلَوْ قَالَ: إِنْ تَرَكْتُ طَلَاقَكِ، فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِذَا مَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُهُ أَنْ يُطَلِّقَ فِيهِ فَلَمْ يُطَلِّقْ، طُلِّقَتْ، بِخِلَافِ طَرَفِ النَّفْيِ، وَلَوْ طَلَّقَهَا فِي الْحَالِ وَاحِدَةً ثُمَّ سَكَتَ، لَمْ يَقَعْ أُخْرَى لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ طَلَاقَهَا. قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَلَوْ قَالَ: إِنْ سَكَتُّ عَنْ طَلَاقِكِ، فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَمْ يُطَلِّقْهَا فِي الْحَالِ، وَقَعَ طَلْقَةٌ، وَإِنْ طَلَّقَهَا فِي الْحَالِ ثُمَّ سَكَتَ، وَقَعَتْ أُخْرَى بِالسُّكُوتِ، وَلَا تُطَلَّقُ بَعْدَ ذَلِكَ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ.
فَرْعٌ
قَالَ: كُلَّمَا سَكَتُّ عَنْ طَلَاقِكِ، أَوْ كُلَّمَا لَمْ أُطَلِّقْكِ، فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَمَضَتْ ثَلَاثَةُ أَوْقَاتٍ تَسَعُ ثَلَاثَ طَلَقَاتٍ بِلَا تَطْلِيقٍ، طُلِّقَتْ ثَلَاثًا، وَهَذِهِ الصُّوَرُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا، فَلَوْ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا: كُلَّمَا لَمْ أُطَلِّقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَمَضَتْ لَحْظَةٌ لَمْ يُطَلِّقْهَا، بَانَتْ وَلَا تَلْحَقْهَا الثَّانِيَةُ، فَلَوْ جَدَّدَ نِكَاحَهَا وَقُلْنَا: يَعُودُ الْحِنْثُ، فَمَضَتْ لَحْظَةٌ، وَقَعَتْ طَلْقَةٌ أُخْرَى، وَلَوْ قَالَ لِلْمَدْخُولِ بِهَا عَقِبَ هَذَا التَّعْلِيقِ بِكُلَّمَا: أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَلْفٍ، فَقَبِلَتْ، بَانَتْ وَلَمْ تَقَعِ الثَّانِيَةُ، فَإِنْ جَدَّدَ نِكَاحَهَا، عَادَ قَوْلَا عَوْدِ الْحِنْثِ.
فَرْعٌ
إِذَا قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ «إِنْ» وَ «إِذَا» فَقَالَ: أَرَدْتُ بِإِذَا مَعْنَى إِنْ، دُيِّنَ، وَيُقْبَلُ أَيْضًا ظَاهِرًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَحَيْثُ قُلْنَا: فِي «إِنْ» أَوْ «إِذَا» إِنَّهُ إِذَا مَضَى زَمَنٌ يَسَعُ التَّطْلِيقَ فَلَمْ يُطَلِّقْ يَقَعُ، فَأَمْسَكَ رَجُلٌ فَمَهُ، أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنَ التَّطْلِيقِ، قَالَ الْحَنَّاطِيُّ: يَخْرُجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي حِنْثِ النَّاسِي وَالْمُكْرَهِ، وَحَيْثُ قُلْنَا: لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ حَتَّى يَتَحَقَّقَ الْيَأْسُ مِنَ التَّطْلِيقِ. وَلِلْيَأْسِ طُرُقٌ، أَحَدُهَا: أَنْ يَمُوتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ التَّطْلِيقِ، فَيُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ قُبَيْلَ الْمَوْتِ.
وَالثَّانِي: إِذَا جُنَّ الزَّوْجُ، لَا يَحْصُلُ الْيَأْسُ لِاحْتِمَالِ الْإِفَاقَةِ، فَإِنِ اتَّصَلَ بِالْمَوْتِ، تَبَيَّنَّا حُصُولَ الْيَأْسِ مِنْ وَقْتِ الْجُنُونِ، فَيُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ قُبَيْلَ الْجُنُونِ.
الثَّالِثُ: إِذَا فُسِخَ النِّكَاحُ بِسَبَبٍ، لَمْ يَحْصُلِ الْيَأْسُ، لِاحْتِمَالِ التَّجْدِيدِ، لِأَنَّ الْبِرَّ وَالْحِنْثَ لَا يَخْتَصُّ بِحَالِ النِّكَاحِ، وَلِذَلِكَ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ فِي الْبَيْنُونَةِ، فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ التَّجْدِيدِ وَالتَّطْلِيقِ، حُكِمَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ قُبَيْلَ الِانْفِسَاخِ، هَكَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ، وَتَابَعَهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ. قَالُوا: وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ، لِيُمْكِنَ اجْتِمَاعُهُ هُوَ وَالِانْفِسَاخُ، فَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا لِكَوْنِهِ ثَلَاثًا، أَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ، لَمْ يُمْكِنْ إِيقَاعُهُ قَبْلَ الِانْفِسَاخِ، لِمَا فِيهِ مِنَ الدَّوْرِ، فَإِنَّهُ لَوْ وَقَعَ لَمَا حَصَلَ الِانْفِسَاخُ، وَلَوْ لَمْ يَحْصُلِ الِانْفِسَاخُ لَمْ يَحْصُلِ الْيَأْسُ، وَإِذَا لَمْ يَحْصُلِ الْيَأْسُ، لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ، فَيَلْزَمُ مِنْ وُقُوعِهِ عَدَمُ وُقُوعِهِ، وَهَذَا مِنْ قَبِيلِ الدَّوْرِ الْحُكْمِيِّ، وَأَمَّا إِذَا جَدَّدَ نِكَاحَهَا بَعْدَ الِانْفِسَاخِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا فِي النِّكَاحِ الثَّانِي، لَمْ يَفُتِ التَّطْلِيقُ، بَلْ قَدْ حَصَلَ، وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا حَتَّى مَاتَ أَحَدُهُمَا، بُنِيَ عَلَى قَوْلَيْ عَوْدِ الْحِنْثِ، إِنْ قُلْنَا: يَعُودُ، طُلِّقَتْ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي قَبْلَ الْمَوْتِ، وَبَنَيْنَا النِّكَاحَ عَلَى النِّكَاحِ، وَإِنْ قُلْنَا: