الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِجَرَيَانِهِ، وَفِيهِ وَفِي نَظَائِرِهِ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ بِسَبَبِ الْعُرْفِ، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ رَاكِدًا، فَالطَّرِيقُ أَنْ يَحْمِلَهَا إِنْسَانٌ فِي الْحَالِ.
فَرْعٌ
لَا بُدَّ مِنَ النَّظَرِ فِي مِثْلِ هَذِهِ التَّعْلِيقَاتِ إِلَى وَضْعِ اللِّسَانِ، وَإِلَى مَا يَسْبِقُ إِلَى الْفَهْمِ فِي الْعُرْفِ الْغَالِبِ، فَإِنْ تَطَابَقَ الْعُرْفُ وَالْوَضْعُ، فَذَاكَ، وَإِنِ اخْتَلَفَا، فَكَلَامُ الْأَصْحَابِ يَمِيلُ إِلَى اعْتِبَارِ الْوَضْعِ، وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ يَرَيَانِ اتِّبَاعَ الْعُرْفِ، وَقَدْ سَبَقَ فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ أَمْثِلَةُ هَذَا.
فَصْلٌ
فِي مَسَائِلَ تَجْرِي فِي مُخَاصَمَةِ الزَّوْجَيْنِ وَمُشَاتَمَتِهِمَا
وَأَغْلَبُ مَا تَقَعُ إِذَا وَاجَهَتْ زَوْجَهَا بِمَكْرُوهٍ، فَيَقُولُ عَلَى سَبِيلِ الْمُكَافَأَةِ: إِنْ كُنْتِ كَذَلِكَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، يُرِيدُ أَنْ يَغِيظَهَا بِالطَّلَاقِ كَمَا غَاظَتْهُ بِالشَّتْمِ، فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: تَزْعُمِينَ أَنِّي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِذَا قَالَتْ لَهُ: يَا خَسِيسُ. فَقَالَ: إِنْ كُنْتُ كَذَلِكَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، نُظِرَ، إِنْ أَرَادَ الْمُكَافَأَةَ كَمَا ذَكَرْنَا، طُلِّقَتْ، سَوَاءٌ كَانَ خَسِيسًا أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَإِنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ، لَمْ تُطَلَّقْ إِلَّا بِوُجُودِ الْخِسَّةِ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْعَبَّادِيُّ: الْخَسِيسُ: مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَاهُ، وَأَخَسُّ الْأَخِسَّاءِ مَنْ بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ: الْخَسِيسُ: مَنْ يَتَعَاطَى فِي الْعُرْفِ مَا لَا يَلِيقُ بِحَالِهِ لِشِدَّةِ بُخْلِهِ، فَإِنْ شَكَّ فِي وُجُودِ الصِّفَةِ - وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ كَثِيرًا فِي مَسَائِلِ الشَّتْمِ وَالْإِيذَاءِ - فَالْأَصْلُ أَنْ لَا طَلَاقَ، وَإِنْ أَطْلَقَ اللَّفْظَ وَلَمْ يَقْصَدِ الْمُكَافَأَةَ، وَلَا حَقِيقَةَ اللَّفْظِ، فَهُوَ لِلتَّعْلِيقِ.
فَإِنْ عَمَّ الْعُرْفُ بِالْمُكَافَأَةِ، كَانَ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِي أَنَّهُ يُرَاعِي الْوَضْعَ أَوِ الْعُرْفَ، وَالْأَصَحُّ وَبِهِ قَطَعَ الْمُتَوَلِّي مُرَاعَاةُ اللَّفْظِ، فَإِنَّ الْعُرْفَ لَا يَكَادُ يَنْضَبِطُ فِي مِثْلِ هَذَا، وَأَجَابَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ بِمُقْتَضَى الْوَجْهِ الْآخَرِ، وَلَوْ قَالَتْ: يَا سَفِيهُ فَقَالَ: إِنْ كُنْتُ كَذَلِكَ، فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنْ قَصَدَ الْمُكَافَأَةَ، طُلِّقَتْ فِي الْحَالِ، وَإِنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ، طُلِّقَتْ إِنْ كَانَ سَفِيهًا، وَإِنْ أَطْلَقَ، فَعَلَى الْخِلَافِ،
وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ السَّفَهُ عَلَى مَا يُوجِبُ الْحَجْرَ، وَعَلَى هَذَا نَظَائِرُ مَا يَقَعُ بِهِ الشَّتْمُ وَالْإِيذَاءُ. وَتَكَلَّمُوا فِي كَلِمَاتٍ يَدْخُلُ بَعْضُهَا فِي حَدِّ الْإِفْحَاشِ، فَفِي «التَّتِمَّةِ» أَنَّ الْقَوَّادَ: مَنْ يَحْمِلُ الرِّجَالَ إِلَى أَهْلِهِ وَيُخَلِّي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْأَهْلِ، وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يَخْتَصَّ بِالْأَهْلِ، بَلْ هُوَ الَّذِي يَجْمَعُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ بِالْحَرَامِ، وَأَنَّ الْقَرْطَبَانَ: الَّذِي يَعْرِفُ مَنْ يَزْنِي بِزَوْجَتِهِ وَيَسْكُتُ عَلَيْهِ، وَأَنَّ قَلِيلَ الْحَمِيَّةِ: مَنْ لَا يَغَارُ عَلَى أَهْلِهِ وَمَحَارِمِهِ، وَأَنَّ الْقَلَّاشَ: الذَّوَّاقُ، وَهُوَ مَنْ يُوهِمُ أَنَّهُ يَشْتَرِي الطَّعَامَ لِيَذُوقَهُ وَهُوَ لَا يُرِيدُ الشِّرَاءَ، وَأَنَّ الدَّيُّوثَ: مَنْ لَا يَمْنَعُ النَّاسَ الدُّخُولَ عَلَى زَوْجَتِهِ.
وَفِي «الرَّقْمِ» لِلْعَبَّادِيِّ: أَنَّهُ الَّذِي يَشْتَرِي جَارِيَةً تُغَنِّي لِلنَّاسِ، وَأَنَّ الْبَخِيلَ: مَنْ لَا يُؤَدِّي الزَّكَاةَ، وَلَا يَقْرِي الضَّيْفَ فِيمَا قِيلَ، وَأَنَّهُ لَوْ قِيلَ لَهُ: يَا زَوْجَ الْقَحْبَةِ، فَقَالَ: إِنْ كَانَتْ زَوْجَتِي بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَهِيَ طَالِقٌ، فَإِنْ قَصَدَ التَّخَلُّصَ مِنْ عَارِهَا، وَقَعَ الطَّلَاقُ، كَمَا لَوْ قَصَدَ الْمُكَافَأَةَ، وَإِلَّا فَهُوَ تَعْلِيقٌ، فَيُنْظَرُ: هَلْ هِيَ بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ أَمْ لَا؟ قُلْتُ: الْقَحْبَةُ: هِيَ الْبَغِيُّ، وَهِيَ كَلِمَةٌ مُوَلَّدَةٌ لَيْسَتْ عَرَبِيَّةً. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا فِي الْخُصُومَةِ: إِيشْ تَكُونِينَ أَنْتِ، فَقَالَتْ: وَإِيشْ تَكُونُ أَنْتَ، فَقَالَ: إِنْ لَمْ أَكُنْ مِنْكِ بِسَبِيلٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ، قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: إِنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ لَمْ تُطَلَّقْ، لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ فَهُوَ مِنْهَا بِسَبِيلٍ، وَإِنْ قَصَدَ الْمُغَايَظَةَ وَالْمُكَافَأَةَ، طُلِّقَتْ.
وَالْمَقْصُودُ إِيقَاعُ الْفُرْقَةِ وَقَطْعِ مَا بَيْنَهُمَا، وَأَنَّهَا لَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: أَنْتَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَقَالَ: إِنْ كُنْتُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، لَمْ يُحْكَمْ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ إِنْ كَانَ الزَّوْجُ مُسْلِمًا، لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ظَاهِرًا، وَإِنْ كَانَ كَافِرًا طُلِّقَتْ فَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ، تَبَيَّنَّا
أَنَّهَا لَمْ تُطَلَّقْ. وَلَوْ قَالَتْ: يَا سَفِلَةُ، فَقَالَ: إِنْ كُنْتُ كَذَلِكَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْبُوشَنْجِيُّ: الْأَوْلَى أَنَّهُ الَّذِي يَتَعَاطَى الْأَفْعَالَ الدَّنِيئَةَ وَيَعْتَادُهَا، وَلَا يَقَعُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَتَّفِقُ مِنْهُ نَادِرًا، كَاسْمِ الْكَرِيمِ، وَالسَّيِّدِ فِي نَقِيضِهِ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ النَّظَرَ فِي تَحْقِيقِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ، إِنَّمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ عِنْدَ حَمْلِ اللَّفْظِ عَلَى التَّعْلِيقِ، فَأَمَّا إِذَا حُمِلَ عَلَى الْمُكَافَأَةِ، فَيَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ.
فَرْعٌ
الْكَوْسَجُ: مَنْ قَلَّ شَعْرُ وَجْهِهِ مَعَ انْحِسَارِ الشَّعْرِ عَنْ عَارِضَيْهِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله: أَنَّهُ الَّذِي عَدَدُ أَسْنَانِهِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ.
فَرْعٌ
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيُّ: الْغَوْغَاءُ: مَنْ يُخَالِطُ الْمُفْسِدِينَ وَالْمُنْحَرِفِينَ، وَيُخَاصِمُ النَّاسَ بِلَا حَاجَةٍ. قَالَ: وَالْأَحْمَقُ: مَنْ نَقَصَتْ مَرْتَبَةُ أُمُورِهِ وَأَحْوَالِهِ عَنْ مَرَاتِبِ أَمْثَالِهِ نَقْصًا بَيِّنًا بِلَا مَرَضٍ وَلَا سَبَبٍ.
قُلْتُ: قَالَ صَاحِبُ «الْمُهَذَّبِ» وَ «التَّهْذِيبِ» فِي بَابِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ: الْأَحْمَقُ: مَنْ يَفْعَلُ الشَّيْءَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِقُبْحِهِ.
وَفِي «التَّتِمَّةِ» وَ «الْبَيَانِ» أَنَّهُ مَنْ يَعْمَلُ مَا يَضُرُّهُ مَعَ عِلْمِهِ بِقُبْحِهِ. وَفِي «الْحَاوِي» : أَنَّهُ مَنْ يَضَعُ كَلَامَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، فَيَأْتِي بِالْحَسَنِ فِي مَوْضِعِ الْقَبِيحِ، وَعَكْسُهُ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ ثَعْلَبٌ: الْأَحْمَقُ: مَنْ لَا يَنْتَفِعُ بِعَقْلِهِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
قَالَتْ: يَا جَهُودَرْوِيُّ. فَقَالَ: إِنْ كُنْتُ كَذَلِكَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَقَصَدَ التَّعْلِيقَ، قَالَ