الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَنْ صَوَّرَ سَبْقَ اللِّسَانِ، مَا إِذَا طَهُرَتْ مِنَ الْحَيْضِ أَوْ ظَنَّ طُهْرَهَا، فَأَرَادَ أَنْ يَقُولَ: أَنْتِ الْآنَ طَاهِرَةٌ، فَسَبَقَ لِسَانُهُ، فَقَالَ: أَنْتِ الْآنَ طَالِقَةٌ.
فَرْعٌ
الْمُبَرْسَمُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ كَالنَّائِمِ.
فَرْعٌ
الْحَاكِي لِطَلَاقِ غَيْرِهِ، كَقَوْلِهِ: قَالَ فُلَانٌ: زَوْجَتِي طَالِقٌ. وَالْفَقِيهُ إِذَا كَرَّرَ لَفَظَ الطَّلَاقِ فِي تَصْوِيرِهِ وَتَدْرِيسِهِ وَتَكْرَارِهِ، لَا طَلَاقَ عَلَيْهِ.
فَرْعٌ
قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ عَنِ الْعَمَلِ. قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ: لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا.
فَصْلٌ
الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ يَنْفُذَانِ مِنَ الْهَازِلِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، فَلَا تَدْيِينَ فِيهِمَا، وَيَنْفُذُ أَيْضًا النِّكَاحُ وَالْبَيْعُ وَسَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ مَعَ الْهَزْلِ عَلَى الْأَصَحِّ.
وَصُورَةُ الْهَزْلِ أَنْ يُلَاعِبَهَا بِالطَّلَاقِ بِأَنْ تَقُولَ فِي مَعْرِضِ الدَّلَالِ وَالِاسْتِهْزَاءِ: طَلِّقْنِي، فَقَالَ: طَلَّقْتُكِ، فَتُطَلَّقُ، لِأَنَّهُ خَاطَبَهَا قَاصِدًا مُخْتَارًا، وَلَمْ يَصْرِفِ اللَّفْظَ إِلَى تَأْوِيلٍ، فَلَمَّ تُدَيَّنْ، بِخِلَافِ مَنْ قَالَ: أَرَدْتُ طَالِقٌ مِنْ وِثَاقٍ.
فَصْلٌ
خَاطَبَ زَوْجَتَهُ بِالطَّلَاقِ فِي ظُلْمَةٍ أَوْ حِجَابٍ وَنَحْوِهِمَا وَهُوَ يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً، تُطَلَّقُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ.
وَحَكَى الْغَزَالِيُّ فِي «الْبَسِيطِ» أَنَّ بَعْضَ الْوُعَّاظِ طَلَبَ مِنَ الْحَاضِرِينَ شَيْئًا فَلَمْ يُعْطُوهُ، فَقَالَ مُتَضَجِّرًا مِنْهُمْ: طَلَّقْتُكُمْ ثَلَاثًا، وَكَانَتْ زَوْجَتُهُ فِيهِمْ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فَأَفْتَى إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ. قَالَ: وَفِي الْقَلْبِ مِنْهُ شَيْءٌ.
وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا تُطَلَّقَ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: طَلَّقْتُكُمْ لَفْظٌ عَامٌّ وَهُوَ يَقْبَلُ الِاسْتِثْنَاءَ بِالنِّيَّةِ، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُسَلِّمُ عَلَى زَيْدٍ، فَسَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ هُوَ فِيهِمْ وَاسْتَثْنَاهُ بِقَلْبِهِ، لَمْ يَحْنَثْ. وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ زَوْجَتَهُ فِي الْقَوْمِ، كَانَ مَقْصُودُهُ غَيْرَهَا.
قُلْتُ: هَذَا الَّذِي قَالَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالرَّافِعِيُّ، كِلَاهُمَا عَجَبٌ مِنْهُمَا، أَمَّا الْعَجَبُ مِنَ الرَّافِعِيِّ، فَلِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ كَمَسْأَلَةِ السَّلَامِ عَلَى زَيْدٍ، لِأَنَّهُ هُنَاكَ عَلِمَ بِهِ وَاسْتَثْنَاهُ، وَهُنَا لَمْ يَعْلَمْ بِهَا وَلَمْ يَسْتَثْنِهَا، وَاللَّفْظُ يَقْتَضِي الْجَمِيعَ إِلَّا مَا أَخْرَجَهُ وَلَمْ يُخْرِجْهَا. وَأَمَّا الْعَجَبُ مِنَ الْإِمَامِ، فَلِأَنَّهُ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الرُّكْنِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ قَصْدُ لَفْظِ الطَّلَاقِ بِمَعْنَى الطَّلَاقِ، وَلَا يَكْفِي قَصْدُ لَفْظِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ مَعْنَاهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا الْوَاعِظَ لَمْ يَقْصِدْ مَعْنَى الطَّلَاقِ، وَأَيْضًا فَقَدْ عَلِمَ أَنَّ مَذْهَبَ أَصْحَابِنَا أَوْ جُمْهُورِهِمْ، أَنَّ النِّسَاءَ لَا يَدْخُلْنَ فِي خِطَابِ الرِّجَالِ إِلَّا بِدَلِيلٍ. وَقَوْلُهُ: طَلَّقْتُكُمْ خِطَابُ رِجَالٍ، فَلَا تَدْخُلُ امْرَأَتُهُ فِيهِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُطَلَّقَ لِمَا ذَكَرْتُهُ، لَا لِمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ، فَهَذَا مَا تَقْتَضِيهِ الْأَدِلَّةُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
نَسِيَ أَنَّ لَهُ زَوْجَةً، أَوْ زَوَّجَهُ أَبُوهُ فِي صِغَرِهِ، أَوْ وَكِيلُهُ فِي كِبْرِهِ وَهُوَ لَا يَدْرِي فَقَالَ: زَوْجَتِي طَالِقٌ، أَوْ خَاطَبَهَا بِالطَّلَاقِ، طُلِّقَتْ، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ. وَهَذَا فِي الظَّاهِرِ. وَفِي نُفُوذِهِ بَاطِنًا وَجْهَانِ بَنَاهُمَا الْمُتَوَلِّي عَلَى الْإِبْرَاءِ عَنِ الْمَجْهُولِ. إِنْ قُلْنَا: لَا يَصِحُّ، لَمْ تُطَلَّقْ بَاطِنًا.