المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَكَانَ قَصْدُهُ أَنْ يُحَقِّقَهُ بِاللَّفْظِ، وَقَعَ الثَّلَاثُ وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ، وَهَكَذَا - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ٨

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الرَّجْعَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الظِّهَارِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْكَفَّارَاتِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ اللَّعَانِ وَالْقَذْفِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْعِدَدِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

الفصل: وَكَانَ قَصْدُهُ أَنْ يُحَقِّقَهُ بِاللَّفْظِ، وَقَعَ الثَّلَاثُ وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ، وَهَكَذَا

وَكَانَ قَصْدُهُ أَنْ يُحَقِّقَهُ بِاللَّفْظِ، وَقَعَ الثَّلَاثُ وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ، وَهَكَذَا قَالَ الْمُتَوَلِّي فِي تَعْبِيرِهِ عَنِ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ.

وَرِدَّتُهَا وَإِسْلَامُهَا، إِذَا لَمْ تَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا قَبْلَ قَوْلِهِ: ثَلَاثًا، كَمَوْتِهَا، وَكَذَا لَوْ أَخَذَ شَخْصٌ عَلَى فَمِهِ وَمَنَعَهُ أَنْ يَقُولَ: ثَلَاثًا.

وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى عَزْمِ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ، فَمَاتَتْ فَقَالَ: ثَلَاثًا، قَالَ الْإِمَامُ: لَا شَكَّ أَنَّ الثَّلَاثَ لَا تَقَعُ، وَتَقَعُ الْوَاحِدَةُ عَلَى الصَّحِيحِ.

فَرْعٌ

اخْتَلَفُوا فِي قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، كَيْفَ سَبِيلُهُ؟ فَقِيلَ: قَوْلُهُ: ثَلَاثًا مَنْصُوبٌ بِالتَّفْسِيرِ وَالتَّمْيِيزِ. قَالَ الْإِمَامُ: هَذَا جَهْلٌ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَإِنَّمَا هُوَ صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: طَالِقٌ طَلَاقًا ثَلَاثًا. كَقَوْلِهِ: ضَرَبْتُ زَيْدًا شَدِيدًا، أَيْ: ضَرْبًا شَدِيدًا.

‌فَصْلٌ

قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مِلْءَ الْبَيْتِ أَوِ الْبَلَدِ أَوِ السَّمَاءِ أَوِ الْأَرْضِ، أَوْ مِثْلَ الْجَبَلِ، أَوْ أَعْظَمَ مِنَ الْجَبَلِ، أَوْ أَكْبَرَ الطَّلَاقِ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، أَوْ أَعْظَمَهُ، أَوْ أَشَدَّهُ، أَوْ أَطْوَلَهُ، أَوْ أَعْرَضَهُ، أَوْ طَلْقَةً كَبِيرَةً، أَوْ عَظِيمَةً، لَمْ يَقَعْ بِاللَّفْظِ إِلَّا طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ.

وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ الطَّلَاقِ أَوْ أَكْثَرَهُ، وَقَعَ الثَّلَاثُ. وَلَوْ قَالَ: عَدَدَ التُّرَابِ، قَالَ الْإِمَامُ: تَقَعُ وَاحِدَةٌ. وَقَالَ الْبَغَوِيُّ: عِنْدِي يَقَعُ الثَّلَاثُ كَمَا لَوْ قَالَ: عَدَدَ أَنْوَاعِ التُّرَابِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَزْنَ دِرْهَمٍ، أَوْ دِرْهَمَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةٍ، أَوْ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا. وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا لَمْ يَقَعْ إِلَّا طَلْقَةٌ. وَلَوْ قَالَ: يَا مِائَةَ طَالِقٍ، أَوْ أَنْتِ مِائَةُ طَالِقٍ، نَقَلَ الْبَغَوِيُّ، وَالْمُتَوَلِّي: أَنَّهُ يَقَعُ الثَّلَاثُ لِأَنَّهُ فِي الْعُرْفِ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ مِائَةً. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ كَمِائَةِ طَالِقٍ فَهَلْ تَقَعُ وَاحِدَةٌ أَمْ ثَلَاثٌ؟ وَجْهَانِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً وَاحِدَةً أَلْفَ مَرَّةٍ وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا، لَمْ يَقَعْ إِلَّا وَاحِدَةٌ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي.

ص: 77

فَرْعٌ

قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ لَمْ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ، قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْبُوشَنْجِيُّ: يُنْظَرُ إِنْ قَصَدَ الِاسْتِثْنَاءَ أَوِ التَّعْلِيقَ، فَلَمْ يُتِمَّهُ، فَلَا أَرَى أَنْ يَقَعَ طَلَاقُهُ، وَيُصَدَّقُ إِذَا فَسَّرَ بِهِ لِلْقَرِينَةِ الظَّاهِرَةِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الِاسْتِثْنَاءَ وَلَا التَّعْلِيقَ، وَقَعَ لِأَنَّهُ لَوْ أَتَى بِالِاسْتِثْنَاءِ بِلَا نِيَّةٍ، لَمْ يَقَعْ، فَهُنَا أَوْلَى.

الطَّرَفُ الثَّانِي فِي التَّكْرَارِ: فِيهِ مَسَائِلُ:

إِحْدَاهَا: قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ، نُظِرَ إِنْ سَكَتَ بَيْنَهُمَا سَكْتَةً فَوْقَ سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ وَنَحْوِهِ، وَقَعَ طَلْقَتَانِ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ التَّأْكِيدَ، لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا وَيُدَيَّنُ، وَإِنْ لَمْ يَسْكُتْ وَقَصَدَ التَّأْكِيدَ قُبِلَ وَلَمْ يَقَعْ إِلَّا طَلْقَةٌ، وَإِنْ قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ، وَقَعَ طَلْقَتَانِ، وَكَذَا إِنْ أَطْلَقَ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ، فَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: يَقَعُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ طَلْقَةٌ قَطْعًا، وَقَالَ الْجُمْهُورُ: لَا فَرْقَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ. وَلَوْ كَرَّرَ اللَّفْظَةَ ثَلَاثًا، وَأَرَادَ بِالْآخِرَتَيْنِ تَأْكِيدَ الْأُولَى لَمْ يَقَعْ إِلَّا وَاحِدَةٌ وَإِنْ أَرَادَ الِاسْتِئْنَافَ، وَقَعَ الثَّلَاثُ وَإِنْ أَطْلَقَ فَكَذَا عَلَى الْأَظْهَرِ. وَلَوْ قَالَ: قَصَدْتُ بِالثَّالِثَةِ تَأْكِيدَ الثَّانِيَةِ، وَبِالثَّانِيَةِ تَأْكِيدَ الْأُولَى، وَبِالثَّالِثَةِ الِاسْتِئْنَافَ، وَقَعَ طَلْقَتَانِ.

وَلَوْ قَصَدَ بِالثَّالِثَةِ تَأْكِيدَ الْأُولَى، وَقَعَ الثَّلَاثُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: طَلْقَتَانِ، وَلَا يَقْدَحُ هَذَا الْفَصْلُ الْيَسِيرِ. وَإِنْ قَصَدَ بِالثَّانِيَةِ الِاسْتِئْنَافَ، وَلَمْ يَقْصِدْ بِالثَّالِثَةِ شَيْئًا أَوْ بِالثَّالِثَةِ الِاسْتِئْنَافَ وَلَمْ يَقْصِدْ بِالثَّانِيَةِ شَيْئًا، وَقَعَ الثَّلَاثُ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَفِي قَوْلٍ طَلْقَتَانِ.

وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ، أَنْتِ مُسَرَّحَةٌ، أَنْتِ مُفَارَقَةٌ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: تَقَعُ هُنَا الثَّلَاثُ قَطْعًا، حَكَاهُ الْحَنَّاطِيُّ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، وَطَالِقٌ، وَطَالِقٌ، وَقَالَ: قَصَدْتُ بِالثَّانِي تَأْكِيدَ الْأَوَّلِ، لَمْ يُقْبَلْ فِي الظَّاهِرِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَقْصِدَ بِالثَّالِثِ تَأْكِيدَ الثَّانِي لِتَسَاوِيهِمَا،

ص: 78

وَيَجُوزُ أَنْ يَقْصِدَ بِهِ الِاسْتِئْنَافَ، وَإِنْ أَطْلَقَ، فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ. وَلَوْ قَالَ: قَصَدْتُ بِالثَّالِثِ تَأْكِيدَ الْأَوَّلِ، لَمْ يُقْبَلْ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ بَلْ طَالِقٌ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ بَلْ طَالِقٌ بَلْ طَالِقٌ. فَهُوَ كَقَوْلِهِ: طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، فَطَالِقٌ، فَطَالِقٌ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ فَطَالِقٌ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ طَالِقٌ، بَلْ طَالِقٌ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ، فَطَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ، تَعَيَّنَ الثَّلَاثُ وَلَا مَدْخَلَ لِلتَّأْكِيدِ لِاخْتِلَافِ الْأَلْفَاظِ. وَنَصَّ فِي «الْإِمْلَاءِ» ، أَنَّهُ لَوْ قَالَ: طَالِقٌ وَطَالِقٌ، لَا بَلْ طَالِقٌ. وَقَالَ: شَكَكْتُ فِي الثَّانِيَةِ، فَاسْتَدْرَكْتُ بِقَوْلِي: لَا بَلْ طَالِقٌ لِأُحَقِّقَ إِيقَاعَ الثَّانِيَةِ قُبِلَ وَلَمْ يَقَعْ إِلَّا طَلْقَتَانِ، فَجَعَلَ الْأَصْحَابُ الْمَسْأَلَةَ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا هَذَا، وَالثَّانِي وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَظَاهِرُ نَصِّهِ فِي الْمُخْتَصَرِ: لَا يُقْبَلُ وَيَقَعُ الثَّلَاثُ كَسَائِرِ الْأَلْفَاظِ الْمُتَغَايِرَةِ.

وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ، بَلْ طَالِقٌ مِنْ غَيْرِ لَفْظِ «لَا» ، فَالْمَذْهَبُ وُقُوعُ الثَّلَاثِ قَطْعًا كَمَا سَبَقَ. وَقِيلَ بِطَرْدِ الْقَوْلَيْنِ.

فَرْعٌ

قَالَ لَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ: أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ، أَوْ طَالِقٌ فَطَالِقٌ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ بَلْ طَالِقٌ وَطَالِقٌ. . لَمْ يَقَعْ إِلَّا طَلْقَةٌ لِأَنَّهَا تَبِينُ بِهَا، فَلَا يَقَعُ مَا بَعْدَهَا. وَحُكِيَ وَجْهٌ وَقَوْلٌ قَدِيمٌ أَنَّهُ كَمَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ لِمَدْخُولٍ بِهَا عَلَى مَا سَبَقَ، لِأَنَّهُ كَلَامٌ وَاحِدٌ فَأَشْبَهُ قَوْلَهُ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: ثَلَاثًا، بَيَانٌ لِلْأَوَّلِ بِخِلَافِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ.

فَرْعٌ

قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ، أَوْ قَالَ:

ص: 79

أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ، فَدَخَلَتْ، وَقَعَ الثَّلَاثُ، وَإِنْ قَالَهُ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، أَصَحُّهَا: تَقَعُ الثَّلَاثُ أَيْضًا إِذَا دَخَلَتْ. وَالثَّانِي: لَا يَقَعُ إِلَّا وَاحِدَةٌ. وَالثَّالِثُ: إِنْ قَدَّمَ الْجَزَاءَ فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ. وَقَعَ الثَّلَاثُ. وَإِنْ عَكَسَ فَوَاحِدَةٌ. وَإِنْ قَالَ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ، فَأَنْتِ طَالِقٌ إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ، فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَدَخَلَتْ، فَإِنْ قَصَدَ التَّأْكِيدَ، وَقَعَ طَلْقَةٌ. وَإِنْ قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ، وَقَعَ الثَّلَاثُ. وَإِنْ أَطْلَقَ، فَعَلَى أَيِّهِمَا يُحْمَلُ؟ قَالَ الْبَغَوِيُّ: فِيهِ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى مَا لَوْ حَنِثَ فِي أَيْمَانٍ بِفِعْلٍ وَاحِدٍ، هَلْ تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ؟ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: يُحْمَلُ عَلَى التَّأْكِيدِ إِذَا لَمْ يَحْصُلْ فَصْلٌ، أَوْ حَصَلَ وَاتَّحَدَ الْمَجْلِسُ. فَإِنِ اخْتَلَفَ فَعَلَى أَيِّهِمَا يُحْمَلُ؟ وَجْهَانِ. وَإِذَا حُمِلَ عَلَى التَّأْكِيدِ، فَيَقَعُ عِنْدَ الدُّخُولِ طَلْقَةٌ أَمْ يَتَعَدَّدُ؟ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِهِ. وَلَوْ قَالَ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً، وَإِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ، قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ وَالْأَصْحَابُ: تُطَلَّقُ بِالدُّخُولِ ثَلَاثًا سَوَاءٌ كَانَ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ غَيْرِهَا لِأَنَّ الْجَمِيعَ يَقَعُ دُفْعَةً. قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَكَذَا فِي الصُّوَرِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا، لِأَنَّ عَلَى تَقْدِيرِ التَّعَدُّدِ يَقَعُ الْجَمِيعُ حَالَ الدُّخُولِ.

وَلَوْ قَالَ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ طَالِقٌ، لَمْ يَقَعْ بِالدُّخُولِ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا إِلَّا طَلْقَةٌ لِأَنَّ «ثُمَّ» لِلتَّرَاخِي. قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَكَذَا لَوْ أَخَّرَ الشَّرْطَ فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ طَالِقٌ إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً فَطَلْقَةً، أَوْ طَالِقٌ فَطَالِقٌ، وَقَعَ طَلْقَتَانِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ. وَلَوْ قَالَ: طَلْقَةً بَلْ طَلْقَتَيْنِ، وَقَعَ الثَّلَاثُ فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا، بَانَتْ بِالْأُولَى وَلَمْ تَقَعِ الزِّيَادَةُ فِي الصُّورَتَيْنِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً مَعَهَا طَلْقَةٌ، أَوْ مَعَ

ص: 80

طَلْقَةٍ، وَقَعَ طَلْقَتَانِ. وَهَلْ يَقَعَانِ مَعًا بِتَمَامِ الْكَلَامِ، أَمْ مُتَعَاقِبَيْنِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ. فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا، طُلِّقَتْ عَلَى الْأَوَّلِ طَلْقَتَيْنِ، وَعَلَى الثَّانِي طَلْقَةً.

وَلَوْ قَالَ: طَلْقَةً تَحْتَ طَلْقَةٍ، أَوْ تَحْتَهَا طَلْقَةٌ، أَوْ فَوْقَ طَلْقَةٍ، أَوْ فَوْقَهَا طَلْقَةٌ، فَقَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: حُكْمُهَا حُكْمُ «مَعَ» ، وَقَالَ الْمُتَوَلِّي كَلَامًا يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِأَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا لَا يَقَعُ عَلَيْهَا إِلَّا طَلْقَةٌ، لِأَنَّ وَصْفَ الطَّلَاقِ بِالْفَوْقِيَّةِ وَالتَّحْتِيَّةِ مُحَالٌ، فَيَلْغُو وَيَصِيرُ كَقَوْلِهِ: طَالِقٌ طَالِقٌ، وَفِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يَقَعُ إِلَّا وَاحِدَةٌ، كَمَا لَا يَلْزَمُ فِي الْإِقْرَارِ إِلَّا دِرْهَمٌ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ كَجٍّ وَالْحَنَّاطِيُّ. وَلَوْ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً قَبْلَ طَلْقَةٍ، أَوْ بَعْدَهَا طَلْقَةٌ، وَقَعَ طَلْقَتَانِ. إِحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى. وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا، وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ وَبَانَتْ.

وَلَوْ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَعْدَ طَلْقَةٍ، أَوْ قَبْلَهَا طَلْقَةٌ، وَقَعَ طَلْقَتَانِ مُتَعَاقِبَتَانِ عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ. وَفِي كِتَابِ ابْنِ كَجٍّ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يَقَعُ إِلَّا وَاحِدَةٌ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: قَبْلَهَا طَلْقَةٌ مَمْلُوكَةٌ أَوْ ثَابِتَةٌ، قَالَ: وَهَذَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَلَوْ قَالَ: أَرَدْتُ ذَلِكَ، صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لَا مَحَالَةَ. فَإِذَا قُلْنَا بِالصَّحِيحِ، فَفِي كَيْفِيَّةِ تَعَاقُبِهِمَا وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: تَقَعُ أَوَّلًا الْمُنَجَّزَةُ، ثُمَّ الْمُضَمَّنَةُ، وَيَلْغُو قَوْلُهُ: قَبْلَهَا، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ، يَقَعُ فِي الْحَالِ، وَيَلْغُو قَوْلُهُ: أَمْسِ. وَأَصَحُّهُمَا: تَقَعُ أَوَّلًا الْمُضَمَّنَةُ، ثُمَّ الْمُنَجَّزَةُ، لِأَنَّ الْمَعْنَى يَقْتَضِي ذَلِكَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمُضَمَّنَةَ تَقَعُ قَبْلَ تَمَامِ اللَّفْظِ، بَلْ يَقَعَانِ بَعْدَ تَمَامِ اللَّفْظِ، فَتَقَعُ الْمُضَمَّنَةُ عَقِبَ اللَّفْظِ، ثُمَّ الْمُنَجَّزَةُ فِي لَحْظَةٍ عَقِبَهَا. فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا، فَأَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا: يَقَعُ وَاحِدَةٌ. وَالثَّانِي: لَا يَقَعُ شَيْءٌ، وَالثَّالِثُ: يَقَعُ طَلْقَتَانِ، وَيَلْغُو قَوْلُهُ: قَبْلَهَا، وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ: طَلْقَتَيْنِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَلَوْ قَالَ لِلْمَدْخُولِ بِهَا: أَنْتِ

ص: 81

طَالِقٌ طَلْقَةً، قَبْلَهَا طَلْقَةٌ وَبَعْدَهَا طَلْقَةٌ، طُلِّقَتْ ثَلَاثًا. وَلَوْ قَالَ: قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا طَلْقَةٌ، وَقَعَ الثَّلَاثُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: طَلْقَتَانِ، وَيَلْغُو قَوْلُهُ: قَبْلَهَا.

وَلَوْ خَاطَبَ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا بِأَحَدِ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ، فَهَلْ يَقَعُ وَاحِدَةٌ أَمْ لَا يَقَعُ شَيْءٌ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ. وَمَتَى قَالَ: أَرَدْتُ بِقَوْلِي: بَعْدَهَا طَلْقَةٌ، أَيْ سَأُطَلِّقُهَا بَعْدَ هَذَا طَلْقَةً، لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا وَيُدَيَّنُ، وَلَوْ قَالَ: أَرَدْتُ بِقَوْلِي: قَبْلَهَا أَنَّ زَوْجًا آخَرَ طَلَّقَهَا فِي نِكَاحٍ آخَرَ، فَعَلَى مَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فِيمَا إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي الشَّهْرِ الْمَاضِي، وَفُسِّرَ بِهَذَا.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ، وَقَعَ طَلْقَتَانِ عَلَى التَّرْتِيبِ.

وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، فَالصَّحِيحُ وُقُوعُ ثَلَاثٍ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْ قَوْلِهِ: ثَلَاثًا. وَقِيلَ: ثِنْتَيْنِ بِالْفَرَاغِ

[مِنْ] وُقُوعِ الثَّلَاثِ بِقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ. قَالَ الْإِمَامُ: وَقِيَاسُ مَنْ قَالَ: يَقَعُ طَلْقَةٌ، إِذَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، فَمَاتَتْ قَبْلَ قَوْلِهِ: ثَلَاثًا: أَنْ يَقَعَ هُنَا طَلْقَةٌ بِقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ، وَيَتِمُّ الثَّلَاثُ بِقَوْلِهِ: ثَلَاثًا، لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ، لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَقَعَ الثَّلَاثُ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَا تَقَعُ مُرَتَّبَةً.

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ خَمْسًا، أَوْ قَالَ: إِحْدَى عَشْرَةَ، وَقَعَ الثَّلَاثُ، وَلَوْ قَالَ لَهَا: وَاحِدَةً وَمِائَةً، لَمْ يَقَعْ إِلَّا وَاحِدَةٌ. وَلَوْ قَالَ: إِحْدَى وَعِشْرِينَ، فَهَلْ يَقَعُ الثَّلَاثُ أَمْ وَاحِدَةٌ؟ وَجْهَانِ لِتَرَدُّدِهَا بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ.

قُلْتُ: الْأَصَحُّ، أَنَّهُ تَقَعُ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ كَقَوْلِهِ: وَاحِدَةٌ وَمِائَةٌ، بِخِلَافِ إِحْدَى عَشْرَةَ، فَإِنَّهُ مُرَكَّبٌ فَهُوَ بِمَعْنَى الْمُفْرَدِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 82

وَلَوْ قَالَ: طَلْقَةً وَنِصْفًا، لَمْ يَقَعْ إِلَّا وَاحِدَةٌ.

فَرْعٌ

قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً، بَلْ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَإِنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا، وَقَعَ ثَلَاثٌ، وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ.

وَلَوْ قَالَ: ثِنْتَيْنِ بَلْ وَاحِدَةً، طُلِّقَتِ الْمَدْخُولُ بِهَا ثَلَاثًا، وَغَيْرُهَا طَلْقَتَيْنِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَلْ ثَلَاثًا إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: يَقَعُ وَاحِدَةٌ بِقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ، وَيَتَعَلَّقُ طَلْقَتَانِ بِدُخُولِ الدَّارِ. وَالثَّانِي: يَتَعَلَّقُ الثَّلَاثُ بِالدُّخُولِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ: أَرَدْتُ تَخْصِيصَ الشَّرْطِ بِقَوْلِي: بَلْ ثَلَاثًا. فَإِنْ قَالَهُ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا، فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ تَبَيَّنَ بِالْوَاحِدَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْحَالِ، فَإِنْ نَكَحَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَدَخَلَتْ، فَقِيلَ فِيهِ قَوْلَا عَوْدِ الْحِنْثِ، وَالْمَذْهَبُ، أَنَّهُ لَا يَقَعُ قَطْعًا، لِأَنَّهَا إِذَا بَانَتْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِالدُّخُولِ وَاقِعًا فِي حَالِ الْبَيْنُونَةِ، فَيَلْغُو. وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي يَتَعَلَّقُ الثَّلَاثُ بِالدُّخُولِ، فَإِذَا دَخَلَتْ، فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ، فِيمَا إِذَا قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ، فَعَلَى وَجْهٍ: لَا يَقَعُ إِلَّا وَاحِدَةٌ، وَعَلَى الْأَصَحِّ: يَقَعُ الثَّلَاثُ. وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ، بَلْ ثَلَاثًا إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ، فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَدَّادِ: يَقَعُ طَلْقَتَانِ فِي الْحَالِ، وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الثَّالِثَةِ. وَعَلَى الثَّانِي تَتَعَلَّقُ الثَّلَاثُ بِالدُّخُولِ، فَإِذَا دَخَلَتْ، فَفِي وَجْهٍ يَقَعُ طَلْقَةٌ، وَعَلَى الْأَصَحِّ ثَلَاثٌ.

فَرْعٌ

قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً، قَبْلَهَا كُلُّ تَطْلِيقَةٍ، أَوْ بَعْدَهَا كُلُّ تَطْلِيقَةٍ، قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْبُوشَنْجِيُّ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنْ يُقَالَ: إِنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا، وَقَعَ الثَّلَاثُ مَعَ تَرْتِيبٍ بَيْنَ الْوَاحِدَةِ وَبَاقِي الثَّلَاثِ، وَإِلَّا، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: يَقَعُ وَاحِدَةٌ. وَالثَّانِي: لَا شَيْءَ.

ص: 83

فَرْعٌ

عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيِّ

لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ كَأَلْفٍ، فَإِنْ نَوَى عَدَدًا، وَقَعَ، وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ حَتَّى تَتِمَّ ثَلَاثٌ، فَهَلْ تَقَعُ ثَلَاثٌ، أَمْ تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ، فَوَاحِدَةٌ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَيَقْرُبُ مِنْهُ مَا إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ حَتَّى أُكْمِلَ ثَلَاثًا، أَوْ أُوقِعَ عَلَيْكِ ثَلَاثًا، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَلْوَانًا مِنَ الطَّلَاقِ، تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ، فَوَاحِدَةٌ.

وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: يَا مُطَلَّقَةُ: أَنْتِ طَالِقٌ، وَكَانَ طَلَّقَهَا قَبْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ: أَرَدْتُ تِلْكَ الطَّلْقَةَ، فَهَلْ يُقْبَلُ أَمْ يَقَعُ أُخْرَى؟ وَجْهَانِ. ذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ الْبُوشَنْجِيُّ: أَنَّهُ لَوْ قَالَتْ لَهُ: طَلِّقْنِي وَطَلِّقْنِي وَطَلِّقْنِي، أَوْ طَلِّقْنِي طَلِّقْنِي طَلِّقْنِي، أَوْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي ثَلَاثًا، فَقَالَ: طَلَّقْتُكِ، أَوْ قَدْ طَلَّقْتُكِ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ. فَإِنْ نَوَى عَدَدًا، وَقَعَ، وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ، وَأَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً ثُمَّ قَالَ: جَعَلْتُهَا ثَلَاثًا، فَهُوَ لَغْوٌ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ.

الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي الْحِسَابِ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ.

الْأَوَّلُ: فِي حِسَابِ الضَّرْبِ، فَإِذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً فِي وَاحِدَةٍ، أَوْ طَلْقَةً فِي طَلْقَةٍ، سُئِلَ عَنْ مُرَادِهِ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ طَلْقَةً مَعَ طَلْقَةٍ، وَقَعَ طَلْقَتَانِ، وَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ بِهِ الظَّرْفَ أَوِ الْحِسَابَ، أَوْ لَمْ أُرِدْ شَيْئًا، وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً فِي طَلْقَتَيْنِ، أَوْ وَاحِدَةً فِي اثْنَتَيْنِ، وَأَرَادَ مَعَ اثْنَتَيْنِ، وَقَعَ الثَّلَاثُ، وَإِنْ أَرَادَ الْحِسَابَ وَهُوَ يَعْلَمُهُ، وَقَعَ طَلْقَتَانِ، وَإِنْ جَهِلَهُ وَقَالَ: أَرَدْتُ مَا يَزِيدُهُ الْحِسَابُ، فَطَلْقَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقَالَ الصَّيْرَفِيُّ: طَلْقَتَانِ.

ص: 84

وَأَجْرَى الْوَجْهَانِ فِي قَوْلِهِ: طَلَّقْتُكِ مِثْلَ مَا طَلَّقَ زَيْدٌ وَهُوَ لَا يَدْرِي كَمْ طَلَّقَ زَيْدٌ. وَكَذَا لَوْ نَوَى عَدَدَ طَلَاقِ زَيْدٍ وَلَمْ يَتَلَفَّظْ، وَإِنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يَنْوِ الْحِسَابَ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ، فَطَلْقَةٌ، وَكَذَا إِنْ عَرَفَهُ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَفِي قَوْلٍ: طَلْقَتَانِ. وَفِي قَوْلٍ غَرِيبٍ ضَعِيفٍ حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ: يَقَعُ ثَلَاثُ طَلَقَاتٍ لِتَلَفُّظِهِ بِهِنَّ، وَيَجِيءُ هَذَا الْقَوْلُ فِيمَنْ لَا يَعْرِفُ الْحِسَابَ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً فِي ثَلَاثٍ، فَإِنْ قَصَدَ الْحِسَابَ، وَقَعَ الثَّلَاثُ إِنْ عَرَفَهُ، وَإِلَّا فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا، فَعَلَى التَّفْصِيلِ وَالْخِلَافِ الْمَذْكُورَيْنِ.

وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ فِي ثِنْتَيْنِ، فَإِنْ قَصَدَ الْحِسَابَ وَهُوَ يَعْرِفُهُ، وَقَعَ الثَّلَاثُ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا، فَهَلْ يَقَعُ ثِنْتَانِ، أَمْ ثَلَاثٌ؟ فِيهِ الْخِلَافُ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ فِي نِصْفِ طَلْقَةٍ، وَقَعَتْ طَلْقَةٌ، سَوَاءٌ أَرَادَ الْحِسَابَ أَمِ الظَّرْفَ أَمِ الْمَعِيَّةَ، أَمْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا. وَلَوْ قَالَ: وَاحِدَةً فِي نِصْفٍ، فَكَذَلِكَ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ الْمَعِيَّةَ، فَيَقَعُ طَلْقَتَانِ، وَلَوْ قَالَ: وَاحِدَةً وَرُبُعًا، أَوْ نِصْفًا فِي وَاحِدَةٍ وَرُبُعٍ، وَقَعَ طَلْقَتَانِ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ الْمَعِيَّةَ، فَتَقَعُ ثَلَاثٌ.

فَرْعٌ

قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَاحِدَةٍ إِلَى ثَلَاثٍ، فَهَلْ يَقَعُ الثَّلَاثُ، أَمْ ثِنْتَانِ، أَمْ وَاحِدَةٌ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ، أَصَحُّهَا عِنْدَ الْبَغَوِيِّ: الْأَوَّلُ، وَلَوْ قَالَ: مَا بَيْنَ الْوَاحِدَةِ وَالثَّلَاثِ، وَقَعَتْ طَلْقَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَيَجِيءُ فِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ فِي نَظِيرِهِ مِنَ الْإِقْرَارِ.

النَّوْعُ الثَّانِي: فِي تَجْزِئَةِ الطَّلَاقِ. اعْلَمْ أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَبَعَّضُ، بَلْ ذِكْرُ بَعْضِهِ كَذِكْرِ كُلِّهِ لِقُوَّتِهِ، سَوَاءٌ أَبْهَمَ بِأَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ بَعْضَ طَلْقَةٍ، أَوْ جُزْءًا، أَوْ سَهْمًا مِنْ طَلْقَةٍ، أَوْ بَيَّنَ فَقَالَ: نِصْفَ طَلْقَةٍ أَوْ رُبُعَ طَلْقَةٍ، قَالَ الْإِمَامُ: وُقُوعُ الطَّلَاقِ هُنَا عَلَى سَبِيلِ التَّعْبِيرِ بِالْبَعْضِ عَنِ الْكُلِّ، وَلَا يُتَخَيَّلُ هُنَا

ص: 85

السِّرَايَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ: بَعْضُكِ طَالِقٌ، لَكِنْ لَا يَظْهَرُ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ مُحَقَّقٌ. وَفِي كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ، أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُلْغَى قَوْلُهُ: نِصْفَ طَلْقَةٍ، وَيُعْمَلُ قَوْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ.

فَرْعٌ

إِذَا زَادَ فِي الْأَجْزَاءِ فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ، أَوْ أَرْبَعَةَ أَثْلَاثِ طَلْقَةٍ، وَقَعَ طَلْقَتَانِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: طَلْقَةٌ. وَقِيلَ: ثَلَاثُ طَلَقَاتٍ، حَكَاهُ الْحَنَّاطِيُّ. وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ، قَوْلُهُ: خَمْسَةُ أَرْبَاعِ طَلْقَةٍ، أَوْ نِصْفٌ وَثُلُثَيْ طَلْقَةٍ.

قُلْتُ: هَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إِذَا زَادَتِ الْأَجْزَاءُ عَلَى طَلْقَةٍ، وَلَمْ يُجَاوِزْ طَلْقَتَيْنِ، فَإِنْ جَاوَزَتْ كَقَوْلِهِ: خَمْسَةَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ، أَوْ سَبْعَةَ أَثْلَاثِ طَلْقَةٍ وَأَشْبَاهِهِ، كَانَ الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ يَقَعُ طَلْقَةٌ أَمْ ثَلَاثٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ ثَلَاثَةُ أَنْصَافِ دِرْهَمٍ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي.

فَرْعٌ

قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَيْ طَلْقَةٍ، لَمْ يَقَعْ إِلَّا طَلْقَةٌ، إِلَّا أَنْ يُرِيدَ نِصْفًا مِنْ طَلْقَةٍ، وَنِصْفًا مِنْ أُخْرَى وَكَذَا لَوْ قَالَ: رُبُعَيْ طَلْقَةٍ، أَوْ ثُلُثَيْ طَلْقَةٍ، وَأَشَارَ فِي «الْوَسِيطِ» إِلَى الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَقَالَ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَقَعُ طَلْقَةٌ، وَالْكُتُبُ سَاكِتَةٌ عَنِ الْخِلَافِ، لَكِنَّهُ جَارٍ عَلَى مَا نَقَلَهُ الْحَنَّاطِيُّ.

قُلْتُ: قَدْ حَكَى الْوَجْهَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ فِي «الْوَسِيطِ» عَنْ «شَرْحِ الْمِفْتَاحِ» . وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 86

وَلَوْ قَالَ: نِصْفَ طَلْقَتَيْنِ، أَوْ ثُلُثَ طَلْقَتَيْنِ، وَقَعَ طَلْقَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: طَلْقَتَانِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ: أَرَدْتُ طَلْقَةً، دُيِّنَ، وَفِي قَبُولِهِ ظَاهِرًا وَجْهَانِ. وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ نِصْفُ دِرْهَمَيْنِ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: لَا يَلْزَمُ إِلَّا دِرْهَمٌ بِإِجْمَاعِ الْأَصْحَابِ لِعَدَمِ التَّكْمِيلِ.

وَلَوْ قَالَ: ثُلُثُ دِرْهَمَيْنِ، فَعَلَيْهِ ثُلُثَا دِرْهَمٍ بِالِاتِّفَاقِ. وَلَوْ قَالَ: نِصْفَيْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثُلُثَيْ طَلْقَتَيْنِ. وَقَعَ طَلْقَتَانِ. وَلَوْ قَالَ: ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ طَلْقَتَيْنِ، فَهَلْ يَقَعُ طَلْقَتَانِ أَمْ ثَلَاثٌ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ، وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ عَنِ الْأَكْثَرِينَ.

وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ ثَلَاثَةُ أَنْصَافِ دِرْهَمَيْنِ، فَفِيمَا يَلْزَمُهُ الْوَجْهَانِ. وَلَوْ قَالَ: ثَلَاثَةُ أَنْصَافِ الطَّلَاقِ، قَالَ الْمُتَوَلِّي: يَقَعُ ثَلَاثُ طَلَقَاتٍ، وَيَنْصَرِفُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ إِلَى الْجِنْسِ، وَحَكَى الْحَنَّاطِيُّ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: يَقَعُ ثَلَاثٌ، وَالثَّانِي: طَلْقَةٌ.

فَرْعٌ

قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ، أَوْ ثُلُثَ وَرُبُعَ وَسُدُسَ طَلْقَةٍ، لَا يَقَعُ إِلَّا طَلْقَةٌ، وَلَوْ كَرَّرَ لَفْظَةَ الطَّلْقَةِ فَقَالَ: ثُلُثَ طَلْقَةٍ، وَرُبُعَ طَلْقَةِ، وَسُدُسَ طَلْقَةٍ، طُلِّقَتْ ثَلَاثًا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ. وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: فِيهِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: هَذَا، وَالثَّانِي: لَا يَقَعُ إِلَّا وَاحِدَةٌ، هَكَذَا أَطْلَقَهُ الْغَزَالِيُّ، وَإِنَّمَا نَقَلَ الْإِمَامُ هَذَا الْوَجْهَ، فِيمَا إِذَا نَوَى صَرْفَ هَذِهِ الْأَجْزَاءِ إِلَى طَلْقَةٍ وَفَسَّرَ كَلَامَهُ بِهِ.

وَلَوْ لَمْ يُدْخِلِ الْوَاوَ، فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثُلُثَ طَلْقَةٍ، رُبُعَ طَلْقَةٍ، سُدُسَ طَلْقَةٍ، لَمْ يَقَعْ إِلَّا طَلْقَةٌ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يُدْخِلِ الْوَاوَ، كَانَ الْجَمِيعُ بِمَنْزِلَةِ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ، لَمْ تَقَعْ إِلَّا وَاحِدَةٌ، وَلَوْ قَالَ: طَالِقٌ وَطَالِقٌ، وَقَعَ طَلْقَتَانِ.

ص: 87

لَوْ زَادَتِ الْأَجْزَاءُ وَلَمْ يُدْخِلِ الْوَاوَ، فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ، ثُلُثَ طَلْقَةٍ، رُبُعَ طَلْقَةٍ، فَفِي «أَمَالِي أَبِي الْفَرَجِ» : أَنَّهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي قَوْلِهِ: ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ. وَلَوْ لَمْ تَتَغَايَرِ الْأَجْزَاءُ وَتَكَرَّرَتِ الْوَاوُ فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ، وَنِصْفَ طَلْقَةٍ، وَنِصْفَ طَلْقَةٍ، وَقَعَ طَلْقَتَانِ، وَيُرْجَعُ فِي اللَّفْظِ الثَّالِثِ إِلَيْهِ، أَقَصَدَ التَّأْكِيدَ أَمْ الِاسْتِئْنَافَ كَمَا لَوْ قَالَ: طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ.

وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ نِصْفَ طَلْقَةٍ، أَوْ ثُلُثَ طَلْقَةٍ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ الطَّلَاقُ.

وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ ثُلُثٍ سُدُسٍ، وَلَمْ يَقُلْ: طَلْقَةٍ، وَقَعَ طَلْقَةٌ بِقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ.

فَرْعٌ

فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ، لَوْ قَالَ: طَلَّقْتُكِ وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْشَاءِ، فَيَخْتَارُ مَا شَاءَ مِنْ وَاحِدَةٍ، أَوِ اثْنَتَيْنِ كَمَا لَوْ قَالَ: أَعْتَقْتُ هَذَا أَوْ هَذَيْنِ.

النَّوْعُ الثَّالِثُ: فِي التَّشْرِيكِ، فَإِذَا قَالَ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ: أَوْقَعْتُ عَلَيْكُنَّ طَلْقَةً، وَقَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةٌ

[فَقَطْ] وَلَوْ قَالَ: طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا، وَقَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةٌ فَقَطْ، إِلَّا أَنْ يُرِيدَ تَوْزِيعَ كُلِّ طَلْقَةٍ عَلَيْهِنَّ، فَيَقَعُ فِي طَلْقَتَيْنِ، عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ طَلْقَتَانِ، وَفِي ثَلَاثٍ وَأَرْبَعٍ، ثَلَاثٌ.

قُلْتُ: هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ هُوَ الْمَنْصُوصُ فِي «الْأُمِّ» ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ: يُحْمَلُ عَلَى التَّوْزِيعِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَوْ قَالَ: أَوْقَعْتُ عَلَيْكُنَّ خَمْسَ طَلَقَاتٍ، طُلِّقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ طَلْقَتَيْنِ، إِلَّا أَنْ يُرِيدَ التَّوْزِيعَ، وَكَذَلِكَ فِي السِّتِّ، وَالسُّبُعِ، وَالثَّمَانِ. وَإِنْ أَوْقَعَ تِسْعًا، طُلِّقَتْ

ص: 88

كُلُّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثًا. وَإِنْ قَالَ: أَوْقَعْتُ بَيْنَكُنَّ طَلْقَةً، طُلِّقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةً. فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ بَعْضَهُنَّ دُونَ بَعْضٍ، دُيِّنَ وَلَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ. قَالَ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا: الْوَجْهَانِ مَخْصُوصَانِ بِقَوْلِهِ: أَوْقَعْتُ بَيْنَكُنَّ. أَمَّا قَوْلُهُ: عَلَيْكُنَّ، فَلَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ هَذَا قَطْعًا، بَلْ يَعُمُّهُنَّ الطَّلَاقُ.

وَاعْلَمْ أَنَّا قَدَّمْنَا فِي قَوْلِهِ: نِسَائِي طَوَالِقُ عَنِ ابْنِ الْوَكِيلِ وَغَيْرِهِ، أَنَّهُ يُقْبَلُ تَخْصِيصُهُ بَعْضَهُنَّ، وَذَلِكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ هُنَا لَا مَحَالَةَ، فَكَانَ قَوْلُ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ تَفْرِيعًا عَلَى الصَّحِيحِ هُنَاكَ. وَإِذَا قُلْنَا: لَا يُقْبَلُ فِي قَوْلِهِ: بَيْنَكُنَّ، فَذَلِكَ إِذَا أَخْرَجَ بَعْضَهُنَّ عَنِ الطَّلَاقِ، وَعَطَّلَ بَعْضَ الطَّلَاقِ، فَأَمَّا إِذَا فَضَّلَ بَعْضَهُنَّ كَقَوْلِهِ: أَوْقَعْتُ بَيْنَكُنَّ ثَلَاثَ طَلَقَاتٍ، ثُمَّ قَالَ: أَرَدْتُ طَلْقَتَيْنِ عَلَى هَذِهِ، وَتَوْزِيعَ الثَّالِثَةِ عَلَى الْبَاقِيَاتِ، فَيُقْبَلُ عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ، وَبِهِ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ. وَالثَّانِي حَكَاهُ ابْنُ الْقَطَّانِ: يُشْتَرَطُ اسْتِوَاؤُهُنَّ، وَحُكِيَ وَجْهٌ، أَنَّهُ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ وَإِنْ تَعَطَّلَ بَعْضُ الطَّلَاقِ حَتَّى لَوْ قَالَ: أَوْقَعْتُ بَيْنَكُنَّ أَرْبَعَ طَلَقَاتٍ، ثُمَّ خَصَّصَهَا بِامْرَأَةٍ قُبِلَ، وَهَذَا ضَعِيفٌ. وَحَيْثُ قُلْنَا: لَا يُقْبَلُ، فَذَلِكَ فِي نَفْيِ الطَّلَاقِ عَمَّنْ نَفَاهُ عَنْهَا أَمَّا إِثْبَاتُهُ عَلَى مَنْ أَثْبَتَهُ عَلَيْهَا، فَيَثْبُتُ قَطْعًا مُؤَاخَذَةً لَهُ.

وَلَوْ قَالَ: أَوْقَعْتُ بَيْنَكُنَّ خَمْسَ طَلَقَاتٍ، لِبَعْضِكُنَّ أَكْثَرُ مِمَّا لِبَعْضٍ، فَيُصَدَّقُ فِي التَّفْصِيلِ بِلَا خِلَافٍ، وَفِي تَصْدِيقِهِ فِي إِخْرَاجِ بِعْضِهِنَّ الْخِلَافُ.

وَلَوْ قَالَ: أَوْقَعْتُ عَلَيْكُنَّ نِصْفَ طَلْقَةٍ، أَوْ ثُلُثَهَا، وَقَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةٌ. وَلَوْ قَالَ: أَوْقَعْتُ بَيْنَكُنَّ ثُلُثَ طَلْقَةٍ، وَخُمُسَ طَلْقَةٍ، وَسُدُسَ طَلْقَةٍ، بُنِيَ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِيمَا إِذَا خَاطَبَ بِهِ وَاحِدَةً. فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَقَعُ بِهِ إِلَّا وَاحِدَةٌ، فَكَذَا هُنَا، فَتُطَلَّقُ كُلُّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةً، وَإِنْ قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ: وَهُوَ وُقُوعُ الثَّلَاثِ، طُلِّقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثًا، لِأَنَّ تَغَايُرَ الْأَجْزَاءِ وَعَطْفَهَا، يُشْعِرُ بِقِسْمَةِ كُلِّ جُزْءٍ بَيْنَهُنَّ.

ص: 89

وَقَالَ الْإِمَامُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُجْعَلَ كَمَا لَوْ قَالَ: أَوْقَعْتُ بَيْنَكُنَّ ثَلَاثَ طَلَقَاتٍ، فَتُطَلَّقُ كُلُّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةً. وَلَوْ قَالَ: أَوْقَعْتُ بَيْنَكُنَّ طَلْقَةً وَطَلْقَةً وَطَلْقَةً، فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: هُوَ كَقَوْلِهِ: ثَلَاثَ طَلَقَاتٍ، تُطَلَّقُ كُلُّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةً، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: تُطَلَّقُ كُلُّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثًا لِإِشْعَارِهِ بِقِسْمَةِ كُلِّ طَلْقَةٍ.

فَرْعٌ

طَلَّقَ إِحْدَى امْرَأَتَيْهِ ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى: أَشْرَكْتُكِ مَعَهَا، أَوْ جَعَلْتُكِ شَرِيكَتَهَا، أَوْ أَنْتِ كَهِيَ، أَوْ مِثْلَهَا، وَنَوَى طَلَاقَهَا، طُلِّقَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَا لَوْ طَلَّقَ رِجْلٌ امْرَأَتَهُ فَقَالَ آخَرُ لِامْرَأَتِهِ: أَشْرَكْتُكِ مَعَهَا، أَوْ أَنْتِ كَهِيَ، وَنَوَى، طُلِّقَتْ. وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ أَرْبَعٌ، فَقَالَ لِثَلَاثٍ مِنْهُنَّ: أَوْقَعْتُ عَلَيْكُنَّ أَوْ بَيْنَكُنَّ طَلْقَةً، فَطُلِّقْنَ وَاحِدَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ قَالَ لِلرَّابِعَةِ: أَشْرَكْتُكِ مَعَهُنَّ وَنَوَى الطَّلَاقَ، نُظِرَ إِنْ أَرَادَ طَلْقَةً وَاحِدَةً لِتَكُونَ كَوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، طُلِّقَتْ طَلْقَةً، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهَا تُشَارِكُ كُلَّ وَاحِدَةٍ طَلْقَتَهَا، طُلِّقَتْ ثَلَاثًا. وَإِنْ أَطْلَقَ نِيَّةَ الطَّلَاقِ وَلَمْ يَنْوِ وَاحِدَةً وَلَا عَدَدًا، فَوَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: تُطَلَّقُ وَاحِدَةً، وَقَالَ الْقَفَّالُ: طَلْقَتَيْنِ، لِأَنَّ التَّشْرِيكَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا نِصْفُ مَا عَلَيْهِنَّ وَهُوَ طَلْقَةٌ وَنِصْفٌ، فَتُكَمَّلُ. وَلَوْ قِيلَ عَلَى هَذَا التَّوْجِيهِ: تُطَلَّقُ ثَلَاثًا مِثْلَهُنَّ، لَمْ يَكُنْ بِأَبْعَدَ مِنْهُ، وَلَوْ طَلَّقَ اثْنَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَيَيْنِ: أَشْرَكْتُكُمَا مَعَهُمَا وَنَوَى الطَّلَاقَ، فَإِنْ نَوَى كَوْنَ كُلِّ مِنْهُمَا كَوَاحِدَةٍ مِنَ الْأُولَيَيْنِ، طُلِّقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا طَلْقَةً، وَإِنْ نَوَى كَوْنَ كُلِّ وَاحِدَةٍ كَالْأُولَيَيْنِ مَعًا فِي الطَّلَاقِ أَوْ أَنْ تُشَارِكَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْأُولَيَيْنِ فِي طَلْقَتَيْهِمَا، طُلِّقَتَا طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ. وَإِنْ أَطْلَقَ، طُلِّقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةً عَلَى قَوْلَيِ الْقَفَّالِ وَأَبِي عَلِيٍّ جَمِيعًا، لِأَنَّ الْقَفَّالَ يُشْرِكُهُمَا فَيَجْعَلُ لَهُمَا نِصْفَ مَا لِلْأُولَيَيْنِ، وَهُوَ طَلْقَةٌ فَتُقَسَّمُ وَتُكَمَّلُ.

ص: 90

فَرْعٌ

قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ عَشْرًا، فَقَالَتْ: تَكْفِينِي ثَلَاثٌ، فَقَالَ: الْبَاقِي لِضَرَّتِكِ، لَا يَقَعُ عَلَى الضَّرَّةِ شَيْءٌ، لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثِ لَغْوٌ. وَلَوْ قَالَتْ: تَكْفِينِي وَاحِدَةٌ فَقَالَ: الْبَاقِي لِضَرَّتِكِ، وَقَعَ عَلَيْهَا ثَلَاثٌ، وَعَلَى الضَّرَّةِ طَلْقَتَانِ إِذَا نَوَى، ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ، وَلَوْ طَلَّقَ إِحْدَى امْرَأَتَيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ لِلثَّانِيَةِ: أَشْرَكْتُكِ مَعَهَا، قَالَ الشَّاشِيُّ: يَقَعُ عَلَى الثَّانِيَةِ طَلْقَةٌ، وَتَرَدَّدَ الْبُوشَنْجِيُّ فِي طَلْقَةٍ أَمْ ثَلَاثٍ.

الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ

الِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحٌ مَعْهُودٌ، وَفِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ مَوْجُودٌ، فَإِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا اثْنَتَيْنِ، طُلِّقَتْ طَلْقَةً. وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ شَيْئَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِاللَّفْظِ، فَإِنِ انْفَصَلَ، فَهُوَ لَغْوٌ، وَسَكْتَةُ التَّنَفُّسِ وَالْعِيِّ لَا تَمْنَعُ الِاتِّصَالَ. قَالَ الْإِمَامُ: وَالِاتِّصَالُ الْمَشْرُوطُ هُنَا أَبْلَغُ مِمَّا يُشْتَرَطُ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ بَيْنَ كَلَامِ الشَّخْصَيْنِ مَا لَا يَحْتَمِلُ بَيْنَ كَلَامِ شَخْصٍ وَاحِدٍ، وَلِذَلِكَ لَا يَنْقَطِعُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ بِتَخَلُّلِ كَلَامٍ يَسِيرٍ عَلَى الْأَصَحِّ، وَيَنْقَطِعُ الِاسْتِثْنَاءُ بِذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ. وَهَلْ يُشْتَرَطُ اقْتِرَانُ الِاسْتِثْنَاءِ بِأَوَّلِ اللَّفْظِ؟ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا، بَلْ لَوْ بَدَا لَهُ الِاسْتِثْنَاءُ بَعْدَ تَمَامِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَاسْتَثْنَى، حُكِمَ بِصِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ هَذَا الْوَجْهَ عَنِ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَصَحُّهُمَا وَادَّعَى أَبُو بَكْرٍ الْفَارِسِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ: أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِالِاسْتِثْنَاءِ حَتَّى يَتَّصِلَ بِأَوَّلِ الْكَلَامِ.

قُلْتُ: الْأَصَحُّ، وَجْهٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ صِحَّةُ الِاسْتِثْنَاءِ بِشَرْطِ وُجُودِ النِّيَّةِ قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ وَإِنْ لَمْ يُقَارِنْ أَوَّلَهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 91