الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَرْعٌ
لَوْ كَانَتِ الرَّقَبَةُ لَا تَحْصُلُ إِلَّا بِثَمَنٍ غَالٍ، لَمْ يَلْزَمْهُ شِرَاؤُهَا. وَقَالَ الْبَغَوِيُّ: يَلْزَمُهُ إِذَا وَجَدَ الثَّمَنَ الْغَالِيَ.
قُلْتُ: إِنَّمَا قَالَ الْبَغَوِيُّ هَذَا اخْتِيَارًا لِنَفْسِهِ، فَقَالَ حِكَايَةً لِلْمَذْهَبِ: لَا يَلْزَمُهُ، وَرَأَيْتُ أَنْ يَلْزَمَهُ، وَقَطَعَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ، وَهُوَ الصَّوَابُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
لَوْ بِيعَتْ نَسِيئَةٌ وَمَالُهُ غَائِبٌ، فَعَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي شِرَاءِ الْمَاءِ فِي التَّيَمُّمِ. وَلَوْ وُهِبَ لَهُ عَبْدٌ وَثَمَنُهُ، لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ.
فَرْعٌ
ذَكَرَ ابْنُ كَجٍّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ حُكْمَ الْمَسْكَنِ وَالْعَبْدِ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهِمَا فِي الْكَفَّارَةِ وَالْحَجِّ وَجْهَيْنِ فِي أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ لِمَنْ يَمْلِكُهُمَا نِكَاحُ الْأَمَةِ، أَمْ بَيْعُهُمَا لِطُولِ الْحُرَّةِ، وَوَجْهَيْنِ فِي أَنَّهُمَا يُبَاعَانِ عَلَيْهِ، كَمَا إِذَا أَعْتَقَ شُرَكَاءُ لَهُ فِي عَبْدٍ، وَإِنَّ ابْنَ الْقَطَّانِ قَالَ: لَا يَلْزَمُ الْعُرْيَانَ بَيْعُهُمَا؟ قَالَ: وَعِنْدِي يَلْزَمُهُ، وَالَّذِي قَالَهُ غَلَطٌ.
فَصْلٌ
الْمُوسِرُ الْمُتَمَكِّنُ مِنَ الْإِعْتَاقِ، يُعْتِقُ، وَمِنْ تَعَسَّرَ عَلَيْهِ الْإِعْتَاقُ، كَفَّرَ بِالصَّوْمِ، وَهَلِ الِاعْتِبَارُ فِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ بِوَقْتِ الْأَدَاءِ، أَمْ بِوَقْتِ الْوُجُوبِ، أَمْ بِأَغْلَظِ الْحَالَيْنِ؟ فِيهِ أَقْوَالٌ. أَظْهَرُهَا الْأَوَّلُ، فَعَلَى هَذَا قَالَ الْإِمَامُ: فِي الْعِبَارَةِ عَنِ الْوَاجِبِ قَبْلَ الْأَدَاءِ غُمُوضٌ، وَلَا يَتَّجِهُ إِلَّا أَنْ يُقَالَ: الْوَاجِبُ أَصْلُ الْكَفَّارَةِ، وَلَا يُعَيَّنُ خَصْلَةٌ، أَوْ يُقَالُ: يَجِبُ مَا يَقْتَضِيهِ حَالَةُ الْوُجُوبِ، ثُمَّ إِذَا تَبَدَّلَ
الْحَالُ، تَبَدَّلَ الْوَاجِبُ، كَمَا يَلْزَمُ الْقَادِرُ صَلَاةَ الْقَادِرِينَ، ثُمَّ إِذَا عَجَزَ، تَبَدَّلَتْ صِفَةُ الصَّلَاةِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ وَجْهَانِ، قَالَ الْأَكْثَرُونَ: يُعْتَبَرُ أَغْلَظُ أَحْوَالِهِ مِنْ وَقْتِ الْوُجُوبِ، إِلَى وَقْتِ الْأَدَاءِ فِي حَالٍ مَا، لَزِمَهُ الْإِعْتَاقُ. وَالثَّانِي: يُعْتَبَرُ الْأَغْلَظُ مِنْ حَالَتَيِ الْوُجُوبِ وَالْأَدَاءِ دُونَ مَا بَيْنَهُمَا، صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ، وَأَشَارَ إِلَى دَعْوَى اتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ. فَإِذَا قُلْنَا: الِاعْتِبَارُ بِحَالِ الْوُجُوبِ، فَكَانَ مُوسِرًا وَقْتَ الْوُجُوبِ، فَفَرْضُهُ الْإِعْتَاقُ وَإِنْ أَعْسَرَ بَعْدَهُ. وَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ رحمه الله إِذَا أَعْسَرَ قَبْلَ التَّكْفِيرِ، أَنْ يَصُومَ لِيَكُونَ آتِيًا بِبَعْضِ أَنْوَاعِ الْكَفَّارَةِ إِنْ مَاتَ. وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا يَوْمَئِذٍ، فَفَرْضُهُ الصِّيَامُ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِعْتَاقُ وَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَهُ، لَكِنْ يُجْزِئُهُ عَلَى الصَّحِيحِ، لِأَنَّهُ أَعْلَى مِنَ الصَّوْمِ، وَقِيلَ: لَا يُجْزِئُهُ لِتَعَيُّنِ الصَّوْمِ فِي ذِمَّتِهِ. وَإِذَا قُلْنَا: الِاعْتِبَارُ بِحَالِ الْأَدَاءِ، فَكَانَ مُوسِرًا يَوْمَئِذٍ، فَفَرْضُهُ الْإِعْتَاقُ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، فَالصَّوْمُ.
وَلَوْ تَكَلَّفَ الْمُعْسِرُ الْإِعْتَاقَ بِاسْتِقْرَاضٍ وَغَيْرِهِ، أَجْزَأَهُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَلَوْ وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ عَلَى عَبْدٍ، فَعَتَقَ، وَأَيْسَرَ قَبْلَ التَّكْفِيرِ، فَإِنْ قُلْنَا: الِاعْتِبَارُ بِحَالِ الْوُجُوبِ، فَفَرْضُهُ الصَّوْمُ، وَيُجُزِئُهُ الْإِعْتَاقُ عَلَى الْأَصَحِّ أَوِ الْأَظْهَرِ، لِأَنَّهُ أَعْلَى. وَقِيلَ: لَا، لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ لَا يُمْلَكُ، وَإِنْ قُلْنَا: الِاعْتِبَارُ بِحَالِ الْأَدَاءِ، لَزِمَهُ الْإِعْتَاقُ عَلَى الْأَصَحِّ أَوِ الْأَظْهَرِ.
فَرْعٌ
لَوْ شَرَعَ الْمُعْسِرُ فِي الصَّوْمِ ثُمَّ أَيْسَرَ، كَانَ لَهُ الْمُضِيُّ فِي الصَّوْمِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِعْتَاقُ. فَإِنْ أَعْتَقَ، كَانَ أَفْضَلَ، وَوَقَعَ مَا مَضَى مِنْ صَوْمِهِ تَطَوُّعًا، وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَجْهًا، أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِعْتَاقُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُزَنِيِّ، وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجَمَاهِيرُ، الْأَوَّلُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ فَرْضُهُ الْإِطْعَامَ فَأَطْعَمَ بَعْضَ الْمَسَاكِينِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الصَّوْمِ، لَا يَلْزَمُهُ الْعُدُولُ إِلَيْهِ.