الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ أُلْصِقَتْ فَالْتَحَمَتْ، أَوْ سَقَطَتْ شَعْرَةٌ ثُمَّ ثَبَتَتْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَنَمَتْ، فَأَضَافَ الطَّلَاقَ إِلَيْهَا، لَمْ تُطَلَّقِ الْمَرْأَةُ عَلَى الْأَصَحِّ.
قُلْتُ: قَوْلُهُ: فِي مَوْضِعٍ آخَرَ اتَّبَعَ فِيهِ الْغَزَالِيَّ وَلَيْسَ هُوَ شَرْطًا، فَلَوْ ثَبَتَتْ فِي مَوْضِعِهَا، كَانَ كَذَلِكَ، ثُمَّ إِنَّ مَسْأَلَةَ الشَّعْرَةِ قَلَّ أَنْ تُوجَدَ فِي غَيْرِ «الْوَسِيطِ» بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْأُذُنِ، فَإِنَّهَا مَشْهُورَةٌ بِالْوَجْهَيْنِ، لَكِنْ أَنْكَرَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ تَصَوُّرَهَا فِي الْعَادَةِ، وَلَا امْتِنَاعَ فِي ذَلِكَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنَا مِنْكِ طَالِقٌ، وَنَوَى إِيقَاعَ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا، طُلِّقَتْ. وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إِيقَاعَهُ عَلَيْهَا، فَالصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ: أَنَّهَا لَا تُطَلَّقُ، وَقِيلَ: تُطَلَّقُ، قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ. فَعَلَى هَذَا، لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ أَصِلِ الطَّلَاقِ لِأَنَّ اللَّفْظَ كِنَايَةٌ لِكَوْنِهِ أُضِيفَ إِلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ. وَأَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ، فَمَتَى نَوَى إِيقَاعَهُ عَلَيْهَا، كَانَ نَاوِيًا أَصْلَ الطَّلَاقِ.
وَلَوْ جَرَّدَ الْقَصْدَ إِلَى تَطْلِيقِ نَفْسِهِ وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى نِيَّةِ أَصِلِ الطَّلَاقِ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ قَطْعًا. وَقِيلَ: عَلَى الْوَجْهَيْنِ. وَلَوْ قَالَ: أَنَا مِنْكِ بَائِنٌ، فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ أَصِلِ الطَّلَاقِ. وَفِي نِيَّةِ الْإِضَافَةِ إِلَيْهَا، الْوَجْهَانِ. وَإِذَا نَوَاهَا، وَقَعَ، وَهَكَذَا حُكْمُ سَائِرِ الْكِنَايَاتِ، كَقَوْلِهِ: أَنَا مِنْكِ خَلِيٌّ أَوْ بَرِيٌّ.
وَلَوْ قَالَ: أَسْتَبْرِئُ رَحِمِي مِنْكِ، أَوْ أَنَا مُعْتَدٌّ مِنْكِ، أَوْ مُسْتَبْرِئٌ رَحِمِي وَنَوَى تَطْلِيقَهَا، لَمْ تُطَلَّقْ عَلَى الْأَصَحِّ.
فَرْعٌ
قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنَا مِنْكَ حُرٌّ، أَوْ أَعْتَقْتُ نَفْسِي مِنْكَ وَنَوَى إِعْتَاقَ الْعَبْدِ، لَمْ يُعْتَقْ عَلَى الْأَصَحِّ، بِخِلَافِ الزَّوْجِيَّةِ، فَإِنَّهَا تَشْمَلُ الْجَانِبَيْنِ، وَالرِّقَّ مُخْتَصٌّ بِالْعَبْدِ.
فَرْعٌ
قَالَ لِزَوْجَتِهِ: طَلِّقِي نَفْسَكِ، فَقَالَتْ: طَلَّقْتُكَ أَوْ أَنْتَ طَالِقٌ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ لَهَا: أَنَا مِنْكِ طَالِقٌ، وَكَذَا إِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: أَعْتِقْ نَفْسَكَ، فَقَالَ: أَعْتَقْتُكَ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ، فَهُوَ كَقَوْلِ السَّيِّدِ: أَنَا مِنْكَ حُرٌّ.
الرُّكْنُ الْخَامِسُ: الْوِلَايَةُ عَلَى الْمَحَلِّ، فَلَوْ قَالَ لِمُطَلَّقَتِهِ الرَّجْعِيَّةِ فِي عِدَّتِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ. طُلِّقَتْ.
وَالْمُخْتَلِعَةُ لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ، لَا فِي عِدَّتِهَا وَلَا بَعْدَهَا، وَلَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ: إِذَا نَكَحْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَنْكِحُهَا فَهِيَ طَالِقٌ، فَنَكَحَ، لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. وَقِيلَ: فِي الْوُقُوعِ قَوْلَانِ، حَكَاهُمَا الْحَنَّاطِيُّ وَالسَّرَخْسِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَتَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالْمِلْكِ، كَتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالنِّكَاحِ بِلَا فَرْقٍ. وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَ هَذَا الْعَبْدَ وَهُوَ لِأَجْنَبِيٍّ، فَهُوَ لَغْوٌ. وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَهُ إِنْ مَلَكْتُهُ، فَوَجْهَانِ لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ فِي الذِّمَّةِ، لَكِنْ مُتَعَلِّقٌ بِمِلْكِ غَيْرِهِ. وَأَجْرَى الْوَجْهَانِ فِي قَوْلِهِ: إِذَا مَلَكْتُ عَبْدَ فُلَانٍ، فَقَدْ أَوْصَيْتُ بِهِ لِزَيْدٍ. وَلَوْ أَرْسَلَ الْوَصِيَّةَ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا، صَحَّتْ عَلَى الصَّحِيحِ كَالنَّذْرِ. وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَجْهًا، أَنَّهَا لَا تَصِحُّ.
فَرْعٌ
لَوْ عَلَّقَ الْعَبْدُ الطَّلْقَةَ الثَّالِثَةَ إِمَّا مُطْلَقًا بِأَنْ قَالَ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَعَتَقَ، ثُمَّ دَخَلَتِ الدَّارَ، وَإِمَّا مُقَيَّدٌ بِحَالَةِ مِلْكِ الثَّالِثَةِ بِأَنْ قَالَ: إِذَا عَتَقْتُ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، فَفِي صِحَّةِ تَعْلِيقِ الثَّالِثَةِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الصِّحَّةُ وَبِهِ