الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نُظِرَ، إِنْ أَرَادَ وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً، لَزِمَ كُلَّ وَاحِدَةٍ الِاعْتِدَادُ بِأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ، وَثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ، وَتُحْسَبُ عِدَّةُ الْوَفَاةِ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ، وَتُحْسَبُ الْأَقْرَاءُ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ: مِنْ حِينِ الْمَوْتِ، هَذَا فِي الطَّلَاقِ الْبَائِنِ، فَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا، فَالرَّجْعَةُ تَنْتَقِلُ إِلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ عِدَّةُ الْوَفَاةِ. وَإِنْ أَبْهَمَ الطَّلَاقَ، بُنِيَ عَلَى أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ، هَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ مِنْ حِينِ اللَّفْظِ، أَمْ مِنْ وَقْتِ التَّعْيِينِ. إِنْ قُلْنَا: مِنَ اللَّفْظِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ أَرَادَ مُعَيَّنَةً، وَإِنْ قُلْنَا: مِنَ التَّعْيِينِ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: أَنَّ عَلَيْهِمَا الِاعْتِدَادَ بِأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ أَيْضًا، لَكِنَّ الْأَقْرَاءَ هُنَا تُحْسَبُ مِنْ يَوْمِ الْمَوْتِ. وَالثَّانِي: أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ تَعْتَدُّ بِعِدَّةِ الْوَفَاةِ، لِأَنَّهُ كَمَنْ لَمْ يُطَلِّقْ، وَلَوِ اخْتَلَفَ حَالُ الْمَرْأَتَيْنِ، فَكَانَتْ إِحْدَاهُمَا مَمْسُوسَةً أَوْ حَامِلًا أَوْ ذَاتَ أَقْرَاءٍ، وَالْأُخْرَى بِخِلَافِهَا، عَمِلَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِمُقْتَضَى الِاحْتِيَاطِ فِي حَقِّهَا كَمَا سَبَقَ.
فَصْلٌ
الْغَائِبُ عَنْ زَوْجَتِهِ، إِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ خَبَرُهُ، فَنِكَاحُهُ مُسْتَمِرٌّ، وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا الْحَاكِمُ مِنْ مَالِهِ إِنْ كَانَ فِي بَلَدِ الزَّوْجَةِ مَالٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَتَبَ إِلَى حَاكِمِ بَلَدِهِ لِيُطَالِبَهُ بِحَقِّهَا، وَإِنِ انْقَطَعَ خَبَرُهُ وَلَمْ يُوقَفْ عَلَى حَالِهِ حَتَّى يُتَوَهَّمَ مَوْتُهُ، فَقَوْلَانِ. الْجَدِيدُ الْأَظْهَرُ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَنْكِحَ غَيْرَهُ حَتَّى يَتَحَقَّقَ مَوْتُهُ أَوْ طَلَاقُهُ، ثُمَّ تَعْتَدُّ. وَالْقَدِيمُ: أَنَّهَا تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ، ثُمَّ تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ، ثُمَّ تَنْكِحُ، وَمِمَّا احْتَجُّوا بِهِ لِلْجَدِيدِ: أَنَّ أُمَّ وَلَدِهِ لَا تَعْتِقُ، وَلَا يُقَسَّمُ مَالُهُ، وَالْأَصْلُ الْحَيَاةُ وَالنِّكَاحُ، وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمُ الْقَدِيمَ.
وَسَوَاءٌ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ الْمَفْقُودُ فِي جَوْفِ الْبَلَدِ أَوْ فِي السَّفَرِ وَفِي الْقِتَالِ، وَمَنِ انْكَسَرَتْ سَفِينَتُهُ وَلَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ.
وَإِنْ أَمْكَنَ حُمِلَ انْقِطَاعُ الْخَبَرِ عَلَى شِدَّةِ الْبُعْدِ وَالْإِيغَالِ فِي الْأَسْفَارِ، فَقَدْ حَكَى الْإِمَامُ فِي إِجْرَاءِ الْقَوْلِ الْقَدِيمِ تَرَدُّدٌ، وَالْأَصَحُّ إِجْرَاؤُهُ.
وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ صُوَرٌ.
إِحْدَاهَا: إِذَا قُلْنَا بِالْقَدِيمِ، تَرَبَّصَتْ أَرْبَعَ سِنِينَ، ثُمَّ يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِالْوَفَاةِ وَحُصُولِ الْفُرْقَةِ، فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ، ثُمَّ تَنْكِحُ، وَهَلْ تَفْتَقِرُ مُدَّةُ التَّرَبُّصِ إِلَى ضَرْبِ الْقَاضِي، أَمْ لَا وَيُحْسَبُ مِنْ وَقْتِ انْقِطَاعِ الْخَبَرِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَيُقَالُ: قَوْلَانِ، أَصَحُّهُمَا عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ: يُفْتَقَرُ، وَلَا تَحْسِبُ مَا مَضَى قَبْلَهُ، فَإِذَا ضَرَبَ الْقَاضِي الْمُدَّةَ فَمَضَتْ، فَهَلْ يَكُونُ حُكْمًا بِوَفَاتِهِ، أَمْ لَا بُدَّ مِنِ اسْتِئْنَافِ حُكْمٍ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي. وَإِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِالْفُرْقَةِ، فَهَلْ يُنَفَّذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، أَمْ ظَاهِرًا فَقَطْ؟ وَجْهَانِ أَوْ قَوْلَانِ.
قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا الثَّانِي. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الثَّانِيَةُ: إِذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِمُقْتَضَى الْقَدِيمِ، فَهَلْ يُنْقَضُ حُكْمُهُ تَفْرِيعًا عَلَى الْجَدِيدِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ.
الثَّالِثَةُ: إِذَا نَكَحَتْ عَلَى مُقْتَضَى الْقَدِيمِ، ثُمَّ بَانَ الزَّوْجُ مَيِّتًا وَقْتَ الْحُكْمِ بِالْفُرْقَةِ، فَفِي صِحَّةِ النِّكَاحِ عَلَى الْجَدِيدِ وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى بَيْعِ مَالِ أَبِيهِ مَعَ ظَنِّ الْحَيَاةِ إِذَا بَانَ مَيِّتًا.
الرَّابِعَةُ: طَلَّقَهَا الْمَفْقُودُ، أَوْ آلَى مِنْهَا، أَوْ ظَاهَرَ، أَوْ قَذَفَهَا، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالْفُرْقَةِ، فَلِهَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ أَحْكَامُهَا مِنَ الزَّوْجِ قَطْعًا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ، فَقَالَ الْأَصْحَابُ: عَلَى الْجَدِيدِ: تَلْزَمُ أَحْكَامُهَا، وَلْيَكُنْ هَذَا تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّهُ يُنْقَضُ عَلَى الْجَدِيدِ حُكْمُ مَنْ حَكَمَ بِالْقَدِيمِ.
وَأَمَّا إِذَا قُلْنَا بِالْقَدِيمِ، فَإِنْ قُلْنَا: يُنَفَّذُ الْحُكْمُ ظَاهِرًا فَقَطْ، ثَبَتَ أَحْكَامُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ، وَإِنْ قُلْنَا: يُنَفَّذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، فَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ يُبَاشِرُهَا.
الْخَامِسَةُ: نَفَقَتُهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْمَفْقُودِ، لِأَنَّهَا مُسْلِمَةٌ نَفْسَهَا، فَإِنْ رَفَعَتِ الْأَمْرَ
إِلَى الْقَاضِي، وَطَلَبَتِ الْفُرْقَةَ، فَنَفَقَةُ مُدَّةِ التَّرَبُّصِ عَلَيْهِ، لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ عَلَيْهِ بَعْدُ، فَإِنِ انْقَضَّتْ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِالْفُرْقَةِ وَالِاعْتِدَادِ. فَإِنْ قُلْنَا بِالْقَدِيمِ، فَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي مُدَّةِ الْعِدَّةِ، لِأَنَّهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ. وَفِي السُّكْنَى قَوْلَانِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْجَدِيدِ، فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمَفْقُودِ، لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ، وَيَسْتَمِرُّ ذَلِكَ حَتَّى تُنْكَحَ. فَحِينَئِذٍ تَسْقُطُ لِأَنَّهَا نَاشِزَةٌ بِالنِّكَاحِ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا. وَعَنِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ الْقَطْعُ بِالنَّفَقَةِ فِي مُدَّةِ الْعِدَّةِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، كَمُدَّةِ التَّرَبُّصِ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، وَإِذَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ عَادَ الْمَفْقُودُ وَسُلِّمَتْ إِلَيْهِ، عَادَتْ نَفَقَتُهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ الثَّانِي دَخَلَ بِهَا، لَمْ يَلْزَمِ الْمَفْقُودُ نَفَقَةَ زَمَانِ الْعِدَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَعُدِ الْمَفْقُودُ وَعَادَتْ هِيَ بَعْدَ التَّفْرِيقِ إِلَى بَيْتِهِ، فَفِي عَوْدِ النَّفَقَةِ قَوْلَانِ. وَقِيلَ: إِنْ نَكَحَتْ بِنَفْسِهَا بِغَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ، عَادَتِ النَّفَقَةُ، وَإِلَّا فَلَا.
قَالَ الرُّويَانِيُّ: الْأَظْهَرُ أَنَّهَا لَا تَعُودُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ بِهِ إِذَا لَمْ يَعْلَمُ الزَّوْجُ عَوْدَهَا إِلَى الطَّاعَةِ. قَالَ: وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ، وَأَمَّا النَّفَقَةُ عَلَى الزَّوْجِ الثَّانِي، فَلَا يَخْفَى حُكْمُهَا عَلَى الْقَدِيمِ، وَأَمَّا عَلَى الْجَدِيدِ، فَلَا نَفَقَةَ لِزَمَنِ الِاسْتِفْرَاشِ، إِذْ لَا زَوْجِيَّةَ، فَإِنْ أَنْفَقَ، لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ إِلَّا أَنْ يُلْزِمَهُ الْحَاكِمُ، فَيَرْجِعَ عَلَيْهَا عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ: عَلَى الزَّوْجِ الْأَوَّلِ. وَإِذَا شَرَعَتْ فِي عِدَّةِ الثَّانِي، فَلَا نَفَقَةَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا، فَقَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَمْلِ، أَمْ لِلْحَامِلِ.
السَّادِسَةُ: إِذَا ظَهَرَ الْمَفْقُودُ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْجَدِيدِ، فَهِيَ زَوْجَتُهُ بِكُلِّ حَالٍ، فَإِنْ نَكَحَتْ، لَمْ يَطَأْهَا الْمَفْقُودُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ النَّاكِحِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْقَدِيمِ، فَفِيهِ طُرُقٌ. أَحُدُهَا: عَنْ أَبَوَيْ عَلَيٍّ: ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالطَّبَرِيِّ، أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ، لِأَنَّا تَيَقَّنَا الْخَطَأَ فِي الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ، فَصَارَ كَمَنْ حَكَمَ بِالِاجْتِهَادِ، ثُمَّ وَجَدَ النَّصَّ بِخِلَافِهِ، وَهَذَا أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الرُّويَانِيِّ. وَالثَّانِي: إِنْ قُلْنَا يُنَفَّذُ الْحُكْمُ بِالْفُرْقَةِ ظَاهِرًا فَقَطْ،
فَالْحُكْمُ كَمَا ذَكَرْنَا. وَإِنْ قُلْنَا: يُنَفَّذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، فَقَدِ ارْتَفَعَ نِكَاحُ الْأَوَّلِ كَالْفَسْخِ بِالْإِعْسَارِ. فَإِنْ نَكَحَتْ، فَهِيَ زَوْجَةُ الثَّانِي. قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ. وَالثَّالِثُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَيْضًا: إِنْ ظَهَرَ وَقَدْ نَكَحَتْ، لَمْ تُرَّدْ إِلَى الْمَفْقُودِ، وَإِنْ لَمْ تُنْكَحْ، رُدَّتْ إِلَيْهِ وَإِنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِالْفُرْقَةِ. وَالرَّابِعُ: لَا تُرَّدْ إِلَى الْأَوَّلِ قَطْعًا. وَالْخَامِسُ عَنِ الْكَرَابِيسِيِّ، عَنِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: أَنَّ الْمَفْقُودَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَنْزِعَهَا مِنَ الثَّانِي، وَبَيْنَ أَنْ يَتْرُكَهَا وَيَأْخُذَ مِنْهُ مَهْرَ الْمِثْلِ. وَمُسْتَنَدُهُ، أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَضَى بِهِ. وَعَنِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ زِيَادَةٌ فِيهِ، وَهِيَ أَنَّهُ إِنْ فُسِخَ غُرِّمَ الثَّانِي مَهْرَ مِثْلِهَا. وَالسَّادِسُ: أَنَّ نِكَاحَ الْأَوَّلِ كَانَ ارْتَفَعَ بِلَا خِلَافٍ، لَكِنْ إِذَا ظَهَرَ الْمَفْقُودُ، هَلْ يُحْكَمُ بِبُطْلَانِ نِكَاحِ الثَّانِي؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا، لَكِنَّ لِلْمَفْقُودِ الْخِيَارَ كَمَا ذَكَرْنَا. وَإِذَا قُلْنَا: نِكَاحُ الثَّانِي بَاطِلٌ، فَهَلْ نَقُولُ: وَقَعَ صَحِيحًا ثُمَّ إِذَا ظَهَرَ الْمَفْقُودُ بَطَلَ؟ أَمْ نَقُولُ: نَتَبَيَّنُ بِظُهُورِ الْمَفْقُودِ أَنَّهُ وَقَعَ بَاطِلًا؟ وَجْهَانِ. فَعَلَى الثَّانِي: يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ إِنْ جَرَى دُخُولٌ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ: الْوَاجِبُ الْمُسَمَّى أَوْ نِصْفُهُ، وَلَوْ ظَهَرَ الْمَفْقُودُ وَقَدْ نُكِحَتْ وَمَاتَتْ، فَهَلْ يَرِثُهَا الْأَوَّلُ أَمِ الثَّانِي؟ يَخْرُجُ عَلَى هَذِهِ الطُّرُقِ.
السَّابِعَةُ: إِذَا نُكِحَتْ عَلَى مُقْتَضَى الْقَدِيمِ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنَ الثَّانِي، وَجَاءَ الْمَفْقُودُ وَلَمْ يَدَّعِ الْوَلَدَ، فَهُوَ لِلثَّانِي، لِأَنَّ بِمُضِيِّ أَرْبَعِ سِنِينَ يَتَحَقَّقُ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ مِنَ الْمَفْقُودِ، وَإِنِ ادَّعَاهُ فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: يُسْأَلُ عَنْ جِهَةِ ادِّعَائِهِ، فَإِنْ قَالَ: هُوَ وَلَدِي وَلَدَتْهُ زَوْجَتِي عَلَى فِرَاشِي، قُلْنَا لَهُ: هَذِهِ دَعْوَى بَاطِلَةٌ، لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يَبْقَى فِي الرَّحِمِ هَذِهِ الْمُدَّةَ، وَإِنْ قَالَ: قَدِمْتُ عَلَيْهَا فِي أَثْنَاءِ هَذِهِ الْمُدَّةِ فَوَطِئْتُهَا وَكَانَ قَوْلُهُ مُحْتَمِلًا، عُرِضَ الْوَلَدُ عَلَى الْقَائِفِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ وَاسْتِقْصَاءٍ. وَذَكَرَ الرُّويَانِيُّ أَنَّ الْوَجْهَيْنِ أُخِذَا مِنْ وَجْهَيْنِ نُقِلَا فِي أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ لَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَتَزَوَّجَ، هَلْ يَلْحَقُ الْمَفْقُودَ؟ إِنْ
قُلْنَا: نَعَمْ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى السُّؤَالِ وَإِنْ قُلْنَا: لَا وَهُوَ الْأَصَحُّ، فَلَا بُدَّ مِنْهُ، وَحَيْثُ قُلْنَا: الْوَلَدُ لِلثَّانِي، وَحَكَمْنَا بِبَقَاءِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ، فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ إِرْضَاعِ الْوَلَدِ إِلَّا اللِّبَأَ الَّذِي لَا يَعِيشُ إِلَّا بِهِ، وَكَذَا إِذَا لَمْ يُوجَدُ مُرْضِعَةٌ غَيْرُهَا، ثُمَّ إِنْ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ بَيْتِ الزَّوْجِ وَأَرْضَعَتْهُ فِيهِ وَلَمْ يَقَعْ خَلَلٌ فِي التَّمْكِينِ، فَعَلَى الزَّوْجِ نَفَقَتُهَا، سَوَاءٌ وَجَبَ الْإِرْضَاعُ، أَمْ لَا، وَإِنْ خَرَجَتْ لِلْإِرْضَاعِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا، وَإِنْ خَرَجَتْ لَهُ بِإِذْنِهِ، فَوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى مَا لَوْ سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ لِحَاجَتِهَا، وَإِنْ كَانَ الْإِرْضَاعُ وَاجِبًا، فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْذَنَ.
الثَّامِنَةُ: نُكِحَتْ عَلَى مُقْتَضَى الْقَدِيمِ، وَوَطِئَهَا الثَّانِي، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ الْأَوَّلَ كَانَ حَيًّا وَقْتَ نِكَاحِهِ، وَأَنَّهُ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ قُلْنَا: تَقَعُ الْفُرْقَةُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، فَهِيَ زَوْجَةُ الثَّانِي، وَلَا يَلْزَمُهَا بِمَوْتِ الْأَوَّلِ عِدَّةٌ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا فَرْقَةَ بَاطِنًا، فَعَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ عَنِ الْأَوَّلِ، لَكِنْ لَا تَشْرَعُ فِيهَا حَتَّى يَمُوتَ الثَّانِي، أَوْ يُفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ، وَحِينَئِذٍ تَعْتَدُّ لِلْأَوَّلِ عِدَّةَ الْوَفَاةِ، ثُمَّ لِلثَّانِي بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ أَوْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ.
وَإِنْ مَاتَ الثَّانِي أَوَّلًا، أَوْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، شَرَعَتْ فِي الْأَقْرَاءِ. فَإِنْ تَمَّتِ الْأَقْرَاءُ، ثُمَّ مَاتَ الْأَوَّلُ، اعْتَدَّتْ عَنِ الْأَوَّلِ عِدَّةَ الْوَفَاةِ، وَإِنْ مَاتَ الْأَوَّلُ قَبْلَ تَمَامِ الْأَقْرَاءِ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: تَنْقَطِعُ الْأَقْرَاءُ، فَتَعْتَدُّ عَنِ الْأَوَّلِ لِلْوَفَاةِ، ثُمَّ تَعُودُ إِلَى بَقِيَّةِ الْأَقْرَاءِ. وَالثَّانِي: تُقَدِّمُ مَا شَرَعَتْ فِيهِ، وَإِنْ مَاتَا مَعًا أَوْ لَمْ يُعْلَمِ السَّابِقُ مِنْهُمَا، اعْتَدَّتْ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَبَعْدَهَا بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ لِتَبْرَأَ مِنَ الْعِدَّتَيْنِ بِيَقِينٍ. وَلَوْ لَمْ يُعْلَمْ مَوْتُهُمَا حَتَّى مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ وَثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ بَعْدَهَا، فَقَدِ انْقَضَتِ الْعِدَّتَانِ، وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا مِنَ الثَّانِي، اعْتَدَّتْ مِنْهُ بِالْوَضْعِ، ثُمَّ تَعْتَدُّ عَنِ الْأَوَّلِ عِدَّةَ الْوَفَاةِ، وَالْأَصَحُّ: أَنَّهُ يُحْسَبُ مِنْهَا زَمَنُ النِّفَاسِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عِدَّةِ الثَّانِي، وَقِيلَ: لَا يُحْسَبُ لِتَعَلُّقِهِ بِالْحَمْلِ.