الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَرْعٌ
زَوْجَةُ الْغَائِبِ إِذَا أَخْبَرَهَا عَدْلٌ بِوَفَاةِ زَوْجِهَا، جَازَ لَهَا فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، أَنْ تَتَزَوَّجَ، لِأَنَّ ذَلِكَ خَبَرٌ لَا شَهَادَةٌ، ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ.
فَصْلٌ
يَجِبُ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ الْإِحْدَادُ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ، وَلَا يَجِبُ فِي عِدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ، لَكِنْ رَوَى أَبُو ثَوْرٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهَا الْإِحْدَادُ، وَمِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ قَالَ: الْأَوْلَى أَنْ تَتَزَيَّنَ بِمَا يَدْعُو الزَّوْجَ إِلَى رَجْعَتِهَا. وَفِي عِدَّةِ الْبَائِنِ بِخُلْعٍ أَوِ اسْتِيفَاءِ الطَّلَقَاتِ قَوْلَانِ، الْقَدِيمُ: وُجُوبُ الْإِحْدَادِ، وَالْجَدِيدُ الْأَظْهَرُ: لَا يَجِبُ، بَلْ يُسْتَحَبُّ. وَالْمَفْسُوخُ نِكَاحُهَا لِعَيْبٍ وَنَحْوِهِ، عَلَى الْقَوْلَيْنِ. وَقِيلَ: لَا يَجِبُ قَطْعًا، وَالْمُعْتَدَّةُ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَأُمُّ الْوَلَدِ، لَا إِحْدَادَ عَلَيْهِنَّ قَطْعًا لِعَدَمِ الزَّوْجِيَّةِ. وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تَحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» قَدْ يُحْتَجُّ بِهِ عَلَى تَحْرِيمِ الْإِحْدَادِ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ، وَالْمُعْتَدَّةِ عَنْ شُبْهَةٍ.
فَرْعٌ
الذِّمِّيَّةُ، وَالصَّبِيَّةُ، وَالْمَجْنُونَةُ، وَالرَّقِيقَةُ، كَغَيْرِهِنَّ فِي الْإِحْدَادِ، وَوَلِيُّ الصَّبِيَّةِ وَالْمَجْنُونَةِ، يَمْنَعُهُمَا مِمَّا تَمْتَنِعُ مِنْهُ الْكَبِيرَةُ الْعَاقِلَةُ.
فَرْعٌ
فِي كَيْفِيَّةِ الْإِحْدَادِ
وَهُوَ تَرْكُ التَّزَيُّنِ بِالثِّيَابِ وَالْحُلِيِّ وَالطِّيبِ.
النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الثِّيَابُ، وَلَا يَحْرُمُ جِنْسُ الْقُطْنِ وَالصُّوفِ، وَالْوَبَرِ وَالشَّعْرِ،
وَالْكَتَّانِ وَالْقَصَبِ وَالدَّبِيقِيِّ، بَلْ يَجُوزُ لُبْسُ الْمَنْسُوجِ مِنْهَا عَلَى أَنْوَاعِ اخْتِلَافِ أَلْوَانِهَا الْخِلْقِيَّةِ وَإِنْ كَانَتْ نَفِيسَةً نَاعِمَةً، لِأَنَّ نَفَاسَتَهَا مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ، لَا مِنْ زِينَةٍ دَخَلَتْ عَلَيْهَا. وَأَمَّا الْإِبْرَيْسَمُ، فَقَالَ الْجُمْهُورُ: هُوَ كَالْكَتَّانِ فَلَا يَحْرُمُ مَا لَمْ تَحْدُثْ فِيهِ زِينَةٌ. وَقَالَ الْقَفَّالُ: يَحْرُمُ، وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَالْمُتَوَلِّي، فَعَلَى هَذَا، لَا تَلْبِسُ الْعَتَابِيَ الَّذِي غَلَبَ فِيهِ الْإِبْرَيْسَمُ، وَلَهَا لُبْسُ الْخَزِّ قَطْعًا. وَلَوْ صُبِغَ مَا لَا يَحْرُمُ فِي جِنْسِهِ، نُظِرَ فِي صَبْغِهِ، إِنْ كَانَ مِمَّا يُقْصَدُ مِنْهُ الزِّينَةُ غَالِبًا، كَالْأَحْمَرِ وَالْأَصْفَرِ، حَرُمَ لِبْسُهُ إِنْ كَانَ لَيِّنًا، وَكَذَا إِنْ كَانَ خَشِنًا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَهُوَ نَصُّهُ فِي «الْأُمِّ» وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْقِسْمِ، الدِّيبَاجُ الْمُنَقَّشُ، وَالْحَرِيرُ الْمُلَوَّنُ، فَيَحْرُمَانِ.
وَالْمَصْبُوغُ غَزْلُهُ قَبْلَ النَّسْجِ كَالْبُرُودِ حَرَامٌ عَلَى الْأَصَحِّ، كَالْمَصْبُوغِ بَعْدَ النَّسْجِ، وَإِنْ كَانَ الصِّبْغُ مِمَّا لَا يُقْصَدُ بِهِ الزِّينَةُ، بَلْ يُعْمَلُ لِلْمُصِيبَةِ وَاحْتِمَالِ الْوَسَخِ كَالْأَسْوَدِ وَالْكُحْلِيِّ، فَلَهَا لُبْسُهُ وَهُوَ أَبْلَغُ فِي الْحِدَادِ، بَلْ فِي «الْحَاوِي» وَجْهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهَا السَّوَادُ فِي الْحِدَادِ. وَإِنْ كَانَ الصِّبْغُ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ الزِّينَةِ وَغَيْرِهَا، كَالْأَخْضَرِ وَالْأَزْرَقِ، فَإِنْ كَانَ بَرَّاقًا صَافِيَ اللَّوْنِ فَحَرَامٌ، وَإِنْ كَانَ كَدَرًا أَوْ مُشْبَعًا، أَوْ أَكْهَبَ وَهُوَ الَّذِي يَضْرِبُ إِلَى الْغُبْرَةِ، جَازَ، وَأَمَّا الطِّرَازُ عَلَى الثَّوْبِ، فَإِنْ كَانَ كَبِيرًا فَحَرَامٌ، وَإِلَّا فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، ثَالِثُهَا: إِنْ نُسِجَ مَعَ الثَّوْبِ، جَازَ، وَإِنْ رُكِّبَ عَلَيْهِ، حَرُمَ، لِأَنَّهُ مَحْضُ زِينَةٍ.
النَّوْعُ الثَّانِي: الْحُلِيُّ، فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا لُبْسُهُ، سَوَاءٌ فِيهِ الْخَلْخَالُ وَالسُّوَارُ وَالْخَاتَمُ وَغَيْرُهَا، وَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ، وَقَالَ الْإِمَامُ: يَجُوزُ لَهَا التَّخَتُّمُ بِخَاتَمِ الْفِضَّةِ كَالرَّجُلِ، وَبِالْأَوَّلِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ. وَفِي اللَّآلِي تَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ، وَبِالتَّحْرِيمِ قَطَعَ الْغَزَالِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ. قَالَ الرُّويَانِيُّ: قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: لَوْ كَانَتْ تَلْبِسُ الْحُلِيَّ لَيْلًا وَتَنْزِعُهُ نَهَارًا، جَازَ، لَكِنَّهُ يُكْرَهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، فَلَوْ فَعَلَتْهُ لِإِحْرَازِ الْمَالِ، لَمْ يُكْرَهْ. قَالَ: وَلَوْ تَحَلَّتْ بِنُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ، فَإِنْ كَانَ مُمَوَّهًا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ مُشَابِهًا
لَهُمَا، بِحَيْثُ لَا يُعْرَفُ إِلَّا بِتَأَمُّلٍ، أَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، وَلَكِنَّهَا مِنْ قَوْمٍ يَتَزَيَّنُونَ بِذَلِكَ، فَحَرَامٌ، وَإِلَّا فَحَلَالٌ.
النَّوْعُ الثَّالِثُ: الطِّيبُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا الطِّيبُ فِي بَدَنِهَا وَثِيَابِهَا، وَتَفْصِيلُ الطِّيبِ سَبَقَ فِي «كِتَابِ الْحَجِّ» ، وَيَحْرُمُ دَهْنُ رَأْسِهَا بِكُلِّ دُهْنٍ. وَلَوْ كَانَ لَهَا لِحْيَةٌ، حَرُمَ دَهْنُهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّهْنِ طِيبٌ، لِأَنَّهُ زِينَةٌ، وَيَجُوزُ لَهَا دَهْنُ الْبَدَنِ بِمَا لَا طِيبَ فِيهِ، كَالزَّيْتِ وَالشَّيْرَجِ وَالسَّمْنِ، وَلَا بِمَا فِيهِ طِيبٌ كَدُهْنِ الْبَانِ وَالْبَنَفْسَجِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا أَكْلُ طَعَامٍ فِيهِ طِيبٌ، وَيَحْرُمُ أَنْ تَكْتَحِلَ بِمَا فِيهِ طِيبٌ.
وَأَمَّا مَا لَا طِيبَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ أَسْوَدَ وَهُوَ الْإِثْمِدُ، فَحَرَامٌ عَلَى الْبَيْضَاءِ قَطْعًا، وَكَذَا عَلَى السَّوْدَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالصَّحِيحِ، لِإِطْلَاقِ الْأَحَادِيثِ فِيهِ، فَإِنِ احْتَاجَتْ إِلَى الِاكْتِحَالِ بِهِ لِرَمَدٍ وَغَيْرِهِ، اكْتَحَلَتْ بِهِ لَيْلًا وَمَسَحَتْهُ نَهَارًا، فَإِنْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ إِلَى الِاسْتِعْمَالِ نَهَارًا أَيْضًا جَازَ، وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِ الْعَيْنِ، إِلَّا الْحَاجِبَ، فَإِنَّهُ تَتَزَيَّنُ بِهِ فِيهِ.
وَأَمَّا الْكُحْلُ الْأَصْفَرُ وَهُوَ الصَّبْرُ، فَحَرَامٌ عَلَى السَّوْدَاءِ، وَكَذَا عَلَى الْبَيْضَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّهُ يُحَسِّنُ الْعَيْنَ. وَيَحْرُمُ أَيْضًا أَنْ تَطْلِيَ بِهِ وَجْهَهَا، لِأَنَّهُ يُصَفِّرُ الْوَجْهَ، فَهُوَ كَالْخِضَابِ. وَأَمَّا الْكُحْلُ الْأَبْيَضُ كَالتُّوتِيَاءِ وَنَحْوِهِ، فَلَا يَحْرُمُ، إِذْ لَا زِينَةَ فِيهِ. وَقِيلَ: يَحْرُمُ عَلَى الْبَيْضَاءِ حَيْثُ تَتَزَيَّنُ بِهِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَيَحْرُمُ الدِّمَامُ، وَهُوَ مَا يُطْلَى بِهِ الْوَجْهُ لِلتَّحْسِينِ. وَقِيلَ: هُوَ الْكُلْكُونُ الَّذِي يُحَمِّرُ الْوَجْهَ، وَيَحْرُمُ الْإِسْفِيدَاجُ، وَيَحْرُمُ أَنْ تُخَضِّبَ بِحِنَّاءٍ وَنَحْوِهِ فِيمَا ظَهَرَ مِنَ الْبَدَنِ كَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ، وَلَا يَحْرُمُ فِيمَا تَحْتَ الثِّيَابِ، ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ. وَالْغَالِيَةُ وَإِنْ ذَهَبَتْ رِيحُهَا كَالْخِضَابِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَتَجْعِيدُ الْأَصْدَاغِ، وَتَصْفِيفُ الطُّرَّةِ، لَا نَقْلَ فِيهِ، وَلَا يُمْنَعُ أَنْ يَكُونَ كَالْحُلِيِّ.
فَرْعٌ
يَجُوزُ لِلْمُحِدَّةِ التَّزْيِينُ فِي الْفُرُشِ وَالْبُسُطِ وَالسُّتُورِ وَأَثَاثِ الْبَيْتِ، لِأَنَّ الْحِدَادَ فِي
الْبَدَنِ، لَا فِي الْفُرُشِ، وَيَجُوزُ التَّنْظِيفُ بِغَسْلِ الرَّأْسِ، وَالِامْتِشَاطُ، وَدُخُولُ الْحَمَّامِ، وَقَلْمُ الْأَظْفَارِ، وَالِاسْتِحْدَادُ وَإِزَالَةُ الْأَوْسَاخِ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الزِّينَةِ.
فَرْعٌ
إِذَا لَمْ نُوجِبِ الْإِحْدَادَ عَلَى الْمَبْتُوتَةِ، فَفِي تَحْرِيمِ التَّطَيُّبِ وَجْهَانِ، لِأَنَّهُ يُحَرِّكُ الشَّهْوَةَ.
فَرْعٌ
يَجُوزُ لَهَا الْإِحْدَادُ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَمَا دُوْنَهَا، صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي، وَالْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ.
فَرْعٌ
لَوْ تَرَكَتِ الْإِحْدَادَ الْوَاجِبَ عَلَيْهَا فِي كُلِّ الْمُدَّةِ أَوْ بَعْضِهَا، عَصَتْ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا. وَكَذَا لَوْ تَرَكَتْ مُلَازَمَةَ الْمَسْكَنِ وَخَرَجَتْ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، عَصَتْ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، كَمَا لَوْ بَلَغَهَا وَفَاةُ الزَّوْجِ بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، كَانَتِ الْعِدَّةُ مُنْقَضِيَةً وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
الْبَابُ الرَّابِعُ فِي السُّكْنَى
الْمُعْتَدَّةُ عَنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ أَوْ بَائِنٍ بِخُلْعٍ، أَوْ بِاسْتِيفَاءِ الطَّلَقَاتِ، تَسْتَحِقُّ السُّكْنَى حَامِلًا كَانَتْ أَوْ حَائِلًا، وَكَذَا الْمُعْتَدَّةُ عَنْ وَفَاةٍ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَأَمَّا الْمُعْتَدَّةُ عَنِ النِّكَاحِ بِفُرْقَةٍ غَيْرِ الطَّلَاقِ فِي الْحَيَاةِ، كَالْفَسْخِ بِرِدَّةٍ أَوْ إِسْلَامٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ عَيْبٍ وَنَحْوِهِ، فَفِيهَا خَمْسَةُ طُرُقٍ:
أَحَدُهَا: عَلَى قَوْلَيْنِ كَالْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَفَاةٍ.
وَالثَّانِي: إِنْ كَانَ لَهَا مَدْخَلٌ فِي ارْتِفَاعِ النِّكَاحِ، بِأَنْ فَسَخَتْ بِخِيَارِ الْعِتْقِ، أَوْ بِعَيْبِ الزَّوْجِ، أَوْ فَسَخَ بِعَيْبِهَا، فَلَا سُكْنَى قَطْعًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ، بِأَنِ انْفَسَخَ بِإِسْلَامِهِ أَوْ رِدَّتِهِ، أَوْ إِرْضَاعِ أَجْنَبِيٍّ، فَفِي اسْتِحْقَاقِهَا السُّكْنَى الْقَوْلَانِ.
وَالثَّالِثُ: إِنْ كَانَ لَهَا مَدْخَلٌ، فَلَا سُكْنَى، وَإِلَّا فَلَهَا السُّكْنَى قَطْعًا.
وَالرَّابِعُ: ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ: إِنْ كَانَتِ الْفُرْقَةُ بِعَيْبٍ أَوْ غُرُورٍ، فَلَا سُكْنَى، وَإِنْ كَانَتْ بِرَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ أَوْ خِيَارِ عِتْقٍ، فَلَهَا السُّكْنَى عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّ السَّبَبَ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا يَوْمَ الْعَقْدِ، وَلَا اسْتُنِدَ إِلَيْهِ. قَالَ: وَالْمُلَاعَنَةُ تَسْتَحِقُّ قَطْعًا كَالْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا.
وَالْخَامِسُ: الْقَطْعُ بِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ السُّكْنَى، لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ عَنْ نِكَاحٍ بِفُرْقَةٍ فِي الْحَيَاةِ كَالْمُطَلَّقَةِ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ. وَأَمَّا الْمُعْتَدَّةُ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَأُمُّ الْوَلَدِ إِذَا أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا، فَلَا سُكْنَى لَهُنَّ، هَذَا بَيَانُ السُّكْنَى، وَأَمَّا النَّفَقَةُ وَالْكُسْوَةُ، فَمُؤَخَّرَتَانِ إِلَى «كِتَابِ النَّفَقَاتِ» .
فَرْعٌ
الصَّغِيرَةُ الَّتِي لَا تَحْتَمِلُ الْجِمَاعَ، هَلْ تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ؟ فِيهِ خِلَافٌ يَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. فَإِنْ قُلْنَا: تَسْتَحِقُّهَا، اسْتَحَقَّتِ السُّكْنَى فِي الْعِدَّةِ، وَإِلَّا فَلَا، وَالْأَمَةُ الْمُزَوَّجَةُ ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى السَّيِّدِ أَنْ يُسَلِّمَهَا لَيْلًا وَنَهَارًا، بَلْ لَهُ اسْتِخْدَامُهَا نَهَارًا، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي زَمَنِ الْعِدَّةِ، فَإِنْ سَلَّمَهَا لَيْلًا وَنَهَارًا، أَوْ رَفَعَ الْيَدَ عَنْهَا، اسْتَحَقَّتِ السُّكْنَى. وَإِنْ كَانَ يَسْتَخْدِمُهَا نَهَارًا، فَقَدْ ذَكَرْنَا خِلَافًا فِي اسْتِحْقَاقِهَا، النَّفَقَةَ فِي صُلْبِ النِّكَاحِ. فَإِنِ اسْتَحَقَّتْهَا، اسْتَحَقَّتِ السُّكْنَى فِي الْعِدَّةِ، وَإِلَّا فَلَا، لَكِنْ لِلزَّوْجِ أَنْ يُسْكِنَهَا حَالَةَ فَرَاغِهَا مِنْ خِدْمَةِ السَّيِّدِ لِتَحْصِينِهَا.
فَرْعٌ
إِذَا طَلَّقَهَا وَهِيَ نَاشِزَةٌ، فَلَا سُكْنَى لَهَا فِي الْعِدَّةِ، لِأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ وَالسُّكْنَى