الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْأُولَى. وَلَوْ قَالَ: إِنْ ظَاهَرْتُ مِنْ فُلَانَةٍ الْأَجْنَبِيَّةِ، فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، فَإِنْ خَاطَبَهَا بِلَفْظِ الظِّهَارِ قَبْلَ أَنْ يَنْكِحَهَا، فَحُكْمُهُ مَا سَبَقَ. فَإِنْ نَكَحَهَا ثُمَّ ظَاهَرَ مِنْهَا، فَهَلْ يَصِيرُ مُظَاهِرًا مِنَ الزَّوْجَةِ الْأُولَى؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، وَيَكُونُ لَفْظُ الْأَجْنَبِيَّةِ تَعْرِيفًا لَا شَرْطًا، كَمَا لَوْ قَالَ: لَا أَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ هَذِهِ، فَبَاعَهَا، ثُمَّ دَخَلَهَا، حَنِثَ، وَلَوْ قَالَ: إِنْ ظَاهَرْتُ مِنْ فُلَانَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ، أَوْ وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ، فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، فَسَوَاءٌ خَاطَبَهَا بِلَفْظِ الظِّهَارِ قَبْلَ أَنْ يَنْكِحَهَا، أَوْ نَكَحَهَا، وَظَاهَرَ مِنْهَا، لَا يَصِيرُ مُظَاهِرًا مِنَ الْمُعَلَّقِ ظِهَارُهَا، لِأَنَّهُ شَرْطُ الْمُظَاهَرَةِ مِنْهَا وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ، وَلَمْ يُوجَدِ الشَّرْطُ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ: إِنْ بِعْتُ الْخَمْرَ، فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ كَظَهْرِ أُمِّي، فَأَتَى بِلَفْظِ الْبَيْعِ، لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا الظِّهَارُ، تَنْزِيلًا لِلَفْظِ الْعُقُودِ عَلَى الصِّحَّةِ. وَعِنْدَ الْمُزَنِيِّ، يَنْزِلُ فِي مِثْلِ هَذَا عَلَى صُورَةِ الْعَقْدِ، وَمِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ وَافَقَهُ، فَصَحَّحَ الظِّهَارَ هُنَا.
فَرْعٌ
قَالَ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ، فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، فَدَخَلْتِ الدَّارَ وَهُوَ مَجْنُونٌ، أَوْ نَاسٍ، فَعَنِ ابْنِ الْقَطَّانِ: أَنَّ فِي حُصُولِ الْعَوْدِ وَلُزُومِ الْكَفَّارَةِ قَوْلَيْنِ. قَالَ ابْنُ كَجٍّ: وَعِنْدِي أَنَّهَا تَلْزَمُ بِلَا خِلَافٍ، كَمَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِالدُّخُولِ، فَدَخَلَتْ وَهُوَ مَجْنُونٌ، وَإِنَّمَا يُؤَثِّرُ النِّسْيَانُ وَالْإِكْرَاهُ، فِي فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَى فِعْلِهِ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ.
فَصْلٌ
سَبَقَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ لَفْظَيِ الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ، لَا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ كِنَايَةً عَنِ الْآخَرِ، وَأَنَّ قَوْلَهُ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، يَصِحُّ كِنَايَةً عَنِ الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ. فَإِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ كَظَهْرِ أُمِّي، فَلَهُ أَحْوَالٌ. أَحَدُهَا: أَنْ لَا يَنْوِيَ شَيْئًا، فَتُطَلَّقُ، وَلَا يَصِحُّ الظِّهَارُ.
الثَّانِي: أَنْ يَقْصِدَ بِكُلِّ كَلَامِهِ الطَّلَاقَ وَحْدَهُ وَأَكَّدَهُ بِلَفْظِ الظِّهَارِ، فَيَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا ظِهَارَ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَقْصِدَ بِالْجَمْعِ الظِّهَارَ، فَتُطَلَّقُ، وَلَا ظِهَارَ عَلَى الصَّحِيحِ، لِأَنَّ لَفْظَ الطَّلَاقِ لَيْسَ بِظِهَارٍ، وَالْبَاقِي لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي الظِّهَارِ، لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ، وَلَمْ يَنْوِ بِهِ الظِّهَارَ، وَإِنَّمَا نَوَاهُ بِالْمَجْمُوعِ. الرَّابِعُ: أَنْ يَقْصِدَ الطَّلَاقَ وَالظِّهَارَ، فَيُنْظَرُ، إِنْ قَصَدَهُمَا بِمَجْمُوعِ كَلَامِهِ، حَصَلَ الطَّلَاقُ وَلَا يَحْصُلُ الظِّهَارُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: يَحْصُلُ لِإِقْرَارِهِ بِهِ، وَإِنْ قَصَدَ الطَّلَاقَ بِقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ، وَالظِّهَارَ بِقَوْلِهِ: كَظَهْرِ أُمِّي، طُلِّقَتْ، فَإِنْ كَانَتْ تَبِينُ بِالطَّلَاقِ، لَمْ يَصِحَّ الظِّهَارُ، وَإِلَّا فَيَصِحُّ الظِّهَارُ مَعَ الطَّلَاقِ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ بِقَوْلِي: «أَنْتِ طَالِقٌ» الظِّهَارَ، وَبِقَوْلِي: كَظَهْرِ أُمِّي الطَّلَاقَ، وَقَعَ الطَّلَاقُ وَحْدَهُ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي طَالِقٌ، قَالَ ابْنُ كَجٍّ: إِنْ أَرَادَ الظِّهَارَ وَالطَّلَاقَ، حَصَلَا، وَلَا يَكُونُ عَائِدًا، لِأَنَّهُ عَقَّبَ الظِّهَارَ بِالطَّلَاقِ، فَإِنْ رَاجَعَ، كَانَ عَائِدًا، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا، صَحَّ الظِّهَارُ. وَفِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَجْهَانِ.
فَرْعٌ
قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي، فَإِنْ نَوَى بِكَلَامِهِ الطَّلَاقَ فَقَطْ، فَهُوَ طَلَاقٌ عَلَى الْأَظْهَرِ الْأَشْهَرِ، وَفِي قَوْلٍ: ظِهَارٌ، وَقِيلَ: طَلَاقٌ قَطْعًا، وَقِيلَ: طَلَاقٌ وَظِهَارٌ، حَكَاهُ ابْنُ كَجٍّ. وَإِنْ نَوَى بِكَلَامِهِ الظِّهَارَ، فَظِهَارٌ، وَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ وَالظِّهَارَ جَمِيعًا، نُظِرَ، إِنْ أَرَادَهُمَا بِمَجْمُوعِ الْكَلَامِ، أَوْ بِقَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، لَمْ يُثْبَتَا مَعًا، وَأَيُّهُمَا يَثْبُتُ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ.
أَحَدُهَا: الطَّلَاقُ، وَالثَّانِي: الظِّهَارُ، وَالثَّالِثُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ وَالْجُمْهُورُ: يُخَيَّرُ فَيَثْبُتُ مَا اخْتَارَهُ مِنْهُمَا، وَإِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ:«أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ» الطَّلَاقَ، وَبِقَوْلِهِ:«كَظَهْرِ أُمِّي» الظِّهَارَ، وَقَعَ الطَّلَاقُ وَحَصَلَ الظِّهَارُ إِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِنْ كَانَ بَائِنًا، فَلَا. وَإِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ:«أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ الظِّهَارَ» ، وَبِقَوْلِهِ: «كَظَهْرِ
أُمِّي الطَّلَاقَ» ، حَصَلَ الظِّهَارُ قَطْعًا، وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ بِقَوْلِي: «أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ» تَحْرِيمَ ذَاتِهَا الَّذِي مُقْتَضَاهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، قُبِلَ مِنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ وَيَكُونُ مُظَاهِرًا، لِأَنَّهُ وَصَفَ التَّحْرِيمَ بِمَا يَقْتَضِي الْكَفَّارَةَ الْعُظْمَى، فَلَا يُقْبَلُ رَدُّهُ إِلَى الصُّغْرَى، فَعَلَى الْأَوَّلِ، إِنْ لَمْ يَنْوِ بِقَوْلِهِ:«كَظَهْرِ أُمِّي» الظِّهَارَ، لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ سِوَى كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ: كَظَهْرِ أُمِّي تَأْكِيدًا لِلتَّحْرِيمِ، وَإِنْ نَوَى الظِّهَارَ، لَزِمَهُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ، وَكَانَ مُظَاهِرًا. وَأَمَّا إِذَا أَطْلَقَ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا يَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ، فَلَا طَلَاقَ لِعَدَمِ الصَّرِيحِ وَالنِّيَّةِ، وَفِي كَوْنِهِ ظِهَارًا وَجْهَانِ. الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ أَنَّهُ ظِهَارٌ.
فَرْعٌ
قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي حَرَامٌ، كَانَ مُظَاهِرًا، قَالَهُ الْمُتَوَلِّي: فَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِقَوْلِهِ: «حَرَامٌ» شَيْئًا، كَانَ تَأْكِيدًا، وَإِنْ نَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِهَا، فَكَذَلِكَ، وَيَدْخُلُ مُقْتَضَى التَّحْرِيمِ وَهُوَ الْكَفَّارَةُ الصُّغْرَى، فِي مُقْتَضَى الظِّهَارِ وَهُوَ الْكَفَّارَةُ الْعُظْمَى، وَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ، فَقَدْ عَقَّبَ الظِّهَارَ بِالطَّلَاقِ، فَلَا عَوْدَ.
فَرْعٌ
قَالَ: أَنْتِ مِثْلُ أُمِّي وَنَوَى الطَّلَاقَ، كَانَ طَلَاقًا، وَكَذَا قَوْلُهُ: كَرُوحِ أُمِّي وَعَيْنِهَا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
الْبَابُ الثَّانِي فِي حُكْمِ الظِّهَارِ
لَهُ حُكْمَانِ.
أَحَدُهُمَا: تَحْرِيمُ الْوَطْءِ إِذَا وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ إِلَى أَنْ يُكَفِّرَ، فَلَوْ وَطِئَ
قَبْلَ التَّكْفِيرِ، عَصَى، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ ثَانِيًا، سَوَاءٌ كَفَّرَ بِالْإِطْعَامِ وَغَيْرِهِ. وَفِي تَحْرِيمِ الْقُبْلَةِ وَاللَّمْسِ بِشَهْوَةٍ، وَسَائِرِ الِاسْتِمْتَاعَاتِ، قَوْلَانِ، وَيُقَالُ: وَجْهَانِ، أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ: الْجَوَازُ، وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى الْجَدِيدِ، وَحَكَى ابْنُ كَجٍّ طَرِيقًا قَاطِعًا بِهِ، وَقَالَ: وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) مَحْمُولٌ عَلَى الْجِمَاعِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ) .
فَرْعٌ
عَدَّ الْإِمَامُ الصُّوَرَ الَّتِي تَحْرُمُ فِيهَا الْقُبْلَةُ وَسَائِرُ الِاسْتِمْتَاعَاتِ مَعَ الْوَطْءِ، وَالَّتِي تَخْتَصُّ بِالتَّحْرِيمِ بِالْوَطْءِ، فَقَالَ: مَا حَرَّمَ الْوَطْءَ لِتَأْثِيرِهِ فِي الْمِلْكِ، كَالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَغَيْرِهِ، وَالرِّدَّةِ أَوْ لِحِلِّهَا لِغَيْرِهِ كَالْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ، أَوْ حَرَّمَهَا لِاسْتِبْرَاءِ الرَّحِمِ عَنْ غَيْرِهِ، كَزَوْجَتِهِ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ فِي صُلْبِ النِّكَاحِ، وَكَالْمُسْتَبْرَأَةِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ بِشِرَاءٍ وَنَحْوِهِ، فَكُلُّ هَذَا يَحْرُمُ فِيهِ الِاسْتِمْتَاعَاتُ كُلُّهَا، وَمَا حَرَّمَ الْوَطْءَ بِسَبَبِ الْأَذَى، لَا يُحَرِّمُ الِاسْتِمْتَاعَ.
وَأَمَّا الْعِبَادَاتُ الْمُحَرِّمَةُ لِلْوَطْءِ، فَالْإِحْرَامُ يُحَرِّمُ كُلَّ اسْتِمْتَاعٍ تَعَبُّدًا، وَالصَّوْمُ وَالِاعْتِكَافُ يُحَرِّمَانِ كُلَّ مَا يُخْشَى مِنْهُ الْإِنْزَالُ لِتَأَثُّرِهِمَا بِالْإِنْزَالِ. وَإِذَا قُلْنَا فِي الظِّهَارِ: لَا تَحْرُمُ الْقُبْلَةُ وَاللَّمْسُ، فَفِيمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ احْتِمَالَانِ، لِأَنَّهُ يَحُومُ حَوْلَ الْحِمَى، هَذَا كَلَامُ الْإِمَامِ، وَحَكَى الْبَغَوِيُّ وَجْهًا، أَنَّهُ يَجُوزُ الِاسْتِمْتَاعُ بِزَوْجَتِهِ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ شُبْهَةٍ وَغَيْرِهِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَجِيءَ فِي الِاسْتِمْتَاعِ بِالْمَرْهُونَةِ خِلَافٌ.
قُلْتُ: الْوَجْهُ الْجَزْمُ بِجَوَازِهِ فِي مَرْهُونَتِهِ، وَقَدْ جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الِاسْتِبْرَاءِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَإِذَا لَمْ يَحْرُمِ الِاسْتِمْتَاعُ، فَلَا بَأْسَ بِالتَّلَذُّذِ وَإِنْ أَفْضَى إِلَى الْإِنْزَالِ، وَقَوْلُ الْإِمَامِ: الْإِحْرَامُ يَحَرِّمُ كُلَّ اسْتِمْتَاعٍ، الصَّوَابُ، حَمْلُهُ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ
بِشَهْوَةٍ، فَأَمَّا اللَّمْسُ وَنَحْوَهُ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ، فَلَيْسَ بِحَرَامٍ كَمَا سَبَقَ فِي الْحَجِّ. وَالْأَمَةُ الْوَثَنِيَّةُ وَالْمَجُوسِيَّةُ وَالْمُرْتَدَّةُ، يَحْرُمُ فِيهَا كُلُّ اسْتِمْتَاعٍ، وَكَذَا الْمُشْرِكَةُ وَالْمُكَاتَبَةُ وَمَنْ بَعْضُهَا حُرٌّ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْحُكْمُ الثَّانِي: وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ بِالْعَوْدِ، وَالْعَوْدُ هُوَ أَنْ يُمْسِكَهَا فِي النِّكَاحِ زَمَنًا يُمْكِنُهُ مُفَارَقَتُهَا فِيهِ. وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو حَاتِمٍ الْقَزْوِينِيُّ عَنِ الْقَدِيمِ قَوْلًا: أَنَّ الْعَوْدَ هُوَ الْوَطْءُ، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ. وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ إِذَا ظَاهَرَ وَعَادَ، لَكِنْ هَلْ سَبَبُ الْوُجُوبِ الْعَوْدُ فَقَطْ، أَمِ الظِّهَارُ وَالْعَوْدُ مَعًا، أَمِ الظِّهَارُ فَقَطْ وَالْعَوْدُ شَرْطٌ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ. وَلَوْ مَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عُقَيْبَ الظِّهَارِ، أَوْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا النِّكَاحَ بِسَبَبٍ يَقْتَضِيهِ، أَوْ جُنَّ الزَّوْجُ، أَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَلَمْ يُرَاجِعْ، فَلَا عَوْدَ وَلَا كَفَّارَةَ، فَلَوْ كَانَتْ أَمَةً فَاشْتَرَاهَا مُتَّصِلًا بِالظِّهَارِ، فَلَيْسَ بِعَائِدٍ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّهُ قَطَعَ النِّكَاحَ. وَلَوِ اشْتَغَلَ بِأَسْبَابِ الشِّرَاءِ كَالْمُسَاوَمَةِ وَتَقْرِيرِ الثَّمَنِ، كَانَ عَائِدًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ، وَرَجَّحَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ. قَالَ الْإِمَامُ: وَهَذَا الْخِلَافُ إِذَا كَانَ الشِّرَاءُ مُتَيَسِّرًا، فَإِنْ كَانَ مُتَعَذِّرًا، فَالِاشْتِغَالُ بِتَسْهِيلِهِ لَا يُنَافِي الْعَوْدَ عِنْدِي.
فَرْعٌ
لَاعَنَهَا عَقِبَ الظِّهَارِ، نَصَّ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه أَنَّهُ لَيْسَ عَائِدًا، وَاخْتَلَفُوا فِي النَّصِّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ. أَحَدُهَا: وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: وَالْمُرَادُ بِهِ مَا إِذَا سَبَقَ الْقَذْفُ وَالْمُرَافَعَةُ إِلَى الْحَاكِمِ، أَوْ أَتَى بِمَا قَبْلَ الْخَامِسَةِ مِنْ كَلِمَاتِ اللِّعَانِ، ثُمَّ ظَاهَرَ وَعَقَّبَهُ بِالْكَلِمَةِ الْخَامِسَةِ، وَإِلَّا فَعَائِدٌ، وَأَصَحُّهَا، وَبِهِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ، وَابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنُ الْوَكِيلِ: يُشْتَرَطُ سَبْقُ الْقَذْفِ وَالْمُرَافَعَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ شَيْءٍ مِنْ كَلِمَاتِ اللِّعَانِ، بَلْ إِذَا وَصَلَهَا بِالظِّهَارِ، لَمْ يَكُنْ عَائِدًا. وَالثَّالِثُ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ سَلَمَةَ، وَحُكِيَ