الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثالث في أمره- صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه بهجاء المشركين
روى الإمام أحمد والشيخان عن البراء بن عازب- رضي اللَّه تعالى عنهما- أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال يوم قريظة لحسان- رضي اللَّه تعالى عنه-: اهج المشركين وفي لفظ:
هاجهم وجبريل معك وفي لفظ: فإن روح القدس معك.
وروى ابن سعد عن جابر- رضي اللَّه تعالى عنه- قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: من يحمي أعراض المسلمين؟ فقال عبد اللَّه بن رواحة: أنا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:«إنك لا تحسن الشعر» ، فقال حسان بن ثابت- رضي اللَّه تعالى عنه- أنا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم «اهجهم، فإنّ روح القدس سيعينك» .
وروى ابن سعد عن ابن سيرين مرسلا أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: «إذا نصر القوم بسلاحهم أنفسهم، فألسنتهم أحقّ» فقام رجل فقال: يا رسول اللَّه، أنا، فقال: لست هناك، فجلس فقام آخر فقال: يا رسول اللَّه أنا، فقال بيده: يعني لا أجلس
فقام حسان- رضي اللَّه تعالى عنه- فقال: يا رسول اللَّه، ما يسرني به مقولا بين صنعاء وبصرى، وإنك واللَّه، ما سببت قوما قطّ هو أشد عليهم من شيء يعرفونه فمرّ بي إلى من يعرف أيامهم وبيوتاتهم حتى أضع لساني فأمر به إلى أبي بكر- رضي اللَّه تعالى عنه-.
وروى مسلم والبرقاني عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنّه سمع حسان بن ثابت يستشهد بأبي هريرة، أنشدك اللَّه، هل سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: يا حسّان أجب عني، اللهم، أيّده بروح القدس؟ قال أبو هريرة- رضي اللَّه تعالى عنه-: نعم.
وروى أبو الحسن بن الضحاك عن حسان- رضي اللَّه تعالى عنه- أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: «إذا حارب أصحابي بالسّلاح، فحارب أنت بلسانك» .
وروى الإمام أحمد عن عمار بن ياسر- رضي اللَّه تعالى عنه- قال: لما هجانا المشركون شكونا ذلك إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: «قولوا لهم كما يقولون لكم» قال: فلقد رأيتنا تعمله إماء أهل المدينة.
وروى أبو الحسن بن الضّحاك، وقال هذا غريب من حديث يسار من مسند حسان بن ثابت ورجاله ثقات، والمحفوظ أنه من مسند البراء بن عازب- رضي اللَّه تعالى عنهما- قال: سمعت حسان بن ثابت- رضي اللَّه تعالى عنه- يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «اهجهم، أو هاجمهم يعني المشركين، وجبريل- عليه السلام معك» .
وروى مسلم عن عائشة- رضي اللَّه تعالى عنهما- أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: «اهجوا قريشا، فإنه أشدّ عليها من رشق النّبل» فأرسل إلى ابن رواحة، قال: اهجهم فهاجهم، فلم يرض فأرسل إلى كعب بن مالك، ثم أرسل إلى حسان بن ثابت فلما دخل عليه حسّان، قال: قد آن لكم أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنبه ثم أدلع لسانه، فجعل يحرّكه، فقال: والذي بعثك بالحق لأفرينّهم بلساني فري الأديم، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:«لا تعجل، فإن أبا بكر أعلم قريش بأنسابها وإن لي فيهم نسبا حتى يخلص لك نسبي» فأتاه حسّان، ثم رجع، فقال: يا رسول اللَّه، قد محّص لي نسبك، والذي بعثك بالحق، لأسلّنّك منهم كما تسلّ الشعرة من العجين، قالت عائشة- رضي اللَّه تعالى عنها- فسمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول لحسان بن ثابت- رضي اللَّه تعالى عنه-:«إن روح القدس لا يزال يؤيّدك ما نافحت عن اللَّه ورسوله» قالت:
وسمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: هجاهم حسان فشفى وأشفى
قال حسان- رضي اللَّه تعالى عنه-:
هجوت محمّدا فأجبت عنه
…
وعند اللَّه في ذاك الجزاء
وروى ابن وهب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن- رحمه اللَّه تعالى- أن قريشا لما هجت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أرسل إلى ابن رواحة فذكر نحو ما تقدم وزاد، فكان لا يحسن إلا في الحرب فهجاهم، فلم يرض رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثم أرسل إلى حسّان، وكان يكره أن يرسل إليه، فما جاء الرّسول، قال:«أما واللَّه لأفرينهم بلساني فري الأديم» فقالت عائشة: - رضي اللَّه تعالى عنهما- فأخرج لسانه كأنه لسان حيّة على طرفه خال أسود، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:«كيف لي بهم» فقال: والذي نفسي بيده، لأسلّنّك منهم سلّ الشعرة من العجين،
وذكر نحو ما تقدم.
وروى مسدد وابن أبي شيبة والنسائي في السنن الكبرى عن الأسود بن سريع- رضي اللَّه تعالى عنه- أنه قال: يا رسول اللَّه، إني مدحت اللَّه- عز وجل مدحة ومدحتك بأخرى، فقال:«هات وابدأ بمدحة اللَّه عز وجل» .
وروى مسدد عن محمد بن علي- رحمه اللَّه تعالى- أن رجلا مدح اللَّه تعالى، ومدح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأعطاه لمدحه اللَّه تعالى الذي خلقه، ولم يعطه لمدحه نفسه، واللَّه تعالى أعلم.