الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جماع أبواب معجزاته صلى الله عليه وسلم في المياه وعذوبة ما كان منها مالحا
الباب الأول في نبع الماء الطّهور من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم
وهو أشرف المياه كما قال البلقيني في «التدريب» قال: قال أبو العباس القرطبي: قصة نبع الماء من بين أصابعه [ (1) ]صلى الله عليه وسلم تكررت منه في عدة مواطن في مشاهد عظيمة ووردت عنه من طرق كثيرة يفيد عمومها العلم القطعي المستفاد من التواتر المعنوي، قال: ولم يسمع بمثل هذه المعجزة العظيمة من غير نبينا- صلى الله عليه وسلم حيث نبع الماء من بين عظمه وعصبه ولحمه ودمه.
ونقل ابن عبد البر عن المزني أنه قال: نبع الماء من بين أصابع النبي- صلى الله عليه وسلم أبلغ في المعجزة من نبع الماء من الحجر حيث ضربه موسى- صلى الله عليه وسلم بالعصا [ (2) ] فتفجرت منه المياه، لأن خروج (الماء)[ (3) ] من الحجارة معهود، بخلاف خروجه من بين اللحم والدم.
قال قتادة وغيره عن أنس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالزوراء وحانت صلاة العصر والتمس الناس الوضوء فلم يجدوا ماء، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في ذلك الإناء فحين بسط يده فيه فضمّ أصابعه فأمر الناس أن يتوضأوا منه فرأيت الماء ينبع من بين أصابع النبي صلى الله عليه وسلم فتوضأوا من عند آخرهم.
قال قتادة: قلت لأنس: كم كنتم؟ قال: كنا زهاء ثلاثمائة رواه الشيخان [ (4) ] .
قصة أخرى.
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس معنا ماء، فقال: اطلبوا من معه فضل ماء، فأتى بماء فوضعه في إناء، فوضع يده فيه، فجعل الماء يجري، وفي لفظ يخرج من بين أصابعه، ثم قال:«حيّ على الطّهور المبارك، البركة من الله» فتوضأوا
[ (1) ] في ج أصابع النبي صلى الله عليه وسلم.
[ (2) ] سقط في ج.
[ (3) ] في ج المياه.
[ (4) ] أخرجه البخاري 6/ 580 (3572) ومسلم 4/ 1783 (7/ 2279) .
وشربوا،
قال عبد الله: كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل رواه النسائيّ والبيهقيّ وابن مردويه [ (1) ] .
قصة أخرى.
روى الحسن البصري: عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ذات يوم لبعض مخارجه، معه ناس من أصحابه، فانطلقوا يسيرون، فحضرت الصلاة فلم يجد القوم ماء يتوضئون به، فقالوا: يا رسول الله: والله ما نجد ماء نتوضأ به، ورأى في وجوه أصحابه كراهية ذلك، فانطلق رجل من القوم فجاء بقدح فيه ماء يسير، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ منه ثم مدّ أصابعه الأربع في القدح ثم قال:«هلموا فتوضأوا» فتوضأ القوم حتى بلغوا ما يريدون،
قال الحسن: سئل أنس كم بلغوا؟ قال: سبعين أو ثمانين رواه الإمام أحمد والشيخان [ (2) ] .
قصة أخرى.
قال زياد بن الحارث: أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فقال له:«هل معك من ماء؟» فقلت: لا إلا شيء قليل لا يكفيك، فقال:«اجعله في إناء وائتني به» ، ففعلت فوضع كفه في الماء، فرأيت الماء بين أصبعين من أصابعه عينا تفور، فقال:«ناد في أصحابي من كان له حاجة في الماء» ، فناديت فيهم فأخذ من أراد منهم رواه الحارث بن أبي أسامة والطبراني [ (3) ] وأبو نعيم والبيهقي.
قصة أخرى.
روى الشيخان من طريق سالم بن أبي الجعد ومن طريق الأعمش عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: عطش النّاس يوم الحديبية، وكان الذي بين يديه ركوة يتوضّأ منها وجهش الناس نحوه، قال:«ما لكم؟» قالوا: ليس عندنا ماء نتوضأ به ولا ماء نشربه إلا ما بين يديك، فوضع يده في الرّكوة فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون، فشربنا وتوضأنا، قال سالم: قلت لجابر: كم كنتم؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا خمس عشرة مائة [ (4) ]، قال بعضهم: وحديث جابر هذا مخالف لما رواه البخاري عن البراء بن عازب قال: كنا يوم الحديبية أربع عشرة مائة، والحديبية بئر فنزحناها فلم نترك فيها قطرة ماء فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ (1) ] أخرجه الدارمي 1/ 15 والنسائي 1/ 60 وابن أبي شيبة 11/ 474 وأبو نعيم في الدلائل (144) وأحمد 1/ 460 وابن عبد البر في التمهيد 1/ 219 والطحاوي في المشكل 4/ 332 والبيهقي في الدلائل 4/ 129، 6/ 62.
[ (2) ] أخرجه أحمد في المسند 3/ 216 والبيهقي في الدلائل 4/ 124.
[ (3) ] أخرجه أحمد 4/ 244، 250 والبيهقي 1/ 58.
[ (4) ] أخرجه البخاري 6/ 581 (3576)(4152) ومسلم 3/ 1484 (73/ 1856) .
فأتاها فجلس على شفيرها ثم دعا بإناء من ماء فمضمض وبخّ في البئر، فمكث غير بعيد ثم استقينا حتى روينا وصررنا ركائبنا [ (1) ] وجمع ابن حبّان بينهما بأن ذلك في وقتين.
قال الحافظ: ويحتمل أن يكون الماء لما انفجر من بين أصابعه ويده في الرّكوة وتوضئوا كلهم وشربوا أمر حينئذ بصبّ الماء الذي بقي في الركوة في البئر، فتكاثر الماء فيها.
وفي صحيح البخاري عن عروة عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الحديبية الطويل فعدل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثمد قليل الماء يتربص الماء تربصا فلم يلبثه الناس حتى نزحوه، وشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش، فانتزع سهما من كنانته، وأمرهم أن يجعلوه فيه، فو الله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه.
والجمع بينه وبين حديث البراء بأن الأمرين وقعا معا.
وقد روى الواقديّ من طريق أوس بن خولي أنه صلى الله عليه وسلم توضأ في الدلو، ثم أفرغه فيها وانتزع السهم، فوضعه فيها هكذا ذكر أبو الأسود في روايته عن عروة أنه صلى الله عليه وسلم توضأ في الدلو، وصبه في البئر، ونزع سهما من كنانته، فألقاه فيها ودعا ففارت، زاد ابن سعد «حتى اغترفوا بآنيتهم جلوسا على شفير البئر» كذا في رواية الأسود عن عروة.
قال الحافظ: وهذه القصّة غير حديث جابر وكان ذلك قبل قصة البئر.
قصة أخرى.
قال أبو قتادة: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نسير في الجيش إذ لحقهم عطش كاد يقطع أعناق الرجال والخيل والركاب عطشا فدعا بركوة فيها ماء فوضع أصابعه عليها، فنبع الماء من بين أصابعه، فاستقى النّاس، وفاض الماء حتى رووا خيلهم وركابهم، وكان من العسكر اثنا عشر ألف بعير، والناس ثلاثون ألفا، والخيل اثنا عشر ألف فرس رواه أبو نعيم.
قصة أخرى.
قال ابن عباس رضي الله عنه: أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وليس في العسكر ماء، فقال رجل: يا رسول الله، ليس في العسكر ماء، قال: هل عندك شيء؟ قال: نعم فأتي بإناء فيه شيء من ماء فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه في الإناء وفتح أصابعه، قال: فرأيت العيون تنبع من بين أصابع النبي صلى الله عليه وسلم فأمر بلالا ينادي في الناس بالوضوء المبارك.
رواه الإمام أحمد والبزّار وروى الدّارميّ وأبو نعيم عنه قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا،
[ (1) ] أخرجه البخاري 6/ 581 (3577، 4150، 4151) .
فطلب الماء، فقال: لا والله ما وجدتّ. قال: «هل من شيء؟» فأتاه بشيء فبسط كفه فيه، فانبعث تحت يده عين فكان ابن مسعود يشرب وغيره يتوضأ [ (1) ] .
قصة أخرى.
قال أبو ليلى الأنصاري: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فأصابنا عطش فشكونا إليه، فأمره بحفرة فوضع عليها نطعا ووضع يده عليها، وقال:«هل من ماء؟» فأتي بماء، فقال لصاحب الإداوة:«صبّ الماء على كفّي واذكر اسم الله» ، ففعل.
قال أبو ليلى: فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع النبي صلى الله عليه وسلم حتى روى القوم وسقى ركابهم رواه الطبراني وأبو نعيم [ (2) ] .
قصة أخرى.
قال جابر أيضا: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن يومئذ بضع عشرة مائة فحضرت الصلاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وهل في القوم من ماء؟» فجاءه ماء وعبّه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قدح وتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسن الوضوء، ثم انصرف وترك القدح فركب الناس القدح وقالوا:
تمسحوا تمسحوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: على رسلكم حين سمعهم يقولون ذلك، قال:
فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم كفه في الماء ثم قال: «سبحان الله» ، ثم قال:«أسبغوا الوضوء»
قال جابر: والذي ابتلاني ببصري، فلقد رأيت العيون عيون الماء يومئذ تخرج من بين أصابع النبي صلى الله عليه وسلم فما رفعهما حتى توضئوا أجمعون رواه الإمام أحمد والشيخان [ (3) ] .
قال الحافظ ابن كثير: وظاهره أنها قصة أخرى غير ما تقدم.
قصة أخرى.
قال أبو رافع: أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فقال:«يا قوم كلّ رجل يلتمس من إداوته» ، فلم يجدوا غير واحد فصبه في إناء ثم قال:«توضئوا» فنظرت إلى الماء وهو يفور من بين أصابع النبي صلى الله عليه وسلم حتى توضأ الركب أجمعون ثم جمع كفيه فما خلتها إلا النطفة التي صب أول مرة رواه أبو نعيم.
قصة أخرى.
قال: أبو عمرة الأنصاري رضي الله عنه: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها وأصاب الناس مخمصة ثم دعا بركوة فوضعت بين يديه، ثم دعا بماء، وصبه فيها، ثم مسح فيها بما شاء الله أن يتكلم، ثم أدخل خنصره فيها، فأقسم بالله لقد رأيت أصابع النبي صلى الله عليه وسلم
[ (1) ] أخرجه أحمد 5/ 426 والمجمع 8/ 10.
[ (2) ] انظر المجمع 1/ 217، 320.
[ (3) ] أخرجه أحمد في المسند 3/ 292 والبيهقي في الدلائل 4/ 117 والدارمي 1/ 13.
تفجر ماء مع الماء، ثم أمر الناس فشربوا وملأوا قربهم وإداواتهم،
فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، ثم قال:«أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله لا يلقى الله بهما أحد يوم القيامة إلا دخل الجنة» رواه أبو نعيم.
قصة أخرى.
قال جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له في غزوة ذات الرّقاع: «يا جابر، ناد بوضوء» ، فقلت: ألا وضوء، ألا وضوء، قلت: يا رسول الله، ما وجدت في الرّكب من قطرة، وكان رجل من الأنصار يبرد لرسول الله صلى الله عليه وسلم الماء، فقال لي:«انطلق إلى فلان الأنصاري فانظر هل في أشجابه من شيء» ، فانطلقت إليه فنظرت فيها فلم أجد فيها إلا قطرة من عزلاء شجب منها لو أني أفرغه لشربة يابسة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال:«اذهب فأتيني به، فذهبت فأتيته به فأخذه بيده فجعل يتكلم بشيء لا أدري ما هو ويغمزه بيده، ثم أعطانيه، فقال: «يا جابر، ناد بجفنة الركب» فقلت يا جفنة الركب فأتيته بها فوضعت بين يدي رسول الله فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده في الجفنة هكذا، فبسطها في الجفنة وفرّق بين أصابعه ثم وضعها في قعر الجفنة وقال:«خذ يا جابر، فصبّ عليّ، وقل: بسم الله» ، فرأيت الماء يفور من بين أصابعه ففارت الجفنة، ودارت حتى امتلأت، فقال:«يا جابر، ناد من كانت له حاجة بماء» فأتى الناس فاستقوا حتى رووا ورفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الجفنة وهي ملأى رواه مسلم والبيهقي وأبو نعيم
[ (1) ] .
روي عن حبّان- وهو بكسر المهملة وفتح الباء المشددة- ابن بحّ- بضم الباء الموحدة وتشديد الحاء- الصدائيّ قال: كفر قومي، فأخبرت أن النبي صلى الله عليه وسلم جهز جيشا لهم، فأتيته، فقلت: إن قومي على الإسلام، قال: كذلك، قلت: نعم، واتبعته ليلتي إلى الصباح، فأذنت بالصلاة لما أصبحت وأعطاني إناء فتوضأت منه، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم أصابعه في الإناء فنبع عيون، فقال:«من أراد منكم أن يتوضأ فليتوضأ» ، فتوضأت وصلّيت فأمرني عليهم وأعطاني صدقتهم، فقال رجل: يا رسول الله أن فلانا ظلمني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا خير في الإمارة لرجل مسلم» ، ثم جاء رجل يسأل الصدقة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن الصدقة صداع في الرأس وحريق في البطن أو داء» فأعطيته صحيفتي أو صحيفة أمرتي وصدقني، فقال:«ما شأنك؟» فقلت: كيف أقبلها وقد سمعت منك ما سمعت فقال: «هو ما سمعت [ (2) ] » .
[ (1) ] أخرجه مسلم في كتاب الزهد (74) وابن ماجة (3549) .
[ (2) ] أخرجه أحمد 4/ 169 والطبراني في الكبير 4/ 42 والطبراني 4/ 542/ 203 والبيهقي في 10/ 86 وفي الدلائل 5/ 356 وانظر المجمع 5/ 204.