الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول في سورة محمد
{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بالَهُمْ} (2)[محمد: 2] عطف خاص على عام، وهو يدل على أن الإيمان بالقرآن أخص وأفضل أنواع الإيمان، وهو كذلك؛ لأنه يشمل جميع أنواع الإيمان وغيرها من القصص والأخبار والأحكام.
{فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمّا فِداءً حَتّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ذلِكَ وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ} (4)[محمد: 4] يحتج به على جواز أسر الكفار إذا ظفر بهم في الحرب، وعلى نسخها لآية الأنفال:{ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (67)[الأنفال: 67] أو أن هذه كان حكمها إلى غاية الإثخان، وقد حصلت فلا يكون نسخا، بل انقضاء حكم بانقضاء مدته كالإجازة.
{فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمّا فِداءً حَتّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ذلِكَ وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ} (4)[محمد: 4] يحتج بها المعتزلة؛ لأنه لو كان خالقا لأفعالهم لعلم بما يكون منهم قبل ابتلاء بعضهم ببعض، ولم يبق للابتلاء فائدة.
وأجيب بأنه خالق لأفعالهم، عالم بما سيكون منهم، غير أنه أراد أن يظهر ما في علمه ليكون أمارة على حكمه وعدله في حكمه.
15] يحتج بها على النعيم والعذاب الحسيين، ومثل ذلك كثير؛ خلافا للفلاسفة والنصارى.
{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ماذا قالَ آنِفاً أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَاِتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ} (16)[محمد: 16] أي خلقا.
{وَالَّذِينَ اِهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ} (17)[محمد: 17] يستدل به على قبول الإيمان والهدى والزيادة والنقصان.
{فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَاّ السّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها فَأَنّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ} (18)[محمد: 18] يستدل به على قربها؛ لأن علامات الشيء ومقدماته تدل على قربه، وقد سبق أن القرب والبعد أمران إضافيان.
{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَاّ اللهُ وَاِسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ} (19)[محمد: 19] يحتج به على تقديم/ [186 أ/م] أصول الدين كالتوحيد على فروعه كالاستغفار وغيره؛ لتقديمه التوحيد هاهنا، ولأن رتبة الأصل قبل رتبة الفرع، وعلى أن المعتبر في الأصول العلم لا غيره؛ لقوله:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَاّ اللهُ وَاِسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ} (19) [محمد:
19] وهذا فيه تفصيل، وهو أن ما كان من القضايا الأصولية بديهيّا استوى فيه العالم وغيره، واعتبر فيه العلم، وما كان نظريا فإن كان قريبا من البديهي جاز أن يكلف العامي بالنظر فيه ليعلم، وإن لم يكن قريبا بعد أن يكلف به العامي لإفضائه إلى تعطيل معاشه خصوصا مع كثرة الشبه ودقتها، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقنع من عامة الناس بمجرد التصديق والانقياد/ [387/ل] لما جاء به، ولو وجب العلم النظري عليهم بينه لهم.
{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (22) أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ} (23)[محمد: 22 - 23] يحتج به على جواز لعن يزيد، وقد اختلف فيها؛ فمنهم من منعه حسما لمادة الترقي إلى من فوقه، ومنهم من أجازه لفجوره وقطعه الرحم الواجب صلتها.
وقد حكي عن أحمد أنه سئل عن لعن يزيد؛ فقال: ألا يجوز لعن من لعنه الله في كتابه؟ ثم تلا هذه الآية. فقيل له: [لم لا] تلعنه أنت؟ فقال: ومن لعنت أنا حتى ألعن يزيد. فمن الناس من اقتدى بفعل أحمد في الترك، ومنهم من اقتدى بفتياه في اللعن.
ويحتمل أن يقال: من غلبت عليه الحمية لله ورسوله وإنكار المنكر جاز أن يلعنه، ومن غلبت عليه عصبية الرافضة لم يجز له ذلك؛ فليتفقد الإنسان نيته وقصده، فإنما الأعمال بالنيات (1).
{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ} (31) [محمد:
31] علم الله على ضربين: خاص به، وعام يشركه فيه خلقه، وهو الذي يقوم به الحجة عليهم، وهو المراد هاهنا، أي: حتى نعلم المجاهدين وغيرهم علما مشتركا تقوم به الحجة، وأظن هذا قد سبق.
…